سمير
04-29-2005, 11:46 PM
الظروف الاقتصادية تفرضه.. والدراسات العلمية ترفضه
تحقيق محمد حنفي:
كثير من الشباب المقبلين على الزواج لا يمتلكون القدرة المادية لامتلاك وتأسيس بيت، والحل الذي جربه كثيرون قبلهم هو الزواج والسكن مع الأهل في بيت العائلة الكبير كحل دائم أو مؤقت. لكن هذا الحل يمنع الزوجان من الخصوصية والاستقلالية، كما يمكن أن يتحول إلى مشكلة بسبب الخلافات التي تظهر بين الحماة والزوجة أو بسبب تدخل الأسرة في شؤون الزوجين، وهو ما يحول الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق.
يقول أحمد العريض وهو شاب سيتزوج قريبا:
إن السكن بعد الزواج مع الأهل في بيت العائلة حل لمشكلة الإسكان التي يعاني منها الكثير من الشباب الراغبين في الزواج ولا يجدون المقدرة المادية لشراء بيت او تأسيسه. ويروي أحمد تجربة شقيقه الأكبر الذي تزوج وقرر العيش مع الأسرة ولم تحدث أي مشاكل بعد الزواج، وهو يرى أنه لا توجد أسرة تريد أن تسبب الخلافات لأبنها أو لزوجته.
أما عبد الله البريكي (22 سنة ) وهو متزوج منذ عام ويعيش مع زوجته في بيت أسرته فيقول:
لا توجد مشاكل ولا يحزنون، فأنا متزوج وأعيش مع أهلي في بيت العائلة، ولا توجد أي خلافات، وهذا يعود إلى تفهم الأسرة لوضعي وعدم تدخلها في شؤوننا فالأسرة التي تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياة الزوجين الجديدين يمكن أن تفسد حياة الزوجين.
وعارف خلف متزوج منذ 19 عاما ويعيش في بيت العائلة مع زوجته وأبنائه. ولم تحدث طوال هذه السنوات أي مشكلة أو خلاف. ويقول:
إن الأجيال القديمة كانت تعيش في كنف الأسرة، وكان يوجد في البيت الواحد عشرون شخصا يعيشون كلهم في حب وتفاهم.. ويرى أن المشاكل لا تأتي إلا عندما يتدخل الأهل أو طرف آخر بين الزوجين. كما يرى أن بيت العائلة هو الحل لكل الشباب الذين يتحججون بتأجيل الزواج لعدم وجود البيت.
شباب بين نارين
لكن بدر العبدلي (26 سنة) المتزوج منذ سنة يسرد لنا تجربته في السكن مع الأهل بعد الزواج قائلا:
عندما قررت الزواج كان علي أن أنتظر 15 سنة من أجل الحصول على بيت، وكان الحل هو السكن مع أهلي. وقد اتخذت هذا القرار مضطرا، والزوجة كانت متفهمة لهذا الحل المؤقت. لكن في المستقبل أتمنى أن انتقل إلى بيت خاص بي لأنه سيكون هناك أولاد ولابد من الاستقلال.
ويحكي حسن الماجد، الذي يعيش في بيت خاص به حكاية أحد أصدقائه حيث تزوج وقرر العيش مع أهله ولكن لأن الأسرة لم تكن موافقة على هذا الزواج، فقد تحولت حياته إلى جحيم بسبب الخلافات التي جرى افتعالها كل يوم وانتهى الزواج بالطلاق ومازال هذا الصديق يعيش في حالة سيئة للغاية بسبب هذه التجربة.
وعلى الرغم من أن محمد ضائن (24 سنة) غير متزوج إلا أنه يرى أن الكثيرين يمرون بهذا المأزق قائلا: من الصعب على شاب في بداية حياته الحصول على بيت وهنا إما أن يسكن في شقة، أو يعيش مع أسرته. وبالطبع فكل شاب يريد الاستقلال في بيت خاص به خاصة في سنوات الزواج الأولي لأنه مهما كانت درجة التفاهم بين أسرته والزوجة فلابد من أن تحدث بعض الخلافات حتى لو كانت صغيرة.
