مرجان
09-09-2015, 04:15 AM
نجاح محمد علي - القدس العربي
September 5, 2015
التحليل الأولي المنطقي لما يجري بين إيران والكويت في قضية «خلية حزب الله» يجب أن لا يستبعد فرضية تورط جهات وأطراف في إيران أو خارجها، بهدف الإضرار بالاتفاق النووي وعرقلة إقراره من قبل الكونغرس الأمريكي، وبالتالي الإضرار بالانفتاح الغربي المتسارع على إيران بعد هذا الاتفاق.
في المقابل فإن أي تحليل منصف وعادل عن السلوك الإيراني فيما يتعلق بعلاقاتها الاقليمية والدولية خصوصاً مع جيرانها العرب في الخليج، يستبعد أيضاً فرضية تورط حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني في أي قضية تزعزع الأمن والاستقرار في الخليج، وتضر بمساعيها الجدية في تطبيع علاقات إيران مع دول الخليج العربية، مثلما يحصل بالضبط مع الغرب في الاتفاق النووي، أو ما يمكن تسميته بصفقة القرن أو «الصفقة الشاملة».
وإذا كانت إيران الرسمية ويمثلها بالطبع في المحافل الاقليمية والدولية الرئيس حسن روحاني وطاقم وزارة الخارجية بقيادة الوزير محمد جواد ظريف، ومساعديه خصوصاً مساعده للشؤون العربية والأفريقية أمير حسين عبد اللهيان، والمتحدثة الرسمية باسم الوزارة مرضية أفخم، ما انفكت منذ الإعلان عن الاتفاق النووي ترسل الإشارات الإيجابية عن عزمها تطبيع العلاقات مع الخليج وبخاصة مع المملكة العربية السعودية ، فإنها من غير المعقول تكون ضالعة في «خلية حزب الله في الكويت» ولا حتى في التفجيرات «النظيفة» التي شهدتها البحرين مؤخراً، وما يمكن أن تأتي به الأيام في دول أخرى من اقليم الخليج.
5+1 خليجي وإيران!.
بُعيد التوصل إلى الاتفاق النووي مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي زائدا ألمانيا، حرص الرئيس المعتدل حسن روحاني على أن يرسل أقوى الرسائل عن رغبة حكومته في إزالة التوتر في علاقات بلاده مع جيرانه العرب في الضفة الأخرى من الخليج، وجاءت جولة وزير الخارجية محمد جواد ظريف «نصف الخليجية» لترسم معالم المرحلة المقبلة في هذه العلاقات بحسب ما تتمناه إيران روحاني ومن خلفه تيار الاصلاحيين الذي لا يزال معظم قادته يقبعون في السجن على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت بسبب تزوير الانتخابات الرئاسية العام 2009.
وكانت الصدمة قوية على إيران روحاني «في زج اسمها في قضية داخلية ترتبط في أساسها بالكشف عن أسلحة وذخائر» وهو النص الذي اعتمدته السفارة الإيرانية في الكويت للتعليق على «خلية العبدلي» وهو الاسم الثاني المخفف إعلامياً لاتهام كويتيين وإيراني بالتخابر مع إيران ، رافضة التسليم بالاتهام مطالبة بالحصول على تفاصيل بشأن القضية.
السفارة الإيرانية في الكويت قد أعربت عن استيائها الشديد وقالت في بيان إنها «لم تبلّغ بهوية الشخص الإيراني – الذي أعلنت النيابة العامة الكويتية إلقاء القبض عليه- وبدوره في التهم المنسوبة إليه». وربط مراقبون موقف السفارة هذا بمقدار الحرج الذي شعرت الحكومة الإيرانية به بفعل الكشف عن تورّط طهران في هذه العملية الخطرة، الأمر الذي يظهر وكأن هناك من يريد إظهارها عامل تهديد لأمن المنطقة، في وقت تعمل فيه جاهدة لتسويق صورة لها كعامل استقرار في محيطها، وإقناع العالم بصوابية التوصل معها لاتفاق بشأن برنامجها النووي.
