المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أشهر المحتالين في التاريخ ..... الكاهن سونيير جنى ثروة طائلة من بيع الصلوات!



مرجان
07-30-2015, 05:48 AM
«أشهر المحتالين في التاريخ» (6)


http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2015/07/30/12a04814-75d9-4a3d-b3d8-e2e4b28b897a.jpg

اعتمد الكاهن سونيير على الخرافات القديمة في بيع الصلوات للمواطنين (انترنت)


http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2015/07/30/97e6d809-d082-4c49-8376-7ccf3be2e687.jpg

الكاهن بيرونجيه سونيير

نشر في : 30/07/2015

http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2015/07/30/f5e6a0c4-de73-41b4-92a1-d2778dee6c78.jpg

">أغرم بخادمة الكنيسة ونبش معها القبور بحثاً عن كنوز
مات من دون أن ينال الغفران رغم اعترافاته
شيّد الكثير من البنايات مما كان يجنيه من الصلوات


تأليف بيير لونيل - ترجمة وإعداد سليمة لبال :

خلد التاريخ أسماء بعض من امتهنوا النصب والاحتيال. ومع انه لا يمر يوم إلا ويتعرض البعض الى هذه العمليات، فان عددا من هذه الجرائم لا يُنسى، ليس لان المحتالين تحالفوا مع الشيطان فقط، وانما لان ما قاموا به كان ضربا من الخيال ايضا، كفيكتور لوستيغ الذي قرر ذات يوم بيع برج ايفل، ونجح في ذلك، قبل ان يحتال على ال كابوني نفسه، والكونتيسة دولاموت التي نصبت على ملكة فرنسا ماري انطوانيت واستغلت اسمها في اقتناء اغلى عقد من الماس في ذلك الزمان، والكاهن سونيير الذي جنى مليارات من بيع الصلوات، وفان ميغيرين هذا الهولندي الذي برع في تقليد اجمل لوحات الفنان الشهير يوهانس فرمير، حتى عجز عن اقناع معاصريه بأن الامر يتعلق بأعمال مزورة وليست اصلية، فيما تبرز قصة الفرنسي جان كلود رومان الذي خدع عائلته عشرين عاما، واقنعها بأنه طبيب في منظمة الصحة العالمية، بينما كان يقضي كل اوقات الدوام في سيارته على طريق ريفي، ولما ادرك أن حبل الكذب سيخنقه قتل جميع افراد اسرته.

والى جانب هذه القصص، تبرز ايضا قصة المصرفي الاميركي برنارد مادوف الذي تلاعب بأكثر من 60 مليار دولار عهد له بها اثرياء ومصارف ومنظمات خيرية.

في كتابه الجديد الذي صدر في مارس الماضي تحت عنوان «اشهر المحتالين في التاريخ، فَصَّلَ بيير لونيل في هذه القصص وقدم عرضا شيقا لها، اخترنا لكم منه هذه الحلقات.
بدأت قصة الكاهن المحتال سونيير التي أسالت الكثير من الحبر في عام 1852، ففي أحد أيام هذه السنة وبعد فترة قصيرة من الانقلاب العسكري الذي قاده نابليون بونابرت، ولد طفل، يدعى بيرونجيه لدى عائلة سونيير.

بعد ثلاث سنوات، واجه هذا الطفل الذي ترعرع سعيدا بين والديه أول مشكلة واضطراب عاطفي بسبب ولادة شقيق له، ولكن الامر لم ينته عند هذا الحد ذلك أن الزوجين سونيير رزقا بخمسة أطفال أشقاء وثلاث شقيقات.

لم تكن العائلة ثرية، ولكن الأب جوزيف سونيير الذي كان رئيس بلدية القرية كان مسؤولاً عن المطاحن ويعمل متعهد قصر الارستقراطي الماركيز كازيماجو. وأما اطفاله، فقد أنشأهم على الاحترام.
كبر بيرونجيه مثل بقية أطفال القرية، وسط الطبيعة الخلابة، غير انه كان شخصا حالما ورومانسيا وشغوفا بالالغاز. ففي عمر الــ12، عانى من الخوف من الموت وفظاعته بسبب الكوليرا التي انتشرت في منطقة ليمو.

كانت الكوليرا في ذهن بيرونجيه بمنزلة عقاب من الله لسكان المدينة التي تعتبر مرتعا للفساد والخداع، ولكنها ابدا لم تنتشر في قريته مونتازيليز التي كان يعتقد أنها بمنأى عن المرض لان بها أناساً يخافون الله.
كبر بيرونجيه وكبر معه حبه لله وحين بلغ الثامنة عشرة من عمره، قرر ان يصبح كاهنا وكان له ذلك، حيث استقر في منطقة أليت التي لم يكن يعرفها جيدا.

