المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عراقي يروي رحلته بين ثلاث سيارات مفخخة في بغداد



yasmeen
05-15-2005, 06:35 AM
نورس قال إنه بحث عن «الشرق الأوسط» ليسرد للعالم «كيف نموت ونعيش كل يوم مئات المرات»

بغداد: هدى جاسم

لم اصدق نفسي عندما فاجأني احدهم وهو يقول «لقد بحثت عنكم في كل مكان لأقول لكم ما حصل معي يوم امس». سألته «من انت ؟»، فأجاب «انا نورس خليل، اعمل في محل في منطقة بغداد الجديدة وقد كنت بالقرب من الانفجار الذي حدث الخميس الماضي عندما تناثرت الاجساد في كل مكان بفعل سيارة مفخخة وكان بالقرب منها سيارة لنقل الركاب تفحم من فيها اضافة الى اناس كثر كانوا بالقرب من المكان».

وأضاف نورس «لقد نجوت بأعجوبة من الحادث الذي اعقبته مواجهات بالاسلحة بين مسلحين مجهولين والقوات الاميركية التي طوقت المكان المحترق بالكامل ومنعتنا من التجول وقد اغلق اصحاب المحال محالهم التجارية خوفا مما قد يحصل خصوصا وقد اشيع عندها وجود سيارة مفخخة اخرى تتجول في بغداد الجديدة ايضا، وقد هربت من المكان وتوجهت الى منطقة اخرى في الكرخ ولن تصدقوا ما حصل». يقول نورس «الذي حصل ايضا يفوق الخيال، فقد حدث ان كنت بالقرب من احد المراكز الخاصة بالمتطوعين وشاءت الصدف ان تكون سيارتي بالقرب لتنفجر سيارة مفخخة اخرى ونجوت بأعجوبة ايضا عندها قررت العودة الى بيتي في بغداد الجديدة. وفي الساعة الواحدة تقريبا انفجرت سيارة اخرى لتنهي اليوم المفخخ من دون موتي، ولكن كان هناك العشرات من الضحايا الابرياء في كل مكان من العراق».

وبسؤاله عن سبب اختياره «الشرق الأوسط» ليروي قصته هذه، أجاب «انتم تجوبون العالم. حاولوا ان تقولوا لهؤلاء ان العراقيين ينجون من الموت كل يوم بأعجوبة. انهم يحاولون الحياة لكن هناك من يتربص لحياتهم.

اريد ان اروي لكل العالم صورة الطفل الصغير الذي تفحم جسده بين الركاب الاخرين في تلك السيارة التي سبقت الموت المتربص لها على بعد خطوات. اريد ان اقول عبركم ان العالم لا يدري حجم مأساتنا، فنحن محتلون وبيننا اناس مفخخون ونمشي على عبوات ناسفة. فأي حياة تلك التي نعيشها؟».

صمت نورس قليلا ثم استطرد وقال والدموع تملأ عينيه السوداوين «لا يمكن لكم ان تروا الموت الا في عيون ذلك الطفل والمرأة الى جانبه ويبدو عليها انها حاولت حمايته لكنها فشلت، فالحريق قتلهما معا الى جانب كل الركاب الاخرين، اضافة الى عمارتين لا ندري حجم الخسائر فيها لحد الان ومنهم الطفل والمرأة والشيخ ومن خرج يبحث عن قوت عياله».

«انا نورس خليل (قالها بصوت عال) احمل كل صحافي يعمل في مطبوعة عربية وليس محلية لان المحليين مغلوبون على امرهم مثلنا ولا أحد يسمع لهم.. احملكم امانة ان تنقلوا ما يجري في العراق.. قولوا كل ما تسمعونه واروا للعالم حجم مأساة العراقيين ولتسمع حكومتنا الجديدة ايضا التي وضعنا فيها كل ثقتنا، فهل ستمنع عنا الموت على الاقل في هذه الفترة؟ وجهوا هذا السؤال الى الحكومة ونحن سننتظر معكم الاجابة، فقد انتهى وقت تقاسم الكراسي وليلتفتوا لنا قبل ان تحصل مقبرة جماعية كبرى في العراق وعندها لن يستطيع احد القول ان صدام حسين ابو المقابر الجماعية لان المقبرة قد كبرت الان!».