yasmeen
04-13-2005, 08:56 AM
العندليب يحتل المرتبة الأولى في قائمة الزائرين وبعده أم كلثوم
القاهرة - السياسة
الشهرة والأضواء مدفونة في هذا المكان بعد حياة حافلة مليئة بالصخب والضجيج انها الآن تحت الثري.. الصمت والهدوء سمة مميزة للمكان.. رغم مئات البشر.. تعتبر منطقة البساتين أكثر شهرة منهم لأنها المكان الوحيد الذي استطاع أن يجمع كوكبة من المشاهير والفنانين والزعماء السياسيين مثل أم كلثوم والعندليب وليلي مراد ومحمد رضا بهلوي (شاه إيران السابق) وغيرهم من مشاهير الفن والغناء والسياسة الذين ملأوا الدنيا ولكنهم مثل كل البشر عادوا إلى التراب..
وقد تستمر الشهرة لبعضهم بعد مماتهم.
قمنا بجولة في مدافن المشاهير لتطالع خلالها ما تبقى من ذكراهم في عيون معجبيهم. ونبدأ الجولة من مدفن عبدالحليم حافظ الذي يحظي بنصيب وافر من زوار المنطقة ويتوافد إليه المعجبون المصريون والعرب والأجانب بالمئات على مدار السنة وخاصة في ذكراه السنوية في نهاية شهر مارس من كل عام, وعلى الرغم من رحيل العندليب منذ العام 1977 م, إلا أن عشاقه ومحبيه لا ينقطعون عن زيارة قبره الذي يقع بالصدفة على بعد أمتار قليلة من مدفن الفنان فريد الأطرش.
" شايفك وانت بعيد "
يقول الحاج طه عباس أحد حراس المقابر في منطقة البساتين إن مدفن عبدالحليم لم يكن مكتملاً تماماً عند وفاته وأن البعض اقترح دفنه في المدفن المجاور للسيدة أم كلثوم حتى يتم استكمال البناء ولكن أهل وأصدقاء المطرب الراحل فضلوا دفنه فيه على حاله. ثم إن المدفن استكمل فيما بعد وأصبح مزاراً للمعجبين يضيفون إليه لوحات رخامية وتعليقات وعبارات ذكرى من أغنيات العندليب الأسمر مثل : " حبيبي شايفك وانت بعيد " وراح أقول للزين سلامات " وغيرها. أما أشهر المعجبين والزوار فهو الشاعر المعروف الراحل نزار قباني الذي كان ينزل من الطائرة إلى مدفن العندليب صديقه الحميم!
وفي داخل المدفن الذي يحتوي على رفات " عندليب مصر الأسمر " كما يطلق عليه محبوه يوجد ألبوم ضخم يضم عدداً هائلاً من الصور الفوتوغرافية للمطرب ولأصدقائه ومعجبيه الذين يتجمعون سنوياً ويلتقطون الصور الجماعية لإضافتها إلى الألبوم التذكاري. فضلاً عن عشرات القصائد الشعرية والبورتريهات المرسومة باليد كتبها ورسمها المعجبون.
وأضاف الحاج طه عباس: إن مدفن عبدالحليم حافظ يفتح أبوابه قبل حلول ذكراه السنوية بشهر لتجديد ديكوراته بمعرفة السيدة عليه شبانه شقيقة العندليب التي تحرص على تزويد المدفن بكافة احتياجاته بنفسها مثل التيار الكهربائي الذي لا ينقطع عنه ليل نهار حتى يتسني للمعجبين زيارته أثناء الليل.
أم كلثوم
ويأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد الزائرين مدفن السيدة أم كلثوم وهو وأحد من أفخم وأجمل المدافن في المنطقة إذ يضم صالوناً فاخراً من النوع الكلاسيكي حيث كانت الراحلة قد خصصته قبل وفاتها لجلوس المعزين عليه في وفاة والدتها ثم إنه انتقل بعد وفاة كوكب الشرق إلى مدفنها الخاص فصار المدفن أقرب إلى شقة صغيرة أنيقة مدون على بابه قصيدة للشاعر الراحل " أحمد رامي ".
