المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جلال المهري الشعب مصاب بكآبة سياسية ولو مارس دوره في الإنتخابات فالفوز للإصلاحيين



هاشم
05-14-2005, 05:53 PM
«الرأي العام»

طهران ـ من أحمد أمين

شعار الموت لأمريكا أصبح قديما ويجب إستبداله

بدأت الثلاثاء الماضي في ايران اجراءات تسجيل مرشحي الانتخابات الرئاسية التاسعة المقرر اجراؤها في 17 يونيو المقبل، على ان تنتهي هذه الاجراءات اليوم.

ورغم ان العديد من المترشحين سيمثلون القوى الاصولية المحافظة، الا ان رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الايرانية ـ الكويتية في البرلمان السابق مساعد النيابة العامة، جلال الموسوي المهري، تكهن في حوار اجرته «الرأي العام» معه بانسحاب معظم هؤلاء المترشحين لمصلحة مرشح واحد هو على الاكثر علي لاريجاني، مستشار القائد الاعلى، المدير السابق لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون «لكونه اثبت انه الاكثر استجابة لاملاءات زعماء اليمين المحافظ، ويمثل رأس حربة لخططهم».

اما في جبهة الفرقاء الاصلاحيين، فيعتقد المهري ان «مهدي كروبي، رئيس البرلمان السابق زعيم رابطة علماء الدين المناضلين الاصلاحية، التي تضم في عضويتها الرئيس محمد خاتمي، ويعتبر المهري من اعضائها ايضا، سينسحب هو والمرشح الاصلاحي الاخر الدكتور مصطفى معين وزير العلوم السابق لمصلحة مير حسين موسوي، رئيس الوزراء السابق في ما إذا استجاب الاخير لمناشدات العديد من القادة، بمن فيهم خاتمي وكروبي، والتيارات السياسية وقبل ترشيح نفسه لهذه المنافسات، خصوصا انه يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة لنجاحه في قيادة الوزارة وتوفير مطالبات الشعب في ظروف الحرب العراقية ـ الايرانية الصعبة».

واكد المهري ان «اداء السلطويين (المحافظين) في الانتخابات البرلمانية السابعة جعل المواطنين يقاسون من كآبة سياسية حالت دون مشاركتهم الفاعلة في تلك الانتخابات»، ولم يستبعد «فوز المحافظين في الانتخابات المرتقبة، بما لديهم من اصوات تقليدية تقدر بنحو 20 في المئة من اصوات الناخبين، في حال بقي الشعب على قراره بمقاطعة الانتخابات جراء ادراكه بان اجهزة غير منتخبة تخضع لسيطرة اليمين المحافظ، تمارس دور القيمومة عليه وتحول دون اجراء الانتخابات بشفافية تامة».

المهري اشار في حديثه مع «الرأي العام» الى العديد من القضايا الداخلية والخارجية، لاسيما الانتخابات الرئاسية المرتقبة والعلاقات الايرانية ـ الاميركية، وهو بكل تأكيد من دعاة التخلي عن شعار «الموت لاميركا» والعمل على استحداث شعارات اخرى موازية، لكنه في الوقت نفسه يرى بأن عودة العلاقات بين طهران وواشنطن «رهن بتخلي الادارة الاميركية عن التعامل مع ايران بطريقة العلاقة بين الذئب والشاة»، ويرفض رفضا قاطعا «مزاعم اميركا في ان ايران بصدد الحصول على سلاح نووي», وفيما يلي نص الحوار:

كما هو معلن، ان القوى الاصلاحية رشحت مهدي كروبي ومصطفى معين لخوض المنافسات الانتخابية المرتقبة، هل هناك مرشحون آخرون لم يتم الاعلان عنهم؟

ــ رشحت القوى الاصلاحية السيدين كروبي ومعين، وكانت تسعى لترشيح مير حسين موسوي رئيس الوزراء السابق، الشخص الذي كان يحظى بثقة الامام الخميني ونجح في ادارة شؤون البلاد على مدى اعوام الحرب العراقية ـ الايرانية، ويعد من افضل الافراد في النظام الاسلامي لما يتمتع به من طاقات وقدرات في الادارة والقضايا السياسية، الا انه ولعوامل عدة، رفض ترشيح نفسه، وان المحاولات مستمرة لاقناعه بالترشح، ومن الطبيعي ان كل المترشحين عن القوى الاصلاحية سينسحبون لصالحه اذا وافق هو على الترشح.

حتى مهدي كروبي؟
ــ كروبي كان شخصيا اصر بقوة ومنذ البداية على السيد موسوي لاجل الترشح لهذه الانتخابات، وانه رشح نفسه بعد ان يئس من استجابة موسوي لهذا الطلب، لذلك من الطبيعي انه يكن الاحترام لموسوي.

اذن احتمال انسحاب كروبي في حال موافقة موسوي على الترشح ، هو احتمال قائم؟
ــ نعم ، وهذا احتمال قوي.

وحتى مصطفى معين؟
ـ نعم ، فقد أعلن معين أنه سينسحب لمصلحة موسوي اذا قبل ترشيح نفسه.

اذا ما هي العوامل الحقيقية التي تجعل موسوي يرفض ترشيح نفسه، رغم ان رئيس الجمهورية وقادة وفعاليات مختلفة ناشدته الترشح لهذه الانتخابات، وهل ان القضايا التي حصلت بينه وبين رئيس الجمهورية آنذاك، القائد الاعلى لايران حاليا، والتي دفعته حينها الى تقديم استقالته من رئاسة الوزراء الا ان طلبه رفض من قبل الامام الخميني، مازالت موجودة ام ان هناك امورا اخرى؟

