سيد مرحوم
06-05-2003, 11:53 PM
-----------------------------------------------------------
دليل التبريزي في إدانة مخالفيه :
لقد أفتى الشيخ ميرزا جواد التبريزي بضلال السيِّد محمد حسين فضل الله ووصفه بأ نّه ضال مضل ، وحرّم التعامل معه والترويج له ، وشراء وبيع كتبه ، وحرّم الذهاب إلى حملات حج معيّنة بدعوى أن أصحابها يؤيدونه ، وأفتى بعدم فقاهته وكل ذلك لأن السيِّد محمد حسين فضل الله تردد في رواية واحدة ، وهي رواية مرويّة في كتاب الكافي عن الإمام موسى الكاظم (ع) .
وإليكم نص كلام الشيخ التبريزي بهذا الخصوص ، والموجود على موقعه :
ولكن ظهر أشخاص وبعضهم معممون ومنتسبون للسادات ، (ذرّية النبى (ص) ) فهؤلاء ينكرون شهادة الزهراء (ع) يعني ينكرون قول موسى بن جعفر (ع) من أنّها صدِّيقة شهيدة ، فاحذروا ونبّهوا غيركم !
وكرّر التبريزي استدلاله بهذه الرواية في عدّة استفتاءات ، بل صدّر بها صدر صفحته العقائدية في موقعه ، لذا كان لزاماً على الناس أن يعرفوا هذه الرواية التي مَن لا يؤمن بما جاء فيها يصبح ضالاً مضلاً يجوز هتك حرمته ويحرم التعامل معه وتأييده .
وقبل كل شيء نقول بأ نّنا ممّن يؤمن بولاية أهل البيت (ع) وطهارتهم وعصمتهم وظلامتهم عبر التاريخ ، ولا نريد هنا إثبات مسألة أو نفيها مما الله أعلم بها ، ولكن نريد إثبات بطلان منهج يعتمد على أسس واهية وتصورات وآراء منفردة يستدل بها للحكم على الآخرين بالارتداد والضلال وإسقاط حقوقهم ، على أساس الاختلاف في مسائل تاريخية دون تأمّل أو تحقيق .
ومقدّمةً نقول : أن هذه المسألة ليست من الأحكام الشرعية ـ كالصلاة والصوم ـ التي يجب التقليد فيها ، حتى يأخذ الناس برأي التبريزي دون تحقيق ويقلّدونه فيها ، فهي ليست من الفروع الفقهية التي يجب التقليد فيها .
وإنّما هي من الموضوعات الصرفة ـ كما يقول الفقهاء ـ والتي لا يجوز التقليد فيها ، بل يجب على كل مكلف الفحص والتحقيق والتأكد بنفسه ، وإلاّ أصبح مسؤولاً عن موقفه ويسأل يوم القيامة عن ذلك ، ولا يعذره أن يقول : قال فلان ، مجتهداً كان أم غيره .
يقول السيِّد الخوئي : «لا ينبغي التوقف في عدم جواز التقليد في الموضوعات الصرفة ، لأن تطبيق الكبريات على صغرياتها خارج عن وظائف المجتهد حتى يتبع فيها رأيه ونظره ، فإنّ التطبيقات أمور حسّية والمجتهد والمقلِّد فيها سواء ، بل قد يكون العامي أعرف في التطبيقات من المجتهد فلا يجب على المقلّد أن يتابع المجتهد في مثلها» (التنقيح في شرح العروة الوثقى / ج 1 / ص 349) .
وإذا قال أحدهم أن هذه المسألة من أُصول الدين ومسائل العقيدة ، فإنّها أيضاً لا يجوز التقليد فيها ، قال السيِّد الخوئي (قده) : «إذ المعتبر في الأُصول إنّما هو اليقين والعرفان والاعتقاد ، وشيء من ذلك لا يتحقق بعقد القلب على ما يقوله الغير ، بل هذا هو القدر المتيقن مما دلّ على ذمّ التقليد واتباع قول الغير في الأُصول كقوله عزّ مَن قال : (إنّا وَجدَنا آباءَنا على أُمّة وإنّا عَلى آثارهم مُقتَدون ) » (اُنظر نفس المصدر) .
