المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عداء حكام الخليج لإيران قد يلحق ضررا بالغا بدولهم وشعوبهم



الغول سعيد
02-11-2017, 01:48 PM
http://www.arabtimes.com/portal/authors/kazzz%20148x196.jpg


من قلم : د. كاظم ناصر - عرب تايمز

kazem_naser@hotmail.com

إيران دولة إسلاميّة لها تاريخها العريق ، وتقافتها المميّزة ، وحضورها الدولي ، وهمومها ومشاكلها وطموحاتها كدولة مهمّة في منطقة الشرق الأوسط . إنّها ليست دولة عربيّة ، ولا تدّعي العروبة والأخوّة العربية ، وليست عدوّة للعالم العربي كما يدّعي حكام الخليج وبعض العرب ، ولكنّها جارة لهم وتربطها بهم علاقات الدين والسياسة والإقتصاد ، ولها مواقفها السياسية المعادية لإسرائيل والغرب الذي حاصرها وحاول إيقاف تقدّمها منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 ، وهي بالتأكيد أقل خطرا على العرب من إسرائيل وأمريكا .

إيران قطعت علاقاتها الدوبلوماسية مع إسرائيل بعد قيام الثورة مباشرة ، وإعترفت بدولة فلسطين . الرئيس الفلسطيني الراحل ياسرعرفات زار طهران بعد أيام من قيام الثورة ، وتسلّم مفاتيح السفارة الإسرائيلية التي تحوّلت إلى سفارة دولة فلسطين ، وكانت إيران بذلك الدولة الثانية في العالم التي تفتتح فيها سفارة فلسطينية بعد الجزائر ، ودعمت المقاومة الفلسطينية وخاصة الإسلاميّة منها ، وحاولت إقامة علاقات سياسية واقتصادية جيّدة مع الدول العربية ، وتصدّت للسياسات الأمريكية والإسرائيلية والغربية في المنطقة ، وتعتبر إسرائيل العدو رقم واحد لها ولشعوب المنطقة .

عندما قامت الثورة الإيرانية لم نكن نحن الشعوب العربية نفكّر .. بشيعة وسنّة .. ، ولم يكن لهذا الموضوع أهمّية كما يعطيه بعض الحكام العرب الآن . كان السنّة والشّيعة يعيشون معا في مدنهم وقراهم كجيران وأحبّة وأصدقاء ، ويتزاوجون ويتعاملون معا كأبناء وطن واحد . لكن دولا خليجية معينة بدأت تعزف على معزوفة التفرقة بين أتباع المذهبين لأسباب سياسية هدفها الإساءة إلى الثورة الإيرانية ، وحماية أنظمتها السياسية الورائيّة ، والإستمرار في خداع شعوبها باسم الدين .

حكام الخليج شعروا بتهديد الثورة الإيرانية لهم ، وخشيوا من إنتشارها في المنطقة وتهديدها لعروشهم ، وشاركهم في هذه القناعة صدام حسين الذي رآى فيها تهديدا لنظام البعث ولفكرة القومية العربية التي كان يتبنّاها ، فأساء الحساب وورّط العراق في حرب طاحنة مع إيران استمرت ثمان سنوات ، وراح ضحيتها أكثر من مليوني عربي وإيراني ، وكلفت مئات المليارات من الدولارات ، وكانت من الأسباب التي أوصلت العراق إلى الوضع المتردي الذي يعاني منه الآن .العالم كله يعلم أن حكّام الخليج شجّعوا صدام على شن تلك الحرب ، ودعموه بالمال والسلاح ، واعتبروه بطلا قوميا لأنه في الحقيقة حماهم من تداعيات الثورة على دولهم .

