المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مهدي عاكف مرشد إخوان مصر : لسنا أهل ثورة.. ولا مصلحة لنا في سقوط النظام



مجاهدون
05-12-2005, 07:03 AM
http://www.asharqalawsat.com/2005/05/12/images/news.298875.jpg


مرشد إخوان مصر قال: «كفاية» لسانها طويل ونعترض على شعاراتها ضد مبارك وابنه

عبده زينة

نفى المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مصر، محمد مهدي عاكف، أن تكون جماعته تهدف لإحداث ثورة شعبية، لأن الأخوان «ليسوا أهل ثورة»، أو إسقاط النظام في مصر من خلال المظاهرات التي أطلقتها الجماعة في معظم المحافظات المصرية خلال الأسابيع الماضية من دون ترتيبات مع أجهزة الأمن المصرية، مما أوقع مصادمات عنيفة أدت إلى سقوط قتيل وعدد من الجرحى إضافة إلى مئات المعتقلين.

وقال عاكف في حوار مع «الشرق الأوسط»، لسنا أهل ثورة ولكن ندعو للحق والسلام، والثورة ليست من مفرداتنا، ولكن نشعر أن هذا هو وقت الخروج إلى الشارع، مشيراً إلى أن الإخوان لا يخشون السجون أو يخافون من الأحزاب الأخرى، وان الجماعة لا تمتلك وحدها القيام بعصيان مدني أو انتفاضة منفردة عن القوى السياسية الأخرى.

وأكد عاكف أنه لن يترشح لانتخابات الرئاسة أو الانتخابات البرلمانية القادمة، وقال إن منصب المرشد العام مسؤولياته كبيرة، وان الاخوان مستعدون للدفاع عن الشعب وتقديم الشهداء.

* لماذا المظاهرات الآن، وماذا تقصدون منها؟

ـ إذا لم تكن المظاهرات الآن فمتى تكون. الآن الشعب يعيش احتقاناً شديداً في ظل البطالة والقمع والاضطهاد. وأعتقد أن الوقت مناسب للقيام بذلك. ونحن لم نكن نسعى إلى هذه المواجهة حتى عندما طلب الرئيس مبارك تعديل المادة 76 لكي يكون انتخاب الرئيس انتخاباً مباشراً من بين أكثر من مرشح رحبنا بالأمر، ثم بعد ذلك سارت الأمور على عكس المطلوب بمحاولات البعض تفريغ المادة من مضمونها وجعلها أسوأ مما كانت عليه في الاستفتاء.

والاخوان لم يطالبوا بإجراء الإصلاحات السياسية من الآن، ولكن منذ زمن كبير، منذ أن أعلنت مبادرة الاخوان المسلمين في مارس 2004، ونحن نطالب بالإصلاح ونطالب النظام بضرورة التصالح مع الشعب، وأن الوقت قد آن لتغيير سياسة الانفراد بالتعامل مع الشعب، وقد آن الوقت لكي يخرج الشعب من المأزق الشديد بعد التخلف الذي لحق بالبلاد في كل الميادين.

وحاولت بكل ما أستطيع من حوارات وطلبات وأحاديث مع المسؤولين وغير المسؤولين ولكن لا حياة لمن تنادي، ووجدنا أن الطريق مسدود والباب مغلق تماماً، وأخيراً عقدت مؤتمراً صحافياً في مقر الإرشاد وأعلنت فيه اننا سنقوم بمظاهرة صامتة أمام مجلس الشعب لكي نعلن عن رأينا ورأي الشعب في الإصلاح خصوصاً في المادة 76. ولكننا فوجئنا أن هذه الوقفة البسيطة الرمزية صورت وكأنها انقلاب وتحولت منطقة وسط القاهرة إلى ميدان قتال مدجج بالسلاح.

وجاء الاخوان برموزهم، وكان عددهم يقترب من الألف أو الألفين ووجدوا الأمن يمنعهم من الوصول إلى المجلس، فما كان من بعضهم إلا أن ذهب إلى ميدان رمسيس. وكما رأينا قامت مظاهرة في ميدان رمسيس وحضرها أكثر من عشرة آلاف، رغم أن الاخوان كانوا ثلاثمائة فقط وكذلك في ميدان سعد زغلول.

* تقصد بذلك أن مظاهرات رمسيس لم تكن كلها من الإخوان؟

ـ نعم، لم تكن كلها من الإخوان. فالإخوان كانوا ثلاثمائة فقط. ولكن الشعب المقهور والمطحون انضم إليها فأصبحت آلافاً، وكذلك في السيدة زينب وهكذا في ضريح سعد زغلول. والعجيب أنه قبل قيام هذه المظاهرة قبض على 185 إخوانياً من القاهرة والمحافظات وتم أثناء المظاهرة القبض على 28 إخوانياً، ولا أدري لماذا كل ذلك في وقت أعلنت فيه أن هذه المظاهرة سلمية وحضارية واستندت إلى كلام السيد وزير الداخلية في مجلس الشعب بقوله إن المظاهرات السلمية ليست ممنوعة ولكن رجال الأمن أصروا على منعها وأصروا أن مظاهرات الاخوان خط أحمر، ولا يمكن أن يتجاوزه أحد منهم.