ـ لاتزال الاحداث السياسية في ذاكرة التاريخ، والخلافات التي كانت بين موسوي ورئيس الجمهورية آنذاك بخصوص كيفية ادارة البلاد لايمكن لاحد نكرانها، لكن الحال اختلفت اليوم، فرئيس الجمهورية السابق يتمتع اليوم بمكانة ومقام رفيع، وكذلك المشاكل التي كانت آنذاك وهي تتعلق بالحرب وادارة الحرب ليست موجودة اليوم، كما ان موسوي رجل ورع جدا ومؤمن بالنظام الاسلامي، لذلك فان المكانة التي رسمها الدستور للقائد تعد محترمة بالنسبة اليه، والاعتقاد أن موسوي يرفض الترشح بسبب قضايا السنوات السابقة هو اعتقاد خاطىء، لكن من المسلم به ان موسوي يعارض حاليا اداء السلطويين (المحافظين) في ادارة شؤون البلاد، أي ان تكون مؤسسة الاذاعة والتلفزيون والسلطة القضائية تحت سلطة تيار سياسي خاص، والبرلمان اليوم تحت نفوذ هذا التيار ايضا، انه يريد المجيء لاجل ان يقدم خدماته لهذه الدولة، وما الفائدة اذا كانت يداه مغلولتين، كما حصل مع خاتمي الذي يعتبر، باستثناء الامام الخميني، الاكثر شعبية في تاريخ النظام الاسلامي، وقد حصل في الانتخابات على 22 ملـيــون صــوت.

لـكـن هــؤلاء السادة تمكنوا من عرقلة معظم برامجه، ولذلك فان موسوي يعتقد أنه اذا تم التعامل معه باسلوب التعامل نفسه مع خاتمي، فانه سيسقط سياسيا وسيلحق الضرر بالبلاد، وهو يرى بانه ليس من الصحيح ان يتصارع الفرقاء، فما هو ذنب الشعب وذنب ايران بحضارتها العريقة ان تصبح ضحية صراعات سياسية بين هذه الجهة وتلك، وهذه هي دلائل عدم قبوله الترشح، وطبعا ربما قد يكون مازال بينه وبين القائد اختلافات في وجهات النظر بخصوص طريقة ادارة البلاد، لكن هذه الاختلافات ستكون في الرؤية ولن تنعكس على مستوى الواقع العملي، لانه يعتقد بان القائد في قمة الهرم والواجب يحتم احترامه وتحقيق وجهات نظره، وربما يستطيع تبيان آرائه بالصورة التي تضمن له تأييد القائد الاعلى.

ان الاجهزة الخاضعة لسيطرة من تسمونهم بالسلطويين ، يتم انتخاب رؤسائها من قبل القائد الاعلى مباشرة، ومنذ سنوات والانتخاب محصور بالمحافظين, كيف يمكن ايجاد تغيير في هذه الاجهزة لتصبح بيد الاصلاحيين؟
ـ نحن لانتوقع من القائد اقالة من عينهم في هذه الاجهزة أو ان يعين بدلا منهم افرادا من التيار الاصلاحي، ولكن توقعنا ان يعمل هؤلاء الافراد وفقا للمهام والمسؤوليات المناطة بهم والا يكون للانتماءات الفئوية تأثير على مهامهم، واقول لكم بان رئيس السلطة القضائية (محمود هاشمي شاهرودي) ادرك اليوم، وبعد مضي 6 سنوات على تعيينه رئيسا لهذه السلطة، الحقائق التي لم يكن قد انتبه لها سابقا، أو انه لم تتوافر له ارضيات استقرائها، ومنها ماقاله رئيس السلطة القضائية اخيرا في ملتقى المدعين العامين في البلاد من انه ليس من حق قوى الامن الداخلي أو أي جهة اخرى اعتقال الاشخاص واستجوابهم الا بمذكرة قضائية .

ولذلك ان ترك العنان لهؤلاء تسبب في وقوع حوادث، كما حصل في قضية الصحافية زهراء كاظمي، وما نتوقعه نحن ان يدرك المسؤولون هذه الحقائق، واليوم، فإن مواقف رئيس السلطة القضائية هي مواقف ممتازة من دون ان يحصل تغيير في رئيس السلطة نفسه، اننا ننظر إلى الرؤى والمواقف وليس للاشخاص، رئيس السلطة القضائية كان عالم دين مجتهداً واليوم هو مجتهد ايضاً، وكان يتمتع بفكر خلاق، لكنه اليوم ادرك حقائق كان المجتمع الايراني المسلم الثوري يأمل في ان يدركها منذ البداية، وهذا الامر ايضا يصدق على مجلس الرقابة الدستورية، نحن نتوقع من هذا المجلس إدراك الواقع، والا يكتفي هو بمفرده بتشخيص اهلية المترشحين للانتخابات فيرفض بعض المترشحين لاسباب فئوية، ويقول انني لن اسمح لفلان بالمشاركة في الانتخابات، فهذا يعني انه يتخذ القرار نيابة عن الشعب، وهذا غير صحيح، ولاحظوا ان مجلس الرقابة يصل الى مستوى ان سماحة القائد الاعلى يؤكد (في الانتخابات البرلمانية السابعة في فبراير2004) على ان النواب البرلمانيين الذين سبق وتمت المصادقة على اهليتهم وترشحوا للانتخابات البرلمانية السابعة ليسوا بحاجة الى اعادة النظر في اهليتهم ويسمح لهم بالترشح مباشرة، لكن هذا المجلس يصر على رفض اهليتهم مخالفا بذلك قرارات القائد الاعلى.

لكن هذا المجلس يؤكد انه مطيع لتوصيات واوامر القائد؟
ـ هذا صحيح، فمجلس الرقابة منسوب للقائد ويزعم انه يؤيد القائد بشدة ويستجيب لاوامره، لذلك انا اعتقد أن مجلس الرقابة يجب ان يفعل مايقول، وان يكون منقادا لوجهات نظر الولي الفقيه، وفي الحالة المذكورة بيّن انه ليس منقادا لوجهات نظر الولي الفقيه، بل انه يتبع وجهات نظره الخاصة ووجهات نظر تياره السياسي.