وقد ضرب السيِّد الخوئي مثلاً آخر لا يرجع به إلى المجتهد ، وعدم جواز تقليده قال : «هذا كموت زيد وولادة ابنه ونحوهما فإنّه إذا علم بها أحد باجتهاده وحدسه لم يكن أي مجوز لتقليده لأ نّهما أمران حسّيان لا يحتاجان إلى الاستنباط والاجتهاد» .
والقضايا المختلف عليها بعضها تاريخيّة وبعضها شخصية هي من هذا القبيل لا غير .
لذا كان لزاماً على كل فرد يريد أن يصل إلى موقف أن يطّلع بنفسه على الأدلة ويحكم فيها ، ولا يجوز الاعتماد على غيره ، لأ نّه بشر مثله يخطى ويصيب ، والمسألة كما تبيّن مما لا يجوز التقليد فيها .
دليل التبريزي وروايته :
أمّا الرواية التي استند إليها الشيخ التبريزي في إدانة مخالفيه وإصدار كل أحكامه ، كما ذكرها في فتاواه واستفتاءاته الموجودة على موقعه في الانترنيت فهي ما رواه الكليني في الكافي (ج 1 / كتاب الحجة / باب مولد الزهراء / ج 2) بسنده عن الإمام الكاظم (ع) أ نّه قال : (إن فاطمة صدِّيقة شهيدة وإن بنات الأنبياء لا يطمثن) .
فكان مستنده أن هذه الرواية الصحيحة صريحة في كون الزهراء (ع) شهيدة ، وبالتالي صحّ أنّها قتلت . إصدار الحكم قبل البحث والتحقيق .
ونودّ أن نؤكد أ نّنا لا نشك في مظلومية أهل البيت (ع) والزهراء (ع) ولا في عصمتهم وولايتهم .
وكذلك فإن أي مُراجع لكتب السيِّد فضل الله يجد أ نّه يصرِّح قديماً وحديثاً بأ نّه مؤمن بولاية أهل البيت (ع) وعصمتهم وطهارتهم ومظلوميتهم ومنهم سيِّدة نساء العالمين الزهراء (ع) أللّهمّ إلاّ مَن كان أُمّياً لا يقرأ ، أو شخصاً أعماه التعصب فهو لا يرى ذلك ولا يجده .
ونعود إلى دليل الشيخ ومستنده ، فنقول : إن كلمة الشهيد لا تعني في اللغة ـ من حيث الأصل ـ المقتول الشهيد ، بل هي كما في مقاييس اللغة من فعل شَهِدَ : «أصل يدلُّ على حضور وعِلم وإعلام لا يخرج شيء من فروعه عن الذي ذكرناه ... » وقد كثر استعمال ذلك في القرآن بمفردات : شهد ، شاهد ، شهداء ، شهيد ...
قال تعالى : (والله شهيد على ما تعملون ) (آل عمران / 98) .
وقال تعالى : (قل الله شهيد بيني وبينكم ) (الأنعام / 19) .
وقال تعالى : (وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) (البقرة / 143) .
وقد وردت مفردات شهد ، شاهد ، شهود ، شهيد ، شهداء ، الشهادة وغيره في مئة ونيف وستِّين مورداً كلّها بمعنى الحضور والشهادة بالعلم ولم يرد في القرآن الكريم مورد واحد بمعنى الشهيد القتيل ، ووردت لفظ شهيد في ستّة وثلاثين مورداً ، بمعنى الشاهد الحاضر ولم ترد في أي منها بمعنى القتيل .
نعم ، استعير لفظ الشهيد للقتيل ـ في غير القرآن الكريم ـ قيل لأنّ الشهيد تشهده الملائكة ، إلاّ أن هذه الاستعارة غير موجودة في القرآن ، فراجع وتأمل .
