yasmeen
04-24-2005, 08:47 AM
سمير عطا الله
قبل عقد ونصف طلع رجل الاعمال اللبناني جورج زاخم بفكرة نقل مطعم «فيصل» من مكانه التاريخي قبالة الجامعة الاميركية في بيروت الى لندن. أي ان يلتقي الاصدقاء العرب المقيمون في هذه المدينة في مكان واحد، اولا رغبة في اللقاء نفسه، وثانيا للتداول في الشؤون والشجون العربية وما اكثرها.
لم توضع شروط للانتساب الى «فيصل» لندن. فقد كنا مجموعة من الاصدقاء الذين يعرفون بعضهم منذ زمن طويل، ولو بنسب متفاوتة. وكانت الجلسات الاولى تعقد صباح كل سبت في فندق «الرويال غاردن» المطل على «الهايد بارك». ذلك ان معظم عرب لندن يقطنون في حي «كنغستون». واكثرنا كان يأتي الى الجلسة مشيا على الاقدام. ويطل الفندق على قصر الاميرة ديانا، ولذلك كان يخترع البعض انه التقاها في الطريق او انه ألقى التحية.
عندما ازداد عدد اعضاء اللقاء انتقلنا الى بهو «الغروفنور هاوس»، ايضا المطل على البارك. وكان اذا حل ضيف على لندن ذلك الاسبوع يستضاف في «فيصل»، ويطلعنا على الاوضاع في البلد القادم منه. وتحول «فيصل» الى منتدى كثير الفائدة لأعضائه.
فقد كانت هناك الفائدة المعرفية وتبادل الآراء والافكار في حرية وارتقاء ودون خصومات. والفائدة الاخرى كانت التقاء الاصدقاء الذين نحب رؤيتهم على فنجان من القهوة، دون الاضطرار الى الغرق في المآدب الاجتماعية.
مع الانتقال الى «الغروفنور هاوس»، حدث احتلال الكويت. ويضم «فيصل» منذ أيامه الاولى عددا من العراقيين والبعثيين. وطبيعي ان النقاش كان يدور كل سبت حول الاحتلال. وطبيعي اننا كنا نختلف. وان تعلو الاصوات بقدر ما تسمح به صالونات الفنادق البريطانية. وفي نهاية اللقاء كنا نخرج الى الغداء معا. وكنت يومها اكتب مقالا يوميا في «الشرق الأوسط»، ضد الغزو. وكان الفريق البعثي من رفاق فيصل يتذمر من مواقفي. لكنهم لم يفاتحوني في الامر مرة واحدة. فنحن في لندن، امام «الهايد بارك» وعلى بعد نزهة قصيرة من «وستمنستر»، لا يفصلنا سوى حديقة اخرى. ثم اننا في «فيصل»، فهل يجوز للخلاف ان يفسد للود قضية؟
كنا ندرك انه لا بد ان الاستعلامات البريطانية تراقب الجلسة بطريقة ما. ليس بنشر خفاف الظل من حملة المسابح التنكرية الذين لا يمكن لك اطلاقا ان تحزر انهم من المخابرات العزيزة، ولكن على الطريقة الانكليزية. ما هي الطريقة الانكليزية؟ لا ندري. هذا همهم. الا اننا كنا ندرك ايضا ان هذا حقهم، وانه ليس في ما نقول ونبحث ما يسيء الينا وما يشكل خطرا حتى على فراشات «الهايد بارك»، ولذا كان من الافضل ان يصغوا بدل ان يظنوا.
أحببنا فكرة «فيصل» وصارت جزءا من طقوسنا. اذا غاب احدنا في سفر اشتاق، فيما يفتقد، الى لقاء السبت. واعتادت عائلاتنا على فكرة الغياب عن المنازل قبل ظهر السبت، وهي في اي حال الفترة الاسبوعية للاولاد في مدرسة اللغة العربية. وهكذا تقرر البحث عن مقر دائم. واشترت مجموعة من الاعضاء مطعما في مواجهة «الهايد بارك» عند «غلوستر رود» وتقرر ان نلتقي فيه كل سبت، بحيث لا نزعج نزلاء الفنادق بأصواتنا وطريقتنا في النقاش. لكن التجربة لم تدم طويلا. فقد اغلق المطعم، وهذه المرة انتقلنا الى افخم بهو في فنادق لندن: «الدورشستر».
ظل اهل «فيصل» انفسهم: رئيس البرلمان الفلسطيني السابق عبد المحسن القطان، وعبد العزيز الشخشير، ومن مصر كان العضو الوحيد الدكتور اشرف مروان. واعطيت «رئاسة» النادي لجورج زاخم صاحب الفكرة. وكانت هناك اكثرية من اللبنانيين بحكم اعدادهم في الغربة، بالاضافة الى عدد من المشرقيين الآخرين من الاصدقاء.