قبل إعلاننا عن المظاهرة ذهبنا إلى رجال الأمن وقلنا حددوا لنا مكاناً نقيم فيه مؤتمراً يتحدث فيه الاخوان وغير الاخوان عن رؤيتهم في الإصلاح وحددوا لنا أماكن نقيم فيها مسيرات رمزية للمطالبة بهذا الإصلاح وظللنا ثلاثة أسابيع نطالبهم ولكن تأتينا الاستجابة بأنهم رفضوا رفضاً باتاً الاستجابة لمطالبنا. لم يكن أمامنا إلا أن قررنا أن نخرج في هذه المسيرات الرمزية في القاهرة والأقاليم.

* ألا يعني ذلك اختيار طريق الصدام مع الأمن؟

هذا ليس صداماً، الأمن هم الذين يريدون صداماً. نحن لا نريد الصدام وهو ليس من سياساتنا المقررة. ومن سياساتنا أيضاً ألا نسعى للتصعيد ولكننا نعتبر المظاهرات حقاً لنا، ولكل مصري الحق أن يتظاهر وأن يبدي رأيه بنص المادة 54 من الدستور.

* أنت تتحدث عن أن الاخوان في حالة احتقان والشعب أيضاً.. وهذه رؤيتكم، فلماذا لم يبرم الاخوان المسلمون اتفاقاً مع القوى السياسية الأخرى للعمل الجماعي، لماذا العمل الفردي دائماً؟

ـ ذهبنا إلى كل الأحزاب لكي يعملوا معنا، كنا أول من بادر بذلك، وذهبنا إلى كل الأحزاب بلا استثناء تقريباً، وطالبنا أن نفعل شيئاً جماعياً وشكلنا اللجنة الخماسية، وللأسف بعدما اتفقوا معنا تركونا ذهبوا بمفردهم وتحاوروا مع الحزب الوطني (الحاكم)، شعرت بحزن شديد بعد هذا التصرف الذي صدر من أحزاب المعارضة والتي استقبلناها استقبالا طيبا في البداية، وقبلنا التعاون معهم، ثم بعد ذلك تهربوا من التعاون معنا وتعاونت مع الحزب الوطني الذي استبعد هو الآخر الإخوان المسلمين من الحوار.

وأعلنت وقتها أن أي حوار بدون الإخوان المسلمين يعد حواراً فاشلاً، ولا بد من وجودنا لأننا نمثل ثقلاً سياسياً وشعبياً في الأمة، أي أن أي حوار بدون الإخوان محكوم عليه بالفشل، وأخيراً هم وصلوا إلى النتيجة التي أعلنتها قبل ذلك وفضوا هذا الحوار. وأصبح كل منهم يتهم الآخر، ولكن أنا لا أسمع هذا الكلام وليس لي شأن بهذا وما زلت أعلن في كل وقت أن يدي ممدودة وعقلي مفتوح لأي تعاون مع القوى الأخرى.

* معنى ذلك أن الجماعة ترفض التنسيق مع الأحزاب والقوى الأخرى في الفترة المقبلة؟

ـ الاخوان على استعداد في أي وقت للتعاون مع كل القوى السياسية. بل أعلنت قبل انسحاب الأحزاب من الحوار أننا على استعداد للتعامل مع أي قوة سياسية ومع أي حزب للنهوض بهذه الأمة واستخلاص الحرية لها.

* البعض يتحدث عن أن الجماعة غيرت أهدافها التكتيكية وخرجت إلى الشارع السياسي في مظاهرات حاشدة في المحافظات والمواجهات والمصادمات مع الأمن الذي أدى إلى وفاة أحد أعضائها ورفع شعارات مختلفة ولأول مرة مثل المطالبة بإنشاء حزب سياسي وهذا التحرك جديد على الجماعة؟

ـ لم تغير جماعة الإخوان شيئاً من أهدافها. وهذا جزء من خطط الإخوان وأساليبهم. ونحن نحسب كل شيء بوقته ونرى أن هذا الوقت المناسب لأن نخرج إلى الشارع ولكن بصورة حضارية وسلمية لإعلان رفضنا ونحن بهذا متفقون تماماً مع القانون والدستور وليس هذا استغلال لوقت معين. كما أن هذه ليست مفاجأة لأحد فنحن أعلنا لكل الناس أننا سنقوم بمظاهرات. وكما أعلنا أننا سنتعاون مع كل الشعب وفئاته ومؤسساته وأحزابه للقيام بأي عمل حضاري ونظيف يستعيد حقوق هذه الأمة، وكلامي ليس ضد الدولة على مطلقه، ولكن هناك في الدولة رجالاً صالحين جداً.

كما أن الأخوان ليس لهم علاقة بالصدام . والدليل على ذلك أن مظاهرات جامع الفتح قامت ولم يحدث شيء فيها لأن الأمن لم يتدخل. أما الأماكن التي حدث فيها الصدام جاءت لأن البعض أراد أن تحدث دربكة فيضرب الناس ولو اجتمع الآلاف من الشعب من دون أن يتدخل الأمن فلن يحدث ذلك. ولا تنس أن مائة ألف تظاهروا قبل ذلك في الاستاد ولم يحدث شيء، وأنا أعلم جيداً أن هناك أناساً يريدون أن يتدخل الأمن بغرض كسر شوكة الإخوان ولكي يقولوا إننا هنا ونحن نعلم أن الأمن موجود، وعنده ما يستطيع أن يقهر به البلد كلها ويطحنها.