قال العلاّمة الطباطبائي في الميزان : «وقد تقدّم أنّ المراد بالشهداء شهداء الأعمال فيما يطلق من لفظ الشهيد في القرآن دون المستشهدين في معركة القتال ... » وذلك في تفسير قوله تعالى في سورة النساء (الآية 69) : (ومَنْ يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيِّين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ) .
اُنظر إلى إقتران كلمة الصِّدِّيقين والشهداء ، كما جاء الإقتران في الرواية عن الإمام الكاظم (ع) : (إن فاطمة صدِّيقة شهيدة ... ) .
وأهل البيت (ع) هم حملة القرآن وترجمانه ، وإذا استعملوا مصطلحاً قرآنياً كان مرادهم ما جاء فيه .
قال الطباطبائي : «وعلى ذلك فيترتب المراتب ، فالنبيّون وهم السادة ، ثمّ الصِّدِّيقون وهم شهداء الحقائق والأعمال ، والشهداء وهم شهداء الأعمال ـ لا المقتولين كما أسلف قبله ـ ، والصالحون وهم المتهيؤون للكرامة الإلهية» انتهى قوله .
فمعنى أن فاطمة صدِّيقة شهيدة ، المراد به مصداق هذه الآية المباركة ، لا أنّها مقتولة .
فكيف لم يطّلع الشيخ ميرزا جواد التبريزي على المعنى اللغوي لكلمة شهيد ، وكيف فاتته تلك الاستعمالات القرآنية المتعددة ؟
ولفرض إتمام البحث نقول : إن استعمال الشهيد في قتيل الحرب لم يستعمل في القرآن ـ وقد ورد لفظة شهيد مفردة ومثناة ومجموعة في 55 مورداً ـ وإنّما جاء في استعمال غير القرآن ، استعارة ، وذلك على أساس أنّ الشهيد تحضره الملائكة .
إلاّ أن هذا ليس مراد القرآن ولا الرواية الموافقة للقرآن كما مرّ .
وإذا قال قائل لعلّ المراد في الرواية : المعنيين ، أو الشهيد القتيل .
فيرد على ذلك أنّ المعنى إذا كان عاماً ويستعمل في أكثر من معنىً ، فلا يمكن تخصيصه بمعنىً دون آخر إلاّ بقرينة ، والقرينة القرآنية هنا تدل على أنّ الشهادة هنا بمعنى الحضور والإشهاد المتكرر استعماله في القرآن كما مرّ ، وإليك دليلاً آخر هو قوله تعالى : (والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصِّدِّيقون والشهداء عند ربّهم لهم أجرهم ونورهم ) (الحديد / 19) .
قال الطباطبائي : «والشهداء هم شهداء الأعمال يوم القيامة دون الشهداء المقتولين في سبيل الله» .
أمّا أ نّهم الشهداء المقتولين فقد ضعّف الطباطبائي ذلك بقوله : «وربّما قيل ... الشهداء المقتولين في سبيل الله» إشارة إلى قول البعض بذلك وهو ما لم يتبنّاه لأ نّه مخالف للمعنى اللغوي والاستعمال القرآني للفظ .
وفي آخر الاحتمالات ، إذا تردد ـ عند البعض ـ المراد بين هذا المعنى وذاك ، فإنّ اللفظ سيكون مبهماً ولا يحمل على إرادة جميع المعاني .
قال الشيخ ميرزا جواد التبريزي نفسه في مباحث أُصوله (ج 1) : «ولو ورد في كلامه لفظ مشترك ، ولم تكن في البين قرينة على تعيين المراد من معانيه يكون الكلام مبهماً فلا يحمل على إرادة جميع المعاني» .
فهل غاب عن الشيخ التبريزي كل تلك الاستعمالات القرآنية كقوله تعالى : (إنّ الله كان على كل شيء شهيدا ) (النساء / 33) .
وقوله : (وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) (النساء / 41) .
وغيرها في مئة ونيف وستِّين مورداً .