وفي ذكرى ميلاد ووفاة سيدة الغناء العربي يكون المدفن حافلاً بمعجبيها وزوارها الوافدين من كل الدول العربية ومن أوروبا وأميركا.
وعند قبر أم كلثوم التي غنت بكل كبرياء في حياتها نجد العظمة والكبرياء, حيث يبدو كالقصر تماماً مليئاً بالتحف والنجف والسجاجيد القطنية المفروشة بعناية فائقة وفي الواجهة صالون أسود كلاسيكي فخم تعلوه لوحة تتغير كلما يتغير اتجاهك فهي أمامك مكتوباً عليها أم كلثوم وعندما تقف على يمينها تجدها تغيرت لكلمة كوكب الشرق وعندما تقف على يسارها تجدها مكتوباً عليها آية الدهر.. كما تمتلئ الحوائط بالآيات القرآنية والمفاجأة أن السيدة أم كلثوم هي التي نسقت هذا القبر ليكون تحفة فنية رائعة بكل المقاييس.
وفي أحد أركان قبرها دفنت أمها التي نقلتها الى القبر بعد بنائه وفي الجهة الأخرى قبر ابن اختها إبراهيم الدسوقي الذي كتب قبل وفاته أكبر قصائد مدح أم كلثوم علقت على الحوائط لتحيي ذكراها.
كما لازم أم كلثوم دائماً في كل حفلاتها بعوده الذي يعزف عليه الألحان التي تشدو بها كما رأيناه دائماً منحنياً على عوده بنظارته السوداء المميزة وشاربه القصير لازمها أيضاً في مماتها أنه القصبجي الذي توفي في 26 مارس عام 1977 ومقبرته تكاد لا يعرفها أحد إلا من خلال الرخامة المتهالكة الموجودة على بوابة المقبرة ويقول أحمد شبل تربي في المدفن إن من الطرائف التي تحكي عن مدفن سيدة الغناء العربي أن سيدة عربية عرضت مبلغ 10 آلاف دولار مقابل الحصول على المصحف الخاص بأم كلثوم الموجود في المدفن ولكن عرضها قوبل بالرفض من أسرة الراحلة. ويعتبر مدفن سيدة الغناء العربي تحفة معمارية من طراز خاص جداً إذ تعكس محتوياته عظمة صاحبته ومكانتها في قلوب عشاقها ومحبيها ويبهر الرخام الثمين والمقاعد والمنضدة مرأي الناظرين.
ويشير أحمد شبل إلى أن زوار هذا المدفن من نوعية اجتماعية خاصة فمعظمهم من " السميعة " والناس الكبار الذين يغدقون بالعطاء على جميع الموجودين هنا.
ولذلك فنحن نستقبل هؤلاء بما يليق بهم وبصاحبة المدفن من ترحيب واحتفال وفي إحدي المرات جاءنا زائر في الفجر وكان من إحدي الدول العربية ولأنه وضع زيارته لمدفن سيدة الغناء العربي ضمن برنامج زيارته لمصر أصر على القيام بها قبل إقلاع طائرته بأي شكل من الأشكال.
فريد وأسمهان معاً
وهناك للمشاهير عشاقهم المغرمون بفنهم فبعد أن تركت مدفن أم كلثوم لاحظت بعضاً من الزوار يحملون بين أيديهم زهوراً غني لها الفنان فريد الأطرش من قبل ويكتبون على جدران مدفن الفنان فريد الأطرش عبارات وكلمات معبرة وحزينة.
ويقول الحاج إبراهيم القط حارس من حراس مقابر البساتين : إن أغلب زوار مدفن فريد الأطرش من الشوام لبنانيين وسوريين وبعضهم يمت بصلة قرابة للمطرب الراحل ولشقيقته أسمهان المدفونة معه في المدفن نفسه ونحن نستقبل أكبر عدد من معجبي وأقارب فريد وأسمهان في ذكرى رحيل فريد السنوية والتي تأتي في شهر ديسمبر من كل عام حيث يكون الزوار بالمئات خلال تلك الفترة.
