مجاهدون
04-29-2005, 06:35 PM
تجديد الخطاب المرجعي الشيعي مسئولية المرجعية الناشطة
كتابات - حسن الشيخ
تصاعدت وتيرة الحوار الديني في منطقة الخليج العربي مؤخرا عقب وفاة المرجع الديني الميرزا عبد الرسول الحائري نزيل الكويت في بداية الشهر الجاري . و امتد النقاش حول شروط وأهلية المرجع الجديد في ظل الفراغ الذي سببته وفاة الحائري .
وزاد من وتيرة النقاش الذي شمل معظم الشرائح الاجتماعية وجود المواقع و المنتديات الإلكترونية التي يتصفحها و يشارك فيها الآلاف من الشباب الخليجيين في الآونة الأخيرة . بعدما كانت الحوارات مقتصرة في السابق على المجالس التقليدية و الجلسات الاجتماعية و الحوزات العلمية .
لذلك فقد امتد النقاش الساخن من مدينة النجف العراقية مرورا بدولة الكويت و انتهاء بالعديد من مدن المنطقة الشرقية با السعودية حيث يتواجد بكثافة مقلدين ثلاثة من مراجع الشيعة الكبار السيد علي السستاني الموجود في العراق , والسيد صادق الشيرازي المتواجد في إيران , و الميرزا الحائري المقيم في الكويت . بالإضافة إلى مقلدين جدد على الساحة الخليجية , مثل مرجعية السيد الخامنئي التي انتشرت في بشكل سريع في المدن الخليجية , ومرجعية الشيخ جواد التبريزي التي يتواجد اليوم مقلديه بكثافة في مدينة القطيف السعودية و قراها .
إلا أن ذلك النقاش ليس جديدا في الأوساط الشيعية , والذي يحدث عادة بعد وفاة أحد مراجع الشيعية الكبار , لولا وجود الإنترنت وقيام أحد أئمة المساجد با الدمام بتناول موضوع التقليد على المنبر في يوم الجمعة , ونسب إليه المصلين اتهامه لمقلدي الحائري الراحل (بأنهم أشبه بعبدة البقر ) . الأمر الذي أدى لتفجر الصراع الفكري بشكل دراماتيكي بين مختلف الأجنحة الشيعية الثلاثة في منطقة الخليج العربي .
وبعد بضعة أيام من خطبة الجمعة تلك تجرأ أحد طلبة العلوم الدينية على المرجع الحائري الراحل في مدينة المبرز , الأمر الذي أدى إلى استنكار واسع من معظم الشرائح الاجتماعية وتطور الموقف لا حقا بشكل سريع باندفاع الحشود المتواجدة للنيل من هذا الخطيب . مما استدعى حضور وحدات من شرطة مكافحة الشغب لتفريق الحشود الغاضبة . وانتهى الأمر بحجز المتسبب في هذا الأمر .
إلا إن الدول الخليجية اتخذت احتياطاتها في أيام المحرم , وطلبت السعودية من الخطباء بعدم التطرق للمراجع الشيعية الكبار , خشية من إثارة الفتنة من جديد . وقد التزم الخطباء الحسينيون في كل الدول الخليجية بهذه التعليمات . ولم يبق من صراع إلا على صفحات الإنترنت حول من هو الأعلم ؟
إلا أن هذه الحوارات الساخنة والجدل العنيف الذي انخرط فيه طلبة العلوم الدينية لم يقنع أي طرف من الأطراف بصحة منطق الآخر , بل على العكس تماما زاد كل طرف في التمسك بآرائه العقائدية التي يؤمن بها , وبمرجعيته التقليدية التي يرجع إليها .
وفي ظل الجدل الساخن وفي ظل الحملة الانتخابية الجديدة والتي مازالت مشتعلة حتى الآن . والتي يسعى فيها كل طرف من المقلدين لاكتساب أعدادا اكبر من الناس لمقلده علينا بقراءة سريعة وموضوعية للمرجعيات الدينية الثلاث الأكثر رواجا في المنطقة .
المرجعيات القديمة
مرجعية السيد علي السستاني زعيم الحوزة العلمية في النجف , وتتمتع بأنها الأوسع انتشارا في العراق ودول الخليج العربي . مستمدة قوتها من مكانة النجف الدينية في الأوساط الشيعية , وهي مرجعية وريثة للسيد الخوئي زعيم الحوزة العلمية السابق . وتأخذ بشرط الأعلمية عند تقليد المجتهد الجامع للشرائط .
