مجاهدون
05-18-2005, 09:14 AM
الفرق بينهما قد يكون كبيرا غالبا
كتب محمـد النغيمش:
عندما تظهر لدى الطفل قدرة على قيادة فريق كرة قدم من زملائه في المدرسة وعلى تحفيزهم وتشجيعهم على بذل أقصى ما عندهم لتحقيق الفوز، يعد ذلك أول بوادر بروز «شخصيته القيادية». ولكن مواهب هذا القائد الصغير قد يئدها أفراد أسرته أو أصدقاؤه أو ربما مرؤوسوه في العمل عندما يكبر. أما صفات «المدير» فتختلف عن صفات القائدLeader كما سنرى في السطور التالية.
فالمدير مثلا هو المسؤول عن الأنشطة المتعلقة باتخاذ القرارات وصياغة الأهداف، وتجميع الموارد المطلوبة واستخدامها بكفاءة لتحقيق نمو المنظمة وضمان استقرارها، وذلك عن طريق مجموعة من الوظائف الإدارية الرئيسية أهمها: التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة. وبشكل عام يتوافر في المديرين مجموعة متكاملة من الخبرات والمهارات والقدرات «أغلبها مكتسب بالتعليم والتدريب والخبرة العملية، ولا تعتبر قدرات موروثة لدى الإنسان».
أما القائد فهو الذي يستخدم قدراته الذاتية ونفوذه وقوته «ليؤثر في سلوك العاملين وآرائهم وتوجهاتهم، ويقودهم نحو تحقيق أهداف محددة». وتختلف القيادة عن الإدارة في أنها يمكن اكتسابها شريطة توافر الاستعداد الفطري والمواهب اللازمة لدى الفرد، على عكس الإدارة. إذا فالقائدون الذين نعجب بهم سواء كانوا زعماء سياسيين أو مرؤوسينا في العمل قد يكونون قد فطروا على هذه القدرات القيادية المؤثرة. وستكون النتيجة مضاعفة إذا صقل ذلك القائد مواهبه «بتعلم» مزيد من فنون القيادة. ويعتبر الرئيس الأميركي بيل كلينتون أبرز قائد في القرن الحادي والعشرين بشهادة خصومه. فهو لديه قدرة على تحفيز الناس وتوجيههم نحو أهداف محددة.
وعدم الإلمام بجميع التخصصات لا ينقص من قدر القائد أو تأثيره. فالرئيس كلينتون خريج كلية حقوق ولم يعرف عنه أنه عمل أو تخصص في الاقتصاد ولكنه حقق نتائج اقتصادية مهمة نالت رضا الشعب الأميركي فانتخب على إثرها لولاية ثانية على التوالي. كل ما عمله هو وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
وصاحب الصفات القيادية ربما لا يكون بالضرورة في مركز وظيفي رفيع ولكنه قد يكون أحد صغار الموظفين أو متوسطهم. وهنا تأتي ضرورة اهتمام الإدارة به وتهيئته لتولي منصب قيادي يليق بقدراته القيادية. ومن الظلم المرفوض أن لا نرقي موظفا قياديا لأنه ما زال «صغيرا»!
الصراع بين المدير والقائد قديم، خصوصا إذا كان ذو الصفات القيادية يعمل تحت إدارة مدير فيه تلك الصفات فيقع الصدام بينهما. فالقائد يحاول بقدراته «إقناع المدير» للتأثير فيه ليغير قراره، وربما ينتقل هذا الجو إلى العاملين فيحاولون هم بدورهم وتنفتح على المدير جبهات كان في غنى عنها. بعض المديرين يحاولون مخطئين التخلص من هؤلاء القياديين لأنهم يضيقون بشخصياتهم «الكاريزماتية» وهم بذلك ينسون أن هؤلاء القلة المتميزة ربما يكونون مصدر منفعة للإدارة والعاملين فيها إذا ما أوكلت إليهم مهام تليق بقدراتهم.
