المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الازدحام المروري .. ظاهرة تبحث عن حل



فاطمي
05-15-2005, 12:30 AM
1

كتب علي باجي

تعتبر مشكلة الازدحام المروري من الظواهر السلبية التي اصبحت تميز شوارع الكويت خلال السنوات الأخيرة، وقد أدت الزيادة المطردة في عدد السيارات الجديدة وسهولة اقتنائها الى مزيد من تعقيد المشكلة، حيث بلغ عدد السيارات التي تجوب شوارع الكويت اكثر من 200،1 مليون سيارة بينما كانت عام 2003 حوالي 900 الف سيارة وعام 1999 كان عددها 60752 سيارة.

واللافت ان الازدحام المروري يتركز في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية وذات المساحة الجغرافية الصغيرة مثل جليب الشيوخ اذ يبلغ عدد سكانها 210 الاف نسمة تقريباً موزعين على 5،1 كلم 2 تقريبا وهذه الحال تنسحب على مناطق حولي والسالمية والفروانية.

ويؤكد المراقبون ان شبكة الطرق السريعة التي دشنت بداية ومنتصف الثمانينات كانت تعالج وضعاً كان قائما اما الان فلم تعد هذه الطرق تستوعب الزيادة المطردة في عدد البشر والسيارات، لا سيما الطرق التي تخترق المناطق السكنية وتربط بين المحافظات مثل الدائري الرابع والثاني فمشاهدة تعطل السير على هذه الطرقات خاصة فترتي الصباح والمساء اصبحت من المناظر المألوفة.

العاصمة كانت دائما محل جدل حول الاختناقات المرورية التي تشهدها شوارعها وطرقها الرئيسية والفرعية والسبب في ذلك عزاه معظم المهندسين والمواطنين والمهتمين بهذا الشأن الى احتضانها معظم الوزارات والهيئات الحكومية وتركها فيها.

«القبس» تفتح ملف الازدحام المروري، وتسلط الضوء على ابعاده واسبابه المتعددة، وتلتقي بالمواطنين والمسؤولين والاخصائيين لرصد ردود افعالهم ومواقفهم حول هذه الظاهرة. وفي الحلقة الاولى يؤكد المواطنون والوافدون ان الازدحام المروري لا يعزى لسبب واحد، وانما إلى مجموعة عوامل مؤكدين ان معظم مدن ودول العالم تعيش هذا الهاجس لا سيما اكثر الدول تطوراً كاميركا واليابان واوروبا الغربية.

يقول محمد القيسي وهو موظف في شركة لبيع قطع غيار السيارات ومقرها الشويخ انه يواجه يوميا مشاكل مع مديره بسبب الازدحامات المرورية والتي يعتقد ان سببها اخطاء هندسية تراكمية، حيث لم تعالج هذه المشاكل في الثمانينات عندما كانت سهلة وحلولها لا تكلف مبالغ ضخمة كما ان حركة المرور في تلك الفترة لم تكن بهذه الكثافة فأي عملية صيانة لا تربك حركة السير، خلافا لما هو حاصل الآن فالاختناقات المرورية اصبحت سمة تميز مناطق الكويت.

ويضيف «انه عندما يتحدث مع الزبائن الذين يرتادون المؤسسة التي يعمل بها وبعضهم من ادارة المرور والبلدية، حيث يقولون له ان الشويخ يعتبر نقطة ارتكاز اساسية تنطلق منها الازدحامات المرورية» ويشير الى ان كثافة المحلات وتلاصقها بجانب بعضها البعض خلق وضعا مروريا مربكا على حد تعبيره.

نقطة أساسية

ويرى المهندس ناصر الشمري ويعمل في بلدية الكويت ان هناك نقطة اساسية يمكن ان تفسر ظاهرة الاختناقات والازدحامات المرورية، وهي ان الثقافة المرورية لدى بعض السائقين غير موجودة، بسبب تنوع الجنسيات، بالتالي فإن الانضباط المروري ليس شائعا، وتمنى ان تقوم ادارة المرور بحملة توعية وطنية عن طريق وسائل الاعلام المختلفة بضرورة التزام مرتادي الطرق بالقواعد المرورية والتي تنظم حركة المرور.

