جليل
04-16-2005, 10:11 AM
النساء يشتكين من الوحدة والفراغ والرجال يملون من "التكرار"
يمكن دائماً العيش بسعادة
القاهرة - نجلاء محفوظ
تشكو معظم الزوجات من هروب الأزواج وتمضيتهم أوقاتاً طويلة خارج البيت بعيداً عن الزوجة والأبناء, وحتى الوقت الذي يمضيه الزوج وسط العائلة يجلس فيه أمام التليفزيون رافضاً الحديث مع زوجته في أمور الأسرة فضلاً عن رفض التنزه مع زوجته وقضاء أوقات مع أهلها, مما يشعر الزوجة بالإحباط والمرارة ويلقي بظلاله السيئة علي علاقتها بزوجها وتتوتر حياتهما وهو ما ينعكس بالتالي علي الأبناء فيخسر الجميع.
لذا وجب السؤال عن الأخطاء التي ترتكبها الزوجة العربية في كل من التفكير والمظهر والسلوك وتدفع زوجها للهرب , وعن الأسباب الحقيقة »لزوغان« الأزواج - من وجهة نظرهم - لتعرفها الزوجة وتتلافاها. وما هي الطرق العملية والواقعية لاجتذاب الزوج لقضاء وقت أطول مع زوجته وأسرته ليسعد الجميع, مع تحديد المساحة الواجب تركها للزوج لقضاء بعض الوقت خارج البيت, وطرح أفكار عملية للزوجة لتنعش حياتها في ذلك الوقت من دون أية خسائر..
جولات عمل
زوجة شابة تسارعت منها الكلمات وهي تتحدث عن ضيقها البالغ بمتابعة زوجها الهارب - دائما - منها ومن طفلتها وكيف أنه يدعي قيامة بجولات تخص عمله بينما تعرف من خلال مكالمته عبر الهاتف الجوال أنه يقضي أوقاتً مع أصدقائه حيث تسمع أصوات بعضهم وعندما تواجهه بذلك ينفي بشدة وتتهمه بالكذب ,فتشتعل نيران الخلافات بينهما مما يقضي علي أية إمكانية للإحساس بالسعادة ,وينتابها الشعور بالإحباط وخيبة الأمل وتصارحه بذلك فيرد لها الصاع صاعين باعلان ندمه ايضا الزواج بها وبأنه لا يعيش معها إلا من أجل طفلتهما فقط وتزداد الأمور بينهما سوءاً.
زوجة أخرى قالت والمرارة تفصح عن نفسها في كلماتها: زوجي لا يطيق البقاء معي في البيت , رغم إلحاحي الدائم عليه وتركيزي علي احتياجي النفسي الشديد لوجوده بجواري في المنزل لأنني أفتقده عاطفياً كما أنني تعبت من إدارة شئون الأسرة وحدي لطول غيابه , وعبثاً حاولت إقناعه بذلك , والمثير للغيظ أنه يستمع إليّ بلا مبالاة , ثم يقول لي وهو يغادر المنزل لا داعي للقلق , أنا واثق من حسن إدارتك للأمور كلها ويتركني أجتر غضبي وغيظي وحدي مما ينعكس بالطبع علي تعاملي مع الأولاد حيث أصبحت أعاملهم بعصبية وساءت علاقتي بهم والغريب أنهم يفضلون صحبة والدهم عن صحبتي ويحتفلون بوجوده معهم بصورة تستفزني وتزيد من إحساسي بأنه لا يوجد أحد يشعر بي وأنني لا أحصل علي ما أستحقه من حب ورعاية.
ولهاتين الزوجيتين , ولكل من تفكر مثلهما , نقول ليس من الذكاء أن نزيد من أسباب معاناتنا وأن ملاحقة الزوج ومطالبته بإصرار علي البقاء في المنزل لمدة أطول لا يأتي إلا بالنتائج العكسية غير المرغوبة , وأن مطاردته خارج المنزل تجعله يشعر بالحصار الخانق وتزيد من مقاومته لفكرة قضاء وقت أطول في البيت ولو من باب العناد لإثبات أنه صاحب الكلمة وأن لا أحد يملك إخضاعه لرأي مخالف عن طريق الضغط المعنوي.