الإدارة يمكن تعلمها بالخبرة العملية ولكن القيادة معظمها قدرات مكتسبة، فهل يمكن تعلمها؟ الإجابة تعددت بين أشهر المنظرين في هذا الشأن. فبيتر دراكر (مؤسس علم الإدارة الحديث) يقول «القيادة يجب أن تعلم وبالإمكان تعلمها» أما وارنز بينز أبرز منظر في القيادة فيعارضه بالقول: «لا يمكن تعلم القيادة... فالقيادة صفات شخصية وحكمة». ويأتي د.ستيفن كوفي الذي يدرس القيادات الناجحة منذ أكثر من 25 عاما فيتفق مع مؤيدي إمكان تعلم القيادة، حيث يرى أن الفرد يمكنه القيادة والتأثير في الآخرين إذا اكتسب مهارات رئيسية ذكرها في كتابه الشهير العادات السبع.
وواقع الحال يؤكد لنا أن القيادة قابلة للتعلم. فلماذا تبعث ما يقارب ثلاثة أرباع الشركات الأميركية بموظفيها إلى دورات ومحاضرات عن القيادة وفنونها، بحسب بعض الدراسات؟ وما الذي يجعل أناسا اشتهروا بخجلهم الشديد وضعفهم البين في التأثير في الناس قد أصبحوا الآن ينعمون بقدرات قيادة لافتة ومؤثرة الا فضل الدورات التدريبية أو العمل النقابي أو السياسي وما شابهها.
وليكون الموظف مديرا فعالا يتطلب منه التمتع بالصفات القيادية التي تؤهّله لإنجاز العملية الإدارية على الوجه الأكمل وذلك بأن يحسن «القيادة الإدارية». وهو منهج جديد بدأت الشركات تدرب موظفيها عليه لأنه يجمع ما بين فن الإدارة وفن القيادة، إذ يسلط الضوء على الصفات القيادية فيهم ليكتشفوها ويصقلوها بالمران والتدريب.
ولأن «الإدارة» و«القيادة» هما جناحان مهمان لتحليق أي منظمة، فإن الأخيرة مطالبة بالبحث عن موظفيها الذين يتمتعون بهذه القدرات ورعايتهم للارتقاء بأدائها وأدائهم. ولكن تبقى حقيقة أن من ورث صفاته القيادية يكون أكثر تأثيرا وتلقائية ممن بذلوا جهدا جهيدا في تعلم فن القيادة. المدير يسهل معرفته بحكم خبرته وقدرته على الإدارة ولكن ذوو القدرات القيادية غالبا ما يساء فهم قدراتهم!
mohammed@nughaimish.com
كتب محمـد النغيمش:
عندما تظهر لدى الطفل قدرة على قيادة فريق كرة قدم من زملائه في المدرسة وعلى تحفيزهم وتشجيعهم على بذل أقصى ما عندهم لتحقيق الفوز، يعد ذلك أول بوادر بروز «شخصيته القيادية». ولكن مواهب هذا القائد الصغير قد يئدها أفراد أسرته أو أصدقاؤه أو ربما مرؤوسوه في العمل عندما يكبر. أما صفات «المدير» فتختلف عن صفات القائدLeader كما سنرى في السطور التالية.
فالمدير مثلا هو المسؤول عن الأنشطة المتعلقة باتخاذ القرارات وصياغة الأهداف، وتجميع الموارد المطلوبة واستخدامها بكفاءة لتحقيق نمو المنظمة وضمان استقرارها، وذلك عن طريق مجموعة من الوظائف الإدارية الرئيسية أهمها: التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة. وبشكل عام يتوافر في المديرين مجموعة متكاملة من الخبرات والمهارات والقدرات «أغلبها مكتسب بالتعليم والتدريب والخبرة العملية، ولا تعتبر قدرات موروثة لدى الإنسان».
أما القائد فهو الذي يستخدم قدراته الذاتية ونفوذه وقوته «ليؤثر في سلوك العاملين وآرائهم وتوجهاتهم، ويقودهم نحو تحقيق أهداف محددة». وتختلف القيادة عن الإدارة في أنها يمكن اكتسابها شريطة توافر الاستعداد الفطري والمواهب اللازمة لدى الفرد، على عكس الإدارة. إذا فالقائدون الذين نعجب بهم سواء كانوا زعماء سياسيين أو مرؤوسينا في العمل قد يكونون قد فطروا على هذه القدرات القيادية المؤثرة. وستكون النتيجة مضاعفة إذا صقل ذلك القائد مواهبه «بتعلم» مزيد من فنون القيادة. ويعتبر الرئيس الأميركي بيل كلينتون أبرز قائد في القرن الحادي والعشرين بشهادة خصومه. فهو لديه قدرة على تحفيز الناس وتوجيههم نحو أهداف محددة.
