المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاقتصاد التركي على حافة الهاوية



رستم باشا
06-09-2015, 12:06 PM
التاريخ : 6/8/2015

http://soutalarab.net/Upload/Images/300X300/News-11458.jpg


صوت العرب - حنين القواسمي – مجموعة رجب طيب أردوغان التي أسست حزب العدالة والتنمية عقب خروجها من عباءة حزب الرفاه الإسلامي بقيادة نجم الدين أربكان، أعلنت منذ يومها الأول وبشكل واضح التخلي عن فكرة العداء للغرب والرأسمالية، وسعت عقب ذلك بكل قوتها إلى ضمان انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي ترجم على الأرض بتقارب شديد بين الحزب وبين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى منذ وصول أردوغان إلى سدّة الحكم ويؤكد مراقبون بأن الاستثمارات الأمريكية والأوروبية، وحركة الخصخصة التي انتهجتها حكومة أردوغان، ساهمت في تعميق المشاكل الاقتصادية لدى المواطن التركي، وعلى رأسها غلاء الأسعار، أو ما يعرف في عالم الاقتصاد بالتضخم، ناهيك عن محاولات الحكومة لأسلمة المجتمع التركي من جميع النواحي، الذي ترسخت فيه مبادئ العلمانية،مما سيسهم في القريب العاجل الى تدهور الاقتصاد التركي ودخوله حافة الهاوية في حال استمرار حكمه وفوزه في الانتخابات الحالية ،خاصة وأنه لا يرى ضيراً في تلك السياسات الاقتصادية حتى يومنا هذا، فبدلاً من توسيع قاعدة القطاع العام، والعمل على تنمية الاقتصاد التركي كاقتصاد منتج، اتجهت حكومة أردوغان إلى إعطاء الأولوية لنمو القطاع الخاص، وجلب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، وبيع مؤسسات الدولة.


وهنا يظهر الفارق بين نمو الاقتصاد وتنمية الاقتصاد، حيث أن تنمية الاقتصاد تعد أداة للاستقلال الاقتصادي، وتتمثل في الانتقال الفعلي من هيكل اقتصادي ذي انتاجية منخفضة إلى هيكل يستخدم موارد الدولة لإحداث تغييرات جذرية في البنيان الاقتصادي والاجتماعي وتوزيع عناصر الانتاج بين قطاعات الاقتصاد كافة. والأمر الذي يظهر جليا عدم رضا الشعب التركي عن النهج الاقتصادي الراهن عبر خروجهم بمظاهرات عمالية ومسيراتهم التي خرجت للاحتجاج على تردي أوضاعهم نتيجة سياسة الليبرالية الجديدة التي تنتهجها حكومة حزب العدالة والتنمية


*دور الاعلام بالتضليل وتلميع صورة الاقتصاد التركي


وللإعلام قوة جبارة لا ينكرها أحد، وعندما يتم توظيفه بشكل صحيح فإنه يخدم القضية التي يتبناها بطريقة تعجز عنها الحجج والبراهين والموضوعية كالاعلام الذي حاول على تلميع صورة أردوغان وسياساته الاقتصادية التي هي بالحقيقة أكذوبة كبيرة ، وتأتي خطورة هذه القوة عندما يتم توظيفها في مجال التضليل والخداع، هذا ما يمكن أن يستنتجه المرء بسهولة إذا أتعب نفسه قليلاً من أجل الحقيقة وتخلى (ولو جزئياً) عن عواطفه التي تدفعه لرفض هذه الحقيقة .


لا شك أن كل الاخبار التي تحدثت عن ازدهار منظومة الاقتصاد التركية لاقت ترحيبا من أنصار النموذج الأردوغاني أو العثمانيين الجدد إذا صح التعبير، وتعدى الأمر ذلك لتبدأ حملة التهليل من قبل أنصار الإسلام السياسي في الوطن العربي للنموذج التركي، رغم تلاعب أردوغان بالمصطلحات، فالملف الذي أغلقته تركيا هو ملف ديونها الخارجية لصندوق النقد الدولي فقط. و تناقلت وسائل الإعلام العربية مؤخرا خبراً مفاده أن 'تركيا سددت آخر قسط من ديونها الخارجية وأصبحت دولة بلا ديون، وذلك بفعل السياسة الأردوغانية الناجحة'، وبالطبع تعامل الكثيرون من العرب الهائمين بالسحر الأردوغاني مع الخبر كحقيقة لا تحتمل الشك أو الجدل، كيف لا وهو خبر يعزز إعجابهم بالبطل اردوغان الذي أصبح نموذجاً للقائد الصالح، والذي انتشل بلاده من أزمة اقتصادية خانقة إلى حالة اقتصادية يحلو للبعض أن يتخيلها بقوة الاقتصاديات الغربية.

