Osama
04-16-2005, 09:38 AM
حزب «تبقى الحال كما هي عليه»
كتب محمد حنفي
يعشق بعض الناس التغيير، ولا يتصورون حياتهم تسير على وتيرة واحدة، فهم لا يكررون السفر إلى بلد واحد مرتين، ويغيرون هواتفهم المحمولة عدة مرات في السنة الواحدة، ونغماتها عدة مرات في اليوم وينتقلون من بيت إلى آخر كل فترة.. بينما نجد آخرين من أعدى أعداء التغيير حيث تسير حياتهم على وتيرة واحدة فهم إن قرروا السفر سافروا الى البلد نفسه الذي سافروا اليه من قبل ولا يفكرون مجرد التفكير في تغيير مقر معيشتهم تحت أي ظرف ويتمسكون بالسيارة القديمة والهاتف الذي اشتروه منذ عدة سنوات. فما الذي يجعل البعض يذوب عشقا في التغيير ويجعل البعض الأخر من أعدى أعدائه؟
يقول فيصل السعد (متقاعد) وهو من أنصار عدم التغيير:
الإنسان بطبعه يحب الاستقرار، فلماذا وجع الدماغ؟ فالتغيير يجب أن يكون في أضيق الحدود وفي حالة الضرورة القصوى، فإذا كنت اسكن في بيت مريح، وسعيداً في عملي، فلماذا ألجا إلى التغيير؟ ثم إن التغيير يعني بالنسبة إليّ المجهول، وما أعرفه أفضل مما لا أعرفه وبالطبع هناك قلة تحب أن تخوض هذه التجربة، لكن اعتقد أن الغالبية العظمى من الناس تحب الاستقرار وعدم التغيير.
بينما يقول مشاري البلوشي (صاحب محل هواتف) إن التغيير يكسر الروتين، ويضفي على الحياة نوعا من التجديد، وهو يضرب مثالا بزبائن الهواتف المحمولة في محله فيقول:
الذي يريد أن يعرف كيف يعشق الكثيرون التغيير عليه أن يلقي نظرة عابرة على محلات الهواتف المحمولة، حيث سيكتشف هوس الكثيرين بتغيير هواتفهم المحمولة واعرف زبائن يغيّرون الهواتف كل عدة شهور بل ان البعض يغير هاتفه شهريا. وأنا استغرب أحيانا تغيير البعض هاتفه كل شهر، وأسال عن السبب فلا أجد سوى حب التغيير والتجديد. لكن ما ألاحظه أن عشاق التغيير هم من الشباب صغار السن وهم يغيرون حتى نغمات هواتفهم كل يوم. أما كبار السن فنادرا ما يغيرون هواتفهم إلا في حالة الضرورة، كأن يصاب الهاتف بعطل لا يمكن إصلاحه أو أن تكون تكاليف إصلاحه كبيرة. وأكاد أشعر بحزن هؤلاء على الهاتف القديم.
وترى هدى أسامة (مدرسة) أن كل شيء يزيد عن معدله الطبيعي يسبب المتاعب، فالتغيير مطلوب لكن ليس كل يوم أو في كل الأشياء. وهي عانت من هذا الأمر حيث تعمل في مدرسة بالجهراء بينما تسكن مع أسرتها في منطقة الفروانية وعلى رغم إلحاح زوجها عليها بالانتقال إلى سكن قريب إلا أنها رفضت تغيير مسكنها لأنها ترتبط بصداقة قوية مع جارة لها في العمارة نفسها فالسكن الجديد يعني المجهول.
لا لتغيير زوبة
أما سعيد علي (محاسب) فهو يمتلك سيارة ماركة تويوتا 1982 يطلق عليها «زوبة» تدليلا وهو يرفض تغييرها على رغم إلحاح أولاده عليه بالتخلي عنها وشراء أخرى، وقد أضطر أخيرا الى شراء واحدة حديثة لزوجته لكنه رفض التخلي عن سيارته القديمة. ويقول عن السبب:
اشعر بأن علاقة حب تربطني بهذه السيارة ثم أنني أتفاءل بها ولا أتخيل أنني أفكر في بيعها أو استبدالها. في مصر نقول أن السيارة مثل الزوجة وما دمت لا أريد أن أخون زوجتي أو اتزوج عليها فأرفض في الوقت نفسه خيانة «زوبة».