وكيف غاب عن الشيخ معنى الشهادة في العربية ولم يطّلع على أصل كلمة الشهيد واستعمالاتها فيه ؟
فكيف حَكمَ على مَنْ حَكمَ بالضلال ، وكيف هدّم ما هدّم ، وهتك حرمة مَن هتك ، وفرّق الصفوف وشقّ الأُمّة على أساس رواية واحدة هذا تفسيرها وهذا تأويلها ؟
وأين قاعدة «الوقوف عند الشبهات» ؟
وأين ما روي من أن «حرمة المؤمن أعز من حرمة الكعبة» .
وأين ما قيل «مِن حمل المؤمن على سبعين محملاً» ، ومن قبول عذره وإعذاره ؟
----------------------------------------
*هذا موضوع قيم للاستاذ / حسن احمد علي حول اراء وفتاوي التبريزي التضليلية في سماحة اية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (دام ظله) ومن ايده من العلماء والمؤمنين حفظهم الله تعالى0
----------------------------------------
-الموضوع القادم انشاء الله سيكون ( مع الشيخ التبريزي في آرائه وفتاواه / تكملة البحث في مسالة الشهادة (6)) فترقبوه
-----------------------------------------
------------------------------------------
-------------------------------------------
الموضوع سلسلة في حلقات مترابطة لذلك من الافضل التواصل معه وقرائته بكل اجزائه00
الحلقة الاولى : هل نقد المراجع بموضوعية تقييم مشروع او تسقيط ممنوع؟
http://www.manaar.com/vb/showthread.php?t=408
الحلقة الثانية : الشيخ التبريزي واركان الاعتقاد المبتدعة
[http://www.manaar.com/vb/showthread.php?t=419
الحلقة الثالثة : مع الشيخ التبريزي في ارائه وفتاواه ( اسس الولاية والاعتقاد)
http://www.manaar.com/vb/showthread.php?t=437
الحلقة الرابعة : مع الشيخ التبريزي في آرائه وفتاواه / بدعة التكفير على اساس التاريخ
http://www.manaar.com/vb/showthread.php?t=463
----------------------------------------------------------------------l]
دليل التبريزي في إدانة مخالفيه :
لقد أفتى الشيخ ميرزا جواد التبريزي بضلال السيِّد محمد حسين فضل الله ووصفه بأ نّه ضال مضل ، وحرّم التعامل معه والترويج له ، وشراء وبيع كتبه ، وحرّم الذهاب إلى حملات حج معيّنة بدعوى أن أصحابها يؤيدونه ، وأفتى بعدم فقاهته وكل ذلك لأن السيِّد محمد حسين فضل الله تردد في رواية واحدة ، وهي رواية مرويّة في كتاب الكافي عن الإمام موسى الكاظم (ع) .
وإليكم نص كلام الشيخ التبريزي بهذا الخصوص ، والموجود على موقعه :
ولكن ظهر أشخاص وبعضهم معممون ومنتسبون للسادات ، (ذرّية النبى (ص) ) فهؤلاء ينكرون شهادة الزهراء (ع) يعني ينكرون قول موسى بن جعفر (ع) من أنّها صدِّيقة شهيدة ، فاحذروا ونبّهوا غيركم !
وكرّر التبريزي استدلاله بهذه الرواية في عدّة استفتاءات ، بل صدّر بها صدر صفحته العقائدية في موقعه ، لذا كان لزاماً على الناس أن يعرفوا هذه الرواية التي مَن لا يؤمن بما جاء فيها يصبح ضالاً مضلاً يجوز هتك حرمته ويحرم التعامل معه وتأييده .
وقبل كل شيء نقول بأ نّنا ممّن يؤمن بولاية أهل البيت (ع) وطهارتهم وعصمتهم وظلامتهم عبر التاريخ ، ولا نريد هنا إثبات مسألة أو نفيها مما الله أعلم بها ، ولكن نريد إثبات بطلان منهج يعتمد على أسس واهية وتصورات وآراء منفردة يستدل بها للحكم على الآخرين بالارتداد والضلال وإسقاط حقوقهم ، على أساس الاختلاف في مسائل تاريخية دون تأمّل أو تحقيق .