الزوجات يفضلن الاستقلال
ويبدو أن للمرأة رأيا أخر حيث ترى ليلى الصالح أن السكن بعد الزواج في بيت أسرة الزوج أو الزوجة يمكن أن يسبب مشاكل لا حصر لها وتضيف قولها: نسمع عن حالات طلاق كثيرة السبب فيها خلافات الزوجة مع الأم أو أخوات الزوج وهذا الوضع يضع الأزواج في موقف لا يحسدون عليه فإما أن يرضي الواحد زوجته ويخسر أهله أو يرضي أهله على حساب زوجته. فالأفضل هو الزواج في بيت مستقل بعيدا عن الأهل.
أم بدر التي عاشت خمس سنوات مع زوجها في بيت أسرته، لم تحدث فيها خلافات تفضل ايضا استقلال الزوجين في بيت خاص بهما حتى لو كان شقة وليس بيتا مستقلا وهو ما فعلته بعد ذلك هي وزوجها. وتتساءل:
مادام كل زوجين سيستقلان بحياتهما إن عاجلا أم آجلا فلماذا لا يكون ذلك منذ بداية الزواج ؟.
ولعل ما يجعلنا نفرق بين الأسرة الممتدة والأسرة النووية هو المطبخ، فهو الركن الأساسي في البيت للمرأة، وهو رمز الاستقلالية، ففي الأسرة الممتدة أو بيت العائلة هناك مطبخ واحد يستخدمه الجميع وهنا لا تشعر الزوجة الجديدة بالاستقلال.
وقد قمت بعمل دراسة على الأسرة الممتدة والأسرة النووية وسبقتني دراسات أخرى مشابهة وكلها توصلت إلى أن هناك تفضيلا من جانب الأجيال الجديدة للاستقلال بعيدا عن بيت العائلة. بل إن الدراسة لاحظت وجود علاقة بين ارتفاع معدلات ضغط الدم والعيش داخل الأسرة الممتدة في بيت العائلة الكبيرة. وربما كان هذا يشير إلى أن الأزواج الجدد الذين يعيشون داخل بيت العائلة تحدث بينهم الخلافات. كما أن الدراسة لاحظت أن الأسرة الجديدة التي تعيش داخل بيت العائلة الكبير وتتمتع باستقلالها خاصة فيما يتعلق بوجود مطبخ مستقل عن مطبخ العائلة الكبيرة تقل فيها الخلافات لأن هذه الأسرة تشعر باستقلالها لكنها في الوقت نفسه ترتبط اجتماعيا مع العائلة الكبيرة.
الشباب الآن يعيشون في عصر الأسرة النووية، وبالتالي من الطبيعي أن ينزعوا نحو الاستقلالية عن بيت العائلة الكبير الذي تعارف عليه الآباء والأجداد لسنوات طويلة، فالجميع يريدون بيتا خاصا بهم يشعرون فيه بالخصوصية بعيدا عن سيطرة الأهل وتداخلاتهم. وبالتالي أعتقد أن سكن الأزواج الجدد في العصر الحالي في بيت الأهل يعتبر مشكلة وليس حلا حيث يمكن أن يساهم في خلق الكثير من المشكلات والخلافات، وهذه ليست دعوة لهجران بيت العائلة وإنما هناك شرط أساسي يسبق رغبة الأزواج في الاستقلال وهو أن يكون هناك في المقابل تواصل أسري واجتماعي مع العائلة الكبيرة فلا يعني الاستقلال أن نبتعد عن الأب والأم والعائلة الكبيرة والبيت الذي تربينا فيه.
علم الاجتماع
وللدكتور يعقوب الكندري أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت العديد من الدراسات حول العلاقات داخل الأسرة الممتدة والأسرة النووية، وهو يرى أن عملية السكن تأثرت بعوامل التغير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي التي حدثت داخل المجتمع، ويقول:
في المجتمعات العربية ـ ومن بينها المجتمع الكويتي ـ كان التفضيل في أزمان سابقة للعيش والسكن مع الأسرة الممتدة التي تشمل الجد والأب والأحفاد. ففي هذه الأسرة الممتدة يعيش الأفراد معا ويعملون معا ويأكلون من مطبخ واحد معا. وهنا يفرض نمط الأسرة الممتدة استقلالية الفرد. وهذا النوع من السكن فرضته طبيعة الظروف الاقتصادية التي كانت سائدة آنذاك. لكن بعد عملية التغيير التي حدثت للمجتمع جاءت نزعة الاستقلال لدى الأسرة النووية التي تتكون من الأب والأم والأطفال سواء في بيت مستقل أو حتى عبر استقلالية في البيت نفسه بأن يسكن الزوجان في طابق أو ملحق وهذا نوع من الاستقلال.