ضغط معنوي
أما ما تظنه بعض الزوجات - كما صرحت إحداهن أن هذا الضغط المعنوي من شأنه أن يشعر الزوج بالإحساس بالذنب وبالتقصير في حق زوجته وأسرته ويدفعه لتعويضهم عن ذلك وإصلاح الخطأ , فإن الشعور بالذنب لا يحسن احوال الرجال في هذا الموقف إلا نادراً وحتي إذا حدث فإنه يكون مؤقتاً , وما يفعله الإنسان تحت وطأة الشعور بالتقصير لا يكون مستمراً لأنه لا يستطيع تحمل أداؤه لفترة طويلة , بينما الثابت نفسياً ومن الواقع أيضاً أن الرجل إذا شعر بأنه يستفيد معنوياً وعاطفياً وحسياً من بقائه في المنزل فإنه سيفعل ذلك بلا تردد, وهذا ما نوصي به الزوجة الذكية , فلا تتعامل مع نفسها وكأنها كائن ناقص لا يستطيع الحياة بعيداً عن الزوج الهارب , بل عليها أن تجلس مع نفسها وتعرف أسباب هروب زوجها من البيت , وتراجع نفسها وتحسن من مظهرها داخل البيت وتجدد في ديكورات المنزل من آن لآخر بإضافة بعض الرتوش البسيطة والذكية .
وبتغيير أماكن بعض قطع الأثاث مما يضفي الحيوية والتجدد في بيت الزوجية , مع حسن اختيار الموضوعات التي تتحدث فيها مع الزوج والاهتمام بالاستماع الجيد لكل ما يقوله , حتي لو كان بعيداً عن دائرة اهتماماتها , وأتذكر هنا ما قالته زوجة ذكية للغاية حيث اعترفت بأنها اضطرت الي متابعة القنوات الفضائية الإخبارية لتنتزع بيديها وسيلة للتقارب مع الزوج ولتحدثه في أمور يهتم بها.
اعتراض وتذمر
قد تتساءل زوجات لماذا تتكبد الزوجة كل هذا الجهد للفوز بقضاء زوجها لأوقات جيدة معها , هذا ظلم بين وجور فادح , لماذا لا يسعي الزوج لإسعاد زوجته.
والجواب أن الزوج لديه وسائل أفضل لقضاء أوقاته خارج المنزل بعيداً عن الزوجة التي تكبله بقيود كثيرة..معنوية ومادية , والزوجة الذكية هي التي تشعر زوجها بأنها لا تطارده , فلا تفتش في جيوبه كما تفعل الكثيرات , ولا تتجسس علي مكالماته في الهاتف الجوال , ولا تحاصره بأسئلتها عن كيفية قضاء أوقاته خارج المنزل , ومع من قضاها , وفيم كانوا يتحدثون , كما اعترفت بذلك الكثير من الزوجات..
والمثير للدهشة أن نسبة غير قليلة من الزوجات أكدن أنهن يتشاجرن مع أزواجهن منذ أعوام بسبب هروبهم من البيت وأنه لا يوجد أي تحسن ولو طفيف ومع ذلك يكررن نفس الأساليب بإصرار غريب ويتناسين الحكمة المؤكدة القائلة : من الخطأ أن نقوم بنفس العمل ثم نتوقع نتائج مختلفة , فعلي الزوجة إذا جربت وسيلة لمنع زوجها من الهروب من المنزل وفشلت فيها أن تترك العناد جانباً وأن تعترف بفشل هذه الوسيلة وأن تبحث عن بديل لها لا أن تصر عليها وتحاول إجبار زوجها علي الرضوخ مما يعقد الأمور بينهما ويدفعه إلي المزيد من الهرب وقد تتخذ مساراً أوسع يري فيه الزوج أن زوجته تحاول إخضاعه وإلا نتقاص من رجولته وسلب استقلاليته فيتعامل معها بما هو أسوأ كنوع من رد الاعتداء المتوهم وبذا تتفاقم الأوضاع وتتضاعف أضرارها وما كان أغني الزوجة عن ذلك لو تراجعت عن تنفيذ أي وسيلة ثبت عدم نجاحها والتحلي بالمرونة وبتغيير الخطط وبالتدرج في الوصول إلى ماتريد..
امرأة وحيدة
زوجة شابة أفصحت يوماً عن خوفها المتزايد من انصراف زوجها عنها لأنه أصبح لا يبالي بالمكوث معها , كما كان في بدايات الزواج , وأنه بات يرفض التنزه معها ومع أطفالها , وأنها تشعر بأنها امرأة وحيدة تعيسة ,وراحت تشرح بالتفصيل كيف تمضي أوقاتاً طويلة تستجدي زوجها عاطفياً وتذكره بأوقاتهما السعيدة , وتناشده باحتياج أطفاله إليه لقضاء أوقات معه , وكيف أنهم قد أصبحوا مثل الأيتام رغم وجود والدهم علي قيد الحياة , بل ومشاركته لهم في نفس المنزل , الا أنه يذهب للعمل قبل استيقاظهم ويعود بعد نومهم فتمضي أيام لا يرونه..
