JABER
05-21-2005, 12:53 AM
وجهود المنظمات غير الحكومية لا تكفي!
أربيل - لينا سياوش الحياة 2005/05/17
تراهم في كل مكان، في الأزقة الضيقة، وسط الشوارع المزدحمة، أو جالسين على الأرصفة فارشين عليها بضاعتهم مع عاهاتهم! يستجدون بتوسل عطف المارة، بعيون حانية تسهّل طريق اليد في إخراج ما في الجيب!
أطفال أو مراهقو الشوارع يسمون أدبياً بالمتشردين أو المتسولين، ما أكثرهم في عراق اليوم، وحتى في كردستان التي تعيش وضعا أمنيا واقتصاديا مستقراً، قياساً بالمناطق الأخرى. هؤلاء هم خليط من الأطفال والمراهقين والشباب الصغار، الذين يُدفعون طواعية او قسراً الى دخول معترك الحياة من جانبها السلبي والسيئ.
وغالباً ما تكون أجواء الفقر في البيت التي يعيشها الأطفال والمراهقون الصغار، والتي أوجدتها الحروب والصراعات الدموية والأوضاع الاقتصادية المتردية في العراق، السبب وراء زجهم في حياة الشارع والتشرد والاستجداء، وما تفرضه عليهم من سلوك سيئ. وإذا كانت تسمية "اولاد الشوارع" تعني للبعض مفهوماً أكبر مما يقصد بها، كونها تشمل "اللقطاء" أكثر مما تشمل "المشردين"، إلا أن النتيجة تبقى واحدة ويبقى الخاسر الاكبر، هؤلاء الذين يأتون الى الحياة من دون سؤالهم، ويتحملون علقمها وحدهم، هؤلاء الذين يشكلون طينة مرنة يتفنن بها الشارع بقسوة أحكامه وقوانينه. مراهقون وشبان صغار يصبحون مشاريع دائمة للجريمة والسلوك المنحرف ومسرحهم الوحيد والواسع هو الشارع.
وعلى رغم ان ظاهرة التشرد تقل في أقليم كردستان قياساً بالمدن العراقية الأخرى، إلا أنها موجودة وظاهرة للعيان. ولا تتوافر احصاءات دقيقة تبين عدد اولاد الشوارع والمراهقين المشردين في مدن اربيل والسليمانية ودهوك بحسب ما أكدت لـ"الحياة" سيران صلاح عبدالرحمن (36 عاماً) مديرة منظمة " أستيرا " وتعني "نجمة"، وهي منظمة غير حكومية تعنى بأطفال الشوارع والمعوقين ومرضى التالاسيميا دون سن الثامنة عشرة.
ويشير الباحث ماجد زيدان الربيعي الى دراسة أجريت في مدينة أربيل على عينة من الأطفال العاملين في مختلف الأعمال، بلغ عددهم 3121 طفلاً أكثريتهم تمت مقابلتهم في السوق الرئيسي للمدينة والآخرون في مراكز المدن التابعة لها. وهذه الدراسة أشرفت عليها جامعة صلاح الدين ومنظمة الطفولة البريطانية واليونيسيف، في كانون الثاني (يناير) 1997. لكن حتى الآن لاتتوافر ارقام رسمية وواضحة لدى المؤسسات الرسمية.
ولعل الأخطر في التعاطي مع المشكلة هو ان العادة درجت على اعتبار قيام المراهقين بأعمال لا تنسجم مع أعمارهم، مسألة عادية ومسلماً بها، بسبب اتساع حجم الظاهرة وشمولها اعداداً كبيرة. وفي القانون العراقي، وهو القانون المطبق في كردستان, فإن التعريف القانوني للأطفال الذين يوجدون في الشارع بحسب قانون رعاية الأحداث الرقم 76 لسنة 1983 وتعديلاته في المادة 24 و 25 تحت عنوان "المتشرد وانحراف السلوك" في أحدى الحالات الآتية:
أولاً: يعد الصغير أو الحدث متشرداً اذا وجد متسولاً في الأماكن العامة أو مارس متجولاً صبغ الأحذية أو بيع السكائر أو أية مهنة أخرى تعرضه للجنوح، وكان عمره أقل من 15 عاماً، وإذا لم يكن له محل اقامة معينة أو تخذ الأماكن العامة مأوى له، واذا لم تكن له وسيلة مشروعة للعيش وليس له ولي أمر أو مربٍ واذا ترك منزل وليه او المكان الذي وضع فيه بلا عذر مشروع.
