سمير
05-26-2005, 06:38 PM
الرهينتان الفرنسيان سابقاً في العراق يرويان حكايتيهما
http://www.asharqalawsat.com/2005/05/26/images/books.301531.jpg
باريس: ميشال أبو نجم
«مذكرات رهينتين»: عنوان كتاب الصحافيين الفرنسيين جورج مالبرونو وكريستيان شينو الذي صدر الأسبوع الماضي عن دار كالمان ليفي الباريسية، ويتضمن تجربتهما في الأسر لدى الجيش الإسلامي في العراق. يتشكل الكتاب من تسعة فصول تروي الـ 124 يوما معكوسة فتبدأ بعملية إطلاق السراح التي نفذتها وحدة التدخل التابعة لجهاز الإدارة العامة للأمن الخارجي، وهو أحد أجهزة المخابرات الخارجية الفرنسي يوم 21 ديسمبر (كانون الأول). ثلاث سيارات فرنسية بيضاء اللون مصفحة ضد الرصاص تابعة للسفارة الفرنسية تنتظر على قارعة الطريق السريع الذي يؤدي الى مطار بغداد الدولي، وعناصر المخابرات موزعون هنا وهناك جاهزون للتدخل.
ثم تصل الى المكان سيارة مرسيدس عراقية أكل الدهر عليها وشرب. السيارة تحمل، إضافة إلى الرهينتين، ثلاثة خاطفين ثم تتوقف هناك ويفتح الخاطفون صندوقها الخلفي الذي يخرج منه مالبرونو وشينو اللذان كانا وضعا في ما يشبه النعش الكرتوني، وقد ألقيت عليه اغطية لإخفائهما. بعد ذلك يظهر السيد مسؤول المخابرات الفرنسية في بغداد الذي ينادي كريستيان ثم جورج، ويدعوهما للصعود الى السيارات الرسمية. وتتم عملية التسلم والتسليم في وقت قياسي، على حافة الطريق السريع التي تسلكها عشرات السيارات دون أن تتوقف أي منها. والمخاطرة ـ كما يروي الصحافيان ـ أنه كان ممكنا في أية لحظة أن تطل دورية أميركية أو قوات عراقية مع ما يعني ذلك من احتمال حصول صدام أو أن يعتبر الخاطفون أن الجانب الفرنسي قد «باعهم» أو غدر بهم.
هكذا يبدو المشهد الأول من الكتاب الذي هو الفصل الأخير من مأساة الصحافيين التي بدأت يوم 20 أغسطس (آب) على الطريق بين بغداد والنجف حيث ضاع سائقهما السوري محمد الجندي وهو المخطوف الثالث. ويبدو الجندي ـ وهو في الأساس مواطن سوري «لجأ» الى بغداد ووضع نفسه كعميل سري في خدمة النظام العراقي السابق ـ شخصية معقدة رغم أن الصحافيين لا يبخسانه المديح. ويروي الكاتبان تفاصيل عملية خطفهما قريبا من اللطيفية، جنوبي بغداد، ثم نقلهما من مخبأ الى مخبأ وتفاصيل احتجازهما اليومية وتجربتهما المرة مع الأسر والأيام الصعبة التي عاشاها رغم اعترافهما أنهما كانا محظوظين. فالخاطفون لم يتعرضوا لهما جسديا بل إنهما عوملا بشكل جيد باستثناء فترات التوتر الشديد التي تصادف تعثر المفاوضات بين الخاطفين والسلطات الفرنسية.
ويروي مالبرونو وشينو يوما بيوم ما عانياه طيلة 124 يوما ونقلهما من مكان الى آخر وفق الطريقة عينها، أي في نعش كرتوني كلما اقتربت المعارك من مكان احتجازهما وجلسات الاستجواب التي أخضعا لها من قبل «سعد»، وهو الشخص المركزي والأعلى رتبة من بين الخاطفين وكانت تتم بالعربية والإنجليزية. ويقول الكاتبان إن إجادتهما للعربية «سهلت» عليهما الإبقاء على خيط الاتصال مع الخاطفين خصوصا مع أحدهم الذي يسميانه «ملاكنا الحارس».