وهنا لا نحرض الزوجة علي الاستغناء عن زوجها إطلاقاً بل نطالبها أن تحسن تقدير نفسها حتي تحظي بتقدير زوجها , وأن تعلي من قيمة ذاتها كزوجة وكأنثي وكصديقة عن طريق تنمية الجوانب الإيجابية في كل ناحية من هذه النواحي , وأن تتقن فن الاقتراب والابتعاد عن الزوج والانشغال بأمورها الخاصة , وترك مساحة له ليتحرك بحرية وليعود إليها بكامل اختياره وسيفعل ذلك فقط متي وجدها رائعة كزوجة وكأنثي وكصديقة تجيد قضاء الأوقات معه فيما يمتعه ويسعده , لا أن تسارع بإلقاء كل مشاكلها مع الأولاد والعمل والجيران والأهل فور فوزها بمكوثه في البيت.
احذري النصائح
وعلى الزوجة الذكية بدلا من أن تستخدم أولادها لتسول بقاء زوجها معها, أن توصيهم بحسن التعامل مع والدهم , وبتدليله وبتذكيره بأنهم يحبون بقائه معهم, علي أن يفعلوا ذلك بعيدا عنها, حتي لا تبدو في صورة المحرضة المباشرة, وعليها إقناعهم بأن يفعلوا ذلك ليسعدوا والدهم الذي يحبهم ويعمل من أجل تحسين مستوي معيشتهم.
كذلك عليها أن تستبدل الاحساس بالتعاسة لعدم رغبة زوجها بالتنزه معها ومع أولادها, بالشعور بالاستقلالية وبأنها قادرة علي امتاع نفسها بالسبل المشروعة بالطبع وأن تسعد بأن لها الفرصة الكاملة لاختيار أماكن التنزه والعودة بلا قيود, وأن تستمتع بذلك ولا تنسى الاتصال هاتفيا بزوجها أثناء التنزه لا لتشكو له ولكن لتخبره بود حقيقي وليس مفتعلا بأنها والأبناء يمضون وقتا لطيفا وأنهم كانوا يتمنون مشاركته لهم ليسعد مثلهم, وتدع الأبناء يحدثونه وبذا تحقق أكثر من استفادة في الوقت نفسه, فهي تخبره بأسلوب غير مباشر أنهم قادرين على السعادة من دونه, وأنهم يتذكرونه وهم سعداء بل ويتمنون له الفرح أيضاً.
وفي ذلك تنمية لمشاعر الود بين الزوج وكل من الزوجة والأبناء أيضا.. مع اهتمام الزوجة بتنمية علاقاتها مع الأبناء والأهل والصديقات وشغل أوقات فراغها بما يفيدها ويمتعها.. من هوايات لطيفة ومفيدة تسعدها ويقلل من تأثير افتقادها لزوجها.
ومتى فعلت الزوجة ذلك استراحت كثيرا وخففت من أعبائها النفسية وطرحت عنها التفكير السلبي, الذي المسه بوضوح في كلمات الزوجات من قبيل : زوجي يهرب مني لأنه لا يحبني, زوجي يعتبرني كماً مهملاً أنه لا يقدر تضحياتي من أجله..
والزوجة الذكية وحدها هي التي تدرك أن رعايتها لأسرتها ليست من قبيل التضحيات التي تريد أن تتلقي أجرا عليها, وأن هذه هي رسالتها الحقيقية في الحياة , حتي وإن كانت امرأة عاملة وناجحة في مجالها , فالأهم هو نجاحها مع أسرتها, أما من تريد تلقي الثمن من زوجها فهي تهبط بنفسها من مكانها كربة للبيت إلي أجيرة لدي الزوج تقوم برعايته هو وأولاده نظير قيامه بالمكوث في البيت, وكأنه قطعة غالية من الأثاث حصلت عليها ولا تريد التفريط فيها..
تواجد شكلي
زوجة استدعت كل أسلحتها لحصار الزوج داخل البيت, وقامت باستعداء أبنائه عليه وطالبت الأهل والأصدقاء بقضاء أوقات أطول داخل البيت, فقام باحضار أصدقائه للسهر معه بدلا من الخروج إليهم, وبذا تضاعف غيظ الزوجة وزادت أعباءها لقيامها بواجبات الضيافة كما انجذب بعض ابنائها لأصدقاء الأب مما جعل ضيقها يتنامي..
وزوجة أخري استجاب زوجها لالحاحها بالمكوث كثيرا داخل المنزل, فصارت تقول: في البداية كان يلقي إلينا بالتعليمات الكثيرة حول اتفه الأمور, ولما لم يجد استجابة, انصرف تماما إلي كل من القنوات الفضائية والإنترنت حيث يقضي ساعات طويلة أمامهما , ليستمع إلي البرامج المختلفة. وعندما صرخت فيه أطالبه بالحديث معي, قال لي بهدوء غريب: ألم تحصلي علي ما أردته وكثفت تواجدي داخل المنزل. ووجدتني اترحم علي الأيام الماضية, فلا شك أن وجود الرجل خارج المنزل أقل وطأة من انشغاله عن زوجته وابنائه رغم تواجده الشكلي معهم وانصرافه الحقيقي عنهم..