ويوجد في مدفن الفنان فريد الأطرش صورة فوتوغرافية بالحجم الكبير وهو يمسك بأعز مقتنياته وهو العود الشهير الذي عزف به " لحن الخلود " بالإضافة الي أعذب النغمات وأكثرها براعة في تاريخ هذه الآلة الشرقية الأصيلة.
اما أطرف وأغرب الشائعات التي تتردد بشأن دفن هذا العود في القبر.. ينفي الحاج إبراهيم القط بشدة قائلاً إنه كلام لا أساس له من الصحة فأنا أعمل هنا منذ أكثر من ثلاثين عاماً وحضرت بنفسي دفن الفنان الراحل فريد الأطرش ولم أشاهد شيئاً من هذا القبيل على الإطلاق وإنها مجرد إشاعة في نهاية الأمر.
الاحتفال
وعن مظاهر الاحتفال التي يقوم بها زوار مدفن الأطرش يضيف الحاج إبراهيم قائلاً المعجبون العاديون يحملون معهم الكاميرات الفوتوغرافية ويلتقطون الصور بجوار القبر من الخارج لأنه لا يتم فتحه سوى في ذكراه فقط أما الأقارب والأصدقاء الحميميون للمطرب الراحل فهم يحضرون باقات الزهور ويكلفون قارئي القرآن بقراءة بعض الآيات على روح الراحل ويوزعون الصدقات سنوياً على الناس المقيمين هنا.
وفي مقابر البساتين يرقد الفنان إسماعيل يس في مقبرة الحاجة نفوسة على وفتحية محمود. ومن اللافت للانتباه أنه متهالك تماماً ولا توجد أي لافتة تحمل اسمه وعلق خفير المقابر على ذلك قائلاً: إن أصحابها ينسون إصلاحها وأن إسماعيل يس كان يعمل منولوجست في صالتهما قبل أن يصل إلى الشهرة والمجد وعندما توفي تمسكتا بدفنه في مقبرتهما وقد أراد ابنه أن ينقل جثمانه إلى مقابر الأسرة في السيدة نفيسة لكنهما رفضتا.
والطريف أن شهرة »البساتين« لا تقتصر على أنها مأوي للفنانين فقط بل حظيت بشخصيات عظيمة أثرت الحياة المصرية بصفحات من التاريخ الحافل بالنضال فهناك دفن الشيخ عبدالباسط عبدالصمد قارئ القرآن الشهير الذي توفي عام 1965 وعلى بوابة مدفنه تكاتفت الأشجار لتظلل المدفن كله.
ويوجد أيضاً قبر مداح الرسول محمد الكحلاوي الذي بني سبيلاً ومدرسة بجوار مدفنه وهناك أيضاً عميد الأدب العربي طه حسين الذي أقيم أمام مقبرته مصنع منذ عامين فتغيرت معالم الشارع وهناك لافتة مكتوبة عليها اسمه باللغة الفرنسية والعربية. ويؤكد عمال المصنع القريب من المقبرة أن قبر طه حسين لا يزوره أحد أبداً والقبر من الداخل تنمو فيه أشجار الصبار ويوجد في أركانه بعض من الكراسي المتهالكة مما يدل على أن أحداً لم يزره.
ويقول مسعود عواد تربى في منطقة البساتين أعيش في المنطقة منذ أكثر من 45 عاماً وللأسف يتناسي الناس زيارة القبور وكم من شخصيات كبيرة مهملة لا يتذكرها الناس إلا في المناسبات ويستثني من ذلك الفنان عبدالحليم حافظ وكوكب الشرق حيث إن زوارهم لا ينقطعون وبعضهم من الأجانب والعرب وأكثرهم من الشباب. أما مقابر يوسف وهبي ونجيب الريحاني ومحمد فوزي فتقتصر الزيارة على وقت ذكرى وفاتهم فقط وفي منطقة البساتين مقابر أخرى للمشاهير تقتصر زيارتها على أعداد صغيرة من المعجبين في الذكرى السنوية لأصحابها مما جعلها تعاني من الإهمال في الغالب ومنها مدفن الفنان أنور وجدي المكتوب عليها " مدفن أنور وجدي المتوفي في يوم 19 مايو عام 1955 وهي محاطة بالأشجار المتشابكة لعدم اهتمام أي أحد بها.
