صحن
10-10-2016, 07:25 AM
مستجدات الدبلوماسية الكويتية
9 أكتوبر، 2016
http://alqabas.com/wp-content/uploads/2016/03/%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9-1.jpg
عبدالله بشارة
عنوان صحيفة الجريدة يوم الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016، وبأسلوب واضح، يجدد الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، النائب الأول لرئيس الوزراء، وزير الخارجية، التأكيد أن الكويت ملتزمة بأن تكون آخر دولة عربية تطبع علاقتها مع اسرائيل ولن تحيد عن ذلك، مشددا على أن الحديث عن وجود تعاون استخباراتي بينها وبين حكومة اسرائيل عار من الصحة ولا يستند إلى أساس ولن يحصل ذلك على الاطلاق.
ويتحدث معالي الوزير النشط بقناعة بلا مساحيق لفظية، وأصدقه تماماً فلا توجد فهلوة اللفظ في دبلوماسية الكويت.
وأود أن أتعامل في هذا المقال مع جانبين مهمين من واقع التجارب والممارسة ومن منطق حقائق العمل الدبلوماسي، فقد جاءت مداخلة الوزير ردا على سؤال من عضو البرلمان الكويتي عن بقاء وفد الكويت في مقعده عند حديث المسؤول الاسرائيلي، وكنت أظن أن مثل هذه القفزات النيابية قد ولى زمنها، واننا استوعبنا تبدلات الفضاء السياسي العالمي، الذي لم تعد فيه حرب باردة، ولم تعد الشعوب في مزاج حروب، فالمستجدات الآن تضغط نحو التعامل الواقعي مع المشاكل والقضايا المعلقة بين الدول، وصار الزحف الدبلوماسي العالمي يسير نحو منطق المنافع في إطار العولمة التي تستنكر جعل الشكليات تستنزف الطاقات الدبلوماسية للشعوب.
كنت سفيرا في الأمم المتحدة لعشر سنوات نحرص فيها على متابعة كل الخطب، ونرصد كل الكلمات من القريب ومن البعيد، قياما بضرورات الإلمام، فقد تبرز حاجة إلى الرد على ما يقوله الآخرون في تشويه لمواقف أو خطأ في معلومات، لابد من تصحيحها، هذا هو نهج الأمم المتحدة.
وعندما كنا في مجلس الأمن، كان السفير الاسرائيلي، يرد على مداخلاتي ويتحرش بالمواقف وأرد عليه بما تفرضه الحاجة، وينطق باسمي وأرد باسمه، هذه قواعد العمل في الأمم المتحدة وبالذات في مجلس الأمن، فلا مكان للبهرجة الدعائية، ولا للمناطحات في الأمم المتحدة، والجمعية العامة ليست خطبا في ساحات بيروت أو دمشق، ونحن نتمسك بتلابيب الأصول.
ويهمنا أن يلاحق أعضاء البرلمان التغييرات بما يجعل المؤسسة البرلمانية منسجمة مع واقع العالم، وعارفة بما يدور لكي نضمن بأن حواراتها الخارجية واجتهاداتها الداخلية تشكل اضافات مفيدة لرصيد الدولة الكويتية، خاصة ورئيس المجلس رجل متابع وراصد للأحداث.
والجانب الثاني، وهو الأهم، فإن الغزو اللئيم أزال الكثير من لائحة الالتزامات الأدبية التي مارستها الكويت وتوغلت في معانيها إلى درجة كانت أكثر ملكية من الملوكيات، وقد جاءت هذه اللائحة المستفيضة بالمشاعر والبعيدة عن حقائق الدنيا وواقعية العمل الدبلوماسي من تجربة الكويت مع الجامعة العربية، في وضع شروط على عضويتها، أبرزها أن يكون السور العربي هو الرادع بدلا من السور البريطاني الذي وقى الكويت لأكثر من قرن، وتبخر ذلك السور بمجيء الكويت عضوا في الجامعة، اقتضت أن تفك الروابط الأمنية مع بريطانيا، وجاءت قوة عربية رمزية لانطلاق التآخي العربي الذي آمنت به الكويت بأقصى حدتها، حتى وصيحات صدام حسين المهددة لم تدفعنا للخروج من سور التآخي معتمدين على وساطات عربية استغلها صدام حسين لتبريد مساعي الكويت في البحث عن مخرج، وحصل الغزو، ولولا نزاهة الرئيس حسني مبارك وصلابته مقابل التصدي والصمود، لما خرجت قمة القاهرة بقرار يبارك خطوات مجلس التعاون والكويت لصد العدوان.