وكذلك يسردان جلسات تصوير الفيديو حيث كانت شرائط الفيديو «الدليل» الذي طلبته المخابرات الفرنسية للتأكد من صدقية الوسطاء. ويؤكد الكاتبان أنه خلال الأشهر الأربعة «تبرع» ما لا يقل عن سبعين وسيطا عراقيا وسوريا ولبنانيا بالعمل على إخراجهما من براثن الجيش الإسلامي في العراق بينما جندت المخابرات الفرنسية مكاتبها في بغداد وبيروت ودمشق وعمان إضافة الى المقر الرئيسي في باريس والمسمى «بيسين»، أي «المسبح» لتحليل المعلومات وإقامة الاتصالات والسعي الى التعرف على بنية هذا «الجيش».
وسلطت وزارة الدفاع الفرنسية قمرين صناعيين فوق المنطقة للرقابة والتنصت على الاتصالات ما مكنها مثلا من التأكد من أن مزاعم فيليب بريت، مساعد النائب الفرنسي ديديه جوليه في شهر سبتمبر (ايلول) الماضي من أنه في العراق وأنه التقى الرهينتين اللذين كانا يتبعانه في سيارة ثانية على بعد عشرين مترا، كانت مختلقة. فهذه التصريحات لبريت التي جاءت في حديث لإذاعة «أوروبا رقم واحد» والتي قال إنه يدلي بها من داخل العراق وعلى بضعة كيلومترات من الحدود السورية، كانت تتم في الواقع من ضاحية دمشق. والى ذلك، جمدت باريس طائرة نقل عسكرية بشكل دائم في أحد المطارات الأردنية جاهزة للإقلاع في أية لحظة تحسبا لأي طارئ.
ويستطيع هذا النوع من الطائرات نقل أسلحة ومعدات نقل وجنود وخلافه فيما لو ألزمت باريس على التدخل. واللافت في الكتاب توقف مالبرونو وشينو عند علاقتهما الشخصية والتوترات التي قامت بينهما. ومن ذلك مثلا اختلافهما على قسمة صحن من التمر، إذ عمد جورج الى الاحتفاظ بالحصة الكبرى وترك القليل لكريستيان ما دفع الأخير الى إسماعه كلاما لاذعا. ولكن الى جانب فترات التوتر الشخصي بينهما، يشدد الكاتبان على صداقتهما وعلى قرابتهما الروحية التي ساعدتهما على الصمود وتحمل الأسر. ويرويان كيف قربا فرشتيهما وكيف كانا يصليان معا خصوصا في أيام الخطر الشديد، أي في شهر نوفبر (تشرين الثاني)، حيث تأكدا انهما سيقتلان. وقام جورج بإبلاغ كريستيان بكيفية اقتسام إرثه بين أهله وخطيبته في حال قتل هو وبقي كريستيان وفعل الأخير الشيء نفسه.
ويكرس الصحافيان المتخصصان في الشؤون العربية، اللذان سبق لهما أن كتبا كتابا مشتركا عن العراق، الفصل ما قبل الأخير من كتابهما لتحقيق مفصل حول ظروف اختطافهما والمفاوضات غير المباشرة بين السلطات الفرنسية والخاطفين إما عبر الوسطاء أو عبر الرسائل الألكترونية التي بدأت أولا بالواسطة ثم مباشرة على موقع البريد الإلكتروني للسفير الفرنسي في بغداد برنار باجوليه. ويبدي المخطوفان السابقان دهشتهما لأن أي متدرب في استخدام جهاز الكومبيوتر كان بإمكانه الدخول على الخط والإطلاع على الرسائل الإلكترونية المتبادلة.