يعني انكم تطالبون الاجهزة الخاضعة لسيطرة المحافظين بالعمل وفقا لمبادىء وروح الدستور وليس لما تمليه عليهم انتماءاتهم الفئوية؟
ـ نحن نعتبر الدستور ميثاقنا الوطني، وهو المظلة التي اجتمعنا كلنا تحتها، وليس من حق أي جهة ان تسلب من الاخرين ما اقره الدستور لهم، ومن حق أي ايراني ان يترشح للانتخابات، والدستور اوضح لمجلس الرقابة الدستور حدود المؤهلات التي يجب على المترشح حيازتها لتتم المصادقة على اهليته، وانا في كلمة تحت قبة البرلمان السابق ذكرت أن مجلس الرقابة يصادق على اهلية شخص سجن لعامين ونصف العام في حين يرفض المصادقة على اهلية امام جمعة كان القائد الاعلى هو الذي اختاره لهذا المنصب، وهذه المواقف لاتعبر سوى عن تفكير واسلوب فئوي في التعامل مع القضايا.

اشرتم الى زهراء كاظمي، بعض المنظمات الدولية والحكومة الكندية تعتقد أنه تم تسطيح حادث مقتل هذه الصحافية، باعتبارك احد المسؤولين في السلطة القضائية كيف تنظر لهذا الملف، هل فعلا تم تسطيحه؟
ـ انا ارفض مواقف الحكومة الكندية، فهذه الحكومة ورغم اقدام الشرطة الكندية على قتل احد الرعايا الايرانيين، ترفض اعطاء التوضيحات، والمنظمات الدولية لاتعير اهمية لهذا الحادث لكون الحكومة الكندية عميلة لاميركا، وان كندا تفعل هذه الامور لكسب رضا اميركا، لكن هذا لايعني ان ملف زهراء كاظمي قطع مساراته القضائية، فانا كقاض اعتقد ان هذا الملف اصبح ملفا دوليا، وكان يجب البت فيه بشفافية أكثر وبحضور المراسلين ومعاقبة المخطىء مهما كان منصبه، وفي ما اذا كان عضوا في النظام أو شخصا آخر، فالمخطىء يجب ان يعاقب، لذلك انا اعتقد أن هناك بقية من عظم وسط الجرح (مثل فارسي) في هذا الملف.

لم نفهم من هو المذنب في هذا الملف؟
ـ هذا هو الموضوع المهم، نحن يجب ان نقول للعالم: اما ان زهراء كاظمي كانت تستحق الاعدام وانه تم اعدامها، واما انها كانت مذنبة وتوفيت خلال تنفيذ العقوبة بها، او انها توفيت جراء اعتداء وقع عليها من قبل آخرين، وهذا الاعتداء اما ان يعتبر قتلا متعمدا لذلك يجب معاقبة القاتل أو قتل غير متعمد فيجب هنا ايضا تحديد القاتل ومن ثم دفع الدية لذوي المجني عليها، أي يجب ان يفهم الوجدان العالمي ماحصل، ومالذي اقترفته زهراء كاظمي ولم قتلت أو لم توفيت، ومن هو المسؤول عن ذلك.

نعود للانتخابات، 18 تنظيما اصلاحيا والمعروفة بقوى الثاني من خرداد رشحت مصطفى معين لخوض المنافسات الرئاسية، في حين رشحت رابطة علماء الدين الاصلاحية مهدي كروبي، هل هذا يعني وجود اختلافات بين القوى الاصلاحية في ايران؟

ــ ان هذا المقدار من الاختلاف موجود حتى في اعضاء العائلة الواحدة, يجب الا نعتقد انه يجب الاتفاق على شخص واحد في تيار سياسي، لانه اذا حصل ذلك فانه سيكون على غرار الاتحاد السوفياتي السابق أو كما يحصل حاليا في بعض الدول التي لا ارغب الاشارة لاسمائها، شخص واحد يترشح والجميع يصوتون لمصلحته, لن تكون هناك منافسة في ظل حضور مترشح واحد، واعتقد بأنه يجب ان ينفرز عدد من المترشحين عن تيار الاصلاحات أو تيار المحافظين، لكي يتمكن الشعب عبر عملية اقتراع حرة من انتخاب الشخص الذي يتناسب مع استنتاجاتهم الخاصة في شأن قدراته الادارية، وهذا من الحقوق الطبيعية للشعب، ونرى انه يجب احترام هذا الحق من خلال تعدد المترشحين.

بعد الازمات التي تحدث الرئيس خاتمي عن مواجهتها في عهده الرئاسي الاول، وماذكره انصاره الاصلاحيون عن العوائق التي وضعها المحافظون امام برامجه وبرامج البرلمان السادس الذي كان يخضع للاصلاحيين ايضا، وما افرزته قرارات مجلس الرقابة الدستورية في رفض اهلـيـة الـمـئـات من المترشحين الاصلاحيين للانتخابات البرلمانية السابعة من تداعيات، جعلت قطاعات من الشعب تعتقد بعدم جدوى المشاركة في انتخابات طالما ان اجهزة يمينية غير منتخبة هي التي تنتخب نيابة عنهم وهي التي تعرقل تحقيق خطط الاصلاح، لذلك وفي ظل هذه التداعيات هل تعتقد ان ماحصل من مقاطعة للانتخابات البرلمانية السابقة سيتكرر مع الانتخابات الرئاسية المرتقبة؟

ــ اعتقد بان النصر سيكون اليوم ايضا حليف الاصلاحيين فقط في حال شارك الشعب بالانتخابات، لكن وكما تفضلت ان هؤلاء السادة (المحافظين) اتخذوا الاجراءات التي تسببت في اصابة الشعب بالكآبة السياسية، أي ان الشعب بدأ يعتقد ان تصويته أو عدم تصويته اصبح سواسية، ويقول المواطنون اننا صوتنا بنحو 20 مليون صوت لمصلحة خاتمي في عهده الرئاسي الاول ونحو 22 مليون صوت في عهده الرئاسي الثاني وكان لنا حضور فاعل في انتخابات البرلمان السادس، لكن السادة عملوا على عرقلة برامج رئيس الجمهورية الذي يعتبره الدستور الرجل الثاني في البلاد، بعد القائد الاعلى، وانه وفقا للمادة 113 من الدستور من حق رئيس الجمهورية اصدار التنبيه الى كل الاشخاص واجهزة النظام ويطلب منهم اداء المهام المنوطة بهم في شكل افضل، لكننا رأينا انه لا السلطة القضائية استجابت آنذاك إلى تنبيهاته ولا مؤسسة الاذاعة والتلفزيون اعارت اذنا صاغية إلى هذه التنبيهات ولا الاجهزة الاخرى المشابهة، وذريعتهم كانت انهم تحت اشراف القائد الاعلى.