كانت بدايات بيرونجيه مثل بدايات أي كاهن،حيث كان يسعى ليكون منسجما ومتناغما مع رواد الكنيسة، وكان خطيبا ممتازا وقادرا على التأثير في من يستمع اليه، كما كان شخصا جذابا ووسيما ونظراته فيها سحر، مما دفع أسقف كاركاسون فليكس ارسان بيار الى تعيينه معلما في المركز الديني في ناربون.
في تلك الفترة وقعت اول معجزة، حيث قررت الكونتيسة شامبورد ارملة هنري الخامس منحه هبة قدرها 3000 فرنك، وكان هذا المبلغ عبارة عن ثروة صغيرة في تلك الفترة، احتفظ بها بيرونجيه الذي حافظ على علاقته بالكونتيسة أيضاً.

كنوز الكنيسة

كان بيرونجيه عاشقا للحجارة القديمة، وكانت منطقة رين لو شاتو تؤوي كنيسة سانت مادلين. لقد كانت كنيسة ضخمة ورائعة، ولكنها كانت في حالة يرثى لها، لذلك وبمجرد ان أصبح كاهنا بدأ في ترميمها وقد ساعدته هبة الكونتيسة في البدء في الأشغال.

سمحت هذه الاشغال للكاهن باكتشاف عجائب الهندسة المعمارية التي كان يتم اعتمادها في بناء الكنائس وفي احد الأيام وبمساعدة طفل من جوقة الكنيسة قام بتحريك قطعة بلاط، لم تكن في مكانها فاكتشف سلالم، منع الجميع من استخدامها.. فهل قادته هذه السلالم إلى الثروة؟

في تلك الفترة، تلقى راهب ايميلي لي بان في روسيو الكاهن غراسو هدية رائعة من صديقه الكاهن سونيير هي عبارة عن كأس مطلي بالذهب، فتساءل ان كان صديقه تحول من كاهن الى مختص في الآثار؟

ولكن كاهن رين لو شاتو لم يكن مهتما بالاثار فقط وانما كان واقعا في غرام فتاة التقاها لدى اقامته في منطقة ناربون، ورغم محاولاته نسيانها فإن قلبه قاوم ولم يستطع محوها من مخيلته رغم انتقاله الى رين لو شاتو.

لم تستسلم نيني وارسلت له رسالة عبّرت له فيها عن عواطفها الجياشة فتعزز غرامها في قلبه، وأصبح يغادر بانتظام الدير ليلتقيها في سيتار غير بعيد عن ناربون.

كانت أشغال الترميم في تلك الأثناء تتم على قدم وساق في كنيسة سانت مادلين، وشيئا فشيئا زادت الاكتشافات، ففي أحد الايام وبينما كان بيرونجيه يعمل مع عاملين قام أحدهما، بدحرجة احد الابواب، فاكتشف مخبأ يتضمن مخطوطات.

حينها أمر بيرونجيه العاملين بالابتعاد، وقال إنه سيتكفل بهذه المخطوطات وبترجمتها، وحين أُخطر رئيس البلدية بالاكتشاف، أبلغه بيرونجيه بأن المخطوطات باللغة اللاتينية وسيعكف على ترجمتها.

تحوّلت القضية الى قضية بيرونجيه، بينما هي في الواقع قضية دولة بالنظر الى أهمية المخطوطات. في تلك الفترة استقرت عائلة تحمل اسم دينارنو في الدير وهي عائلة فقيرة، كان من بين افرادها فتاة في العشرين من عمرها تدعى ماري وكان الجميع يخدمون الدير والكنيسة.

بيع الصلوات

بلغ بيرونجيه الأربعين، ولكنه لم يكن يملك المال لتنفيذ طموحاته ماعدا بعض التبرعات التي كان يتبرع بها نحو 300 من مريدي الكنيسة، غير أنه كان يدرك أن الله يقف إلى جانب المؤمنين دوما وبالفعل فقد اهدته ضاحية رين لوشاتو كنزا لم يكن أبدا يتوقعه.

ففي أحد الأيام وبينما كان العمال ينظفون أرضية الكنيسة، قاموا بتحريك إصيص من مكانه. لقد كان اصيصا فخاريا بسيطا، ولكن جزءه الداخلي لماع. حينها امر بيرونجيه مساعديه بالابتعاد ولم يحدث احدا عن اكتشافاته الا ماري دينارنو التي كانت في الثالثة والعشرين من عمرها.

كانت ماري تحب بيرونجيه وتلازمه ليل نهار كما كانت تثق به ثقة عمياء. وأما هو، فما كان يخفي عليها أي سر من أسراره بما فيها سره الأخير. لقد أخبرها أنه غير راض لانه حُوّل إلى كنيسة لو شاتو وأنه يرغب في بناء قلعة مثل قلعة هوتبول التي انهارت، ولكنه في حاجة الى المال.

