المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ محمد علي التسخيري المشكلة في العلماء الذين لم يعرفوا كيف يختلفون



فاطمي
05-22-2005, 11:52 AM
الأمة الإسلامية تواجه هجوماً ثقافياً شرساً


كتب محمود الموسوي - القبس

اكد الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية د.اية الله الشيخ محمد علي التسخيري، ان الامة الاسلامية تعيش تحديات ضخمة منها خارجية كالعولمة والعلمانية والهجوم الثقافي على وجود الامة، وبعض التحديات الداخلية كالتخلف بكل انواعه الاقتصادية والاجتماعية، وحالة التمزق التي تشهد بعوامل كثيرة مذهبية وجغرافية وتاريخية ولغوية، وحالة التطرف والافراط والتفريط. مشددا على ضرورة اتفاق العلماء في التصدي للاثار السلبية لتلك التحديات من اجل الحفاظ على مسيرة الامة.

وقال في حديثه لـ«القبس» خلال زيارته للبلاد ومشاركته في مؤتمر الوسطية منهج الحياة، انه سعيد جدا بما حققته المراة الكويتية من اقرار حقوقها السياسية للمشاركة في بناء الوطن جنبا الى جنب مع الرجل، وفقا للضوابط الشرعية، لان منع المرأة خلال السنوات الطويلة الماضية كان يشكل نوعا من التطرف، كما ان فسح المجال لها من التحلل هو نوع اخر من التطرف.

واشار الى ان الاعلام له دور كبير في المساهمة بتوحيد الامة وموقف العلماء للتصدي للفكر المتطرف والتكفيري، ولا يجب عليه ان يصب الزيت على النار لاشعال فتيل الازمات سواء في العراق او الدول الاسلامية كافة.

وفيما يلي تفاصيل اللقاء...

> ما أسباب زيارتكم للكويت؟

ـ جئت بدعوة كريمة من وزارة الاوقاف لحضور مؤتمر عالمي يركز على الوسطية في الاسلام، ويعمل على تفهم ابعاد هذه الوسطية والاشتراك من اجل اللقاء ببعض الاخوة من العلماء والمثقفين والشخصيات الاخرى.

> نحن امة نعيش على موروثاتنا التاريخية والمذهبية، ومنها موروثات خاطئة، تؤدي بنا الى فكر متطرف وخصوصا بين بعض علمائنا، كما هناك فجوة بين العلماء والمجتمع.الا تعتقد اننا بحاجة الى نقد الذات، وتجاوز الخطوط الحمراء؟

ـ لقد اثرت الكثير من المشكلات، حيث من الامراض ان امتنا تبقى مع الاسف في بعض جوانبها اسيرة حوادث الماضي، وتنسى انها تعيش في حالة جديدة ومستقبل جديد، ونحن هنا لا ندعو الى نسيان الماضي ولا اغلاق باب البحث فيه، لان الامة التي لا جذور لها لا تستطيع ان تصمد امام العواصف، ويجب ان نرتبط بالجذور دون ان نكون اسرى للماضي، وعندما ندرس الماضي تختلف هذه الرؤى، لاننا لم نعايش الماضي، واذا اختلفت الرؤى وتعاملنا مع الحادثة على انها ماضية وتقبل كل منا الاخر، واستفدنا من عبرها دون ان توثق اقدامنا ابعاد هذه الحادثه التاريخية وتمنعنا من التقدم.

لذا ادعو الى عدم الاغلاق عن البحث في الماضي من خلال البحث العلمي البناء، الذي يتصدى له اهله وليس المتطفلون، وان يكون بين المتخصصين لانه نافع بلا ريب وحتى لو تم البحث في الجانب العقائدي، ولكن وفق الصراحة وفي اطار المحبة واحترام الرأي الاخر، وهنا المهم ألا يترك الماضي اثره على وحدتنا وتلاحمنا لمواجهة التحديات، والقران الكريم دعا الى ذلك، لان اعداءنا اتحدوا وشكلوا ولاية عامة، وان لم نفعل نحن ذلك تكون فتنة، لذلك يجب ان نعتبر بالماضي دون ان نكون اسرى له. وبالنسبة لعدم انسجام الجماهير مع حركة العلماء، فاذا اتفقوا على مسيرة واحدة ووحدوا، وهنا لا اقول وحدوا الموقف لان الرؤى مختلفة فان الجماهير ستنسجم معهم.مؤكدا ان المشكلة ليست في الجماهير بل في النخبة العلمية التي لم تعرف كيف تختلف مع توحيد الموقف العلمي، والقرآن لا يدعونا الى وحدة الموقف الفكري، لان باب الاجتهاد مفتوح، كما انه يركز على الموقف العملي الواحد اتجاه التحديات الخارجية والداخلية.