في حين ان القائد نفسه اعطى للبرلمان السادس حق التحقيق والتحري في هذه الاجهزة، لكنهم هنا ايضا حالوا دون وصول التحقيق الى نتائج نهائية، اذ في خاتمة هذه الاجراءات يحولها البرلمان الى السلطة القضائية لمساءلة المخالفين والمقصرين، ولكن الملفات ما ان وصلت الى الاجهزة القضائية حتى تم ركنها على الرفوف، اصيب المواطنون بكآبة سياسية، واثبت التاريخ ان مثل هذه التطورات تعتبر الاخطر في تاريخ الشعب الايراني, فالشعب الايراني اصيب بالاحباط حينما رأى ان المسار الذي كان يجمع آية الله كاشاني والمرحوم مصدق قد تفرع الى مسارين، واننا الان في مواجهة اوضاع مشابهة لما حصل في عهد كاشاني ومصدق، اذ لزم افراد الشعب بيوتهم، ما تسبب في سقوط حكومة مصدق وانزوى كاشاني في بيته، واحكم عملاء بهلوي قبضتهم على الامور وعاملوا الشعب بطريقة مرفوضة، ولا اريد القول ان الامور اليوم هي بنفس تلك الشدة، لكنني اعتقد أن الطريق التي اختارها السادة ممكن ان توصلنا خلال فترة زمنية قصيرة الى نفس ماحصل في السنوات السابقة، ونتوقع من السادة ان يدركوا الواقع ويحترموا الامة، وانه لاجل صيانة النظام الاسلامي، حيث قال الامام الخميني ان صيانته اكثر وجوبا من الصلاة، وتحقيق رضا الشعب، يجب ان يترفع هؤلاء السادة عن الرؤية السياسية الضيقة.

مع هذه الكآبة السياسية، هل تعتقد أن كروبي سيتمكن من الخروج فائزا من هذه المنافسات، لاسيما ان له تجربة مرة في الانتخابات البرلمانية السابعة، وحتى لو فاز، هل بامكانه تغيير هذا الواقع الذي عجز خاتمي عن تغييره؟

ـ هناك تباين في اداء وسلائق كروبي وخاتمي, فخاتمي رجل منطق بمعنى الكلمة، أي انه لايخوض في السجالات السياسية الداخلية، واعتقد أنكم تتذكرون كيف ان خاتمي في مطلع عهده الرئاسي ناشد المواطنين بعدم اطلاق الشعارات السلبية كشعار «الموت لاميركا»، أي انكم قولوا ماشئتم، قولوا «يحيا الاسلام»، «يحيا القرآن» و«تحيا الجمهورية الاسلامية»، ولكن لاترفعوا «شعارات الموت»، وهذه هي الرؤية السياسية لخاتمي، اما كروبي، فهو في العمل السياسي رجل تحد، واذا تتذكرون حينما اعتقلت الاجهزة القضائية النائب عن اهالي همدان السيد لقمانيان، فان كروبي اعلن بانه لن يجلس خلف منصة الرئاسة في البرلمان مادام لقمانيان في التوقيف، وان المحافظين المتشددين في هذه القضايا اجبروا على الافراج عن هذا النائب.

وفي قضية الاستاذ الجامعي هاشم آقا جاري، الذي اتحفظ على طبيعة افكاره، لكنني في الوقت نفسه اعتقد بان المناقشات الجامعية تختلف عن المناقشات في اماكن اخرى، اذ بامكان الاستاذ الجامعي التعبير عن وجهات نظره وقد يتم القبول بافكاره أو رفضها، وان الرد على افكاره يكون من جانب نظيره الاستاذ الجامعي، فالمنطق يرد عليه بالمنطق، وعلى أي حال فهو تحدث بشيء وانا ارفض ماقاله، لكن ماقاله لايستحق الاعدام، وكما ترون حاليا انه لم يعدم، في هذه القضية اتخذ كروبي موقفا محددا ووقف بصلابة، ودافع عن آقا جاري تحت قبة البرلمان وفي مواقفه السياسية الصريحة، واليوم ترون آقا جاري حرا طليقا وقد تم ابطال حكم الاعدام والافراج عنه بعد انتهاء مدة محكوميته، ولولا مواقف كروبي والاصدقاء الاخرين لاصبحت قضية آقا جاري ، حسب اعتقادي، نقطة سوداء في تاريخ النظام الاسلامي، حيث سيقال ان استاذا جامعيا اعدم لكونه عبر عن وجهات نظره، لذلك فان لكروبي اسلوبه الخاص في الادارة .

والسادة يعرفون كروبي جيدا ، فهو كان رفيق الامام الخميني منذ انطلاق الشرارات الاولى للثورة الاسلامية، وهو يمتلك ذاكرة قوية جدا، إذ لايزال يتذكر كل مجريات واحداث الثورة، وعقله يعمل كالحاسوب، ويعرف متى قال السادة نعم ومتى قالوا كلا، يستطيع لو استوجبت الضرورة الكشف عن تناقضات السادة، وان يضع بين ايديهم كيفية ادائهم في هذه القضية أو تلك، وكيف ان تغيرا بمقدار 180 درجة حصل اليوم في موقفهم حيال قضية ما.