وعدم الإلمام بجميع التخصصات لا ينقص من قدر القائد أو تأثيره. فالرئيس كلينتون خريج كلية حقوق ولم يعرف عنه أنه عمل أو تخصص في الاقتصاد ولكنه حقق نتائج اقتصادية مهمة نالت رضا الشعب الأميركي فانتخب على إثرها لولاية ثانية على التوالي. كل ما عمله هو وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
وصاحب الصفات القيادية ربما لا يكون بالضرورة في مركز وظيفي رفيع ولكنه قد يكون أحد صغار الموظفين أو متوسطهم. وهنا تأتي ضرورة اهتمام الإدارة به وتهيئته لتولي منصب قيادي يليق بقدراته القيادية. ومن الظلم المرفوض أن لا نرقي موظفا قياديا لأنه ما زال «صغيرا»!
الصراع بين المدير والقائد قديم، خصوصا إذا كان ذو الصفات القيادية يعمل تحت إدارة مدير فيه تلك الصفات فيقع الصدام بينهما. فالقائد يحاول بقدراته «إقناع المدير» للتأثير فيه ليغير قراره، وربما ينتقل هذا الجو إلى العاملين فيحاولون هم بدورهم وتنفتح على المدير جبهات كان في غنى عنها. بعض المديرين يحاولون مخطئين التخلص من هؤلاء القياديين لأنهم يضيقون بشخصياتهم «الكاريزماتية» وهم بذلك ينسون أن هؤلاء القلة المتميزة ربما يكونون مصدر منفعة للإدارة والعاملين فيها إذا ما أوكلت إليهم مهام تليق بقدراتهم.
الإدارة يمكن تعلمها بالخبرة العملية ولكن القيادة معظمها قدرات مكتسبة، فهل يمكن تعلمها؟ الإجابة تعددت بين أشهر المنظرين في هذا الشأن. فبيتر دراكر (مؤسس علم الإدارة الحديث) يقول «القيادة يجب أن تعلم وبالإمكان تعلمها» أما وارنز بينز أبرز منظر في القيادة فيعارضه بالقول: «لا يمكن تعلم القيادة... فالقيادة صفات شخصية وحكمة». ويأتي د.ستيفن كوفي الذي يدرس القيادات الناجحة منذ أكثر من 25 عاما فيتفق مع مؤيدي إمكان تعلم القيادة، حيث يرى أن الفرد يمكنه القيادة والتأثير في الآخرين إذا اكتسب مهارات رئيسية ذكرها في كتابه الشهير العادات السبع.
وواقع الحال يؤكد لنا أن القيادة قابلة للتعلم. فلماذا تبعث ما يقارب ثلاثة أرباع الشركات الأميركية بموظفيها إلى دورات ومحاضرات عن القيادة وفنونها، بحسب بعض الدراسات؟ وما الذي يجعل أناسا اشتهروا بخجلهم الشديد وضعفهم البين في التأثير في الناس قد أصبحوا الآن ينعمون بقدرات قيادة لافتة ومؤثرة الا فضل الدورات التدريبية أو العمل النقابي أو السياسي وما شابهها.
وليكون الموظف مديرا فعالا يتطلب منه التمتع بالصفات القيادية التي تؤهّله لإنجاز العملية الإدارية على الوجه الأكمل وذلك بأن يحسن «القيادة الإدارية». وهو منهج جديد بدأت الشركات تدرب موظفيها عليه لأنه يجمع ما بين فن الإدارة وفن القيادة، إذ يسلط الضوء على الصفات القيادية فيهم ليكتشفوها ويصقلوها بالمران والتدريب.
ولأن «الإدارة» و«القيادة» هما جناحان مهمان لتحليق أي منظمة، فإن الأخيرة مطالبة بالبحث عن موظفيها الذين يتمتعون بهذه القدرات ورعايتهم للارتقاء بأدائها وأدائهم. ولكن تبقى حقيقة أن من ورث صفاته القيادية يكون أكثر تأثيرا وتلقائية ممن بذلوا جهدا جهيدا في تعلم فن القيادة. المدير يسهل معرفته بحكم خبرته وقدرته على الإدارة ولكن ذوو القدرات القيادية غالبا ما يساء فهم قدراتهم!
mohammed@nughaimish.com