المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولله في خلقه شؤون



السيد مهدي
04-15-2005, 06:11 PM
ولله في خلقه شؤون

سُئٍِل الإمام علي(ع)، هذالسؤال:كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم؟

فأجاب الإمام(ع): كما يرزقهم على كثرتهم.

لنتوقف عند السؤال والجواب بعض الوقت.

السؤال إلذي وجه إلى الإمام(ع)، كان من مؤمن بمطلق، له الهيمنة على مسارالكون ومافيه، وبموعدإخروي فيه حساب وجزاء، خصصه المهيمن الجبارالرحيم لخلقه، في يوم البعث والقيامة. وهذاالإيمان بالخالق المطلق ويومه الحسابي الجزائي، ينفي عن الوجود والكون صفة العبث والصدفة !! فيمانراه ونحسه في الطبيعة.

لكن السائل الذي طرح السؤال، ورغم إيمانه بالخالق وحسابه وجزائه، لم يستوعب فهمه وإدراكه، كيف سيكون الحساب والمقاضاة على الصغيرة والكبيرة في حياة كل فرد مخلوق بشري!! وهم بهذه الكثرة الكاثرة التي تفوق حد التصورالبشري، في عددها وتقلب حياتهاعلى مرالدهوروالسنين، التي لايعلم أمدها وبدايتها، ولامآل نهايتها، إلا موجدها وخالقها!!!

ومحدودية تفكيرالإنسان وإدراكه، في إستيعاب مايفوق فهمه وإدراكه!! لاتعالج إلا بجواب بسيط محسوس ملموس يتماشى مع إمكانياته في الفهم والوصول للقناعة.

فجواب الإمام(ع) فيه من البلاغة والواقعية والإدراك الظرفي، مايبهرويغني!! كيف إن الرسالة، بإعتبارإئمتنا المعصومين!! هم أمناؤها ولسانهاالناطق، ورغم إستيعابها، لكل شئ يحتاجه الخلق!! تتناغم وتتوافق مع الواقع الذي يعيشه الناس، فيجيئ الجواب متطابقا مع سؤال السائل، وبالشكل الذي يحقق إستيعابه وفهمه!!!

جواب الإمام يشيرإلى أكثرمن معنى ومن جملة مايشيرله هو، إن الحساب مرتبط بالعمل مثل الرزق، فهل هناك رزق يأتي من غيرعمل؟؟ يعني من دون عناء ومشقة؟ نعم عن طريق السرقة لكنها مجازفة وقتيه! وأيضا عن طريق هدية أيضا وقتية، وأيضا بالعثور على لقى مرمية، وهي أيضا وقتية!!!

لكن الواقع العملي يقول من زرع حصد، ومن جد وجد!! هذاهوواقع الحال، وهومايغني الإنسان السوي ومايشجعه التصورالديني على ذلك، بإن العمل نوع من أنواع الجهاد والعبادة!!

ليس المؤمن وحده من يسعفه إيمانه بالتصورالذي يشبع وجدانه وقناعته في وجود قوة حكيمة مدبرةعاقلة تتصرف في شؤون الخلق وتصريف أموره!! بل كل إنسان سوي عاقل مفكر،يحاول فهم مايدورحوله من حقائق ملموسة محسوسة، سوف يصل في النهاية إلى ماوصل له ذلك المؤمن بالرسالة الخاتمة لرسالات السماء.

فعندما تثمرالشجرة، بفاكهة ذات رائحة عبقة طيبة يستسيغهاالعاقل من البشر، فينجذب إليها ليجد في طعمها مذاقا حلواطازجا، يقربه أكثرمن تلك الأثمارالطيبة المذاق والتي تشبع جوع الإنسان وتسد حاجته للطعام الضروري لعيشه. يحس هذاالمتذوق بوجدانه ومشاعره بإن هناك حكمة، من وجود ونماء تلك الثمرة الطيبة التي سدت عنده نقصامتمثلا بالجوع، وأراحت نهمه وحاجته للطعام!! وفي نفس الوقت يشعربإن وجوده الكائن المفكر، والذي تحسس وشعربذلك الجمال المتمثل، بالتناسق الشائع في الطبيعة، بحد ذاته مدعاة للطاعة والخضوع والأذعان بإن يداحكمية فنانة مقدرة، وراء كل ذلك!!!.

هكذا يترائ المشهد له، محتاج يبحث عن حاجة!! ويجد تلك الحاجة، وقد هَيئت بأجمل صورة وأزكى مذاقا، يشبع حاجته ليبعث في نفسه الطمأنينة والقناعة لتترائ له الحقيقة وجدانيا، بإن هناك قصد وغاية من كل ذلك التناسق المتوفرأمامه في ظرف عيشه.

