طائر
12-08-2015, 07:16 AM
http://static.addiyar.com/storage/authors/12540721551184445290.jpg
نبيه البرجي - الديار
8 كانون الأول 2015
تسللاً وصل حصان طروادة، حصان السلطان، الى بوابة الموصل التي هي، مثل حلب، حلم عثماني قديم. ماذا حين يكذب السلطان؟ وماذا حين يتواطأ مسعود برزاني، وقد اصبح ظلاً لرجب طيب اردوغان، او دمية بين يديه، ضد بني قومه، بل وضد العراق الذي يفترض ان يتصدع، ويتصدع المشرق العربي كله، لتؤول الثروات الى الباب العالي...
كثيرون كتبوا عن الرئيس التركي الذي لا يرى سبيلا لاعادة السلطنة، ويكون هو القطب الثاني او الثالث في هذا العالم، الا اذا كانت الاماكن المقدسة وحقول النفط في يده. أليس لقب السلطان هو «خادم الحرمين الشريفين»، مع ان اياً من السلاطين لم يؤد مناسك الحج في مكة او المدينة. ليس من حاضرة مقدسة في الدنيا الا حيثما يوجد السلطان...
اردوغان يعلم تماما ما كان رأي الثلاثي ديك تشيني ودونالد رامسفيلد وبول ولفوويتز بالعراق. الاخير هو من كتب في وقت لاحق ان الحساسية الجيواستراتيجية والحساسية الجيوسياسية، فضلا عن الحساسية التاريخية للعراق، تجعل منه نقطة الاستقطاب المركزية في الشرق الاوسط..
هذا يعيدنا ثانية الى ما قاله امبراطور الصين للرحالة القرشي عقب ثورة الزنج «ان الملوك خمسة، اوسعهم ملكا الذي يملك العراق لانه في وسط الدنيا، والملوك محدقة به». الآن، الالياذة العراقية. الآلهة، انصاف الآلهة، ثيران مجنحة وتنفث النيران...
ولفوويتز قال «بينه وبين البحر الاسود تركيا، وبينه و بين البحر الابيض المتوسط سوريا، وبينه وبين البحر الاحمر، وصولا الى المحيط الهندي، المملكة العربية السعودية». الاتراك يريدون العراق، والايرانيون يريدون العراق، اما العرب فيحطمون العراق، وسواء عبر رجب طيب اردوغان ام عبر ابي بكر البغدادي...
لفتنا قول المسؤول الايراني «نحن لسنا مع روسيا ولا مع تركيا». نفهم ان الايرانيين مع ايران فقط. الاتراك مع تركيا فقط. العرب وحدهم مع كل هؤلاء وليسوا مع بلدانهم ولا مع ارضهم. لم نتغير قيد انملة من ايام آبائنا الغساسنة والمناذرة.
هكذا يصف مفتي السعودية عبد العزيز آل شيخ تركيا بـ«الثغر العظيم» الذي يفترض ان نؤازره في تدميره سوريا، وفي تدميره العراق. ماذا يفعل جنود اردوغان على تخوم الموصل سوى انه، بتواطؤ مع حكومة اربيل ومع الادارة الاميركية، يريد وضع يده على المدينة، على ان تكون حقول كركوك مشتركة بينه و بين البرزاني؟
كيف يمكن لابن الملاّ مصطفى البرزاني ان يقبل تلك الصفقة القذرة، وهو الذي يرى ما تفعله انقرة ليس فقط بأكراد تركيا، وانما بأكراد العراق وبأكراد سوريا؟ في هذه الحال أليس من مصلحته ألا يضطلع بدور «الخنجر العثماني» ويزداد التحاما وتلاحما مع السلطة في بغداد، وان كان احد لا يثق بفاعلية هذه السلطة، ولا بقدرتها على اجتثاث الفساد، بالتالي ادارة البلاد في هذه الظروف التي يبدو جلياً ان ثمة من يخطط كي لا يكون هناك ذلك الشيء الذي يدعى العراق...
ثمة باحث عراقي ناقشناه حول مستقبل بلاده. اعتبر «ان القول بزوال العراق كما القول بزوال الازل». في ارض الرافدين ترعرعت الحضارة السومرية التي هي مهد الحضارات، وفيها تبلور، وان اسطوريا، مفهوم الخلود في الوعي البشري. الاكثر من ذلك، ان العبرانيين اخذوا ميكانزم الخليقة (في التوراة) عن ميكانزم الخليقة لدى السومريين، كذلك مرثيات ارميا التي اقتبست عن المرثيات السومرية الكبرى...