سلوك

ويظن ان السلوكيات التي تصدر من بعض قائدي المركبات لها دور كبير في المساهمة في زيادة ظاهرة الازدحامات والاختناقات المرورية لا سيما في المناطق القريبة من العاصمة، ويضرب الشمري، بعض الامثلة على السلوكيات السلبية من بعض السائقين مثل تجاوز الاشارة الحمراء والسرعة العالية وعدم الالتزام بالخطوط الارضية.

وعول الشمري على مسألة تعامل الجهات الامنية في التعامل مع من لا يحترمون قواعد المرور، وقال ان الداخلية غير جادة في تطبيق القواعد الصارمة على المخالفين فالاشارات المرورية الحمراء يتم تجاوزها امام مرأى دوريات الشرطة دون ان تحرك ساكنا. واكد ان هذه السلبية من قبل رجال الامن تشجع قائدي المركبات على مخالفة قواعد المرور.

والتقط محمد العوضي الحديث بعد ان انتهى المهندس الشمري ملاحظاته حول سلوكيات السائقين وقال العوضي ان المشكلة المرورية استفحلت ولم تعد الاعذار التي يبديها القائمون على المرور تجدي نفعاً مع التذمر الذي تزداد وتيرته في كل يوم يتعطل فيه السير بإحدى الطرق الرئيسية كالدائريين الرابع والأول.

واضاف العوضي ان المشكلة لا تنحسر في عدم التخطيط السليم والاستراتيجي للطرقات العامة فهذه مسألة مفروغ منها، ولا في اعداد السيارات فهذه ظاهرة على مستوى دول العالم وانما بنسب الوفيات المتصاعدة سنوياً بسبب الحوادث المرورية في مختلف الطرقات الرئيسية والفرعية، مؤكداً ان الاحصائيات تشير الى انها في ازدياد سنويا.

اختناق

وقال العوضي ان الازدحامات والاختناقات المرورية ظاهرةتعاني منها جميع مناطق الكويت بلا استثناء الا ان المناطق القريبة من العاصمة تشعر وبشكل جلي بمعاناة يومية لأن معظم الادارات والقطاعات الحكومية تقع في العاصمة ونواحيها.

إدارات

واقترح ان تنشئ كل الإدارات والقطاعات الخدماتية في الدولة مكاتب خاصة بها في المحافظات الست لتخليص معاملات المواطنين والوافدين حتى تخفف الضغط على طرق العاصمة والمناطق القريبة لها.

يعقب «م .ح» وهو نقيب في وزارة الداخلية قائلاً: ان جميع دول العالم لديها مشاكل مرورية لكن المؤرق والمقلق لدينا هو في نسبة الحوادث المرتفعة بمعدل الوفيات الناجم عن الحوادث المرورية التي تقع خاصة بين فئة الشباب، ويكشف ان حوادث السير تأتي في الاسباب الرئيسية للوفاة في دولة الكويت بعد الأمراض الخطرة والمزمنة، ويرى ان هناك مشكلة اخرى وهي السلوكيات المرورية من قائدي المركبات وهي في حاجة الى آليات للارتقاء من خلال التوعية والثقافة المرورية.

ويضيف ان الحكومة بادرت قبل ثلاث سنوات بمشروع قومي استراتيجي وهو «الحكومة الالكترونية» اي تحويل جميع المعاملات من النظام القرطاسي الورقي الى النظام الالكتروني الآلي، اذ يؤكد ان ذلك يخفف الضغط على الطرقات الرئيسية من قبل مراجعي الإدارات والقطاعات الحكومية في العاصمة وحولي بانجاز المعاملات عن طريق الحواسيب الآلية لا سيما «الكمبيوتر» الذي سيساهم وبشكل فعال في التخفيف من حدة المشاكل المرورية.