يعني انه رجل تحد، واتذكر انه خاطب امين مجلس الرقابة الدستورية احمد جنتي خلال المنافسات البرلمانية السابعة بالقول: كنت بالامس تتهم آية الله السيستاني بالعمالة للبريطانيين، واليوم تثني عليه؟

ـ نعم هذا صحيح، والعياذ بالله.
لكن هناك مؤاخذات من قبل قوى اصلاحية ازاء كروبي، خصوصا في قضية الاعتصام الذي حصل في البرلمان في الانتخابات السابعة على اثر موقف مجلس الرقابة الدستورية، ويزعم هؤلاء ان موقفه كان ضعيفا حيال مطالبات الاصلاحيين، هل هذا صحيح؟ ام ان ذلك يعبر عن توجهات لخطوط راديكالية في هذا التيار؟

ـ ان المعضلة الاساسية في ايران هو وجود عناصر راديكالية تسبب في حصول ازمات ومشاكل, فالراديكاليون من الجانب الاخر يتهمون استاذا جامعيا بالارتداد بسبب وجهات نظره ويحكمون عليه بالموت، وفي اوساط الاصلاحيين يوجد راديكاليون لايقبلون حتى بالصلاحيات التي حددها الدستور للقائد الاعلى، والسيد كروبي يؤمن بالدستور من باء بسم الله الى تاء تمت، ولذلك فانه من الطبيعي ان ترى السيد كروبي وهو العنصر الاصلاحي الذي يرفض المساومة مع المحافظين، ان يحترم الحقوق القانونية لفرقائه من اليمين المحافظ، ونحن لماذا نرفض قبول المحافظين؟ ذلك لانهم يعتقدون أن كل شيء في هذه البلاد يعود لهم، يعتقدون ان النظام الاسلامي هو نظامهم والحكومة حكومتهم وكل الصلاحيات لهم وحدهم ويعتقدون في شكل ما بقيموميتهم على الشعب، ونحن نرفض القيمومية.

وحينما نرفض قيموميتهم هل يحق لنا ان نكون نحن قيمين على المواطنين؟ الشعب ليس بحاجة للقيمومية، ان الشعب بعد انتصار الثورة نهل من افكار الامام الخميني الذي كان يقول انني خادم هذا الشعب ولاتخاطبوني بالقائد، فانا اقوم بخدمة هذا الشعب، هذه هي ادبيات الثورة، وهي بالطبع من ادبيات الدين الاسلامي الحنيف، اذ لم نعرف عن النبي الاكرم (ص) انه كان يتمتع بامتيازات خاصة ولا امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) كانت عنده امتيازات خاصة، ولايمـكـن ان تــجــد في سيرة امير المؤمنين ولانقطة واحدة تبين بأنه حصل على امتياز لنفسه، بل كان اسلوب معيشته ابسط من عوام الناس وحتى كان يرتدي الملابس الاقل قيمة من ملابس خادمه، وان مسؤولية امارة المسلمين القاها على عاتقه الله ورسوله.
ترشحت اسماء عدة عن المجلس التنسيقي لقوى الثورة الاسلامية المحافظ، هل تمتلك هذه الوجوه قاعدة جماهيرية وكفاءة لازمة، وهل ستحقق النصر على فرقائها في التيار الاصلاحي؟

ـ هناك امران، اما ان يشارك المواطنون في عمليات الاقتراع، او ان يحصل ما حصل في الانتخابات البرلمانية السابعة وانتخابات المجالس البلدية، أي ان تقاطع قطاعات واسعة العملية الانتخابــيـة، وتـــشارك فيهـــا شــريــحـــة خاصة فقط.

تعني الاصوات التقليدية للمحافظين؟
ـ نعم صحيح, اما اذا شارك الشعب فان الحظ سوف لن يحالف المحافظين مطلقا، لكون الشعب لايؤمن بأن هذا التيار السياسي يمتلك مؤهلات ادارة شؤون البلاد، وان ناطق نوري (رئيس البرلمان السابق احد ابرز قادة التيار المحافظ) هزم في انتخابات الرئاسة (1997) رغم الدعم الكبير الذي وفرته له القوى والاجهزة الخاضعة لسيطرة المحافظين، اما اذا تمسك المواطنون بموقف المقاطعة، وانا اشعر بالاسف لهذا الموقف لانه يعود بالضرر عليهم، فان المقاطعة ستفرز النتائج نفسها التي تمخضت عنها انتخابات البرلمان السابع، أي فوز المحافظين بالاصوات التقليدية نفسها التي لاتقبل الزيادة، وهي الاصوات نفسها التي صوتت عام 1997 لمصلحة ناطق نوري، وطبعا ليس المهم في الوسط المحافظ كفاءة المرشحين، بل ان المرشح الذي يحظى بالتأييد هو ذلك الذي ينصاع اكثر لاملاءات هذا التيار، ان يفعل كل مايطلب منه، أي في الحقيقة انهم يريدونه ساعيا لهم لا رئيسا للجمهورية.

يقال ان رئيس البرلمان غلام علي حداد عادل تقدم بمقترح يقضي بانسحاب معظم المترشحين المحافظين لمصلحة مرشح واحد فقط، وقد اعلن احمد توكلي الذي نافس خاتمي في الانتخابات السابقة انسحابه، ام ان الحال ستبقى كما هي عليه أي وجود عدة مترشحين محافظين؟

ـ كلا بالتأكيد، انهم في نهاية المطاف سيجمعون على مترشح واحد، لان الامر المهم بالنسبة اليهم هو عدم توزع اصواتهم التقليدية، وانما جمعها في بوتقة مرشح واحد، ومايفعلونه الان هو مناورة لالهاء الشعب ومنحهم الامل، معتقدين ان الشعب سيصدق هذا الامر وسيحضر عند صناديق الاقتراع، وهم سيقدمون مرشحين عدة لكنهم في الاسبوع الاخير سيجمعون على واحد فقط.

وعلى من سيراهن المحافظون؟
ـ هؤلاء اجمعوا على علي لاريجاني، وهذا الاجماع حصل على حساب اختلافات واضحة بينهم، لان لاريجاني (المدير السابق لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون) سعى على مدى عهدين رئاسيين لخاتمي الى خلق صورة سيئة جدا عن خاتمي لاجل ان يحظى بقبول هؤلاء السادة، كان رأس حربة لهم، وهو بالنسبة اليهم جندي مناسب، وطبعا سيقومون بعملية غربلة لمرشحيهم، فهم الان بدأوا يشككون بأصل احد هؤلاء المرشحين ويقولون انه ليس من اصول ايرانية وانما متحدر من كرجستان.



http://www.alraialaam.com/14-05-2005/ie5/international.htm#01

هاشم
05-14-2005, 05:55 PM
ماذا عن اكبر هاشمي رفسنجاني، هل يرغب حقا في منصب رئاسة الجمهورية؟ وهل سيتمكن من حصد الاصوات لمصلحته؟ ام انه لن يرشح نفسه خشية تكرار الهزيمة التي تعرض لها في الانتخابات البرلمانية السادسة؟ ام انه وكما قال شخصيا بانه يرغب اكثر في ترشح وجوه جديدة؟