فكر بيرونجيه واخترع مصدرا جديدا لكسب المال، لقد عرض القاء خطب في الكنيسة لكل من يرغب في ذلك مقابل المال، وهكذا انهالت عليه الطلبات وفي المقابل كان سكان القرية يرددون بان كنوز الكنيسة هي من نفخت جيوب الكاهن.

في تلك الفترة، كان بيرونجيه مقتنعاً بأن سرداب الكنيسة ما زال يخفي المزيد من الكنوز، لذلك فكر في تفتيش المقبرة، غير أن الخبر انتشر بسرعة بين سكان القرية الذين هالهم خبر كاهن يحفر قبور موتاهم حاملا معوله وفأسه برفقة خادمته وعشيقته ماري التي كانت تحمل له المصباح.

رغم كل هذه الإشاعات والاحاديث لا احد قال إن بيرونجيه عثر على كنز، ذلك انه واصل تقديم الخطب على أرض رين لو شاتو المقدسة، وقد بلغ عدد طلبات القاء الخطب في اول سنة في عام 1895 إلى 600 طلب ولم تكن هذه سوى البداية.

كان بيرونجيه سعيدا للغاية لأنه اخيرا سيتمكن من تحقيق حلمه الذي لم يعد بناء مقر لقدماء الكهنة ممن تقاعدوا وانما تشييد بناية له ولماري.

في العام التالي أي في عام 1896 ضاعف بيرونجيه خطبه، مما سمح له ليس بالتقدم في اشغال البناء فقط وانما بتنظيم ولائم لاصدقائه أيضاً وكانوا عبارة عن عصابة ممن يعاقرون الخمر ومن المارتينيكيين والفتيات الجميلات بينما كان بيرونجيه برفقة عشيقته ماري.

أحلام ماري

كانت ماري تفكر في المستقبل، وفي أن يكتب لها الكاهن الاراضي إن تملكها. واما الكاهن بيرونجيه سونيير، فكان في عالم آخر، لقد أصبح يعيش على هامش القرية، ورغم انه كان ما زال يخطب وينظم القداس في الكنيسة، فإن السكان كانوا مذعورين لان راهبهم يفتش قبور موتاهم.

رغم كل هذه الظروف، فقد استمرت الأموال في التدفق على الكاهن وعلى ماري الهادئة التي بات السكان يلقبونها بـ«السيدة العذراء»

في تلك الفترة، بدأت الدولة بالتحقيق في وضع الكنيسة بما ان اسقفية كاركاسون كانت تغض الطرف ولم يكتشف محققو الجمهورية سوى خطبه العرضية ضد الجمهورية، ورغم ان الامر سينهي حياته الوظيفية لاحقا، فإن سونيير لم يهتم به ولم يغادر رين لو شاتو.

وأما على أرضه، فقد بدأ بيرونجيه بتشييد فيلا بيت حنانيا وقد اطلق عليها هذا الاسم تخليدا لذكرى مريم المجدلية. لقد كانت بناية ضخمة جدا، شيدت على نمط عصر النهضة، وغير بعيد عنها شيد برج المجدلية الذي سيحتضن مكتبة الدير.

كان كل شيء يسير بشكل رائع إلى أن توفي أسقف كاركاسون فليكس أرسن بيار الذي كان يحميه وتم تعيين آخر. في تلك الفترة واصل بيرونجيه بهدوء المتاجرة بالصلوات والخطب، إلى أن تغير الوضع فجأة وكان أول مؤشر عن ذلك هو البرود الذي استقبل به ألفريد سونيير شقيقه بيرونجيه، رغم أنه كان متواطئاً معه بسبب علاقته بماري، وأبلغه بأن للكاهن حدوداً لا ينبغي له أن يتجاوزها أبداً.

وأما في كاركاسون فقد ثارت حفيظة مونسينيير بول فيليكس بوفان دو بوسيجور، مثلما كان متوقعا، وتساءل عن الراهب الغريب الذي لا يعيش فقط مع خليلة، وانما يتاجر بالخطب والصلوات.

غير ان بيرونجيه لم يكن يهتم بشيء غير حبيبته ماري، حيث التقط لنفسه صورا أمام قصره، وباعها باسعار باهظة كما باع ايضا بطاقات بريدية وطوابع واثاثا قديما.

وبفضل الاموال التي كانت تتهاطل عليه ومجهودات 17 عاملا، أصبح بمقدور بيرونجيه استضافة أصدقائه في غرف فيلته الفخمة والتي اثثها بأثاث نابليون الثالث الأصلي.

