Osama
05-12-2005, 03:57 PM
بغداد ـ القدس العربي ـ
من علي العبيدي
تتزاحم أعداد كبيرة من العراقيين هذه الأيام أمام السفارات العربية والأجنبية القليلة المتواجدة في بغداد طلباً للحصول علي تأشيرات دخول (الفيزا) لتلك البلدان هرباً من سوء الأوضاع في العراق وبحثاً عن ملاذ آمن. ويتزايد إقبال العراقيين علي السفارات يوماً بعد آخر مع اقتراب فترة العطلة المدرسية الصيفية حيث يمكن عندها اصطحاب الأبناء مع الأهل إلي تلك البلدان بهدف قضاء بعض الوقت بعيداً عن الوضع المتأزم الذي يبدو أن لا نهاية قريبة له، أو لمحاولة الحصول علي فرص عمل في الخارج أو بهدف الاستقرار الطويل مع العائلة هناك.
وتتوزع محاولات الحصول علي الفيزا لزيارة البلدان الأخري بين السفارات القليلة العاملة في بغداد في الوقت الحاضر والتي تعد بعدد أصابع اليد، وبين السفارات المتواجدة في عواصم البلدان المجاورة للعراق وخصوصاً في عمان ودمشق.
وتتركز أكثر التجمعات للراغبين بالسفر خارج العراق هذه الأيام أمام سفارات دول محددة مثل مصر وتركيا وإيران والامارات العربية العاملة في العاصمة العراقية حيث تجد صفوفاً طويلة من الناس وتجمعات غير نظامية قرب القنصليات التابعة لتلك السفارات تقضي ساعات طويلة في محاولة الدخول إلي السفارات وسط إجراءات أمنية معقدة من قبل حرس السفارات، وغالباً ما تخيب الآمال عندما يقضي المراجع ساعات الدوام الرسمي ثم لا يصله الدور حيث يكتفي موظفو السفارات بتمشية طلبات عدد محدود من المراجعين يومياً وتأجيل الآخرين إلي وقت لاحق مما يضطر طالبي الفيزا إلي تكرار المحاولة في الأيام التالية مع محاولة الحضور باكراً في مقدمة الطابور.
ولمعرفة الدوافع وراء رغبة العراقيين مراجعي بعض السفارات في بغداد لمغادرة العراق، التقت القدس العربي مع بعضهم ومنهم السيد محمد الدليمي الذي جاء إلي السفارة المصرية مصطحباً زوجته وأولاده وهو موظف في إحدي الدوائر المنحلة بأمر القوات الأمريكية حيث يشير أنه والكثير من أقرانه في تلك الدوائر وبعد مرور أكثر من سنتين علي الاحتلال أصبح علي قناعة بعدم وجود جدوي من الانتظار ليجد من ينصفه في إعادته إلي الوظيفة أو حتي إحالته علي التقاعد ليحصل علي الراتب التقاعدي الذي يساعده في إعالة عائلته خصوصاً مع مجيء الحكومة الجديدة التي تصر أطرافها الأساسية علي مواصلة سياسة استبعاد الآخر والانفراد بالسلطة حسب قوله، إضافة إلي التدهور المستمر للأوضاع الأمنية في ظل انتشار التفجيرات والخطف والسرقة والاغتيالات في كل مكان من العراق، لذا فإنه يحاول السفر إلي الخارج والحصول علي الاقامة في بلد آخر ريثما تستقر الأمور التي يتوقع أن تأخذ سنوات.
وقد بين الدليمي أنه يريد الحصول علي الفيزا مع اقتراب نهاية العام الدراسي وبدء العطلة الصيفية ليتمكن من نقل أبنائه معه إلي مدارس البلد الذي ينوي السفر إليه، مشيراً إلي معاناته في رحلة السعي للحصول علي الفيزا من خلال كثرة مراجعاته إلي السفارات وعبر وسطاء واضطراره إلي دفع مبالغ كبيرة أحياناً إضافة إلي مشكلة الحصول علي فرصة عمل تبدو شبه مستحيلة هناك لذا فقد رتب حاله بحيث يؤجر بيته في بغداد ويقوم أهله بإرسال الأيجار الشهري إليه في البلد الجديد لتمشية أمور المعيشة. أما الشاب عباس فاضل الواقف في طابور طويل أمام السفارة التركية والذي تخرج من كلية الهندسة ولم يجد فرصة عمل هنا فإنه تعّود علي مراجعة السفارات القليلة لمحاولة الحصول علي تأشيرة دخول إلي تلك البلدان لتكون محطة ينتقل منها إلي بلد آخر، وهو يأمل بالسفر إلي إحدي البلدان الاوروبية أو أستراليا أو نيوزيلندا رغم معرفته بصعوبة تحقيق ذلك ولكنه يأمل أن يساعده تخصصه كمهندس كومبيوتر في ذلك.
