مشاهدة النسخة كاملة : كتاب السفير الخامس الحلقة 1
بووردة
04-12-2005, 07:06 PM
السفيرُ الخامس
استعراض لحياة ومرجعية الإمام الصدر
والعلاقة بين الحوزة والجماهير
تأليف
عباس الزيدي المياحي
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ يَـا أَيُّهَا الْكَـافِـرُونَ
لا أَعْبـُدُ مـَـا تَعْبُـدُونَ
وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ
وَلا أَنـَا عَابِدٌ مَـا عَبَدْتُمْ
وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ
لَكُـمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ.
هدمتُ مخططات ألف سنة.
الامام الصدر (رض).
إننا لا نريد انتفاضة بأسم محمد الصدر.
محمد باقر الحكيم / بعد شهادة الامام الصدر (رض).
إننا لا نريد انتفاضة بأسم محمد الصدر.
محمد باقر الحكيم / بعد شهادة الامام الصدر (رض).
تقديم لأبي سيف الوائلي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللّهمّ إنّي أفتتح القول بحمدك
وأنطق بالثّناء عليك، الحمد لله الذي
هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
والصلاة والسلام على خير الانام محمد وآله الطيبين الطاهرين الكرام
تاريخ وسيرة الامام الصدر المقدس(رض) أكبر تجربة أسلامية تمر بالعراق والعالم الاسلامي، ولا يمكنني وغيري أعطاء حصة ولو يسيرة من التقييم له ولأخلاقه ولتقواه ولشجاعته وغيرها من الصفات التي تحلى بها ولم نكن نعرفها في الواقع المعاش وإنما مجرد كلمات تسمع من على المنابر أو في الكتب الأخلاقية. فالامام الصدر المقدس(رض) مثالي بكل ما في الكلمة من مضامين ولا أظن أمثاله يتعدون أصابع اليد الواحدة في التأريخ الاسلامي اذا ما استثنينا المعصومين الاربعة عشر(عليهم السلام).
وبحكم قربي منه(رض) فقد أغترفت من معينه الكثير الكثير، فلا مبالغة إذا قلت أنني رأيت فيه نبي الأسلام(ص) أو أمير المؤمنين(ع) أو الحسين(ع)، وقد أدركتني أيدي الرحمة حينما تعلقت به وقلدته وأخيراً حين أناط بي مسؤولية
Aشؤون مرجعيته خارج العراق@.
ولا أريد أن أطيل على سيدي القارئ لذلك فسوف أبدأ رحلتي معه بأختصار بدأت علاقتي معه(رض) ببعض الأسئلة التي كنت أطرحها عليه، ونقلي مبالغ من جهة الخمس وباقي الموارد الشرعية، وحينما رآني كثير الحركة بينه وبين فئة من فئات المجتمع أوعز ألي بالمسؤولية السالفة وذلك بأنني كنت على موعد معه في منزله في Aالحنان@ فقال: أريدك أن تنشر مرجعيتي خارج العراق. وتدعمها أعلامياً، وعملك هذا أريده سرياً، حتى لا تتعرض لمخاطر وخصوصاً أنك لست رجل دين وتستطيع التحرك بحرية أكبر.
عندها شرعت بأرسال مؤلفات الامام الصدر المقدس(رض) والاستفتاءات والنشرات التي كانت تصدر من النجف الاشرف بخصوص مرجعية الامام الصدر المقدس(رض) وغيرها الى خارج العراق، كلبنان وسوريا ودول الخليج وأيران. وبعد سفر الشيخ محمد النعماني(رحمه الله) الى الأمارات أمرني الامام الصدر المقدس(رض) في أن أكون الواسطة في الاتصال بينهما، وكان من ضمن الأمور التي طرحها الشيخ النعماني وهو في الأمارات أن يبعث اليه الامام الصدر المقدس(رض) بعدد من نسخ الوكالات لبعض الشخصيات الموجوده خارج العراق. فذهبت الى منزله(رض) فقال لي: أريد منك الذهاب الى ايران لغرض فتح مكتب والدعوة لي، ففي أيران يسيئون الظن بي، وبعض الشخصيات تتناولني على المنابر، وأنا أرى أنه لا يستطيع أحد القيام بهذه المهمة غيرك.
فقلت: سيدنا أنا في خدمتك ولكن هل تراني أستطيع القيام بهذه المهمة. وأنا لا يوجد عندي أي شخص أعرفه في ايران ولست برجل دين ولا أعرف الفارسية.
فقال: أنا أعتقد أنه لا يستطيع غيرك ذلك. فلبيت أمره.
فقال: توقع كل شيء فأن سفرك فيه خطورة ولعلك تقتل في الطريق أو تعتقل من قبل الدولتين. فماذا تقول؟ هل تقبل الذهاب؟ فقلت: وماذا ترى سيدنا هل أستطيع كل ذلك.
قال: نعم أنك تستطيع اكثر من ذلك. ثم قال: إتصل بالشيخ محمد النعماني وأخبره أن يتصل بالأخوه في ايران، ليخبرهم بأن السيد محمد الصدر سوف يرسل أحد وكلائه وخاصته، ويخبرهم بأسمك.
ويتصل بأحدى نساء أسرتنا هناك في ايران لتوثقك.
