المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل «لعمر المديرين» علاقة بإبداعاتهم أو قدرتهم على الإدارة؟



فاطمة
05-05-2005, 04:01 PM
كتب محمـد النغيمش


أغرب إعلان وظيفي قرأته كان في صحيفة كويتية مفاده: «مطلوب موظف مبيعات من سن 20 إلى 30 ومدير إدارة من 30 إلى 40 سنة ومدير عام من 40 إلى 50 سنة».

لا يبدو لقارئ الإعلان أي تفسير منطقي يشفع لصاحبه سبب تصنيفه للوظائف حسب تلك الفئات العمرية. ربما نفهم البحث عن أعمار صغيرة لوظيفة موظف مبيعات متنقل، تتطلب وظيفته حركة دائمة بين المجمعات التجارية، ولكن تحديد عمر مدير شركة ما بين 40 إلى 50 سنة هو أمر غير مفهوم في عالم أضحى مليئا بالشباب العربي المبدع والمؤهل لقيادة أرفع المناصب الإدارية.

رئيس مجلس إدارة دبي القابضة الشاب محمد العبار يدير إمبراطورية مالية قابضة في دبي تتملك كبريات شركات المنطقة بمجموع رؤوس أموال تتجاوز المائة مليون دولار أمريكي. ومن يتابع زيارات المواقع الاستثمارية في نشرات الأخبار لولي عهد إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يرى ثلة من الشباب العرب المؤهلين يسيرون إلى جانبه.. يديرون كبريات الشركات الإقليمية ومعظمهم في العقدين الثالث والرابع. وجد هؤلاء الشباب الأكفاء في قائدهم رجلا يؤمن بطاقات الشباب فبنى وإياهم إمارة معمارية رائعة صارت تنافس أكثر البلدان العربية تمدنا وعمرانا. هذا الشيخ يحسن الإنصات إلى أفكار الشباب فأضاف بذلك إلى عجائب الدنيا السبع أعجب جزر صناعية عرفتها البشرية (جزر النخلة والعالم).. بحسب شهادات غربية.

ثقافتنا العربية عززت فينا حب الكبير وتوقيره وهذا شيء ايجابي، ولكن أن تختار مؤسسات مديريها أو مناصب قيادية رئيسية فيها على «أساس عمري» فهذا أمر غير منطقي وفيه نوع من الإجحاف بحق شبابنا العربي الطموح. ما المشكلة في أن يدير مؤسسة عملاقة شاب عربي مؤهل وذو تاريخ إداري مشرف؟ ما المشكلة في أن يحكم دولة «حاكم عربي شاب» جاء إلى سدة الحكم باختيارشعبي يشهد بكفاءته؟ وما المشكلة في أن يكون وزير أو حتى رئيس وزراء في الثلاثينات أو الأربعينات من عمره مادام مؤهلا لذلك المنصب.

شبابنا العرب يحتاجون إلى إعطائهم فرصة ليثبتوا كفاءاتهم. ومن يثبت عكس ذلك يمكن استبداله بسهولة بمن هو أفضل منه، لابد من التخلص من عقدة التردد والخوف من تغيير مسؤولين غير أكفاء بحجة مداراة العلاقات الاجتماعية أو غيرها من مصالح مختلفة.

في سوق الكويت للأوراق المالية يدير شباب كويتيون مئات الملايين من الدنانير ويحققون نتائج سنوية مذهلة، وبنظرة سريعة على المناصب القيادية العليا في الشركات الكويتية والخليجية الخاصة نجد الشباب يتربعون على قمة تلك المناصب. كل ما في الأمر أنهم وجدوا في القطاع الخاص بيئة صحية تحفز الموظفين ـ أيا كانت أعمارهم ـ على العمل المنتج والجاد وترفض الكسل والتقاعس.

أحد الطلبة الكويتيين في الولايات المتحدة الأميركية أسس شركة أميركية صغيرة لبيع بطاقات الهواتف المتنقلة ووظف عددا من الأميركيين فيها، فلم تقف ظروف دراسته عائقا أمام رغبته الصادقة لتطوير ذاته وتحقيق أمنياته.

والمؤهل العلمي لا يعد دائما مقياسا لقدرة الشباب على الإبداع أو الإدارة. فالمليونير بيل غيتس طرد من الجامعة في سنواته الدراسية الأولى ولم ييأس فأسس أكبر شركة لصناعة برمجيات الحاسوباتMicrosoft فصار بفضل عزيمته وإبداعه وإصراره صاحب أول وأكبر شركة من نوعها، وبطبيعة الحال أضحى أغنى أغنياء العالم لما يربو على سبع سنوات متتالية.

متى نتخلص من «عقدة الأعمار» والانشغال بالشكليات على حساب إبداعات الشباب ونشاطهم؟ حينما تخلص العالم الغربي المتقدم من «عقد الأعمار» أذهلته طاقات الشباب المطمورة، ولما وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، صار الآن ينعم بنتائج قدراتهم الفذة ونشاطاتهم المتجددة التي يشار إليها بالبنان.

mohammed@nughaimish.com