ويشير طارق البشري (مدير مكتب للسفريات) إلى أن طريقة السفر ووجهته تحددان رؤية الأشخاص الى التغيير، فالذين يحبون التغيير من النادر أن يسافروا إلى دولة واحدة أكثر من مرة ولو فعلوا يطلبون تغيير برنامج السفر والإقامة، بل ان بعض هؤلاء يعشقون الترانزيت حيث ينزلون في أكثر من دولة في الطريق الى البلد الذي يقضون فيه عطلاتهم بينما يفضل من يكرهون التغيير السفر إلى البلد نفسه الذي سافروا إليه بل لا يغيرون طريقة أو موعد السفر.
التغيير متعة وألم
د. علي عسكر الاستشاري النفسي يقول:
ان التغيير شيء فطري في النفس البشرية، فكل الأشياء حولنا تتغير والعبارة الشهيرة تقول: «دوام الحال من المحال»، ولنا أن نتصور لو ظل الإنسان منا يتناول طعاما واحدا طوال الوقت، بالطبع فسيصاب بالملل. والبعض يستمتع بالتغيير الذي يمارسه في حياته بينما يتعامل البعض معه بنوع من الألم كما أن هناك من يجد في الروتين متعة تعادل متعة التغيير.
وفي موضوع التغيير لا بد من أن نفرق بين نوعين من التغيير، الأول يتعلق بالأشياء المادية، والثاني يتعلق بالسلوك الذي نمارسه في حياتنا وفي كل نوع سنجد أناساً مع أو ضد التغيير. فبالنسبة إلى الماديات نجد أن التغيير يتوقف على المستوى المادي، فالإنسان الميسور ماديا أكثر اتجاها نحو التغيير، فهو يغير بيته أو سيارته أو هاتفه لأن مستواه المادي يوفر له ذلك، وبالطبع هناك من يرفض التغيير على رغم انتمائه إلى هذا المستوى المادي المرتفع، بينما نجد أن الإنسان المحدود الدخل قد يحب التغيير لكن المستوى المادي لا يسعفه، فهو لا يستطيع أن يغير مسكنه أو هاتفه أو سيارته لأن في ذلك أعباء مادية لا طاقة له بها وإن كانت الرغبة في التغيير ملحة وجارفة، فهذا الشخص ذو الدخل المحدود سيقوم بابتكار أدوات للتغيير تناسب دخله المادي فمثلا نجده بدلا من شراء هاتف جديد يقوم بتغيير هاتفه كل فترة بآخر مستعمل.
ممكن ولكن
أما بالنسبة الى تغيير السلوك الذي نمارسه في حياتنا، فيشير د. عسكر إلى نوعين من الناس:
الأول يسعى وراء التغيير سواء في علاقاته الاجتماعية أو في عمله أو أفكاره، وهؤلاء يتمتعون عادة بروح المغامرة والإبداع ولديهم الثقة بالنفس، ولذا نرى أن هؤلاء يحققون النجاح ويصلون إلى مراكز مرموقة.
بينما النوع الثاني ينتمي إليه أولئك الذين يرفضون التغيير ويفضلون بقاء الحال كما هي عليه، وهؤلاء لديهم نوع من الجمود والصلابة في التفكير أو في علاقاتهم مع الآخرين كما أن معظم امكانات هؤلاء محدودة وكذلك ثقتهم بأنفسهم، هؤلاء لا يكرهون التغيير فقط وإنما يمكن أن يكونوا من أعداء التغيير أيضا، لأن الأوضاع المستقرة الحالية تشعرهم بالأمان.
وهناك أسباب يمكن أن تكون السبب وراء كراهية البعض للتغيير فقد يكون وراء هذه الكراهية تربية صارمة، ولا ننسى دور التعليم في مجتمعاتنا العربية الذي لا يغرس في نفوس الطلاب الإبداع والتجديد والأفكار المتجددة، ولا يدربهم نفسيا وعلميا على التغيير فينشأ الطالب رافضاً كل جديد كما أن الأوضاع السياسية والاجتماعية التي نعيشها في المجتمع تؤثر في تقبلنا للتغيير أو رفضنا له، وتنعكس على رؤية الأفراد له فالنظام السياسي عندما يكون أحادي الرؤية ويغلب عليه الجمود وعدم التغيير والمرونة، تفقد الأوضاع السياسية الناس الأمل في التغيير، ويحدث جمود في المجتمع على مستوى سلوك الأفراد. إن التغيير ممكن لكن أصعب ما في التغيير هو اتخاذ قرار التغيير وتوافر الإرادة التي تقوم به. والذين يكرهون التغيير ويرفضونه يفتقدون القرار والإرادة.