ويصف السيد عباس وضع المراجعين أمام السفارة بأنه مزعج ومهين حيث يضطر إلي الحضور باكراً بمجرد انتهاء حضر التجوال لمتابعة إجراءات منح الفيزا التي تأخذ وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً ومالاً ليس قليلاً، وحتي بعد الحصول علي الفيزا فإن هناك قيوداً كثيرة تفرضها الدول عند منح تأشيرة الدخول ومنها تركيا التي تشترط علي العراقيين الداخلين إليها أن يكون معهم مبلغ كاف من المال خلال فترة الاقامة فيها.
وأشار أنه في حال عجزه عن الحصول علي الفيزا من بغداد فإنه سيسافر إلي عمان أو دمشق لتكرار المحاولة، حيث يحاول بعض العراقيين حصول من هناك علي الفيزا لدخول البلدان الأخري وخاصة إذا كان لديه من يرسل الفيزا من تلك البلدان. أما بالنسبة لسفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وباقي دول التحالف التي تتركز في منطقة القصر الجمهوري (أو المنطقة الخضراء) ذات الإجراءات الأمنية المشددة فإن المراجعة إليها تكاد تكون محصورة لموظفي الحكومة الموفدين في مهام رسمية إليها ولا يتمكن المواطنون العاديون من الوصول إليها وهم علي كل حال لا يفضلون التواجد في هذا المكان لكونها منطقة جبهة قتال كما يسميها العراقيون لأنها لا تخلو من الهجمات بالصواريخ والهاونات دائماً.
وفي هذه التجمعات والطوابير الطويلة أمام السفارات تدور أحاديث بين الموجودين لتمضية وقت الانتظار الطويل حول طرق السفر إلي بلد معين وهل يوجد طرق برية أو بحرية كونها أقل تكلفة من السفر بالطائرة وخصوصاً للعائلة كبيرة العدد، كما يتبادلون الاستفسارات حول ظروف المعيشة وتكاليفها وأفضل وأنسب الفنادق وأوضاع الدراسة والخدمات الطبية في المدن التي يرومون الوصول إليها مثل عمان ودمشق والقاهرة وأنقرة وغيرها من المدن، ولوحظ أن الكثير من هؤلاء المراجعين أمام السفارات قد رتب حاله علي الاستقرار الطويل لعدة سنوات وربما بشكل نهائي في الخارج حيث ينوي الكثير منهم شراء شقة أو أكثر للسكن أو للاستثمار لتمشية أمور المعيشة هناك، حيث أكدوا أنهم فقدوا الأمل في تحسن سريع للأوضاع في العراق تحت ظل الاحتلال الذي يتعمد تأزيم الموقف دائماً بشكل مباشر وغير مباشر ليضمن عدم الاستقرار واستمرار مبررات وجوده إلي آجال غير محددة.
من علي العبيدي
تتزاحم أعداد كبيرة من العراقيين هذه الأيام أمام السفارات العربية والأجنبية القليلة المتواجدة في بغداد طلباً للحصول علي تأشيرات دخول (الفيزا) لتلك البلدان هرباً من سوء الأوضاع في العراق وبحثاً عن ملاذ آمن. ويتزايد إقبال العراقيين علي السفارات يوماً بعد آخر مع اقتراب فترة العطلة المدرسية الصيفية حيث يمكن عندها اصطحاب الأبناء مع الأهل إلي تلك البلدان بهدف قضاء بعض الوقت بعيداً عن الوضع المتأزم الذي يبدو أن لا نهاية قريبة له، أو لمحاولة الحصول علي فرص عمل في الخارج أو بهدف الاستقرار الطويل مع العائلة هناك.
وتتوزع محاولات الحصول علي الفيزا لزيارة البلدان الأخري بين السفارات القليلة العاملة في بغداد في الوقت الحاضر والتي تعد بعدد أصابع اليد، وبين السفارات المتواجدة في عواصم البلدان المجاورة للعراق وخصوصاً في عمان ودمشق.
وتتركز أكثر التجمعات للراغبين بالسفر خارج العراق هذه الأيام أمام سفارات دول محددة مثل مصر وتركيا وإيران والامارات العربية العاملة في العاصمة العراقية حيث تجد صفوفاً طويلة من الناس وتجمعات غير نظامية قرب القنصليات التابعة لتلك السفارات تقضي ساعات طويلة في محاولة الدخول إلي السفارات وسط إجراءات أمنية معقدة من قبل حرس السفارات، وغالباً ما تخيب الآمال عندما يقضي المراجع ساعات الدوام الرسمي ثم لا يصله الدور حيث يكتفي موظفو السفارات بتمشية طلبات عدد محدود من المراجعين يومياً وتأجيل الآخرين إلي وقت لاحق مما يضطر طالبي الفيزا إلي تكرار المحاولة في الأيام التالية مع محاولة الحضور باكراً في مقدمة الطابور.