كذلك يرويان كيف كان وزير الخارجية ميشال بارنيه يوصل الرسائل الى الخاطفين في خطاباته الرسمية وتصريحاته الصحفية كما فعل مثلا في خطابه أمام الأمم المتحدة أو في مؤتمر شرم الشيخ الذي خصص للعراق. ويروي الصحافيان ما قاله لهما بارنيه في الطائرة التي أقلتهما من قبرص الى باريس في 22 ديسمبر (كانون الأول) وخلاصته أن الأميركيين لم يساعدوا الفرنسيين لتوفير إطلاقهما لكنهما كذلك لم يعرقلوا مهمتهما. ويؤكد مالبرونو وشينو أن الأميركيين وكذلك المخابرات العراقية كانت على علم باتصالات الفرنسيين وتحركاتهم وأن المخابرات الفرنسية حصلت على معلومات من مخابرات غربية موجودة في العراق. ويطرح الصحافيان سؤالين رئيسيين: هل دفعت باريس فدية لإخراجهما من الأسر؟
وما كان دور سورية في عملية الخطف ثم الإفراج عنهما؟ بالنسبة للسؤال الأول، يميل الصحافيان الى تأكيد الصيغة الرسمية الفرنسية من أن باريس لم تدفع اية فدية مالية. غير أن جملة وردت في الصفحة 242 من الكتاب تلقي الشكوك على تأكيداتهما، إذ كتبا ما يلي: «لقد أطلق سراحنا لأن الفرنسيين والجيش الإسلامي توصلا الى اتفاق. غير أننا نجهل حتى الآن مضمون هذا الاتفاق». ويعرضان في الصفحات اللاحقة ما يسميانه «الثمن السياسي» لإطلاقهما وهو ما يدور حول الموقف الفرنسي من السياسة الأميركية في العراق والحجاب والحضور الفرنسي العسكري في أفغانستان. ويؤكد الصحافيان أن الجيش الإسلامي حاول المساومة على الحصول على أسلحة وإقامة محطة إعلامية في أوروبا وغير ذلك من المطالب التي تبين سريعا أنها غير ممكنة التنفيذ.
أما بالنسبة للدور السوري، فإن الصحافيين اللذين توسعا في تحقيقهما واستجوبا عملاء فرنسيين سريين وكذلك مسؤولين رسميين يصلان الى خلاصة مفادها أنه «كانت لدمشق مصلحة في التدخل لكن ليس ثمة براهين تدل على أنها لعبت دورا سلبيا». ويكشف الصحافيان أن بارنيه وجه لفاروق الشرع، وزير الخارجية السوري، كلاما مباشرا يحذر فيه سورية من التدخل في مسألة الرهائن وذلك في لقائهما على هامش مؤتمر شرم الشيخ في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويسرد الصحافيان الدور الذي أداه الجنرال فيليب روندو، المستشار المخابراتي في وزارة الدفاع الفرنسية وأحد أبرز الخبراء الفرنسيين في شؤون العالم العربي الذي زار دمشق عدة مرات وحصل على تعاون السلطات السورية رغم دور النائب ديديه جوليه ومعاونه فيليب بريت.
http://www.asharqalawsat.com/2005/05/26/images/books.301531.jpg
باريس: ميشال أبو نجم
«مذكرات رهينتين»: عنوان كتاب الصحافيين الفرنسيين جورج مالبرونو وكريستيان شينو الذي صدر الأسبوع الماضي عن دار كالمان ليفي الباريسية، ويتضمن تجربتهما في الأسر لدى الجيش الإسلامي في العراق. يتشكل الكتاب من تسعة فصول تروي الـ 124 يوما معكوسة فتبدأ بعملية إطلاق السراح التي نفذتها وحدة التدخل التابعة لجهاز الإدارة العامة للأمن الخارجي، وهو أحد أجهزة المخابرات الخارجية الفرنسي يوم 21 ديسمبر (كانون الأول). ثلاث سيارات فرنسية بيضاء اللون مصفحة ضد الرصاص تابعة للسفارة الفرنسية تنتظر على قارعة الطريق السريع الذي يؤدي الى مطار بغداد الدولي، وعناصر المخابرات موزعون هنا وهناك جاهزون للتدخل.
ثم تصل الى المكان سيارة مرسيدس عراقية أكل الدهر عليها وشرب. السيارة تحمل، إضافة إلى الرهينتين، ثلاثة خاطفين ثم تتوقف هناك ويفتح الخاطفون صندوقها الخلفي الذي يخرج منه مالبرونو وشينو اللذان كانا وضعا في ما يشبه النعش الكرتوني، وقد ألقيت عليه اغطية لإخفائهما. بعد ذلك يظهر السيد مسؤول المخابرات الفرنسية في بغداد الذي ينادي كريستيان ثم جورج، ويدعوهما للصعود الى السيارات الرسمية. وتتم عملية التسلم والتسليم في وقت قياسي، على حافة الطريق السريع التي تسلكها عشرات السيارات دون أن تتوقف أي منها. والمخاطرة ـ كما يروي الصحافيان ـ أنه كان ممكنا في أية لحظة أن تطل دورية أميركية أو قوات عراقية مع ما يعني ذلك من احتمال حصول صدام أو أن يعتبر الخاطفون أن الجانب الفرنسي قد «باعهم» أو غدر بهم.