ومرجعية السيد صادق الشيرازي الذي خلف اخوة السيد محمد الحسيني الشيرازي عقب وفاته .وتستمد قوتها بفاعليتها على الساحة , والدعوة إلى الانفتاح على القضايا الإسلامية المعاصرة بكل جوانبها الاقتصادية و الاجتماعية والتقنية . و استطاع هذا الاتجاه الذي أسسه السيد الشيرازي الراحل منذ الستينات أن يكسب الكثير من الشباب الشيعي لملامسته قضاياهم . و القدرة على التخاطب معهم . كل ذلك ضمن الإطار الفكري الإسلامي الشيعي . ومع تعدد مرجعيات هذه المدرسة مثل مرجعية السيد المدرسي ومرجعية السيد القز ويني فمن المرجح إنها ستكون من أقوى المرجعيات الخليجية فاعلية , و أوسعها انتشارا في العقد القادم .
أما مرجعية الميرزا عبد الرسول الحائري فتستمد قوتها من اتكائها على النهج العقائدي للشيخ احمد بن زين الدين الأحسائي أحد ابرز العلماء و الفلاسفة في القرن الثالث عشر الهجري ,لذلك فيتبعها العديد من المقلدين منذ قرنين من الزمن تقريبا . واستفادت مرجعية الحائري من الانفتاح الاجتماعي بالكويت ومن قربها المكاني لتهيمن على قطاعات واسعة من المقلدين في مدن الخليج العربية . في ظل تسامح كبير صبغ هذا المرجعية منذ بداياتها الأولى . كما إن إسهاماتها في العمل الاجتماعي في العديد من المدن الإسلامية غير العربية اكسبها العديد من المقلدين في تلك المدن .
المتهم الأول
ويبقى شرط الأعلمية الواجب توفره في الفقيه المجتهد الجامع للشرائط هو المتهم الأول في تصاعد الجدل و الخلاف الشيعي الشيعي عند تحديد المرجع الديني . فقد عاشت الحوزات و الأوساط الشيعية ثلاثة عشر قرنا من الزمن لا تعير شرط الأعلمية أهمية تذكر . ويتقدم شرط العدالة على بقية الشروط الأخرى . بل ان الفقهاء لم يتناولوا شرط الأعلمية بمفهومه المطلق إلا في زمن الشيخ الأنصاري المتوفى عام 1281 هجري .
ومن هذا المدخل لتحديد من هو الأعلم احتدم النقاش . فكل من أنصار و اتباع المقلدين الثلاثة يرى إن مرجعهم هو الأعلم . ورغم هذا الجدل الساخن والصدام العنيف بين العامة يؤكد الباحثون إن شرط الأعلمية ( أفقه الفقهاء ) ليس له أصل ولا دليل يدعمه لا في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية ولا في الروايات المروية عن آل البيت ولا دليل عقلي بوجوبه ولا سيرة العقلاء تدعمه . بل إن كل تلك الأدلة المطروحة قابله للنقاش والنقض .
ويتسع الجدل في بعض المدارس الحوزوية ليشمل أسئلة أخرى هامة عن من يحدد ويعين الفقيه الأعلم ؟ هل هم ذوي الخبرة أم المراجع قبل وفاتهم ؟ ومن يحدد أهل الخبرة ؟ وهل تحديد أهل الخبرة ملزما أم غير ملزم ؟ وهل هو خاص ببلد محدد أم هو لكل البلاد الإسلامية ؟ وهل أن شرط الأعلمية واجب على التعيين أم انه شرط تفضيلي ؟ وهل واجب التعيين مطلقا أم في المسائل الخلافية فقط ؟
يبدو أن هذه الأسئلة غير محسومة في الفكر الشيعي . وان نظرية الأعلمية التي لا يأخذ بها أصلا بعض مراجع الشيعة الكبار , لم تأخذ مكانها بعد على المستوى التطبيقي على ارض الواقع مع تعدد المرجعية الشيعية منذ القرن الأول وحتى اليوم في كل البلدان الإسلامية . وان التعددية هي الأصل .
وليس من المتوقع أن تخف حدة النقاش و الصدامات في المدن الخليجية بعد وفاة الميرزا الحائري
فعقب وفاته تقدم العلماء و المشائخ و اندفعت الحشود للميرزا عبد الله الحائري طالبة منه التصدي لموقع المرجعية الدينية عقب رحيل والده إلا انه لم يجبهم حتى الآن على ذلك . و يعتقد هؤلاء أن الميرزا عبد الله هو الأعلم في التوحيد و العقائد , وهو الأعلم بمقامات آل البيت وهو الفقيه الأعدل و الأورع من بين الفقهاء .