ولمعرفة الدوافع وراء رغبة العراقيين مراجعي بعض السفارات في بغداد لمغادرة العراق، التقت القدس العربي مع بعضهم ومنهم السيد محمد الدليمي الذي جاء إلي السفارة المصرية مصطحباً زوجته وأولاده وهو موظف في إحدي الدوائر المنحلة بأمر القوات الأمريكية حيث يشير أنه والكثير من أقرانه في تلك الدوائر وبعد مرور أكثر من سنتين علي الاحتلال أصبح علي قناعة بعدم وجود جدوي من الانتظار ليجد من ينصفه في إعادته إلي الوظيفة أو حتي إحالته علي التقاعد ليحصل علي الراتب التقاعدي الذي يساعده في إعالة عائلته خصوصاً مع مجيء الحكومة الجديدة التي تصر أطرافها الأساسية علي مواصلة سياسة استبعاد الآخر والانفراد بالسلطة حسب قوله، إضافة إلي التدهور المستمر للأوضاع الأمنية في ظل انتشار التفجيرات والخطف والسرقة والاغتيالات في كل مكان من العراق، لذا فإنه يحاول السفر إلي الخارج والحصول علي الاقامة في بلد آخر ريثما تستقر الأمور التي يتوقع أن تأخذ سنوات.
وقد بين الدليمي أنه يريد الحصول علي الفيزا مع اقتراب نهاية العام الدراسي وبدء العطلة الصيفية ليتمكن من نقل أبنائه معه إلي مدارس البلد الذي ينوي السفر إليه، مشيراً إلي معاناته في رحلة السعي للحصول علي الفيزا من خلال كثرة مراجعاته إلي السفارات وعبر وسطاء واضطراره إلي دفع مبالغ كبيرة أحياناً إضافة إلي مشكلة الحصول علي فرصة عمل تبدو شبه مستحيلة هناك لذا فقد رتب حاله بحيث يؤجر بيته في بغداد ويقوم أهله بإرسال الأيجار الشهري إليه في البلد الجديد لتمشية أمور المعيشة. أما الشاب عباس فاضل الواقف في طابور طويل أمام السفارة التركية والذي تخرج من كلية الهندسة ولم يجد فرصة عمل هنا فإنه تعّود علي مراجعة السفارات القليلة لمحاولة الحصول علي تأشيرة دخول إلي تلك البلدان لتكون محطة ينتقل منها إلي بلد آخر، وهو يأمل بالسفر إلي إحدي البلدان الاوروبية أو أستراليا أو نيوزيلندا رغم معرفته بصعوبة تحقيق ذلك ولكنه يأمل أن يساعده تخصصه كمهندس كومبيوتر في ذلك.
ويصف السيد عباس وضع المراجعين أمام السفارة بأنه مزعج ومهين حيث يضطر إلي الحضور باكراً بمجرد انتهاء حضر التجوال لمتابعة إجراءات منح الفيزا التي تأخذ وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً ومالاً ليس قليلاً، وحتي بعد الحصول علي الفيزا فإن هناك قيوداً كثيرة تفرضها الدول عند منح تأشيرة الدخول ومنها تركيا التي تشترط علي العراقيين الداخلين إليها أن يكون معهم مبلغ كاف من المال خلال فترة الاقامة فيها.
وأشار أنه في حال عجزه عن الحصول علي الفيزا من بغداد فإنه سيسافر إلي عمان أو دمشق لتكرار المحاولة، حيث يحاول بعض العراقيين حصول من هناك علي الفيزا لدخول البلدان الأخري وخاصة إذا كان لديه من يرسل الفيزا من تلك البلدان. أما بالنسبة لسفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وباقي دول التحالف التي تتركز في منطقة القصر الجمهوري (أو المنطقة الخضراء) ذات الإجراءات الأمنية المشددة فإن المراجعة إليها تكاد تكون محصورة لموظفي الحكومة الموفدين في مهام رسمية إليها ولا يتمكن المواطنون العاديون من الوصول إليها وهم علي كل حال لا يفضلون التواجد في هذا المكان لكونها منطقة جبهة قتال كما يسميها العراقيون لأنها لا تخلو من الهجمات بالصواريخ والهاونات دائماً.
وفي هذه التجمعات والطوابير الطويلة أمام السفارات تدور أحاديث بين الموجودين لتمضية وقت الانتظار الطويل حول طرق السفر إلي بلد معين وهل يوجد طرق برية أو بحرية كونها أقل تكلفة من السفر بالطائرة وخصوصاً للعائلة كبيرة العدد، كما يتبادلون الاستفسارات حول ظروف المعيشة وتكاليفها وأفضل وأنسب الفنادق وأوضاع الدراسة والخدمات الطبية في المدن التي يرومون الوصول إليها مثل عمان ودمشق والقاهرة وأنقرة وغيرها من المدن، ولوحظ أن الكثير من هؤلاء المراجعين أمام السفارات قد رتب حاله علي الاستقرار الطويل لعدة سنوات وربما بشكل نهائي في الخارج حيث ينوي الكثير منهم شراء شقة أو أكثر للسكن أو للاستثمار لتمشية أمور المعيشة هناك، حيث أكدوا أنهم فقدوا الأمل في تحسن سريع للأوضاع في العراق تحت ظل الاحتلال الذي يتعمد تأزيم الموقف دائماً بشكل مباشر وغير مباشر ليضمن عدم الاستقرار واستمرار مبررات وجوده إلي آجال غير محددة.