وبعد هذا الكلام بحوالي خمسة عشر يوماً تيسر الطريق، وقبل السفر كنت عند الامام الصدر فأمرني بأخذ أشرطة افلام الفيديو واشرطة المسجل لصلوات الجمعة مع صور وكتب كهدايا للسيد كاظم الحائري والسيد محمود
ا لهاشـمي والشيخ محمد رضا النعماني ونشرها في ايران، ثم وضع(رض) يده الشريفه على رأسي وأخذ يدعو لي بدعاء ما سمعت منه الا Aإن الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد@.
فقدمت الى ايران وذلك بعد الجمعة السابعة التي أقامها شهيدنا المقدس في الكوفة. وعند وصولي الى قم أستضفت عند أحد الأصدقاء القدماء وهو الاخ Aأبو زهراء@وفي نفس اليوم توجهت الى مكتب السيد Aكاظم الحائري@ فألتقيت السيد Aأبا مصطفى@ محمد حسين الحائري وهو أخو السيد كاظم الحائري، فأتصلت ببيت السيد الحائري من المكتب وتواعدنا في المكتب بعد صلاة المغرب، ثم أتصلت مباشرة بالشيخ محمد رضا النعماني فتواعدت معه في مكتب السيد الحائري أيضاً بعد المغرب. وعند الموعد ألتقيت بالسيد الحائري ومعه عدد من رجال الدين من موظفي المكتب، فقدمت اليهم صور صلاة الجمعة في الكوفة. فأخذوا ينظرون أليها بتعجب فقلت سيدنا هذه الكتب هدية من سماحة السيد الصدر، وعندي رسالة خاصة منه اليك ألقيها عليك سراً فقال: ليست عندي لقاءات خاصة، وأنما لقاءاتي معلنة، فقلت: لكن السيد الصدر أوصاني أن تكون سرية. فقال: أنا لا توجد عندي أية أتصالات سرية مع سيد محمد. فكررت عليه فقال: كل من يتواجد عندي من ثقاتي وهم كأولادي. فسكت فأنبرى أحد الشيوخ وهو ينظر الى أحدى الصور قائلاً: هذا التجمع اكيد وراءه السيد محمد سعيد الحكيم لأنه ثوري من أسرة ثورية.فقلت له: لا، ان سعيد الحكيم حرم صلاة الجمعة. فقال: هذا كذب. فقلت له: أنت كاذب. أنا في العراق أعيش فيه وأعرف ما فيه. فقال: منذ متى أصبح العراقيون يصلون بهذا العدد. فقلت وأنا اشير بأصبعي أليهم جميعاً: عند ما خرجت Aالزبالة@ من النجف.
فألتفت أخيراً الى السيد الحائري فقلت له: سيدنا هل تعطيني موعداً خاصاً أم ما زلت مصراً. فقال: أنا ما عندي أية لقاءات خاصة. فقلت: الظاهر أن السيد ليس أهلاً لهذه الرسالة. ثم نهضت وخرجت وعند باب المكتب ألتقيت بالشيخ محمد رضا النعماني وهو داخل فسلمت عليه ودخلنا الى سرداب المكتب وكان مرحباً بي أفضل من الآخرين، فسألني عن أحوال وأوضاع الامام الصدر المقدس، وبعد ذلك أخبرته بالرسالة أذ كانت موجهة أليه مع الحائري، وكان فحواها افتتاح مكتب للامام الصدر المقدس في قم ودعمه إعلامياً. فأعتذر بأنه مريض لا يتمكن من ذلك، وأعتذر عن السيد الحائري بأنه رجل مريض وكبير في السن وهذه طبيعته في التعامل مع الناس، وأخبرني أن الامام الصدر المقدس قد بعث إليه في وقت سابق بنفس الأمر وقدَّم طلباً لهذا الغرض الى الدوائر المختصة فلم يأتِ الرد بالموافقة. فأعطيته الأمانات التي أرسلها بيدي الامام الصدر المقدس وخرجت من المكتب.
وفي صباح اليوم التالي توجهت الى مكتب السيد محمود ا لهاشـمي، فعرَّفت مسؤول تشريفات المكتب بنفسي فرحب بي ترحيباً كبيراً ومشكوراً، فطلبت لقاء السيد محمود ا لهاشـمي لكوني أحمل رسالة من الامام الصدر المقدس إليه. فأخبرني أن السيد ا لهاشـمي متواجد حالياً في خراسان لزيارة الامام الرضا (ع)، وبعدها تجمع أعضاء المكتب وفرحوا بأخبار الأمام الصدر المقدس والعراق وأخذوا بالدعاء له بطول العمر، وأن يحفظه الله من الطاغية ومن المنافقين.
أتصل بعد ذلك مسؤول التشريفات بالسيد ا لهاشـمي في خراسان، وأخبره بقدومي والغرض الذي جئت من أجله فكلمني السيد ا لهاشـمي با لهاتف. وبدأ بالسؤال عن أحوال الامام الصدر المقدس وعن أوضاعه، وبلغته برسالة الامام الصدر المقدس.
ولكنني أحسست باليأس من الجميع، فأتخذت منزل الاخ Aابي زهراء@ كمركز للدعوة الى مرجعية الامام الصدر المقدس، فكنت ألتقي بالأخوة العراقيين وأتحدث إليهم عن الوضع الحالي في العراق، وأوزع صور صلاة الجمعة وأشرطة الفيديو وغيرها. وبدأ العراقيون بالتوافد الى البيت بكثرة و لهفة، وطلبت من الأخ Aأبي زهراء@ وبعض الأخوة أن يستمروا في الدعوة لأني كنت على وشك العودة الى العراق. وهكذا بقيت في ايران حوالي شهر واحد. ووجدت تجاوباً كبيراً من العراقيين في إيران، وكانت أنفعالاتهم واضحة بعد أن رأوا اشرطة الفيديو. فأصبحت هذه الرحلة بمثابة النواة الأولى لمرجعية الامام الصدر المقدس في ايران.