هكذا يبدو المشهد الأول من الكتاب الذي هو الفصل الأخير من مأساة الصحافيين التي بدأت يوم 20 أغسطس (آب) على الطريق بين بغداد والنجف حيث ضاع سائقهما السوري محمد الجندي وهو المخطوف الثالث. ويبدو الجندي ـ وهو في الأساس مواطن سوري «لجأ» الى بغداد ووضع نفسه كعميل سري في خدمة النظام العراقي السابق ـ شخصية معقدة رغم أن الصحافيين لا يبخسانه المديح. ويروي الكاتبان تفاصيل عملية خطفهما قريبا من اللطيفية، جنوبي بغداد، ثم نقلهما من مخبأ الى مخبأ وتفاصيل احتجازهما اليومية وتجربتهما المرة مع الأسر والأيام الصعبة التي عاشاها رغم اعترافهما أنهما كانا محظوظين. فالخاطفون لم يتعرضوا لهما جسديا بل إنهما عوملا بشكل جيد باستثناء فترات التوتر الشديد التي تصادف تعثر المفاوضات بين الخاطفين والسلطات الفرنسية.
ويروي مالبرونو وشينو يوما بيوم ما عانياه طيلة 124 يوما ونقلهما من مكان الى آخر وفق الطريقة عينها، أي في نعش كرتوني كلما اقتربت المعارك من مكان احتجازهما وجلسات الاستجواب التي أخضعا لها من قبل «سعد»، وهو الشخص المركزي والأعلى رتبة من بين الخاطفين وكانت تتم بالعربية والإنجليزية. ويقول الكاتبان إن إجادتهما للعربية «سهلت» عليهما الإبقاء على خيط الاتصال مع الخاطفين خصوصا مع أحدهم الذي يسميانه «ملاكنا الحارس».
وكذلك يسردان جلسات تصوير الفيديو حيث كانت شرائط الفيديو «الدليل» الذي طلبته المخابرات الفرنسية للتأكد من صدقية الوسطاء. ويؤكد الكاتبان أنه خلال الأشهر الأربعة «تبرع» ما لا يقل عن سبعين وسيطا عراقيا وسوريا ولبنانيا بالعمل على إخراجهما من براثن الجيش الإسلامي في العراق بينما جندت المخابرات الفرنسية مكاتبها في بغداد وبيروت ودمشق وعمان إضافة الى المقر الرئيسي في باريس والمسمى «بيسين»، أي «المسبح» لتحليل المعلومات وإقامة الاتصالات والسعي الى التعرف على بنية هذا «الجيش».
وسلطت وزارة الدفاع الفرنسية قمرين صناعيين فوق المنطقة للرقابة والتنصت على الاتصالات ما مكنها مثلا من التأكد من أن مزاعم فيليب بريت، مساعد النائب الفرنسي ديديه جوليه في شهر سبتمبر (ايلول) الماضي من أنه في العراق وأنه التقى الرهينتين اللذين كانا يتبعانه في سيارة ثانية على بعد عشرين مترا، كانت مختلقة. فهذه التصريحات لبريت التي جاءت في حديث لإذاعة «أوروبا رقم واحد» والتي قال إنه يدلي بها من داخل العراق وعلى بضعة كيلومترات من الحدود السورية، كانت تتم في الواقع من ضاحية دمشق. والى ذلك، جمدت باريس طائرة نقل عسكرية بشكل دائم في أحد المطارات الأردنية جاهزة للإقلاع في أية لحظة تحسبا لأي طارئ.
ويستطيع هذا النوع من الطائرات نقل أسلحة ومعدات نقل وجنود وخلافه فيما لو ألزمت باريس على التدخل. واللافت في الكتاب توقف مالبرونو وشينو عند علاقتهما الشخصية والتوترات التي قامت بينهما. ومن ذلك مثلا اختلافهما على قسمة صحن من التمر، إذ عمد جورج الى الاحتفاظ بالحصة الكبرى وترك القليل لكريستيان ما دفع الأخير الى إسماعه كلاما لاذعا. ولكن الى جانب فترات التوتر الشخصي بينهما، يشدد الكاتبان على صداقتهما وعلى قرابتهما الروحية التي ساعدتهما على الصمود وتحمل الأسر. ويرويان كيف قربا فرشتيهما وكيف كانا يصليان معا خصوصا في أيام الخطر الشديد، أي في شهر نوفبر (تشرين الثاني)، حيث تأكدا انهما سيقتلان. وقام جورج بإبلاغ كريستيان بكيفية اقتسام إرثه بين أهله وخطيبته في حال قتل هو وبقي كريستيان وفعل الأخير الشيء نفسه.