ولكي تنجح الزوجة في كسب صداقة زوجها عليها أن تكف عن محاولة جعله نسخة مكررة منها, حيث تحاول الكثير من الزوجات أن تقوم بتغيير الزوج ليتعامل معها كما تريد من كل النواحي العاطفية والحياتية وتنسى أنه مخلوق آخر وكائن مستقل, وأن الاختلاف بينهما أمر طبيعي وصحي ويقود إلي حياة ثرية ومتعددة الجوانب إن فطنت إلي احترام الاختلاف وزيادة نقاط الالتقاء بينهما والكف عن انتقاده أو توبيخه فضلا عن التعامل معه وكأنه لا يستطيع أن يدبر أموره في الحياة وحده, فتمطره بوابل من النصائح وسيل المحاضرات.
ولتفوز الزوجة بصداقة زوجها عليها أن تعامله مثلما تعامل صديقتها المقربة, فهي لا تطالبها بأن تكون معها طوال الوقت , بل تقنع ببعض من الوقت علي أن يكون لطيفا ومفيدا ومحققا لبعض اشباعاتها وليس جميعها, وأن تلتمس له الأعذار, كما تفعل مع صديقتها وألا تعامله من منطق الملكية.
وأن تبدي له الود اللطيف من آن لآخر وأن تهتم بشئونه ولا تضيق بها, وأن تحسن اختيار كلماتها معه فتجعلها معبرة عن الحب وأن تذكره بالرعاية بصحته وبمواعيده وكيفية تناول طعامه وأن تفرح لانتصار الفريق الذي يشجعه في الكرة وأن تهتم بقراءاته الأدبية أو السياسية, وأن ترحب بأهله وبأصدقائه وتسمح له بالحديث عنهم بسعة صدر وبابتسامة دافئة, وبالتدريج ستنمو بينهما أواصر الصداقة مما يزيد من فرص سعادة الزوجة..
وللرجال رأي
وفي استطلاع لآراء الأزواج في الأسباب الحقيقية لهروبهم من البيت, فأجابوا بحرية بعد أن حصلوا علي مواثيق بعدم ذكر اسمائهم , وفيما يلي أهم ما ذكروه:
الزوجة النكدية التي تطيل الحديث عن المشكلات من أهم أسباب هروب الزوج, وتساويها في المكانة الزوجة التي تثرثر في أمور لا تهم الزوج مثل تفاصيل قضائها ليومها أو أخبار صديقاتها أو الاسهاب في ذكر أي أمر, فالرجل يحب الاختصار ويركز فقط في الأمور التي تهمه وتهم أسرته بصورة مباشرة..
كما أكد الرجال هربهم من الزوجة المتطلعة باستمرار إلي ما تمتلكه الأخريات, والتي تشعر الزوج دائما بعجزه عن تلبية متطلباتها, مهما فعل, فيحس بالضيق من صحبتها ويتعلل بشتي الحجج ليتخلص من التواجد معها, كما هتف بذلك الكثيرون..
وصرح عدد من الأزواج أنهم لا يحبون التنزه مع الزوجة التي ترتدي ملابس غير محتشمة ولا الزوجة التي تخاصم الأناقة أو التي تتسم بالبدانة المفرطة, وكذلك صاحبة الصوت العالي , وكذلك التي تنتقد زوجها أمام الآخرين أو تسرد تفاصيل حياتهم الأسرية أمامهم..
وحول عدم تفضيل الأزواج قضاء أوقات طويلة مع أهل الزوجة , قالوا أن ذلك قد يكون بسبب أنهم يتعاملون معه بجفاء أو لأنهم ودودين بصورة مبالغ فيها مما يثير ريبة الزوج فضلا عن قيام الزوجة باخبار أهلها بمشاكلها مع الزوج لذا يتهرب الأخير من قضاء أوقات معهم حتي يغلق الباب أمام إمكانية مفاتحته في أموره الشخصية التي يفضل جميع الرجال أن تظل مشاكله الأسرية بينه وبين زوجته لا أن تصبح أمرا مشاعا مع أهل الزوجة..
لذا يرى الأزواج الاكتفاء بزيارة أهل الزوجة في المناسبات الرسمية فقط وأن الأولوية في نظرهم في قضاء الأوقات الأخري أما مع أصدقائهم أو مع أسرهم حيث يتمتعون بالصحبة الأفضل وبالتلقائية في التعامل وبعدم وجود تحفظات مسبقة وهي التي تلقي القيود علي الزوج فتبعده عن أهل الزوجة..