ومقدّمةً نقول : أن هذه المسألة ليست من الأحكام الشرعية ـ كالصلاة والصوم ـ التي يجب التقليد فيها ، حتى يأخذ الناس برأي التبريزي دون تحقيق ويقلّدونه فيها ، فهي ليست من الفروع الفقهية التي يجب التقليد فيها .
وإنّما هي من الموضوعات الصرفة ـ كما يقول الفقهاء ـ والتي لا يجوز التقليد فيها ، بل يجب على كل مكلف الفحص والتحقيق والتأكد بنفسه ، وإلاّ أصبح مسؤولاً عن موقفه ويسأل يوم القيامة عن ذلك ، ولا يعذره أن يقول : قال فلان ، مجتهداً كان أم غيره .
يقول السيِّد الخوئي : «لا ينبغي التوقف في عدم جواز التقليد في الموضوعات الصرفة ، لأن تطبيق الكبريات على صغرياتها خارج عن وظائف المجتهد حتى يتبع فيها رأيه ونظره ، فإنّ التطبيقات أمور حسّية والمجتهد والمقلِّد فيها سواء ، بل قد يكون العامي أعرف في التطبيقات من المجتهد فلا يجب على المقلّد أن يتابع المجتهد في مثلها» (التنقيح في شرح العروة الوثقى / ج 1 / ص 349) .
وإذا قال أحدهم أن هذه المسألة من أُصول الدين ومسائل العقيدة ، فإنّها أيضاً لا يجوز التقليد فيها ، قال السيِّد الخوئي (قده) : «إذ المعتبر في الأُصول إنّما هو اليقين والعرفان والاعتقاد ، وشيء من ذلك لا يتحقق بعقد القلب على ما يقوله الغير ، بل هذا هو القدر المتيقن مما دلّ على ذمّ التقليد واتباع قول الغير في الأُصول كقوله عزّ مَن قال : (إنّا وَجدَنا آباءَنا على أُمّة وإنّا عَلى آثارهم مُقتَدون ) » (اُنظر نفس المصدر) .
وقد ضرب السيِّد الخوئي مثلاً آخر لا يرجع به إلى المجتهد ، وعدم جواز تقليده قال : «هذا كموت زيد وولادة ابنه ونحوهما فإنّه إذا علم بها أحد باجتهاده وحدسه لم يكن أي مجوز لتقليده لأ نّهما أمران حسّيان لا يحتاجان إلى الاستنباط والاجتهاد» .
والقضايا المختلف عليها بعضها تاريخيّة وبعضها شخصية هي من هذا القبيل لا غير .
لذا كان لزاماً على كل فرد يريد أن يصل إلى موقف أن يطّلع بنفسه على الأدلة ويحكم فيها ، ولا يجوز الاعتماد على غيره ، لأ نّه بشر مثله يخطى ويصيب ، والمسألة كما تبيّن مما لا يجوز التقليد فيها .
دليل التبريزي وروايته :
أمّا الرواية التي استند إليها الشيخ التبريزي في إدانة مخالفيه وإصدار كل أحكامه ، كما ذكرها في فتاواه واستفتاءاته الموجودة على موقعه في الانترنيت فهي ما رواه الكليني في الكافي (ج 1 / كتاب الحجة / باب مولد الزهراء / ج 2) بسنده عن الإمام الكاظم (ع) أ نّه قال : (إن فاطمة صدِّيقة شهيدة وإن بنات الأنبياء لا يطمثن) .
فكان مستنده أن هذه الرواية الصحيحة صريحة في كون الزهراء (ع) شهيدة ، وبالتالي صحّ أنّها قتلت . إصدار الحكم قبل البحث والتحقيق .
ونودّ أن نؤكد أ نّنا لا نشك في مظلومية أهل البيت (ع) والزهراء (ع) ولا في عصمتهم وولايتهم .