ـ اعتقد بان رفسنجاني يرغب بشدة في المشاركة في انتخابات رئاسة الجمهورية، وهناك تباين كبير بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية, ففي البرلمان يعتبر اللون الواحد والاكثرية امراً مهماً، وفي طهران يتم التصويت في الانتخابات البرلمانية لمصلحة تيار سياسي واحد، وحينما دخل الاصلاحيون بقوة معترك المنافسات البرلمانية لم يبق أي نصيب لفوز رفسنجاني لاسيما ان التكتل الذي رشحه لهذه الانتخابات ضم مجموعات محافظة لم يكن لها نصيب بالفوز، لذلك ماكان لرفسنجاني ان يتوقع الفوز في البرلمان السادس، كما هو الحال مع كروبي الذي ماكان له ان يتوقع تحقيق الفوز في البرلمان السابع، اما الانتخابات الرئاسية فهي غير محصورة بطهران وحدها بل بكل البلاد، وفي طهران ينظرون لرئيس الجمهورية نظرة خاصة، اذ للسيد رفسنجاني تجارب في عهدين رئاسيين وله تاريخ سياسي حافل ويعتبر من ابرز الوجوه في السياسة الايرانية، كما انه سينال ثقة الشعب اذا رشح نفسه، ولايمكن المقارنة بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ففي الانتخابات البرلمانية يصوت اهالي طهران لمصلحة 30 مترشحا من قائمة المحافظين أو قائمة الاصلاحيين، اما في الانتخابات الرئاسية فان التصويت سيكون لمصلحة مترشح واحد، والمواطنون يصوتون للشخص الذي يعرفون تاريخه وعلى بينة من كفاءاته، والسيد رفسنجاني شخصية معروفة في اوساط الشعب.

يوصف رفسنجاني بأنه واضع اللبنة الاولى للاصلاحات في ايران، هل تقبلون هذا التصنيف؟ ام انكم ترونه اقرب الى المحافظين منكم انتم الاصلاحيون؟

ـ لايوجد تطابق من حيث العقلية السياسية بين رفسنجاني والمحافظين، ويمكن ان نصفه بانه شخصية يسارية وان افكاره هي اقرب الى الاصلاحيين من المحافظين، وان المحافظين منعوا دخول رفسنجاني الى المدرسة الفيضية في قم بعد انتصار الثورة، زاعمين وجود منجل ومطرقة تحت عمامة هذا الشيخ (شعار الحزب الشيوعي)، وحاشاه من هذا الوصف، لكنهم قالوا هذا الشيء وكانوا يعتقدون بعدم السماح لرفسنجاني بالحضور في المدرسة الفيضية، ولكنهم اخفقوا في حذفه لكونه احد افضل رموز الثورة الاسلامية، ولا يوجد شك بان لرفسنجاني دورا في الحركة الاصلاحية في ايران، وقد خاطب الجهات المشرفة على انتخابات 1997(فاز فيها محمد خاتمي) بضرورة صون اصوات الناخبين لانها بمثابة امانة في اعناق هذه الجهات، كما انه حضر شخصيا في لجنة الانتخابات ليبين مدى اهمية هذه الانتخابات ولقراءته الصحيحة لنتائجها وسعيه إلى عدم حصول تلاعب في هذه النتائج.

ابرز نقاط الضعف في حكومتي رفسنجاني وخاتمي؟
ـ حكومة الشيخ رفسنجاني بدأت عهدها في اعقاب وقف الحرب، وواجهت مشكلة اعادة اعمار المدن التي لحقت بها اضرار جسيمة جراء الحرب، ولم يكن اعادة الاعمار بالمهمة اليسيرة, من جانب آخر كان الاستكبار العالمي مازال يفرض العقوبات والحظر الاقتصادي الشديد على ايران، لذلك لم ينجح رفسنجاني في اداء ما القي على عاتقه من مهام لاعادة الاعمار، ولكن هذا لايعني انه لم يعمل بل عمل, بيد ان الذي كان متوقعا منه لم يتحقق، والقضية الاخرى التي حصلت في عهده هي خصخصة بعض الشركات الحكومية، وهناك احاديث طويلة في شأن كيفية نقل ملكية هذه الشركات الى القطاع الخاص، وصحيح انه لاصلة لرفسنجاني بما حصل، لكن ماكان متوقعا منه بصفته رئيسا للجمهورية ان يمارس دوره في الاشراف على هذه الاجراءات، واليوم اذا رشح نفسه للانتخابات الرئاسية فانه ومع مالديه من تجارب الماضي سوف لن يكرر ماحصل سابقا.

الم يكن عهد رفسنجاني يمتاز بالانسداد السياسي؟
ـ تطور العملية السياسية في ايران، وبخاصة في عهد رفسنجاني الذي اعقب الحرب مع العراق، لم يكن بالقضية السهلة، فمجاميع المقاتلين الذين عادوا من الجبهات كانوا مازالوا يتذكرون كيف فقد اخوتهم حياتهم في تلك الحرب، وكانت قضايا الحرب مازالت مسيطرة على الساحة، لذلك لم يكن في مقدور رفسنجاني ان يفتح باب العملية السياسية على مصراعيه في ظل ظروف كهذه، وان الانفتاح السياسي الذي حصل في عهد خاتمي جاء بعد مضي 8 سنوات على حكومة رفسنجاني، وطبعا هناك ملاحظات اخرى، الا انني نزولا عند طلبكم ذكرت ابرز نقاط الضعف.

