المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة الدواعش .... أسامة غريب



لمياء
03-03-2015, 11:55 AM
الأربعاء, 18 فبراير 2015


http://www.masralarabia.com/images/thumbs/250/cat_823.jpg
أسامة غريب


مَن يمتلك أقماراً صناعية يستطيع أن يري الصورة من علِ، و هو الأمر الذي يمكنه من رصد الخفايا التي لا يتمكن من رؤيتها عندما يجاورها بالأسفل.

نتمني أن تكون لدينا الحكمة التي تعوض غياب أجهزة الرصد الدقيقة التي نتعرف من خلالها علي تنظيم داعش، ماهيته و تمركزه، نقاط قوته و ضعفه، فضلاً عن حقيقته، و هل هو قوة حقيقية أم فيلم هندي من إنتاج أمريكا و إسرائيل؟

كان لافتاً للنظر في الخطاب الذي ألقاه السيد حسن نصر الله أمس تنويهه إلي نقطة في غاية الأهمية عندما أشار إلي أن الخليفة الداعشي أبو بكر البغدادي قد أصدر مرسوماً بتعيين والياً علي مكة و مرسوماً آخر بتسمية والٍ آخر للمدينة المنورة..تساءل نصر الله عن السبب الذي جعل حضرة الخليفة يغفل عن تعيين عامل علي ولاية القدس!..فهل سقطت القدس سهواً أم أن الاقتراب من إسرائيل أمر غير وارد في حسابات التنظيم الإرهابي الذي لا يقتل سوي العرب و المسلمين و لا يقتطع إلا من لحمهم!.

لكن يتبقي السؤال حول قوة داعش التي يزعم الأمريكان أنها فاجأتهم و التي يقرر البريطانيون أنها تحتاج لعدة سنوات قبل أن يقضوا عليها! ما هو الموضوع بالضبط..و ما هو أصل الحكاية؟. قد نفهم أن تقوم ميليشيات داعش بهزيمة الجيش السوري المفكك و أن تقوم باحتلال أراض في العراق علي أشلاء الجيش العراقي المصنوع من ورق، و قد نفهم أن يتسلل إلي ليبيا في غياب الدولة الليبية و في حضور الفوضي الضاربة أطنابها في البلد العربي الشقيق، لكن ما هي القوة الخارقة التي يملكها هذا التنظيم حتي أنها تخيف الأردن و السعودية و تركيا و إيران و تقلق الأمريكان و تقض مضجعهم و تزعج الشعب المصري كله بعد أن ذبحت واحداً و عشرين من أبنائه بدم بارد؟

عند تقليب الأمر علي كافة وجوهه أجد الموضوع غير متماسك، فميليشيات داعش لا تمتلك قوة جوية و لا أسلحة مضادة للطيران، و ليس لديها أدوات شوشرة و إعاقة إلكترونية، كما أنها لا تملك منصات صواريخ متحركة و لا تحوز دبابات حديثة، و كل الكلام عن الأسلحة التي غنمتها من الجيشين السوري و العراقي هو حديث مبالغ فيه، فالمقاتل الذي يحمل بندقية، إذا ما غنم دبابة من عدوه فإنه يستطيع أن يعرضها للتصوير كعمل دعائي مبهر لكنه لا يستطيع أن يأتي بذخيرتها و لا بأطقم جاهزة للعمل عليها!..قوات داعش إذن هي مليشيات قادمة من كل مكان تتحرك علي مدرعات و عربات جر رباعي لكنها ليست شياطين أو

أشباح، و قد كان يمكن الحديث عن صمودها في وجه الطيران الأمريكي لو أنها تتمركز تحت الأرض و تخفي نشاطها بالأسفل كما تفعل المقاومة العربية في غزة و في جنوب لبنان، لكننا هنا نتحدث عن قوات متحركة شديدة الجسارة تواجه قصفاً متواصلاً من طيران 50 دولة بزعامة أمريكا و في الوقت نفسه يتوغل جنودها في لحم الأعداء في الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب و يخوضون أشرس المعارك البرية و يحتلون أرضاً جديدة كل يوم! أي عقل يمكن أن يصدق هذا؟ إن الأفلام الهندية ذاتها لا تجسر علي تقديم هذا الهبوط الدرامي المفتعل.

في ظني أن الموضوع لا يخرج عن كونه تطبيقاً عملياً لنظرية الفوضي الخلاقة التي حدثتنا عنها الأخت كونداليزا رايس في السابق. ما يحدث هو تخطيط إسرائيلي أمريكي شديد الإتقان. هل تلاحظون أن داعش لم تسبب إزعاجاً من أي نوع لإسرائيل، و أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لا تخشي داعش و لا تتحسب لخطرها المزعوم؟


إسرائيل التي تقيم الدنيا و لا تقعدها لو أن دولة عربية علي بعد آلاف الأميال اخترعت "فلتر" لتنقية المياه تنام الآن ملء شواردها و الداعشيون لا يبتعدون كثيراً عن حدودها!.

في اعتقادي أن تنظيم داعش في مستوياته العليا هو صنيعة أمريكية بامتياز نمت و ترعرعت بتمويل عربي سخي، أما المتطوعون الذين يشكلون الوقود الذي يحترق لإقامة دولة الخلافة فهم شباب بسطاء يحملون سخطاً مستحقاً ضد الأوضاع في العالم العربي، يمتطون التنظيم كصاروخ يحملهم إلي الفردوس..إما دولة الخلافة أو الجنة و نعيمها!.

أما الأمريكان فإنهم يحلقون بطائراتهم في الأعلي يضربون قوات داعش بشكل محدود لا يقصد إلي تصفيتها، كما يضربون باقي المليشيات الإسلامية في سوريا و العراق، و ينوون البقاء علي هذا الوضع لسنوات..يفتحون الحنفية لهذا التنظيم اليوم ليغلقوها في وجهه غداً و العكس.

و بطبيعة الحال فإن هذا الوضع من شأنه أن يستنزف الإيرانيين الذين سيظلون طول الوقت علي أهبة الاستعداد لمواجهة الخطر الداعشي غير البعيد عن حدودهم، فضلاً عن الرعب الذي سيفرضونه طوال الوقت علي العرب، و كذلك تهديد الأتراك الذين يَحذرون حتي الآن من الانغماس المباشر في الصراع و يتجنبون الغوص في الرمال المتحركة..

و بهذا يأمن الإسرائيليون و يعيشون في تبات و نبات و يخلفون صبياناً و بنات يلتحقون بجيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يقترب منه الدواعش أبداً!.

أتمني أن نفهم الصورة علي حقيقتها حتي و نحن نقصف أوكار القتلة الإرهابيين، فليس هناك تعارض بين ضرب الدواعش بكل قوة و معرفة راعيهم غير الصالح!..و علينا أن ندرك أن التحالف الغربي الذي نسعي لتشكيله ليشارك في القصف معنا قد تُلقي طائراته عتاداً عسكرياً (بالخطأ) ليصل إلي أيدي الدواعش كما يفعل الأمريكان بانتظام!

http://www.masralarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/823-%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%BA%D8%B1%D9%8A%D8%A8/499319-%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%B9%D8%B4