yasmeen
04-28-2005, 12:17 PM
أنيس منصور
من فندق ماريوت في باريس أنظر إلى أسطح البيوت، كأنها حدائق صغيرة، كانت على الأرض واستطاعوا أن يرفعوها إلى فوق، فلما رفعوها ارتفعوا هم أيضاً، فكانوا نموذجاً للذوق والنظافة والأناقة، فالذين جعلوا أسطح بيوتهم حدائق صغيرة لا يرونها، وإنما يراها جيرانهم، أي أنهم حريصون على أن يريحوا عيون الآخرين، أو أن تكون صورتهم أجمل في عيون الناس!
تصور أنت، انهم لا يكتفون بالحدائق والغابات والأشجار الباسقة والزهور في النوافذ، فيضيفون إليها مساحات خضراء فوق السطوح، إن عيونهم لا تمل اللون الأخضر والأحمر والأصفر، ولا تضيق بصوت العصافير والبلابل، ولم أر أحداً قد مد يده إلى زهرة فيقطفها وانما أراه قد انحنى على زهرة في الأرض ونفخ التراب عنها وألصقها بأنفه. إننا عادة في مثل هذه الظروف لا نفعل ذلك، أما الزهرة التي على الأرض فإننا نجهز عليها، نسحقها بأقدامنا من دون أن نتساءل: ولكنه لماذا؟
لقد رأيت كثيراً في بلادنا من يتوقف بسيارته بسرعة محدثاً دوياً، وينزل من سيارته ليكسر رقبة زهرة ويخطفها ويقفز إلى سيارته وبعد لحظات يفتح النافذة ليلقي بحطام هذه الزهرة، فما المعنى؟ المعنى أنه قاتل، انه فاسد الذوق، انه مخرب، انه مدمر، انه كاره للحياة والجمال!
في بعض الحدائق نجد هناك مثل هذه العبارة: كما نحب أن تعيش فنحن أيضاً، أو عش ودعنا نعش، واذا كنت تحب الحياة لنفسك، فنحن مثلك ـ أي لا تقطع رقبة زهرة، لا تشنق وردة، لا تقصف غصناً!
ومنذ سنوات أجريت مسابقة لصاحبة أجمل سطح ـ أي لأجمل حديقة صغيرة فوق السقف، وكانت الصور لوحات فنية، تبارى فيها أصحاب الذوق الرفيع.
أرجو أن تصدقني فهذه حادثة وهي معروفة لأنني كتبت عنها فكان لها طعم الفضيحة، فقد فوجئت بأن فوق سطح البيت المجاور لنا وفي الدور العاشر: جاموسة، نعم ج.ا.م.و.س.ة، وأدهشني ذلك، فصعدت على السلم لأرى، وطلبت من أحد المصورين أن يلتقط صورة أوضح، جاموسة فوق السطوح، لا بد أن تأكل وأن تكون لها مخلفات وللمخلفات رائحة وأنها بحيرة جذب للذباب، وان هذا الذباب سوف ينتشر في كل الاتجاهات، أما الروائح ففي كل أنف، كيف؟
أما كيف فالأمر سهل، لقد أتوا بها صغيرة جداً، ودفعوها في الأسانسير إلى الطابق العلوي وتربت وترعرعت على هذا المستوى الرفيع!
وكان لا بد أن تختفي، وذبحوها واختفت، ولكن المعنى ما يزال قائماً: وهو أن آخرين عندهم نفس الاستعداد في جعل السطح حظيرة للطيور أو الأغنام ـ أغنام الضحية!
ومن الغريب أن أحداً من أصحاب هذه الحدائق الصغيرة لا يأتي بكرسي وتربيزة ويتناول الشاي أو القهوة ساعة العصاري، أبداً، انها فقط للزينة، لتكون جزءاً في لوحة كبيرة هي جميع الاسطح، وفي باريس أيضاً يحرمون استخدام الدش التلفزيوني ـ ممنوع فهم يرون أن الدش يفسد جمال البيوت!
وبمنتهى الامانة والصراحة يوجد هناك دش واحد في باريس، هذا الدش مستتر تماماً، وهو فوق أحد المكاتب الرسمية المصرية؟!
وحتى لا يضعوا الدش فوق الأسطح فإنهم يستخدمون الكابلات ـ كما يحدث في الشاطئ الشمالي في مصر، دش واحد وتمتد منه أسلاك لألوف الفلل والشاليهات!
سألت: وماذا يحدث لو أننا جلسنا بين هذه الزهور وتناولنا عشاءنا؟
كان سؤالي مدهشاً ومرفوضاً في نفس الوقت، فهذه الحدائق للزينة وليست للاستعمال، تماماً كما تضع وردة في عروة الجاكتة، فهي للزينة ولكنك لا تضعها بين شفتيك لتأكلها!
أقول قولي هذا وعيني على أسطح البيوت في مصر وكذلك البلكونات، انها ليست للزينة وانما للزبالة والمخلفات من الأقفاص والصناديق الفارغة وأثاث البيت القديم، ننفض عنها التراب من فوقها ومن تحتها ونتركها كأنها مخلفات رمسيس وأخناتون؟!
