المهدى
05-08-2005, 08:04 AM
بقلم : الفريق اول الركن وفيق السامرائي
بعد خمسة وثلاثين عاما من تطبيق نظرية الحزب الواحد، في وضع كما هي الحال في العراق بكل تنوعاته وثقافاته، لم يكن سهلاً المضي قدما في تشكيل الحكومة والمؤسسات. فالكل يبحث عن ضمانات عدم العودة الى السابق، عدا من بقي من أزلام صدام الذين اعتادوا على السير بعكس حركة التاريخ والحياة. لذلك استغرق تشكيل الحكومة وقتا أكثر بشهرين مما كان متوقعا من قبل السياسيين الكبار. وعلى أية حال، وبعد جهود لم تنقطع، تشكلت الحكومة، وانطلقت حركة تأسيس وتطوير المؤسسات الى أمام.
تنوع محاصصة
عندما تقرر اجراء الانتخابات، كان لا بد من القبول بما افرزته صناديق الاقتراع، وعندئذ يقبل المقاطعون بالواقع مثلما تقبل القوائم غير المتقدمة بنتائجها، باستحقاقات الفوز والتراجع والمقاطعة على حد سواء. لكن عرب الوسط (السنة) وجدوا أنفسهم خارج العملية السياسية، بسبب النصائح والارشادات الخاطئة التي عززت دور الارهاب في محاولة التأثير على العملية السياسية، حيث كان الارهاب ولا يزال يصر على محاولة الحيلولة دون قيام دولة المؤسسات، لأن لا شيء أكثر من القانون يدحر الارهاب ويقوض مرتكزاته، ويفصل بينه وبين عصابات الجريمة المنظمة.
ولتدارك الوضع، تصدت مجموعات قليلة من عرب الوسط للمرحلة على اساس المشاركة في اعادة البناء السياسي للدولة. شجعتها في ذلك رغبات من القائمتين الفائزتين بإقامة حكومة وحدة وطنية، تتجاوز نسبيا الاستحقاقات الانتخابية، وتقرب نظرية المحاصصة، وصولا الى تشكيل شكل من أشكال حكومة وحدة وطنية. وعلى هذا الفهم، ترك لعرب الوسط اشغال حقيبة الدفاع، وهي حقيبة مهمة جدا، من دون اغفال لضرورة اخضاع اسم المرشح لموافقة الكتلتين الفائزتين. ولأن من تصدى من عرب الوسط للمهمة غير متفق في ما بينه تأخرت تسمية الوزير.
وبمراجعة منصفة لواقع النيات والاستحقاقات، يظهر أن ما خصص من وزارات لعرب الوسط كان ضعيفا، عدا الدفاع. فالوزارات قليلة، وأقل اهمية كمجمل عام، والوزراء المختارون لم يلبوا طموح مناطقهم. ومع ذلك فإن للاستحقاقات الانتخابية دورا لا يمكن تجاوزه، فالناخب يريد أن يرى ثمرة تصويته، والانتخابات الأهم على الابواب. لذلك لا يمكن التسليم بمسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية، قفزا على كل استحقاقات الانتخابات. وكان على عرب الوسط عدم الخوض الى عمق غير واقعي في البحث عن وزارات، وعدم الاعتراض على توزير أي منهم ، والعمل بدل اللهاث وراء مواقع أبعدتها عنهم المقاطعة الخطأ في الزمان والمكان والفهم. والاستعداد بدل ذلك للمرحلة المقبلة، فالايام الآتية أكثر اهمية مما مضى.
عنف متباين
نعم، رمى الارهابيون بثقلهم كله، من أجل تصعيد نشاطاتهم ولتأكيد وجودهم، لكن الحقيقة ليست كذلك. وفي ما يأتي بعض المؤشرات الاساسية :
> أن الكثير من المسلحين من العراقيين ممن حملوا السلاح لأسباب منها نتاج استفزاز تسمية الاحتلال، توقفوا عن العمل المسلح وتوجهوا للمشاركة في العملية السياسية، وهذا حصل في صلاح الدين والانبار وغيرهما من المحافظات.
> مع ازدياد قوة الدولة ومؤسساتها الأمنية، ضعفت جبهة الارهاب بشكل واضح، وفشل الارهابيون الشهر الماضي في تجنيد أكثر من 5% مما نحجوا في تجنيده قبل خمسة أشهر، وهو مؤشر مهم جدا لصالح العملية السياسية وتطور الأمن وإشاعة الاستقرار. لذا، لجأ الارهابيون الى تجميع قواهم في بغداد الكبرى، أملا في التأثير على سير الأحداث، مستغلين المداولات السياسية وما أحدثت من فراغات. ودفعوا بأكثر ما يمكن من الانتحاريين القادمين من خارج الحدود (وكل الانتحاريين هم من القادمين من خارج الحدود)، لإثبات وجودهم. لكن حال كهذه لا يمكن أن تستمر مهما كانت قواعد تفقيس الارهاب نشطة.