هذا هو العراق، من نبوخذ نصر الى هارون الرشيد مرورا بحمورابي، اين هو الآن؟
فضيحة اردوغان على ابواب الموصل. وحين يمسك بالموصل يمسك ببغداد وما وراء، ما وراء بغداد، فهل نسي مسعود البرزاني من دفع بجحافل «داعش» الى اسوار اربيل، وهل لبى السلطان صيحات الاستغاثة؟
هناك من يقترح ان تبادر بغداد وتعلن اقليم كردستان دولة مستقلة. اردوغان لن يتوقف عن اللعب ما دام الاقليم ضائعا. مولود جاويش اوغلو قال ان مرابطة الجنود الاتراك في منطقة بعشيقة تم بالاتفاق مع حكومة برزاني. لا انقرة تعترف ببغداد ولا اربيل كذلك، لا بل ان الصفقات تعقد، والعمليات العسكرية تحدث، وبغداد تعيش على ذكريات شهرزاد..
انقرة قالت انها هناك لتدريب «الاكراد السنّة». متى كان الاكراد، وهم القوميون المتشددون، يقولون بالكردي السني وبالكردي الشيعي الا في حضرة الثنائي رجب طيب اردوغان ومسعود برزاني؟
لاشقائنا السعوديين نقول اذا كنتم تقولون ان السلطة في ايران تسعى لتفكيك الدول العربية وزعزعتها، ماذا تفعل السلطة في تركيا غير ذلك؟ نسمع من ديبلوماسي عربي انها مهندسة «داعش» في العراق، والجنود هناك لحمايته، وهي التي اطلقت له العنان في ليبيا لتزعزع مصر..
المشهد شديد الوضوح. لا احد يتصور ان مأزق المملكة في اليمن، بتداعياته البعيدة المدى، اقل هولا من المأزق السوري او المأزق العراقي.
لا عرب هناك، حتى القيادة في مصر التي راهنا عليها لتكون القوة الثالثة بين تركيا وايران إما انها تعاني من الوهن الذاتي او انها تتعرض للاستنزاف لتبقى مصر، كما كرستها اتفاقية كمب ديفيد، دولة تستجدي رغيف الخبز مثلما تستجدي الدبابة. كلنا ننتحر. كلنا انتحاريون. عربياً: اشلاء...!!
http://www.addiyar.com/article/1090885-%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D9%86-%D8%B7%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B0%D 8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9
نبيه البرجي - الديار
8 كانون الأول 2015
تسللاً وصل حصان طروادة، حصان السلطان، الى بوابة الموصل التي هي، مثل حلب، حلم عثماني قديم. ماذا حين يكذب السلطان؟ وماذا حين يتواطأ مسعود برزاني، وقد اصبح ظلاً لرجب طيب اردوغان، او دمية بين يديه، ضد بني قومه، بل وضد العراق الذي يفترض ان يتصدع، ويتصدع المشرق العربي كله، لتؤول الثروات الى الباب العالي...
كثيرون كتبوا عن الرئيس التركي الذي لا يرى سبيلا لاعادة السلطنة، ويكون هو القطب الثاني او الثالث في هذا العالم، الا اذا كانت الاماكن المقدسة وحقول النفط في يده. أليس لقب السلطان هو «خادم الحرمين الشريفين»، مع ان اياً من السلاطين لم يؤد مناسك الحج في مكة او المدينة. ليس من حاضرة مقدسة في الدنيا الا حيثما يوجد السلطان...
اردوغان يعلم تماما ما كان رأي الثلاثي ديك تشيني ودونالد رامسفيلد وبول ولفوويتز بالعراق. الاخير هو من كتب في وقت لاحق ان الحساسية الجيواستراتيجية والحساسية الجيوسياسية، فضلا عن الحساسية التاريخية للعراق، تجعل منه نقطة الاستقطاب المركزية في الشرق الاوسط..
هذا يعيدنا ثانية الى ما قاله امبراطور الصين للرحالة القرشي عقب ثورة الزنج «ان الملوك خمسة، اوسعهم ملكا الذي يملك العراق لانه في وسط الدنيا، والملوك محدقة به». الآن، الالياذة العراقية. الآلهة، انصاف الآلهة، ثيران مجنحة وتنفث النيران...
ولفوويتز قال «بينه وبين البحر الاسود تركيا، وبينه و بين البحر الابيض المتوسط سوريا، وبينه وبين البحر الاحمر، وصولا الى المحيط الهندي، المملكة العربية السعودية». الاتراك يريدون العراق، والايرانيون يريدون العراق، اما العرب فيحطمون العراق، وسواء عبر رجب طيب اردوغان ام عبر ابي بكر البغدادي...
