مجاهدون
04-13-2005, 12:56 AM
أحمد مغربي - الحياة
http://www.daralhayat.com/science_tech/04-2005/Item-20050410-2d21360a-c0a8-10ed-001a-1411458acfcc/Inechtine1_18.jpg_200_-1.jpg
يشرح النسبية التي لم يفهما احد في البداية ثم صارت من اساسيات العلوم الحديثة.
http://www.daralhayat.com/science_tech/04-2005/Article-20050327-e590785c-c0a8-10ed-0051-18a738255436/Inechtine3_18.jpg_100_-1.jpg
«السفينة المبحرة... الافق البعيد الصافي... التمشي وحيداً تحت شمس الخريف الدافئ... الصمت... سعادة كأنها الجنة». بتلك الكلمات وصف ألبرت اينشتاين عيشه في قرية «كابوث» القريبة من برلين، بين عامي 1929 و1932، خلال حقبة جمهورية فايمار الديموقراطية. في تلك الآونة، كان اسمه بات معروفاً، خصوصاً بعد نيله جائزة نوبل في العام 1921، عن نظريته حول الاثر الضوئي للقوة الكهرومغناطيسية وليس عن النسبية، اضافة الى الصدى الهائل الذي احدثته تجربة في العام 1919 اثبتت صحة مقولاته الاساسية عن اثر الجاذبية على الضوء.
بعد اقل من سنة على تلك الكلمات المطمئنة، انقلبت حياته بعنف، وبصورة نهائية. ففي العام 1933، اوصلت انتخابات ديموقراطية النازيين، بزعامة ادولف هتلر، الى الحكم. باشروا اضطهاداً عرقياً مروعاً ضد اليهود, تحت ذرائع شتى. وجد اينشتاين ملاذه في الولايات المتحدة، حيث استقبلت نظرياته عن النسبية بترحاب هائل من المجتمع العلمي فيها. وتألم بشدة للاحتضار الطويل لزوجته اليسا، التي عانت من السرطان وصارعته طويلاً قبل ان يقضي عليها. وفي الولايات المتحدة ايضاً، شهد اينشتاين امراً سيؤرقه بقية عمره. لقد استخدمت نظرياته في النسبية لاعداد اشد الاسلحة هولاً في التاريخ البشري: القنبلة الذرية. ففي خضم الحرب العالمية الثانية، جمعت الاستخبارات الاميركية مجموعة كبيرة من العلماء لتنفيذ مشروع سري في مختبر «لوس ألموس» في صحراء تكساس. حمل المشروع اسماً رمزياً: «مشروع مانهاتن» Manhaten Project. اسند الفريق رئاسته الى العالم الايطالي اللامع انريكو فيرمي Enrico Fermi، الذي لجأ الى الولايات المتحدة هرباً من الاضطهاد النازي لليهود، كحال اينشتاين، وكذلك كحال مجموعة كبيرة من علماء «مشروع مانهاتن».
تولى الفيزيائي الاميركي اللامع نيلز بور، التنسيق بين الاستخبارات الاميركية وفريق فيرمي. والمفارقة ان بور، ذا الاصل الدانماركي، كان صديقاً مقرباً من العالم الفيزيائي ورنر هايزنبرغ، الذي اختار البقاء في المانيا. والتقى بور صديقه هايزنبرغ للمرة الأخيرة في مطعم صغير في الدانمارك. وهناك، تحدث هايزنبرغ عن مشروع الماني لصنع الماء الثقيل «الديتريوم»، الذي يستخدم في المفاعلات الذرية. هل تحدث ايضاً عن مشروع الماني لصنع قنبلة ذرية؟ يبقى هذا السؤال لغزاً لحد الآن. ويعطي الأمر نموذجاً عن الوضع العلمي حينها. فقد كانت مجموعة صغيرة من العلماء، التي يعرف افرادها بعضهم بعضاً بصورة جيدة، تملك وحدها المعلومات الكافية لصنع قنبلة من ذلك النوع. استخدم بور لقاءه مع هايزنبرغ في اقناع العلماء بالعمل في مشروع مانهاتن. ولاحقاً، شاع في الولايات المتحدة ان هايزنبرغ ، ترأس فريقاً علمياً عمل باشراف مباشر من الفوهرر، اسندت اليه مهمة صنع قنبلة ذرية.