ويجادل مقلدي السيد السستاني بأن الميرزا عبد الله الحائري غير مجتهد , وان ثبت اجتهاده فأنه ليس الأعلم من بين الفقهاء الشيعة . ويرد عليهم أنصار الحائري بأن بيان جماعة المدرسين في مدينة قم بعد رحيل المرجع الآراكي و الذي رشح سبعة من المراجع الشيعة الكبار باعتبارهم الأعلم لم يشر إلى السيد السستاني مطلقا .
ويرد أنصار السيد السستاني بأن البيان المذكور خاص بإيران وليس شاملا علماء العراق . ويجيب أنصار الحائري أن التسليم بأن لكل بلد أعلميه هو دليل على إن مفهوم الأعلمية ليس مفهوما مطلقا كما يتصور البعض وهذا هو المطلوب إثباته .
المرجعية الناشطة
وتتطلع شيعة الخليج بترقب شديد في الأيام المقبلة للكويت منتظرة قبول الميرزا عبد الله الحائري لمنصب المرجعية عند إلحاح علماء الأحساء و الدمام وسيهات و الكويت وتبريز وغيرها من علماء المدن الإسلامية بهذا المنصب حيث ستتجدد دورة النقاش الساخن عند شيعة الخليج . وهناك العديد من التحديات التي تواجه المرجع الحائري الجديد الذي لم يكمل عقده الخمسيني من العمر بعد . إلا انه من المنتظر أن تكون مرجعيته المرجعية الناشطة كما لقبها البعض . القادرة على الدخول لعالم المرجعية وتجديد آليات عملها على الصعيد الاجتماعي ,والإسهام في إثراء الفكر الشيعي بعطائها العلمي .
ويعكس تصرف الميرزا عبد الله الحائري حيال رفض المرجعية , تصرف الرجل الواثق من نفسه . وتصرف رجل الدين الأورع الذي لا يقبل على الدنيا وزخرفها . أما المرجعية فهي التي تسعى إليه وبين يديه يستطيع قبولها متى ما أرادها . الأمر الذي أدى إلى تعلق مقلدي والده فيه , واستعداد العديد من أهل الخليج الذين نشئوا وتربوا على منهج العقيدة الكاملة للشيخ احمد بن زين الدين بالرجوع إلى تقليده حال قبوله بالمرجعية .
السعودية - الدمام
كتابات - حسن الشيخ
تصاعدت وتيرة الحوار الديني في منطقة الخليج العربي مؤخرا عقب وفاة المرجع الديني الميرزا عبد الرسول الحائري نزيل الكويت في بداية الشهر الجاري . و امتد النقاش حول شروط وأهلية المرجع الجديد في ظل الفراغ الذي سببته وفاة الحائري .
وزاد من وتيرة النقاش الذي شمل معظم الشرائح الاجتماعية وجود المواقع و المنتديات الإلكترونية التي يتصفحها و يشارك فيها الآلاف من الشباب الخليجيين في الآونة الأخيرة . بعدما كانت الحوارات مقتصرة في السابق على المجالس التقليدية و الجلسات الاجتماعية و الحوزات العلمية .
لذلك فقد امتد النقاش الساخن من مدينة النجف العراقية مرورا بدولة الكويت و انتهاء بالعديد من مدن المنطقة الشرقية با السعودية حيث يتواجد بكثافة مقلدين ثلاثة من مراجع الشيعة الكبار السيد علي السستاني الموجود في العراق , والسيد صادق الشيرازي المتواجد في إيران , و الميرزا الحائري المقيم في الكويت . بالإضافة إلى مقلدين جدد على الساحة الخليجية , مثل مرجعية السيد الخامنئي التي انتشرت في بشكل سريع في المدن الخليجية , ومرجعية الشيخ جواد التبريزي التي يتواجد اليوم مقلديه بكثافة في مدينة القطيف السعودية و قراها .
إلا أن ذلك النقاش ليس جديدا في الأوساط الشيعية , والذي يحدث عادة بعد وفاة أحد مراجع الشيعية الكبار , لولا وجود الإنترنت وقيام أحد أئمة المساجد با الدمام بتناول موضوع التقليد على المنبر في يوم الجمعة , ونسب إليه المصلين اتهامه لمقلدي الحائري الراحل (بأنهم أشبه بعبدة البقر ) . الأمر الذي أدى لتفجر الصراع الفكري بشكل دراماتيكي بين مختلف الأجنحة الشيعية الثلاثة في منطقة الخليج العربي .
