المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خيارات المرشد الإيراني.. بين الليبراليين والعسكر والملالي



سمير
05-20-2005, 07:17 AM
خلال الفترة القادمة سيحدد الملالي من الذي سيسمح له بالترشيح في انتخابات الرئاسة في الشهر المقبل، فيما يعتقد المراقبون في طهران انه ومن بين 500 مرشح او اكثر، وهم الذين سجلوا انفسهم للترشيح لمنصب الرئاسة في الاسبوع الماضي، ربما يحصل حوالي 6 اشخاص فقط على التصديق الرسمي.

ومعلوم أن مجلس صيانة الدستور يحدد القائمة الرسمية للمرشحين، وهي هيئة تضم 12 من رجال الدين عينها «المرشد الأعلى» علي خامئني. ويمكن لـ «المرشد الاعلى» شطب أي اسم او الاعتراض على القائمة بأكملها. ولكن اذا ما سمح للمرشح بالترشيح في الانتخابات وفاز، فلا يوجد ضمان انه سيتولى منصب الرئاسة، إذ يجب على المجلس ان يقر نتائج الانتخابات وان يصادق عليها «المرشد الاعلى». ويتولى الرئيس المنتخب مهام منصبه بعدما يصدر «المرشد الاعلى» فتوى بتعيينه في المنصب. وحتى بعد كل ذلك، فالرئيس يصبح أبعد ما يكون عن مهام الرئيس التنفيذي كما يشير منصبه الرسمي. فيجب ان يصادق «المرشد الاعلى» على اختياره للوزراء، فيما يمكن ايضا «للمرشد الاعلى»، الذي يبقى في منصبه مدى الحياة، طرد الرئيس بإصدار فتوى.

واذا ما وضعنا كل ذلك في الاعتبار، فلا بد للمرء ان يتساءل ما جدوى هذه الممارسة. غير ان الانتخابات الايرانية مهمة لسببين.

الأول: انها تقدم للناس الفرصة للتعبير عن مشاعرهم. والطريقة الواضحة هي مقاطعة الانتخابات، وهو ما تهدف اليه معظم جماعات المعارضة. ولكن مقاطعة الانتخابات ليست الوسيلة الوحيدة التي يمكن للناس استخدامها للتعبير عن مشاعرهم. فيمكنهم ايضا التصويت ضد المرشحين الاقرب من النظام.

أما السبب الثاني وراء أهمية الممارسة فهو انها تسمح للرأي العام بإلقاء نظرة على صراع السلطة بين الاجنحة داخل النظام. لقد أتاحت حقيقة امكانية صراع الاجنحة المتنافسة، عبر ممارسات سياسية بما فيها الانتخابات، للنظام تجنب العنف الذي ربما يؤدي الى مواجهات عسكرية او حرب اهلية.

ومن هنا فالأهمية الحقيقية للانتخابات المقبلة تكمن في ما اذا كان خامئني سيدعم مكاسبه الاخيرة بضمان الرئاسة لواحد من رجاله. ففي العام الماضي سجل خامئني نصرا كبيرا عندما فاز جناحه بالسيطرة على الهيئة الاستشارية الاسلامية، وهي الهيئة التشريعية الوحيدة في البلاد، وتعتبر الذراع التشريعي الاساسي للنظام، وذلك بتولي غلام علي حداد عادل زوج ابنته رئاسة الهيئة.

والسؤال الذي يواجهه خامئني هو ما اذا كان يجب للرئيس المقبل ان يكون من بين الملالي او من بين مستشاريه المدنيين. والشاهد هنا ان ازمة «العمامة او القبعة» ليست مشكلة وهمية، فالعمامة تمثل رجال الدين الشيعة، والقبعة هي رمز للنخبة غير الدينية. أما في الوقت الراهن، فأصحاب العمائم يسيطرون على مواقع أساسية مثل منصب رئيس الجمهورية، وكبير القضاة ووزير الأمن والاستخبارات، ووزير الداخلية ورئيس البرلمان ووزير العدل والثقافة والارشاد. وفي الوقت ذاته ترأس «العمامة» العديد من المؤسسات الرئيسية، مثل مجلس أمناء الدستور ومجلس تشخيص مصلحة النظام، ومجلس الخبراء والمجلس الاعلى للدفاع الوطني، وغيرها من الهيئات. ويوجد أصحاب العمائم في كل الوزارات على المستويين الوطني والاقليمي.

ولكن لماذا تجدد النقاش حول العمامة او القبعة في هذا الوقت؟ توجد ثلاثة اسباب وراء ذلك.