> تكشف نتائج متابعة العنف، تراجعا كبيرا عما كانت عليه الحال في مرحلة الذروة بين أغسطس ونوفمبر من العام الماضي، وتراجعا مهما عن بداية العام الحالي، باستثناء الايام القليلة الماضية، التي ستفقد وضعها الشاذ قريبا.
> الدولة الجديدة القائمة معنية أكثر من غيرها في مجابهة الارهاب، وهي مصممة على فرض الأمن بمختلف الوسائل، ولأول مرة تحظى الحكومة بدعم سياسي وأمني ومعنوي كبير من قبل رئاسة الجمهورية.
> فرض الموقف الدولي متغيرات مهمة لصالح تعزيز الأمن في العراق.
> فقد ازلام صدام وجودهم الفعلي، بعد أن اعتقل معظم شخوصهم، وهم يفقدون قواعدهم على التوالي بشكل متواصل. ومما يؤكد هذه الحقيقة، أن ما سمي «جيش محمد»، الذي شكله صدام بعد السقوط قد فقد وجوده وتأثيره.
المستقبل مرحلة مهمة
لأنها:
> تشكل مرحلة كتابة الدستور، وينبغي مراعاة الواقعية في كتابته، لأن من المستحيل اقرار دستور لا يحظى برضا المكونات الاساسية، وعلى عرب الوسط المشاركة بواقعية وجدية بعيدا عن نظرات الهيمنة والتسلط، وهو أمر ينبغي أن يراعى من قبل الجميع.
> تؤسس لحكومة لأربع سنوات.
> ولأنها تدمج بين الحاضر والمستقبل وتقيم المعادلات والتوازنات على اسس جديدة.
> ولأن المشاركة السياسية ستكون شاملة من قبل عرب الوسط.
الجميع يعملون من أجل المستقبل عدا الارهاب ومن يصطف معه. والأمن والاعمار قطاران يؤدي انطلاقهما معاً الى الوصول الى محطات أفضل في كل المجالات. فهل يرافق الاعمار الأمن؟ لا سبيل آخر .
بعد خمسة وثلاثين عاما من تطبيق نظرية الحزب الواحد، في وضع كما هي الحال في العراق بكل تنوعاته وثقافاته، لم يكن سهلاً المضي قدما في تشكيل الحكومة والمؤسسات. فالكل يبحث عن ضمانات عدم العودة الى السابق، عدا من بقي من أزلام صدام الذين اعتادوا على السير بعكس حركة التاريخ والحياة. لذلك استغرق تشكيل الحكومة وقتا أكثر بشهرين مما كان متوقعا من قبل السياسيين الكبار. وعلى أية حال، وبعد جهود لم تنقطع، تشكلت الحكومة، وانطلقت حركة تأسيس وتطوير المؤسسات الى أمام.
تنوع محاصصة
عندما تقرر اجراء الانتخابات، كان لا بد من القبول بما افرزته صناديق الاقتراع، وعندئذ يقبل المقاطعون بالواقع مثلما تقبل القوائم غير المتقدمة بنتائجها، باستحقاقات الفوز والتراجع والمقاطعة على حد سواء. لكن عرب الوسط (السنة) وجدوا أنفسهم خارج العملية السياسية، بسبب النصائح والارشادات الخاطئة التي عززت دور الارهاب في محاولة التأثير على العملية السياسية، حيث كان الارهاب ولا يزال يصر على محاولة الحيلولة دون قيام دولة المؤسسات، لأن لا شيء أكثر من القانون يدحر الارهاب ويقوض مرتكزاته، ويفصل بينه وبين عصابات الجريمة المنظمة.
ولتدارك الوضع، تصدت مجموعات قليلة من عرب الوسط للمرحلة على اساس المشاركة في اعادة البناء السياسي للدولة. شجعتها في ذلك رغبات من القائمتين الفائزتين بإقامة حكومة وحدة وطنية، تتجاوز نسبيا الاستحقاقات الانتخابية، وتقرب نظرية المحاصصة، وصولا الى تشكيل شكل من أشكال حكومة وحدة وطنية. وعلى هذا الفهم، ترك لعرب الوسط اشغال حقيبة الدفاع، وهي حقيبة مهمة جدا، من دون اغفال لضرورة اخضاع اسم المرشح لموافقة الكتلتين الفائزتين. ولأن من تصدى من عرب الوسط للمهمة غير متفق في ما بينه تأخرت تسمية الوزير.