تحقيق محمد حنفي:
كثير من الشباب المقبلين على الزواج لا يمتلكون القدرة المادية لامتلاك وتأسيس بيت، والحل الذي جربه كثيرون قبلهم هو الزواج والسكن مع الأهل في بيت العائلة الكبير كحل دائم أو مؤقت. لكن هذا الحل يمنع الزوجان من الخصوصية والاستقلالية، كما يمكن أن يتحول إلى مشكلة بسبب الخلافات التي تظهر بين الحماة والزوجة أو بسبب تدخل الأسرة في شؤون الزوجين، وهو ما يحول الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق.
يقول أحمد العريض وهو شاب سيتزوج قريبا:
إن السكن بعد الزواج مع الأهل في بيت العائلة حل لمشكلة الإسكان التي يعاني منها الكثير من الشباب الراغبين في الزواج ولا يجدون المقدرة المادية لشراء بيت او تأسيسه. ويروي أحمد تجربة شقيقه الأكبر الذي تزوج وقرر العيش مع الأسرة ولم تحدث أي مشاكل بعد الزواج، وهو يرى أنه لا توجد أسرة تريد أن تسبب الخلافات لأبنها أو لزوجته.
أما عبد الله البريكي (22 سنة ) وهو متزوج منذ عام ويعيش مع زوجته في بيت أسرته فيقول:
لا توجد مشاكل ولا يحزنون، فأنا متزوج وأعيش مع أهلي في بيت العائلة، ولا توجد أي خلافات، وهذا يعود إلى تفهم الأسرة لوضعي وعدم تدخلها في شؤوننا فالأسرة التي تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياة الزوجين الجديدين يمكن أن تفسد حياة الزوجين.
وعارف خلف متزوج منذ 19 عاما ويعيش في بيت العائلة مع زوجته وأبنائه. ولم تحدث طوال هذه السنوات أي مشكلة أو خلاف. ويقول:
إن الأجيال القديمة كانت تعيش في كنف الأسرة، وكان يوجد في البيت الواحد عشرون شخصا يعيشون كلهم في حب وتفاهم.. ويرى أن المشاكل لا تأتي إلا عندما يتدخل الأهل أو طرف آخر بين الزوجين. كما يرى أن بيت العائلة هو الحل لكل الشباب الذين يتحججون بتأجيل الزواج لعدم وجود البيت.
شباب بين نارين
لكن بدر العبدلي (26 سنة) المتزوج منذ سنة يسرد لنا تجربته في السكن مع الأهل بعد الزواج قائلا:
عندما قررت الزواج كان علي أن أنتظر 15 سنة من أجل الحصول على بيت، وكان الحل هو السكن مع أهلي. وقد اتخذت هذا القرار مضطرا، والزوجة كانت متفهمة لهذا الحل المؤقت. لكن في المستقبل أتمنى أن انتقل إلى بيت خاص بي لأنه سيكون هناك أولاد ولابد من الاستقلال.
ويحكي حسن الماجد، الذي يعيش في بيت خاص به حكاية أحد أصدقائه حيث تزوج وقرر العيش مع أهله ولكن لأن الأسرة لم تكن موافقة على هذا الزواج، فقد تحولت حياته إلى جحيم بسبب الخلافات التي جرى افتعالها كل يوم وانتهى الزواج بالطلاق ومازال هذا الصديق يعيش في حالة سيئة للغاية بسبب هذه التجربة.
وعلى الرغم من أن محمد ضائن (24 سنة) غير متزوج إلا أنه يرى أن الكثيرين يمرون بهذا المأزق قائلا: من الصعب على شاب في بداية حياته الحصول على بيت وهنا إما أن يسكن في شقة، أو يعيش مع أسرته. وبالطبع فكل شاب يريد الاستقلال في بيت خاص به خاصة في سنوات الزواج الأولي لأنه مهما كانت درجة التفاهم بين أسرته والزوجة فلابد من أن تحدث بعض الخلافات حتى لو كانت صغيرة.
الزوجات يفضلن الاستقلال
ويبدو أن للمرأة رأيا أخر حيث ترى ليلى الصالح أن السكن بعد الزواج في بيت أسرة الزوج أو الزوجة يمكن أن يسبب مشاكل لا حصر لها وتضيف قولها: نسمع عن حالات طلاق كثيرة السبب فيها خلافات الزوجة مع الأم أو أخوات الزوج وهذا الوضع يضع الأزواج في موقف لا يحسدون عليه فإما أن يرضي الواحد زوجته ويخسر أهله أو يرضي أهله على حساب زوجته. فالأفضل هو الزواج في بيت مستقل بعيدا عن الأهل.