أول هذه الاسباب، ان رجال الدين الحاكمين يكرهون وصفهم بـ«الملالي»، وهي صفة تذكر العالم بجماعة طالبان في افغانستان، فيما يفضلون النظر اليهم باعتبارهم ثوارا من العالم الثالث، يقاتلون الامبريالية، ويأملون ان يتمكنوا في يوم من الايام، إزالة اسرائيل من الخريطة، بدلا من اجبار النساء على ارتداء البرقع، او قياس طول لحى الرجال كما كانت تفعل طالبان. ويعتقد البعض داخل مؤسسة الحكم ان الوقت قد حان للسماح لأصحاب القبعات بتولي منصب الرئيس، وبالتالي المساهمة في تغيير صورة نظام الحكم الديني.

السبب الثاني وراء ظهور الجدل في مثل هذا الوقت، هو قلق العديد من رجال الدين الشيعة بخصوص التأثير السلبي لحكم رجال الدين على نظرة الايرانيين للمذهب الشيعي، بل على الإسلام ذاته، ومن هنا فوجود رئيس من أصحاب القبعات يمكن ان يصبح كما لو أنه درع بشري يتحمل مسؤولية نواقص الحكومة.

السبب الثالث، هناك قطاع كبير من المؤسسة الثورية، هم في الواقع من أصحاب القبعات الذين يشعرون بالإحباط من احتمال عدم توليهم لأي من المناصب الكبرى، وهؤلاء أشخاص انضموا الى الثورة في شبابهم، وأخذوا الدبلوماسيين الاميركيين رهائن، وانضموا الى فرق الاعدام ضد المنشقين، وحاربوا في الحرب الايرانية العراقية. وقد حسن البعض منهم أوضاعهم بالزواج من أسر رجال الدين. وبالرغم من ذلك، وبالرغم من انهم ليسوا من الملالي، فليس لديهم امل في الوصول الى اعلى المناصب.

أما بالنسبة لحزب اصحاب العمائم، فمن المرجح طرح مرشحين اساسيين في انتخابات الرئاسة.

الأول هو علي أكبر رفسنجاني، وهو ملى أصبح رجل اعمال، وشغل منصب الرئيس لفترتين بين عامي 1989 و1997، ويعتبر العديد رفسنجاني، البالغ من العمر 71 سنة، رجل النظام القوي، ولكنه يواجه مشكلتين.

الاولى انه يعتبر اقل الشخصيات شعبية داخل النظام. وبلغت عدم شعبيته درجة فشله في الفوز في الانتخابات البرلمانية قبل الاخيرة.

والمشكلة الثانية أكبر: فربما يعارض خامئني عودته الى الرئاسة، برغم كون الرجلين صديقين وشريكين في العمل لمدة 30 سنة، ومن المحتمل ان خامئني يدين بمنصبه الى مناورات رفسنجاني بالنيابة عنه في عام 1989 في اعقاب وفاة الخميني. غير ان الامر المؤكد هو انه اذا ما عاد رفسنجاني كرئيس، فإن شبكته الشخصية يمكن ان تؤدي الى تقليص المواقع المسيطرة التي حصل عليها خامئني عبر السنوات الماضية.

والشخصية الثانية من اصحاب العمائم هو مهدي خروبي، الرئيس السابق للبرلمان، الذي يحظى بتأييد بقايا حركة الاصلاح التي تشكلت حول خاتمي في 1997. غير ان خروبي، الذي يفتقر الى قاعدة قوة شخصية، لم يكن مقربا ابدا من خامئني.

وطبقا للشائعات المنتشرة في طهران، فربما يميل خامئني نحو حل اصحاب القبعات. وهناك العديد من القبعات يمكنه الاختيار منها. واحد منهم هو علي لاريجاني، البالغ من العمر 47 سنة، الرئيس السابق لهيئة الاذاعة والتلفزيون، وابن واحد من آيات الله. ويمكن للاريجاني، وهو راديكالي من انصار الخميني، أن يطمئن قاعدة المتشددين في النظام، في وقت ربما يتجهون فيه نحو صدام مع الولايات المتحدة بخصوص شكل مستقبل الشرق الاوسط الجديد.

والشخصية الأخرى من أصحاب القبعات التي يمكن لخامئني اختيارها، فهو علي أكبر ولايتي، البالغ من العمر 65 سنة، الذي كان وزيرا للخارجية لأكثر من 17 سنة.

وربما يكون امام خامنئي اختيار ثالث، وهم اصحاب «الكسكيتات» والإشارة هنا للعسكر. ويمثل هؤلاء محمد باقر قاليباف، البالغ من العمر 44 سنة، وهو جنرال في الحرس الثوري ورئيس شرطة سابق.

وأظهرت الاستطلاعات انه أكثر المرشحين شعبية بين المقترعين الراديكاليين.

قبعة أم عمامة أم بدلة عسكرية، فالأمر المؤكد هو ان من يفوز بمنصب الرئيس في الانتخابات التي ستجرى في الشهر المقبل، سيكون من معسكر المتشددين، بعد أن قررت الجمهورية الإسلامية ان الوقت ليس مناسبا بعد للمخاطرة بإصلاحات سياسية.