جمال
04-22-2005, 12:28 PM
علي الشلاه
* كاتب واكاديمي عراقي
يبدو ان ابداع الارهابيين في العراق قد تجاوز الحدود كلها في التفنن بقتل الابرياء من ابناء الرافدين, من الذبح بالسكين الى السيارات المفخخة ببهائمها المربوطة على المقود واخيرا نقلوا فنون المقابر الجماعية من البر الى الماء وهاهي جثث رهائن المدائن او شهدائها الابرارتطفو على وجه دجلة الباكي وكأنها قرابين جديدة لتكتمل سلسة المقابر الجماعية الصدامية بمقبرة مائية جديدة .
لا ادري اي فكر او اية عقيدة تلك التي تقبل بهذا القتل الظلامي الاسود, واي اخرة يبحث عنها هؤلاء القتلة الطارئون على الانسانية او الخارجون عليها من كهوف القرون الوسطى ليدمروا وجه الحضارة والتاريخ وكل الديانات والعقائد السماوية والارضية على حد سواء.
لقد ولى زمن التطهير العرقي والقائلين به ولفظوا انفاسهم مع سقوط الثنائي المشؤوم صدام ¯ ميلوسوفيتش وانتبه العالم بكل شعوبه الى ان هذه الجرائم خط احمر لن يصمت عليه احد , لكن يبدو ان بعضنا مازال يعيش ضمن ركام »القروسطية« ويصدق بان المجرم الذي ينتمي الى فصيلتي نفسها ليس مجرما وان المجرمين هم الاخرون اما نحن فكائنات سماوية منزهة لايأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
لقد قصرت الحكومة العراقية كثيرا بحق الشعب العراقي وضحاياه ولو أنها تصرفت بحزم وقصاص سريعين لما جرؤت تلك الذئاب البشرية على فعلتها النكراء هذه ولما اقيم حفل صاخب في احد ملاعب الرمادي احتفاءً بقتل عشرين عراقيا ينتمون الى الجيش العراقي رمز الدولة العراقية وسيادتها التي يزعم الارهابيون الجهاد من اجلها, لكن الارهابيين - وهذا لم يعد خافيا على احد - قد وجدوا اذنا صاغية حتى بين بعض وزراء هذه الحكومة, وفي بعض اجهزتها الامنية, فكانت النتيجة الكارثية هي مانراه اليوم , وهو ماكان سيختفي لو كان الردع كافيا واخلاقيا ومن دون تسترمن اي طرف, وعلى اي مجرم مهما صغرت جريمته.
ولعل من غرائب التراجيديا العراقية, اننا حين نكتب عن هذه الجرائم نتهم بالكذب والمبالغة, وحين تظهر الحقيقة الدامغة على بشاعتها ,كما حصل مع طوفان الجثث المأساوي يجرى التعامل معها كأنها لم تكن, وكأننا متهمون ابديون وعلينا ان لانكتب عن ضحايانا لانهم في عرف الاخر خارج سياق البشر , فحتى الموت العربي صار طبقيا وطائفيا , وحين اكتشفت مقابر صدام الجماعية قال الاعلام العربي انهم من ضحايا الحرب العراقية الايرانية وزعم اخرون ان الضحايا قد قتلهم ذووهم بعد ان زوروا تاريخ الضحايا ومنحوهم لنظام صدام الطاهر البريء على انهم من مسؤوليه رغم معرفتنا ومعرفتهم لهؤلاء الشهداء بالاسماء والانتماء .
