كوثر
04-29-2015, 01:16 AM
http://www.fenks.info/TECH1/paraimg1_30053.jpg
الدولة السعودية الأولى استمرت 74 عامًا حتى قضى عليها ابراهيم باشا المصري، والدولة السعودية الثانية عاشت أيضًا سبعة عقود (1818 الى 1891)، وكان سبب القضاء عليها هو الخلاف بين العائلة الحاكمة من أمراء آل سعود وتحديداً أبناء فيصل بن تركي بن عبدالله آل سعود، وقد استغلّ آل الرشيد الخلاف وسيطروا على الرياض وطردوا السعوديين منها.
أما الدولة السعودية الثالثة التي أسسها عبد العزيز آل سعود، فقد مرّ على تأسيسها ثمانية عقود متخطيةً الرقمين السابقين بعقدٍ من الزمن، ليس لسببٍ إلّا لوجود عامل النفط والدور الوظيفي الذي لعبته وتلعبه الدولة السعودية الثالثة في المنطقة خدمةً لأسيادها وصانعيها.
ولعلّ العقد الاخير الذي اتّسم بحكم ملكين أقرب الى مومياءات بشرية منهم الى حكام أقوياء أصحاء، ما هو إلّا دليل على ترهّل هذه الدولة الوظيفية وانتهاء مقومات حيويتها، ولعلّ الاوكسيجين الصناعي التي كانت تتنفسه من خلال الهيمنة على المنطقة بالبتروريال وبالتعهدات الارهابية التكفيرية الوهابية الاصل والفكر لإضعاف المنطقة بدأ يتحول الى غاز سام يخنق منظومتها المجتمعية والامنية وآلة الحكم فيها.
من المُسلّم به أنّ استمرار الكيان السعودي ونظام حكمه الغريب العجيب له اسباب تتعلق بحماية قوى الاستكبار واصحاب المصالح النفطية له، منذ اللقاء الشهير بين عبد العزيز وروزفلت على متن السفينة كونسي في البحر الاحمر عام 1945 وحتى اللحظات الاخيرة لتصريح اوباما المفاجئ عن الخطر الداخلي الذي يتهدد المملكة من أبنائها "المظلومين".
عدة إشارات دولية واقليمية تشي بتحولات خليجية قادمة لا محالة، واحتمال انفجار الوضع خليجياً بات أقرب من اي وقتٍ مضى، ولعلّ انكباب مستثمري العالم على شراء الذهب وتخزين النفط وتسريع توقيع العقود الآجلة مؤشر واضح على انفجار أمني محتم في المنطقة قد لا يكون حرباً ايرانية سعودية بالضرورة، انما مسار من خطوات سلبية تضعضع الكيان الخليجي وعلى رأسه مملكة آل سعود لتحويلها الى دولة مهددة ومربكة ومتخبطة تمهيداً لاستهدافها، وفي هذا السيناريو يأتي خطاب اوباما ويأتي التحريض الاسرائيلي للمملكة للدخول في حرب عبثية في اليمن.
إذًا هي مرحلة التحضير أو، إذا صحّ التعبير، مرحلة التفتيت المسبق، والوتيرة التي تسير فيها تناسب الاجندة الامريكية التي تحاول الرقص على الحبل حتى حزيران، موعد توقيع الاتفاق النووي الذي لن يكون بعده كما قبله.
الاجندة الايراينة مختلفة كلياً عن روزنامة العمل الامريكية، فالإيرانيون يعلمون جيداً أنّ سقوط آل سعود في ظل غياب بديلٍ متزن ومقبول سيترك فراغاً لن يملأه في هذه الظروف إلّا التكفير، سيما وأنّ الارضية الوهابية المتجذرة في تركيبة المجتمع السعودي تحفز ذلك، لذلك ايران تعي خطورة سقوط النظام السعودي الآن وهذا ما يفسر هدوءها الزائد وعقلانيتها المفرطة خلال سنوات الجفاء الاربع الماضية مع السعودية وكظمها الغيظ والقبض على الجمر. أولوية ايران الآن هي ترتيب البيت العراقي والبيت اليمني والسوري، ولو كانت السعودية اصل البلاء ورأس المشكلة في العراق واليمن وسوريا إلّا أنّ إضعاف القوى التكفيرية وهزيمتها، بالنسبة لها، هو المدخل الصحيح لأي تغيير جيوسياسي سيطال الخليج وليس العكس.
