المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل السلف الصالح صالح فعلا



فاطمي
07-28-2015, 11:12 AM
من قلم : أحمد قويدر - عرب تايمز

أحمد قويدر
ahmedkouider55@yahoo.fr



تشاهد في المدن والقرى الجزائرية شبابا يرتدون قمصانا ( أو عباءات ) بيضاء أو زيا أفغانيا، ويسدلون لحى ، وليس لديهم من مشغلة إلا التوجه إلا المساجد للصلاة والتعبد حسب طريقتهم ، وإذا سألت عنهم الناس يقولون لك أنهم سلفيون . ولكي أفهم السلفية ، استعنت بموقع ويكيبيديا ، وفيما يلي تعريفه للسلفية باختصار : « السلفية منهج إسلامي يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، وهم الصحابة والتابعون وتابعو التابعين ، والتمسك بأخذ الأحكام من القرآن والسنة الصحيحة ، والابتعاد عن المدخلات الغريبة عن الإسلام ، والتمسك بما نقل عن السلف .

وفي جانبها الآخر المعاصر تمثل مدرسة من المدارس الفكرية الحركية السنية التي تستهدف إصلاح أنظمة الحكم والمجتمع والحياة عمومًا إلى ما يتوافق مع النظام الشرعي الإسلامي بحسب ما يرونه.


برزت بمصطلحها هذا على يد أحمد بن تيمية في القرن الثامن الهجري وقام محمد بن عبد الوهاب بإحياء هذا المصطلح من جديد في منطقة نجد في القرن الثاني عشر الهجري والتي كانت الحركة الإصلاحية التي أسسها من أبرز ممثلي هذه المدرسة في العصر الحديث. ومن أهم أعلامهم: عبد العزيز بن باز ومحمد ناصر الدين الألباني ومحمد بن صالح بن عثيمين ويعقوب الباحسين«. السلف هم أولا الصحابة ، أي أولئك الأشخاص الذين عايشوا النبي محمدا وآمنوا بدعوته ودافعوا عنه وساهموا في نشر الدعوة ، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون .

بعد وفاة الرسول محمد مسموما احتد الخلاف بين صحابته على خلافته ، فمنهم من كان يرى أن الأحق بالخلافة هو علي بن أبي طالب ، ابن عم محمد ، ومنهم من كان يرى أن الأحق بالخلافة هو أبوبكر الصديق ، صديق النبي والمقرب منه . ولما أرادوا مبايعة أبي بكر في مكان يدعى سقيفة بني ساعدة لم يحضر علي لمبايعته ، حتى أرسلوا في طلبه وجاء على مضض . مر هذا الخلاف بسلام ، ولكن الصدور بقيت موغرة .

بعد عامين ، توفي أبوبكر ، وبرز الخلاف من جديد ، ويقال أن أبا بكر أوصى بالخلافة لعمر بن الخطاب ، وهذا مما أغاض عليا وأصحابه ، آل البيت ، أي قرابة الرسول .

اغتيل عمر بن الخطاب علي يدي أبي لؤلؤة . هل كان اغتيال عمر فرديا ؟

الأداة كان أبو لؤلؤة ، ولكن الآمرين Les commanditaires كانوا وراء الستار ، وبلغة عصرنا كان ذلك اغتيالا سياسيا ، أي صراعا على الحكم. اعتقد علي وأصحابه أن دورهم قد جاء للظفر بالحكم ، ولكن الرياح السياسية جرت بما لا تشتهيه سفن آل البيت ، واختير عثمان بن عفان بدل علي .

ولقد تميزت فترة عثمان بن عفان بالتذمر لدى المسلمين لأنه كان يعين أهل عشيرته في المناصب الحساسة للدولة ، واغتيل هو الآخر شر اغتيال في خيمته وبترت أصابع يد زوجته التي أرادت أن تحميه . وأخيرا جاء دور علي ، ولكن لسوء حظه تميزت فترة حكمه بالقلاقل ، إذ طالبه أقارب عثمان بالثأر لمقتله ، وثارت ضده عائشة "أم المؤمنين " وطلحة والزبير وتواجه الفريقان ( كلهم صحابة) في معركة سميت بـ "معركة الجمل " التي أسفرت عن مقتل أكثر من 10 آلاف !!