* البعض يرى أن ما يجري تصعيداً متعمداً من الجماعة؟

ـ من يقولون هذا هم الذين يريدون التصعيد والذين يتخوفون على مصالحهم. ولكن أصحاب العقل والدين والمنطق كثيرون جاءوا إلى مقر مكتب الإرشاد وهم يؤيدون ما نقوم به، ونحن لا نطالب بشيء لأنفسنا، ونحن لا نطالب بأكثر من الحرية لهذا الشعب.

وإن كانت الحرية ستقتضي هذه التضحيات فنحن لها ولأن الحرية لا يمكن أن تأتي بهذا الوضع إلا بضحايا، ولنكن نحن هؤلاء الضحايا، وقد تم ذلك بالفعل حيث ألقى الأمن القبض على 25000 هم في السجن الآن، وأريد أن أقول إنه لا يوجد في مصر من يستطيع أن يقوم بهذه التضحية إلا الإخوان.

* تحدثتم في المؤتمر الصحافي عن أن المظاهرات مجرد وسيلة وهناك أشياء أخرى مثل العصيان المدني ولم تستبعد الإضراب العام، ما هي محددات استخدام العصيان والإضراب؟

ـ عندي شيء واحد للقيام بذلك هو أن تتفق كل القوى السياسية التي في الساحة على ذلك. فالإخوان لا يستطيعون القيام بالعصيان أو الإضراب وحدهم إنما إذا اتفقت القوى السياسية كلها على هذا الأمر فإنني أوافق عليه وسنكون في مقدمتهم أيضاً.

* ما هي علاقة الإخوان بـ«كفاية»؟

ـ مصر في مرحلة احتقان سياسي. وأنا أشجع أي حركة تعمل من أجل إجراء الإصلاحات السياسية، ولكن أنا في حسابات خاصة بالجماعة وأعترض على شعارات «كفاية» ضد الرئيس مبارك وابنه، وفي «كفاية» كان لسانهم طويلاً وأنا اعترضت اعتراضاً شديداً فلا يجب أن نسب رمز الدولة مهما اختلفنا معه فلا بد أن أحترمه كرمز وليس كفرد، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن نهينه وهم جاءوا إلى مقر الإرشاد ووعدوني بوضع نهاية لهذا الأمر.

* هل تسعون إلى ثورة شعبية لإسقاط النظام؟

ـ لسنا أهل ثورة، ونحن ندعو للحق والسلام، والثورة ليست من مفرداتنا واستغرب كثيراً للأحاديث التي تردد ذلك. ولكن من يتحدثون لو فكروا بعقلانية لجاءوا إلى مقرنا ووضعوا أيديهم في يدي لإنقاذ الشعب، لكن للأسف الشديد، كلامي المؤدب والعقلاني والذي يعطي كل ذي حق حقه هو الذي يجعل الآخرين يرددون هذه الأقوال. وقد أعلنت أنني لست مسؤولا عن بقاء النظام أو زواله والله سبحانه وتعالى هو المسؤول وكل الأنظمة إلى زوال ولا يبقى إلا الشعب.

وأقول كشهادة أمام الله إننا لم نقم بالمظاهرات إلا لوجه الله وإزالة الظلم عن الشعب المقهور والذي ليس عنده ما يستطيع أن يبلغ صوته ولكن أنا أستطيع أن أتحدث بالنيابة عنه. فكيف يمكنني ذلك ولا أفعل حتى ولو كان على عنقي وأنا أشعر أن تبليغ صوت الشعب واجب شرعي وواجب وطني، لأن الله يعرفني ويقول إنك تستطيع، ما دمت أستطيع أن أعلن عن ذلك فلماذا لا أفعل؟

* هناك حديث يدور حول أن الجماعة تستغل الأجواء الداخلية والخارجية للضغط على الحكومة من أجل الحصول على مكاسب سياسية، ما حقيقة هذا؟

ـ ليس من عاداتنا الاستقواء بأحد وأن نعتمد على أحد من الخارج ونرفض كل العروض التي تريد أن نستقوي بها. وهذا مبدأ عندنا والنظام الذي يطلق مثل هذه الأحاديث ويستغلون عظيم أخلاقنا وهم يعلمون جيداً أن عقيدتنا تمنعنا أن نضع أيدينا في يد أجنبي للاستقواء على نظام بلدي مهما كان معيباً فأنا من الشعب، فكيف استقوى بقوى خارجية لإذلال نظام بلدي وهذه جريمة كبيرة جداً وجريمة عقيدية قبل أن تكون جريمة سياسية، ولا يمكن أن نفعل ذلك بعد أن تحملنا الكثير من الأنظمة المختلفة على مدار 50 عاماً لم يحدث ذلك أبداً من قبل فأنا تحملت ما لم يستطع أحد أن يتحمله.

* هناك رغبات أميركية وأوروبية للتحاور مع التيارات الإسلامية المعتدلة في المنطقة العربية والشرق الأوسط، والاخوان على رأس قائمة الحوار...

ـ أعلنت بوضوح جداً أننا نتحاور مع كل الدنيا وتحاورت قبل ذلك مع كل الجماعات الأمنية غير الرسمية سواء بالفضائيات ومراكز الدراسات ومراسلين ومع كل الدنيا، ولكن لا أتحاور مع أي حكومة إلا من خلال وزارة الخارجية المصرية احتراماً لبلدي واحتراماً للمؤسسة الحكومية وقلت لهم إذا كانت أميركا تريد التحاور مع الإخوان فلتأت من خلال وزارة الخارجية، وأنا لا أتحاور من خلف النظام أبداً مهما أكن مظلوماً.