يمكن دائماً العيش بسعادة
القاهرة - نجلاء محفوظ
تشكو معظم الزوجات من هروب الأزواج وتمضيتهم أوقاتاً طويلة خارج البيت بعيداً عن الزوجة والأبناء, وحتى الوقت الذي يمضيه الزوج وسط العائلة يجلس فيه أمام التليفزيون رافضاً الحديث مع زوجته في أمور الأسرة فضلاً عن رفض التنزه مع زوجته وقضاء أوقات مع أهلها, مما يشعر الزوجة بالإحباط والمرارة ويلقي بظلاله السيئة علي علاقتها بزوجها وتتوتر حياتهما وهو ما ينعكس بالتالي علي الأبناء فيخسر الجميع.
لذا وجب السؤال عن الأخطاء التي ترتكبها الزوجة العربية في كل من التفكير والمظهر والسلوك وتدفع زوجها للهرب , وعن الأسباب الحقيقة »لزوغان« الأزواج - من وجهة نظرهم - لتعرفها الزوجة وتتلافاها. وما هي الطرق العملية والواقعية لاجتذاب الزوج لقضاء وقت أطول مع زوجته وأسرته ليسعد الجميع, مع تحديد المساحة الواجب تركها للزوج لقضاء بعض الوقت خارج البيت, وطرح أفكار عملية للزوجة لتنعش حياتها في ذلك الوقت من دون أية خسائر..
جولات عمل
زوجة شابة تسارعت منها الكلمات وهي تتحدث عن ضيقها البالغ بمتابعة زوجها الهارب - دائما - منها ومن طفلتها وكيف أنه يدعي قيامة بجولات تخص عمله بينما تعرف من خلال مكالمته عبر الهاتف الجوال أنه يقضي أوقاتً مع أصدقائه حيث تسمع أصوات بعضهم وعندما تواجهه بذلك ينفي بشدة وتتهمه بالكذب ,فتشتعل نيران الخلافات بينهما مما يقضي علي أية إمكانية للإحساس بالسعادة ,وينتابها الشعور بالإحباط وخيبة الأمل وتصارحه بذلك فيرد لها الصاع صاعين باعلان ندمه ايضا الزواج بها وبأنه لا يعيش معها إلا من أجل طفلتهما فقط وتزداد الأمور بينهما سوءاً.
زوجة أخرى قالت والمرارة تفصح عن نفسها في كلماتها: زوجي لا يطيق البقاء معي في البيت , رغم إلحاحي الدائم عليه وتركيزي علي احتياجي النفسي الشديد لوجوده بجواري في المنزل لأنني أفتقده عاطفياً كما أنني تعبت من إدارة شئون الأسرة وحدي لطول غيابه , وعبثاً حاولت إقناعه بذلك , والمثير للغيظ أنه يستمع إليّ بلا مبالاة , ثم يقول لي وهو يغادر المنزل لا داعي للقلق , أنا واثق من حسن إدارتك للأمور كلها ويتركني أجتر غضبي وغيظي وحدي مما ينعكس بالطبع علي تعاملي مع الأولاد حيث أصبحت أعاملهم بعصبية وساءت علاقتي بهم والغريب أنهم يفضلون صحبة والدهم عن صحبتي ويحتفلون بوجوده معهم بصورة تستفزني وتزيد من إحساسي بأنه لا يوجد أحد يشعر بي وأنني لا أحصل علي ما أستحقه من حب ورعاية.
ولهاتين الزوجيتين , ولكل من تفكر مثلهما , نقول ليس من الذكاء أن نزيد من أسباب معاناتنا وأن ملاحقة الزوج ومطالبته بإصرار علي البقاء في المنزل لمدة أطول لا يأتي إلا بالنتائج العكسية غير المرغوبة , وأن مطاردته خارج المنزل تجعله يشعر بالحصار الخانق وتزيد من مقاومته لفكرة قضاء وقت أطول في البيت ولو من باب العناد لإثبات أنه صاحب الكلمة وأن لا أحد يملك إخضاعه لرأي مخالف عن طريق الضغط المعنوي.