بعد اندحار النازية، تقاسم الحلفاء علماء المانيا، بمن فيهم هايزنبرغ. ولذا يصعب التثبت من حقيقة المدى الذي وصل اليه ذلك الفريق، ولا علاقته مع هتلر. وفي المقابل، فان الإخبار عن فريق يعمل برئاسة هايزنبرغ لم يكن يعني سوى اقتراب هتلر من القنبلة، بالنظر الى الوزن العلمي الكبير لهايزنبرغ. ولطالما قيل ان نيلز بور استخدم تلك المعلومة بالذات لاقناع اينشتاين، الذي لم يكن ضمن العاملين مباشرة في مشروع مانهاتن، في التوقيع على المذكرة الشهيرة التي طالبت فيها مجموعة من العلماء الرئيس فرانكلين روزفلت بالعمل على صنع القنبلة الذرية باقصى سرعة ممكنة.
وعند القاء القنبلة المميتة على هيروشيما من الطائرة «اينولا جاي» (وهي قاذفة من نوع «ب-21»), اصيب العالم بصدمة مذهلة. وفي خضم مشاعر حادة بالذنب، وجّه كثير من اللوم الى اينشتاين، الذي لم تكن القنبلة لتصنع لولا نظرياته. «ان المعادلات لا تنفجر» Equations never explodes. بتلك العبارة رد اينشتاين على منتقديه. ولم يقنع الرد كثيرين من دعاة السلام. وبقي بعضهم مشككاً في جدية جهود اينشتاين دعم السلام العالمي.
وفي العام 1952، اطلت السياسة برأسها مجدداً في حياته. فبعد وفاة ديفيد بن غوريون، اول رئيس لاسرائيل، عرض قادة الحركة الصهيونية على اينشتاين تولي المنصب الشاغر. رفض العالم العرض، مفضلاً البقاء في دائرة المعادلات. وقضى سنواته الأخيرة (قبل وفاته في العام 1955) مثابراً على محاولاته الفاشلة للتوصل الى صوغ «النظرية الموحدة الكبيرة» التي يفترض انها توحد نظريتي النسبية والكمومية، اضافة الى اخفاقه المتواصل في اتقان العزف على الكمان!
http://www.daralhayat.com/science_tech/04-2005/Item-20050410-2d21360a-c0a8-10ed-001a-1411458acfcc/Inechtine1_18.jpg_200_-1.jpg
يشرح النسبية التي لم يفهما احد في البداية ثم صارت من اساسيات العلوم الحديثة.
http://www.daralhayat.com/science_tech/04-2005/Article-20050327-e590785c-c0a8-10ed-0051-18a738255436/Inechtine3_18.jpg_100_-1.jpg
«السفينة المبحرة... الافق البعيد الصافي... التمشي وحيداً تحت شمس الخريف الدافئ... الصمت... سعادة كأنها الجنة». بتلك الكلمات وصف ألبرت اينشتاين عيشه في قرية «كابوث» القريبة من برلين، بين عامي 1929 و1932، خلال حقبة جمهورية فايمار الديموقراطية. في تلك الآونة، كان اسمه بات معروفاً، خصوصاً بعد نيله جائزة نوبل في العام 1921، عن نظريته حول الاثر الضوئي للقوة الكهرومغناطيسية وليس عن النسبية، اضافة الى الصدى الهائل الذي احدثته تجربة في العام 1919 اثبتت صحة مقولاته الاساسية عن اثر الجاذبية على الضوء.
بعد اقل من سنة على تلك الكلمات المطمئنة، انقلبت حياته بعنف، وبصورة نهائية. ففي العام 1933، اوصلت انتخابات ديموقراطية النازيين، بزعامة ادولف هتلر، الى الحكم. باشروا اضطهاداً عرقياً مروعاً ضد اليهود, تحت ذرائع شتى. وجد اينشتاين ملاذه في الولايات المتحدة، حيث استقبلت نظرياته عن النسبية بترحاب هائل من المجتمع العلمي فيها. وتألم بشدة للاحتضار الطويل لزوجته اليسا، التي عانت من السرطان وصارعته طويلاً قبل ان يقضي عليها. وفي الولايات المتحدة ايضاً، شهد اينشتاين امراً سيؤرقه بقية عمره. لقد استخدمت نظرياته في النسبية لاعداد اشد الاسلحة هولاً في التاريخ البشري: القنبلة الذرية. ففي خضم الحرب العالمية الثانية، جمعت الاستخبارات الاميركية مجموعة كبيرة من العلماء لتنفيذ مشروع سري في مختبر «لوس ألموس» في صحراء تكساس. حمل المشروع اسماً رمزياً: «مشروع مانهاتن» Manhaten Project. اسند الفريق رئاسته الى العالم الايطالي اللامع انريكو فيرمي Enrico Fermi، الذي لجأ الى الولايات المتحدة هرباً من الاضطهاد النازي لليهود، كحال اينشتاين، وكذلك كحال مجموعة كبيرة من علماء «مشروع مانهاتن».