ويؤكد حراس المدافن أن مقابر محمد فوزي ونجيب الريحاني وحسين رياض ومصطفي النحاس لا تحظي بالزائرين إلا في أوقات الذكرى السنوية لأصحابها فقط.
مقابر الملوك
ويحكي أحد الحراس بالمنطقة قائلاً أن وفاة الموسيقار بليغ حمدى أعقبتها وفاة والدته بعد 40 يوماً بالضبط وأن أقارب وأصدقاء بليغ قاموا بتأبينه في ذكراه الأربعين ودفنوا الأم في اليوم نفسه في المدفن المجاور له.
أما مقابر الملوك والأمراء في مصر فيضمها مسجد الرفاعي الشهير الذي تحول من زاوية صغيرة كانت تسمي زاوية الرفاعي إلى مسجد كبير يتماثل في حجمه مع ضخامة مسجد السلطان حسن المجاور له وترجع قصة هذا المسجد العظيم إلى عام 1869 عندما فكرت الأميرة " خوشيار " والدة الخديوي إسماعيل في بناء مسجد يلحق به مدفن لها ولأسرتها لذا قامت بشراء زاوية الرفاعي وكلفت المعماري حسين باشا فهمي بإعداد تصميمات المسجد من الداخل والخارج وأوصت بالإبقاء على الأضرحة الموجودة بالزاوية القديمة لسيدي على أبي شباك وهو حفيد الإمام أحمد الرفاعي واستمر العمل في المسجد لسنوات طويلة حيث تم تقسيمه وخصص الجزء الأوسط منه للصلاة بينما خصصت باقي المساحة كمدافن للأسرة.. وفي عام 1885 توفيت الأميرة خوشيار وكانت قد أوصت بدفنها في ضريحها الواقع بالجزء البحري للمسجد ورغم وفاتها إلا أن العمل استمر في المسجد حتى افتتح عام 1912.
وكان جثمان الأميرة " خوشيار " أول من دفن داخل مدافن أسرة محمد على بمسجد الرفاعي وبعد عشر سنوات من وفاتها رافقها الخديوي إسماعيل في الضريح حيث وافته المنية عام 1895 في تركيا وقد حرصت عائلته على إحضار جثمانه الي مسجد الرفاعي.
ويعتبر مدفن الخديوي إسماعيل من أزهي مدافن أسرة محمد على حيث نقشت الآيات القرآنية على الضريح بماء الذهب وحليت جوانبه بالجرانيت والرخام المطعم بالأحجار الكريمة.
الزوجات
أما زوجات الخديوي إسماعيل " جشم - وجنيهار - وشهرت - وفريال " فجميعهن دفن في ضريح واحد بالمدفن المجاور للمسجد وكذلك بالنسبة لبنات الخديوي إسماعيل الأميرتان زينب وتوحيدة دفنتا به أما الأميرة فاطمة التي قامت ببناء جامعة القاهرة - فؤاد الأول - فقد دفنت في مقابر زين العابدين.
ويروي الحاج محمود أحمد أمين عهدة مقابر الأسرة المالكة قائلاً: هذا المكان يحظي باهتمام الزوار الأجانب والعرب وخاصة أن الأفواج الأجنبية أكثر إقبالا على المسجد لما يحتويه من نقوش وزخارف إسلامية ويقدر إجمالي أفراد الأسرة الحاكمة المدفونة في مسجد الرفاعي بحوالي 15 شخصاً هذا بخلاف ضريح شاه إيران الذي دفن في المسجد عام 1981 .
وهناك أيضاً مقبرة الملك فؤاد الأول وهو ابن الخديوي إسماعيل من زوجته الرابعة. وتوجد أيضاً مقبرة شاه إيران التي صممت دون أن يصاحبها أي ارتفاع حيث اكتست بالرخام الملون حتى الأرضية افترشت بنفس الرخام وتحظى مقبرة شاه إيران بزيارة أفواج من السياح الإيرانيين باستمرار وبجانب الجزء المخصص لشاه إيران يوجد باب جانبي يصل إلى مدفن الملك فاروق آخر ملوك مصر قبل الثورة.
