Osama
05-16-2005, 07:13 AM
أحمد البغدادي
* أستاذ في جامعة الكويت
لا أعلم شعباً يفوق الشعب الأميركي في الطيبة والتسامح والنخوة واحترام الرأي الآخر, وهذه الصفات يتلمسها كل من يعيش معهم سائحاً كان أم مقيماً, ولست في حاجة إلى الإشارة الى ما فعلوه لانقاذ الكثير من الشعوب سواء الأوروبية أو العربية, المسلمة وغير المسلمة, ولكن ما أود الإشارة إليه يتمثل في ما نشاهده من تسامح اجتماعي قل نظيره لدى الشعوب المعاصرة تجاه بعضهم البعض, خصوصا في برنامج »أوبرا« أو غيره,
حين يتم عرض تجارب شخصية مريرة تتصل بالإدمان أو الانحراف عن الطريق السوي, وكيف حصل على المساعدة من الآخرين, وكيف تعامل مع المشكلة ليتخلص منها وينهيها, ثم يعرض هذا كله على العوام معتذراً عن الأذى الذي سببه لعائلته وأصدقائه, شاكراً للجميع مساعدته والوقوف إلى جانبه في محنته, ثم يصفق له الجمهور ويحييه على هذه الشجاعة في شرح مشكلته, واعتذاره, وقدرته على تجاوز المحنة, ليعود شخصاً سوياً مقبولاً في المجتمع.
وحين أرى وأسمع مثل هذه البرامج والحوارات لا أعجب لقوة المجتمع الغربي بشكل عام, والمجتمع الأميركي بشكل خاص, لأن المجتمع يسير حياته وفق الفلسفة الفردية التي شرحناها في مقال سابق, ومن خلال الأيديولوجية الليبرالية والفكر الحر, لابد له أن يتصف بهذه الصفات والخصال الحميدة. واللطيف في هذا الموضوع أن الذين يعرضون محنتهم والمشكلات التي تعرضوا لها, لم يذكروا قط أنهم لجأوا إلى رجل الدين, أو أنهم ذهبوا إلى الكنيسة أو حضروا محاضرات دينية للتخلص من مشكلتهم, بل اعتمدوا على أنفسهم وعلى الآخرين من الأحبة والمختصين, ولم ينكفئوا على ذاتهم مختبئين من (العار) الذي جلبوه سواء لأنفسهم أو لعائلاتهم, بل ساعدتهم فلسفتهم في الحياة والقائمة على الفردانية في ضرورة الاعتماد على الذات والبحث في الأسباب ليصلوا إلى الحل اللازم, ودون خجل من الطلب من الآخرين بالمساعدة على تجاوز المحنة, والمجتمع بدوره لا يخذله ولا يهينه مشنعاً عليه بالعار, أو محتقراً إياه بسبب ذلك, يتيح له الفرصة تلو الفرصة للعودة إلى المجتمع كعضو فاعل من خلال التسامح والقبول لاعتذاره, متفهمين لوضعه, فاسحين المجال له لإصلاح الخلل الذي ألم به,
وما كان لمثل هذا الموضوع أن يتحقق لولا درجة التسامح العالية التي يتمتع بها الشعب الأميركي الطيب, ومازلت أذكر إعجابهم وتحيتهم لي ولزوجتي حين يروننا مع طفلنا البكر, وحين أسألهم, لماذا كل هذا الإعجاب? يردون بالقول: إن إنشاء عائلة في هذه المرحلة من العمر - يقصدون العشرينات - وتحمل المسؤولية أمر يستحق الاحترام, لأنه عبء كبير ليس من السهل القيام به, ولا ينسون ابداً الدعاء لنا بالتوفيق بحظ طيب.
