على
04-20-2005, 08:49 AM
بدرية البشر
في المرة الأولى عرضت عليّ شابة صغيرة فيديو كليب عن طريق البولوتوث، صورة شاب يصور نفسه وهو يمر بخادمة ثم يخبطها بحذائه، ويضحك مع زملائه عليها، كانت الشابة مشغولة بإثبات شخصية الفاعل الذي تلطم من دون أن تهتم بالتعليق على السلوك ذاته واستنكاره، وهذا ما أحزنني.
لكن في المرة الثانية عرض لي ابني الصغير فيديو كليب منتشرا بين الشباب بعنوان «يوم لك ويوم عليك»، تغني أثناء مشاهده المطربة المقتولة ذكرى، المشهد الممنتج صورة لأحد الشباب، يحوي ثلاثة مشاهد لشباب يضربون عمالا مستضعفين، واحد منهم يكنس الشوارع، والآخر مار في طريقه لا ذنب له ولا قوة، والأغنية المؤثرة تغني «يوم لك ويوم عليك مش كل يوم معاك»!
أبهجني هذا الفيلم الصغير، انه شرارة صغيرة يمكن أن تشعل وعيا اجتماعيا غير موجه وغير ثقيل، يستنكر التصرفات الظالمة التي تتعرض لها الفئات المستضعفة في المجتمع، من ضمنهم الخدم والعمال، ولفت النظر إلى غياب التنظيمات العادلة لمعالجة مشكلات الخدم والعمال، وضبط التجاوزات المجحفة، وعدم تفعيل قيم ثقافتنا الدينية السمحة والرحيمة، التي تدعو إلى رحمة الضعيف وعدم التجبر والتسلط عليه، وأعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، ومن لا يرحم لا يرحم، وخوف الله في الضعفاء.
ان ظواهر العنف ضد الخدم والعمال اللاإنسانية، التي أصبحت حديثا معلنا وشائعا بين الناس بعد حادثة الخادمة التي دخلت مستشفى الرياض المركزي وبترت أطرافها، هو حديث متأخر كثيرا، تسبب تأخره بشيوع ثقافة: اضطهاد الخدم كمظهر طبقي، يقلد فيه الناس بعضهم البعض، وتجيز الضمائر لنفسها الأفعال التي تجدها شائعة في المجتمع على طريقة «خسران يا معاند بحر»!
لن أقص عليكم مآسي قصص الخدم المستضعفين، لأنني متأكدة أن كلا منكم لديه حكاية مماثلة، لكن أطرف ما سمعت هو قصة سيدة أخبرتني أن زميلة لها تصلي وتخاف الله وتتصدق نصحتها عندما عرفت أن خادمتها ستأتي خلال دقائق من المطار:
ـ اسمعي عندما تدخل عليك الخادمة من المطار، عاجليها بكف على وجهها!
ولكي نفهم مبرر السيدة التقية، يمكن القول بأنها كانت تروج لطقس اجتماعي تقليدي، شبيه بقطع العريس لرأس القط في ليلة الدخلة، وهذه السيدة تريد أن تفهم الخادمة أنها سيدة «حمشة»!
badreiah@asharqalawsat.com
في المرة الأولى عرضت عليّ شابة صغيرة فيديو كليب عن طريق البولوتوث، صورة شاب يصور نفسه وهو يمر بخادمة ثم يخبطها بحذائه، ويضحك مع زملائه عليها، كانت الشابة مشغولة بإثبات شخصية الفاعل الذي تلطم من دون أن تهتم بالتعليق على السلوك ذاته واستنكاره، وهذا ما أحزنني.
لكن في المرة الثانية عرض لي ابني الصغير فيديو كليب منتشرا بين الشباب بعنوان «يوم لك ويوم عليك»، تغني أثناء مشاهده المطربة المقتولة ذكرى، المشهد الممنتج صورة لأحد الشباب، يحوي ثلاثة مشاهد لشباب يضربون عمالا مستضعفين، واحد منهم يكنس الشوارع، والآخر مار في طريقه لا ذنب له ولا قوة، والأغنية المؤثرة تغني «يوم لك ويوم عليك مش كل يوم معاك»!
أبهجني هذا الفيلم الصغير، انه شرارة صغيرة يمكن أن تشعل وعيا اجتماعيا غير موجه وغير ثقيل، يستنكر التصرفات الظالمة التي تتعرض لها الفئات المستضعفة في المجتمع، من ضمنهم الخدم والعمال، ولفت النظر إلى غياب التنظيمات العادلة لمعالجة مشكلات الخدم والعمال، وضبط التجاوزات المجحفة، وعدم تفعيل قيم ثقافتنا الدينية السمحة والرحيمة، التي تدعو إلى رحمة الضعيف وعدم التجبر والتسلط عليه، وأعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، ومن لا يرحم لا يرحم، وخوف الله في الضعفاء.
ان ظواهر العنف ضد الخدم والعمال اللاإنسانية، التي أصبحت حديثا معلنا وشائعا بين الناس بعد حادثة الخادمة التي دخلت مستشفى الرياض المركزي وبترت أطرافها، هو حديث متأخر كثيرا، تسبب تأخره بشيوع ثقافة: اضطهاد الخدم كمظهر طبقي، يقلد فيه الناس بعضهم البعض، وتجيز الضمائر لنفسها الأفعال التي تجدها شائعة في المجتمع على طريقة «خسران يا معاند بحر»!
لن أقص عليكم مآسي قصص الخدم المستضعفين، لأنني متأكدة أن كلا منكم لديه حكاية مماثلة، لكن أطرف ما سمعت هو قصة سيدة أخبرتني أن زميلة لها تصلي وتخاف الله وتتصدق نصحتها عندما عرفت أن خادمتها ستأتي خلال دقائق من المطار:
ـ اسمعي عندما تدخل عليك الخادمة من المطار، عاجليها بكف على وجهها!
ولكي نفهم مبرر السيدة التقية، يمكن القول بأنها كانت تروج لطقس اجتماعي تقليدي، شبيه بقطع العريس لرأس القط في ليلة الدخلة، وهذه السيدة تريد أن تفهم الخادمة أنها سيدة «حمشة»!
badreiah@asharqalawsat.com