وكذلك فإن أي مُراجع لكتب السيِّد فضل الله يجد أ نّه يصرِّح قديماً وحديثاً بأ نّه مؤمن بولاية أهل البيت (ع) وعصمتهم وطهارتهم ومظلوميتهم ومنهم سيِّدة نساء العالمين الزهراء (ع) أللّهمّ إلاّ مَن كان أُمّياً لا يقرأ ، أو شخصاً أعماه التعصب فهو لا يرى ذلك ولا يجده .
ونعود إلى دليل الشيخ ومستنده ، فنقول : إن كلمة الشهيد لا تعني في اللغة ـ من حيث الأصل ـ المقتول الشهيد ، بل هي كما في مقاييس اللغة من فعل شَهِدَ : «أصل يدلُّ على حضور وعِلم وإعلام لا يخرج شيء من فروعه عن الذي ذكرناه ... » وقد كثر استعمال ذلك في القرآن بمفردات : شهد ، شاهد ، شهداء ، شهيد ...
قال تعالى : (والله شهيد على ما تعملون ) (آل عمران / 98) .
وقال تعالى : (قل الله شهيد بيني وبينكم ) (الأنعام / 19) .
وقال تعالى : (وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) (البقرة / 143) .
وقد وردت مفردات شهد ، شاهد ، شهود ، شهيد ، شهداء ، الشهادة وغيره في مئة ونيف وستِّين مورداً كلّها بمعنى الحضور والشهادة بالعلم ولم يرد في القرآن الكريم مورد واحد بمعنى الشهيد القتيل ، ووردت لفظ شهيد في ستّة وثلاثين مورداً ، بمعنى الشاهد الحاضر ولم ترد في أي منها بمعنى القتيل .
نعم ، استعير لفظ الشهيد للقتيل ـ في غير القرآن الكريم ـ قيل لأنّ الشهيد تشهده الملائكة ، إلاّ أن هذه الاستعارة غير موجودة في القرآن ، فراجع وتأمل .
قال العلاّمة الطباطبائي في الميزان : «وقد تقدّم أنّ المراد بالشهداء شهداء الأعمال فيما يطلق من لفظ الشهيد في القرآن دون المستشهدين في معركة القتال ... » وذلك في تفسير قوله تعالى في سورة النساء (الآية 69) : (ومَنْ يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيِّين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ) .
اُنظر إلى إقتران كلمة الصِّدِّيقين والشهداء ، كما جاء الإقتران في الرواية عن الإمام الكاظم (ع) : (إن فاطمة صدِّيقة شهيدة ... ) .
وأهل البيت (ع) هم حملة القرآن وترجمانه ، وإذا استعملوا مصطلحاً قرآنياً كان مرادهم ما جاء فيه .
قال الطباطبائي : «وعلى ذلك فيترتب المراتب ، فالنبيّون وهم السادة ، ثمّ الصِّدِّيقون وهم شهداء الحقائق والأعمال ، والشهداء وهم شهداء الأعمال ـ لا المقتولين كما أسلف قبله ـ ، والصالحون وهم المتهيؤون للكرامة الإلهية» انتهى قوله .
فمعنى أن فاطمة صدِّيقة شهيدة ، المراد به مصداق هذه الآية المباركة ، لا أنّها مقتولة .
فكيف لم يطّلع الشيخ ميرزا جواد التبريزي على المعنى اللغوي لكلمة شهيد ، وكيف فاتته تلك الاستعمالات القرآنية المتعددة ؟
ولفرض إتمام البحث نقول : إن استعمال الشهيد في قتيل الحرب لم يستعمل في القرآن ـ وقد ورد لفظة شهيد مفردة ومثناة ومجموعة في 55 مورداً ـ وإنّما جاء في استعمال غير القرآن ، استعارة ، وذلك على أساس أنّ الشهيد تحضره الملائكة .
إلاّ أن هذا ليس مراد القرآن ولا الرواية الموافقة للقرآن كما مرّ .
وإذا قال قائل لعلّ المراد في الرواية : المعنيين ، أو الشهيد القتيل .