وشاهدنا الشريط السينمائي المحزن، وسمعنا صرخات القذافي وعرفات والوفد العراقي وغيره، وتحولنا من ذلك المسار مدبرين الأمر في إطار مجلس التعاون وبالتوافق مع التطورات العربية التي حدثت منذ الغزو.
لا تستطيع دبلوماسية الكويت أن تتصلب وتتصخر، فلسنا أول المطبعين ولا آخرهم، وقد نكتشف لا مصلحة لنا في التطبيع مهما فعل الآخرون، هذه دبلوماسية الأبواب المنفتحة على نسيم الحياة المتطورة، فلا توجد لنا مصلحة في صد الأبواب ولا في فتحها، وإنما لكل حالة ظروفها وطبيعتها، ويتم العلاج وفق قانون المصالح وبما ينسجم مع المواثيق العربية والعالمية.
خرجنا من أسر عقيم وليس لنا مبرر لدخول حلقة جديدة نحدد فيها مكاننا وإنما نترك صدرنا مفتوحا لكل عاصفة ولكل نسيم ولكل خيار، وعندما تحين المصالح لا مكان للالتزام الأدبي الذي يضعنا في آخر الصفوف أو يدفعنا إلى بدايتها، فالدبلوماسية فضاء مفتوح تحركه جاذبية المنافع وأحكام المواثيق، وننعم الآن بحياة بلا قيود ولا أسوار.
عبدالله بشارة
http://alqabas.com/303619/
9 أكتوبر، 2016
http://alqabas.com/wp-content/uploads/2016/03/%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9-1.jpg
عبدالله بشارة
عنوان صحيفة الجريدة يوم الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016، وبأسلوب واضح، يجدد الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، النائب الأول لرئيس الوزراء، وزير الخارجية، التأكيد أن الكويت ملتزمة بأن تكون آخر دولة عربية تطبع علاقتها مع اسرائيل ولن تحيد عن ذلك، مشددا على أن الحديث عن وجود تعاون استخباراتي بينها وبين حكومة اسرائيل عار من الصحة ولا يستند إلى أساس ولن يحصل ذلك على الاطلاق.
ويتحدث معالي الوزير النشط بقناعة بلا مساحيق لفظية، وأصدقه تماماً فلا توجد فهلوة اللفظ في دبلوماسية الكويت.
وأود أن أتعامل في هذا المقال مع جانبين مهمين من واقع التجارب والممارسة ومن منطق حقائق العمل الدبلوماسي، فقد جاءت مداخلة الوزير ردا على سؤال من عضو البرلمان الكويتي عن بقاء وفد الكويت في مقعده عند حديث المسؤول الاسرائيلي، وكنت أظن أن مثل هذه القفزات النيابية قد ولى زمنها، واننا استوعبنا تبدلات الفضاء السياسي العالمي، الذي لم تعد فيه حرب باردة، ولم تعد الشعوب في مزاج حروب، فالمستجدات الآن تضغط نحو التعامل الواقعي مع المشاكل والقضايا المعلقة بين الدول، وصار الزحف الدبلوماسي العالمي يسير نحو منطق المنافع في إطار العولمة التي تستنكر جعل الشكليات تستنزف الطاقات الدبلوماسية للشعوب.