وبالفعل فإن ما زاد في الصدمة في إيران روحاني أن ظريف بدأ جولته نصف الخليجية بالكويت، وأنه بحث فيها إمكانية أن تتوسط أو تقوم بدور في تحويل الحرب الباردة في علاقاتها المتوترة مع السعودية، إلى تطبيع يفضي في النهاية إلى إيجاد شراكة إقليمية في الأمن والاقتصاد والسياسة مع التركيز على التعاون والاستعداد للتوقيع على معاهدة عدم اعتداء وأخرى في الدفاع المشترك، وحتى في المجال النووي.
وكانت إيران روحاني تنتظر حواراً بينها وبين الدول الخليجية الخمس قطر والسعودية والكويت والإمارات والبحرين زائد سلطنة عمان، دعت له وباركته الولايات المتحدة وقيل إن قطر التي زارها ظريف ايضاً عرضت استضافته، فيما رجحت هي أن يكون في نيويورك هذا الشهر، ولا تزال تُلِّح عليه رغم كل ما صدر ضدها من اتهامات بشأن تقويض أمن دول خليجية .
القوى غير المنضبطة!
وبدا واضحاً لدى إيران روحاني أن هناك جهات محلية، ودولا، ومخابرات دولية لا يعجبها تطبيع العلاقات بين إيران والخليج، وحالة الانسجام الموجودة بين الشيعة وبين آل الصــباح، وتـريــد تغيير الصورة وزعزعة الأمن.
وفي هذا الواقع عقد الرئيس روحاني اجتماعاً مع مستشاريه وطرح هو بنفسه قضية «خلية العبدلي» يوم الأربعاء الماضي على المجلس الأعلى للأمن القومي برئاسته وطرح أسئلة صريحة للحاضرين وبينهم قادة الحرس الثوري، عن رأيهم فيما يجري داخل الكويت وعموم المنطقة، ومحاولات زج إيران فيها.
كان واضحاً أيضا أن روحاني تجنب الصدام المباشر مع قادة الحرس الثوري وبينهم اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس المكلف أساساً بدعم «حركات التحرر العالمية والمستضعفين»، ولم يُشر باتهام مباشر عن دور فيلق القدس في ما يجري خصوصاً «خلية حزب الله» لأنه يحرص أيضاً هذه الأيام على خطب ودهم في معركة «الاتفاق النووي» لإقراره ، لكنه سأل عما إذا كانت هناك «قوى غير منضبطة» في إيران تقف خلف تفجيرات البحرين، و»خلية حزب الله في الكويت »!..
لم يحصل الرئيس على إجابات واضحة من سليماني عدا النفي، وأن سليماني الذي كان مشغولاً بتقريره الذي قدمه إلى مجلس الخبراء عن سوريا والعراق وتقييمه لما ستؤول إليه التطورات فيهما، وصف في الاجتماع، الاتهامات التي ساقتها للحرس الثوري صحف كويتية، بأنها لا تعدو كونها كلام جرايد، نافياً أن يكون فيلق القدس ضالعا في تلك الخلية وحتى في تفجيرات البحرين على الرغم من أن سليماني كان هدد سابقاً بأنه سيتدخل يوماً في البحرين إذا استمر ما سماه بقمع المستضعفين فيها من السلطات ومن آل سعود على حد تعبيره.
المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، كان كلف سليماني والأمين العام لحزب الله اللبناني بالتدخل لنصرة «شيعة البحرين» أي المعارضة الشيعية التي تقود الإحتجاجات في المملكة منذ شباط/فبراير 2011.
ونُسب إلى مصادر في الحرس الثوري قولها أن «التعليمات صدرت لفيلق القدس للتنسيق مع حزب الله لاتخاذ ما يلزم لإنقاذ الشعب الذي يباد» على حد تعبيرها، مضيفة أن «الشعب البحريني يناشدنا ونحن في فيلق القدس سنلبي النداء ولن نخذلهم لأنهم أولى بالمساعدة».