وقبل يومين من عودتي الى العراق أتصلت بالشيخ محمد رضا النعماني لأسمع الكلام الأخير على طلب الأمام الصدر المقدس فذهبت الى منزله ومعي أثنان أحدهما Aأبو زهراء@ فسألت النعماني عن الأمل في أفتتاح مكتب فأجاب: أستبعد أن تحصل موافقة عليه. وأنا أريد أن أوصيك وصية توصلها الى السيد محمد. لماذا هذا الضغط على النساء السافرات ليحرم ركوبهن في سيارات الأجرة، ويحرم البيع والشراء معهن. اننا لا نريد ضغطاً على النساء فتأتي النتيجة عكسية مثلما حصل هنا. وأخبره أن الشيخ محمد رضا النعماني يسلم عليك ويقول لك: Aما هكذا تورد يا سعد الأبل@
وبعد ذلك بيومين عدت الى عراق الاسلام، وفي أول يوم من وصولي الى عراق الاسلام توجهت الى منزل مولى المؤمنين الامام الصدر المقدس(رض) في النجف الأشرف، فألتقيت به في منزله وبرفقتي الشيخ الشهيد محمد النعماني(رحمه الله)، وكان لتوه قادماً من لبنان فأخبرني الشيخ الشهيد النعماني بأن الامام الصدر المقدس اخبره البارحة بأن أبا سيف سوف يأتي عن قريب وكان الوقت بعد صلاة العشاء. فدخلت عليه(رض) فأعتنقني بحرارة وبعد الجلوس حدثته بكل شيء حدث في ايران، وكلام السيد الحائري و السيد
ا لهاشـمي والشيخ محمد رضا النعماني فأنزعج من كلام محمد رضا النعماني، وقال: الآن دعني أفكر في الأمر. وأنت أرجع الى عملك في التغطية الاعلامية لصلاة الجمعة هنا لأنه أوعز لي بمهمة التغطية الاعلامية لصلاة الجمعة في بداية صلاة الجمعة في الكوفة.
وبعد شهرين تقريباً ألتقيت به (رض) فقال: سوف أبعث معك أمانة الى أيران وهي أمانة غالية السيد جعفر الصدر ولكن أذا مسكوه فسوف يساومونني على الكثير حتى على صلاة الجمعة، وأنا أرى أنك ستنجح في إنجاز هذه المهمة وسيكون قلبي معكم.
وبعد أربعة أيام من هذا اللقاء توجهت وبرفقتي السيد جعفر الصدر، فدخلنا الى الاراضي الأيرانية بعد رحلة متعبة وشاقة ومخاطر. فوصلنا الأهواز فأتجهنا الى منزل الشيخ حسن فرج الله، الذي كان الوحيد في رحلتي الأولى موافقاً على مساندة الامام الصدر المقدس، وأعطيته وكالة في ذلك الوقت. فرحب بنا وخرج وبكى للقاءنا. فأتصلنا بالشيخ محمد رضا النعماني وهو في قم فجاء في نفس اليوم الى الأهواز وأخذ السيد جعفر الصدر وأنا رجعت في اليوم التالي الى العراق لأمر الامام الصدر المقدس بذلك، فأوصلني الشيخ حسن فرج الله الى الحدود حيث كان ينتظرني المهربون. وفي نفس يوم وصولي الى عراق الاسلام ذهبت مباشرةً الى النجف فألتقيت الامام الصدر المقدس(رض) فأخبرته بوصول السيد جعفر، ففرح كثيراً وذكر كلاماً كثيراً يمدحني فيه أتحاشى ذكره الآن.
وبعد أسبوع ألتقيت به(رض) فقال: هيأ نفسك لنقل العلوية زوجة السيد جعفر الصدر الى أيران. وبعد أكثر من شهر من هذا اللقاء، قمت بنقل العلوية الى أيران، وبعد وصولنا الى عبادان في بيت أقارب الشيخ محمد رضا النعماني تركت العلوية عندهم، وفي عبادان أخذتني نقطة تفتيش في أحد شوارعها لعدم وجود مستمسك رسمي. فبقيت في السجن ثمانية أيام. فتدخل الشيخ محمد رضا النعماني والسيد جعفر الصدر فأطلق سراحي. فتوجهت الى قم وكان النعماني قبل ذلك قد أوصل العلوية الى السيد جعفر. فبقيت حوالي أسبوع بعد ذلك ورجعت الى عراق الاسلام و أيضاً ذهبت الى النجف وإلتقيت بالامام الصدر المقدس وبلغته كافة الأحداث ووصول العلوية فأستأنس كثيراً.