ولنقارن هذا الاسلوب المحترم والطيب في الحياة مع حياتنا في مجتمعنا العربي تجاه المدمنين او المصابين بأمراض جنسية, فماذا نجد سوى حرص المصاب على الاختباء والانكفاء على الذات والتخفي? كما هو حال اسلوب المدمن المجهول الذي لا نرى إلا ظله, خشية أن يتعرف عليه الناس فيجلب العار أو السخط لنفسه ولعائلته, فالشعب العربي - خلافا للشعب الأميركي - شعب غير متسامح مع المخطئين أو المدمنين, خاصة مع الأنثى حيث الوضع أسوأ,
حتى ولو كانت مظلومة. مثل حالة اللواتي يتعرضن للاغتصاب. بل إن الشعب العربي المسلم الذي يقرأ قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) لا يتذكر هذه الآية في مثل هذه الأحوال, ومازلت اتذكر مدرس التربية الإسلامية, لا بارك الله فيه - الذي تعرض لابني بسوء حين كنت في سجن طلحة عام ,1999 ولم يتوقف إلا بعد تهديده برفع قضية عليه, وللأسف إن ناظر تلك المدرسة لم يذكر لي اسمه ورفض مقابلتي له, مقابل تعهده الشخصي بإنهاء الموضوع على خير, هل نذكر استغلالهم المنابر في بيوت الله ضد خصومهم? أم هل نذكر كتاباتهم ذات الطابع الشخصي?
الشعوب العربية المسلمة في حاجة إلى أن تتعلم من الشعب الأميركي معنى التسامح وقبول الآخر .. وهيهات.
عرض تلفزيون الكويت ليل الخميس حفلة »الوطن« التي أحيتها المطربة نانسي عجرم والتي تم تكريمها من قبل سمو رئيس الوزراء!! وقد ظهر في الشريط ديكور قاعة الحفل وصور لبعض أغلفة »النيوزويك« .. وكان عنوان أحد الأغلفة (في ذمة الله) وكانت كلمة (الله) بحروف كبيرة بارزة, وغلاف آخر يظهر صورة العلامة السيستاني!!
حقاً إن الحياء ... نقطة, كما يقول المثل
* أستاذ في جامعة الكويت
لا أعلم شعباً يفوق الشعب الأميركي في الطيبة والتسامح والنخوة واحترام الرأي الآخر, وهذه الصفات يتلمسها كل من يعيش معهم سائحاً كان أم مقيماً, ولست في حاجة إلى الإشارة الى ما فعلوه لانقاذ الكثير من الشعوب سواء الأوروبية أو العربية, المسلمة وغير المسلمة, ولكن ما أود الإشارة إليه يتمثل في ما نشاهده من تسامح اجتماعي قل نظيره لدى الشعوب المعاصرة تجاه بعضهم البعض, خصوصا في برنامج »أوبرا« أو غيره,
حين يتم عرض تجارب شخصية مريرة تتصل بالإدمان أو الانحراف عن الطريق السوي, وكيف حصل على المساعدة من الآخرين, وكيف تعامل مع المشكلة ليتخلص منها وينهيها, ثم يعرض هذا كله على العوام معتذراً عن الأذى الذي سببه لعائلته وأصدقائه, شاكراً للجميع مساعدته والوقوف إلى جانبه في محنته, ثم يصفق له الجمهور ويحييه على هذه الشجاعة في شرح مشكلته, واعتذاره, وقدرته على تجاوز المحنة, ليعود شخصاً سوياً مقبولاً في المجتمع.