ومن الطبيعي ان هذه التسريبات حتى وإن لم تثبت فإنها تزعج روحاني وهو يعلم أن هناك في الداخل الإيراني من لا يريد لبرامجه في الانفتاح على العالم وبالأخص الجيران في الخليج، وقد تكون جماعة الحجتية التي تروج لظهور المهدي المنتظر، والمسيطرة على الكثير من مراكز السلطة والنفوذ متورطة بشكل أو بآخر في خطط لافشال حكومته ومساعيها تحقيق انفراج اقليمي ودولي للإطاحة بالاتفاق النووي عشية الانتخابات الحاسمة المقبلة للبرلمان ولأعضاء مجلس الخبراء، وباستخدام «القوى غير المنضبطة التي لم يعثر عليها وهي متهمة أصلاً في حوادث داخلية خطيرة مثل قضية رش الأسيد «ماء النار « على فتيات أصفهان وشيراز، وقبل ذلك بعض حوادث الاعتداء على نافذين ممن يعارضون غــلاة المتشددين ومنهم النائب الاصولي علي مطـهــري نـجـل المفكر الراحل مرتضى مطهري.
الود المطلوب !.
عموما…إيران، ومنذ نجاح ثورتها الإسلامية في 11 شباط/فبراير 1979، رفعت شعار «العرب أولا»، إلا أنها أخفَـقت (لأسباب كثيرة منها ظروف الحرب مع العراق) في خطب ودّ الحكومات العربية، من منطلقات روّج لها آنذاك رجال أحاطوا بالثورة الإسلامية باعتبارها «الممهّـدة لظهور الإمام المهدي المنتظر، الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا، بعدما مُلئت ظُـلما وجورا»، وهذا يقتضي من وجهة نظر أولئك «الممهّـدين» أن تنجح ثورات أخرى في العالم الإسلامي على شاكلة ثورة إيران، ولهذا أُعلن في الأيام الأولى من تأسيس الحرس الثوري عن مقر خاص لدعم الحركات الثورية في العالم، وكان يقوده مهدي الهاشمي، شقيق صهر نائب الإمام الخميني وخليفته المعزول (الراحل) آية الله حسين علي منتظري.
ولا يُمكن لمن يعرف دهاليز وأروقة السياسة الإيرانية وتضاريس تفسير نهج الإمام الخميني، إلا أن يلاحظ في تلك الأيام صِـراعا خفِـيا بين مدرستين: الأولى، تؤمن بالعلاقة مع الأنظمة لنُـصرة شعوبها بأساليب تمزج بين الثورية الأصولية ومحاولة تلمس مفردات الدبلوماسية الواقعية «الايجابية»، والثانية، تتبنّـى منهج إسقاط الأنظمة العربية، لإيجاد قاعدة تُـمهِّـد لظهور المهدي المنتظر في مرحلة نهائية.
وحتى مع انتصار المدرسة الأولى في الواقعية الإيجابية بالقضاء على مكتب مهدي الهاشمي، وتشكيل مكتب رديف في وزارة الخارجية، سُـرعان ما وقع حُلهّ، فإن إيران لم تنجح في تطمين الدول العربية، التي تخضع على مدار الساعة لحملة دعائية قوية، تُـهوِّل كثيرا بما يُـطلق عليه «الخطر الإيراني» على المنطقة.
كذلك أصبحت مفردة الوجود الأجنبي في الخليج مرادفة للخطر الإيراني، إذ أن الحديث عن قضية الوجود الأجنبي يثير خلافا قويا بين إيران وجيرانها العرب، الذين يتَّـهمونها بالسَّـعي من وراء هذا الحديث إلى الاستفراد بدُولهم، حين نجحت إيران بالفعل في فترة الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي في اختراق المواقف الجماعية الخليجية، سواء السياسية أو الأمنية، وهي تتمنى في عهد روحاني وعلى وقع الاتفاق النووي، أن تنجح في تحقيق الود المطلوب، مع جيرانها، وهي لا تستبعد أيضاً أن هناك من داخل إقليم الخليج نفسه من لا يريد لروحاني النجاح، وأن تعيش المنطقة على وقع «الخطر الإيراني» على الدوام لغاية في نفس يعقوب!.