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-12-2005, 07:08 PM
السفير الخامس الحلقة 2
وبعد حوالي شهر أي بعد الخطبة السابعة والعشرين للأمام الصدر في مسجد الكوفة المعظم، أمرني(رض) بالسفر الى أيران وأفتتاح المكتب في مدينة قم، وأعطاني والسيد جعفر صلاحيات واسعة منها اعطاء وكالات خارج ايران، والتصرف في الحقوق بما تقتضيه المصلحة، وغيرها من الاعلام والدعوة لمرجعيته(رض)، فسافرت الى أيران للمرة الرابعة عبر الحدود فأبلغت السيد جعفر الصدر بأوامر الامام الصدر المقدس بالمباشرة بافتتاح المكتب، وفي ليلة ولادة أمير المؤمنين(ع) 13رجب 1419هـ أفتتحنا المكتب بعد صلاة المغرب، وفي اليوم التالي أتصل بنا مكتب لبنان بأن لنا رسالة جاءت من الامام الصدر المقدس عن طريقهم بالفاكس. وكانت الرسالة عبارة عن كلمة موجهة الى طلبة السيد الشهيد والعراقيين في المهجر فأتصلنا بالعراق وكان على ا لهاتف الشيخ الشهيد محمد النعماني(رحمه الله) فأبلغنا بأن الامام الصدر المقدس يأمر بأقامة حفل أفتتاح المكتب، وألقاء هذه الكلمة نيابةً عنه، وفي اليوم الخامس لأفتتاح المكتب ذهبت والسيد محمد جعفر الى منزل الشيخ محمد رضا النعماني لكي يلقي الكلمة نيابة عن الامام الصدر المقدس فرفض إلقاء الكلمة، وقال للسيد محمد جعفر: أترك المكتب وأترك الدعوة للسيد محمد واتجه الى الدرس. فرد عليه السيد جعفر وأشتد الكلام بينهما فقال النعماني: إن محمد الصدر لم يثبت اجتهاده وليس عنده أجازة بالأجتهاد ولا تلوث سمعة أبيك لأن محمد الصدر لا يساوي أظفر أبيك. فخرجنا منه. وفي نفس اليوم عصراً ذهب السيد محمد جعفر الصدر الى مكتب السيد كاظم الحائري لكي يدعوه لحضور حفل الافتتاح. فرفض السيد الحائري قبول الدعوة وقال: ماذا يفعل محمد الصدر بالمكتب هنا، الا تكفيه النجف؟ وذكر اموراً أخرى نحن في غنى عنها الآن. فخرج السيد محمد جعفر وهو غير راضٍ، وفي اليوم السابع من أفتتاح المكتب بُلغنا بالمنع من إقامة الحفل، وفي اليوم الثامن أغلق المكتب وختم بالشمع. وبعد أغلاقه بحوالي شهر عدت الى عراق الاسلام فأبلغت الامام الصدر بما حدث وكانت حينها مناسبة ولادة الامام المهدي(عج) في شعبان 1419والأزمة في قمتها مع النظام فأخبرته بما يلي: موقف الشيخ محمد رضا النعماني، وموقف السيد كاظم الحائري وأخبرته ان الشيخ حسين المؤيد قد أنزل صورة السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) من مكتبه، وقال: إنني لا أريد أن أنسب الى هؤلاء المشبوهين كمحمد الصدر وأمثاله وأن السيد محمد الصدر سفيه وأنا أعلم من محمد باقر الصدر. والمؤيد اخواله آل الصدر. فقال الامام الصدر(رض) عجيب لقد دخل المؤيد الى أيران بأسم آل الصدر. ثم شرحت له كيف أن هناك من إستنكر زعل بسبب إشارته الى السيد كاظم الحائري بالأعلمية من بعده، وعليه إنقلب حاله من التأييد إلى العداء، فقال (رض): أنا لا أنافق، وقد قرأت مؤلفاتهم فوجدت أن الحائري أعلمهم، فقلت: إن السيد الحائري كان خائفاً ولم يدعمك بكلمة واحدة فقال: نعم أنا أعلم أنه جبان… جبان. ثم قال لي: انني سوف لن اراك ثانية (يعني بعد ما أشوفك) وأوصاني وصايا خاصة بي وتوجيهات ووصايا تخصنا أنا والسيد محمد جعفر الصدر ثم قال: يجب عليك العودة الى إيران في أسرع وقت، وتطالب جميع المسلمين بدعمي أعلامياً لأني الآن في خطورة من النظام، وأن تتصل بشبكات الاعلام الصوتية والمرئية الاسلامية ليوضحوا جانباً من صلاة الجمعة حتى يستخير النظام ألف أستخارة قبل أن يأتي الي.
وأخذ يملي عليَّ أحداث شعبان، وأمرني بنشرها في كافة أنحاء العالم، وقد ذكر الشيخ الزيدي نص البيان في هذا الكتاب وهو من لسان الامام الصدر المقدس(رض) حرفياً (راجع فصل التدرج في الموجهة صفحة 129.) فأتجهت الى الحدود في الرحلة الخامسة والاخيرة، ودخلت الاراضي الايرانية في 23شعبان 1419هـ وكنت في كافة رحلاتي أحمل بجعبتي أشرطة تسجيل وأفلام الفيديو وصور لصلاة الجمعة المقدسة في مسجد الكوفة الاعظم بأمامة الامام الصدر المقدس(رض) ومؤلفاته ومنشورات صدرت من مكتبه(رض) وغيرها.
وعند وصولي الى قم قمت بنشر أحداث شعبان كما أوصاني شهيدنا المقدس من منزل الشيخ مرتضى الساعدي عن طريق الفاكس، وبعثت بها الى كل من لبنان والاردن وسوريا والدنمارك والسويد وهولندا والنرويج وبريطانيا وفنلندا وأستراليا والولايات المتحدة الامريكية والكويت والامارات، أذ في هذه البلدان توجد مكاتب وممثليات ومقلدي الامام الصدر المقدس. وأوصيت بنشرها على الانترنيت والصحف والمجلات. وإخبار المجتمعات والمنظمات كافة بأن الامام الصدر المقدس في خطر، ويحتاج الى دعم أعلامي. وفي يوم الأحد الموافق 30 شعبان 1419هـ دخلت السجن في ايران وذلك قبل أستشهاد الامام الصدر المقدس(رض) بأكثر من شهرين وبعد قضاء مدة سنة وأربعة أشهر تقريباً أطلق سراحي.