تحديات

> ذكرتم ان من التحديات الخارجية موضوع العلمانية .ماذا تقصد هنا بالعلمانية؟

ـ ان العلمانية تفتك بالعالم الاسلامي، واكثر العالم الاسلامي محكوم بحكام وحكومات علمانية، ومعنى ذلك انه لا يصدق مع ذاته، ويقول انا عالم اسلامي ولكنه لا يطبق الاسلام كما تريده الشريعة الاسلامية، واما العولمة فتحديها ضخم، فهي في الواقع امركة للعلاقات او غربنة، فالغرب يريد ان ينظم علاقاتنا الاقتصادية والسياسية والثقافية وحتى الاجتماعية، يريد ان يصدر الينا مفاهيمه ونظمه ويسيطر على هذه العلاقات، وهذا تضييع لثقافة الامة ووجودها.

> لماذا دائما نضع اللوم على الاستعمار في تضييع الامة وننسى الخلل الذي نعيشه نحن في الامة الاسلامية؟

ـ العلة من الطرفين، لولا الخلل الذي اوجدناه في صفوفنا لما نفذ الغرب الينا، وهنا لا نبرئ الغرب لانه يتعدى ويفرض السيطرة ويستغل الضعف، وايضا لا نبرئ انفسنا لاننا نحن الذين هيأنا في وجودنا القابلية للاستعمار ونفوذه الثقافي، واوجدنا الثغرات والعدو ايضا نفذ من خلالها، ولكن علماءنا هم حراس الثغور والمرابطون لهؤلاء الاعداء.

حراس

> هل تعتقد ان العلماء بالفعل قاموا بواجبهم كحراس للثغور؟

ـ العلماء من حيث الواجب العام لم يقوموا كجهاز علمي من تحصين الثغور ونشر التوعية بالمستوى المطلوب، واذا اردنا ان نحفظ وجودنا ونرد عدونا يجب ان يبذل العلماء اقصى مساعيهم لحماية هذه الثغور، وهناك عمليتان للتحصين، اولا تحصين الثغور والثانية تحصين النفوس، حتى يمكن ان نوقف هذا الهجوم الماحق لهذه الثقافة الفتنة، والاسلام ربى فينا كما قلت وسمح لنا ان تتعدد اجتهاداتنا، واذا تعددت الاخيرة تعددت المذاهب، ولكن هذا التعدد لا يبقى على مستوى اثراء الفكر، واعطاء الحلول مرونة واسعة تستطيع ان تستوعب كل المتغيرات في مسيرة الامة.

ولكن مع الاسف الشديد هذا الثراء حولناه بفعل الخلاف المتطرف الى صراع، وبالتالي ترك آثاره التمزيقية على مسيرة الامة، وتحولت المذهبية التي هي غنى للساحة الى طائفية عمياء سخيفة، يدعي فيها كل احد ان الحق هو ما يقوله وما عداه هو الكفر والباطل، وبالتالي تمزقت الامة وجرت انهار الدماء والدموع. ويضيف التسخيري: «اعتقد ان الذي ساهم في هذه العملية عوامل الجهل، ومنها التعصب والتطرف والاهواء والمصالح الشخصية في تأجيج هذه النار، والطريق الوحيد ان نعيد الحال الى وضعها الطبيعي، بان يقبل كل منا الاخر، ونعمل على اكتشاف المساحات المشتركة فكريا اولا، ثم نعمل على توسعة هذه المساحات ثانيا، ثم نقوم بتجسيد هذا المشترك في واقعنا ما دام كلنا يشترك في قضية يجب ان نتعاون على تنفيذها، ثم يعذر بعضنا الاخر فيما اختلفنا عليه، ليس فقط في المجال العقائدي بل يتعدى في المجال التشريعي وحتى في مجال تقييم التاريخ والحضارة، وحينئذ نعيد الخلاف الى خلاف ثراء بدل ان يشكل صراع فناء واضعاف».