خلاصة القول، إنّ المنطقة ذاهبة الى تغيّر جذري لا محالة، ومملكة آل سعود لم تعد بمنأى عن تداعيات هذا التغيير بل أصبحت في صلبه، ومن الجائز القول إنّ مفاعيل اتفاق ايزنهاور – عبد العزيز سقطت بعد بدء عصر الغاز والحقول الجديدة المكتشفة في غير مكان، وأهمية الغاز بيئياً (اتفاقية كيوتو)، وعصر النفط الصخري والسياسة الامريكية الحديثة التي تسلك خيار عدم الاعتماد على دولة معينة في مواردها للطاقة وخصوصاً بعد 11 سبتمبر 2001، وأنّ المرحلة القادمة ستشهد تغيراً جذرياً في اللاعبين، فالفرق كبير بين دخول ايران نادي الدول النووية ومنظمة شنغهاي العسكرية الامنية التعددية القطبية وبين عاصفة حزم تشتري بعض الدول الفقيرة بالرشوة والمال والبتروريال، وشنّ حروبٍ إجرامية بحجة الدفاع عن الامن العربي لا تحصد إلّا رؤوس الاطفال والشيوخ في بلدٍ منكوب كاليمن، ويختلف أمراؤها على الحكم فيما بينهم حد الكيد الذي أسقط دولتهم الثانية، ويزرعون الجهل فتاوى فيحصدون شعباً داعشي الهوى يتربص بهم كما إشارات المعلومات عن السيارات المفخخة السبع في الرياض اليوم.
لذلك، فالملك سلمان كما سلفه عبدالله، لم يستطع فهم المتغير إلّا من زاوية القوة التي لم تعد تملكها الرياض، وبطء الفهم هذا مرجوعه لتأثير العمر والكهولة والاعتماد على فريق متأسرل يدير منظومة الحكم وقرارها السياسي. ومحمد بن سلمان، الذي يحاول أن يرث بندر بن سلطان ويلعب دوره التاريخي الإجرامي، تأخذه رغبته الجامحة لتقليل المسافة الزمنية حتى يصبح ملكاً، اصبح يلعب دور شمشوم اليهودي، الذي خانته خليلته دليلة، الولايات المتحدة، وقصت شعره، مصدر قوته المزعوم بتخفيض سعر النفط ومحاولة الاستغناء عنه، فما كان به إلّا أن شرع بهدّ المعبد السعودي بعاصفةٍ من الحزم الذي لا حسم فيه ولا توكيد إلّا لأمرٍ واحد، وهو سقوط اعمدة الدولة السعودية الثالثة، التي لنا من بعدها طول البقاء.
حسن غندور
سلاب نيوز
http://www.fenks.info/Nodes/29508.php
الدولة السعودية الأولى استمرت 74 عامًا حتى قضى عليها ابراهيم باشا المصري، والدولة السعودية الثانية عاشت أيضًا سبعة عقود (1818 الى 1891)، وكان سبب القضاء عليها هو الخلاف بين العائلة الحاكمة من أمراء آل سعود وتحديداً أبناء فيصل بن تركي بن عبدالله آل سعود، وقد استغلّ آل الرشيد الخلاف وسيطروا على الرياض وطردوا السعوديين منها.
أما الدولة السعودية الثالثة التي أسسها عبد العزيز آل سعود، فقد مرّ على تأسيسها ثمانية عقود متخطيةً الرقمين السابقين بعقدٍ من الزمن، ليس لسببٍ إلّا لوجود عامل النفط والدور الوظيفي الذي لعبته وتلعبه الدولة السعودية الثالثة في المنطقة خدمةً لأسيادها وصانعيها.
ولعلّ العقد الاخير الذي اتّسم بحكم ملكين أقرب الى مومياءات بشرية منهم الى حكام أقوياء أصحاء، ما هو إلّا دليل على ترهّل هذه الدولة الوظيفية وانتهاء مقومات حيويتها، ولعلّ الاوكسيجين الصناعي التي كانت تتنفسه من خلال الهيمنة على المنطقة بالبتروريال وبالتعهدات الارهابية التكفيرية الوهابية الاصل والفكر لإضعاف المنطقة بدأ يتحول الى غاز سام يخنق منظومتها المجتمعية والامنية وآلة الحكم فيها.
من المُسلّم به أنّ استمرار الكيان السعودي ونظام حكمه الغريب العجيب له اسباب تتعلق بحماية قوى الاستكبار واصحاب المصالح النفطية له، منذ اللقاء الشهير بين عبد العزيز وروزفلت على متن السفينة كونسي في البحر الاحمر عام 1945 وحتى اللحظات الاخيرة لتصريح اوباما المفاجئ عن الخطر الداخلي الذي يتهدد المملكة من أبنائها "المظلومين".