وبدأت المهزلة الجديدة، إذ ما أن خرجت من السجن حتى سكنت في منزل مقلدي الامام الصدر المقدس في قم، والذي كان يرعاه السيد كاظم الحائري أذ كان يدفع الايجار والكهرباء والماء والحمد لله. فأستقبلني السيد محمد جعفر الصدر (حفظه الله) أستقبالاً حميماً، وقد كان السيد جعفر يرسل ألي بمبلغ شهري وأنا في السجن. وأخذني الى خراسان لزيارة الامام الرضا(ع)، فبقينا مدة ثلاثة أيام وعدنا بعد ذلك. فأمر سماحة السيد الحائري (دام ظله) بطردي من البيت وحرَّم (دام ظله) عليَّ أخذ الدروس في البيت كذلك. وكانت مواقف الأخوة القادمين من النجف تميل نحو الاساءة أليَّ يوماً فيوم، فعلمت أن سماحة السيد الحائري وجهات أخرى قد حرضت عليَّ الجميع، ويتهمني السيد الحائري بأنني عميل للمخابرات العراقية.
المهم أنني أضطررت لأيام الى المنام في حرم السيدة فاطمة بنت الامام الكاظم(ع)، وكنت أقضي أياماً لا أشبع من نوم أو طعام، وقضيت في أحدى المرات أسبوعاً كاملاً بدون أن أغتسل. وبعد ذلك علمت أن هناك مؤامرة ضدي أشترك فيها عدد ممن كنت أحسن الظن به، وآخرون غرر بهم غفر الله لنا، وقد كانوا يظنون أنهم بذلك سوف يسقطوني في قم فأهرب منها. ولكن ربك بالمرصاد، أذ وقف أخوتي الشرفاء معي حتى هذه اللحظة وهم بطبيعة الحال من مقلدي شهيدنا المقدس والمستضعفين أينما حلّوا، وأنا حينما ذكرت هذه الأحداث الأخيرة لم أكن أبتغي أن أشتكي الى أحد بل هي حقائق للتأريخ حتى لا يعلو هؤلاء بأسم الامام الصدر المقدس كما حدث مع السيد الشهيد(قدس) إذ كما تاجر البعض ممن يحسب على السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) بأسمه ودمه، فهؤلاء يريدون أن يتاجروا بأسم شهيدنا المقدس حتى أدعى الكثير منهم الوكالة عنه(رض) كذباً وزوراً، من أجل الاستجداء من المكاتب والحصول على الشهرة والمكانة الاجتماعية، وقد حصلوا الى الآن على ما أرادوا ولكن ليقف هذا الكتاب ليبين زيفهم وكذبهم.
وهذا الكتاب الذي بين ايدينا جامع لكثير من الحقائق الخافية، والغامضة على اذهان الآخرين وخصوصاً التي تعرض لها شهيدنا المقدس، وهي مظلومية ذات ابعاد عالمية واقليمية فان فاتنا ان ندفع تلك الرصاصات التي توجهت الى قلب سيدنا الشريف وجبهته الشريفه فبأمكاننا ان نرفع عنه اسنة الأقلام والألسن الحاقدة التي ما انفكت يوماً ما الا وعرضت بشهيدنا المقدس.
وتأييداً لقول ماجد العراق الشاعر العقابي الذي استطاع ان يكون صوتاً معبراً ومدوياً في عراق الجراح مندداً بقاتلي شهيدنا السعيد المقدس الأمام الصدر(رض)، ويزول العجب اطلاقاً اذ ما علمنا ان الشاعر صوت الأمة المنطلق من صميم كيانها ووجدانها حاملاً هموم شعبه على يديه. فكما قال العقابي.
اذن ما مات اسد كوفان سبع الطف ابو مؤمل
نعم يا ماجد. الأمام الصدر المقدس لم يمت فقد انجب ابطالاً، وهذا الشيخ الزيدي يطل علينا من نافذة جديدة ويضع العناوين بأماكنها الصحيحة والواضحة، ولا يخفى على أبناء عراق الاسلام أن سماحة الشيخ الزيدي قد كان اماماً للجمعة في اكثر من مدينة في عراق الاسلام اذ كان اماماً للجمعة في قضاء (قلعة سكر) في محافظة الناصرية وفي محافظة الكوت (المركز) وامام الجمعة الدائم في قضاء (الحي) في محافظة الكوت، ووكيل الامام الصدر المقدس (رض)، وكما عرفناه من قبل في (دفاع عن المرجعية وحوار حول المرجعية بقسميه الأول والثاني) هذه الكراسات او النشرات قامت بدور كبير في نصرة الأمام الصدر(رض) وانا شخصياً كلفت بأستنساخها وتكثيرها من قبل الأمام الصدر المقدس(رض)، ولمست مدى تأثيرها على ساحتنا الجريحة بل حتى خارج العراق وكم سررت عندما اخبرني الشيخ الشهيد محمد النعماني(رحمه الله) بأن الأمام الصدر المقدس قد اثنى على (حوار حول المرجعية) ببيت من الشعر يستحقه مؤلفنا الشجاع وهي شهادة شرف خطت بأنامل الأمام الصدر المقدس(رض) يفتخر بها المؤلف الجليل وهو هذا البيت:
هكـذا هكـذا والا فـلا لا ليس كل الرجال تدعى رجالا
وما اروع الحقيقة عندما تؤرخ من قبل اديب وباحث تأريخي وقائد ميداني كالكتاب الذي بين يدي سيدي القارئ، ولا ابالغ حينما اقول ان نشرات المؤلف قد فجرت الطاقات في وقتها فقد فتح المجال للأدباء والكتاب والشعراء ان يعبروا عما في داخلهم ويكرسوا جهودهم في سبيل نصرة الأمام الصدر المقدس(رض) وخصوصاً ان شهيدنا المقدس(رض) كان يشيد ويقدر كل ما يقدم له من ابحاث ونشرات من هذه الفئة في المجتمع تشجيعاً منه لتسخيرها لخدمة الحوزة الشريفة.
