جابر صالح
03-27-2015, 12:16 PM
2015-03-26
http://www.fenks.info/TECH1/paraimg1_29032.jpg
ترصد المسكوت عنه، وتفتح الملفات الحرجة، متجاوزة الخطوط الحمراء، وتخوض بقلم الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي معارك فكرية متجددة لكشف الحقائق ورصد الواقع ودق ناقوس الخطر، قضايا الإصلاح السياسي بالسعودية، ومخاطر الجمود وغياب آليات واضحة لتداول السلطة والصراع حولها داخل أجنحتها، وعدم تولي قيادات شابة، وقمع الإصلاحيين والمعارضين، وابتداع آليات غامضة لتوريث الحكم، والمخاطر الإيرانية على المملكة، أهم القضايا التي تشغلها، إنها الدكتورة والكاتبة السعودية "مي يماني".
في أفكارها مغردة خارج السرب، وتتبع أسلوب التفكير خارج الصندوق التقليدي بجرأة وحرفية وعلمية بالوقت نفسه.
ولدت "مي يماني" في القاهرة لأم موصلية، والدها هو وزير البترول والثروة المعدنية السعودي سابقا أحمد بن زكي يماني، درست في فيلادلفيا وأكسفورد، وهي أول سعودية تحصل على دكتوراه في مجال الأنثروبولوجيا.
عملت كمحاضرة في علم الإنسان وعلم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز في جدة من سنة 1981 إلى سنة 1984. كما خدمت كزميلة باحثة في مركز القانون الإسلامي والشرق أوسطي في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن (1992-2000).
عملت زميلاً باحثاً في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن في الفترة ما بين 1997 ـ 2007. وأكاديمية مستقلة، وأستاذا زائرا في مركز كارنيجي في الشرق الأوسط في العام 2008، وزميلا زائرا في معهد بروكنغز في واشنطن العاصمة، في العام 2008.
تعد يماني بحسب قائمة موقع "أريبيان بزنس" ضمن أقوى وأكثر 30 امرأة سعودية تأثيرا، وذلك في إطار القوائم المتنوعة التي يصدرها الموقع سنوياً.
موسوعية العلم والثقافة، حيث تتحدث اليماني اللغات العربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية بطلاقة، ولها إلمام بالفارسية والعبرية والإيطالية.
ونطوف الآن في بعض من رؤاها وأفكارها وكتبها ومقالاتها التي تكشف عمق تركيزها في هموم الوطن ومستقبله، والمخاطر المحدقة به من الداخل والخارج.
الرياض والبيت الأبيض:
اهتمت "مي يماني" بعدد من الملفات، وكرست لها مقالات ودراسات أبرزها ملف السياسة الخارجية السعودية في عهد الملك عبد الله والعلاقات الإقليمية السعودية، خاصة بإيران وعلاقاتها بالدول الكبرى.
وفجرت تساؤلا جريئا في إطار تباعد في العلاقات "السعودية-الأمريكية" وهو: "هل يستنجد آل سعود بباكستان حين تتخلى واشنطن عنهم؟" في مقال لها في 12 مايو 2014 . وتساءلت: إلى أي مدى تستطيع باكستان حقاً تعزيز أمن المملكة؟
وعن أسباب التباعد بين الرياض والبيت الأبيض ترى "يماني" أن الرياض رأت في دعم أمريكا لخلع حسني مبارك بمصر خيانة لها. ثم جاء امتناع الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن فرض "خطه الأحمر" في سوريا، بعد إقدام نظام الرئيس بشار الأسد على استخدام الغاز السام ضد معارضيه. غير أن دعم أمريكا الاتفاق المؤقت الأخير بشأن برنامج إيران النووي كان بمثابة القشة الأخيرة القاصمة.
مخاوف آل سعود:
وبجرأة تصدت "يماني" لقضية "خوف آل سعود من سعي إيران لزعامة مكة - مهد الإسلام" في 13 يناير 2014، حيث ترى "أن آل سعود يخشون من تغيير سياسي إقليمي على وقع الربيع العربي، ومن احتمال تقارب تاريخي أمريكي - إيراني يعزز صادرات النفط الشيعي. فمن شأن ذلك إضعاف قدرة النفوذ السعودي".
وترى "يماني" أنه منذ بدأ "الربيع العربي"، كانت المملكة تحاول الحفاظ على مكانتها المهيمنة في المنطقة بأي وسيلة تقتضيها الضرورة. وفي عام 2013، بحثت العائلة المالكة السعودية عن حلفاء إقليميين، وسعت، كما الحال مع مصر، إلى إعادة الحلفاء القدامى إلى السلطة. كما استخدمت ثروتها النفطية لتحقيق ذلك.