*أكذوبة الدين والأرقام في عهد أردوغان

فيما يؤكد خبراء اقتصاديون ان بالواقع سياسات اردوغان الاقتصادية هي عبارة عن أكذوبة كبرى وليس أكثر من استخدام نفعي للإعلام من أجل تلميع صورة أردوغان وحزبه دون أي استناد إلى واقع حقيقي، مشيرين الى ان الأرقام الموثقة تبين لمن لديه من عنده استعداد لتحكيم العقل عند النظر في الأدلة يشجع على ضرورة بيان الحقائق .

و يتوقع خبراء اقتصاديون أن يتعرض الاقتصاد التركي، الذي نما في العقد الأخير بصورة خطيرة، إلى هزة عنيفة شبيهة بتلك التي أطاحت بالنمور الآسيوية في تسعينيات القرن الماضي، والاقتصادات الغربية قبل 6 سنوات في حال توافق الائتلاف بين الائتلاف بين حزب العدالة والتنمية والأحزاب الأخرى مؤكدين أن أرقام المديونية الخارجية التركية التي قالت أن المديونية في اسطنبول بلغت مع نهاية العام 2013 حوالي 388 مليار دولار، وفي الوقت الذي تداول فيه المبهورون بالنموذج التركي الأردوغاني خبر تخلص تركيا من ديونها للعالم الخارجي، كانت المديونية تزيد بحوالي 50 مليار دولار في العام 2013 لوحده،هذا إضافة إلى سياسة الإقتراض المنفلتة التي اتبعتها حكومة أردوغان، ويكفي أن نقول أن دين تركيا الخارجي ارتفع في عهد أردوغان من 130 مليار دولار إلى 388 مليار دولار أي ما نسبته حوالي 300% ، وهذا هو ما يحلو للبعض أن يسميه معجزة الاقتصاد التركي فيما يؤكد خبراء اقتصاديون ان منظومةا لاقتصاد التركي ستتدهور الى حد الانهيار وستصبح ايلة للسقوط في حال استمراره بالحكم



*توقعات بارتفاع مستويات البطالة في حال فوز حزب العدالة والتنمية بالغالبية العظمى وتدهور معدلات النمو


يرجح مراقبون ان مستويات البطالة ستتفاقم بشكل متزايد في استلام حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه أردوغان للرئاسة مؤكدين على ان تباهي الحكومة التركية بنجاح سياساتها الاقتصادية خلال الأعوام العشرة الماضية، خاصة فيما يتعلق بتخفيض مستويات البطالة في البلاد عبارة عن أوهام ،إذ تظهر الدراسات إلى أن انخفاض مستويات البطالة في تركيا خلال عهد أردوغان كان مقتصراً على موسم الصيف، ويرتبط بشكل رئيس بقطاعات السياحة والإنشاءات والزراعة فقط، دون النظر إلى المواسم الأخرى، مما يسهم أيضاً في كون الحسابات والأرقام المنشورة لمعدلات التضخم والنمو غير حقيقية أيضاً.

وعلى الرغم من الترويج لفكرة أن الاقتصاد التركي تمكّن من النمو خلال فترة حكم العثماني، فإن الأرقام تشير إلى أن السبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية في إطار التوسع الشديد في عملية الخصخصة، في الوقت الذي انخفضت فيه الأجور الحقيقية للعمال بمعدلات كبيرة مقارنة بالعمال في أوروبا وكذلك إعانة البطالة التي لم يتم إقرارها إلا في آذار/مارس من العام 2002 ولا تتجاوز 20% من الحد الأدنى للأجور وتصرف لمدة ستة أشهر فقط، بما يغري بتحقيق مكاسب هائلة للمستثمرين الأجانب والأتراك من عمالة رخيصة ومدربة وبلا أي ضمانات ضد الفصل التعسفي.

وانتهجت الحكومة التركية خلال فترة حكم أردوغان التوسع الكبير في الاقتراض الخارجي، وخلال أربع سنوات فقط ما بين الأعوام 2008 و 2012 ارتفعت مستويات الدين الخارجي بأكثر من 55 مليار دولار أمريكي، كما تركزت معظم الاستثمارات والأموال الأجنبية في قطاعات التصدير، مما وضع تركيا عرضة لمخاطر تقلبات الأسواق العالمية.