القاهرة - السياسة
الشهرة والأضواء مدفونة في هذا المكان بعد حياة حافلة مليئة بالصخب والضجيج انها الآن تحت الثري.. الصمت والهدوء سمة مميزة للمكان.. رغم مئات البشر.. تعتبر منطقة البساتين أكثر شهرة منهم لأنها المكان الوحيد الذي استطاع أن يجمع كوكبة من المشاهير والفنانين والزعماء السياسيين مثل أم كلثوم والعندليب وليلي مراد ومحمد رضا بهلوي (شاه إيران السابق) وغيرهم من مشاهير الفن والغناء والسياسة الذين ملأوا الدنيا ولكنهم مثل كل البشر عادوا إلى التراب..
وقد تستمر الشهرة لبعضهم بعد مماتهم.
قمنا بجولة في مدافن المشاهير لتطالع خلالها ما تبقى من ذكراهم في عيون معجبيهم. ونبدأ الجولة من مدفن عبدالحليم حافظ الذي يحظي بنصيب وافر من زوار المنطقة ويتوافد إليه المعجبون المصريون والعرب والأجانب بالمئات على مدار السنة وخاصة في ذكراه السنوية في نهاية شهر مارس من كل عام, وعلى الرغم من رحيل العندليب منذ العام 1977 م, إلا أن عشاقه ومحبيه لا ينقطعون عن زيارة قبره الذي يقع بالصدفة على بعد أمتار قليلة من مدفن الفنان فريد الأطرش.
" شايفك وانت بعيد "
يقول الحاج طه عباس أحد حراس المقابر في منطقة البساتين إن مدفن عبدالحليم لم يكن مكتملاً تماماً عند وفاته وأن البعض اقترح دفنه في المدفن المجاور للسيدة أم كلثوم حتى يتم استكمال البناء ولكن أهل وأصدقاء المطرب الراحل فضلوا دفنه فيه على حاله. ثم إن المدفن استكمل فيما بعد وأصبح مزاراً للمعجبين يضيفون إليه لوحات رخامية وتعليقات وعبارات ذكرى من أغنيات العندليب الأسمر مثل : " حبيبي شايفك وانت بعيد " وراح أقول للزين سلامات " وغيرها. أما أشهر المعجبين والزوار فهو الشاعر المعروف الراحل نزار قباني الذي كان ينزل من الطائرة إلى مدفن العندليب صديقه الحميم!
وفي داخل المدفن الذي يحتوي على رفات " عندليب مصر الأسمر " كما يطلق عليه محبوه يوجد ألبوم ضخم يضم عدداً هائلاً من الصور الفوتوغرافية للمطرب ولأصدقائه ومعجبيه الذين يتجمعون سنوياً ويلتقطون الصور الجماعية لإضافتها إلى الألبوم التذكاري. فضلاً عن عشرات القصائد الشعرية والبورتريهات المرسومة باليد كتبها ورسمها المعجبون.
وأضاف الحاج طه عباس: إن مدفن عبدالحليم حافظ يفتح أبوابه قبل حلول ذكراه السنوية بشهر لتجديد ديكوراته بمعرفة السيدة عليه شبانه شقيقة العندليب التي تحرص على تزويد المدفن بكافة احتياجاته بنفسها مثل التيار الكهربائي الذي لا ينقطع عنه ليل نهار حتى يتسني للمعجبين زيارته أثناء الليل.
أم كلثوم
ويأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد الزائرين مدفن السيدة أم كلثوم وهو وأحد من أفخم وأجمل المدافن في المنطقة إذ يضم صالوناً فاخراً من النوع الكلاسيكي حيث كانت الراحلة قد خصصته قبل وفاتها لجلوس المعزين عليه في وفاة والدتها ثم إنه انتقل بعد وفاة كوكب الشرق إلى مدفنها الخاص فصار المدفن أقرب إلى شقة صغيرة أنيقة مدون على بابه قصيدة للشاعر الراحل " أحمد رامي ".