ويكرس الصحافيان المتخصصان في الشؤون العربية، اللذان سبق لهما أن كتبا كتابا مشتركا عن العراق، الفصل ما قبل الأخير من كتابهما لتحقيق مفصل حول ظروف اختطافهما والمفاوضات غير المباشرة بين السلطات الفرنسية والخاطفين إما عبر الوسطاء أو عبر الرسائل الألكترونية التي بدأت أولا بالواسطة ثم مباشرة على موقع البريد الإلكتروني للسفير الفرنسي في بغداد برنار باجوليه. ويبدي المخطوفان السابقان دهشتهما لأن أي متدرب في استخدام جهاز الكومبيوتر كان بإمكانه الدخول على الخط والإطلاع على الرسائل الإلكترونية المتبادلة.
كذلك يرويان كيف كان وزير الخارجية ميشال بارنيه يوصل الرسائل الى الخاطفين في خطاباته الرسمية وتصريحاته الصحفية كما فعل مثلا في خطابه أمام الأمم المتحدة أو في مؤتمر شرم الشيخ الذي خصص للعراق. ويروي الصحافيان ما قاله لهما بارنيه في الطائرة التي أقلتهما من قبرص الى باريس في 22 ديسمبر (كانون الأول) وخلاصته أن الأميركيين لم يساعدوا الفرنسيين لتوفير إطلاقهما لكنهما كذلك لم يعرقلوا مهمتهما. ويؤكد مالبرونو وشينو أن الأميركيين وكذلك المخابرات العراقية كانت على علم باتصالات الفرنسيين وتحركاتهم وأن المخابرات الفرنسية حصلت على معلومات من مخابرات غربية موجودة في العراق. ويطرح الصحافيان سؤالين رئيسيين: هل دفعت باريس فدية لإخراجهما من الأسر؟
وما كان دور سورية في عملية الخطف ثم الإفراج عنهما؟ بالنسبة للسؤال الأول، يميل الصحافيان الى تأكيد الصيغة الرسمية الفرنسية من أن باريس لم تدفع اية فدية مالية. غير أن جملة وردت في الصفحة 242 من الكتاب تلقي الشكوك على تأكيداتهما، إذ كتبا ما يلي: «لقد أطلق سراحنا لأن الفرنسيين والجيش الإسلامي توصلا الى اتفاق. غير أننا نجهل حتى الآن مضمون هذا الاتفاق». ويعرضان في الصفحات اللاحقة ما يسميانه «الثمن السياسي» لإطلاقهما وهو ما يدور حول الموقف الفرنسي من السياسة الأميركية في العراق والحجاب والحضور الفرنسي العسكري في أفغانستان. ويؤكد الصحافيان أن الجيش الإسلامي حاول المساومة على الحصول على أسلحة وإقامة محطة إعلامية في أوروبا وغير ذلك من المطالب التي تبين سريعا أنها غير ممكنة التنفيذ.
أما بالنسبة للدور السوري، فإن الصحافيين اللذين توسعا في تحقيقهما واستجوبا عملاء فرنسيين سريين وكذلك مسؤولين رسميين يصلان الى خلاصة مفادها أنه «كانت لدمشق مصلحة في التدخل لكن ليس ثمة براهين تدل على أنها لعبت دورا سلبيا». ويكشف الصحافيان أن بارنيه وجه لفاروق الشرع، وزير الخارجية السوري، كلاما مباشرا يحذر فيه سورية من التدخل في مسألة الرهائن وذلك في لقائهما على هامش مؤتمر شرم الشيخ في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويسرد الصحافيان الدور الذي أداه الجنرال فيليب روندو، المستشار المخابراتي في وزارة الدفاع الفرنسية وأحد أبرز الخبراء الفرنسيين في شؤون العالم العربي الذي زار دمشق عدة مرات وحصل على تعاون السلطات السورية رغم دور النائب ديديه جوليه ومعاونه فيليب بريت.