وبمراجعة منصفة لواقع النيات والاستحقاقات، يظهر أن ما خصص من وزارات لعرب الوسط كان ضعيفا، عدا الدفاع. فالوزارات قليلة، وأقل اهمية كمجمل عام، والوزراء المختارون لم يلبوا طموح مناطقهم. ومع ذلك فإن للاستحقاقات الانتخابية دورا لا يمكن تجاوزه، فالناخب يريد أن يرى ثمرة تصويته، والانتخابات الأهم على الابواب. لذلك لا يمكن التسليم بمسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية، قفزا على كل استحقاقات الانتخابات. وكان على عرب الوسط عدم الخوض الى عمق غير واقعي في البحث عن وزارات، وعدم الاعتراض على توزير أي منهم ، والعمل بدل اللهاث وراء مواقع أبعدتها عنهم المقاطعة الخطأ في الزمان والمكان والفهم. والاستعداد بدل ذلك للمرحلة المقبلة، فالايام الآتية أكثر اهمية مما مضى.
عنف متباين
نعم، رمى الارهابيون بثقلهم كله، من أجل تصعيد نشاطاتهم ولتأكيد وجودهم، لكن الحقيقة ليست كذلك. وفي ما يأتي بعض المؤشرات الاساسية :
> أن الكثير من المسلحين من العراقيين ممن حملوا السلاح لأسباب منها نتاج استفزاز تسمية الاحتلال، توقفوا عن العمل المسلح وتوجهوا للمشاركة في العملية السياسية، وهذا حصل في صلاح الدين والانبار وغيرهما من المحافظات.
> مع ازدياد قوة الدولة ومؤسساتها الأمنية، ضعفت جبهة الارهاب بشكل واضح، وفشل الارهابيون الشهر الماضي في تجنيد أكثر من 5% مما نحجوا في تجنيده قبل خمسة أشهر، وهو مؤشر مهم جدا لصالح العملية السياسية وتطور الأمن وإشاعة الاستقرار. لذا، لجأ الارهابيون الى تجميع قواهم في بغداد الكبرى، أملا في التأثير على سير الأحداث، مستغلين المداولات السياسية وما أحدثت من فراغات. ودفعوا بأكثر ما يمكن من الانتحاريين القادمين من خارج الحدود (وكل الانتحاريين هم من القادمين من خارج الحدود)، لإثبات وجودهم. لكن حال كهذه لا يمكن أن تستمر مهما كانت قواعد تفقيس الارهاب نشطة.
> تكشف نتائج متابعة العنف، تراجعا كبيرا عما كانت عليه الحال في مرحلة الذروة بين أغسطس ونوفمبر من العام الماضي، وتراجعا مهما عن بداية العام الحالي، باستثناء الايام القليلة الماضية، التي ستفقد وضعها الشاذ قريبا.
> الدولة الجديدة القائمة معنية أكثر من غيرها في مجابهة الارهاب، وهي مصممة على فرض الأمن بمختلف الوسائل، ولأول مرة تحظى الحكومة بدعم سياسي وأمني ومعنوي كبير من قبل رئاسة الجمهورية.
> فرض الموقف الدولي متغيرات مهمة لصالح تعزيز الأمن في العراق.
> فقد ازلام صدام وجودهم الفعلي، بعد أن اعتقل معظم شخوصهم، وهم يفقدون قواعدهم على التوالي بشكل متواصل. ومما يؤكد هذه الحقيقة، أن ما سمي «جيش محمد»، الذي شكله صدام بعد السقوط قد فقد وجوده وتأثيره.
المستقبل مرحلة مهمة
لأنها:
> تشكل مرحلة كتابة الدستور، وينبغي مراعاة الواقعية في كتابته، لأن من المستحيل اقرار دستور لا يحظى برضا المكونات الاساسية، وعلى عرب الوسط المشاركة بواقعية وجدية بعيدا عن نظرات الهيمنة والتسلط، وهو أمر ينبغي أن يراعى من قبل الجميع.
> تؤسس لحكومة لأربع سنوات.
> ولأنها تدمج بين الحاضر والمستقبل وتقيم المعادلات والتوازنات على اسس جديدة.
> ولأن المشاركة السياسية ستكون شاملة من قبل عرب الوسط.
الجميع يعملون من أجل المستقبل عدا الارهاب ومن يصطف معه. والأمن والاعمار قطاران يؤدي انطلاقهما معاً الى الوصول الى محطات أفضل في كل المجالات. فهل يرافق الاعمار الأمن؟ لا سبيل آخر .