yasmeen
05-19-2005, 07:08 AM
توماس فريدمان
أستطيع أن أقول إنه لأمر صعب عدم الانتباه إلى قصتين متناقضتين ظلتا تنتشران جنبا إلى جنب خلال الأسبوع الماضي. تدور إحداهما حول الاحتجاجات العنيفة التي تفجرت في العالم المسلم نتيجة للتقرير الذي صدر عن مجلة «نيوزويك» (والذي قامت المجلة الآن بسحبه) وفيه قيل إن محققين في خليج غوانتانامو قاموا بتدنيس القرآن. ففي أفغانستان وحدها قتل ما لا يقل عن 16 شخصا مع إصابة أكثر من 100 شخص آخرين بجروح بعد مشاركتهم في الاحتجاجات العنيفة ضد أميركا نتيجة لذلك التقرير. أنا آمل بالتأكيد أن تكون قصة «نيوزويك» غير صحيحة لأنه سيكون فعلا شنيعا جدا إذا كان المحققون الأميركيون يتصرفون بهذه الطريقة.
كذلك يمكن قراءة آخر التقارير من العراق حيث قام مفجرو القنابل المنتمون إلى حزب البعث وتنظيمات الأصوليين المتطرفين بقتل 400 عراقي مسلم خلال الشهر الماضي فقط ، وأكثر الضحايا هم من بين المدنيين الأكراد والشيعة.
مع ذلك فإن جرائم القتل الجماعية هذه لم تثر أي مسيرة احتجاج في أي بلد من بلدان العالم المسلم. وأنا لم أقرأ أي فتوى تصدر من رجل دين خارج العراق يدين فيها هذه الجرائم التي تستهدف المدنيين بدون تحديد من بين الشيعة والأكراد العراقيين.
ترافق صمت العالم المسلم مع التدنيس الحقيقي للعراقيين مع التدنيس المزعوم للقرآن، وسلطت القصتان على طبيعة ما نواجهه من مصاعب لتحقيق تهدئة الوضع في العراق ، إضافة إلى اتباع الاستراتيجية الناجحة الوحيدة التي تدفع بالأمور إلى الأمام.
فعلى المستوى الديني، إذا كنت تريد معرفة كيف يرى العالم العربي السنّي انتخاب رجل شيعي كزعيم للعراق للمرة الأولى في تاريخه، فعليك أن تفكر بالكيفية التي شعر بها السكان البيض في ألباما حينما نصِّب حاكم أسود لها عام 1920. في الوقت نفسه، هناك بعض القوى العربية التي تفضل أن ترى غليان الأواني الفخارية في العراق على انتشار العملية الديمقراطية. ولهذا السبب لا تكاد تجد اصواتاً في هذه البلدان تصف جرائم قتل المدنيين في العراق كمجازر أو كأفعال مريعة. فجرائم من هذا النوع يطلق عليها اسم «المقاومة» للمحتل.
كتب سلامة نعمات رئيس مكتب جريدة «الحياة» في واشنطن قبل أيام قليلة «ما هي مسؤولية الأنظمة العربية والإعلام الرسمي وشبه الرسمي في البلدان المجاورة للعراق في ترخيص عمليات قتل العراقيين؟... أليس هدفها هو عرقلة بروز الديمقراطية الوليدة في العراق بحيث أنها لن تنتشر في المنطقة؟»
بتشخيص المشكلة يكون نعمات قد شخّص أيضا الحل. إذا كنت تريد أن توقف موجة الهجمات الانتحارية التي نراها حاليا في العراق فإن من اللازم بذل جهود هائلة. أنا من المؤمنين بأن أكثر أنواع ضبط النفس في التصرف البشري هو ليس بسبب القوانين أو الشرطة لكنه بسبب الثقافة والدين. ومن الواضح أنه من الضروري الآن جلب سنّة لهم ثقل كي يشاركوا في العملية السياسية وفي كتابة الدستور طالما أن أيديهم لم تلطخ بالدماء أثناء فترة حكم صدام. أما بالنسبة لخارج العراق فإن إدارة بوش بحاجة إلى أن تطلب وبقوة من البلدان العربية الحليفة الأخرى كي تستخدم ما هو متوفر لديها من إعلام ومن أجهزة حكومية ودينية لشجب وتحريم القتل البشع للمسلمين على يد المسلمين في العراق. فإذا بادر العالم العربي وإعلامه وزعماؤه الروحيون إلى إدانة أولئك الذين يقومون بالهجمات الانتحارية وبشكل متكرر، وإذا أعطي أفراد سنّة يتمتعون بثقة ممثليهم مشاركة عادلة في الحكومة العراقية، فأنا متأكد من أن الكثير من الهجمات الانتحارية ستتوقف مثلما حدث مع الفلسطينيين. فالعراقيون السنّة سيعطون المعلومات الاستخباراتية الضرورية لمنع وقوع هجمات من هذا النوع وسيحرمون مفجري القنابل من المساكن الآمنة التي هم بحاجة إليها كي ينجحوا في مساعيهم الدموية.
وهذه هي الطريقة الوحيدة لإيقافها، لأننا لا نعرف من وراء من هناك. ولذا فمن الضروري الضغط على القرية العربية السنية وجذبها كي تمنع سكانها من المشاركة بجرائم قتل انتحارية للأبرياء.
وأخيرا، فأفضل طريقة لتكريم القرآن هو العيش وفق قيم الرحمة والشفقة المبثوثة فيه.
