المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التناغم و التماثل في الخطاب السياسي البعثي و الصدري



مجاهدون
05-20-2005, 12:36 AM
كتابات - مهدي قاسم

يتضح لنا يوما بعد يوم : كم من الصعب و الشائك ، التمييز بين الخطاب البعثي و الصدري المقتدائي ، فكتابات و خطابات هؤلاء و أولئك تتداخل و تتشابك في تماثل و تناغم ، من حيث المحتوى و الشكل و النبرة و الرنة ، بل أن قسما من أولئك ( الكتَّاب ) المحسوبين على تيار الصدريين أو المقتدائيين تحديدا ، لا يجدون حرجا من أن ينشروا خطابهم السياسي المتماثل ذاك ، في المواقع البعثية أو المتبعثية ، التي يتم من خلال مسبة و شتيمة الشيعة ، و بشكل تعميمي ، ووصفهم كأحفاد خونة للعلقمي !!! .


و لكن في الآونة الأخيرة ، يمكن ملاحظة ذلك التلهف من قبل هؤلاء الكَّتاب و الكتبة ، للنشر في موقع ( كتابات ) بكثافة و بكثرة ملفتة للنظر ، وهي كتابات غالبا ما تلتقي مع كتابات و طروحات البعثيين و السلفيين و التكفيريين المنشورة في مواقعهم التحريضية و المسمومة ، ، و التي تحاول أن تبرر عمليات القتل و الجرائم الجماعية اليومية ، في العراق بحجة مشروعية ( المقاومة ) و تحرير العراق من قوات الاحتلال الأجنبية ، أو إعطاء انطباع بأن الموساد و عملاء الاحتلال ، هم الذين يقومون بتفجير سيارات مفخخة ، على سبيل المثال ، من هذا النوع التالي من المحاولة التبريرية المفضوحة :

( أن معلومات موثوقة كشفت عنها الصحف الأمريكية و بعض الإعلام ( ؟؟ ) ، عن قيام خبراء من الكيان الصهيوني بالتعاون مع جهات مسئولة في الولايات المتحدة الأمريكية لتدريب عملائها ـ داخل العراق ـ على استعمال تقنيات متطورة جدا على تفجير السيارات المفخخة بطرق تبدو و كأنها عمليات انتحارية ، ثم يشيعون بواسطة الإعلام أن منفذيها انتحاريون ؟! ) ، و مع أن هذرا من هذا القبيل سُيثير حنق التكفيريين ، لأنه ينفي عنهم ( جهاديتهم و استشهاديتهم ؟؟ ) ضد الكفار و عبدة الصليب و الصهاينة ؟!

و خاصة أنه كلام يأتي من( رافضي كافر ) ، ، فأن مواقع السلفيين و التكفيريين مكتظة بأسماء ( الاستشهاديين ) الذين قضوا مصرعهم في العراق ، عبر عمليات انتحارية ، ناهيك عن أهل بعض هؤلاء ( الانتحاريين ) قد أقاموا لهم مجالس العزاء ، في السعودية و الأردن و في اليمن و غيرها من البلدان العربية ، بعد تأكدهم من أنهم قد فطسوا بالفعل ، أثناء عملية انتحارية في مكان ما من العراق .

و لكن في مقابل ذلك نرى أن كتابا و كتبة من مرتزقة و عملاء النظام السابق ، يقولون نفس الكلام ، الأنف الذكر في المواقع البعثية و المتبعثية ، مع بعض الاختلاف الطفيف ، إذ أن هؤلاء لا ينفون حقيقة قيام عربان و شيشان و أفغان من سلفيين و تكفيريين بعمليات انتحارية في العراق ، و ارتكاب مجازر جماعية ضد المدنيين العزل ، إلا أنهم يركزون على أن هؤلاء الانتحاريين ، ما هم سوى أعضاء من عملاء الموساد و قوات الاحتلال ؟؟؟!!! .

و هكذا نجد أن هؤلاء الكتاب و الكتبة الصدريين و المقتدائيين يصبحون ملكيا أكثر من الملك نفسه ، في تبرير عمليات قتل العراقيين المسالمين الجماعية و اليومية ، و رفع شبهة ( الاستشهاد و الجهاد ) و العمليات الانتحارية عن الوهابيين و التكفيريين و باقي السلفيين الناشطين في العراق قتلا و دمارا ، وهي الشبهة التي يعتز ، و يفتخر بها هؤلاء السلفيون و يؤكدونها كحقيقة دامغة ، صبحا و عشية ! .