وفي ذكرى ميلاد ووفاة سيدة الغناء العربي يكون المدفن حافلاً بمعجبيها وزوارها الوافدين من كل الدول العربية ومن أوروبا وأميركا.
وعند قبر أم كلثوم التي غنت بكل كبرياء في حياتها نجد العظمة والكبرياء, حيث يبدو كالقصر تماماً مليئاً بالتحف والنجف والسجاجيد القطنية المفروشة بعناية فائقة وفي الواجهة صالون أسود كلاسيكي فخم تعلوه لوحة تتغير كلما يتغير اتجاهك فهي أمامك مكتوباً عليها أم كلثوم وعندما تقف على يمينها تجدها تغيرت لكلمة كوكب الشرق وعندما تقف على يسارها تجدها مكتوباً عليها آية الدهر.. كما تمتلئ الحوائط بالآيات القرآنية والمفاجأة أن السيدة أم كلثوم هي التي نسقت هذا القبر ليكون تحفة فنية رائعة بكل المقاييس.
وفي أحد أركان قبرها دفنت أمها التي نقلتها الى القبر بعد بنائه وفي الجهة الأخرى قبر ابن اختها إبراهيم الدسوقي الذي كتب قبل وفاته أكبر قصائد مدح أم كلثوم علقت على الحوائط لتحيي ذكراها.
كما لازم أم كلثوم دائماً في كل حفلاتها بعوده الذي يعزف عليه الألحان التي تشدو بها كما رأيناه دائماً منحنياً على عوده بنظارته السوداء المميزة وشاربه القصير لازمها أيضاً في مماتها أنه القصبجي الذي توفي في 26 مارس عام 1977 ومقبرته تكاد لا يعرفها أحد إلا من خلال الرخامة المتهالكة الموجودة على بوابة المقبرة ويقول أحمد شبل تربي في المدفن إن من الطرائف التي تحكي عن مدفن سيدة الغناء العربي أن سيدة عربية عرضت مبلغ 10 آلاف دولار مقابل الحصول على المصحف الخاص بأم كلثوم الموجود في المدفن ولكن عرضها قوبل بالرفض من أسرة الراحلة. ويعتبر مدفن سيدة الغناء العربي تحفة معمارية من طراز خاص جداً إذ تعكس محتوياته عظمة صاحبته ومكانتها في قلوب عشاقها ومحبيها ويبهر الرخام الثمين والمقاعد والمنضدة مرأي الناظرين.
ويشير أحمد شبل إلى أن زوار هذا المدفن من نوعية اجتماعية خاصة فمعظمهم من " السميعة " والناس الكبار الذين يغدقون بالعطاء على جميع الموجودين هنا.
ولذلك فنحن نستقبل هؤلاء بما يليق بهم وبصاحبة المدفن من ترحيب واحتفال وفي إحدي المرات جاءنا زائر في الفجر وكان من إحدي الدول العربية ولأنه وضع زيارته لمدفن سيدة الغناء العربي ضمن برنامج زيارته لمصر أصر على القيام بها قبل إقلاع طائرته بأي شكل من الأشكال.
فريد وأسمهان معاً
وهناك للمشاهير عشاقهم المغرمون بفنهم فبعد أن تركت مدفن أم كلثوم لاحظت بعضاً من الزوار يحملون بين أيديهم زهوراً غني لها الفنان فريد الأطرش من قبل ويكتبون على جدران مدفن الفنان فريد الأطرش عبارات وكلمات معبرة وحزينة.
ويقول الحاج إبراهيم القط حارس من حراس مقابر البساتين : إن أغلب زوار مدفن فريد الأطرش من الشوام لبنانيين وسوريين وبعضهم يمت بصلة قرابة للمطرب الراحل ولشقيقته أسمهان المدفونة معه في المدفن نفسه ونحن نستقبل أكبر عدد من معجبي وأقارب فريد وأسمهان في ذكرى رحيل فريد السنوية والتي تأتي في شهر ديسمبر من كل عام حيث يكون الزوار بالمئات خلال تلك الفترة.