وفي العام 2012 تدهورت معدلات النمو في تركيا بشكل حاد، وذلك بتأثير تدهور شديد في الاستهلاك المحلي وأزمة الديون الأوروبية التي أثرت على تدفقات رأس المال وعلى أسواق التصدير التركية، ناهيك عن تعرض الاقتصاد التركي لصدمة عنيفة بسبب انهيار بنك ليمان براذرز، إبان الأزمة المالية العالمية في العام 2008.


*خبراء يجزمون بزيادة العجز الاقتصادي


عرف الحساب الجاري للدول في الاقتصاد على أنه مؤشر يقيس الفارق بين الصادرات والواردات هذا إذا ما أضفنا إليه الفارق بين الحوالات والتدفقات المالية من وإلى الاقتصاد، ويعطى المؤشر رقماً سالباً أو موجباً، فإذا ما كان سالباً يقرأ كعجز، وإذا ما كان موجباً يقرأ كفائض.

ويجزم مراقبون اقتصاديون أنه سيكون هنالك تدهور في معدلات النمو في تركيا مدللين على كلامهم بأن عجز النمو القائم في عهد أردوغان انعكس كزيادة هائلة في عجز الحساب الجاري خلال العام 2011 تحديداً، حيث سجّل الحساب الجاري عجزاً بمقدار 77.2 مليار دولار أمريكي أو 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتشير الأرقام إلى أن عجز الحساب الجاري التركي وصل خلال نيسان/أبريل الماضي إلى 8.17 مليار دولار.

ويمكن قراءة هذا العجز من خلال العودة إلى الأرقام المتعلقة بالصادرات والواردات لتركيا خلال العام الماضي، حيث بلغت صادرات تركيا خلال نيسان/أبريل الماضي حوالي 12.52 مليار دولار، فيما بلغت واردات تركيا حوالي 22.82 مليار دولار أمريكي، وبالنظر إلى أرقام الفترة ذاتها من العام الماضي نجد أن صادرات تركيا بلغت خلال نيسان/أبريل من العام 2012 حوالي 12.63 مليار دولار، فيما بلغت واردات تركيا حوالي 19.27 مليار دولار أمريكي.

تلك الأرقام توضح أن صادرات تركيا تراجعت خلال العام الماضي بنسبة 0.9 بالمئة، فيما ارتفعت وارداتها إلى 18.4 بالمئة، والمشكلة هنا لا تقتصر فقط على ارتفاع عجز الحساب الجاري، وإنما أيضاً في مصادر تمويله

وبذلك التدهور الاقتصادي، نستطيع الجزم بأن سياسات السلطان أردوغان الاقتصادية كلها سواء في فترة الانتعاش -وفق مزاعم أنصاره- أو في فترة الأزمة كانت لها تكلفة اجتماعية كبيرة.

*الشعب التركي مردك بأن السياسات الاقتصادية الأردوغانية زائفة منذ اليوم الأول ....

لقد أيقن الشعب التركي بأن السياسات الاقتصادية الزائفة التي اتبعها أردوغان منذ اليوم الأول له في السلطة جائت لتمكين الطبقة الحاكمة فقط، ولم تكترث للشعب، وذلك من خلال أدواتها التي تستخدم الدين والأفكار المحافظة بالمقارنة مع نماذج أخرى من الإسلام السياسي والدليل الأكبر على ذلك زيادة الهوة بين الأغنياء الذين ازدادوا ثراءً والفقراء الذين ازدادوا فقراً وبؤساً اذ تؤكد الاحصائيات بأن إلى أن نصيب أغنى 20% من السكان في تركيا يبلغ نصف الناتج المحلي القومي، بينما كان نصيب أفقر 20% من الأتراك حوالي 6% فقط من الناتج المحلي القومي، وعلى الرغم من الترويج لكون أردوغان هو “السلطان العثماني العادل”، إلّا أن تقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تؤكد على أن تركيا هى ثالثة أكثر دول العالم من حيث انعدام العدالة في توزيع الدخل – أى من حيث الظلم الاجتماعي. وعقب اتضاح الصورة، بات من الواجب الحذر من البروباغاندا الإعلامية التي استغلت وسائلها بالشكل الصحيح لتلميع صورة أردوغان على المستويين السياسي والاقتصادي، خلال الأعوام العشرة الماضية.

http://soutalarab.net/Pages.aspx?P=D&&Type=10&ID=11458