وبعد بضعة أيام من خطبة الجمعة تلك تجرأ أحد طلبة العلوم الدينية على المرجع الحائري الراحل في مدينة المبرز , الأمر الذي أدى إلى استنكار واسع من معظم الشرائح الاجتماعية وتطور الموقف لا حقا بشكل سريع باندفاع الحشود المتواجدة للنيل من هذا الخطيب . مما استدعى حضور وحدات من شرطة مكافحة الشغب لتفريق الحشود الغاضبة . وانتهى الأمر بحجز المتسبب في هذا الأمر .
إلا إن الدول الخليجية اتخذت احتياطاتها في أيام المحرم , وطلبت السعودية من الخطباء بعدم التطرق للمراجع الشيعية الكبار , خشية من إثارة الفتنة من جديد . وقد التزم الخطباء الحسينيون في كل الدول الخليجية بهذه التعليمات . ولم يبق من صراع إلا على صفحات الإنترنت حول من هو الأعلم ؟
إلا أن هذه الحوارات الساخنة والجدل العنيف الذي انخرط فيه طلبة العلوم الدينية لم يقنع أي طرف من الأطراف بصحة منطق الآخر , بل على العكس تماما زاد كل طرف في التمسك بآرائه العقائدية التي يؤمن بها , وبمرجعيته التقليدية التي يرجع إليها .
وفي ظل الجدل الساخن وفي ظل الحملة الانتخابية الجديدة والتي مازالت مشتعلة حتى الآن . والتي يسعى فيها كل طرف من المقلدين لاكتساب أعدادا اكبر من الناس لمقلده علينا بقراءة سريعة وموضوعية للمرجعيات الدينية الثلاث الأكثر رواجا في المنطقة .
المرجعيات القديمة
مرجعية السيد علي السستاني زعيم الحوزة العلمية في النجف , وتتمتع بأنها الأوسع انتشارا في العراق ودول الخليج العربي . مستمدة قوتها من مكانة النجف الدينية في الأوساط الشيعية , وهي مرجعية وريثة للسيد الخوئي زعيم الحوزة العلمية السابق . وتأخذ بشرط الأعلمية عند تقليد المجتهد الجامع للشرائط .
ومرجعية السيد صادق الشيرازي الذي خلف اخوة السيد محمد الحسيني الشيرازي عقب وفاته .وتستمد قوتها بفاعليتها على الساحة , والدعوة إلى الانفتاح على القضايا الإسلامية المعاصرة بكل جوانبها الاقتصادية و الاجتماعية والتقنية . و استطاع هذا الاتجاه الذي أسسه السيد الشيرازي الراحل منذ الستينات أن يكسب الكثير من الشباب الشيعي لملامسته قضاياهم . و القدرة على التخاطب معهم . كل ذلك ضمن الإطار الفكري الإسلامي الشيعي . ومع تعدد مرجعيات هذه المدرسة مثل مرجعية السيد المدرسي ومرجعية السيد القز ويني فمن المرجح إنها ستكون من أقوى المرجعيات الخليجية فاعلية , و أوسعها انتشارا في العقد القادم .
أما مرجعية الميرزا عبد الرسول الحائري فتستمد قوتها من اتكائها على النهج العقائدي للشيخ احمد بن زين الدين الأحسائي أحد ابرز العلماء و الفلاسفة في القرن الثالث عشر الهجري ,لذلك فيتبعها العديد من المقلدين منذ قرنين من الزمن تقريبا . واستفادت مرجعية الحائري من الانفتاح الاجتماعي بالكويت ومن قربها المكاني لتهيمن على قطاعات واسعة من المقلدين في مدن الخليج العربية . في ظل تسامح كبير صبغ هذا المرجعية منذ بداياتها الأولى . كما إن إسهاماتها في العمل الاجتماعي في العديد من المدن الإسلامية غير العربية اكسبها العديد من المقلدين في تلك المدن .
المتهم الأول
ويبقى شرط الأعلمية الواجب توفره في الفقيه المجتهد الجامع للشرائط هو المتهم الأول في تصاعد الجدل و الخلاف الشيعي الشيعي عند تحديد المرجع الديني . فقد عاشت الحوزات و الأوساط الشيعية ثلاثة عشر قرنا من الزمن لا تعير شرط الأعلمية أهمية تذكر . ويتقدم شرط العدالة على بقية الشروط الأخرى . بل ان الفقهاء لم يتناولوا شرط الأعلمية بمفهومه المطلق إلا في زمن الشيخ الأنصاري المتوفى عام 1281 هجري .