نجاح محمد علي
http://www.alquds.co.uk/?p=398614
September 5, 2015
التحليل الأولي المنطقي لما يجري بين إيران والكويت في قضية «خلية حزب الله» يجب أن لا يستبعد فرضية تورط جهات وأطراف في إيران أو خارجها، بهدف الإضرار بالاتفاق النووي وعرقلة إقراره من قبل الكونغرس الأمريكي، وبالتالي الإضرار بالانفتاح الغربي المتسارع على إيران بعد هذا الاتفاق.
في المقابل فإن أي تحليل منصف وعادل عن السلوك الإيراني فيما يتعلق بعلاقاتها الاقليمية والدولية خصوصاً مع جيرانها العرب في الخليج، يستبعد أيضاً فرضية تورط حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني في أي قضية تزعزع الأمن والاستقرار في الخليج، وتضر بمساعيها الجدية في تطبيع علاقات إيران مع دول الخليج العربية، مثلما يحصل بالضبط مع الغرب في الاتفاق النووي، أو ما يمكن تسميته بصفقة القرن أو «الصفقة الشاملة».
وإذا كانت إيران الرسمية ويمثلها بالطبع في المحافل الاقليمية والدولية الرئيس حسن روحاني وطاقم وزارة الخارجية بقيادة الوزير محمد جواد ظريف، ومساعديه خصوصاً مساعده للشؤون العربية والأفريقية أمير حسين عبد اللهيان، والمتحدثة الرسمية باسم الوزارة مرضية أفخم، ما انفكت منذ الإعلان عن الاتفاق النووي ترسل الإشارات الإيجابية عن عزمها تطبيع العلاقات مع الخليج وبخاصة مع المملكة العربية السعودية ، فإنها من غير المعقول تكون ضالعة في «خلية حزب الله في الكويت» ولا حتى في التفجيرات «النظيفة» التي شهدتها البحرين مؤخراً، وما يمكن أن تأتي به الأيام في دول أخرى من اقليم الخليج.
5+1 خليجي وإيران!.
بُعيد التوصل إلى الاتفاق النووي مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي زائدا ألمانيا، حرص الرئيس المعتدل حسن روحاني على أن يرسل أقوى الرسائل عن رغبة حكومته في إزالة التوتر في علاقات بلاده مع جيرانه العرب في الضفة الأخرى من الخليج، وجاءت جولة وزير الخارجية محمد جواد ظريف «نصف الخليجية» لترسم معالم المرحلة المقبلة في هذه العلاقات بحسب ما تتمناه إيران روحاني ومن خلفه تيار الاصلاحيين الذي لا يزال معظم قادته يقبعون في السجن على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت بسبب تزوير الانتخابات الرئاسية العام 2009.
وكانت الصدمة قوية على إيران روحاني «في زج اسمها في قضية داخلية ترتبط في أساسها بالكشف عن أسلحة وذخائر» وهو النص الذي اعتمدته السفارة الإيرانية في الكويت للتعليق على «خلية العبدلي» وهو الاسم الثاني المخفف إعلامياً لاتهام كويتيين وإيراني بالتخابر مع إيران ، رافضة التسليم بالاتهام مطالبة بالحصول على تفاصيل بشأن القضية.
السفارة الإيرانية في الكويت قد أعربت عن استيائها الشديد وقالت في بيان إنها «لم تبلّغ بهوية الشخص الإيراني – الذي أعلنت النيابة العامة الكويتية إلقاء القبض عليه- وبدوره في التهم المنسوبة إليه». وربط مراقبون موقف السفارة هذا بمقدار الحرج الذي شعرت الحكومة الإيرانية به بفعل الكشف عن تورّط طهران في هذه العملية الخطرة، الأمر الذي يظهر وكأن هناك من يريد إظهارها عامل تهديد لأمن المنطقة، في وقت تعمل فيه جاهدة لتسويق صورة لها كعامل استقرار في محيطها، وإقناع العالم بصوابية التوصل معها لاتفاق بشأن برنامجها النووي.