أستطيع أن أقول إنه لأمر صعب عدم الانتباه إلى قصتين متناقضتين ظلتا تنتشران جنبا إلى جنب خلال الأسبوع الماضي. تدور إحداهما حول الاحتجاجات العنيفة التي تفجرت في العالم المسلم نتيجة للتقرير الذي صدر عن مجلة «نيوزويك» (والذي قامت المجلة الآن بسحبه) وفيه قيل إن محققين في خليج غوانتانامو قاموا بتدنيس القرآن. ففي أفغانستان وحدها قتل ما لا يقل عن 16 شخصا مع إصابة أكثر من 100 شخص آخرين بجروح بعد مشاركتهم في الاحتجاجات العنيفة ضد أميركا نتيجة لذلك التقرير. أنا آمل بالتأكيد أن تكون قصة «نيوزويك» غير صحيحة لأنه سيكون فعلا شنيعا جدا إذا كان المحققون الأميركيون يتصرفون بهذه الطريقة.
كذلك يمكن قراءة آخر التقارير من العراق حيث قام مفجرو القنابل المنتمون إلى حزب البعث وتنظيمات الأصوليين المتطرفين بقتل 400 عراقي مسلم خلال الشهر الماضي فقط ، وأكثر الضحايا هم من بين المدنيين الأكراد والشيعة.
مع ذلك فإن جرائم القتل الجماعية هذه لم تثر أي مسيرة احتجاج في أي بلد من بلدان العالم المسلم. وأنا لم أقرأ أي فتوى تصدر من رجل دين خارج العراق يدين فيها هذه الجرائم التي تستهدف المدنيين بدون تحديد من بين الشيعة والأكراد العراقيين.
ترافق صمت العالم المسلم مع التدنيس الحقيقي للعراقيين مع التدنيس المزعوم للقرآن، وسلطت القصتان على طبيعة ما نواجهه من مصاعب لتحقيق تهدئة الوضع في العراق ، إضافة إلى اتباع الاستراتيجية الناجحة الوحيدة التي تدفع بالأمور إلى الأمام.
فعلى المستوى الديني، إذا كنت تريد معرفة كيف يرى العالم العربي السنّي انتخاب رجل شيعي كزعيم للعراق للمرة الأولى في تاريخه، فعليك أن تفكر بالكيفية التي شعر بها السكان البيض في ألباما حينما نصِّب حاكم أسود لها عام 1920. في الوقت نفسه، هناك بعض القوى العربية التي تفضل أن ترى غليان الأواني الفخارية في العراق على انتشار العملية الديمقراطية. ولهذا السبب لا تكاد تجد اصواتاً في هذه البلدان تصف جرائم قتل المدنيين في العراق كمجازر أو كأفعال مريعة. فجرائم من هذا النوع يطلق عليها اسم «المقاومة» للمحتل.
كتب سلامة نعمات رئيس مكتب جريدة «الحياة» في واشنطن قبل أيام قليلة «ما هي مسؤولية الأنظمة العربية والإعلام الرسمي وشبه الرسمي في البلدان المجاورة للعراق في ترخيص عمليات قتل العراقيين؟... أليس هدفها هو عرقلة بروز الديمقراطية الوليدة في العراق بحيث أنها لن تنتشر في المنطقة؟»
بتشخيص المشكلة يكون نعمات قد شخّص أيضا الحل. إذا كنت تريد أن توقف موجة الهجمات الانتحارية التي نراها حاليا في العراق فإن من اللازم بذل جهود هائلة. أنا من المؤمنين بأن أكثر أنواع ضبط النفس في التصرف البشري هو ليس بسبب القوانين أو الشرطة لكنه بسبب الثقافة والدين. ومن الواضح أنه من الضروري الآن جلب سنّة لهم ثقل كي يشاركوا في العملية السياسية وفي كتابة الدستور طالما أن أيديهم لم تلطخ بالدماء أثناء فترة حكم صدام. أما بالنسبة لخارج العراق فإن إدارة بوش بحاجة إلى أن تطلب وبقوة من البلدان العربية الحليفة الأخرى كي تستخدم ما هو متوفر لديها من إعلام ومن أجهزة حكومية ودينية لشجب وتحريم القتل البشع للمسلمين على يد المسلمين في العراق. فإذا بادر العالم العربي وإعلامه وزعماؤه الروحيون إلى إدانة أولئك الذين يقومون بالهجمات الانتحارية وبشكل متكرر، وإذا أعطي أفراد سنّة يتمتعون بثقة ممثليهم مشاركة عادلة في الحكومة العراقية، فأنا متأكد من أن الكثير من الهجمات الانتحارية ستتوقف مثلما حدث مع الفلسطينيين. فالعراقيون السنّة سيعطون المعلومات الاستخباراتية الضرورية لمنع وقوع هجمات من هذا النوع وسيحرمون مفجري القنابل من المساكن الآمنة التي هم بحاجة إليها كي ينجحوا في مساعيهم الدموية.
وهذه هي الطريقة الوحيدة لإيقافها، لأننا لا نعرف من وراء من هناك. ولذا فمن الضروري الضغط على القرية العربية السنية وجذبها كي تمنع سكانها من المشاركة بجرائم قتل انتحارية للأبرياء.
وأخيرا، فأفضل طريقة لتكريم القرآن هو العيش وفق قيم الرحمة والشفقة المبثوثة فيه.