ويوجد في مدفن الفنان فريد الأطرش صورة فوتوغرافية بالحجم الكبير وهو يمسك بأعز مقتنياته وهو العود الشهير الذي عزف به " لحن الخلود " بالإضافة الي أعذب النغمات وأكثرها براعة في تاريخ هذه الآلة الشرقية الأصيلة.
اما أطرف وأغرب الشائعات التي تتردد بشأن دفن هذا العود في القبر.. ينفي الحاج إبراهيم القط بشدة قائلاً إنه كلام لا أساس له من الصحة فأنا أعمل هنا منذ أكثر من ثلاثين عاماً وحضرت بنفسي دفن الفنان الراحل فريد الأطرش ولم أشاهد شيئاً من هذا القبيل على الإطلاق وإنها مجرد إشاعة في نهاية الأمر.
الاحتفال
وعن مظاهر الاحتفال التي يقوم بها زوار مدفن الأطرش يضيف الحاج إبراهيم قائلاً المعجبون العاديون يحملون معهم الكاميرات الفوتوغرافية ويلتقطون الصور بجوار القبر من الخارج لأنه لا يتم فتحه سوى في ذكراه فقط أما الأقارب والأصدقاء الحميميون للمطرب الراحل فهم يحضرون باقات الزهور ويكلفون قارئي القرآن بقراءة بعض الآيات على روح الراحل ويوزعون الصدقات سنوياً على الناس المقيمين هنا.
وفي مقابر البساتين يرقد الفنان إسماعيل يس في مقبرة الحاجة نفوسة على وفتحية محمود. ومن اللافت للانتباه أنه متهالك تماماً ولا توجد أي لافتة تحمل اسمه وعلق خفير المقابر على ذلك قائلاً: إن أصحابها ينسون إصلاحها وأن إسماعيل يس كان يعمل منولوجست في صالتهما قبل أن يصل إلى الشهرة والمجد وعندما توفي تمسكتا بدفنه في مقبرتهما وقد أراد ابنه أن ينقل جثمانه إلى مقابر الأسرة في السيدة نفيسة لكنهما رفضتا.
والطريف أن شهرة »البساتين« لا تقتصر على أنها مأوي للفنانين فقط بل حظيت بشخصيات عظيمة أثرت الحياة المصرية بصفحات من التاريخ الحافل بالنضال فهناك دفن الشيخ عبدالباسط عبدالصمد قارئ القرآن الشهير الذي توفي عام 1965 وعلى بوابة مدفنه تكاتفت الأشجار لتظلل المدفن كله.
ويوجد أيضاً قبر مداح الرسول محمد الكحلاوي الذي بني سبيلاً ومدرسة بجوار مدفنه وهناك أيضاً عميد الأدب العربي طه حسين الذي أقيم أمام مقبرته مصنع منذ عامين فتغيرت معالم الشارع وهناك لافتة مكتوبة عليها اسمه باللغة الفرنسية والعربية. ويؤكد عمال المصنع القريب من المقبرة أن قبر طه حسين لا يزوره أحد أبداً والقبر من الداخل تنمو فيه أشجار الصبار ويوجد في أركانه بعض من الكراسي المتهالكة مما يدل على أن أحداً لم يزره.
ويقول مسعود عواد تربى في منطقة البساتين أعيش في المنطقة منذ أكثر من 45 عاماً وللأسف يتناسي الناس زيارة القبور وكم من شخصيات كبيرة مهملة لا يتذكرها الناس إلا في المناسبات ويستثني من ذلك الفنان عبدالحليم حافظ وكوكب الشرق حيث إن زوارهم لا ينقطعون وبعضهم من الأجانب والعرب وأكثرهم من الشباب. أما مقابر يوسف وهبي ونجيب الريحاني ومحمد فوزي فتقتصر الزيارة على وقت ذكرى وفاتهم فقط وفي منطقة البساتين مقابر أخرى للمشاهير تقتصر زيارتها على أعداد صغيرة من المعجبين في الذكرى السنوية لأصحابها مما جعلها تعاني من الإهمال في الغالب ومنها مدفن الفنان أنور وجدي المكتوب عليها " مدفن أنور وجدي المتوفي في يوم 19 مايو عام 1955 وهي محاطة بالأشجار المتشابكة لعدم اهتمام أي أحد بها.