تطرف

> لماذا باعتقادكم نرى التطرف في منطقتنا اكثر من المناطق الاخرى؟

ـ اعتقد في كل دولة او بلد وفي كل مذهب يوجد سفهاء ومتعصبون، ولا افرق بين مذهب واخر، حينئذ على العقلاء في كل مذهب وفي كل مكان ان يقوموا بتأديب سفهائهم، حتى يمكن ان نعبر هذه المحنة وهذه الفتنة القاتلة. وبحمد الله توفر في اواخر الاربعينات من القرن الماضي، وفي النصف الثاني من ذلك القرن استطاع عدد من العلماء الشيعة والسنة كالمرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين، والمرحوم الشيخ محمود شلتوت، والشيخ عبد المجيد سليم، والامام الخميني وكثيرين آخرين وعوا الظروف الحرجة ودعوا الى التقريب بين المذاهب دون ان يذوب مذهب في آخر، ودون ان يكون توحيد للمذاهب، نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.

وكذلك اسس الامام علي الخامنئي المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب لادامة هذه الدعوة، حيث عملنا الشيء الكثير، ولاحظنا تقبل الكثير من العلماء واساتذة الجامعات والمسؤولين لانهم احسوا بضرورة ذلك، وانا لا اعتقد ان منطقة الخليج تختلف عن العالم، نعم يوجد هنا او هناك اناس منغلقون على انفسهم وانهم الحق الكامل وما عداهم الكفر والباطل الصريح، وهؤلاء مع الاسف يجب ان يعيدوا النظر في موقفهم لتلافي الفتنة الاميركية الخارجية القوية في اشعال النار بين المسلمين، كما يحدث في دول اسلامية مختلفة، لتحريك طائفة ضد طائفة، ومذهب ضد مذهب اخر، لان همها تمزيق الامة لتحقيق ما تريده من اهداف.

العولمة والعالمية

رداً على سؤال حول ما إذا كان الإسلام يشكل جزءاً من العولمة قال التسخيري «يجب ان نفرق بين العالمية الاسلامية وبين العولمة، لان العالمية هي التوجه نحو الانسانية كلها، والسعي الى تنظيم العلاقات بين الجميع، والتركيز على المشترك بين ابناء الانسان والفطرة التي تمثل التعقل والعنصر الخلقي، وهذا الاتجاه يريده الاسلام، لانه يسعى الى حالة عالمية يكون فيه الدين كله لله، ويسود العدل الذي من خلالها تنطلق فكرة الامام المهدي عليه السلام، لتنطلق من هذا التوجه سير البشرية نحو العالمية بشكل طبيعي، لانه لا يمكن لاي بلد ان ينظم بيئته بعيدا عن البلد الاخر، ولا حركة الطيران ولا الطاقة، او الاقتصاد،، ولكن العولمة التي سميناها الامركة هي محاولة ركوب القطار وتوجيهه الى المصالح الخاصة، وهي حركة ضد العالمية، وتستغل لتوجه الطبيعي نحو العالمية لفرض ثقافتها وتحقيق مصلحتها وافناء خصوصيات الشعوب وتصدير المفاهيم الخاصة عن الثروة والحياة وتحميلها على الشعوب، وهذا لا نقبله لانه ضد العالمية».


حقوق المرأة.. والتطرف


تعليقاً على حصول المراة الكويتية على حقوقها السياسية بعد سنوات من المطالبة قال التسخيري:

ـ في الواقع لقد كان الحدث فرحتين بالنسبة لي، الفرحة الاولى عندما سمعت القرار الصادر من مجلس الامة باعطاء المراة فرصة مشاركتها في بناء الحياة السياسية والاجتماعية جنبا الى جنب مع الرجل، والفرحة الثانية تحديد هذه المشاركة بالضوابط الشرعية.معتقدا ان منع المرأة طوال تلك الفترة كان يشكل نوعا من التطرف، كما ان فسح المجال لها بنوع من التحلل هو ايضا نوع من التطرف، وبالمناسبة ان الثورة الاسلامية في ايران بمجرد نجاحها تحققت الامرين معا، حيث فسح الامام الخميني للمراة ان تشارك في كل المجالات، من جهة اخرى لوحظت الضوابط الشرعية والعفة العامة وعدم استغلال المراة لاهداف رخيصة، لتبقى بشخصيتها الانسانية مشاركة في المسيرة، وهو الذي يجب ان يحدث في كل العالم الاسلامي.