فيرد على ذلك أنّ المعنى إذا كان عاماً ويستعمل في أكثر من معنىً ، فلا يمكن تخصيصه بمعنىً دون آخر إلاّ بقرينة ، والقرينة القرآنية هنا تدل على أنّ الشهادة هنا بمعنى الحضور والإشهاد المتكرر استعماله في القرآن كما مرّ ، وإليك دليلاً آخر هو قوله تعالى : (والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصِّدِّيقون والشهداء عند ربّهم لهم أجرهم ونورهم ) (الحديد / 19) .
قال الطباطبائي : «والشهداء هم شهداء الأعمال يوم القيامة دون الشهداء المقتولين في سبيل الله» .
أمّا أ نّهم الشهداء المقتولين فقد ضعّف الطباطبائي ذلك بقوله : «وربّما قيل ... الشهداء المقتولين في سبيل الله» إشارة إلى قول البعض بذلك وهو ما لم يتبنّاه لأ نّه مخالف للمعنى اللغوي والاستعمال القرآني للفظ .
وفي آخر الاحتمالات ، إذا تردد ـ عند البعض ـ المراد بين هذا المعنى وذاك ، فإنّ اللفظ سيكون مبهماً ولا يحمل على إرادة جميع المعاني .
قال الشيخ ميرزا جواد التبريزي نفسه في مباحث أُصوله (ج 1) : «ولو ورد في كلامه لفظ مشترك ، ولم تكن في البين قرينة على تعيين المراد من معانيه يكون الكلام مبهماً فلا يحمل على إرادة جميع المعاني» .
فهل غاب عن الشيخ التبريزي كل تلك الاستعمالات القرآنية كقوله تعالى : (إنّ الله كان على كل شيء شهيدا ) (النساء / 33) .
وقوله : (وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) (النساء / 41) .
وغيرها في مئة ونيف وستِّين مورداً .
وكيف غاب عن الشيخ معنى الشهادة في العربية ولم يطّلع على أصل كلمة الشهيد واستعمالاتها فيه ؟
فكيف حَكمَ على مَنْ حَكمَ بالضلال ، وكيف هدّم ما هدّم ، وهتك حرمة مَن هتك ، وفرّق الصفوف وشقّ الأُمّة على أساس رواية واحدة هذا تفسيرها وهذا تأويلها ؟
وأين قاعدة «الوقوف عند الشبهات» ؟
وأين ما روي من أن «حرمة المؤمن أعز من حرمة الكعبة» .
وأين ما قيل «مِن حمل المؤمن على سبعين محملاً» ، ومن قبول عذره وإعذاره ؟
----------------------------------------
*هذا موضوع قيم للاستاذ / حسن احمد علي حول اراء وفتاوي التبريزي التضليلية في سماحة اية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (دام ظله) ومن ايده من العلماء والمؤمنين حفظهم الله تعالى0
----------------------------------------
-الموضوع القادم انشاء الله سيكون ( مع الشيخ التبريزي في آرائه وفتاواه / تكملة البحث في مسالة الشهادة (6)) فترقبوه
-----------------------------------------
------------------------------------------
-------------------------------------------
الموضوع سلسلة في حلقات مترابطة لذلك من الافضل التواصل معه وقرائته بكل اجزائه00
الحلقة الاولى : هل نقد المراجع بموضوعية تقييم مشروع او تسقيط ممنوع؟
http://www.manaar.com/vb/showthread.php?t=408
الحلقة الثانية : الشيخ التبريزي واركان الاعتقاد المبتدعة
[http://www.manaar.com/vb/showthread.php?t=419
الحلقة الثالثة : مع الشيخ التبريزي في ارائه وفتاواه ( اسس الولاية والاعتقاد)
http://www.manaar.com/vb/showthread.php?t=437
الحلقة الرابعة : مع الشيخ التبريزي في آرائه وفتاواه / بدعة التكفير على اساس التاريخ
http://www.manaar.com/vb/showthread.php?t=463
----------------------------------------------------------------------l]