وفي الوقت الحاضر ونحن نمر بأضطراب بسبب عدم تمييز العدو من الصديق والعميل من المخلص، فان الشيخ جزاه الله خير جزاء المحسنين قد أفرغ ذمته واراح ضميره وعمل بتكليفه الشرعي بأيضاح الحقيقة لمرجعية الأمام الصدر المقدس، واعتقد ان الكتاب سيُنتقد من قبل الذين سيضر بمصالحهم الدنيوية، وسوف يكيلون للمؤلف شبل الأمام الصدر المقدس التهم التي انسبوها من قبل الى الامام الصدر المقدس، وانا قلت من قبل لأحد منتسبي ما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الأسلامية في العراق، وهو رجل مؤمن وله موقف جيد تجاه الأمام الصدر المقدس وكان ثالثنا السيد محمد جعفر الصدر، بأن الأتهامات التي يتهمون بها السيد الصدر بأنه عميل لصدام سيقولونها حتى لو تمكن السيد الصدر من القيام بثورة وقيادة العراق بنظام اسلامي شريف فسيقولون بأنه عميل لأمريكا واسرائيل، وهما اللتان نصبتاه على العراق، ولو بعد ذلك قام بتحرير العالم وحكم العالم بنظام اسلامي شريف، فسوف يقولون انه متعامل مع الشيطان بل يقولون هو الشيطان الأكبر وحاشاه.
فأن الشخص كلما وقف مع الحق ودافع عنه سوف يحصل العكس من الشياطين فيقفون ضده، ويكيلون له التهم ولكن هذه الورقة اصبحت خاسرة فلا تنجح مع ابناء شعبنا الأبي الواعي الذي اصبح يدرك ما يدور حوله من مسرحيات، ويدرك ان ا لهدف من محاربة القادة العظام المخلصين ومن يتعلق بهم والقضاء على حركاتهم هو النجف الأشرف، حوزة امير المؤمنين(ع)، وان عودة النجف الأشرف مناراً للعلم تضر بمصالح دنيوية كثيرة ومخططات اسرائيلية مشترك بها كل من يريد بالنجف الأشرف والعراق والعراقيين الدمار والذل، وا لهدف الرئيسي من ذلك هو وقف عجلة مسيرة انماء القاعدة الشعبية للأمام المهدي (عج)، والتعتيم الاعلامي الذي كان ولا زال على حركة وفكر الأمام الصدر المقدس بحيث لم تطبع مؤلفاته لحد الآن، ونرى بعض الصور الموجودة الآن خارج العراق ما هي الا ترويج الى من يريد ان ينسب الأمام الصدر المقدس وحركته اليه، وترويج احاديث للامام الصدر المقدس تفي بالغرض الشخصي اذا صحت هذه الأحاديث والعبارات من كلمات منسوبة اليه(رض) وهي غير موثقة وعدم دعمه اعلامياً في حياته. فقد اوصاني كما ذكرت سالفاً بأن يدعم اعلامياً من جميع وسائل الأعلام، حيث لم نرَ الا بياناً بسيطاً في صحيفة القبس الكويتية الذي نشره السيد محمد باقر المهري احد وكلاء الأمام الصدر المقدس في الكويت، بعد ان ارسلت له احداث شعبان الأخيرة بالفاكس، اما باقي وسائل الأعلام فلم نجد منها تجاوباً، بل في بعض الأحيان عند ما نطلب من بعض من يدعي الأسلام ان يدعموا الأمام الصدر المقدس اعلامياً نجد الرد غير متوقع وعكسي.
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-12-2005, 07:11 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 3
وهكذا تعود فاجعة يوسف(ع) من جديد ولكن فاجعة يوسف عصرنا اكبر فيوسف(ع) رُمي في غياهب الجب من قبل اخوته لتلتقطه السيارة، ولم يقتلوه فقد كان في قلب بعضهم خوف من الله سبحانه وتعالى، اما يوسف عصرنا(رض) قتله اخوته وشربوا من دمه واكلوا من لحمه، ويحاولون ان يمحوا فكره، وان يجتثوا شجرته، وهم يعلمون جيداً بأن الأساس هو الإخلاص. والشجرة التي زرعها الأمام الصدر المقدس شجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء، وشجرتهم خبيثة لأنها زرع اليهود. فاعدوا العدة ضد شهيدنا المقدس في سقيفة ثانية، واتفق اهل الباطل على باطلهم، ونسأل الباري عز وجل ان لا نتفرق عن حقنا لكي تفشل مخططات الدولة البيزنطية الحديثة، وحوزتها المشئومة ضد امير المؤمنين(ع)، ونجفه وكوفته وصدره المقدس الذي انجب ملايين الأشبال ونقف بوجه الظالم يداً واحدة، وبدون خذلان او تراجع وضعف، لتستمر حركة شهيدنا المقدس الأ لهية وحوزته المحمدية الشريفة بأذن الله تعالى، ويبقى املنا بالله جل جلاله. واتذكر كلمات شهيدنا المقدس التي قا لها عندما سئل من للحوزة بعدك فقال: للحوزة رب يحميها، وليس بيد عبدالمطلب، او السيد محمد الصدر حفظها وحمايتها.