و الواقع لو لا الإشارات إلى رموز شيعية في مثل هذه المقالات التبريرية للعمليات الإرهابية في العراق ليظن المرء أن كاتبها أما بعثي عفلقي أو سلفي حاقد ، و لكننا نعرف جيدا أن الكتَّاب البعثيين العفالقة ، و التكفيريين يحتقرون الرموز الشيعية إلى درجة ، أنهم غير مستعدين إلى ضرب أمثال بهم سلبا أم إيجاب !. و مع أن الحكومة الراهنة تنوي إصدار قوانين ، لمعاقبة كل من يؤوي و يدعم و يساعد الإرهابيين التكفيريين في العراق ، فأن هؤلاء الكتبة و الكتَّاب الصدريين و المقتدائيين يطالبون : ب ( كونوا مع المقاومة الشريفة ، و بتقديم الحماية و المأوى للمقاومين ) ، وهو نفس الطلب الذي نجده في المواقع البعثية و السلفية .

و لنأخذ نموذجا مشابها لكاتب أخر من هذا القبيل ، أي من قبيل : الطيور على أشكالها تقع ! ، فهذا الكاتب الصدري ، يحَّن أيما الحنان ، إلى أيام الزمن الصدامي السابق وحيث يقول في مقال نُشر مؤخرا في ( كتابات ) : ( ولو رجعنا إلى السبب الرئيسي لكل تلك الجرائم و المظالم و الفقر و البطالة ، و نحو ذلك فأنها ترجع جميعها إلى سبب واحد وهو قرار شن الحرب على العراق و احتلاله ، ولو لا الحرب و الاحتلال و الحصار من قبل لما كانت هذه المظاهر الظالمة التي يعاني منها العراقيون اليوم ) ؟! .

بالله عليكم ! ، فهل قرأتم أن كاتبا بعثيا عفلقيا تجرأ و كتب بهذا الحنين و الإعجاب عن أيام زمن النظام الصدامي الخالية ، من الجرائم و المظالم و البطالة و الفقر ، بينما حتى البلهاء و السذج كانوا يعرفون جيدا ، بأن الفقر و الظلم في زمن النظام الصدامي قد بلغ حدا ، بحيث أن بعض الناس ليس فقط لم يبعثوا أطفالهم إلى العمل الشاق من أجل كسب لقمة الخبز ، و ليس فقط لم يبيعوا أبواب و شبابيك بيوتهم ، و نظارتهم و كتبهم ، بل و باعوا حتى أعضاء داخلية أيضا ، من أجسادهم الضامرة و الناحلة ، فقرا و جوعا ، من أجل كسب لقمة العيش و حيث زادت ظاهرة الدعارة ، بحكم الفقر المدقع ، بالطبع إلى جانب خوض حروب و بناء قصور و شراء ذمم عراقية و عربية و أجنبية بكوبونات النفط وبمئات الملايين من الدولار، و العيش كالملوك من قبل أهل السلطة الصداميين .

و من ثم إذا كان نظام صدام قبل ( قرار شن الحرب على العراق ) خاليا من مظاهر الظلم والفقر و البطالة ، فلماذا لم يختر هذا الكويتب الممسوس بعمل الجهل و وما وراء الكهوف ، نقول لماذا لم يختر العيش الرغيد و السعيد و الأمن ، تحت ظل ذلك النظام الصدامي( المريح ) ، بدلا من الهروب إلى الخارج للعيش عالة على دافع الضرائب الأوروبي الكافر و عابد الصليب ؟؟! .

و لهذا السبب نجد صعوبة بالغة في التمييز بين كتابات كتبة كتَّاب مقتدائيين أو صدريين و بين كتابات غيرهم من أنصار و عملاء و مرتزقة النظام السابق ، و بين تلك المنشورة في المواقع السلفية و التكفيرية ، و كذلك ذلك التناغم و التماثل في رؤيتهم السياسية و الأيديولوجية و العقائدية الطاغية ، في خطابهم العام ، و في سلوكهم العام المنافق و المزيف . و لهذا فنحن بدورنا سوف لن نسعى إلى التمييز فيما بينهم ، و سنضعهم في سلة واحدة ، مع البعثيين العفالقة و السلفيين ، كأصحاب العقائد الشمولية و الإطلاقية الساحقة لحرية و فردانية الفرد و تجريده من إنسانيته و تحويله إلى خروف مذعور و مطيع .

Qasim3@gawab.com