كانت ماري هي الوريثة النهائية لهذه الأملاك، وبيرونجيه فعل كل شيء من أجل هذا، حيث كتب وصية بذلك اودعها لدى موثق وفتح حسابا بنكيا في باربينيون، كان يحول اليه كل الأموال التي يجنيها من تجارة الصلوات.

ثورة الأسقف

نحن في عام 1908. انتفض الاسقف الجديد على سلوكيات الراهب والمباني التي شيدها والخطب التي يتاجر بها، لكن الراهب سونيير رد وقال إن البناية ستستخدم في إيواء القساوسة الذين يحالون الى التقاعد، ما دفع الاسقف الى المطالبة باستعادة الكنيسة لهذه البنايات، وهكذا طرد بيرونجيه من الكنيسة واستقال من منصبه، لكنه رفض مغادرة الفيلا، وقد تعقد الوضع بتعيين راهب جديد يدعى مارتي.

حارب بيرونجيه من أجل المحافظة على فيلا ماري ديناردو وواصل تنظيم صلوات مدفوعة، رغم انه لم يكن يحمل صفة كاهن الرين الى ان استدعته محكمة الاسقفية في 16 يوليو 1910.

لكن رغم هذا الاستدعاء واصل برونجيه نشاطاته، وواصل ايضا اعتناءه بماري التي اهداها مجوهرات بكل الاثمان، لكن بمرور الوقت لم يعد الناس يطلبونه للصلاة، فتراجع مردوده المالي، لذلك فكر في بيع فيلا المجدلية، البناية التي قضى كل حياته في تشييدها.

جنى بيرونجيه منذ تعيينه كاهنا حوالي 200 ألف فرنك، وهو مبلغ كبير جدا مكنه من تشييد مباني بيتاني، ولتبرير هذا المبلغ امام محكمة الاسقفية، قال ان الكثير من الهبات وصلته من اناس لا يعرفهم، وبأنه باع ايضا بطاقات بريدية وطوابع واثاثا اصليا وقديما، لكن ما لم يقله بيرونجيه هو ان ماري هي من استفادت من هذا المال كله، وأنها مالكة كل الاراضي والبنايات.

غير ان بيرونجيه ومن سوء حظه ارسل للاسقفية فاتورتين باسم ماري تتعلقان باصلاح السقف بقيمة 412 فرنكاً، حينها ادانته المحكمة بتهمة اهدار وتحويل اموال.

منع الكاهن من تولي اي وظيفة في الكنيسة وحكم عليه باعادة كل الاموال التي حولها، فكيف يفعل ذلك وما عاد يملك شيئا؟

فكر بيرونجيه في بيع الاملاك التي كتبها باسم ماري التي لم تعترض لكنه لم يجد من يشتريها، ففكر في اخذ قرض عقاري ويعيش حياته، غير ان الحرب العالمية الأولى اندلعت وطال أمد المحاكمة الكنسية، وفي انتظار ذلك واصل بيرونجيه الذي كان قد احتفل بعيد ميلاده الثاني والستين اداء صلوات مدفوعة، ولكن بعيدا عن الأنظار.

كان الناس يطلبونه لاداء الصلاة واقامة الخطب، لقد كانوا لا يستطيعون التخلي عن ذلك ابدا ففي عام 1914 نظم 3000 قداس، ولم يتوقف عن ذلك ابدا إلى غاية وفاته.

لقد أصبح الكاهن سونيير رمزا للتقليديين الذين يناهضون الجمهورية التي تدعو الى فصل الكنيسة عن الدولة، ودفن في الكنيسة الصغيرة التي كان في الماضي يفتش قبورها ليلا بمساعدة ماري.
قبل وفاته، انعزل الكاهن سونيير في فيلته واما ذهنه فكان يفكر فقط في ماري، وفي 14 يناير توفي في المكتبة التي شيدها في برج المجدلية، بعد ان استمع كاهن الكنيسة الى اعترافاته قبل تبرئته.
لقد اعترف له بكل شيء بالمتاجرة بالصلوات وبحبه لماري، غير أن الكاهن ريفيير رفض منحه الغفران واشترط احالته للاسقف الذي رفض هو الآخر ان يغفر له، فما الذنب الذي اقترفه الكاهن سونيير والذي يبدو كبيرا ولا يغتفر في نظر الكنيسة؟ في النهاية مات بيرونجيه وتوفيت ماري التي لازمته وتقاسمت معه اسراره في عام 1953 من دون ان تنبس ببنت شفه عما عرفه الاثنان وعاشاه في حياتهما معا.

الحلقة المقبلة:

كاغليوسترو ادعى أنه المسيح
ثم مات في السجن

http://www.alqabas.com.kw/Articles.aspx?ArticleID=1078076&CatID=627