لم يكن هدف حكام الخليج من دعم تلك الحرب حماية العراق ، أو خدمة الحركة القوميّة العربية ، أو الوحدة العربيّة ، أو تقوية صدام حسين . كان هدفهم هو المحافظة على حكمهم وامتيازات عوائلهم . ولهذا فإنهم كانوا يعتقدون أنهم بدعمهم لتلك الحرب سيصطادون " عصفورين بحجر واحد ." فمن ناحية أنها ستساعدهم على وقف تمدّد الثورة الإيرانية وتمنع وصولها إلى دولهم ، ومن الناحية الثانية يضعفون العراق ويحدّون من خطره القومي على وجود دولهم الضعيفة .

حكام الخليج تآمروا مع أمريكا وإسرائيل على العراق وإيران . لقد ساهموا في تدمير العراق ، وحاصروا الدولة الإيرانية منذ قيام الثورة . إيران لم تعتدي عليهم . إنها تدافع عن مصالحها في المنطقة كما تفعل الدول الأخرى . حدود الجوار التي تربطها ببعض دول الخليج والعراق ، والأماكن الشيعيّة المقدّسة في العراق ، ووجود جاليات من أصول إيرانية كبيرة في عدّة دول خليجيّة ، والحفاظ على أمنها من العوامل التي تجبرها كدولة على الإهتمام بما يجري في المنطقة من أحداث هامة والمشاركة فيها .

إيران كانت وما زالت تتعرّض لحصار وتآمر أمريكي أوروبي إسرائيلي لمنعها من تطوير إقتصادها وصناعاتها العسكرية ، وبصورة خاصة تطويرها لجيش قوي ، وأسلحة نووية وصواريخ بالستية بعيدة المدى قد تهدد مصادر النفط والغاز وممرّ باب المندب . ولهذا يمكن القول أن الدول الغربية وإسرائيل تعمل على إفشال الثورة الإيرانية ومنع إيران من النجاح في محاولاتها لبناء دولة قويّة صناعيّة قد تغير المعادلة السياسية في الشرق الأوسط ، وتمكنها من تهديد الوجود الغربي والصهيوني في المنطقة العربية بأكملها .

دول الخليج ترتكب خطأ فادحا إن هي إعتقدت أن أمريكا وإسرائيل ستساعدها في حفظ أمنها واستقرارها . إن الذي يخدم دول الخليج والمنطقة هو اعطاء الشعوب حقوقها وتسليحها لحماية أوطانها ، وتعزيزالعلاقات العربية – العربية عسكريا واقتصاديا واجتماعيا ، وإقامة علاقات جوار وتعاون سياسي واقتصادي وثقافي جيدة مع إيران . إيران ستظل أقل خطرا على الوطن العربي من إسرائيل وأمريكا لأنها دولة إسلامية ومصالحها تلتقي مع مصالح الدول العربية .

لو كانت إيران دولة عدوّة للأمّة العربية كما يدّعي بعض القادة الخليجيين ، لما جنّ جنون نتنياهو ووقفت منها إسرائيل وأمريكا هذا الموقف العدائي الواضح . نتنياهو يعتقد أن أكبر تهديد لوجود إسرائيل قد يأتي من إيران ، ولهذا فإنه يبذل كل جهد ممكن لضربها قبل أن تصبح دولة نووية لها نفوذها ولا يمكن مواجهتها .

إن الإعتداء على إيران بمساعدة خليجيّة لن يخدم دول الخليج وأنظمتها الوراثية . إذا تمكنت أمريكا وإسرائيل من ضربها ونجحت في إسقاط دولتها ، فإن النظام الإيراني البديل سيكون نظاما قوميّا متعصبّا ضدّ دول الخليج والعرب عامّة ، وسيتحالف مع أعدائنا لإثارة النعرات الطائفية والدينية في دول الخليج الهشة في تركيبتها السكانية والسياسية والإقتصادية ، ويعرضها لأخطار جمّة ستكون نتائجها كارثيّة عليها وعلى الشرق العربي بأسره ! وهذا ماتريده إسرائيل ومن الممكن جدا أن تعمل هي وإدارة ترامب على تحقيقه !