ويؤكد حراس المدافن أن مقابر محمد فوزي ونجيب الريحاني وحسين رياض ومصطفي النحاس لا تحظي بالزائرين إلا في أوقات الذكرى السنوية لأصحابها فقط.
مقابر الملوك
ويحكي أحد الحراس بالمنطقة قائلاً أن وفاة الموسيقار بليغ حمدى أعقبتها وفاة والدته بعد 40 يوماً بالضبط وأن أقارب وأصدقاء بليغ قاموا بتأبينه في ذكراه الأربعين ودفنوا الأم في اليوم نفسه في المدفن المجاور له.
أما مقابر الملوك والأمراء في مصر فيضمها مسجد الرفاعي الشهير الذي تحول من زاوية صغيرة كانت تسمي زاوية الرفاعي إلى مسجد كبير يتماثل في حجمه مع ضخامة مسجد السلطان حسن المجاور له وترجع قصة هذا المسجد العظيم إلى عام 1869 عندما فكرت الأميرة " خوشيار " والدة الخديوي إسماعيل في بناء مسجد يلحق به مدفن لها ولأسرتها لذا قامت بشراء زاوية الرفاعي وكلفت المعماري حسين باشا فهمي بإعداد تصميمات المسجد من الداخل والخارج وأوصت بالإبقاء على الأضرحة الموجودة بالزاوية القديمة لسيدي على أبي شباك وهو حفيد الإمام أحمد الرفاعي واستمر العمل في المسجد لسنوات طويلة حيث تم تقسيمه وخصص الجزء الأوسط منه للصلاة بينما خصصت باقي المساحة كمدافن للأسرة.. وفي عام 1885 توفيت الأميرة خوشيار وكانت قد أوصت بدفنها في ضريحها الواقع بالجزء البحري للمسجد ورغم وفاتها إلا أن العمل استمر في المسجد حتى افتتح عام 1912.
وكان جثمان الأميرة " خوشيار " أول من دفن داخل مدافن أسرة محمد على بمسجد الرفاعي وبعد عشر سنوات من وفاتها رافقها الخديوي إسماعيل في الضريح حيث وافته المنية عام 1895 في تركيا وقد حرصت عائلته على إحضار جثمانه الي مسجد الرفاعي.
ويعتبر مدفن الخديوي إسماعيل من أزهي مدافن أسرة محمد على حيث نقشت الآيات القرآنية على الضريح بماء الذهب وحليت جوانبه بالجرانيت والرخام المطعم بالأحجار الكريمة.
الزوجات
أما زوجات الخديوي إسماعيل " جشم - وجنيهار - وشهرت - وفريال " فجميعهن دفن في ضريح واحد بالمدفن المجاور للمسجد وكذلك بالنسبة لبنات الخديوي إسماعيل الأميرتان زينب وتوحيدة دفنتا به أما الأميرة فاطمة التي قامت ببناء جامعة القاهرة - فؤاد الأول - فقد دفنت في مقابر زين العابدين.
ويروي الحاج محمود أحمد أمين عهدة مقابر الأسرة المالكة قائلاً: هذا المكان يحظي باهتمام الزوار الأجانب والعرب وخاصة أن الأفواج الأجنبية أكثر إقبالا على المسجد لما يحتويه من نقوش وزخارف إسلامية ويقدر إجمالي أفراد الأسرة الحاكمة المدفونة في مسجد الرفاعي بحوالي 15 شخصاً هذا بخلاف ضريح شاه إيران الذي دفن في المسجد عام 1981 .
وهناك أيضاً مقبرة الملك فؤاد الأول وهو ابن الخديوي إسماعيل من زوجته الرابعة. وتوجد أيضاً مقبرة شاه إيران التي صممت دون أن يصاحبها أي ارتفاع حيث اكتست بالرخام الملون حتى الأرضية افترشت بنفس الرخام وتحظى مقبرة شاه إيران بزيارة أفواج من السياح الإيرانيين باستمرار وبجانب الجزء المخصص لشاه إيران يوجد باب جانبي يصل إلى مدفن الملك فاروق آخر ملوك مصر قبل الثورة.