ومن هذا المدخل لتحديد من هو الأعلم احتدم النقاش . فكل من أنصار و اتباع المقلدين الثلاثة يرى إن مرجعهم هو الأعلم . ورغم هذا الجدل الساخن والصدام العنيف بين العامة يؤكد الباحثون إن شرط الأعلمية ( أفقه الفقهاء ) ليس له أصل ولا دليل يدعمه لا في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية ولا في الروايات المروية عن آل البيت ولا دليل عقلي بوجوبه ولا سيرة العقلاء تدعمه . بل إن كل تلك الأدلة المطروحة قابله للنقاش والنقض .
ويتسع الجدل في بعض المدارس الحوزوية ليشمل أسئلة أخرى هامة عن من يحدد ويعين الفقيه الأعلم ؟ هل هم ذوي الخبرة أم المراجع قبل وفاتهم ؟ ومن يحدد أهل الخبرة ؟ وهل تحديد أهل الخبرة ملزما أم غير ملزم ؟ وهل هو خاص ببلد محدد أم هو لكل البلاد الإسلامية ؟ وهل أن شرط الأعلمية واجب على التعيين أم انه شرط تفضيلي ؟ وهل واجب التعيين مطلقا أم في المسائل الخلافية فقط ؟
يبدو أن هذه الأسئلة غير محسومة في الفكر الشيعي . وان نظرية الأعلمية التي لا يأخذ بها أصلا بعض مراجع الشيعة الكبار , لم تأخذ مكانها بعد على المستوى التطبيقي على ارض الواقع مع تعدد المرجعية الشيعية منذ القرن الأول وحتى اليوم في كل البلدان الإسلامية . وان التعددية هي الأصل .
وليس من المتوقع أن تخف حدة النقاش و الصدامات في المدن الخليجية بعد وفاة الميرزا الحائري
فعقب وفاته تقدم العلماء و المشائخ و اندفعت الحشود للميرزا عبد الله الحائري طالبة منه التصدي لموقع المرجعية الدينية عقب رحيل والده إلا انه لم يجبهم حتى الآن على ذلك . و يعتقد هؤلاء أن الميرزا عبد الله هو الأعلم في التوحيد و العقائد , وهو الأعلم بمقامات آل البيت وهو الفقيه الأعدل و الأورع من بين الفقهاء .
ويجادل مقلدي السيد السستاني بأن الميرزا عبد الله الحائري غير مجتهد , وان ثبت اجتهاده فأنه ليس الأعلم من بين الفقهاء الشيعة . ويرد عليهم أنصار الحائري بأن بيان جماعة المدرسين في مدينة قم بعد رحيل المرجع الآراكي و الذي رشح سبعة من المراجع الشيعة الكبار باعتبارهم الأعلم لم يشر إلى السيد السستاني مطلقا .
ويرد أنصار السيد السستاني بأن البيان المذكور خاص بإيران وليس شاملا علماء العراق . ويجيب أنصار الحائري أن التسليم بأن لكل بلد أعلميه هو دليل على إن مفهوم الأعلمية ليس مفهوما مطلقا كما يتصور البعض وهذا هو المطلوب إثباته .
المرجعية الناشطة
وتتطلع شيعة الخليج بترقب شديد في الأيام المقبلة للكويت منتظرة قبول الميرزا عبد الله الحائري لمنصب المرجعية عند إلحاح علماء الأحساء و الدمام وسيهات و الكويت وتبريز وغيرها من علماء المدن الإسلامية بهذا المنصب حيث ستتجدد دورة النقاش الساخن عند شيعة الخليج . وهناك العديد من التحديات التي تواجه المرجع الحائري الجديد الذي لم يكمل عقده الخمسيني من العمر بعد . إلا انه من المنتظر أن تكون مرجعيته المرجعية الناشطة كما لقبها البعض . القادرة على الدخول لعالم المرجعية وتجديد آليات عملها على الصعيد الاجتماعي ,والإسهام في إثراء الفكر الشيعي بعطائها العلمي .
ويعكس تصرف الميرزا عبد الله الحائري حيال رفض المرجعية , تصرف الرجل الواثق من نفسه . وتصرف رجل الدين الأورع الذي لا يقبل على الدنيا وزخرفها . أما المرجعية فهي التي تسعى إليه وبين يديه يستطيع قبولها متى ما أرادها . الأمر الذي أدى إلى تعلق مقلدي والده فيه , واستعداد العديد من أهل الخليج الذين نشئوا وتربوا على منهج العقيدة الكاملة للشيخ احمد بن زين الدين بالرجوع إلى تقليده حال قبوله بالمرجعية .
السعودية - الدمام