لفتنا قول المسؤول الايراني «نحن لسنا مع روسيا ولا مع تركيا». نفهم ان الايرانيين مع ايران فقط. الاتراك مع تركيا فقط. العرب وحدهم مع كل هؤلاء وليسوا مع بلدانهم ولا مع ارضهم. لم نتغير قيد انملة من ايام آبائنا الغساسنة والمناذرة.
هكذا يصف مفتي السعودية عبد العزيز آل شيخ تركيا بـ«الثغر العظيم» الذي يفترض ان نؤازره في تدميره سوريا، وفي تدميره العراق. ماذا يفعل جنود اردوغان على تخوم الموصل سوى انه، بتواطؤ مع حكومة اربيل ومع الادارة الاميركية، يريد وضع يده على المدينة، على ان تكون حقول كركوك مشتركة بينه و بين البرزاني؟
كيف يمكن لابن الملاّ مصطفى البرزاني ان يقبل تلك الصفقة القذرة، وهو الذي يرى ما تفعله انقرة ليس فقط بأكراد تركيا، وانما بأكراد العراق وبأكراد سوريا؟ في هذه الحال أليس من مصلحته ألا يضطلع بدور «الخنجر العثماني» ويزداد التحاما وتلاحما مع السلطة في بغداد، وان كان احد لا يثق بفاعلية هذه السلطة، ولا بقدرتها على اجتثاث الفساد، بالتالي ادارة البلاد في هذه الظروف التي يبدو جلياً ان ثمة من يخطط كي لا يكون هناك ذلك الشيء الذي يدعى العراق...
ثمة باحث عراقي ناقشناه حول مستقبل بلاده. اعتبر «ان القول بزوال العراق كما القول بزوال الازل». في ارض الرافدين ترعرعت الحضارة السومرية التي هي مهد الحضارات، وفيها تبلور، وان اسطوريا، مفهوم الخلود في الوعي البشري. الاكثر من ذلك، ان العبرانيين اخذوا ميكانزم الخليقة (في التوراة) عن ميكانزم الخليقة لدى السومريين، كذلك مرثيات ارميا التي اقتبست عن المرثيات السومرية الكبرى...
هذا هو العراق، من نبوخذ نصر الى هارون الرشيد مرورا بحمورابي، اين هو الآن؟
فضيحة اردوغان على ابواب الموصل. وحين يمسك بالموصل يمسك ببغداد وما وراء، ما وراء بغداد، فهل نسي مسعود البرزاني من دفع بجحافل «داعش» الى اسوار اربيل، وهل لبى السلطان صيحات الاستغاثة؟
هناك من يقترح ان تبادر بغداد وتعلن اقليم كردستان دولة مستقلة. اردوغان لن يتوقف عن اللعب ما دام الاقليم ضائعا. مولود جاويش اوغلو قال ان مرابطة الجنود الاتراك في منطقة بعشيقة تم بالاتفاق مع حكومة برزاني. لا انقرة تعترف ببغداد ولا اربيل كذلك، لا بل ان الصفقات تعقد، والعمليات العسكرية تحدث، وبغداد تعيش على ذكريات شهرزاد..
انقرة قالت انها هناك لتدريب «الاكراد السنّة». متى كان الاكراد، وهم القوميون المتشددون، يقولون بالكردي السني وبالكردي الشيعي الا في حضرة الثنائي رجب طيب اردوغان ومسعود برزاني؟
لاشقائنا السعوديين نقول اذا كنتم تقولون ان السلطة في ايران تسعى لتفكيك الدول العربية وزعزعتها، ماذا تفعل السلطة في تركيا غير ذلك؟ نسمع من ديبلوماسي عربي انها مهندسة «داعش» في العراق، والجنود هناك لحمايته، وهي التي اطلقت له العنان في ليبيا لتزعزع مصر..
المشهد شديد الوضوح. لا احد يتصور ان مأزق المملكة في اليمن، بتداعياته البعيدة المدى، اقل هولا من المأزق السوري او المأزق العراقي.
لا عرب هناك، حتى القيادة في مصر التي راهنا عليها لتكون القوة الثالثة بين تركيا وايران إما انها تعاني من الوهن الذاتي او انها تتعرض للاستنزاف لتبقى مصر، كما كرستها اتفاقية كمب ديفيد، دولة تستجدي رغيف الخبز مثلما تستجدي الدبابة. كلنا ننتحر. كلنا انتحاريون. عربياً: اشلاء...!!
http://www.addiyar.com/article/1090885-%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D9%86-%D8%B7%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B0%D 8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9