وحين أرى وأسمع مثل هذه البرامج والحوارات لا أعجب لقوة المجتمع الغربي بشكل عام, والمجتمع الأميركي بشكل خاص, لأن المجتمع يسير حياته وفق الفلسفة الفردية التي شرحناها في مقال سابق, ومن خلال الأيديولوجية الليبرالية والفكر الحر, لابد له أن يتصف بهذه الصفات والخصال الحميدة. واللطيف في هذا الموضوع أن الذين يعرضون محنتهم والمشكلات التي تعرضوا لها, لم يذكروا قط أنهم لجأوا إلى رجل الدين, أو أنهم ذهبوا إلى الكنيسة أو حضروا محاضرات دينية للتخلص من مشكلتهم, بل اعتمدوا على أنفسهم وعلى الآخرين من الأحبة والمختصين, ولم ينكفئوا على ذاتهم مختبئين من (العار) الذي جلبوه سواء لأنفسهم أو لعائلاتهم, بل ساعدتهم فلسفتهم في الحياة والقائمة على الفردانية في ضرورة الاعتماد على الذات والبحث في الأسباب ليصلوا إلى الحل اللازم, ودون خجل من الطلب من الآخرين بالمساعدة على تجاوز المحنة, والمجتمع بدوره لا يخذله ولا يهينه مشنعاً عليه بالعار, أو محتقراً إياه بسبب ذلك, يتيح له الفرصة تلو الفرصة للعودة إلى المجتمع كعضو فاعل من خلال التسامح والقبول لاعتذاره, متفهمين لوضعه, فاسحين المجال له لإصلاح الخلل الذي ألم به,
وما كان لمثل هذا الموضوع أن يتحقق لولا درجة التسامح العالية التي يتمتع بها الشعب الأميركي الطيب, ومازلت أذكر إعجابهم وتحيتهم لي ولزوجتي حين يروننا مع طفلنا البكر, وحين أسألهم, لماذا كل هذا الإعجاب? يردون بالقول: إن إنشاء عائلة في هذه المرحلة من العمر - يقصدون العشرينات - وتحمل المسؤولية أمر يستحق الاحترام, لأنه عبء كبير ليس من السهل القيام به, ولا ينسون ابداً الدعاء لنا بالتوفيق بحظ طيب.
ولنقارن هذا الاسلوب المحترم والطيب في الحياة مع حياتنا في مجتمعنا العربي تجاه المدمنين او المصابين بأمراض جنسية, فماذا نجد سوى حرص المصاب على الاختباء والانكفاء على الذات والتخفي? كما هو حال اسلوب المدمن المجهول الذي لا نرى إلا ظله, خشية أن يتعرف عليه الناس فيجلب العار أو السخط لنفسه ولعائلته, فالشعب العربي - خلافا للشعب الأميركي - شعب غير متسامح مع المخطئين أو المدمنين, خاصة مع الأنثى حيث الوضع أسوأ,
حتى ولو كانت مظلومة. مثل حالة اللواتي يتعرضن للاغتصاب. بل إن الشعب العربي المسلم الذي يقرأ قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) لا يتذكر هذه الآية في مثل هذه الأحوال, ومازلت اتذكر مدرس التربية الإسلامية, لا بارك الله فيه - الذي تعرض لابني بسوء حين كنت في سجن طلحة عام ,1999 ولم يتوقف إلا بعد تهديده برفع قضية عليه, وللأسف إن ناظر تلك المدرسة لم يذكر لي اسمه ورفض مقابلتي له, مقابل تعهده الشخصي بإنهاء الموضوع على خير, هل نذكر استغلالهم المنابر في بيوت الله ضد خصومهم? أم هل نذكر كتاباتهم ذات الطابع الشخصي?
الشعوب العربية المسلمة في حاجة إلى أن تتعلم من الشعب الأميركي معنى التسامح وقبول الآخر .. وهيهات.
عرض تلفزيون الكويت ليل الخميس حفلة »الوطن« التي أحيتها المطربة نانسي عجرم والتي تم تكريمها من قبل سمو رئيس الوزراء!! وقد ظهر في الشريط ديكور قاعة الحفل وصور لبعض أغلفة »النيوزويك« .. وكان عنوان أحد الأغلفة (في ذمة الله) وكانت كلمة (الله) بحروف كبيرة بارزة, وغلاف آخر يظهر صورة العلامة السيستاني!!
حقاً إن الحياء ... نقطة, كما يقول المثل