كنت سفيرا في الأمم المتحدة لعشر سنوات نحرص فيها على متابعة كل الخطب، ونرصد كل الكلمات من القريب ومن البعيد، قياما بضرورات الإلمام، فقد تبرز حاجة إلى الرد على ما يقوله الآخرون في تشويه لمواقف أو خطأ في معلومات، لابد من تصحيحها، هذا هو نهج الأمم المتحدة.
وعندما كنا في مجلس الأمن، كان السفير الاسرائيلي، يرد على مداخلاتي ويتحرش بالمواقف وأرد عليه بما تفرضه الحاجة، وينطق باسمي وأرد باسمه، هذه قواعد العمل في الأمم المتحدة وبالذات في مجلس الأمن، فلا مكان للبهرجة الدعائية، ولا للمناطحات في الأمم المتحدة، والجمعية العامة ليست خطبا في ساحات بيروت أو دمشق، ونحن نتمسك بتلابيب الأصول.
ويهمنا أن يلاحق أعضاء البرلمان التغييرات بما يجعل المؤسسة البرلمانية منسجمة مع واقع العالم، وعارفة بما يدور لكي نضمن بأن حواراتها الخارجية واجتهاداتها الداخلية تشكل اضافات مفيدة لرصيد الدولة الكويتية، خاصة ورئيس المجلس رجل متابع وراصد للأحداث.
والجانب الثاني، وهو الأهم، فإن الغزو اللئيم أزال الكثير من لائحة الالتزامات الأدبية التي مارستها الكويت وتوغلت في معانيها إلى درجة كانت أكثر ملكية من الملوكيات، وقد جاءت هذه اللائحة المستفيضة بالمشاعر والبعيدة عن حقائق الدنيا وواقعية العمل الدبلوماسي من تجربة الكويت مع الجامعة العربية، في وضع شروط على عضويتها، أبرزها أن يكون السور العربي هو الرادع بدلا من السور البريطاني الذي وقى الكويت لأكثر من قرن، وتبخر ذلك السور بمجيء الكويت عضوا في الجامعة، اقتضت أن تفك الروابط الأمنية مع بريطانيا، وجاءت قوة عربية رمزية لانطلاق التآخي العربي الذي آمنت به الكويت بأقصى حدتها، حتى وصيحات صدام حسين المهددة لم تدفعنا للخروج من سور التآخي معتمدين على وساطات عربية استغلها صدام حسين لتبريد مساعي الكويت في البحث عن مخرج، وحصل الغزو، ولولا نزاهة الرئيس حسني مبارك وصلابته مقابل التصدي والصمود، لما خرجت قمة القاهرة بقرار يبارك خطوات مجلس التعاون والكويت لصد العدوان.
وشاهدنا الشريط السينمائي المحزن، وسمعنا صرخات القذافي وعرفات والوفد العراقي وغيره، وتحولنا من ذلك المسار مدبرين الأمر في إطار مجلس التعاون وبالتوافق مع التطورات العربية التي حدثت منذ الغزو.
لا تستطيع دبلوماسية الكويت أن تتصلب وتتصخر، فلسنا أول المطبعين ولا آخرهم، وقد نكتشف لا مصلحة لنا في التطبيع مهما فعل الآخرون، هذه دبلوماسية الأبواب المنفتحة على نسيم الحياة المتطورة، فلا توجد لنا مصلحة في صد الأبواب ولا في فتحها، وإنما لكل حالة ظروفها وطبيعتها، ويتم العلاج وفق قانون المصالح وبما ينسجم مع المواثيق العربية والعالمية.
خرجنا من أسر عقيم وليس لنا مبرر لدخول حلقة جديدة نحدد فيها مكاننا وإنما نترك صدرنا مفتوحا لكل عاصفة ولكل نسيم ولكل خيار، وعندما تحين المصالح لا مكان للالتزام الأدبي الذي يضعنا في آخر الصفوف أو يدفعنا إلى بدايتها، فالدبلوماسية فضاء مفتوح تحركه جاذبية المنافع وأحكام المواثيق، وننعم الآن بحياة بلا قيود ولا أسوار.
عبدالله بشارة
http://alqabas.com/303619/