ثانياً، يعد الصغير متشرداً اذا مارس اية مهنة أو عمل مع غير ذويه، وتشير المادة (25) الى أن الصغير أو الحدث يعد منحرف السلوك اذا قام بأعمال في أماكن الدعارة او القمار او شرب الخمر واذا خالط المشردين او الذين أخذ عنهم سوء السلوك.
وتقول مديرة "استير" سيران صلاح عبدالرحمن لـ"الحياة": "تأسست منظمتنا في 4/4/2004 بموافقة من وزارة الداخلية لأقليم كردستان، تعتمد في دعمها وتمويلها على المنظمات الخيرية الحكومية والأجنبية".
وتضيف: "ان من أهم أهداف المنظمة، العمل على تحسين وضع الاحداث الذين يعيشون في أوضاع صعبة وغير طبيعية من طريق محاولتنا الحد من حجم الظاهرة وعدم استغلال صغار السن في العمل وإعادة تأهيل التاركين دراستهم لدخولهم المدارس ثانيةً وتوعية الآباء والامهات والكوادر التدريسية من خلال الندوات المتخصصة بحقوق الأطفال وتعريف الأطفال أنفسهم بذلك".
وعن إمكان وجود احصاءات لدى المنظمة بعدد الأطفال الذين يمكن إطلاق تسمية اطفال الشوارع عليهم في مدينة أربيل او السليمانية او دهوك تقول: "حالياً، ليس لدينا أية احصاءات حول ذلك، ولكن لدينا مشروع في المستقبل القريب حول عملية مسح ميداني لمدينة أربيل وأطرافها لإحصاء عدد الاحداث المنضوين تحت هذه التسمية وستمتد عملية الإحصاء شاملة مدن كردستان الاخرى بعد ذلك".
و تضيف: "ولكن بموجب خبرتي وعملي في هذا المجال أعتقد بأن هناك عدداً كبيراً من الاحداث وهم في ازدياد مستمر بسبب عدم وجود تناسب بين الفقر وزيادة عدد الولادات في العائلة الواحدة وبالتالي انعدام أو تقليل الاهتمام الكافي بالأطفال لتربيتهم وحمايتهم من مخاطر التشرد".
وتلفت سيران الى أن معظم الأطفال الذين أجرت لهم مسحاً ميدانياً يقصدون الشارع برغبة وتوجيه من ذويهم في الوقت الذي لا يملكون هم رغبة حقيقية في ذلك، بل ان الكثر من الذين صادفتهم يرغبون في العودة الى الدراسة، وقسم منهم يذهب اليها خفية وبعيداً من أعين الأهل لأن العقاب سيكون وخيماً لو عرفوا أن ولدهم يحب الدراسة أكثر من جني المال في الشوارع!
وعن سؤال "الحياة" حول كيفية اختيار المنظمة الاحداث الذين يستحقون الرعاية، تقول: "يتم اختيارهم من الباحثين الاجتماعيين العاملين مع المنظمة، وفي الدورة الصيفية التي اجريت الصيف الماضي تم ارسال خمسة منهم الى الأسواق والشوارع التي يكثر فيها هذا النوع من الاحداث، فيتركز عمل الباحث على ملء استمارة استبيان معلوماتية وشخصية عن صاحب الشأن".
وكشفت سيران النقاب عن مساعدات للاحداث ضمت ملابس رياضية وقرطاسية قدمتها قوات التحالف الأميركية، تكفلت المنظمة توزيعها بإشراف الجهة المانحة لها، إضافة الى توزيع الملابس والأغذية على اصلاحية الأحداث في مدينة أربيل.
وأوضحت أن عمل المنظمة حالياً ينصب في أربيل والمناطق المحيطة بها كشقلاوة وبيرمام (مصيف صلاح الدين)، مشيرة الى ان النية تتجه الى توسيع رقعة العمل بفتح مكاتب جديدة في السليمانية ودهوك.