وما خفف عن العائلة المالكة السعودية أن الربيع العربي لم يفضِ إلى خلق ديمقراطيات فعّالة في تونس أو مصر أو اليمن أو البحرين أو ليبيا أو سوريا.
حرب بالوكالة:
وتحذر يماني كثيرا من مخاطر الطموحات الإيرانية وأهدافها الخفية والمعلنة، وتقول "إن السعوديين ينظرون إلى الصراع بين الأسد والمعارضة باعتباره حرباً بالوكالة ضد خصمهم الرئيسي، إيران. إذ إن المملكة مصدر رئيسي لتمويل وتسليح قوات المتمردين السوريين السُنّة الذين يقاتلون جيش الأسد، الذي يحظى بدعم كبير من قِبَل إيران الشيعية وحزب الله، الميليشيا الشيعية المتمركزة في لبنان".
فالقضية في نظر السعوديين ليست مجرد القدرة النووية الإيرانية المفترضة. فالتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني من شأنه أن يضفي الشرعية على نفوذ النظام الإقليمي على نحو غير مسبوق منذ عقود من الزمان، وبالتالي يخدم أهداف الهيمنة الإيرانية. والتهديد أو التخوف الأعمق هو أن الهدف النهائي الذي تضعه إيران نصب عينيها هو زعامة مكة، مهد الإسلام.
إضعاف إيران:
ولهذا السبب فإن أفراد العائلة المالكة السعودية يفضلون الإبقاء على إيران مكبلة بالعقوبات الدولية، ولكن الولايات المتحدة هي التي فتحت الباب لها بالإطاحة بنظام الأقلية السُنّية بزعامة صدام حسين في العراق، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى وصول حكومة شيعية مدعومة من إيران إلى السلطة بحسب تحليل "يماني".
النفط السني مقابل النفط الشيعي:
وحذرت يماني من أن عودة إيران المحتملة، بوصفها مصدرا رئيسيا للنفط إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي في عام 2014، من شأنها إضعاف قدرة السعودية على السيطرة على أسعار النفط مع تدفق النفط "الشيعي" من إيران والعراق إلى الأسواق.
الإصلاحات مجمّدة:
ملف "الإصلاحات المجمدة" يعد محورا أساسيا يشغل تفكير "مي يماني" وظل حاضرا بمناظراتها وندواتها وأبحاثها، وبتكثيف النتائج التي خلصت إليها ترى "يماني": "أن الإصلاحات في السعودية مجمّدة. فالإصلاحات أودعت عند مستوى تجمد عميق بصورة دائمة تسدّد ثمنه الثروة النفطية. مؤكدة "أن هذه السياسة تقدّم استقرارا قصير المدى بالنسبة للمملكة، ولكن جسداً مجمّداً هو قابل للكسر بسهولة، وفي حال إبقائه مجمّداً بعد انتهاء تاريخ الصلاحية قد يصبح متعفّناً حين تتم إذابته".
الوهابية.. والإصلاح الديمقراطي:
ونالت قضية ومصطلح "الوهابية" قسطا كبيرا من التفنيد والتشريح من "يماني"، وترى "أن السيطرة الوهابية قيّدت بشدّة عملية الإصلاح السياسي. و"الوهابية" برأيها "واهنة أمام الضغوط الشعبية من أجل الإصلاح.. بينما الوهابيون السعوديون يعارضون الديمقراطية في الداخل فقط، فقد يكونوا براغماتيين إزاء الإصلاح السياسي، ولكنه متاح لمن هم في الخارج، وليس في المملكة، حيث إن سلطة النظام في حال اعتمد مبدأ الانتخابات، ستضعف".
"الإصلاح أو ضد الإصلاح يفضي إلى جمود غريب، وهو نتاج انقسامات عميقة داخل العائلة المالكة"، حيث تصف يماني استراتيجية الملك الراحل عبد الله بأنها عبارة عن إلغاء الضغط السياسي لتقديم مجرد امتيازات كافية لإرضاء سكان السعودية وتخفيف الضغط من أجل الإصلاح.