الى جانب ذلك قال النقـيب «م.ح» والذي رفض ذكر اسمه واكتفى بالحــروف الأولى ان التخطيط غير سليم للطــرق الرئيسية والســريعة، فالطرق المؤدية للعــاصمة ومناطق حــولي والسالمية وهي المناطــق الحيوية في الكــويت لا تتسع لاكثر من ثــلاث سيـــارات على الرغــم من الضغط الشـديد على هذه الطرق، اضــف الى ذلك ان هــذه الطرق تضيق الى خطين فقط عندما تقترب من المناطق.


أول سيارة


أول سيارة عرفتها الكويت كانت في عام 1912، وهي التي أهداها الشيخ قاسم بن محمد آل ابراهيم الى امير الكويت الراحل الشيخ مبارك الصباح وهي من نوع «مناروا».

أما أول من اقتنى سيارة خاصة من الأهالي فهو الحاج حمد الخالد وهي من نوع فورد وكان يقودها السيد محمد السيد عمر.

وأول من بدأ باجراء الفحوص للمتعلمين على قيادة السيارات هو محمد بن السيد عمر، وهو الذي كان يسلم الناجحين منهم شهادات القيادة.

وكانت الشهادة عبارة عن ورقة صغيرة يكتب عليها اسم الشخص والمهنة وتاريخ اعطائه الشهادة، ويتقاضى مبلغ روبيتين عن كل شهادة، روبية أجرة الفحص والاخرى ثمن الشهادة والمبلغ خاص به لأنه لا ينتمي الى دائرة بل هو نفسه دائرة مستقلة إلى أن تشكلت دائرة البلدية عام 1929.

ü من كتاب «من هنا بدأت الكويت»



الرؤية العالمية لأزمة الازدحام المروري


ان كثيرا من الباحثين والدارسين في جميع مجالات العصر الحديث تتجه انظارهم في الوقت الحالي الى حل ازمة المرور نظرا لتدخل هذه الازمة في جميع اوجه الحياة بشكل او بآخر وعلى سبيل المثال:

1 - الباحث الصيني وانغ يونغ:

كتب الباحث وانغ يونغ ان اكثر من مليوني مركبة في 4/8/2003 حسب العادة المرعية على تجاوز رصيد بكين من المركبات الآلية حيث تساير ركب مدن السيارات في العالم في ظل الاقتصاد الصيني المتزايد بالنمو السريع، وانه كان هناك ثمة توقع بان المركبات المتواجدة في بكين سوف يصل عددها مليوني سيارة في عام 2010 وهذا التوقع من هيئة ادارة المواصلات و الذي اختلف عن الواقع في اغسطس 2003، وحيث سجلت المركبات في حوزة بكين زيادة جديدة تصل الى 240 الفا واليوم اصبحت كل مائة عائلة في المدينة تمتلك 19 مركبة صغيرة، وحسب الاحصاءات سجلت بكين زيادة تصل الى 100 الف سيارة كل اربع سنوات خلال ما قبل 20 عاما وتصل الى العدد نفسه كل سنتين خلال ما قبل 10 سنوات. وبالاحرى فانه وصل عدد الزيادة في عام 2002 الى 276 الفا والى ما يزيد عن 350 الف في عام 2003، ومن هنا كانت توقعات بعض الخبراء بأن النقليات في بكين من المؤكد سوف تصبح مشلولة، والنتيجة عكست التوقعات بفضل احسان بناء بعض الطرقات، ففي نهاية عام 2002 بلغ اجمالي اطوال الطرقات العامة في المدينة 18 الف و759 كم بزيادة ما يقرب من 800 كم قياسا لعام 1997.

فكانت الاسباب لتعرقل الحركة في بكين كالتالي:

أ - السبب الاول: بالمقارنة مع قبل 20 سنة صارت الباصات تمثل 5. 26% من خدمات النقل بعد ان كانت 35% بينما اصبحت السيارات الصغيرة تمثل 2. 23% منها بعد ان كانت تمثل 6% وفي الوقت نفسه 5% لسكك الحديد وفي ضوء هذا رأى اخصائيو المواصلات ان بكين يقطنها اكثر من 10 ملايين نسمة وعلاوة على تزايد مبانيها. ولئن اضيفت السيارات المستوردة والسيارات التي من صنع الصين بعضها الى بعض فان مبلغ النفقات الاجمالي لشرائها في عام 1985 وصل الى 6 اضعاف الاجمالي لمخصصات الاموال الموظفة في بناء طرقات المدينة واعتبارا من عام 2000 ابتدأت بكين بزيادة المخصصات المالية لبناء الطرقات حتى بلغ في عام 2002 تقريبا 7 .10 مليارات يوان.