اما في حكومة خاتمي، فكان توقع الشعب منه ان يتمسك بشعاراته ويكون في مقدمة المدافعين عن هذه الشعارات والبرامج التي تعهد للشعب بتنفيذها، وان يكون على استعداد للموت في سبيل هذه الشعارات والا يسمح لاحد بالنيل منها الا بعد المرور على جسده والا يتساهل في تحقيق الحرية والاصلاحات، وطبعا، فان السيد خاتمي هو اصدق الناس واكثرهم شفافية وافضل عقلية سياسية في ايران، وهو ليس رجل مصادمات بل رجل سلام وحوار، فهو يدعو العالم للحوار وان المجتمع الدولي يعتبره داعية سلام وحوار الحضارات ويستمع له قادة العالم ويصفق له الرئيس الاميركي جورج بوش، لذلك فانه وبما تمتاز به شخصيته لايستطيع ان يكون رجل مصادمات ، هذه هي نقطة ضعف خاتمي من وجهة نظر الشعب، اما انا فاعتبر ذلك نقطة قوة في شخصيته.

لمن تعتقد سيصوت المواطنون اكثر، لرجل معمم كالشيخ كروبي ام لاكاديمي كالدكتور معين؟ أي هل لايزال المجتمع الايراني يبجل رجال الدين؟

ـ الشعب الايراني شعب متدين ويحترم رجال الدين، لكن الاداء السياسي لرجال الدين هو الملاك في هذه القضية، فلو افترضنا ان السيد احمد جنتي (امين مجلس الرقابة الدستورية) رشح نفسه للانتخابات الرئاسية، وطبعا ان مكانته وموقعه رفيعان، بيد ان الشعب لن يصوت لمصلحته، ذلك لان المواقف السياسية لهؤلاء الاشخاص وتصرفاتهم مهمة ومؤثرة في العملية الانتخابية، والسيد كروبي يتمتع بمكانة مرموقة وهو رجل اكاديمي الى جانب كونه عالم دين، وقد حصل على شهادة جامعية قبل انتصار الثورة بسنوات، لذلك هو ليس ببعيد عن الجامعة والعلوم الاكاديمية، وحينما نضع شخصيته العلمائية الاكاديمية الى جانب شخصيته السياسية الشفافة، فانني ارجح ان التصويت سيكون لمصلحته.

النائبة الاصلاحية السابقة الهة كولائي اشارت اخيرا الى عدم جدوى شعار «الموت لاميركا», هل تعتقدون انتم انه مازالت هناك جدوى من هذا الشعار، ام انه يجب التخلي عنه في ظل المتغيرات الدولية والاقليمية؟

ـ ما سأتحدث به لايعني انني اعتقد بأن اميركا اصبحت حسنة وتخلت عن سياساتها، فاميركا مازالت تفكر في الهيمنة على شعوب العالم وفرض اراداتها على الاخرين، واستباحت العراق وافغانستان وايدت المؤامرة التي حصلت اخيرا في فنزويلا، ومازالت تمارس الضغوط على الشعب الكوبي، وكان اداؤها سيئا مع كوريا الشمالية وسورية وايران، وهذا ما اعتقده في شأن اميركا، لكنني اعتقد في الوقت نفسه ان للشعار سقفا زمنيا وفترة صلاحية، وان السقف الزمني لمثل هذه الشعارات قد انقضى.

والشعار هو عمل حماسي وانه يفقد جاذبيته حينما يتم تكراره بكثرة، واذا كان الانسان بحاجة الى الشعارات فمن الاولى ان يبحث عن شعارات جديدة، شعارات موازية لهذا الشعار لكنها جديدة، شعارت تواكب روح العصر، واميركا نفسها، التي وصفها الامام الخميني بـ«الشيطان الاكبر»، وان الصحف الاميركية هي ايضا استخدمت هذه التسمية، اخذت تغير في شعاراتها ونراها اليوم تستخدم الشعارات التي سبق وان اطلقناها نحن في شأنها، فاخذت تتهمنا بدعم الارهاب والتدخل في شؤون الاخرين، وهي بذلك تحاول استغفال الشعوب من خلال شعارات براقة كالدفاع عن الحريات والديموقراطية ومكافحة الارهاب، انها تأخذ مستجدات المرحلة بنظر الاعتبار وتأتي كل يوم بقضية جديدة اذ لم تعد الشعارات والقضايا القديمة تفيدها أو تحقق لها اغراضها.

ولو استشرفنا خطاب الرؤساء الاميركيين حيال ايران للمسنا وجود تباين في طبيعة هذ الخطاب، ذلك لانهم يدرسون مايتطلع اليه المجتمع الدولي، ورغم انهم بصدد بسط هيمنتهم على شعوب العالم الا انهم لايريدون ان يكونوا معزولين عن العالم، انهم اقدموا على تغيير شعاراتهم لكن حقيقة سلوكياتهم بقيت نفسها وتم تزويقها بشعارات براقة، وانا ارى بان هذه الشعارات هي ليست من صميم الدين والمذهب، اذن يمكن المجيء بشعارات جديدة، وان السيد الخاتمي اطلق شعارا وهذا الشعار لاقى صدى في كل ارجاء العالم، حينما قال: «عاش من يعارضني»، العالم كله رحب بهذا الشعار، وان شعارات كهذه (الموت لاميركا) اصبحت صلاحيتها منتهية.

هل هناك مجال لاستئناف العلاقات الايرانية ـ الاميركية؟
ـ انا اشرت الى ان الاميركيين لايخططون ليومهم، وهم مازالوا يحملون النزعات السلطوية والاستكبارية نفسها، لكنهم يدركون بانهم لو نجحوا في عرض ايران على اساس انها احدى دول محور الشر فانهم سيتخذون الخطوات المتناسبة مع محور الشر، لكن اذا اخفقوا في ذلك فانهم سيعدلون عن سياستهم، وفي قضية الملف النووي الايراني لم تجد التهديدات والاتهامات الاميركية لايران نفعا، لذلك نرى ان واشنطن تراجعت وصرحت بانها ستوافق على مايقرره الاوروبيون بعد ان كانت تصر على احالة الملف النووي الايراني الى مجلس الامن.

