المهدى
04-21-2005, 07:47 AM
عبداللطيف الدعيج
في تصديه للرد على الابتزاز الفئوي الذي تسيد جلسة استجواب الوزير شرار وفي محاولة لتطويق الطرح الفئوي قال رئيس مجلس الأمة "كلنا بدو"· هذه عبارة قد لا تعني شيئا كثيرا عند الكثيرين، فالسيد رئيس المجلس حاول تلطيف النقاش والتأكيد على غياب الفئوية والطائفية عن روح الاستجواب وقاعة المجلس· لكن لدي أنا، هاوي التدقيق والبحث في ما يقال وما لا يقال فإن "كلنا بدو" وإن قبلت بعفوية فإنها لا تحمل معنى عفويا بذاتها· أنا متأكد لو أن رئيس مجلس الأمة تمهل أو كان لديه وقت أكثر للتأمل وانتقاء الرد المناسب لقال "كلنا كويتيون" فهذا هو الرد المناسب والحاسم· "كلنا بدو" قيلت بعفوية لكنها في واقع الأمر تؤكد واقعا سياسيا واجتماعيا سعت السلطة إلى تأكيده وعمل الكثيرون داخلها طويلا لتعميمه·
السلطة سعت منذ الستينات إلى "بدونة" المجتمع وإلى فرض الروح والتقسيمات العشائرية والقبلية فيه، أعلم أن الكثيرين، مع الأسف، ممن لا يزالون يعتبرون أنفسهم "بدوا" كالنائب الذي حاول إقحام البدو والحضر في استجواب وزير حكومي وممن لا يزالون رهن التأثير السلطوي وأسر السياسات الحكومية في تعطيل المجتمع وزرع الانقسامات القبلية والطائفية، أعلم مع الأسف أن الكثير سيحتج طارحا السؤال الاستنكاري التقليدي "وايش فيهم البدو؟"· البدو على راسي وعيني·· لكن ليست البداوة·· فالبداوة من المفروض أنها انتهت من معظم المجتمعات المتحضرة والمتطورة التي "بدأت" قبلية وبدوية، من قبائل الجرمان إلى قبائل القوقاز إلى الهنود الحمر إلى القبائل العربية، لكن الاستقرار "الزراعي" أنهى بداوة معظم هذه الشعوب· ظروف الجزيرة العربية وانتفاء مقومات المجتمع الزراعي عملت على إطالة مجتمع الرعي والتنقل وأرغمت الناس على العيش زمنا أطول في مرحلة البداوة·
منذ بداية القرن المنصرم وفرت الظروف الاقتصادية والسياسية شروطا أفضل للانتقال إلى المجتمع الحضري، بل أدت الوفرة المادية وتقنيات استخراج أو تقطير المياه الحديثة إلى إمكانية قيام مجتمعات زراعية منتجة في الجزيرة العربية مما سهل الانتقال الثوري إلى مجتمعات مستقرة، زراعية وصناعية أيضا، هذا الاستقرار يتطلب التخلي عن عقلية ومفاهيم المجتمع القديم والقبول أو التحلي بعقلية المجتمع الآخر والعصر الحاضر·
لكن قوى التخلف في السلطة التي كان ولا يزال ديدنها شل حركة المجتمع ومنع تقدمه، قوى التخلف السياسي والديني عملت وتعمل جاهدة على إبقاء المواريث القديمة وإلى إجبار الناس على الخضوع لعاداتهم وتقاليدهم بوصفها ألوهية ومقدسة وليست نتاجا لظروف وطبيعة تواجدهم في مجتمع غير مجتمع اليوم·
مقولة السيد رئيس مجلس الأمة "كلنا بدو"·· ليست تعبيرا عفويا مقطوعا عن سياسات وطروحات القوى المهيمنة على السياسة والمجتمع بل انعكاس لتسيد هذه السياسات وتعبير حي عن تأثيرها على مجمل الناس وعلى نشاطات وفكر كل الكويتيين· رئيس مجلس الأمة، حاله حال أي كويتي، واقع تحت تأثير هذه السياسات ومتربٍ منذ الستينات مثلنا كلنا على نهج وممارسات سلطوية تعمدت تهميش قوى المجتمع المدني وتعزيز التقاليد القبلية والعشائرية بحيث إن الناس صاروا كلهم "بدواً" عنده وليسوا كويتيين·