تولى الفيزيائي الاميركي اللامع نيلز بور، التنسيق بين الاستخبارات الاميركية وفريق فيرمي. والمفارقة ان بور، ذا الاصل الدانماركي، كان صديقاً مقرباً من العالم الفيزيائي ورنر هايزنبرغ، الذي اختار البقاء في المانيا. والتقى بور صديقه هايزنبرغ للمرة الأخيرة في مطعم صغير في الدانمارك. وهناك، تحدث هايزنبرغ عن مشروع الماني لصنع الماء الثقيل «الديتريوم»، الذي يستخدم في المفاعلات الذرية. هل تحدث ايضاً عن مشروع الماني لصنع قنبلة ذرية؟ يبقى هذا السؤال لغزاً لحد الآن. ويعطي الأمر نموذجاً عن الوضع العلمي حينها. فقد كانت مجموعة صغيرة من العلماء، التي يعرف افرادها بعضهم بعضاً بصورة جيدة، تملك وحدها المعلومات الكافية لصنع قنبلة من ذلك النوع. استخدم بور لقاءه مع هايزنبرغ في اقناع العلماء بالعمل في مشروع مانهاتن. ولاحقاً، شاع في الولايات المتحدة ان هايزنبرغ ، ترأس فريقاً علمياً عمل باشراف مباشر من الفوهرر، اسندت اليه مهمة صنع قنبلة ذرية.
بعد اندحار النازية، تقاسم الحلفاء علماء المانيا، بمن فيهم هايزنبرغ. ولذا يصعب التثبت من حقيقة المدى الذي وصل اليه ذلك الفريق، ولا علاقته مع هتلر. وفي المقابل، فان الإخبار عن فريق يعمل برئاسة هايزنبرغ لم يكن يعني سوى اقتراب هتلر من القنبلة، بالنظر الى الوزن العلمي الكبير لهايزنبرغ. ولطالما قيل ان نيلز بور استخدم تلك المعلومة بالذات لاقناع اينشتاين، الذي لم يكن ضمن العاملين مباشرة في مشروع مانهاتن، في التوقيع على المذكرة الشهيرة التي طالبت فيها مجموعة من العلماء الرئيس فرانكلين روزفلت بالعمل على صنع القنبلة الذرية باقصى سرعة ممكنة.
وعند القاء القنبلة المميتة على هيروشيما من الطائرة «اينولا جاي» (وهي قاذفة من نوع «ب-21»), اصيب العالم بصدمة مذهلة. وفي خضم مشاعر حادة بالذنب، وجّه كثير من اللوم الى اينشتاين، الذي لم تكن القنبلة لتصنع لولا نظرياته. «ان المعادلات لا تنفجر» Equations never explodes. بتلك العبارة رد اينشتاين على منتقديه. ولم يقنع الرد كثيرين من دعاة السلام. وبقي بعضهم مشككاً في جدية جهود اينشتاين دعم السلام العالمي.
وفي العام 1952، اطلت السياسة برأسها مجدداً في حياته. فبعد وفاة ديفيد بن غوريون، اول رئيس لاسرائيل، عرض قادة الحركة الصهيونية على اينشتاين تولي المنصب الشاغر. رفض العالم العرض، مفضلاً البقاء في دائرة المعادلات. وقضى سنواته الأخيرة (قبل وفاته في العام 1955) مثابراً على محاولاته الفاشلة للتوصل الى صوغ «النظرية الموحدة الكبيرة» التي يفترض انها توحد نظريتي النسبية والكمومية، اضافة الى اخفاقه المتواصل في اتقان العزف على الكمان!