وللموضوع بقية:

لا يوجد
04-22-2005, 08:39 PM
بحث جيد ، والإنسان بشكل عام هو نتيجة عمله وجهده وتفكيره

ولكن فى ضوء نظرية التدافع والتزاحم يُظلم الكثيرون ويتم إستبعاد الضعيف بالرغم من فائدته وكفاءته
فكيف يرى الأخ سيد مهدي معالجة مثل هذا الموقف ؟

هل يرضخ الضعيف للواقع ويبتعد عن مجاله بسبب مزاحمة الأقوياء له ؟

أم ينتظر الزمن ليصلح له ما قد فسد ؟

السيد مهدي
04-22-2005, 10:55 PM
بحث جيد ، والإنسان بشكل عام هو نتيجة عمله وجهده وتفكيره

ولكن فى ضوء نظرية التدافع والتزاحم يُظلم الكثيرون ويتم إستبعاد الضعيف بالرغم من فائدته وكفاءته
فكيف يرى الأخ سيد مهدي معالجة مثل هذا الموقف ؟

هل يرضخ الضعيف للواقع ويبتعد عن مجاله بسبب مزاحمة الأقوياء له ؟

أم ينتظر الزمن ليصلح له ما قد فسد ؟

مولاي الكريم لايوجد: عنده شر، بل كله خيرإن شاء الله، شكرالتفاعلك مع الموضوع.

لكن الموضوع أخي العزيز، لم يستوف حقه من البحث بعد! ولازلنا في بداياته، ليس السيد مهدي مولاي من يرى ويقترح بل وينظرلمعالجة مثل هكذاواقع!! وليس نظرية كماأسميتها، بل كتاب الله يشيرلها، وكماجاء في القرآن الكريم كمافي ألآية:

(1) سورة البقرة - سورة 2 - آية 251

فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت واتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين.

كلنا باحثين في كتاب الله وأمورديننا لنستجلي مكامن درره وعظيم كشوفاته في فهم الحياة وأسرارهاكماأودعهاالله في كتابه الكريم وشريعته الغراء.

فتابع معي أخي الكريم بارك الله بك.

نتابع الموضوع:

ومثال آخر، في مولودجديد يقدم للوجود، فتضعه أمه وهي عاجزة ضعيفة لتبحث عما يقويهاويبعث عندها النشاط، ولكن في نفس الوقت، نرى بإن هذاالمخلوق الجديد الضعيف المحتاج لكل شئ، قدولد، وولد معه رزقه من غذاء يتمثل في لبن أمه، ليواصل المولودالجديد عيشه!!!

والى آخره، من مئات بل الآف الأمثلة التي نراها ونتحسسها حوالينا في الطبيعة، لتجبرنا بالرضوخ والإقرار

حسنا، وجدانيا إقتنعنابإن هناك هدفا وقصداممانراه ونحسه في عالم الواقع والطبيعة. ومادام هناك قصدوهدف في عالم الواقع، ونفياللعبث. هذاالنفي للعبث يعني كل شئ يسيروفق قانون ونظام. وقد أكتشف الإنسان في مسيرته الحياتية الطويلة، ونمومعارفه العقلية العلمية ، كليات النظام الكوني وكيفية عملهاوسيرها وطرق ترابطها ببعضها.

وجود الماء في بقعة من الأرض، مع شمس مشرقة، يعني حياة( وجعلنامن الماء كل شئ حيا) ونمولنبات، وإنتشارلحيوان وإنسان، وتجمع للسكان. فعلاقات زواج وإنجاب، وخلفة في ذرية، وبروز لعلاقات إنسانية، وتكوين دول وممالك، ولاحقاإختلاف ومطامع، وصراع مصالح، فنشوء معارك بين الدول ومهالك!!! ومن ثم خلق مآسي وفجائع في جانب!!! ونشوة إنتصار ومنافع!!! في الجانب الآخر، وهلم جرى.

وهكذا سارت وتسيرالحياة على وجه الأرض منذ أن خلق الله الخلق ويسر، وإلى ماشاء وقدر!!!!!

من يؤمن يستيقن، ومن يستيقن يتفهم الحياة بشكل معين!! وهذاالتعيين تحدده الرسالة التي آمن بهاالمؤمن!!
فالمؤمن بقيم الإسلام ومبادئه، يتفهم حياته الدنيوية، كمقدمة لحياة أخروية. بمعنى في التصورالإسلامي، الدنيا دارممر، وليست دارمقر!! و(المؤمن هومن يأخذ من دارممره لدار مقره)!! كمايعبرالحديث الشريف.