* هناك استشعار أن هذه الأجواء هي نفس الأجواء التي عاشها الاخوان في 1995، وأنت كنت من ضمن الذين تم إلقاء القبض عليهم؟

ـ لا يمكن أن يحدث وإلا ترتكب الدولة خطأ فادحاً، بل إنني أطلب من الدولة أن تراجع نفسها في محاكمات 1995 و1996، وأريد أن أقول إن الجو تغير كثيراً والوقت غير الوقت ولكن نحن مستعدون لأي شيء حتى لو كانت محاكمات عسكرية فنحن لا نخاف شيئاً فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ما دمنا مخلصين إخلاصاً كاملاً لله.

* أحزاب المعارضة ترى أن الإخوان بتصعيدهم الأخير تسببوا في إفساد الحياة السياسية وفقد الهامش الذي حصلوا عليه بالعمل السياسي مؤخرا...

ـ ليس عندها هامش لكي تخاف عليه، والهامش مغلق عليهم من زمان فلا أحد يستطيع أن يخرج من حزبه وأنا أحزن كثيراً على الأحزاب وعندما أتحدث لا أتحدث عن نفسي ولكن أطلب رفع الحصار الأمني عني وعن غيري من كل القوى السياسية المحاصرة فكل القوى السياسية محاصرة ولكن الفرق الوحيد أن الإخوان لا يخافون من السجن، رجال الأحزاب يخافون.

* كيف ترون الصياغة النهائية لتعديلات المادة 76؟

ـ اللجنة الدستورية والتشريعية قامت بشيء غريب جداً، ناقشت كل الآراء المقدمة إلا آراء الإخوان المسلمين، رغم وجود 15 عضواً لنا في البرلمان قدموا آراء مكتوبة ولم يقم أحد بمناقشتها. وأستغرب كثيراً لهذا الظلم لنا حتى في مجلس الشعب فهذا ليس من قبيل الأمانة، ألا يأخذوا بآراء هذه المجموعة، وأعتقد أن اللجنة التشريعية استطاعت تفريغ المادة 76 من مضمونها وأصبحت أسوأ مما كان عليه الاستفتاء.

* معنى ذلك أنكم لن ترشحوا إخوانياً لرئاسة الجمهورية؟

ـ أعلن أنني شخصياً لن أرشح نفسي لأنني في موقع لا يجوز فيه أن أترشح لرئاسة الجمهورية، ولكن هناك من الإخوان من يستطيعون أن يقودوا هذه الأمة إلى الحرية والخير والعدل، وحتى الآن لم يعرض ذلك على مؤسسات الإخوان وليس في أجندتنا ولم ندرسه حتى الآن.

* هل تقصد أن منصب المرشد العام أفضل من منصب رئيس الجمهورية؟

ـ ليس أفضل، ولكن مسؤوليته أكبر من مسؤوليات رئيس الجمهورية، فأنا أعين على صلاح هذا البلد. كما أن تنظيم الاخوان عالمي ودولي، وأنا خادم للدين الإسلامي والأمة، ولا شأن لي بالرئاسة، الاخوان لن ترشح اخوانياً الآن أو حتى بالقانون الجديد.

* هل تؤيد الرئيس مبارك؟

ـ هذا أمر آخر ليس لدي رأي أقوله الآن، فهذا شأن كل مؤسسات الاخوان وعندما تجتمع ستقول رأيها في هذا الأمر، ولكن الأمر لم يطرح للدراسة حتى الآن.

* أنتم تحالفتم في أوقات سابقة مع أحزاب المعارضة في خوض الانتخابات، فلماذا لا تقبلون دعوة الرئيس مبارك بالعمل من خلال الأحزاب؟

ـ الجماعة لها لوائحها وقوانينها ومؤسساتها وأصدرت بياناً أكدت فيه تمسك الإخوان بجماعتهم، فنحن هيئة إسلامية دعوية جامعة لها تاريخها السياسي ومن منهج الإخوان المطالبة بحزب سياسي، ولكن الحزب ليس على رأس قائمة الاهتمامات والإخوان لها مجالات واهتمامات ضخمة في غير الحزب السياسي.

* ولكن رغم كلامك هذا تزايدت مطالبة الاخوان بالحصول على حزب سياسي؟

ـ تشكيل حزب سياسي موجود في أجندتنا، ولكن لا يمكن أن نقيم حزباً في ظل لجنة مشكوك في شرعيتها ودستوريتها. وعندما يكون مسموحاً لكل الناس أن تأخذ أحزاباً وقتها سنطالب بتشكيل حزب، ولكن الآن لن نتقدم بتشكيل حزب طالما ظلت لجنة شؤون الأحزاب موجودة في مكانها.

* ماذا لو جرت انتخابات مجلس الشعب المقبلة بنظام القائمة؟

ـ نظام القائمة غير دستوري، إلا إذا كان هناك نظام للمستقلين وهم يعملون من أجل التضييق على الإخوان.

* ما هي استعدادات الإخوان للانتخابات المقبلة؟

ـ نحن جماعة مؤسسية وهذا الأمر تناقشه اللجنة السياسية بالجماعة وتدرس كل الجوانب ولكننا ننتظر النظام الانتخابي.

* المرشد السابق مأمون الهضيبي رشح نفسه، هل تنوي الترشيح في انتخابات الشعب المقبلة؟

ـ لا لن أرشح نفسي، فالصحة والسن لا تساعدانني، ولكن لو تم ترشيح أي إخواني من الشباب سيكتسح أي مرشح أمامه.