من فندق ماريوت في باريس أنظر إلى أسطح البيوت، كأنها حدائق صغيرة، كانت على الأرض واستطاعوا أن يرفعوها إلى فوق، فلما رفعوها ارتفعوا هم أيضاً، فكانوا نموذجاً للذوق والنظافة والأناقة، فالذين جعلوا أسطح بيوتهم حدائق صغيرة لا يرونها، وإنما يراها جيرانهم، أي أنهم حريصون على أن يريحوا عيون الآخرين، أو أن تكون صورتهم أجمل في عيون الناس!
تصور أنت، انهم لا يكتفون بالحدائق والغابات والأشجار الباسقة والزهور في النوافذ، فيضيفون إليها مساحات خضراء فوق السطوح، إن عيونهم لا تمل اللون الأخضر والأحمر والأصفر، ولا تضيق بصوت العصافير والبلابل، ولم أر أحداً قد مد يده إلى زهرة فيقطفها وانما أراه قد انحنى على زهرة في الأرض ونفخ التراب عنها وألصقها بأنفه. إننا عادة في مثل هذه الظروف لا نفعل ذلك، أما الزهرة التي على الأرض فإننا نجهز عليها، نسحقها بأقدامنا من دون أن نتساءل: ولكنه لماذا؟
لقد رأيت كثيراً في بلادنا من يتوقف بسيارته بسرعة محدثاً دوياً، وينزل من سيارته ليكسر رقبة زهرة ويخطفها ويقفز إلى سيارته وبعد لحظات يفتح النافذة ليلقي بحطام هذه الزهرة، فما المعنى؟ المعنى أنه قاتل، انه فاسد الذوق، انه مخرب، انه مدمر، انه كاره للحياة والجمال!
في بعض الحدائق نجد هناك مثل هذه العبارة: كما نحب أن تعيش فنحن أيضاً، أو عش ودعنا نعش، واذا كنت تحب الحياة لنفسك، فنحن مثلك ـ أي لا تقطع رقبة زهرة، لا تشنق وردة، لا تقصف غصناً!
ومنذ سنوات أجريت مسابقة لصاحبة أجمل سطح ـ أي لأجمل حديقة صغيرة فوق السقف، وكانت الصور لوحات فنية، تبارى فيها أصحاب الذوق الرفيع.
أرجو أن تصدقني فهذه حادثة وهي معروفة لأنني كتبت عنها فكان لها طعم الفضيحة، فقد فوجئت بأن فوق سطح البيت المجاور لنا وفي الدور العاشر: جاموسة، نعم ج.ا.م.و.س.ة، وأدهشني ذلك، فصعدت على السلم لأرى، وطلبت من أحد المصورين أن يلتقط صورة أوضح، جاموسة فوق السطوح، لا بد أن تأكل وأن تكون لها مخلفات وللمخلفات رائحة وأنها بحيرة جذب للذباب، وان هذا الذباب سوف ينتشر في كل الاتجاهات، أما الروائح ففي كل أنف، كيف؟
أما كيف فالأمر سهل، لقد أتوا بها صغيرة جداً، ودفعوها في الأسانسير إلى الطابق العلوي وتربت وترعرعت على هذا المستوى الرفيع!
وكان لا بد أن تختفي، وذبحوها واختفت، ولكن المعنى ما يزال قائماً: وهو أن آخرين عندهم نفس الاستعداد في جعل السطح حظيرة للطيور أو الأغنام ـ أغنام الضحية!
ومن الغريب أن أحداً من أصحاب هذه الحدائق الصغيرة لا يأتي بكرسي وتربيزة ويتناول الشاي أو القهوة ساعة العصاري، أبداً، انها فقط للزينة، لتكون جزءاً في لوحة كبيرة هي جميع الاسطح، وفي باريس أيضاً يحرمون استخدام الدش التلفزيوني ـ ممنوع فهم يرون أن الدش يفسد جمال البيوت!
وبمنتهى الامانة والصراحة يوجد هناك دش واحد في باريس، هذا الدش مستتر تماماً، وهو فوق أحد المكاتب الرسمية المصرية؟!
وحتى لا يضعوا الدش فوق الأسطح فإنهم يستخدمون الكابلات ـ كما يحدث في الشاطئ الشمالي في مصر، دش واحد وتمتد منه أسلاك لألوف الفلل والشاليهات!
سألت: وماذا يحدث لو أننا جلسنا بين هذه الزهور وتناولنا عشاءنا؟
كان سؤالي مدهشاً ومرفوضاً في نفس الوقت، فهذه الحدائق للزينة وليست للاستعمال، تماماً كما تضع وردة في عروة الجاكتة، فهي للزينة ولكنك لا تضعها بين شفتيك لتأكلها!
أقول قولي هذا وعيني على أسطح البيوت في مصر وكذلك البلكونات، انها ليست للزينة وانما للزبالة والمخلفات من الأقفاص والصناديق الفارغة وأثاث البيت القديم، ننفض عنها التراب من فوقها ومن تحتها ونتركها كأنها مخلفات رمسيس وأخناتون؟!