أم بدر التي عاشت خمس سنوات مع زوجها في بيت أسرته، لم تحدث فيها خلافات تفضل ايضا استقلال الزوجين في بيت خاص بهما حتى لو كان شقة وليس بيتا مستقلا وهو ما فعلته بعد ذلك هي وزوجها. وتتساءل:
مادام كل زوجين سيستقلان بحياتهما إن عاجلا أم آجلا فلماذا لا يكون ذلك منذ بداية الزواج ؟.
ولعل ما يجعلنا نفرق بين الأسرة الممتدة والأسرة النووية هو المطبخ، فهو الركن الأساسي في البيت للمرأة، وهو رمز الاستقلالية، ففي الأسرة الممتدة أو بيت العائلة هناك مطبخ واحد يستخدمه الجميع وهنا لا تشعر الزوجة الجديدة بالاستقلال.
وقد قمت بعمل دراسة على الأسرة الممتدة والأسرة النووية وسبقتني دراسات أخرى مشابهة وكلها توصلت إلى أن هناك تفضيلا من جانب الأجيال الجديدة للاستقلال بعيدا عن بيت العائلة. بل إن الدراسة لاحظت وجود علاقة بين ارتفاع معدلات ضغط الدم والعيش داخل الأسرة الممتدة في بيت العائلة الكبيرة. وربما كان هذا يشير إلى أن الأزواج الجدد الذين يعيشون داخل بيت العائلة تحدث بينهم الخلافات. كما أن الدراسة لاحظت أن الأسرة الجديدة التي تعيش داخل بيت العائلة الكبير وتتمتع باستقلالها خاصة فيما يتعلق بوجود مطبخ مستقل عن مطبخ العائلة الكبيرة تقل فيها الخلافات لأن هذه الأسرة تشعر باستقلالها لكنها في الوقت نفسه ترتبط اجتماعيا مع العائلة الكبيرة.
الشباب الآن يعيشون في عصر الأسرة النووية، وبالتالي من الطبيعي أن ينزعوا نحو الاستقلالية عن بيت العائلة الكبير الذي تعارف عليه الآباء والأجداد لسنوات طويلة، فالجميع يريدون بيتا خاصا بهم يشعرون فيه بالخصوصية بعيدا عن سيطرة الأهل وتداخلاتهم. وبالتالي أعتقد أن سكن الأزواج الجدد في العصر الحالي في بيت الأهل يعتبر مشكلة وليس حلا حيث يمكن أن يساهم في خلق الكثير من المشكلات والخلافات، وهذه ليست دعوة لهجران بيت العائلة وإنما هناك شرط أساسي يسبق رغبة الأزواج في الاستقلال وهو أن يكون هناك في المقابل تواصل أسري واجتماعي مع العائلة الكبيرة فلا يعني الاستقلال أن نبتعد عن الأب والأم والعائلة الكبيرة والبيت الذي تربينا فيه.
علم الاجتماع
وللدكتور يعقوب الكندري أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت العديد من الدراسات حول العلاقات داخل الأسرة الممتدة والأسرة النووية، وهو يرى أن عملية السكن تأثرت بعوامل التغير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي التي حدثت داخل المجتمع، ويقول:
في المجتمعات العربية ـ ومن بينها المجتمع الكويتي ـ كان التفضيل في أزمان سابقة للعيش والسكن مع الأسرة الممتدة التي تشمل الجد والأب والأحفاد. ففي هذه الأسرة الممتدة يعيش الأفراد معا ويعملون معا ويأكلون من مطبخ واحد معا. وهنا يفرض نمط الأسرة الممتدة استقلالية الفرد. وهذا النوع من السكن فرضته طبيعة الظروف الاقتصادية التي كانت سائدة آنذاك. لكن بعد عملية التغيير التي حدثت للمجتمع جاءت نزعة الاستقلال لدى الأسرة النووية التي تتكون من الأب والأم والأطفال سواء في بيت مستقل أو حتى عبر استقلالية في البيت نفسه بأن يسكن الزوجان في طابق أو ملحق وهذا نوع من الاستقلال.