* الإخوان رشحوا سيدة في الانتخابات الماضية، ما هو موقفكم من ترشيح سيدات للانتخابات المقبلة؟

ـ سيرى الشعب المصري نموذجاً لم يحدث من قبل، خاصة فيما يخص ترشيح السيدات.

* الرئيس مبارك قال إنه لن يسمح بقيام حزب ديني، وأنتم تصرون على الحزب؟

ـ نحن لا نطالب بحزب ديني، ولكن حزب مدني له مرجعية إسلامية.

* ماذا عن الدولة الدينية؟

ـ لا يوجد في الإسلام ما يسمى بالدول الدينية لكي نطالب بها. ولكن الدول الدينية توجد فقط في العصور الوسطى المسيحية فقط، ولدى الشيعة، ونحن نريد دولة مدنية.

Osama
05-12-2005, 04:09 PM
انقلاب الاخوان في مصر

عبد الباري عطوان

بعد زيارة الرئيس الراحل انور السادات الي القدس المحتلة، وتوقيعه اتفاقات كامب ديفيد، اجريت حوارا صحافيا مع الشيخ عمر التلمساني زعيم حركة الاخوان المسلمين بالنيابة، اثناء حضوره الي العاصمة البريطانية للمشاركة في احدي الندوات الاسلامية.

حاولت في الحوار ان استدرج الشيخ التلمساني لادانة الرئيس السادات بالعبارات التي يستحق، بحكم الصدمة التي احدثها في الوجدان العربي، بعد اختراقه كل الخطوط الحمراء، بل القانية الاحمرار، ولكن الشيخ التلمساني، رحمه الله، تجنب الاجابة علي اسئلتي المستفزة، ولم يوجه كلمة نقد للنظام المصري بحجة انه لا ينتقد النظام من خارج مصر.

الشيخ التلمساني ادرك حجم احباطي، وتعاطف مع موقفي الرافض بعنف لكل سياسات السادات في ذلك الوقت وما أزال، وقال لي: اغلق جهاز التسجيل يا ابني.. اريد ان اقول لك شيئا خارج النص.. نحن في حركة الاخوان قررنا ان لا نصطدم بالنظام في الوقت الراهن، لان هذا الصدام ليس في مصلحتنا، لانه الاقوي، والحفاظ علي الحركة هدف استراتيجي، وسنركز علي الدعوة وتربية الشارع تربية اسلامية حقة، وعندما نشعر ان الحركة قادرة علي المواجهة لن نتردد في ذلك لحظة، وستري ذلك في عمرك وليس في عمري.

تذكرت هذا الحوار مع الشيخ التلمساني عندما شاهدت حركة الاخوان تخرج عن سياسة ضبط النفس التي تحلت بها علي مدي الاربعين عاما الماضية، وتنزل الي الشارع في مظاهرات صاخبة انطلقت في اكثر من عشر محافظات مصرية. وظل السؤال الذي يلح في ذهني هو حول اسباب هذا التحول الاستثنائي. فهل اصبحت الحركة في موقع قوة يؤهلها للصدام مع النظام، وهل الشارع المصري نضج للثورة والتغيير، وهل النظام بات علي درجة من الضعف بحيث ينهار في حال حدوث مثل هذه المواجهة؟

لا يختلف اثنان علي ان حركة الاخوان المسلمين هي الاقوي والاكثر تنظيما وتغلغلا في الشارع المصري، بل في اي شارع عربي آخر، لانها كانت الاذكي، والاطول نفسا، والابعد بصرا ورؤية بالمقارنة مع معظم الحركات السياسية الاخري، وخاصة حركة القوميين العرب التي تحالفت، او حسبت، او استغلت من قبل انظمة ثورية في دول المركز العربية، وبعض الاطراف، وهي انظمة بزت الجميع في دكتاتوريتها وفشلها السياسي والاقتصادي، وانتهاكاتها لحقوق الانسان. وتعمل حاليا علي توريث هذا التراث القمعي الفاسد لابنائها.

ولكن ما يختلف عليه وحوله الكثيرون هو مواقف الحركة المستعصية علي الفهم قبل الانقلاب الاخير في موقفها. فقد ابتعدت الحركة عن الاحزاب المصرية الاخري، ورفضت التنسيق مع معظمها، وانحازت الي النظام في رفضه اجراء اي تعديل للدستور، بل وايدت الاستفتاء علي ولاية خامسة للرئيس مبارك، ولم تعارض عملية توريث نجله جمال بالقوة المتوقعة منها؟!
الارجح ان هناك عدة اسباب تقف خلف هذا التغيير المفاجئ والسريع في سياسة حركة الاخوان، نوجزها في النقاط التالية:

اولا: وجود جناح شاب في الحركة بدأ يتمرد علي الحرس القديم، ويفرض وجهة نظره، وهذا الجناح يحبذ نزول الحركة الي الشارع والخروج من شرنقتها، والا ستفقد الكثير من قواعدها.
ثانيا: ظهور حركة كفاية ونزولها الي الشارع، واكتسابها تأييدا كبيرا في اوساط المواطنين، واستقطابها مجموعة من السياسيين الكبار من مختلف التيارات، وخاصة الاخوان، مثل ابو العلا ماضي، زعيم حزب الوسط. وحمدين صباحي عضو مجلس الشعب عن حزب الكرامة الناصري. فالحركة كانت الوحيدة تقريبا التي طالبت بسقوط النظام وعارضت التوريث بقوة.