كتب محمد حنفي
يعشق بعض الناس التغيير، ولا يتصورون حياتهم تسير على وتيرة واحدة، فهم لا يكررون السفر إلى بلد واحد مرتين، ويغيرون هواتفهم المحمولة عدة مرات في السنة الواحدة، ونغماتها عدة مرات في اليوم وينتقلون من بيت إلى آخر كل فترة.. بينما نجد آخرين من أعدى أعداء التغيير حيث تسير حياتهم على وتيرة واحدة فهم إن قرروا السفر سافروا الى البلد نفسه الذي سافروا اليه من قبل ولا يفكرون مجرد التفكير في تغيير مقر معيشتهم تحت أي ظرف ويتمسكون بالسيارة القديمة والهاتف الذي اشتروه منذ عدة سنوات. فما الذي يجعل البعض يذوب عشقا في التغيير ويجعل البعض الأخر من أعدى أعدائه؟
يقول فيصل السعد (متقاعد) وهو من أنصار عدم التغيير:
الإنسان بطبعه يحب الاستقرار، فلماذا وجع الدماغ؟ فالتغيير يجب أن يكون في أضيق الحدود وفي حالة الضرورة القصوى، فإذا كنت اسكن في بيت مريح، وسعيداً في عملي، فلماذا ألجا إلى التغيير؟ ثم إن التغيير يعني بالنسبة إليّ المجهول، وما أعرفه أفضل مما لا أعرفه وبالطبع هناك قلة تحب أن تخوض هذه التجربة، لكن اعتقد أن الغالبية العظمى من الناس تحب الاستقرار وعدم التغيير.
بينما يقول مشاري البلوشي (صاحب محل هواتف) إن التغيير يكسر الروتين، ويضفي على الحياة نوعا من التجديد، وهو يضرب مثالا بزبائن الهواتف المحمولة في محله فيقول:
الذي يريد أن يعرف كيف يعشق الكثيرون التغيير عليه أن يلقي نظرة عابرة على محلات الهواتف المحمولة، حيث سيكتشف هوس الكثيرين بتغيير هواتفهم المحمولة واعرف زبائن يغيّرون الهواتف كل عدة شهور بل ان البعض يغير هاتفه شهريا. وأنا استغرب أحيانا تغيير البعض هاتفه كل شهر، وأسال عن السبب فلا أجد سوى حب التغيير والتجديد. لكن ما ألاحظه أن عشاق التغيير هم من الشباب صغار السن وهم يغيرون حتى نغمات هواتفهم كل يوم. أما كبار السن فنادرا ما يغيرون هواتفهم إلا في حالة الضرورة، كأن يصاب الهاتف بعطل لا يمكن إصلاحه أو أن تكون تكاليف إصلاحه كبيرة. وأكاد أشعر بحزن هؤلاء على الهاتف القديم.
وترى هدى أسامة (مدرسة) أن كل شيء يزيد عن معدله الطبيعي يسبب المتاعب، فالتغيير مطلوب لكن ليس كل يوم أو في كل الأشياء. وهي عانت من هذا الأمر حيث تعمل في مدرسة بالجهراء بينما تسكن مع أسرتها في منطقة الفروانية وعلى رغم إلحاح زوجها عليها بالانتقال إلى سكن قريب إلا أنها رفضت تغيير مسكنها لأنها ترتبط بصداقة قوية مع جارة لها في العمارة نفسها فالسكن الجديد يعني المجهول.
لا لتغيير زوبة
أما سعيد علي (محاسب) فهو يمتلك سيارة ماركة تويوتا 1982 يطلق عليها «زوبة» تدليلا وهو يرفض تغييرها على رغم إلحاح أولاده عليه بالتخلي عنها وشراء أخرى، وقد أضطر أخيرا الى شراء واحدة حديثة لزوجته لكنه رفض التخلي عن سيارته القديمة. ويقول عن السبب:
اشعر بأن علاقة حب تربطني بهذه السيارة ثم أنني أتفاءل بها ولا أتخيل أنني أفكر في بيعها أو استبدالها. في مصر نقول أن السيارة مثل الزوجة وما دمت لا أريد أن أخون زوجتي أو اتزوج عليها فأرفض في الوقت نفسه خيانة «زوبة».