ضغط معنوي
أما ما تظنه بعض الزوجات - كما صرحت إحداهن أن هذا الضغط المعنوي من شأنه أن يشعر الزوج بالإحساس بالذنب وبالتقصير في حق زوجته وأسرته ويدفعه لتعويضهم عن ذلك وإصلاح الخطأ , فإن الشعور بالذنب لا يحسن احوال الرجال في هذا الموقف إلا نادراً وحتي إذا حدث فإنه يكون مؤقتاً , وما يفعله الإنسان تحت وطأة الشعور بالتقصير لا يكون مستمراً لأنه لا يستطيع تحمل أداؤه لفترة طويلة , بينما الثابت نفسياً ومن الواقع أيضاً أن الرجل إذا شعر بأنه يستفيد معنوياً وعاطفياً وحسياً من بقائه في المنزل فإنه سيفعل ذلك بلا تردد, وهذا ما نوصي به الزوجة الذكية , فلا تتعامل مع نفسها وكأنها كائن ناقص لا يستطيع الحياة بعيداً عن الزوج الهارب , بل عليها أن تجلس مع نفسها وتعرف أسباب هروب زوجها من البيت , وتراجع نفسها وتحسن من مظهرها داخل البيت وتجدد في ديكورات المنزل من آن لآخر بإضافة بعض الرتوش البسيطة والذكية .
وبتغيير أماكن بعض قطع الأثاث مما يضفي الحيوية والتجدد في بيت الزوجية , مع حسن اختيار الموضوعات التي تتحدث فيها مع الزوج والاهتمام بالاستماع الجيد لكل ما يقوله , حتي لو كان بعيداً عن دائرة اهتماماتها , وأتذكر هنا ما قالته زوجة ذكية للغاية حيث اعترفت بأنها اضطرت الي متابعة القنوات الفضائية الإخبارية لتنتزع بيديها وسيلة للتقارب مع الزوج ولتحدثه في أمور يهتم بها.
اعتراض وتذمر
قد تتساءل زوجات لماذا تتكبد الزوجة كل هذا الجهد للفوز بقضاء زوجها لأوقات جيدة معها , هذا ظلم بين وجور فادح , لماذا لا يسعي الزوج لإسعاد زوجته.
والجواب أن الزوج لديه وسائل أفضل لقضاء أوقاته خارج المنزل بعيداً عن الزوجة التي تكبله بقيود كثيرة..معنوية ومادية , والزوجة الذكية هي التي تشعر زوجها بأنها لا تطارده , فلا تفتش في جيوبه كما تفعل الكثيرات , ولا تتجسس علي مكالماته في الهاتف الجوال , ولا تحاصره بأسئلتها عن كيفية قضاء أوقاته خارج المنزل , ومع من قضاها , وفيم كانوا يتحدثون , كما اعترفت بذلك الكثير من الزوجات..
والمثير للدهشة أن نسبة غير قليلة من الزوجات أكدن أنهن يتشاجرن مع أزواجهن منذ أعوام بسبب هروبهم من البيت وأنه لا يوجد أي تحسن ولو طفيف ومع ذلك يكررن نفس الأساليب بإصرار غريب ويتناسين الحكمة المؤكدة القائلة : من الخطأ أن نقوم بنفس العمل ثم نتوقع نتائج مختلفة , فعلي الزوجة إذا جربت وسيلة لمنع زوجها من الهروب من المنزل وفشلت فيها أن تترك العناد جانباً وأن تعترف بفشل هذه الوسيلة وأن تبحث عن بديل لها لا أن تصر عليها وتحاول إجبار زوجها علي الرضوخ مما يعقد الأمور بينهما ويدفعه إلي المزيد من الهرب وقد تتخذ مساراً أوسع يري فيه الزوج أن زوجته تحاول إخضاعه وإلا نتقاص من رجولته وسلب استقلاليته فيتعامل معها بما هو أسوأ كنوع من رد الاعتداء المتوهم وبذا تتفاقم الأوضاع وتتضاعف أضرارها وما كان أغني الزوجة عن ذلك لو تراجعت عن تنفيذ أي وسيلة ثبت عدم نجاحها والتحلي بالمرونة وبتغيير الخطط وبالتدرج في الوصول إلى ماتريد..
امرأة وحيدة
زوجة شابة أفصحت يوماً عن خوفها المتزايد من انصراف زوجها عنها لأنه أصبح لا يبالي بالمكوث معها , كما كان في بدايات الزواج , وأنه بات يرفض التنزه معها ومع أطفالها , وأنها تشعر بأنها امرأة وحيدة تعيسة ,وراحت تشرح بالتفصيل كيف تمضي أوقاتاً طويلة تستجدي زوجها عاطفياً وتذكره بأوقاتهما السعيدة , وتناشده باحتياج أطفاله إليه لقضاء أوقات معه , وكيف أنهم قد أصبحوا مثل الأيتام رغم وجود والدهم علي قيد الحياة , بل ومشاركته لهم في نفس المنزل , الا أنه يذهب للعمل قبل استيقاظهم ويعود بعد نومهم فتمضي أيام لا يرونه..
