المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يبخل الوافدون بمساعدة دولة فتحت لهم أبواب الرزق؟



ديك الجن
02-19-2016, 12:20 PM
19/02/16

أحمد الدواس


في العام 1983 كنت أعمل في إحدى سفاراتنا الكويتية، وعند زيارتي السنوية لبلادي اقترح عليّ ديبلوماسي أردني أن أستقل طائرة الخطوط الأردنية “عالية” وان أهبط في مطار العاصمة الأردنية عمّان كترانزيت،

ولـيتني لم أفعل، فلما هبطت بنا الطائرة توجهت مع بعض المسافرين الى مكتب الترانزيت فقال أحد المسؤولين بما معناه “انتظروا، لاأستطيع أن أفعل لكم شيئاً، ومرت الدقيقة كأنها ساعة وأعصابنا مشدودة، وفجأة خرج علينا موظف لا أدري من أين جاء فختم تذاكرنا، لكن قبل دخول الطائرة مررت على حاجز يطلب من المسافر غير الأردني دفع “ضريبـة مغادرة قدرها 15 ديناراً أردنياً”، ومازلت أذكر هذا المبلغ المرتفع، والله على ما أقول شهيد . الكويت وطوال تاريخها فتحت أبوابها لعدد هائل من الوافدين،

وهؤلاء يحولون مبالغ ضخمة بالمليارات من الدنانير، ففي 9 مايو 2013 حولوا 4 ونصف مليار دينار كويتي أي مايزيد عن 12 مليار دولار، بل ان الوافدين حولوا في 5 سنوات مايزيد عن 21 مليار دينار ( صحيفة الراي يوم 9 يونيو 2015)، أي بما يفوق ميزانية الكويت السنوية ! حكومتنا الآن أصبحت شبـه فقيرة، بعد أن أسرفت في إقراض وتقديم المنح المالية للدول الأخرى، كأنها معين لايـنفد، مطلوب منها أن تهرع لإنقاذ وضع البلد العربي أو اقتصاد كل بلد عربي وأفريقي وآسيوي يتعرض لكارثة اقتصادية أو يطلب العون المالي، هم يخطئون ونحن ندفع ثمن أخطائهم، نقول تغير الحال علينا الآن، فنقترح على الحكومة ان تطلب من كل وافد ” رسم مغادرة بدينار واحد فقط أو أي مبلغ بسيط لايضر الوافد ” فنحن أطيب من غيرنا وأطيب من مطار البلد العربي المذكور . ثم ما المانع في أن يدفع الوافد رسماً آخر كلما جدد دفتر

سيارته؟ ومن المعلوم ان الوافد يتلقى رعاية صحية باهظة الثمن في بلده لكنها بالمجان في الكويت مثل العمليات الجراحية وغسل الكلى، والوافد يدفع فلسين للكهرباء ولم تطلب منه الحكومة زيادة على ذلك، لقد تركناه سنين طويلة من عمر الكويت وفتحنا له باب الرزق، والآن تطلب الدولة مساعدته، فلم يحنق الوافد على كاتب هذه السطور ويشتط غضباً؟ فالكويتيون أيضاً يدفعون ضرائب في بلدانهم العربية

والأجنبية . وهكذا تتحصل الحكومة على أموالٍ إضافية على نهج “معاملة الدول بالمثل “، هي من حقها نظير تقديم الخدمات الحكومية للوافدين، فإذا رفض الوافد هذا المقترح وغادر البلاد كان هذا ” خـير ونعمـة ” لأن زيادة الوافدين سببت مشكلات لاحصر لها للمواطنين، عندما أدخلوا جرائم لم يعهدها الكويتيون من قبل كالرشوة وغسيل الأموال وخلط المخدرات بالمكسرات، إلى جانب زحمة الشوارع بالسيارات، وإن رضخ الوافد وقبل العمل فيها فليدفع مقابل تحقيقه الثروات لدولة أمنت له سبل العيش الكريم له ولعائلاته . إننا كمواطنين لن نموت من الجوع، كما أننا ككويتيين عملنا في كسر الصخور وفي مختلف الحرف

والمهن، وخضنا أهوال البحر عندما كنا في فقر وعوز وكانت أرضنا فقيرة الموارد ولم يعطف علينا أحد في بلاد العرب، بل كنا ندفع ضريبة لكفاح الجزائر على تذكرة السينما في الكويت، وهكذا تجبي الحكومة موارد مالية من وافديها كحال جميع الدول، فإن غادر الكثير منهم الكويت ” كان خير وبركة ” لأن أحوال المواطن المعيشية سوف تتحسن عندما يتقلص عدد الوافدين، كيف ؟ من التاريخ الاقتصادي حدثت مأساة في أوروبا قبل سبعمائة عام حيث تفشى مرض الطاعون هناك فقضى على ثلث عدد الأوروبيين، فكان هذا سبباً لرفع مستوى الرفاهية والازدهار في تلك القارة. فبانخفاض عدد السكان في ذلك الوقت ارتفع مستوى الدخل، فقد أصبح هناك المزيد من الأراضي والموارد لصالح المواطنين، ثم ان المواطنين

أنفسهم أصبحوا أقلية نسبية تحتاجهم الصناعة مثلاً، التي اضطرت لدفع أجور عالية لهم، فهي تحتاجهم فعلاً للصناعات الحرفية أو الزراعية، فالمواطن العامل أصبح عنصر عمل يصعب الحصول عليه، وهنا ارتفعت أجور المواطنين بين القرنين السادس عشر والثامن عشر. ثم ظهرت الثورة الصناعية في مابعد، وبهذا المثال يتبين لنا ان معيشة الأوروبيين تحسنت عندما انخفض عدد السكان .

*سفير كويتي سابق aldawas.ahkwt@yahoo.com