ثالثا: سحب الغطاء الامريكي، ولو جزئيا عن النظام، بعد استنفاد اغراضه وانتهاء دوره، وليس لاسباب وطنية، فاللافت ان الرئيس مبارك لم يدع هذا العام لواشنطن مثلما جرت العادة. كما ان كوندوليسا رايس ألغت زيارتها للقاهرة بسبب اعتقال ايمن نور زعيم حزب الغد، فواشنطن باتت تدرك ان النظام بات يشكل عبئا امنيا واستراتيجيا عليها لفساده وجموده، ولانه يقود مصر الي الانفجار، ويهيئ المناخ، دون قصد لاتساع دائرة التطرف.

رابعا: ادركت حركة الاخوان ان النظام بات ضعيفا للغاية، وان انهياره بات مسألة وقت وتوقيت، ولذلك قررت ان تنزل الي الشارع، وتبدأ المواجهة، وطرح نفسها كبديل، خاصة ان واشنطن لم تعد تخشي التعامل مع الجماعات الاسلامية المعتدلة مثلما كان عليه الحال في السابق.

خامسا: الشارع المصري بات يدفع باتجاه التغيير، ووصل الي درجة من الاحتقان بحيث بات الانفجار ينتظر عود الثقاب. فالفقر في ازدياد والغالبية الساحقة من المصريين تعيش علي ما قيمته اقل من دولار في اليوم. والانفتاح الاقتصادي صب في مصلحة فئة محدودة جدا من المصريين يعيشون في جزر منعزلة عن بقية الشعب.

الحكومة المصرية، وازاء هذه التطورات المتسارعة في الشارع والاوساط السياسية المعارضة، قررت اللجوء الي الحلول الامنية، اي الاعتقالات والتعذيب، وهي حلول ستؤدي الي تفاقم الاوضاع وتسريع الانفجار. فما كان يصلح في الثمانينات من ممارسات قمعية لن يكون صالحا في القرن الواحد والعشرين.

فعندما يصل الامر بافراد عاديين الي تفجير انفسهم في تجمعات للسياح، مثلما حدث في خان الخليلي، والمتحف المصري، فهذا يعني ان هناك خطرا قادما لا يمكن التقليل من شأنه واعتباره احداثا فردية، مثلما يشيع الاعلام الرسمي.

مشكلة النظام المصري تنحصر في لجوئه الي خيار الصفر في العمل السياسي اي عدم الاقدام علي اي خطوات كبيرة لتجنب الوقوع في الاخطاء، وعلي اساس ان الامور مستقرة فلا داعي لأي تغيير. وهذه النظرية خاطئة تماما لانها تعني الجمود، والجمود تراجع في زمن يتطور بسرعة مذهلة وتسوده ثورة للمعلومات بادوات عصرية متاحة، من خلال الفضائيات وشبكة الانترنت.

كانت هناك فرصة ذهبية امام النظام لبدء عملية التغيير في التسعينات علي وجه التحديد، اي بعد نجاح حلوله الامنية، بتواطؤ عربي ودولي، في انهاء التيار الجهادي الاسلامي، من خلال ادخال اصلاحات سياسية شاملة، والقضاء علي الفساد، واستخدام المكافآت المالية التي حصل عليها نظير دوره في حرب تحرير الكويت (حوالي ثلاثين مليار دولار) في خلق فرص عمل للشباب من خلال مشاريع انتاجية مجدية. ولكنه وزع هذه الاموال علي البطانة الفاسدة المحيطة به.

ولعل السقطة الاخيرة للنظام التي تمثلت في اقرار التعديلات الدستورية التي تسمح بالتعددية الانتخابية للرئيس، وهي تعديلات تتضمن شروطا تعجيزية، ومفصلة علي مقاس الرئيس، وتجعل من فوزه امرا محتما، وتجعل من الانتخابات استفتاء مقنعا. فالبطانة المحيطة بالرئيس مبارك تسرع في عملية اسقاطه، وتكريه الشعب به، سواء من خلال المقابلة التلفزيونية المطولة التي جاءت بنتائج عكسية تماما، او من خلال هذه التعديلات الفضيحة.

نزول حركة الاخوان الي الشارع، وتضامن حركة كفاية مع معتقليها، واخطاء البطانة القاتلة، وتصاعد الغليان في الشارع، ولجوء بعض الجماعات للتفجيرات الانتحارية مجددا، كلها عناصر وصفة سياسية تؤكد ان التغيير قادم، والانفجار مؤكد.

لا يوجد
05-12-2005, 07:49 PM
* ماذا عن الدولة الدينية؟

ـ لا يوجد في الإسلام ما يسمى بالدول الدينية لكي نطالب بها. ولكن الدول الدينية توجد فقط في العصور الوسطى المسيحية فقط، ولدى الشيعة، ونحن نريد دولة مدنية.