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أن معاوية بن أبي سفيان شق عصا الطاعة ولم يعترف بخلافة علي ، مما أدى بالخليفة الرابع إلى تجهيز جيش لمحاربة المتمردين ، والتقى الجمعان في معركة سميت بـ "معركة صفين" ، والتي كذلك أودت بآلاف القتلى والجرحى ، وانتهت بما سمي التحكيم الذي طالب به أنصار معاوية وصاحبه عمرو بن العاص ، وأدى إلى انقسام أصحاب علي إلى شيعة ( مناصرو علي) وخوارج ( الخارجون عنه لقبوله بالتحكيم ) ، وانتهى الأمر إلى اغتيال علي .

ثلاثة خلفاء مقدسين لدى المسلمين اغتيلوا شر اغتيال ، وامرأة يعتبرها المسلمون أمهم ، وكثير من الصحابة المقدسين في نظر المسلمين ، يتصارعون على الحكم وتتنازعهم الأهواء مثل أي بشر عاديين ، يخطئون ويصيبون ، يطلب منا اليوم أن نقدسهم وأن نحتذي بهم ! أما التابعون فهم أولئك الأشخاص الذين لم يعايشوا النبي محمدا ، ولكنهم عاصروا الصحابة وعملوا من أجل نشر الإسلام .

أما تابعو التابعين فهم الذين عايشوا التابعين . وبعملية حسابية بسيطة فهاتان الفئتان عاشتا خلال حكم الأمويين والعباسيين. والتاريخ يخبرنا عن المجازر التي ارتكبت خلال هذه الفترة ، ومن أشهرها مقتل الحسن بن علي مسموما ومقتل أخيه الحسين في كربلاء من قبل الأمويين .

ولا ننسى ما قام به أبو العباس السفاح عندما أعمل السيف في بني أمية حتى كاد أن يفنيهم عن بكرة أبيهم . جانب آخر من من تاريخ السلف"الصالح" يجب ذكره ، وهو ما اصطلح على تسميته عند المسلمين بـ « حروب الردة » ، أي تلك الحروب التي شنها أبو بكر ضد القبائل التي رفضت دفع الزكاة بعد وفاة النبي محمد .

لقد كان أبوبكر يأمر بإلقاء الأسرى في النار مكتوفي الأيدي . وداعش لما أحرقت الطيار الأردني الأسير لم تخترع ذلك من عندها . وتورد كتب التاريخ الإسلامي أيضا أن أبا بكر أرسل قائده الملقب بـ "سيف الله المسلول" ، خالدا بن الوليد ، لمحاربة رافضي دافعي الزكاة . في إحدى هذه المعارك أسر أحد سادة العرب ويسمى مالكا بن نويرة ، مع العلم أنه كان له امرأة جميلة أمالت قلب خالد ، فأمر خالد بضرب عنق هذا المسكين ، وبعد ذلك جعل من رأسه أحد أحجار ثلاثة في موقد وضع عليها قدر .

وقيل أنه قبل ضرب عنقه ، التفت مالك إلى زوجته وقال لها أنت التي قتلتني ، يعني أن خالدا يريد قتله ليستفرد بها . وفعلا بعد قتل المسكين ، بنى لها خالد خيمة ودخل بها دون أن يتزوج بها ودون أن تتم عدتها .ولما سمع عمر بن الخطاب ذلك طالب أبا بكر أن يعزل خالدا من قيادة الجيش وأن يقيم عليه حد الزنا ، رفض أبوبكر ذلك.

وفي منطقتنا شمال إفريقيا ، وبالتحديد في الجزائر ، وفي وقت ما يسميه المؤرخون المسلمون بـ "الفتوحات الإسلامية لبلاد المغرب » ، تحدثنا كتب التاريخ أن عقبة ابن نافع لما قاد حملة على شمال أفريقيا « المغرب Le Maghreb » ، أسر أحد قادة الأمازيغ ، يسمى كسيلة، أمره بأن يذبح شاة ، وهو عمل مهين لا يليق أن يقوم به السادة ، وكان يقصد بذلك إهانته وإذلاله أمام قومه ،

وقد حاول أبوالمهاجر دينار ( قائد إسلامي مع عقبة ) أن يمنعه من فعل ذلك ، ولكن عقبة أصر على ذلك ، ولما انتهى كسيلة من ذبح الشاة وضع يده المخضبة بالدماء على لحيته ، وهي عادة الأمازيغ لما يريدون الانتقام من شخص أساء معاملتهم . وبعدها هرب كسيلة من الأسر وجمع قواته ونصب كمينا لعقبة وقتله مع مجموعة من رجاله بالقرب من مدينة بسكرة في جنوب شرق الجزائر ، وأصبح ضريحا مقدسا يتبرك به الجزائريون في بلدة تسمى باسمه سيدي عقبة ».


http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=38897