وبالفعل فإن ما زاد في الصدمة في إيران روحاني أن ظريف بدأ جولته نصف الخليجية بالكويت، وأنه بحث فيها إمكانية أن تتوسط أو تقوم بدور في تحويل الحرب الباردة في علاقاتها المتوترة مع السعودية، إلى تطبيع يفضي في النهاية إلى إيجاد شراكة إقليمية في الأمن والاقتصاد والسياسة مع التركيز على التعاون والاستعداد للتوقيع على معاهدة عدم اعتداء وأخرى في الدفاع المشترك، وحتى في المجال النووي.
وكانت إيران روحاني تنتظر حواراً بينها وبين الدول الخليجية الخمس قطر والسعودية والكويت والإمارات والبحرين زائد سلطنة عمان، دعت له وباركته الولايات المتحدة وقيل إن قطر التي زارها ظريف ايضاً عرضت استضافته، فيما رجحت هي أن يكون في نيويورك هذا الشهر، ولا تزال تُلِّح عليه رغم كل ما صدر ضدها من اتهامات بشأن تقويض أمن دول خليجية .
القوى غير المنضبطة!
وبدا واضحاً لدى إيران روحاني أن هناك جهات محلية، ودولا، ومخابرات دولية لا يعجبها تطبيع العلاقات بين إيران والخليج، وحالة الانسجام الموجودة بين الشيعة وبين آل الصــباح، وتـريــد تغيير الصورة وزعزعة الأمن.
وفي هذا الواقع عقد الرئيس روحاني اجتماعاً مع مستشاريه وطرح هو بنفسه قضية «خلية العبدلي» يوم الأربعاء الماضي على المجلس الأعلى للأمن القومي برئاسته وطرح أسئلة صريحة للحاضرين وبينهم قادة الحرس الثوري، عن رأيهم فيما يجري داخل الكويت وعموم المنطقة، ومحاولات زج إيران فيها.
كان واضحاً أيضا أن روحاني تجنب الصدام المباشر مع قادة الحرس الثوري وبينهم اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس المكلف أساساً بدعم «حركات التحرر العالمية والمستضعفين»، ولم يُشر باتهام مباشر عن دور فيلق القدس في ما يجري خصوصاً «خلية حزب الله» لأنه يحرص أيضاً هذه الأيام على خطب ودهم في معركة «الاتفاق النووي» لإقراره ، لكنه سأل عما إذا كانت هناك «قوى غير منضبطة» في إيران تقف خلف تفجيرات البحرين، و»خلية حزب الله في الكويت »!..
لم يحصل الرئيس على إجابات واضحة من سليماني عدا النفي، وأن سليماني الذي كان مشغولاً بتقريره الذي قدمه إلى مجلس الخبراء عن سوريا والعراق وتقييمه لما ستؤول إليه التطورات فيهما، وصف في الاجتماع، الاتهامات التي ساقتها للحرس الثوري صحف كويتية، بأنها لا تعدو كونها كلام جرايد، نافياً أن يكون فيلق القدس ضالعا في تلك الخلية وحتى في تفجيرات البحرين على الرغم من أن سليماني كان هدد سابقاً بأنه سيتدخل يوماً في البحرين إذا استمر ما سماه بقمع المستضعفين فيها من السلطات ومن آل سعود على حد تعبيره.
المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، كان كلف سليماني والأمين العام لحزب الله اللبناني بالتدخل لنصرة «شيعة البحرين» أي المعارضة الشيعية التي تقود الإحتجاجات في المملكة منذ شباط/فبراير 2011.
ونُسب إلى مصادر في الحرس الثوري قولها أن «التعليمات صدرت لفيلق القدس للتنسيق مع حزب الله لاتخاذ ما يلزم لإنقاذ الشعب الذي يباد» على حد تعبيرها، مضيفة أن «الشعب البحريني يناشدنا ونحن في فيلق القدس سنلبي النداء ولن نخذلهم لأنهم أولى بالمساعدة».