أربيل - لينا سياوش الحياة 2005/05/17
تراهم في كل مكان، في الأزقة الضيقة، وسط الشوارع المزدحمة، أو جالسين على الأرصفة فارشين عليها بضاعتهم مع عاهاتهم! يستجدون بتوسل عطف المارة، بعيون حانية تسهّل طريق اليد في إخراج ما في الجيب!
أطفال أو مراهقو الشوارع يسمون أدبياً بالمتشردين أو المتسولين، ما أكثرهم في عراق اليوم، وحتى في كردستان التي تعيش وضعا أمنيا واقتصاديا مستقراً، قياساً بالمناطق الأخرى. هؤلاء هم خليط من الأطفال والمراهقين والشباب الصغار، الذين يُدفعون طواعية او قسراً الى دخول معترك الحياة من جانبها السلبي والسيئ.
وغالباً ما تكون أجواء الفقر في البيت التي يعيشها الأطفال والمراهقون الصغار، والتي أوجدتها الحروب والصراعات الدموية والأوضاع الاقتصادية المتردية في العراق، السبب وراء زجهم في حياة الشارع والتشرد والاستجداء، وما تفرضه عليهم من سلوك سيئ. وإذا كانت تسمية "اولاد الشوارع" تعني للبعض مفهوماً أكبر مما يقصد بها، كونها تشمل "اللقطاء" أكثر مما تشمل "المشردين"، إلا أن النتيجة تبقى واحدة ويبقى الخاسر الاكبر، هؤلاء الذين يأتون الى الحياة من دون سؤالهم، ويتحملون علقمها وحدهم، هؤلاء الذين يشكلون طينة مرنة يتفنن بها الشارع بقسوة أحكامه وقوانينه. مراهقون وشبان صغار يصبحون مشاريع دائمة للجريمة والسلوك المنحرف ومسرحهم الوحيد والواسع هو الشارع.
وعلى رغم ان ظاهرة التشرد تقل في أقليم كردستان قياساً بالمدن العراقية الأخرى، إلا أنها موجودة وظاهرة للعيان. ولا تتوافر احصاءات دقيقة تبين عدد اولاد الشوارع والمراهقين المشردين في مدن اربيل والسليمانية ودهوك بحسب ما أكدت لـ"الحياة" سيران صلاح عبدالرحمن (36 عاماً) مديرة منظمة " أستيرا " وتعني "نجمة"، وهي منظمة غير حكومية تعنى بأطفال الشوارع والمعوقين ومرضى التالاسيميا دون سن الثامنة عشرة.
ويشير الباحث ماجد زيدان الربيعي الى دراسة أجريت في مدينة أربيل على عينة من الأطفال العاملين في مختلف الأعمال، بلغ عددهم 3121 طفلاً أكثريتهم تمت مقابلتهم في السوق الرئيسي للمدينة والآخرون في مراكز المدن التابعة لها. وهذه الدراسة أشرفت عليها جامعة صلاح الدين ومنظمة الطفولة البريطانية واليونيسيف، في كانون الثاني (يناير) 1997. لكن حتى الآن لاتتوافر ارقام رسمية وواضحة لدى المؤسسات الرسمية.
ولعل الأخطر في التعاطي مع المشكلة هو ان العادة درجت على اعتبار قيام المراهقين بأعمال لا تنسجم مع أعمارهم، مسألة عادية ومسلماً بها، بسبب اتساع حجم الظاهرة وشمولها اعداداً كبيرة. وفي القانون العراقي، وهو القانون المطبق في كردستان, فإن التعريف القانوني للأطفال الذين يوجدون في الشارع بحسب قانون رعاية الأحداث الرقم 76 لسنة 1983 وتعديلاته في المادة 24 و 25 تحت عنوان "المتشرد وانحراف السلوك" في أحدى الحالات الآتية:
أولاً: يعد الصغير أو الحدث متشرداً اذا وجد متسولاً في الأماكن العامة أو مارس متجولاً صبغ الأحذية أو بيع السكائر أو أية مهنة أخرى تعرضه للجنوح، وكان عمره أقل من 15 عاماً، وإذا لم يكن له محل اقامة معينة أو تخذ الأماكن العامة مأوى له، واذا لم تكن له وسيلة مشروعة للعيش وليس له ولي أمر أو مربٍ واذا ترك منزل وليه او المكان الذي وضع فيه بلا عذر مشروع.