وهنا لا نحرض الزوجة علي الاستغناء عن زوجها إطلاقاً بل نطالبها أن تحسن تقدير نفسها حتي تحظي بتقدير زوجها , وأن تعلي من قيمة ذاتها كزوجة وكأنثي وكصديقة عن طريق تنمية الجوانب الإيجابية في كل ناحية من هذه النواحي , وأن تتقن فن الاقتراب والابتعاد عن الزوج والانشغال بأمورها الخاصة , وترك مساحة له ليتحرك بحرية وليعود إليها بكامل اختياره وسيفعل ذلك فقط متي وجدها رائعة كزوجة وكأنثي وكصديقة تجيد قضاء الأوقات معه فيما يمتعه ويسعده , لا أن تسارع بإلقاء كل مشاكلها مع الأولاد والعمل والجيران والأهل فور فوزها بمكوثه في البيت.
احذري النصائح
وعلى الزوجة الذكية بدلا من أن تستخدم أولادها لتسول بقاء زوجها معها, أن توصيهم بحسن التعامل مع والدهم , وبتدليله وبتذكيره بأنهم يحبون بقائه معهم, علي أن يفعلوا ذلك بعيدا عنها, حتي لا تبدو في صورة المحرضة المباشرة, وعليها إقناعهم بأن يفعلوا ذلك ليسعدوا والدهم الذي يحبهم ويعمل من أجل تحسين مستوي معيشتهم.
كذلك عليها أن تستبدل الاحساس بالتعاسة لعدم رغبة زوجها بالتنزه معها ومع أولادها, بالشعور بالاستقلالية وبأنها قادرة علي امتاع نفسها بالسبل المشروعة بالطبع وأن تسعد بأن لها الفرصة الكاملة لاختيار أماكن التنزه والعودة بلا قيود, وأن تستمتع بذلك ولا تنسى الاتصال هاتفيا بزوجها أثناء التنزه لا لتشكو له ولكن لتخبره بود حقيقي وليس مفتعلا بأنها والأبناء يمضون وقتا لطيفا وأنهم كانوا يتمنون مشاركته لهم ليسعد مثلهم, وتدع الأبناء يحدثونه وبذا تحقق أكثر من استفادة في الوقت نفسه, فهي تخبره بأسلوب غير مباشر أنهم قادرين على السعادة من دونه, وأنهم يتذكرونه وهم سعداء بل ويتمنون له الفرح أيضاً.
وفي ذلك تنمية لمشاعر الود بين الزوج وكل من الزوجة والأبناء أيضا.. مع اهتمام الزوجة بتنمية علاقاتها مع الأبناء والأهل والصديقات وشغل أوقات فراغها بما يفيدها ويمتعها.. من هوايات لطيفة ومفيدة تسعدها ويقلل من تأثير افتقادها لزوجها.
ومتى فعلت الزوجة ذلك استراحت كثيرا وخففت من أعبائها النفسية وطرحت عنها التفكير السلبي, الذي المسه بوضوح في كلمات الزوجات من قبيل : زوجي يهرب مني لأنه لا يحبني, زوجي يعتبرني كماً مهملاً أنه لا يقدر تضحياتي من أجله..
والزوجة الذكية وحدها هي التي تدرك أن رعايتها لأسرتها ليست من قبيل التضحيات التي تريد أن تتلقي أجرا عليها, وأن هذه هي رسالتها الحقيقية في الحياة , حتي وإن كانت امرأة عاملة وناجحة في مجالها , فالأهم هو نجاحها مع أسرتها, أما من تريد تلقي الثمن من زوجها فهي تهبط بنفسها من مكانها كربة للبيت إلي أجيرة لدي الزوج تقوم برعايته هو وأولاده نظير قيامه بالمكوث في البيت, وكأنه قطعة غالية من الأثاث حصلت عليها ولا تريد التفريط فيها..
تواجد شكلي
زوجة استدعت كل أسلحتها لحصار الزوج داخل البيت, وقامت باستعداء أبنائه عليه وطالبت الأهل والأصدقاء بقضاء أوقات أطول داخل البيت, فقام باحضار أصدقائه للسهر معه بدلا من الخروج إليهم, وبذا تضاعف غيظ الزوجة وزادت أعباءها لقيامها بواجبات الضيافة كما انجذب بعض ابنائها لأصدقاء الأب مما جعل ضيقها يتنامي..
وزوجة أخري استجاب زوجها لالحاحها بالمكوث كثيرا داخل المنزل, فصارت تقول: في البداية كان يلقي إلينا بالتعليمات الكثيرة حول اتفه الأمور, ولما لم يجد استجابة, انصرف تماما إلي كل من القنوات الفضائية والإنترنت حيث يقضي ساعات طويلة أمامهما , ليستمع إلي البرامج المختلفة. وعندما صرخت فيه أطالبه بالحديث معي, قال لي بهدوء غريب: ألم تحصلي علي ما أردته وكثفت تواجدي داخل المنزل. ووجدتني اترحم علي الأيام الماضية, فلا شك أن وجود الرجل خارج المنزل أقل وطأة من انشغاله عن زوجته وابنائه رغم تواجده الشكلي معهم وانصرافه الحقيقي عنهم..