2 - السبب الثاني: يعود الى نقصان المدينة في تحسين التخطيط الشامل والتفكير المتكامل والترتيب المتلائم والنقص في التقدير الصحيح لتأثير التخطيط المدني في المواصلات.

ج - السبب الثالث: يعود على التشكيلة الاحادية للغاية من خدمات النقليات فسكان بكين ما ان وجدوا الشروط الملائمة لامتلاك السيارات حتى تزاحموا عليها فاصبح اختناق الطرق بالعربات خسارة سنوية تعادل 6 مليارات يوان ولكنه حسن من النمو الاقتصادي فظلت الحكومة المحلية في بكين ولا تزال تبذل جهودا كبيرة في تخفيف انسداد المرور فقد اتخذت قرارا يقضي بفتح طرفي المدينة وتخفيف مركزها وبذلك تضاعف حجم الحركة اكثر من مرتين في طرفيها مما نقل 20% من حجم حركة السير في مركز المدينة الى مشارفها.

2 - تقرير الدكتور خالد عباس (جمهورية مصر العربية):

في جمهورية مصر العربية قال الدكتور خالد عباس الاستاذ المساعد بالمعهد القومي للنقل ضمن حلول كثيرة يقترحها لحل ازمة المرور «اثبت ان هناك مكانا لوقوف سيارتك.. تحصل على رخصة القيادة» هذا النظام المطبق في اليابان.

وقد تناول الدكتور عباس في دراسته اهم المشاكل المرورية التي تعاني منها شوارع العاصمة والتي تتمثل في الاختناقات المرورية التي تؤدي الى تدهور مستوى الخدمة، ومنها تأخر زمن الرحلات للركاب والبضائع وارتفاع تكاليف تشغيل جميع وسائل النقل وشعور مستخدمي الطريق بالتعب والارهاق والتوتر وصعوبة حركة المشاة، سواء في حرم الطريق او عند عبورهم له، اضافة الى اعاقة حركة وصول خدمات الطوارئ في التوقيت المناسب وتدني مستوى خدمة النقل العام حيث اصبحت لا تليق للاستخدام الآدمي، ويرجح الدكتور ان اسباب الازدحام المروري تتعلق بعوامل مرتبطة بالطلب على النقل واخرى مرتبطة بالعرض او الطاقة الاستيعابية لشبكات الطرق، وتأثير الاقتصاد، وقصور التخطيط السليم لاستخدامات الاراضي والتنمية العمرانية.

وهذا استعراض بسيط ومختصر لبعض الابحاث والدراسات بهذا الخصوص وغيرها الكثير.



737 مليون سيارة في العالم


وفق دراسة ألمــانية أعدها معهد متخصص فإن عــدد الســيارات التي تستخدم في العالم بلغ 737 مليون سيارة.

وأوضحت هــذه الدراسة ان عــدد السيارات سيــزيد عام 2008 عما هو عليه الآن بنسبة 16%.



تساؤلات وتأملات


ما هي أسباب الازدحامات والاختناقات المرورية؟ ولماذا تتفاقم مشكلة المرور يوما بعد يوم رغم كل ما نقرؤه وما نسمعه من المسؤولين عن جهود لحل الأزمة؟ هل الخلل في حجم الحركة المرورية أم في تخطيط الطرق أم في سلوكيات السائقين أم في ماذا بالضبط؟ وإذا كانت بعض الحلول تبدو وكأنها الحل الناجع مثل المواصلات العامة والطرق بتطبيق القانون فلماذا لا يتم تطبيق مثل هذا الحل؟