سياسة الخوف.. وأدوات القمع:
وكشفت "يماني" حقيقة أنه بالرغم من اختلاف الآراء حول الإصلاح السياسي، فإن آل سعود متوافقون على تطبيق سياسة الخوف، ففي الواقع هناك المباحث الذين يقتحمون بيوت الأكاديميين والصحافيين ويسوقونهم إلى السجن، بجانب إخضاع خطوط الهاتف للمراقبة الدائمة، وتسجيل المكالمات، واللواقط الخفية.
وقد استعمل آل سعود، بحسب يماني، سلطتهم لفرض حدود على المناظرات السياسية. وتشمل أساليبهم التنظيم والضبط القانونيين، والإغراءات السياسية والمالية، وفرض قيود رسمية وغير رسمية على ما يمكن مناقشته بصورة علنية، أو استخدام وسائل أشدّ قسوة، مثل الفصل من الوظيفة، أو الجلد، أو الاعتقال. وهي إجراءات معروفة بأنها تقنيات الضبط الناعم لوزير الداخلية.
تصدعات تحت السطح:
وبشأن قضية الإصلاح، ترى "يماني" "أن التغيير السياسي الجاد يمكن أن يتم في سياق المحافظة على السلطة الملكية، فأسعار النفط العالية حقّقت استقرار المملكة، ولكن التصدّعات الحاصلة تحت السطح يمكن مشاهدتها. ومن أجل منع التصدّعات من أن تصبح انهيارات، فإن النظام السعودي يجب أن يخرج الإصلاح من حالة التجمّد العميق. فإن سنتين من عملية الإذابة قد تكون طويلة جداً".
وفي كتابها "مهد الإسلام، الحجاز والبحث عن هوية عربية" الصادر في 2004، وأثناء مناقشته اقترحت "يماني" على الأمراء السعوديين الاستماع إلى مقترحات جديرة بالاهتمام كإنشاء مملكة دستورية ديمقراطية والكف عن الإلقاء بمقترحي هذه الأفكار في السجون، كما أوصت بوجوب قيام الدولة السعودية بحوار جدي وبناء مع الحجازيين والمعارضين والفئات الأخرى في المجتمع السعودي، والكف عن سياسات الإملاء والإلغاء والإقصاء التي تمارسها الدولة.
مجلس البيعة.. هيئة عائلية غامضة:
رصدت يماني محطات سياسية في تاريخ المملكة والأسرة المالكة في مقال لها في نوفمبر 2011، وترى أن استقرار النظام السعودي يعتمد على قدرته على الحفاظ على الوحدة وترسيخ نظام واضح في إقامة الخلافة. وباتت الانشقاقات تهدد استقرار المملكة (واستقرار صادرات النفط) بشكل خاص، لأن أسرة آل سعود الحاكمة تضخمت إلى أن بلغ عدد أفرادها 22 ألف عضو، الأمر الذي سمح بنشوب خلافات وصدامات بين العدد المتزايد من المطالبين بالسلطة المنتمين إلى الفصائل المختلفة.
لافتة "لشعور العديد من السعوديين بنفس النمط من عدم اليقين المستمر والسُبات. ولكي يزداد الطين بلة، فإن نظام الخلافة يتسم بالغموض. فبعد أن خلف عبد الله على العرش شقيقه فهد، الذي حكم المملكة طيلة 32 عاماً حتى وفاته في عام 2005، أنشأ مجلساً للبيعة يتألف من هيئة عائلية غامضة ومبهمة أشبه بمجلس الكرادلة في الفاتيكان. ولكن القيود هنا لا تستند إلى السن كليا، بل على تسلسل النسب".
أدوات توريث الحكم:
قضايا مسكوت عنها تكشفها يماني، منها أدوات توريث الحكم، وذكرت نماذج، منها أن ثروة ولي العهد الراحل سلطان بن عبد العزيز نحو 270 مليار دولار، وزعها بين أبنائه قبيل وفاته بهدف دعم موقفهم السياسي في ساحة التنافس بين الأمراء. موضحة أن كلاً من كبار الأمراء وضع أبناءه المفضلين في مناصب مهمة في المملكة.
وخلصت إلى أنه على الرغم من إبداعات عبد الله في عملية الخلافة، فإنه ليس سراً أن لا شيء يضمن الانتقال إلى جيل أكثر شباباً من القادة، أو أن حاكماً فعّالاً قد يبرز إلى الوجود.