مرشد الإخوان يقول إن الدولة الدينية موجودة فقط لدى العصور الوسطى والشيعة ، نقول له على عقلك العفا يا باشا

هل نسى سعادته دولة الخلافة العثمانية ؟؟

هل سيادته لا يعرف شيئا عن الدولة السعودية ؟؟

هل نسى حكم جعفر النميري الإسلامي في السودان ؟

إذا كان مرشد الإخوان بمثل هذا التفكير ، فما هو حال باقي الناس وعوامهم ؟؟

مجاهدون
05-14-2005, 11:55 AM
سياسة الإنهاك قبل الجلوس على طاولة المفاوضات

http://www.asharqalawsat.com/2005/05/13/images/hassad.298917.jpg


عبد الرحيم علي*

هل وصلت العلاقة بين جماعة «الاخوان المسلمين» المصرية والسلطات الى حد «المواجهة المفتوحة» بعد تطورات الاسبوعين الماضيين، ام ان الطرفين، حتى بالرغم من استمرار حظر الجماعة منذ اربعينيات القرن الماضي، ستظل بينهما «شعرة معاوية» الضرورية بين اكبر قوتين على الساحة السياسية المصرية. السؤال السابق يحدد إجابته سؤال آخر هو: ما الذي يريد الاخوان المسلمين في مصر تحقيقه من وراء خروجهم بعشرات الالاف في الشارع خلال الايام الماضية ؟ وهل يخاطرون بالمجازفة بالمكاسب السياسية التي حققوها خلال الاعوام العشرة الاخيرة (ومن ضمنها السيطرة على اغلبية هيئات نوادي التدريس والنقابات المهنية، واتحادات الطلبة ووجود ممثلين لهم في البرلمان المصري)، عبر الدخول في مواجهة مباشرة مع السلطات ؟. هذا الموضوع يجيب على هذا السؤال، كما يرصد تطورات العلاقة بين الاخوان المسلمين، منذ تأسيسهم كجماعة 1928 ، وبين السلطات المصرية المتعاقبة حتى الوقت الراهن. اعتبر عدد من المحللين السياسيين تلويح مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، باللجوء إلى إعلان حالة العصيان المدني العام إشارة إلى وصول العلاقة بين الجماعة والدولة إلى مرحلة «المواجهة المفتوحة». وما دفع للوصول إلى هذه النتيجة هو إستراتيجية الجماعة التي استخدمتها طوال عشر سنوات في مواجهة الضغوط التي مارستها عليها الدولة، اذ ان هذه الاستراتيجية قامت على سياسة «امتصاص الصدمات» والحيلولة دون حدوث انفجار كبير في العلاقة يمكن أن يكلف الجماعة وجودها بأكمله. هذه الاستراتيجية الثابتة هي التي دعت العديد من المحللين إلى تصوير مواقف الجماعة الأخيرة باعتبارها «انقلابا»، غير ان الواقع هو ان هؤلاء المحللين بنوا تصورهم على عامل واحد فقط متمثلا في التغير النوعي الذي طرأ على تحرك الجماعة تجاه الشارع، غافلين أن تغيير الاستراتيجية لا يمكن ان يتم فقط بناء على متغير واحد، وإنما يجب أن يشمل متغيرات اخرى منها «رؤية الهدف الأساسي» من هذه التحركات وخيارات الجماعة البديلة. وقد أجاب قادة الجماعة عن تلك النقاط المثيرة، عندما أكد المرشد العام للجماعة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هدف التحرك الاخير للجماعة هو توصيل رسالة إلى السلطات مفادها أن «الشعب يريد إصلاحات حقيقية». غير ان طلب تحقيق اصلاحات حقيقية لا يقترن لدى الجماعة بالوصول للسلطة على الاقل الان. وهذا ما اكده الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي قال إن الإخوان يعتقدون بأنه «ليس من مصلحة مصر الآن أن تصل الجماعة إلى السلطة»، وهو رأي يشاركه فيه آخرون. إذن فتحرك الاخوان الاخير له أهدافه المختلفة التي ليست «المواجهة المفتوحة» من بين اداوت تطبيقها. لكن قبل أن نصل إلى تحديد هذه الأهداف، ورصد تقييم الإخوان لتحركاتهم الأخيرة، يجب أن نعرج قليلا على تاريخ تعامل الجماعة مع نظم الحكم المختلفة في مصر والأخطاء السياسية الكبرى التي وعت الجماعة دروسها، وأقسمت ألا تقع فيها مرة أخرى.
* الملك والاخوان

* تراوحت علاقة الجماعة مع كافة الأنظمة في مصر بين «بدايات تعاونية» و«نهايات تصادمية»، نتجت دائما عن خطأ في الحسابات السياسية. حدث هذا مع الملك فاروق (حكم من 1936 الى 1952) حيث بدأت الجماعة بتأييد الملك الشاب، معولة عليه آمالا عريضة في إقامة الخلافة الإسلامية الضائعة، فساندته في مواجهة حزب الأغلبية «الليبرالي» ـ الوفد آنذاك، لكنها سرعان ما انقلبت عليه بسبب سياساته المتهادنة مع الاحتلال البريطاني. ولاحقا تباعد الملك عنها بسبب محاولة الاخوان التدخل في شؤون الحكم ودفعها له إقالة فهمي النقراشي باشا رئيس الحكومة 1946 بسبب تصديه بعنف للمظاهرات الطلابية. أسر الملك هذا الموقف من الإخوان في نفسه، حتى إذا سنحت الفرصة أعاد النقراشي إلى السلطة مرة أخرى 1948، ليقوم الأخير، بإيعاز من الملك، بحل الجماعة، موجها إليها اتهامات بمحاولة قلب نظام الحكم في البلاد عقب قيام البعض بقتل حكمدار القاهرة سليم زكي. ليعود المرشد العام للجماعة آنذاك حسن البنا سريعا للمربع رقم واحد، طالبا لقاء الملك لإقناعه باستعداد الجماعة العدول عن العمل في السياسة والعودة للعمل في مجال الدعوة الدينية. ولكن البنا فشل في محاولته لقاء الملك، كما فشل في محاصرة الفوضى الناتجة عن حل الجماعة، ليقوم بعض أعضاء النظام الخاص (الجناح العسكري للجماعة) باغتيال النقراشي باشا، ويرد النظام باغتيال البنا. لتنتهي أول حلقة من حلقات الأخطاء السياسية الكبرى التي أرتكبها الإخوان في سياق علاقتهم بنظم الحكم في مصر.