ولكي تنجح الزوجة في كسب صداقة زوجها عليها أن تكف عن محاولة جعله نسخة مكررة منها, حيث تحاول الكثير من الزوجات أن تقوم بتغيير الزوج ليتعامل معها كما تريد من كل النواحي العاطفية والحياتية وتنسى أنه مخلوق آخر وكائن مستقل, وأن الاختلاف بينهما أمر طبيعي وصحي ويقود إلي حياة ثرية ومتعددة الجوانب إن فطنت إلي احترام الاختلاف وزيادة نقاط الالتقاء بينهما والكف عن انتقاده أو توبيخه فضلا عن التعامل معه وكأنه لا يستطيع أن يدبر أموره في الحياة وحده, فتمطره بوابل من النصائح وسيل المحاضرات.
ولتفوز الزوجة بصداقة زوجها عليها أن تعامله مثلما تعامل صديقتها المقربة, فهي لا تطالبها بأن تكون معها طوال الوقت , بل تقنع ببعض من الوقت علي أن يكون لطيفا ومفيدا ومحققا لبعض اشباعاتها وليس جميعها, وأن تلتمس له الأعذار, كما تفعل مع صديقتها وألا تعامله من منطق الملكية.
وأن تبدي له الود اللطيف من آن لآخر وأن تهتم بشئونه ولا تضيق بها, وأن تحسن اختيار كلماتها معه فتجعلها معبرة عن الحب وأن تذكره بالرعاية بصحته وبمواعيده وكيفية تناول طعامه وأن تفرح لانتصار الفريق الذي يشجعه في الكرة وأن تهتم بقراءاته الأدبية أو السياسية, وأن ترحب بأهله وبأصدقائه وتسمح له بالحديث عنهم بسعة صدر وبابتسامة دافئة, وبالتدريج ستنمو بينهما أواصر الصداقة مما يزيد من فرص سعادة الزوجة..
وللرجال رأي
وفي استطلاع لآراء الأزواج في الأسباب الحقيقية لهروبهم من البيت, فأجابوا بحرية بعد أن حصلوا علي مواثيق بعدم ذكر اسمائهم , وفيما يلي أهم ما ذكروه:
الزوجة النكدية التي تطيل الحديث عن المشكلات من أهم أسباب هروب الزوج, وتساويها في المكانة الزوجة التي تثرثر في أمور لا تهم الزوج مثل تفاصيل قضائها ليومها أو أخبار صديقاتها أو الاسهاب في ذكر أي أمر, فالرجل يحب الاختصار ويركز فقط في الأمور التي تهمه وتهم أسرته بصورة مباشرة..
كما أكد الرجال هربهم من الزوجة المتطلعة باستمرار إلي ما تمتلكه الأخريات, والتي تشعر الزوج دائما بعجزه عن تلبية متطلباتها, مهما فعل, فيحس بالضيق من صحبتها ويتعلل بشتي الحجج ليتخلص من التواجد معها, كما هتف بذلك الكثيرون..
وصرح عدد من الأزواج أنهم لا يحبون التنزه مع الزوجة التي ترتدي ملابس غير محتشمة ولا الزوجة التي تخاصم الأناقة أو التي تتسم بالبدانة المفرطة, وكذلك صاحبة الصوت العالي , وكذلك التي تنتقد زوجها أمام الآخرين أو تسرد تفاصيل حياتهم الأسرية أمامهم..
وحول عدم تفضيل الأزواج قضاء أوقات طويلة مع أهل الزوجة , قالوا أن ذلك قد يكون بسبب أنهم يتعاملون معه بجفاء أو لأنهم ودودين بصورة مبالغ فيها مما يثير ريبة الزوج فضلا عن قيام الزوجة باخبار أهلها بمشاكلها مع الزوج لذا يتهرب الأخير من قضاء أوقات معهم حتي يغلق الباب أمام إمكانية مفاتحته في أموره الشخصية التي يفضل جميع الرجال أن تظل مشاكله الأسرية بينه وبين زوجته لا أن تصبح أمرا مشاعا مع أهل الزوجة..
لذا يرى الأزواج الاكتفاء بزيارة أهل الزوجة في المناسبات الرسمية فقط وأن الأولوية في نظرهم في قضاء الأوقات الأخري أما مع أصدقائهم أو مع أسرهم حيث يتمتعون بالصحبة الأفضل وبالتلقائية في التعامل وبعدم وجود تحفظات مسبقة وهي التي تلقي القيود علي الزوج فتبعده عن أهل الزوجة..