ولعل كل عاقل وشريف يتساءل لم كل ذلك الانكار والتزوير وهم يرون امهات يلملمن اعضاء بنيهن واخوة يبحثون عن بقايا اخوانهم واطفالا يبحثون عن ابائهم , حتى يخيل للمرء احيانا اننا في العالم العربي لسنا بحاجة الى جامعات وصحف ومرافق اعلامية, بل بحاجة الى عيادات نفسية لاصلاح هذا الخراب المدمر الذي يلف النفوس كلها .
erde4uns@hotmail.com
* كاتب واكاديمي عراقي
يبدو ان ابداع الارهابيين في العراق قد تجاوز الحدود كلها في التفنن بقتل الابرياء من ابناء الرافدين, من الذبح بالسكين الى السيارات المفخخة ببهائمها المربوطة على المقود واخيرا نقلوا فنون المقابر الجماعية من البر الى الماء وهاهي جثث رهائن المدائن او شهدائها الابرارتطفو على وجه دجلة الباكي وكأنها قرابين جديدة لتكتمل سلسة المقابر الجماعية الصدامية بمقبرة مائية جديدة .
لا ادري اي فكر او اية عقيدة تلك التي تقبل بهذا القتل الظلامي الاسود, واي اخرة يبحث عنها هؤلاء القتلة الطارئون على الانسانية او الخارجون عليها من كهوف القرون الوسطى ليدمروا وجه الحضارة والتاريخ وكل الديانات والعقائد السماوية والارضية على حد سواء.
لقد ولى زمن التطهير العرقي والقائلين به ولفظوا انفاسهم مع سقوط الثنائي المشؤوم صدام ¯ ميلوسوفيتش وانتبه العالم بكل شعوبه الى ان هذه الجرائم خط احمر لن يصمت عليه احد , لكن يبدو ان بعضنا مازال يعيش ضمن ركام »القروسطية« ويصدق بان المجرم الذي ينتمي الى فصيلتي نفسها ليس مجرما وان المجرمين هم الاخرون اما نحن فكائنات سماوية منزهة لايأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
لقد قصرت الحكومة العراقية كثيرا بحق الشعب العراقي وضحاياه ولو أنها تصرفت بحزم وقصاص سريعين لما جرؤت تلك الذئاب البشرية على فعلتها النكراء هذه ولما اقيم حفل صاخب في احد ملاعب الرمادي احتفاءً بقتل عشرين عراقيا ينتمون الى الجيش العراقي رمز الدولة العراقية وسيادتها التي يزعم الارهابيون الجهاد من اجلها, لكن الارهابيين - وهذا لم يعد خافيا على احد - قد وجدوا اذنا صاغية حتى بين بعض وزراء هذه الحكومة, وفي بعض اجهزتها الامنية, فكانت النتيجة الكارثية هي مانراه اليوم , وهو ماكان سيختفي لو كان الردع كافيا واخلاقيا ومن دون تسترمن اي طرف, وعلى اي مجرم مهما صغرت جريمته.
ولعل من غرائب التراجيديا العراقية, اننا حين نكتب عن هذه الجرائم نتهم بالكذب والمبالغة, وحين تظهر الحقيقة الدامغة على بشاعتها ,كما حصل مع طوفان الجثث المأساوي يجرى التعامل معها كأنها لم تكن, وكأننا متهمون ابديون وعلينا ان لانكتب عن ضحايانا لانهم في عرف الاخر خارج سياق البشر , فحتى الموت العربي صار طبقيا وطائفيا , وحين اكتشفت مقابر صدام الجماعية قال الاعلام العربي انهم من ضحايا الحرب العراقية الايرانية وزعم اخرون ان الضحايا قد قتلهم ذووهم بعد ان زوروا تاريخ الضحايا ومنحوهم لنظام صدام الطاهر البريء على انهم من مسؤوليه رغم معرفتنا ومعرفتهم لهؤلاء الشهداء بالاسماء والانتماء .
ولعل كل عاقل وشريف يتساءل لم كل ذلك الانكار والتزوير وهم يرون امهات يلملمن اعضاء بنيهن واخوة يبحثون عن بقايا اخوانهم واطفالا يبحثون عن ابائهم , حتى يخيل للمرء احيانا اننا في العالم العربي لسنا بحاجة الى جامعات وصحف ومرافق اعلامية, بل بحاجة الى عيادات نفسية لاصلاح هذا الخراب المدمر الذي يلف النفوس كلها .
erde4uns@hotmail.com