والحقيقة بحسب "يماني" أن قصة الصراع على خلافة آل سعود لم تَعُد تُتناقل همساً خلف الأبواب المغلقة. فقد فتحت شبكة الإنترنت نافذة على كل مخططات الأسرة الحاكمة، وطموحاتها وصفقاتها المزدوجة.
http://www.fenks.info/Nodes/28551.php
http://www.fenks.info/TECH1/paraimg1_29032.jpg
ترصد المسكوت عنه، وتفتح الملفات الحرجة، متجاوزة الخطوط الحمراء، وتخوض بقلم الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي معارك فكرية متجددة لكشف الحقائق ورصد الواقع ودق ناقوس الخطر، قضايا الإصلاح السياسي بالسعودية، ومخاطر الجمود وغياب آليات واضحة لتداول السلطة والصراع حولها داخل أجنحتها، وعدم تولي قيادات شابة، وقمع الإصلاحيين والمعارضين، وابتداع آليات غامضة لتوريث الحكم، والمخاطر الإيرانية على المملكة، أهم القضايا التي تشغلها، إنها الدكتورة والكاتبة السعودية "مي يماني".
في أفكارها مغردة خارج السرب، وتتبع أسلوب التفكير خارج الصندوق التقليدي بجرأة وحرفية وعلمية بالوقت نفسه.
ولدت "مي يماني" في القاهرة لأم موصلية، والدها هو وزير البترول والثروة المعدنية السعودي سابقا أحمد بن زكي يماني، درست في فيلادلفيا وأكسفورد، وهي أول سعودية تحصل على دكتوراه في مجال الأنثروبولوجيا.
عملت كمحاضرة في علم الإنسان وعلم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز في جدة من سنة 1981 إلى سنة 1984. كما خدمت كزميلة باحثة في مركز القانون الإسلامي والشرق أوسطي في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن (1992-2000).
عملت زميلاً باحثاً في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن في الفترة ما بين 1997 ـ 2007. وأكاديمية مستقلة، وأستاذا زائرا في مركز كارنيجي في الشرق الأوسط في العام 2008، وزميلا زائرا في معهد بروكنغز في واشنطن العاصمة، في العام 2008.
تعد يماني بحسب قائمة موقع "أريبيان بزنس" ضمن أقوى وأكثر 30 امرأة سعودية تأثيرا، وذلك في إطار القوائم المتنوعة التي يصدرها الموقع سنوياً.
موسوعية العلم والثقافة، حيث تتحدث اليماني اللغات العربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية بطلاقة، ولها إلمام بالفارسية والعبرية والإيطالية.
ونطوف الآن في بعض من رؤاها وأفكارها وكتبها ومقالاتها التي تكشف عمق تركيزها في هموم الوطن ومستقبله، والمخاطر المحدقة به من الداخل والخارج.
الرياض والبيت الأبيض:
اهتمت "مي يماني" بعدد من الملفات، وكرست لها مقالات ودراسات أبرزها ملف السياسة الخارجية السعودية في عهد الملك عبد الله والعلاقات الإقليمية السعودية، خاصة بإيران وعلاقاتها بالدول الكبرى.
وفجرت تساؤلا جريئا في إطار تباعد في العلاقات "السعودية-الأمريكية" وهو: "هل يستنجد آل سعود بباكستان حين تتخلى واشنطن عنهم؟" في مقال لها في 12 مايو 2014 . وتساءلت: إلى أي مدى تستطيع باكستان حقاً تعزيز أمن المملكة؟
وعن أسباب التباعد بين الرياض والبيت الأبيض ترى "يماني" أن الرياض رأت في دعم أمريكا لخلع حسني مبارك بمصر خيانة لها. ثم جاء امتناع الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن فرض "خطه الأحمر" في سوريا، بعد إقدام نظام الرئيس بشار الأسد على استخدام الغاز السام ضد معارضيه. غير أن دعم أمريكا الاتفاق المؤقت الأخير بشأن برنامج إيران النووي كان بمثابة القشة الأخيرة القاصمة.
مخاوف آل سعود:
وبجرأة تصدت "يماني" لقضية "خوف آل سعود من سعي إيران لزعامة مكة - مهد الإسلام" في 13 يناير 2014، حيث ترى "أن آل سعود يخشون من تغيير سياسي إقليمي على وقع الربيع العربي، ومن احتمال تقارب تاريخي أمريكي - إيراني يعزز صادرات النفط الشيعي. فمن شأن ذلك إضعاف قدرة النفوذ السعودي".
وترى "يماني" أنه منذ بدأ "الربيع العربي"، كانت المملكة تحاول الحفاظ على مكانتها المهيمنة في المنطقة بأي وسيلة تقتضيها الضرورة. وفي عام 2013، بحثت العائلة المالكة السعودية عن حلفاء إقليميين، وسعت، كما الحال مع مصر، إلى إعادة الحلفاء القدامى إلى السلطة. كما استخدمت ثروتها النفطية لتحقيق ذلك.