وأسأل الباري عز وجل ان يحرك هذا الكتاب اقلام اشبال الصدر المقدس لتدوين تأريخ حركة شهيدنا المقدس، وايضاح ثمرة صلاة الجمعة المقدسة، وهذه المسؤولية تقع على عاتق جميع ائمة الجمعة ووكلاءه(رض) وتحليلها من قبل الشرفاء من ادبائنا بأصنافهم من كتاب وشعراء وباحثين. ونرفع ايدينا بالدعاء لمؤلف هذا الكتاب Aمختار القلم@ الشيخ عباس الزيدي المياحي ونسئل الباري عز وجل ان يدفع عنه كيد الكائدين وغدر الغادرين والله المستعان على ذلك:
اللّهمّ إنّا نرغب إليك في دولةٍ كريمةٍ تعزّ بها الإسلام وأهله، وتذلّ بها النّفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدّعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدّنيا والآخرة.
وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
24جمادى الأولى 1421هـ
ابو سيف الوائلي
وكيل الامام الصدر المقدس (رض)
المقدمة
الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم. وبارك وترحم، على محمد نبيك ورسولك الكريم وعلى آله الطيبين الطاهرين.
قدّم أهل بيت العصمة، صلوات الله وسلامه عليهم، كل ما يمتلكون من نفس ونفيس من أجل اعلاء كلمة الله وقد سارت ثلة من ذريتهم وشيعتهم على طريقهم. ولا تخلو صفحة من صفحات التاريخ الاسلامي من بقعة من دمائهم الزكية وقد كانت هذه الدماء وما تزال المداد الصارخ في سطور هذه الصفحات. وهاهم آل الصدر يواكبون السير بخطى حثيثة على هذا الدرب وهذا البيت الكريم على قلّة عددهم أبوا إلاّ أن يكونوا الأضاحي والقادة لشعب العراق، الذي بدوره اختارهم وهتف بأسمائهم وسار بركبهم. وبعد مأساة السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) الذي ظل القمر الأوحد في سماء العراق حتى جاء الامام الصدر ليقطع مع شعبه مسافات خيالية ويتجاوز من الخطوط الحمراء ما عجز الأولون عن الاقتراب منها.
وأجزم ان الكلام حول شخصيّة الامام الصدر(رض) ومحاولة الأحاطة بها.. بصورة تامة دونه خرط القتاد فلا الشاهد والشهيد ولا مرجعيّة الميدان ولا هذا الكتاب بقادر على اعطاء أقل قسط من حق هذه الشخصيّة الجبارة.
ولكن الفوارق بين هذا الكتاب وما كتبه الآخرون كثيرة ومهمة لست بصدد سردها جميعاً ولكن أهمها انني عاصرت وسمعت ورأيت الكثير منه(رض) عن قرب، والآخرون بعيدون وكذلك فأني وأخواني من أئمة الجمعة وطلبة النجف الذين قلّدوه كنا وما زلنا لا نرى أحداً غيره في عمقه وشجاعته وايمانه وأبوته.. وأنا حين كتبت ما سوف تقرأ لم انطلق من أهداف حركية سياسية وحزبية معيّنة وغير مهتم أو متأثر بأحدها بل انطلق من ولائي للامام الصدر لا غير. أسال الله الثبات على هذا الولاء وحسن العاقبة به إن الله على ما يشاء قدير.
ولا اُسرف في القول إذا قلت انه لم يحدث في العالم الاسلامي حدث اهم من حركة الامام الصدر منذ خلافة أمير المؤمنين(ع) لما اثبتت من استطاعة رجل بمفرده ان يقلب الموازين رأساً على عقب.
وإني ليزداد استغرابي كلما مر الزمن إذ ما هو السبب وراء عدم الاهتمام بفكر الامام الصدر أو بحركته من قبل المفكرين أو الدارسين الاسلاميين؟ وما بال الاعلام الاسلامي نسي أو تناسى معطيات هذه الحركة؟
فهل ان مؤلفات الصدر لا تحتوي على فكر جديد؟ أم ان المصالح الشخصية أو الحزبية لن تستفيد شيئاً من اظهار عظمة هذا العملاق الاسلامي وعلى أية حال فسؤالي هنا ليس للاستفهام بل للأعلام فتفكر!!!
ودع عنك نهباً صيح في حجراته وهات حديثاً ما حديث الرواحل
وأخيراً فان كل ما ذكرته في هذا الكتاب جاء نتيجة مشاهداتي وسماعي لكثير من هذه التصريحات من قبل الامام الصدر(رض) وأولاده والشيخ محمد النعماني(رحمه الله)، الذي أعتمدت عليه بصورة كبيرة نظراً لعلاقتي الشخصيّة معه.