ويشير طارق البشري (مدير مكتب للسفريات) إلى أن طريقة السفر ووجهته تحددان رؤية الأشخاص الى التغيير، فالذين يحبون التغيير من النادر أن يسافروا إلى دولة واحدة أكثر من مرة ولو فعلوا يطلبون تغيير برنامج السفر والإقامة، بل ان بعض هؤلاء يعشقون الترانزيت حيث ينزلون في أكثر من دولة في الطريق الى البلد الذي يقضون فيه عطلاتهم بينما يفضل من يكرهون التغيير السفر إلى البلد نفسه الذي سافروا إليه بل لا يغيرون طريقة أو موعد السفر.
التغيير متعة وألم
د. علي عسكر الاستشاري النفسي يقول:
ان التغيير شيء فطري في النفس البشرية، فكل الأشياء حولنا تتغير والعبارة الشهيرة تقول: «دوام الحال من المحال»، ولنا أن نتصور لو ظل الإنسان منا يتناول طعاما واحدا طوال الوقت، بالطبع فسيصاب بالملل. والبعض يستمتع بالتغيير الذي يمارسه في حياته بينما يتعامل البعض معه بنوع من الألم كما أن هناك من يجد في الروتين متعة تعادل متعة التغيير.
وفي موضوع التغيير لا بد من أن نفرق بين نوعين من التغيير، الأول يتعلق بالأشياء المادية، والثاني يتعلق بالسلوك الذي نمارسه في حياتنا وفي كل نوع سنجد أناساً مع أو ضد التغيير. فبالنسبة إلى الماديات نجد أن التغيير يتوقف على المستوى المادي، فالإنسان الميسور ماديا أكثر اتجاها نحو التغيير، فهو يغير بيته أو سيارته أو هاتفه لأن مستواه المادي يوفر له ذلك، وبالطبع هناك من يرفض التغيير على رغم انتمائه إلى هذا المستوى المادي المرتفع، بينما نجد أن الإنسان المحدود الدخل قد يحب التغيير لكن المستوى المادي لا يسعفه، فهو لا يستطيع أن يغير مسكنه أو هاتفه أو سيارته لأن في ذلك أعباء مادية لا طاقة له بها وإن كانت الرغبة في التغيير ملحة وجارفة، فهذا الشخص ذو الدخل المحدود سيقوم بابتكار أدوات للتغيير تناسب دخله المادي فمثلا نجده بدلا من شراء هاتف جديد يقوم بتغيير هاتفه كل فترة بآخر مستعمل.
ممكن ولكن
أما بالنسبة الى تغيير السلوك الذي نمارسه في حياتنا، فيشير د. عسكر إلى نوعين من الناس:
الأول يسعى وراء التغيير سواء في علاقاته الاجتماعية أو في عمله أو أفكاره، وهؤلاء يتمتعون عادة بروح المغامرة والإبداع ولديهم الثقة بالنفس، ولذا نرى أن هؤلاء يحققون النجاح ويصلون إلى مراكز مرموقة.
بينما النوع الثاني ينتمي إليه أولئك الذين يرفضون التغيير ويفضلون بقاء الحال كما هي عليه، وهؤلاء لديهم نوع من الجمود والصلابة في التفكير أو في علاقاتهم مع الآخرين كما أن معظم امكانات هؤلاء محدودة وكذلك ثقتهم بأنفسهم، هؤلاء لا يكرهون التغيير فقط وإنما يمكن أن يكونوا من أعداء التغيير أيضا، لأن الأوضاع المستقرة الحالية تشعرهم بالأمان.
وهناك أسباب يمكن أن تكون السبب وراء كراهية البعض للتغيير فقد يكون وراء هذه الكراهية تربية صارمة، ولا ننسى دور التعليم في مجتمعاتنا العربية الذي لا يغرس في نفوس الطلاب الإبداع والتجديد والأفكار المتجددة، ولا يدربهم نفسيا وعلميا على التغيير فينشأ الطالب رافضاً كل جديد كما أن الأوضاع السياسية والاجتماعية التي نعيشها في المجتمع تؤثر في تقبلنا للتغيير أو رفضنا له، وتنعكس على رؤية الأفراد له فالنظام السياسي عندما يكون أحادي الرؤية ويغلب عليه الجمود وعدم التغيير والمرونة، تفقد الأوضاع السياسية الناس الأمل في التغيير، ويحدث جمود في المجتمع على مستوى سلوك الأفراد. إن التغيير ممكن لكن أصعب ما في التغيير هو اتخاذ قرار التغيير وتوافر الإرادة التي تقوم به. والذين يكرهون التغيير ويرفضونه يفتقدون القرار والإرادة.