وما خفف عن العائلة المالكة السعودية أن الربيع العربي لم يفضِ إلى خلق ديمقراطيات فعّالة في تونس أو مصر أو اليمن أو البحرين أو ليبيا أو سوريا.
حرب بالوكالة:
وتحذر يماني كثيرا من مخاطر الطموحات الإيرانية وأهدافها الخفية والمعلنة، وتقول "إن السعوديين ينظرون إلى الصراع بين الأسد والمعارضة باعتباره حرباً بالوكالة ضد خصمهم الرئيسي، إيران. إذ إن المملكة مصدر رئيسي لتمويل وتسليح قوات المتمردين السوريين السُنّة الذين يقاتلون جيش الأسد، الذي يحظى بدعم كبير من قِبَل إيران الشيعية وحزب الله، الميليشيا الشيعية المتمركزة في لبنان".
فالقضية في نظر السعوديين ليست مجرد القدرة النووية الإيرانية المفترضة. فالتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني من شأنه أن يضفي الشرعية على نفوذ النظام الإقليمي على نحو غير مسبوق منذ عقود من الزمان، وبالتالي يخدم أهداف الهيمنة الإيرانية. والتهديد أو التخوف الأعمق هو أن الهدف النهائي الذي تضعه إيران نصب عينيها هو زعامة مكة، مهد الإسلام.
إضعاف إيران:
ولهذا السبب فإن أفراد العائلة المالكة السعودية يفضلون الإبقاء على إيران مكبلة بالعقوبات الدولية، ولكن الولايات المتحدة هي التي فتحت الباب لها بالإطاحة بنظام الأقلية السُنّية بزعامة صدام حسين في العراق، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى وصول حكومة شيعية مدعومة من إيران إلى السلطة بحسب تحليل "يماني".
النفط السني مقابل النفط الشيعي:
وحذرت يماني من أن عودة إيران المحتملة، بوصفها مصدرا رئيسيا للنفط إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي في عام 2014، من شأنها إضعاف قدرة السعودية على السيطرة على أسعار النفط مع تدفق النفط "الشيعي" من إيران والعراق إلى الأسواق.
الإصلاحات مجمّدة:
ملف "الإصلاحات المجمدة" يعد محورا أساسيا يشغل تفكير "مي يماني" وظل حاضرا بمناظراتها وندواتها وأبحاثها، وبتكثيف النتائج التي خلصت إليها ترى "يماني": "أن الإصلاحات في السعودية مجمّدة. فالإصلاحات أودعت عند مستوى تجمد عميق بصورة دائمة تسدّد ثمنه الثروة النفطية. مؤكدة "أن هذه السياسة تقدّم استقرارا قصير المدى بالنسبة للمملكة، ولكن جسداً مجمّداً هو قابل للكسر بسهولة، وفي حال إبقائه مجمّداً بعد انتهاء تاريخ الصلاحية قد يصبح متعفّناً حين تتم إذابته".
الوهابية.. والإصلاح الديمقراطي:
ونالت قضية ومصطلح "الوهابية" قسطا كبيرا من التفنيد والتشريح من "يماني"، وترى "أن السيطرة الوهابية قيّدت بشدّة عملية الإصلاح السياسي. و"الوهابية" برأيها "واهنة أمام الضغوط الشعبية من أجل الإصلاح.. بينما الوهابيون السعوديون يعارضون الديمقراطية في الداخل فقط، فقد يكونوا براغماتيين إزاء الإصلاح السياسي، ولكنه متاح لمن هم في الخارج، وليس في المملكة، حيث إن سلطة النظام في حال اعتمد مبدأ الانتخابات، ستضعف".
"الإصلاح أو ضد الإصلاح يفضي إلى جمود غريب، وهو نتاج انقسامات عميقة داخل العائلة المالكة"، حيث تصف يماني استراتيجية الملك الراحل عبد الله بأنها عبارة عن إلغاء الضغط السياسي لتقديم مجرد امتيازات كافية لإرضاء سكان السعودية وتخفيف الضغط من أجل الإصلاح.
سياسة الخوف.. وأدوات القمع:
وكشفت "يماني" حقيقة أنه بالرغم من اختلاف الآراء حول الإصلاح السياسي، فإن آل سعود متوافقون على تطبيق سياسة الخوف، ففي الواقع هناك المباحث الذين يقتحمون بيوت الأكاديميين والصحافيين ويسوقونهم إلى السجن، بجانب إخضاع خطوط الهاتف للمراقبة الدائمة، وتسجيل المكالمات، واللواقط الخفية.
