جمال
04-28-2005, 01:13 PM
أميركا وأبوغريب وأساليب التعذيب
لندن: نامق كامل
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، صرح نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني لاحدى الصحف الاميركية، قائلا بأن الادارة الاميركية ينبغي عليها من الآن وصاعدا ان «تعمل خلال الجانب المظلم».
ذلك يعني، كما يستنتج منه، تعليق العمل بالأوامر القضائية واتفاقيات جنيف الخاصة بمعاملة سجناء الحرب، اما البرتو غونزاليس، مستشار بوش الرسمي، والذي رقي الى منصب النائب العام، فقد زود رئيسه بنماذج وصيغ يستطيع بها القيام بحملة ضد بعض القتلة الموجودين في ولايات اميركية كانوا يستهدفون المدنيين، وكأن لسان حاله يقول: اذا كان الارهابيون قد تجاهلوا القوانين، فلماذا تهتم الادارة الاميركية وحلفاؤها بالتفاصيل الانسانية؟
ومنذ ان نشرت صور السجناء العراقيين في ابوغريب العام الماضي والتي تصور الاساءة البالغة للسجناء وامتهان انسانيتهم، يكون «الجانب المظلم» الذي نوه اليه ديك تشيني قد عرض بشكل ساطع ومبهر. ويكشف تحقيق عن حالة سجن ابوغريب ان التعذيب كان يمارس لغرض انتزاع الاعترافات. غير ان الرئيس الاميركي جورج بوش يصر بشدة على ان جنوده قد وجهت اليهم تعليمات واضحة بعدم القيام بأي عمل غير قانوني. وفي هذا يقول: «لدينا قوانين». وبعد احداث ابوغريب اتضح انه تم توظيف مجموعة من المحامين الذين يتقاضون اجورا باهظة بغرض ابتداع وسائل للمراوغة بهذه «القوانين».
وفي كتابه «التعذيب والحقيقة: أميركا، ابو غريب والحرب ضد الارهاب»، يبحث المؤلف مارك دنر خلال التقارير الرسمية والنسخ الاصلية للمقابلات مع السجناء والشهود ومن خلال تحقيقاته الخاصة في العراق ليكشف عن السلوك الخاطئ في التنصل من المسؤولية لدى الرئيس جورج بوش، ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد، ويؤكد على المشاركة الرسمية في ممارسة تلك الانتهاكات.
يرى المؤلف ان الفساد الاخلاقي يبدأ من الغموض والالتباس اللغوي، اذ من السهولة الكذب حينما يضفي المرء الغموض وعدم الوضوح على الحقيقة. ان الافعال الشنيعة او المقيتة من الممكن الدفاع عنها اذا ما اطلق عليها اسم آخر ثم يستشهد بفيلم «القيامة الآن» الذي يدور حول حرب فيتنام ويقول بأن احدا لم يخبر «ويلارد» لقتل «كورتس». انهم ببساطة يقولون ان امر الكولونيل يجب ان «يلتزم به»، وحينما يبدي القاتل عدم فهمه يضيفون «وبشكل شديد التحيز».
العسكريون البيروقراطيون الذين يشير اليهم المؤلف يمارسون نفس هذا الاسلوب الغامض المراوغ، احد الكولونيلات يسوغ استعمال اسلوب «الحرمان من النوم» في معتقل غوانتانامو وذلك بالقول: ان مثل هذا الاجراء «ربما موجود في القاموس». اذن فقد اصبح ذلك التعذيب النفسي مجرد مفردة قاموسية ظريفة، ومن هنا كانت الخطوة التالية لصياغة جديدة وظفت في سجن ابوغريب، حيث تبقى الزنزانات مضاءة طيلة اربع وعشرين ساعة في اليوم وتسمى بـ «تكييف عملية النوم، كما لو ان المسألة تتعلق بشيء سيكولوجي.
لندن: نامق كامل
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، صرح نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني لاحدى الصحف الاميركية، قائلا بأن الادارة الاميركية ينبغي عليها من الآن وصاعدا ان «تعمل خلال الجانب المظلم».
ذلك يعني، كما يستنتج منه، تعليق العمل بالأوامر القضائية واتفاقيات جنيف الخاصة بمعاملة سجناء الحرب، اما البرتو غونزاليس، مستشار بوش الرسمي، والذي رقي الى منصب النائب العام، فقد زود رئيسه بنماذج وصيغ يستطيع بها القيام بحملة ضد بعض القتلة الموجودين في ولايات اميركية كانوا يستهدفون المدنيين، وكأن لسان حاله يقول: اذا كان الارهابيون قد تجاهلوا القوانين، فلماذا تهتم الادارة الاميركية وحلفاؤها بالتفاصيل الانسانية؟
ومنذ ان نشرت صور السجناء العراقيين في ابوغريب العام الماضي والتي تصور الاساءة البالغة للسجناء وامتهان انسانيتهم، يكون «الجانب المظلم» الذي نوه اليه ديك تشيني قد عرض بشكل ساطع ومبهر. ويكشف تحقيق عن حالة سجن ابوغريب ان التعذيب كان يمارس لغرض انتزاع الاعترافات. غير ان الرئيس الاميركي جورج بوش يصر بشدة على ان جنوده قد وجهت اليهم تعليمات واضحة بعدم القيام بأي عمل غير قانوني. وفي هذا يقول: «لدينا قوانين». وبعد احداث ابوغريب اتضح انه تم توظيف مجموعة من المحامين الذين يتقاضون اجورا باهظة بغرض ابتداع وسائل للمراوغة بهذه «القوانين».
وفي كتابه «التعذيب والحقيقة: أميركا، ابو غريب والحرب ضد الارهاب»، يبحث المؤلف مارك دنر خلال التقارير الرسمية والنسخ الاصلية للمقابلات مع السجناء والشهود ومن خلال تحقيقاته الخاصة في العراق ليكشف عن السلوك الخاطئ في التنصل من المسؤولية لدى الرئيس جورج بوش، ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد، ويؤكد على المشاركة الرسمية في ممارسة تلك الانتهاكات.
يرى المؤلف ان الفساد الاخلاقي يبدأ من الغموض والالتباس اللغوي، اذ من السهولة الكذب حينما يضفي المرء الغموض وعدم الوضوح على الحقيقة. ان الافعال الشنيعة او المقيتة من الممكن الدفاع عنها اذا ما اطلق عليها اسم آخر ثم يستشهد بفيلم «القيامة الآن» الذي يدور حول حرب فيتنام ويقول بأن احدا لم يخبر «ويلارد» لقتل «كورتس». انهم ببساطة يقولون ان امر الكولونيل يجب ان «يلتزم به»، وحينما يبدي القاتل عدم فهمه يضيفون «وبشكل شديد التحيز».
العسكريون البيروقراطيون الذين يشير اليهم المؤلف يمارسون نفس هذا الاسلوب الغامض المراوغ، احد الكولونيلات يسوغ استعمال اسلوب «الحرمان من النوم» في معتقل غوانتانامو وذلك بالقول: ان مثل هذا الاجراء «ربما موجود في القاموس». اذن فقد اصبح ذلك التعذيب النفسي مجرد مفردة قاموسية ظريفة، ومن هنا كانت الخطوة التالية لصياغة جديدة وظفت في سجن ابوغريب، حيث تبقى الزنزانات مضاءة طيلة اربع وعشرين ساعة في اليوم وتسمى بـ «تكييف عملية النوم، كما لو ان المسألة تتعلق بشيء سيكولوجي.