المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رأي خليجي في السعوديّة وإيران



قبازرد
02-12-2016, 03:37 PM
http://static.addiyar.com/storage/authors/12540721551184445290.jpg

نبيه البرجي

12 شباط 2016

«ايران تحتاج الى عشر سنوات، وربما الى عشرين سنة، لتغدو دولة عظمى. السعودية تحتاج الى عشر سنوات، وربما الى عشرين سنة لتنتهي كدولة عظمى».

هذا رأي وزير خارجية خليجي عتيق الى سياسي ورجل اعمال خليجي ينتمي الى عائلة بارزة وتعرف عنه واقعيته في التعاطي مع المشهد السياسي...

كان العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله يقول «تجلس الى العربي ربع ساعة فيطلعك على كل تفاصيل حياته، وتجلس الى الايراني ربع قرن فلا تعرف اي شيء عن حياته». هل هو العقل الآري مقابل العقل السامي، ام هو اللاوعي الزرداشتي مقابل اللاوعي البدوي؟

كنت قد استعدت قصة ذلك العراقي الذي التقيته لاقل من خمس دقائق في مطار شارل ديغول في باريس. في هذه الدقائق، وفي ذروة الحرب بين بلاده وايران، كشف لي انه مدير التسليح في الجيش العراقي، وانه ذاهب الى البرتغال لشراء مصفحات طراز صلاح الدين، وانه يتنقل بسبعة جوازات سفر اخرجها من جيبه امام الموظفة الشقراء في الخطوط الجوية الفرنسية...

لا ريب ان لنا مزايانا التي ترتبط بقيم البداوة لا بقيم الحداثة. كان يوسي كوهين يقول ان المشكلة مع الايرانيين ليست في المفاعلات النووية بل في الادمغة النووية. جان دانييل استنبط مصطلح الـ Bedouincratie في وصفنا. هنا البدوي ام الاعرابي؟

وزير الخارجية العتيق قال انه حينما كانت ايران تخضع لعقوبات تنؤ بها الجبال، كان صندوق السيادة في السعودية يحتوي على تريليون دولار. الان، في لغة المستقبل، وفي لعبة المستقبل، اين هي السعودية واين هي ايران؟

الوزير يستند الى ما يقوله خبراء دوليون حول التلاشي التدريجي للاحتياطي السعودي في غضون عشر سنوات، اذا بقيت الحرب في اليمن على حالها، وهي الحرب التي تلعب، تراجيديا، بحاضر المملكة وبمستقبلها، واذا ما بقي التعاطي بالوتيرة اياها، وبالعقلية اياها، مع الازمة في العراق ومع الازمة في سوريا...

ثمة من يقول ان اصحاب الشأن يسندون ظهورهم الى شركة ارامكو التي يمكن لثمنها ان يؤمن للملكة الرخاء لعشرين عاما. الوزير العتيق قرأ مثل هذا التحليل، وقال انه شعر بالصدمة لان الكاتب من جماعة البلاط، بل من منظري البلاط. حين تنهار اسعار النفط، وهذه مسألة نعيشها الان بكل اهوالها، اي قيمة تبقى لتلك الشركة العملاقة؟


وحتى لو كانت تدير استثمارات بتريليونات الدولارات، لا مكان للاقتصاد ذات البعد الواحد، ولا الاقتصاد الريعي، في زمننا وحيث «الحرب العالمية بالاسواق» لا بالصواريخ العابرة للقارات ولا بالقنابل الهيدروجينية...

هذه مشكلة تبدو وكأنها من دون حل. كيف يمكن تحويل مجتمع بكامله من مجتمع استهلاكي، حتى بات الاستهلاك جزءا من البنية البيولوجية لهذا المجتمع، الى مجتمع منتج، وخلاق، وقادر على المنافسة؟

الوزير العتيق يلاحظ الفارق في الطبيعة القانونية والاستثمارية للعقود التي تبرمها المملكة مع الدول الغربية، والطبيعة القانونية والاستثمارية للعقود التي ابرمتها ايران اخيرا، ومع جولة حسن روحاني، في ايطاليا وفرنسا، دون التوقف عند» الاستثمار المعنوي» اللافت جدا في الفاتيكان.

لا حاجة لمثل هذا السؤال: هل يعني ذلك ان السعودية تستثمر، وتلعب، في الماضي، وايران تستثمر، وتلعب، في المستقبل؟

الوزير الخليجي لا ينظر الى ايران، بنظامها المركب وحيث يختلط اللاهوتي بالاستراتيجي، والتاريخي بالايديولوجي، على انها اليوتوبيا. يعتقد انه لولا ازماتها المترامية لما عقدت اتفاق فيينا، ولكان مرشد الجمهورية يضع القنبلة تحت وسادته فيما الاكثرية تتضور جوعا...

ايران مرهقة اقتصاديا، وربما سيكولوجيا ايضا، وثمة من يخشى تحلل النظام اذا لم تحدث، خلال عقد من الزمان، ثورة اقتصادية وصناعية وتكنولوجية تنقل ايران الى الصف الاول بين نمور اسيا، لا بل ان بعض المسؤولين الايرانيين يتحدثون، بثقة متناهية، عن النموذج الياباني.

حتى ذلك الحين، لا بد من الحد من الايقاع الجيوبوليتيكي او بالاحرى ضبط الايقاع الجيوبوليتيكي. الوزير اياه يقول ان ثمة اتصالات ديبلوماسية تجرى الان، بعيدا من الضؤ، لاقناع السعودية بالعودة التدريجية عن سياساتها الراهنة في اليمن التي لا مجال البتة للانتصار فيها، وفي العراق حيث الفوضى لا بد ان تدق ابواب الخليج، وفي سوريا حيث القيصر قال بالفم الملآن، هنا توضع قواعد اللعبة...

بالتوازي «ان تلتقي الجمهورية الاسلامية في منتصف الطريق، او في مكان ما من الطريق، مع المملكة العربية السعودية، وتوقف التلاعب بأوضاع المنطقة». الدولتان بحاجة الى ما هو اكثر بكثير من استراحة المحارب. العمل ليل نهار من اجل المستقبل. من اجل الحياة.

حتى الان، لا امل. الصراع حتى الهاوية!!


http://www.addiyar.com/article/1128067-%D8%B1%D8%A3%D9%8A-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86