عدة إشارات دولية واقليمية تشي بتحولات خليجية قادمة لا محالة، واحتمال انفجار الوضع خليجياً بات أقرب من اي وقتٍ مضى، ولعلّ انكباب مستثمري العالم على شراء الذهب وتخزين النفط وتسريع توقيع العقود الآجلة مؤشر واضح على انفجار أمني محتم في المنطقة قد لا يكون حرباً ايرانية سعودية بالضرورة، انما مسار من خطوات سلبية تضعضع الكيان الخليجي وعلى رأسه مملكة آل سعود لتحويلها الى دولة مهددة ومربكة ومتخبطة تمهيداً لاستهدافها، وفي هذا السيناريو يأتي خطاب اوباما ويأتي التحريض الاسرائيلي للمملكة للدخول في حرب عبثية في اليمن.
إذًا هي مرحلة التحضير أو، إذا صحّ التعبير، مرحلة التفتيت المسبق، والوتيرة التي تسير فيها تناسب الاجندة الامريكية التي تحاول الرقص على الحبل حتى حزيران، موعد توقيع الاتفاق النووي الذي لن يكون بعده كما قبله.
الاجندة الايراينة مختلفة كلياً عن روزنامة العمل الامريكية، فالإيرانيون يعلمون جيداً أنّ سقوط آل سعود في ظل غياب بديلٍ متزن ومقبول سيترك فراغاً لن يملأه في هذه الظروف إلّا التكفير، سيما وأنّ الارضية الوهابية المتجذرة في تركيبة المجتمع السعودي تحفز ذلك، لذلك ايران تعي خطورة سقوط النظام السعودي الآن وهذا ما يفسر هدوءها الزائد وعقلانيتها المفرطة خلال سنوات الجفاء الاربع الماضية مع السعودية وكظمها الغيظ والقبض على الجمر. أولوية ايران الآن هي ترتيب البيت العراقي والبيت اليمني والسوري، ولو كانت السعودية اصل البلاء ورأس المشكلة في العراق واليمن وسوريا إلّا أنّ إضعاف القوى التكفيرية وهزيمتها، بالنسبة لها، هو المدخل الصحيح لأي تغيير جيوسياسي سيطال الخليج وليس العكس.
خلاصة القول، إنّ المنطقة ذاهبة الى تغيّر جذري لا محالة، ومملكة آل سعود لم تعد بمنأى عن تداعيات هذا التغيير بل أصبحت في صلبه، ومن الجائز القول إنّ مفاعيل اتفاق ايزنهاور – عبد العزيز سقطت بعد بدء عصر الغاز والحقول الجديدة المكتشفة في غير مكان، وأهمية الغاز بيئياً (اتفاقية كيوتو)، وعصر النفط الصخري والسياسة الامريكية الحديثة التي تسلك خيار عدم الاعتماد على دولة معينة في مواردها للطاقة وخصوصاً بعد 11 سبتمبر 2001، وأنّ المرحلة القادمة ستشهد تغيراً جذرياً في اللاعبين، فالفرق كبير بين دخول ايران نادي الدول النووية ومنظمة شنغهاي العسكرية الامنية التعددية القطبية وبين عاصفة حزم تشتري بعض الدول الفقيرة بالرشوة والمال والبتروريال، وشنّ حروبٍ إجرامية بحجة الدفاع عن الامن العربي لا تحصد إلّا رؤوس الاطفال والشيوخ في بلدٍ منكوب كاليمن، ويختلف أمراؤها على الحكم فيما بينهم حد الكيد الذي أسقط دولتهم الثانية، ويزرعون الجهل فتاوى فيحصدون شعباً داعشي الهوى يتربص بهم كما إشارات المعلومات عن السيارات المفخخة السبع في الرياض اليوم.
لذلك، فالملك سلمان كما سلفه عبدالله، لم يستطع فهم المتغير إلّا من زاوية القوة التي لم تعد تملكها الرياض، وبطء الفهم هذا مرجوعه لتأثير العمر والكهولة والاعتماد على فريق متأسرل يدير منظومة الحكم وقرارها السياسي. ومحمد بن سلمان، الذي يحاول أن يرث بندر بن سلطان ويلعب دوره التاريخي الإجرامي، تأخذه رغبته الجامحة لتقليل المسافة الزمنية حتى يصبح ملكاً، اصبح يلعب دور شمشوم اليهودي، الذي خانته خليلته دليلة، الولايات المتحدة، وقصت شعره، مصدر قوته المزعوم بتخفيض سعر النفط ومحاولة الاستغناء عنه، فما كان به إلّا أن شرع بهدّ المعبد السعودي بعاصفةٍ من الحزم الذي لا حسم فيه ولا توكيد إلّا لأمرٍ واحد، وهو سقوط اعمدة الدولة السعودية الثالثة، التي لنا من بعدها طول البقاء.
حسن غندور
سلاب نيوز
http://www.fenks.info/Nodes/29508.php