لم يكن خطأ الإخوان القاتل مع الملك فاروق بأقل منه مع ثورة يوليو وزعيمها جمال عبد الناصر (حكم من 1954 الى 1970)، فقد كانت فرص الإخوان في التفاهم مع سلطة «الضباط الأحرار» واحتوائها، أو تحييدها واجتناب شرها على الأقل، عظيمة، خاصة ان الجماعة كانت شريكا في الثورة، ولهم وجود ملحوظ بين الهيئة العليا لقيادة «الضباط الأحرار»، ولكن حسن الهضيبي، مرشد عام الجماعة آنذاك، اشترط على عبد الناصر أن يكون الحكم إسلاميا، وهو ما رفضه عبد الناصر، فوقف الإخوان إلى جانب محمد نجيب (حكم من 1952 الى 1954) ضده، بدون إدراك لميزان القوى داخل هيئة «الضباط الأحرار» فخسروا رهانهم الكبير باطاحة نجيب وحلول عبد الناصر محله. حاولت الجماعة استيعاب الدرس بعد صفقتها الشهيرة مع انور السادات (حكم من 1970 الى 1981)، وظلت طوال ما يقرب من ربع قرن بدأت بعد مقتله في حادث المنصة الشهير تحاول تلافي أي صدام مع الدولة.

* الصدام

* ظل الإخوان أوفياء لفكرة الكمون، حتى بعد أن بدلت الدولة مواقفها تجاههم عقب موقفهم المتناقض جذرياً مع موقف النظام من حرب الخليج الثانية. وجاء زلزال أكتوبر الشهير عام 1992، الذي راح ضحيته آلاف المصريين بين قتيل وجريح، ليثبت للنظام أن الإخوان باتوا دولة داخل الدولة، كما أوضح المهندس أبو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط والأمين العام المساعد لنقابة المهندسين في ذلك الوقت. منذ ذلك الوقت قررت الدولة مواجهة الإخوان عبر سياسة «تقليم الأظافر»، واعتبار كل أنشطتها، بما في ذلك الخيرية وتقديم مساعدات للمنكوبين، أنشطة محظورة. وأخيرا أطلق الرئيس مبارك مبادرته الخاصة بتعديل المادة 76 من الدستور للسماح باختيار رئيس الجمهورية من أكثر من مرشح، كان القرار الذي تزامن مع شيوع فكرة الضغوط الخارجية على مصر بمثابة «الحكة التي أخرجت المارد من القمقم». استقبل الإخوان مبادرة الرئيس بإيجابية. ظل الوضع هكذا حتى بدأت حركة «كفاية» في التظاهر مطالبة بمنع التمديد للرئيس مبارك ومحذرة من توريث السلطة في مصر، وتبعت مظاهرات «كفاية» تظاهرات أخرى قام بها عدد من أحزاب المعارضة طالبت جميعها بتسريع وتيرة الإصلاح.

كان الإخوان يقفون مشدوهين يتابعون عن قرب هذا المشهد الذي يمر أمام أعينهم بدون أن يتحركوا قيد أنملة، حتى انطلقت تصريحات المسؤولين الأميركيين مؤكدة عدم ممانعة الإدارة الأميركية في الحوار مع إسلاميين معتدلين، بل وعدم ممانعة وصولهم إلى السلطة في البلدان العربية. عقب ذلك عمل عدد من المراقبين على ترويج فكرة ان بامكان الإخوان فتح مواجهة شاملة مع النظام في مصر، وذلك انطلاقا من فهم خاطئ للرسائل الأميركية والأوروبية السابق الإشارة إليها. فقد تجاهل جل هؤلاء الشروط التي وضعها الاوروبيون والأميركيون لإنجاز مثل هذا الحوار، ومنها تحديد موقف واضح من قضايا الحريات الشخصية وحقوق المرأة والأقليات. الإخوان المسلمون وحدهم كانوا مدركين لتلك الرؤية الأميركية التي تفرض عليهم المرور عبر «ممر ضيق»، و«الخضوع لاختبارات كشف الكذب قبل الحصول على الرضا الكامل». ولذلك جعلوا هدفهم الأوحد، منذ الوهلة الأولى وحتى الآن، أن يعترف النظام بوجودهم الشرعي اولا، ويجلس لسماع مطالبهم. وعندما عجزوا عن تحقيق ذلك الهدف عن طريق النداءات المتتالية، والرسائل العديدة التي بعثوا بها للنظام (كان آخرها طلب المرشد العام نفسه، في حوار أجريته معه قبل شهرين، مقابلة الرئيس مبارك)، قرروا استخدام سياسة «عض الأصابع» لتحقيق ذلك الهدف. وهو ما اعتقد أنه الخيار الذي سيلجأ إليه النظام في النهاية، بعد أن يكون قد انهك الجماعة لتقبل ما سيعرض عليها من مشاركة في اللعبة السياسية ولكن «بدون مغالاة».

* كاتب مصري متخصص في الحركات الإسلامية