في تصديه للرد على الابتزاز الفئوي الذي تسيد جلسة استجواب الوزير شرار وفي محاولة لتطويق الطرح الفئوي قال رئيس مجلس الأمة "كلنا بدو"· هذه عبارة قد لا تعني شيئا كثيرا عند الكثيرين، فالسيد رئيس المجلس حاول تلطيف النقاش والتأكيد على غياب الفئوية والطائفية عن روح الاستجواب وقاعة المجلس· لكن لدي أنا، هاوي التدقيق والبحث في ما يقال وما لا يقال فإن "كلنا بدو" وإن قبلت بعفوية فإنها لا تحمل معنى عفويا بذاتها· أنا متأكد لو أن رئيس مجلس الأمة تمهل أو كان لديه وقت أكثر للتأمل وانتقاء الرد المناسب لقال "كلنا كويتيون" فهذا هو الرد المناسب والحاسم· "كلنا بدو" قيلت بعفوية لكنها في واقع الأمر تؤكد واقعا سياسيا واجتماعيا سعت السلطة إلى تأكيده وعمل الكثيرون داخلها طويلا لتعميمه·
السلطة سعت منذ الستينات إلى "بدونة" المجتمع وإلى فرض الروح والتقسيمات العشائرية والقبلية فيه، أعلم أن الكثيرين، مع الأسف، ممن لا يزالون يعتبرون أنفسهم "بدوا" كالنائب الذي حاول إقحام البدو والحضر في استجواب وزير حكومي وممن لا يزالون رهن التأثير السلطوي وأسر السياسات الحكومية في تعطيل المجتمع وزرع الانقسامات القبلية والطائفية، أعلم مع الأسف أن الكثير سيحتج طارحا السؤال الاستنكاري التقليدي "وايش فيهم البدو؟"· البدو على راسي وعيني·· لكن ليست البداوة·· فالبداوة من المفروض أنها انتهت من معظم المجتمعات المتحضرة والمتطورة التي "بدأت" قبلية وبدوية، من قبائل الجرمان إلى قبائل القوقاز إلى الهنود الحمر إلى القبائل العربية، لكن الاستقرار "الزراعي" أنهى بداوة معظم هذه الشعوب· ظروف الجزيرة العربية وانتفاء مقومات المجتمع الزراعي عملت على إطالة مجتمع الرعي والتنقل وأرغمت الناس على العيش زمنا أطول في مرحلة البداوة·
منذ بداية القرن المنصرم وفرت الظروف الاقتصادية والسياسية شروطا أفضل للانتقال إلى المجتمع الحضري، بل أدت الوفرة المادية وتقنيات استخراج أو تقطير المياه الحديثة إلى إمكانية قيام مجتمعات زراعية منتجة في الجزيرة العربية مما سهل الانتقال الثوري إلى مجتمعات مستقرة، زراعية وصناعية أيضا، هذا الاستقرار يتطلب التخلي عن عقلية ومفاهيم المجتمع القديم والقبول أو التحلي بعقلية المجتمع الآخر والعصر الحاضر·
لكن قوى التخلف في السلطة التي كان ولا يزال ديدنها شل حركة المجتمع ومنع تقدمه، قوى التخلف السياسي والديني عملت وتعمل جاهدة على إبقاء المواريث القديمة وإلى إجبار الناس على الخضوع لعاداتهم وتقاليدهم بوصفها ألوهية ومقدسة وليست نتاجا لظروف وطبيعة تواجدهم في مجتمع غير مجتمع اليوم·
مقولة السيد رئيس مجلس الأمة "كلنا بدو"·· ليست تعبيرا عفويا مقطوعا عن سياسات وطروحات القوى المهيمنة على السياسة والمجتمع بل انعكاس لتسيد هذه السياسات وتعبير حي عن تأثيرها على مجمل الناس وعلى نشاطات وفكر كل الكويتيين· رئيس مجلس الأمة، حاله حال أي كويتي، واقع تحت تأثير هذه السياسات ومتربٍ منذ الستينات مثلنا كلنا على نهج وممارسات سلطوية تعمدت تهميش قوى المجتمع المدني وتعزيز التقاليد القبلية والعشائرية بحيث إن الناس صاروا كلهم "بدواً" عنده وليسوا كويتيين·