المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العراق حر وليس محتلا



المهدى
04-14-2005, 07:02 AM
أحمد الجارالله


»القائم« بوابة سورية الشرقية إلى الفناء العراقي تدق الآن بأيدي العسكر الاميركيين.
المشهد غير سهل بدلالاته, خصوصا في ظرف يعاني فيه النظام السوري من العزلة, ولايجد من يتقدم إليه غير الرئيس التركي نجدت سيزر, والذي تلقى بدوره تقريعا أميركيا على هذه الزيارة.

الموضوع هنا ليس عن المحاددة العسكرية الأميركية لسورية, بل موضوع العراق ذاته الذي أرادت سورية إعطاب العملية السياسية فيه, والحد من نموه الديمقراطي, وتدمير مشروعه لبناء الدولة الحديثة.. هذا العراق, بوضعه الراهن, وبتحالفاته الدولية هو الذي يدق بوابات سورية بمعنى ما, او يطلق نحوها عواصف الحرية التي أصبحت تمثل مستقبلا لسورية وغيرها, كما قال الرئيس الأميركي بوش.

العراق تحدى الإرهاب وحاضنته السورية والإيرانية, وبدأت عمارته الهيكلية تتبدى للعيان. أصبح للعراق رئيس للجمهورية, وبرلمان منتخب وحكومة ستعلن بعد يومين, ولم يعد كلام البلابل ينفع عن العراق المحتل, وعن الاحتلال الأميركي للعراق, وعن وجود قوات أجنبية متحالفة في العراق.. الحاصل أن العراق قام, وقراره مستقل وبيد أبنائه, والأهم من كل هذا أن العراق تحرر, وعبر برزخ التغيير من نظام الشمولية البعثي الديكتاتوري, إلى النظام الديمقراطي التعددي.. تحرر العراق هذا, وتعرضه للتحولات التاريخية, لم يكن ممكنا على يد مصر, او المملكة العربية السعودية او اي دولة عربية اخرى, او ممكنا على يد العرب مجتمعين.تحرر العراق تم على يد الأميركيين وحلفائهم, وتحرير العراق كان بواسطة الآلة العسكرية الأميركية.وهؤلاء الأميركيون, اذا أردنا المناقشة, لايريدون من العراق الا أن يكون حرا وديمقراطيا, وهذا كان الهدف السياسي لحملتهم العسكرية, كونهم يعتقدون أن أمن أميركا لايمكن ضمانه الا باشاعة الانظمة الديمقراطية الحرة في الشرق الأوسط, المنطقة الوحيدة الباقية خارج الترتيب العالمي بعد انتهاء الحرب الباردة, وسقوط الاتحاد السوفياتي بكل رموزه وأنظمته التابعة.

الأميركيون اليوم ليسوا بحاجة إلى أكثر من ذلك, اي الى أكثر من خدمة أهداف نشر ثقافة الحرية والديمقراطية في العراق, ولهذا نراهم يقلصون وجودهم في البلد, ويفاخرون بأن تعداد القوة العراقية المسلحة (120 الفا) أصبح يفوق تعداد جنودهم, وباتوا يتحدثون عن الخروج من العراق فور أن تستكمل الدولة قواتها, وتقدر على ضبط الأمن بقواها الذاتية.

الأميركيون لايملكون تاريخا استعماريا, وثقافتهم تقدس قيم الحرية والديمقراطية, وقيمهم تعلي من قوة القوانين وسيادتها, فهم حين حرروا الكويت من الاحتلال الصدامي, قاموا بالمهمة وخرجوا, وكانوا قبلا قد ساهموا في هدم جدار برلين وتوحيد المانيا, وتحرير دول أوروبا الشرقية من الانظمة الشيوعية المستبدة واللاديمقراطية, ولم يطلبوا شيئا من شعوبها سوى الانعتاق ودعم أنظمتهم الجديدة, واعتناق مبدأ تداول السلطة عن طريق صندوق الانتخابات.
وربما أحسن الرئيس العراقي الجديد جلال الطالباني صنعا حين أعلن صراحة أن العراق يحكمه أبناؤه, وأن العراق بلد غير محتل, وأنه مثله مثل المانيا واليابان وقطر وغيرها من الدول التي تتواجد فيها قوات أميركية, وأن الولايات المتحدة دولة صديقة وحليفة للشعب العراقي.. الرئيس طالباني حسم بذلك سخف الاقاويل المتاجرة بالشعب العراقي بادعاء أنه شعب محتل, وبلاده محتلة, وأن المقاومة الوطنية واجب عليه.

وربما أن مايجري في مدينة القائم الآن رسالة إلى سورية وغيرها من الدول التي تعتنق هذا المفهوم الخاطئ, وربما كان انطلاقة لرياح الحرية في اتجاه الغرب السوري, حتى ننتهي من متاجرة أصحاب الاغراض المشبوهة, وننتهي من الإرهاب الذي يعطونه غير اسمه, وننتهي من هذه الاوضاع الشاذة والفاسدة التي منعت سورية وأمثالها من الاقتداء بالنموذج العراقي, وأن تتحرر بالعوامل الذاتية الشعبية, دونما حاجة لتسليح رياح الحرية بالمدافع والطائرات والاساطيل.