كيف؟؟؟؟

هناك مؤمن هادف، وهناك منافق خايف!!

المؤمن الهادف،يعي جيدا معنى الحياة، والهدف من حياته، ليجعل من قيم الدين معالم في طريقه، فتصطبغ حياته الدنيوية بها، يعني بالمثل والمعنويات. فعملياهويأكل ليعيش، لا يعيش ليأكل (نحن قوم لانأكل حتى نجوع وإذاأكلنالانشبع) كما يعبرالحديث النبوي الشريف. ويقبل بدون كلل وملل، شظف العيش وكل بلاء يبتلى به في هذه الدنيا، كقدرمحتوم وقضاء مرسوم، أملا بالجزاء المعلوم في الآخرة، بل وأحيانا، يقدم على حرمان نفسه من بعض المتع والمباهج مواساة لغيره، طبعا بدون رهبنة، وكما تعبرالآية الكريمة( قل من حرم زينة الله والطيبات من الرزق.....).

المهم الهدف هو، قبول الحياة والعيش فيهاكعبادة وطاعة لله، بمعنى عليك أن تعيش حياتك طاعة لله، إذن فلامعنى لأنتحار وترك للحياة!!!أوالخروج عليها،وعلى قوانينها. فمثلا من قوانين الحياة قانون الإقتران فالزواج بين الذكروالأنثى فالخلفة، والخروج على قوانينها، بتعطيل هذاالقانون، بإيقافه تحت أي مسمى كان مثل الرهبنة بعدم الزواج أوالشذوذالجنسي بدعوى الحرية في إختيارالجنس، كله مرفوض شرعيا، وخروج على المسارالطبيعي للكون.

في الجانب الآخر، هناك الغيرملتزم بالدين، وأيضاالملتزم نفاقا وتورية!!! وكلاهما خائفين!!!

عادة الخائف، هوالمتردد، ومن كان يحمل صفة الإنانية في طبعه، لذلك قلماتظهرصفة الكرم والإيثار والتضحية عليه!! لذلك كان تعامله دائما لمصلحة ولهدف الكسب وإحرازالغلبة، على من يتعامل معهم، فهو قلق وذوهدفه قريب وآني!! لذلك فهوخايف على نفسه ودائم التفكيربها!!!!!! بعكس المؤمن الذي يفكربالبعيد ولايتوقع الكسب الآني القريب!! فهوغيرقلق من خسارة تلحق به مادام يؤمن بإن كل ذلك محفوظ له في الدارالآخرة. لذلك كان أبعد عن الخوف، من أن يلحق به ضيم أوحيف!!!

أماالملتزم نفاقا وتورية، فهوأسوأ من غيرالملتزم!! لكونه يخاف أكثر، ومرعوب من تركه للدين!! وإن كان إيمانه قدجاء لمصلحة، وتغطية على مآربه الدنيوية التي يشتريهابالدين والتظاهربالإلتزام به.

وللموضوع بقية:

السيد مهدي
04-28-2005, 01:13 AM
نتابع الموضوع:

عندمايقبل الإنسان المؤمن على الحياة بهذه الروحية والتوجه والإستعداد، يكون إيجابيا، بكل ماتعني الكلمة من معنى، فلا معنى للخوف والقلق عندالإنسان المؤمن، بل ثقة وثبات وعزيمة وبشروإستبشار، بـتأدية واجب إلهي في إستخلاف الأرض والعمل على أن يكون الأداء على أفضل وجه ممكن.

إقرأ وصف المؤمن في حديث الإمام علي(ع):

بشره في وجهه = يعني دائما هاشا باشا، لكل من يقع نظره عليه.

فمابودك أن ترى! محياصبوحامسرورا، أم وجهاعبوسا قمطريرا؟؟ ولهذاالمحياالباسم الحالم، تتوقع إرتياحا وغبطة وبسمة مقابلة لكل من يلاقيه!!!

وحزنه في قلبه = يعني نعم هومحزون مهموم، لكونه صاح واع لمايدورحوله، وقد أحزنه ظلم غادر وقع هنا، وحكم جائرصقع هناك، ليحزن هذاالمؤمن المهتم بمايدورويجري حوله!!!! لكن شكوى هذاالمؤمن ليس للناس حواليه بل لله ولله وحده، و(الشكوى لغيرالله مذلة)، كماتقول الحكمة.

فالخيرمنه مأمول = الله أكبر، الله أكبر، هكذاهوإنطباع الناس عن المؤمن!! والعبارة تشرح نفسها.