ومن الطبيعي ان هذه التسريبات حتى وإن لم تثبت فإنها تزعج روحاني وهو يعلم أن هناك في الداخل الإيراني من لا يريد لبرامجه في الانفتاح على العالم وبالأخص الجيران في الخليج، وقد تكون جماعة الحجتية التي تروج لظهور المهدي المنتظر، والمسيطرة على الكثير من مراكز السلطة والنفوذ متورطة بشكل أو بآخر في خطط لافشال حكومته ومساعيها تحقيق انفراج اقليمي ودولي للإطاحة بالاتفاق النووي عشية الانتخابات الحاسمة المقبلة للبرلمان ولأعضاء مجلس الخبراء، وباستخدام «القوى غير المنضبطة التي لم يعثر عليها وهي متهمة أصلاً في حوادث داخلية خطيرة مثل قضية رش الأسيد «ماء النار « على فتيات أصفهان وشيراز، وقبل ذلك بعض حوادث الاعتداء على نافذين ممن يعارضون غــلاة المتشددين ومنهم النائب الاصولي علي مطـهــري نـجـل المفكر الراحل مرتضى مطهري.
الود المطلوب !.
عموما…إيران، ومنذ نجاح ثورتها الإسلامية في 11 شباط/فبراير 1979، رفعت شعار «العرب أولا»، إلا أنها أخفَـقت (لأسباب كثيرة منها ظروف الحرب مع العراق) في خطب ودّ الحكومات العربية، من منطلقات روّج لها آنذاك رجال أحاطوا بالثورة الإسلامية باعتبارها «الممهّـدة لظهور الإمام المهدي المنتظر، الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا، بعدما مُلئت ظُـلما وجورا»، وهذا يقتضي من وجهة نظر أولئك «الممهّـدين» أن تنجح ثورات أخرى في العالم الإسلامي على شاكلة ثورة إيران، ولهذا أُعلن في الأيام الأولى من تأسيس الحرس الثوري عن مقر خاص لدعم الحركات الثورية في العالم، وكان يقوده مهدي الهاشمي، شقيق صهر نائب الإمام الخميني وخليفته المعزول (الراحل) آية الله حسين علي منتظري.
ولا يُمكن لمن يعرف دهاليز وأروقة السياسة الإيرانية وتضاريس تفسير نهج الإمام الخميني، إلا أن يلاحظ في تلك الأيام صِـراعا خفِـيا بين مدرستين: الأولى، تؤمن بالعلاقة مع الأنظمة لنُـصرة شعوبها بأساليب تمزج بين الثورية الأصولية ومحاولة تلمس مفردات الدبلوماسية الواقعية «الايجابية»، والثانية، تتبنّـى منهج إسقاط الأنظمة العربية، لإيجاد قاعدة تُـمهِّـد لظهور المهدي المنتظر في مرحلة نهائية.
وحتى مع انتصار المدرسة الأولى في الواقعية الإيجابية بالقضاء على مكتب مهدي الهاشمي، وتشكيل مكتب رديف في وزارة الخارجية، سُـرعان ما وقع حُلهّ، فإن إيران لم تنجح في تطمين الدول العربية، التي تخضع على مدار الساعة لحملة دعائية قوية، تُـهوِّل كثيرا بما يُـطلق عليه «الخطر الإيراني» على المنطقة.
كذلك أصبحت مفردة الوجود الأجنبي في الخليج مرادفة للخطر الإيراني، إذ أن الحديث عن قضية الوجود الأجنبي يثير خلافا قويا بين إيران وجيرانها العرب، الذين يتَّـهمونها بالسَّـعي من وراء هذا الحديث إلى الاستفراد بدُولهم، حين نجحت إيران بالفعل في فترة الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي في اختراق المواقف الجماعية الخليجية، سواء السياسية أو الأمنية، وهي تتمنى في عهد روحاني وعلى وقع الاتفاق النووي، أن تنجح في تحقيق الود المطلوب، مع جيرانها، وهي لا تستبعد أيضاً أن هناك من داخل إقليم الخليج نفسه من لا يريد لروحاني النجاح، وأن تعيش المنطقة على وقع «الخطر الإيراني» على الدوام لغاية في نفس يعقوب!.
نجاح محمد علي
http://www.alquds.co.uk/?p=398614