وكلنا يتذكر الشعار الذي اطلقه الامام وهو شعار وجداني وليس حماسياً حين قال بانه مادامت علاقتنا مع اميركا قائمة على اساس العلاقة بين الذئب والشاة فانه لامعنى لاستئناف العلاقات، أي يجب على اميركا الاذعان بحقنا في الاستقلال السياسي والعلمي والاقتصادي، ونحن لم نقل ابدا باننا غير مستعدين للاعتراف باميركا، بل قلنا وسنبقى نقول بان الكيان الوحيد الذي لن نعترف به هو اسرائيل، ونحن على استعداد لاقامة العلاقات مع اميركا شريطة ان تغير الادارة الاميركية نظرتها وسياساتها حيال ايران، وطبعا لابد من الاشارة انه سبق وان توافرت فرص لاعادة العلاقات وبسهولة مع اميركا الا ان بعض المحسوبين على السياسة في ايران وهم لايعون من السياسة غير التحجر والرجعية، لم يسمحوا بذلك، وفي الوقت الراهن يوجد جناح مشابه لهذا الجناح في الولايات المتحدة الاميركية، انهم المحافظون الجدد، هؤلاء هم رجعيون ايضا، وهم يعتقدون انه مادامت ايران كانت في يوم ما تخضع للهيمنة الاميركية لذلك فمحتم عليها العودة لاحضان اميركا، وهؤلاء حمقى لان مثل هذا الامر محال ان يتكرر ثانية، والزمن لايعود الى الوراء.

كنتم رئيسا للجنة الصداقة البرلمانية الايرانية ـ الكويتية في البرلمان السادس، وقد شهدت تلك الفترة تطورات مطردة في العلاقات بين البلدين، لكن مع مجيء البرلمان السابع تعرقل تنفيذ بعض مذكرات التفاهم وتحديدا مــشــروع نــقــل المـياه الايرانية الى الكويت، اين تضع اللوم أو التقصير؟

ـ العلاقات السياسية لايمكن ان تبقى قائمة من دون رعاية متواصلة، انها كالشجرة أوالزهرة التي تفقد عطرها وبريقها اذا لم ترعها وتنسقها، والعلاقات السياسية هكذا ايضا، وفي حكومة الرئيس خاتمي والبرلمان السادس، واللذان كانا يؤكدان على اهمية حسن الجوار، تطورت العلاقات مع الدول المجاورة، لاسيما مع الكويت، واصبحت مشاعر الاخوة والصداقة في اوجها، وان زيارة كبار القادة الكويتيين لايران لاسيما الشيخ صباح الاحمد كانت قيمة وتحققت في ظلها نتائج سياسية ممتازة، كما ان مشاركة سمو امير الكويت في مؤتمر القمة الاسلامي الثامن بطهران كان لها وقع كبير، وان الاشقاء في دولة الكويت ادركوا مقدار الاحترام الذي تكنه الحكومة والبرلمان الخاضعان لسيطرة الاصلاحيين للاشقاء في الدول المجاورة.

لذلك كانوا يواصلون لقاءاتهم وزياراتهم لايران، واليوم صحيح انا خارج البرلمان ولست مطلعا على تفاصيل الامور، لكنني ارى ان لجان الصداقة والبرلمان عموما لم ينجا في ترتيب العلاقات مع الدول، وان الحكومة التي هي على اعتاب خاتمة عهدها مشغولة اكثر بترتيب امور البلاد الداخلية، ولايوجد في المرحلة الراهنة افق بساطعية الافق السابق، لذلك وفي ظل ظروف كهذه فان نور الصداقة يأخذ بالافول، وانا لمست بان السيد جاسم خرافي الرئيس المحترم لمجلس الامة الكويتي، كان قبيل اختتام مهام البرلمان السادس يرغب بشدة بمعرفة الجهات التي ستدخل المجلس الجديد، ومن دون شك ان اليد الاولى التي امتدت الى البرلمان السابع كانت يد السيد خرافي.

وهنا كان لابد لمشرعينا ان يدركوا بان الدول المجاورة حينما تمد يدها لنا فان ذلك ليس من باب الحاجة، واذا كانت هناك حاجة فهي الحاجة الى علاقات حسن جوار، وليس بمعنى اننا نعطي هؤلاء شيئا هم لايملكونه، وانا اعتقد ان هذا الامر لم يستوعب جيدا في البرلمان الحالي، لذلك لم تتمتن العلاقات اكثر من السابق او تتواصل بنفس الزخم أو اكبر، ومع وجود المؤامرات الدولية والاقليمية والمستجدات في المنطقة يحصل تذبذب في مستوى العلاقات، وانا اعتقد انه اذا كانت الحكومة المقبلة هي حكومة اصلاحية فانها ستولي العلاقات مع دولة الكويت اهمية واسعة ، واذا تفهم البرلمان طبيعة ادائه في هذا الجانب فانه يمكن ان يساهم اكثر بتعزيز وتمتين العلاقات مع الدول، لكن هذا البرلمان يضع اليوم كامل ثقله ووقته في اطار كيفية القبض على زمام السلطة التنفيذية، وهذا البرلمان الخاضع لاكثرية محافظة من الطبيعي ألايتمكن من متابعة القضايا الاخرى.

اشرتم في حديثكم الى ان مجلس الرقابة الدستورية الخاضع لسيطرة اليمين لم يمتثل لاوامر القائد الاعلى في شأن مترشحي الانتخابات البرلمانية السادسة رغم انه يعلن مرارا بانه مطيع للقائد، هنا اتساءل: هل ان الجهات العسكرية الخاضعة لسيطرة المحافظين ستلتزم بفتوى القائد الاعلى في تحريم انتاج الاسلحة النووية، ام انها ستتخذ مواقف مشابهة لمجلس الرقابة، وهل بالاساس توجد اوساط عسكرية أو سياسية في ايران ترغب بانتاج مثل هذا السلاح؟

ـ اعتقد بأن ايران ليست بحاجة الى سلاح نووي، وهي ليست بصدد الحصول على هذا السلاح، وكل ما يطرح في هذا الجانب يعتبر مجرد اثارات سياسية يطلقها المعارضون لنا لاجل حرماننا من التقنية النووية التي يمكن ان تخدم المجتمعات البشرية، المجتمعات التي لاصلة لها بالحروب وغير معنية بها، هؤلاء يسعون لاذلالنا وتأخيرنا عن اللحاق بعجلة العلوم النووية ، وبذلك هم يطلقون حملاتهم الدعائية باستمرار ضدنا، ونحن لانفكر مطلقا بالحصول على الاسلحة النووية، وان فتوى القائد الاعلى في محلها وان الجميع يعمل بها.