والشرمنه ممحول = ياسلام وألف سلام، للصفاء والوئام الذي يطبعه المؤمن في نفوس الناس!!

ويستمرمسلسل الأوصاف الرحمانية الخيرة التي نراهاونلمسها في من كان الإيمان دينه والحنان ديدنه!!

أماالمنافق الخايف، فحدث ولاحرج، وبكل مايخالف مابأعلاه إندرج!!!

ومادامت الأمورهكذاهي خيرة نظرة ومحبرة بألوان الأبداعي الإلهي، وماأخفته الطبيعة من حقائق ذلك الإبداع!! إذن لماذا تحصل أمورأ لانفهم لهاغاية، ولانرى لهانهاية، رغم تقدم العلم والمعرفة، وكل ماوهب الله الإنسان، من وعي وإدراك لحقائق الحياة؟؟

مثال: عائلة سعيدة، وعلى رأسهاأب مؤمن مواظب على تأدية كل واجباته الدينية والدنيوية، فهو حنون عطوف، وعنده عمل ناجح يكفيه لعيشه وعيشة عائلته عيشة ميسرة راضية، بل ويتعداه إلى المحتاجين، ليغدق عليهم بعطاياه الجزيلة، وإحساناته الغيرقليلة.!!

وفجأة ينتكس عمل ذلك المؤمن!! بطارئ غير متوقع، ليوقع العائلة وكل من كان ينهل من حماهاوخيمتها الظليلة الوارفة، بإختبارعسيرمن الصعاب وشقاء العذاب، فيرحل الجامع للشمل العائلي إلى مثواه الأخير وتتفرق العائلة ويشقى من يشقى ويحزن من يحزن لينقلب السروروالحبورالذي كان يعم ويلف العائلة المؤمنة إلى دموع ساخنة يذرفهاكل من يتذكرتلك الأيام السعيدة الخوالي، وماتلاها من أحزان شديدة توالي، ليبكي شاعرها كما بكى معبرا، شاعرأهل البيت دعبل الخزاعي في تائيته البكائية الخالدة ومرثيته الفريدة، التي شرحت مظلومية آل بيت الرسول(ص).

وأين الأؤلى شطت بهم غربة النوى.............أفانين في الأفاق مفترقات؟

وتتعدد الإمثلة وتتنوع في عالم الحياة، وعلى أكثرمن مستوى، وفي أكثرمن مجال، لتختلط الضحكات والشموع، باللعنات والدموع، والخير والرفاه، بالشر والعناء!!

وللموضوع بقية:

السيد مهدي
05-21-2005, 04:42 AM
نتابع الموضوع:

وهنايتساءل المراقب والمتدبر، في شؤون الكون ومايحدث فيه من تزاحم وتخاصم، وحب وصفاء إلى صخب وعناء. ماهوالسرفي كل ذلك؟؟ وإلى إين وكيف تسيرعجلة الحياة؟؟

الجواب جاهزومهيئ عند المؤمن بخالق مدبرللكون!! بعكس الملحد الذي لايعرف إلى أين هويسير؟؟ وماهو المصير؟؟ فالمؤمن عارف ويدري!! والملحد هايف ليعرف، ولايدري!!

يعني هنانحن أمام جوابين:

جواب الواثق الصادق، وهوللمؤمن الحاذق، في فهمه المعنوي للحياة، وإحساسه الخلقي بها!!

وجواب الخاسرالبائر، وهو للملحد الحائر، والذي لايفهم من الحياة إلا الصراع من أجلها، والتشبث بزخرفها.

جواب المؤمن جاهز، نحن مأمورين بالطاعة والعبادة، ونقبل كل ماخبأه القدرلنا، بنفوس راضية مطمئنة
وهمة عالية واثقة، بحكمة الباري عزوجل، في تدبيرشؤون مملكته، ونحن عبيده وطوع يديه الكريمتين، لنال بذلك عفوه ورضاه.

تعال لنقرأ في كتاب الخالد هذاالنص القرآني الباهر، والبيان الروحي الماهر، في طمئنة النفس وراحتهابالأمل المفعم، بالجزاء المعنوي الذي يرسم البشروالمنى على وجهة المسلم المؤمن، والخيروالرضا بكل ماياتي في هذه الحياة ومايحصل فيها.

(ياأيتهاالنفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي).

هنا يأتي الجواب للمؤمن، على كل التساؤلات السابقة للحياة ومايجري فيها من أفراح وأحزان، وسرور وشرور، ومن كتاب الله:

ولله في خلقه شؤون!!!!!!!!!!!