الى اللقاء.
قبل عقد ونصف طلع رجل الاعمال اللبناني جورج زاخم بفكرة نقل مطعم «فيصل» من مكانه التاريخي قبالة الجامعة الاميركية في بيروت الى لندن. أي ان يلتقي الاصدقاء العرب المقيمون في هذه المدينة في مكان واحد، اولا رغبة في اللقاء نفسه، وثانيا للتداول في الشؤون والشجون العربية وما اكثرها.
لم توضع شروط للانتساب الى «فيصل» لندن. فقد كنا مجموعة من الاصدقاء الذين يعرفون بعضهم منذ زمن طويل، ولو بنسب متفاوتة. وكانت الجلسات الاولى تعقد صباح كل سبت في فندق «الرويال غاردن» المطل على «الهايد بارك». ذلك ان معظم عرب لندن يقطنون في حي «كنغستون». واكثرنا كان يأتي الى الجلسة مشيا على الاقدام. ويطل الفندق على قصر الاميرة ديانا، ولذلك كان يخترع البعض انه التقاها في الطريق او انه ألقى التحية.
عندما ازداد عدد اعضاء اللقاء انتقلنا الى بهو «الغروفنور هاوس»، ايضا المطل على البارك. وكان اذا حل ضيف على لندن ذلك الاسبوع يستضاف في «فيصل»، ويطلعنا على الاوضاع في البلد القادم منه. وتحول «فيصل» الى منتدى كثير الفائدة لأعضائه.
فقد كانت هناك الفائدة المعرفية وتبادل الآراء والافكار في حرية وارتقاء ودون خصومات. والفائدة الاخرى كانت التقاء الاصدقاء الذين نحب رؤيتهم على فنجان من القهوة، دون الاضطرار الى الغرق في المآدب الاجتماعية.
مع الانتقال الى «الغروفنور هاوس»، حدث احتلال الكويت. ويضم «فيصل» منذ أيامه الاولى عددا من العراقيين والبعثيين. وطبيعي ان النقاش كان يدور كل سبت حول الاحتلال. وطبيعي اننا كنا نختلف. وان تعلو الاصوات بقدر ما تسمح به صالونات الفنادق البريطانية. وفي نهاية اللقاء كنا نخرج الى الغداء معا. وكنت يومها اكتب مقالا يوميا في «الشرق الأوسط»، ضد الغزو. وكان الفريق البعثي من رفاق فيصل يتذمر من مواقفي. لكنهم لم يفاتحوني في الامر مرة واحدة. فنحن في لندن، امام «الهايد بارك» وعلى بعد نزهة قصيرة من «وستمنستر»، لا يفصلنا سوى حديقة اخرى. ثم اننا في «فيصل»، فهل يجوز للخلاف ان يفسد للود قضية؟
كنا ندرك انه لا بد ان الاستعلامات البريطانية تراقب الجلسة بطريقة ما. ليس بنشر خفاف الظل من حملة المسابح التنكرية الذين لا يمكن لك اطلاقا ان تحزر انهم من المخابرات العزيزة، ولكن على الطريقة الانكليزية. ما هي الطريقة الانكليزية؟ لا ندري. هذا همهم. الا اننا كنا ندرك ايضا ان هذا حقهم، وانه ليس في ما نقول ونبحث ما يسيء الينا وما يشكل خطرا حتى على فراشات «الهايد بارك»، ولذا كان من الافضل ان يصغوا بدل ان يظنوا.
أحببنا فكرة «فيصل» وصارت جزءا من طقوسنا. اذا غاب احدنا في سفر اشتاق، فيما يفتقد، الى لقاء السبت. واعتادت عائلاتنا على فكرة الغياب عن المنازل قبل ظهر السبت، وهي في اي حال الفترة الاسبوعية للاولاد في مدرسة اللغة العربية. وهكذا تقرر البحث عن مقر دائم. واشترت مجموعة من الاعضاء مطعما في مواجهة «الهايد بارك» عند «غلوستر رود» وتقرر ان نلتقي فيه كل سبت، بحيث لا نزعج نزلاء الفنادق بأصواتنا وطريقتنا في النقاش. لكن التجربة لم تدم طويلا. فقد اغلق المطعم، وهذه المرة انتقلنا الى افخم بهو في فنادق لندن: «الدورشستر».
ظل اهل «فيصل» انفسهم: رئيس البرلمان الفلسطيني السابق عبد المحسن القطان، وعبد العزيز الشخشير، ومن مصر كان العضو الوحيد الدكتور اشرف مروان. واعطيت «رئاسة» النادي لجورج زاخم صاحب الفكرة. وكانت هناك اكثرية من اللبنانيين بحكم اعدادهم في الغربة، بالاضافة الى عدد من المشرقيين الآخرين من الاصدقاء.
الى اللقاء.