ثانياً، يعد الصغير متشرداً اذا مارس اية مهنة أو عمل مع غير ذويه، وتشير المادة (25) الى أن الصغير أو الحدث يعد منحرف السلوك اذا قام بأعمال في أماكن الدعارة او القمار او شرب الخمر واذا خالط المشردين او الذين أخذ عنهم سوء السلوك.
وتقول مديرة "استير" سيران صلاح عبدالرحمن لـ"الحياة": "تأسست منظمتنا في 4/4/2004 بموافقة من وزارة الداخلية لأقليم كردستان، تعتمد في دعمها وتمويلها على المنظمات الخيرية الحكومية والأجنبية".
وتضيف: "ان من أهم أهداف المنظمة، العمل على تحسين وضع الاحداث الذين يعيشون في أوضاع صعبة وغير طبيعية من طريق محاولتنا الحد من حجم الظاهرة وعدم استغلال صغار السن في العمل وإعادة تأهيل التاركين دراستهم لدخولهم المدارس ثانيةً وتوعية الآباء والامهات والكوادر التدريسية من خلال الندوات المتخصصة بحقوق الأطفال وتعريف الأطفال أنفسهم بذلك".
وعن إمكان وجود احصاءات لدى المنظمة بعدد الأطفال الذين يمكن إطلاق تسمية اطفال الشوارع عليهم في مدينة أربيل او السليمانية او دهوك تقول: "حالياً، ليس لدينا أية احصاءات حول ذلك، ولكن لدينا مشروع في المستقبل القريب حول عملية مسح ميداني لمدينة أربيل وأطرافها لإحصاء عدد الاحداث المنضوين تحت هذه التسمية وستمتد عملية الإحصاء شاملة مدن كردستان الاخرى بعد ذلك".
و تضيف: "ولكن بموجب خبرتي وعملي في هذا المجال أعتقد بأن هناك عدداً كبيراً من الاحداث وهم في ازدياد مستمر بسبب عدم وجود تناسب بين الفقر وزيادة عدد الولادات في العائلة الواحدة وبالتالي انعدام أو تقليل الاهتمام الكافي بالأطفال لتربيتهم وحمايتهم من مخاطر التشرد".
وتلفت سيران الى أن معظم الأطفال الذين أجرت لهم مسحاً ميدانياً يقصدون الشارع برغبة وتوجيه من ذويهم في الوقت الذي لا يملكون هم رغبة حقيقية في ذلك، بل ان الكثر من الذين صادفتهم يرغبون في العودة الى الدراسة، وقسم منهم يذهب اليها خفية وبعيداً من أعين الأهل لأن العقاب سيكون وخيماً لو عرفوا أن ولدهم يحب الدراسة أكثر من جني المال في الشوارع!
وعن سؤال "الحياة" حول كيفية اختيار المنظمة الاحداث الذين يستحقون الرعاية، تقول: "يتم اختيارهم من الباحثين الاجتماعيين العاملين مع المنظمة، وفي الدورة الصيفية التي اجريت الصيف الماضي تم ارسال خمسة منهم الى الأسواق والشوارع التي يكثر فيها هذا النوع من الاحداث، فيتركز عمل الباحث على ملء استمارة استبيان معلوماتية وشخصية عن صاحب الشأن".
وكشفت سيران النقاب عن مساعدات للاحداث ضمت ملابس رياضية وقرطاسية قدمتها قوات التحالف الأميركية، تكفلت المنظمة توزيعها بإشراف الجهة المانحة لها، إضافة الى توزيع الملابس والأغذية على اصلاحية الأحداث في مدينة أربيل.
وأوضحت أن عمل المنظمة حالياً ينصب في أربيل والمناطق المحيطة بها كشقلاوة وبيرمام (مصيف صلاح الدين)، مشيرة الى ان النية تتجه الى توسيع رقعة العمل بفتح مكاتب جديدة في السليمانية ودهوك.