وقد استعمل آل سعود، بحسب يماني، سلطتهم لفرض حدود على المناظرات السياسية. وتشمل أساليبهم التنظيم والضبط القانونيين، والإغراءات السياسية والمالية، وفرض قيود رسمية وغير رسمية على ما يمكن مناقشته بصورة علنية، أو استخدام وسائل أشدّ قسوة، مثل الفصل من الوظيفة، أو الجلد، أو الاعتقال. وهي إجراءات معروفة بأنها تقنيات الضبط الناعم لوزير الداخلية.
تصدعات تحت السطح:
وبشأن قضية الإصلاح، ترى "يماني" "أن التغيير السياسي الجاد يمكن أن يتم في سياق المحافظة على السلطة الملكية، فأسعار النفط العالية حقّقت استقرار المملكة، ولكن التصدّعات الحاصلة تحت السطح يمكن مشاهدتها. ومن أجل منع التصدّعات من أن تصبح انهيارات، فإن النظام السعودي يجب أن يخرج الإصلاح من حالة التجمّد العميق. فإن سنتين من عملية الإذابة قد تكون طويلة جداً".
وفي كتابها "مهد الإسلام، الحجاز والبحث عن هوية عربية" الصادر في 2004، وأثناء مناقشته اقترحت "يماني" على الأمراء السعوديين الاستماع إلى مقترحات جديرة بالاهتمام كإنشاء مملكة دستورية ديمقراطية والكف عن الإلقاء بمقترحي هذه الأفكار في السجون، كما أوصت بوجوب قيام الدولة السعودية بحوار جدي وبناء مع الحجازيين والمعارضين والفئات الأخرى في المجتمع السعودي، والكف عن سياسات الإملاء والإلغاء والإقصاء التي تمارسها الدولة.
مجلس البيعة.. هيئة عائلية غامضة:
رصدت يماني محطات سياسية في تاريخ المملكة والأسرة المالكة في مقال لها في نوفمبر 2011، وترى أن استقرار النظام السعودي يعتمد على قدرته على الحفاظ على الوحدة وترسيخ نظام واضح في إقامة الخلافة. وباتت الانشقاقات تهدد استقرار المملكة (واستقرار صادرات النفط) بشكل خاص، لأن أسرة آل سعود الحاكمة تضخمت إلى أن بلغ عدد أفرادها 22 ألف عضو، الأمر الذي سمح بنشوب خلافات وصدامات بين العدد المتزايد من المطالبين بالسلطة المنتمين إلى الفصائل المختلفة.
لافتة "لشعور العديد من السعوديين بنفس النمط من عدم اليقين المستمر والسُبات. ولكي يزداد الطين بلة، فإن نظام الخلافة يتسم بالغموض. فبعد أن خلف عبد الله على العرش شقيقه فهد، الذي حكم المملكة طيلة 32 عاماً حتى وفاته في عام 2005، أنشأ مجلساً للبيعة يتألف من هيئة عائلية غامضة ومبهمة أشبه بمجلس الكرادلة في الفاتيكان. ولكن القيود هنا لا تستند إلى السن كليا، بل على تسلسل النسب".
أدوات توريث الحكم:
قضايا مسكوت عنها تكشفها يماني، منها أدوات توريث الحكم، وذكرت نماذج، منها أن ثروة ولي العهد الراحل سلطان بن عبد العزيز نحو 270 مليار دولار، وزعها بين أبنائه قبيل وفاته بهدف دعم موقفهم السياسي في ساحة التنافس بين الأمراء. موضحة أن كلاً من كبار الأمراء وضع أبناءه المفضلين في مناصب مهمة في المملكة.
وخلصت إلى أنه على الرغم من إبداعات عبد الله في عملية الخلافة، فإنه ليس سراً أن لا شيء يضمن الانتقال إلى جيل أكثر شباباً من القادة، أو أن حاكماً فعّالاً قد يبرز إلى الوجود.
والحقيقة بحسب "يماني" أن قصة الصراع على خلافة آل سعود لم تَعُد تُتناقل همساً خلف الأبواب المغلقة. فقد فتحت شبكة الإنترنت نافذة على كل مخططات الأسرة الحاكمة، وطموحاتها وصفقاتها المزدوجة.
http://www.fenks.info/Nodes/28551.php