وكذلك اعتمدت على معلومات الكثير من الاخوة الأجلّة من طلبة النجف وأئمة الجمعة ووكلاء الامام الصدر(رض) ولا أجد كلمات مناسبه تفي هؤلاء الاخوة (الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه) حقهم من الشكر والثناء.
23/ ربيع الآخر / 1421هـ
عباس الزيدي
امام جمعة مدينة الحيً ووكيل الامام الصدر (رض)
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-12-2005, 07:12 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 4
كلمة لابد منها
رغم كل سنوات الضياع وعدم الالتزام بالشريعة الاسلامية فقد كان العراقيون ومازالوا عاشقين لآل محمد(ص) وبمجرّد أن يسمع الانسان المنحرف اسم أمير المؤمنين(ع) فهو يزهو ويفتخر بأنه موالٍ له ويذكر من مناقب الامام(ع) ما توارثه عن آبائه وأجداده. مع العلم أن أكثر الناس ذوباناً في آل محمد(عليهم السلام) هم الناس الآمّيون وهذا ما نجده حيّاً في أقصى نقطة من ريف العراق سواء في الأهوار أو في الصحراء.
وكنا نعتبر الحوزة العلمية في النجف الاشرف الجنّة التي نتطهر بها بين فترة وأخرى ومجرّد رؤية رجل الدين فان الشياطين تفر من قلوبنا يميناً وشـمالاً ومجرّد سماح رجل الدين بتقبيل يده الشريفة فهذا يعني غاية الفخر في الدنيا والآخرة. وهكذا حافظت الحوزة على قدسيتها الى سنة وفاة الخوئي وكان الأمر كالصاعقة على رؤوسنا ومع ذلك كنا نأمل المزيد فالحوزة ستبقى مهما خسرنا من أعلام وقادة. ولأول مرّة نسمع ان هناك في النجف رجل دين عميل يتسلّط على رؤوس المساكين من علماء الشيعة وهذا الرجل جبار وقاتل وصديق حميم لرأس النظام!!!
وكان الفضل كل الفضل في نشر هذه الحقائق Aالتي تبيّن انها أكاذيب@ يعود الى الحوزة والى ابن زعيم الحوزة. فبدأنا نلعن هذا الرجل العميل والبراءة منه لاننا رغم جهلنا كنّا نكره النظام.
وكذلك لن نسمح لرجل دين وإن كان عراقياً بان يتعاون مع النظام ويدمر مرجعيّة الآيات العظام اذ لا توجد في قواعدنا قاعدة اسمها مرجع عراقي!!! وهذا ما اصبح من البديهيات مع أننا كنا نؤمن كل الايمان بأنه لا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى. وهناك عامل آخر هو المهم ان الآيات العظام معصومون ولكن ليس بالعصمة الواجبة بل بالعصمة الثانوية!!! ومن هذا الكثير.
وشاءت أرادة الحق ان نقترب من الحوزة أو انها اقتربت منّا وهذا ما فعله العميل!!! فبدأنا معه صراعاً شديداً ولكنه سريع ومسابق للزمن بشكل لا يمكن لسنن التاريخ ان تتسابق معه.
فكان يصرّح وكنا نستنكر مرّة ونستفهم أخرى فمن هو هذا الذي قد قدم الينا من المجهول ليحاول تدنيس قدسيّة الآيات العظام.
كان يقول تأكدوا من قولي اسألوهم كذا وكذا وطالبوهم بكذا وكذا.. وأحببناه رغم عدم تصديقنا بما قال بشكل كامل إذ بقينا مترددين وبمرور الزمن بدأت خيوط الحقائق تقترب مرّة وتبتعد أخرى.. فاذا هي كالسراب ونحن نركض ونهلث لعلنا نجده ماءً أو وهماً وجاءت Aسنوات المحنة وأيام الحصار@ في منتصف هذا الصراع لتعلن ان نصف ما قاله ذلك العميل حق محض. وعادت دماء محمد باقر الصدر الى الغليان من جديد فصدام هو الذي طعن الصدر وقتله ولكن من أعطى له السكين ومن افتى له بالطعن؟ هذا ما اجابته بوضوح ًمحنة النعمانيً فحصل الرجل على نقاط قوة وتأييد واصبحت صفة العمالة منتفية. واصبح محمد الصدر هو السيد محمد الصدر!!! ماذا لديك أيّها السيد؟ وما هو الفرق بينك وبين قتلة استاذك هل عندك شيء جديد أم هو السكوت والركون واكل الحقوق والكذب والاحتيال والخداع!!؟
نعم وجدنا عنده الجديد والكثير والعجيب وكل العجب.
وجرَّد سيفه ومضى يصارع العالم اجمع والجبهات متعددة فاليهود من جهة والنصارى من جهة والمسلمون من جهة ولأول مرّة في تاريخ البشرية تجتمع كلمة الشيعة والسنة واليهود والنصارى والسيخ وا لهندوس والبوذيين والشيخية واليزيديين ووو. على عدو واحد بدأ صوته يرتفع بدون خشية والكل ينادي أقتلوه اقتلوه. والسهام تتوالي عليه حتى اصبح ظهره كظهر القنفذ.
وفي كل يوم جديد تتجدد المعركة.
وبدأ العراقيون يسيئون الظن وهذه أول خطوة مع التردد هل الكل على باطل؟ والسيد محمد الصدر على حق.
هل عصى اًلله؟ كلا. هل جاء بدين جديد؟ كلا. هل امرنا بطاعة الشريعة؟ نعم. هل امرنا وعلمنا كيف نعرف ونحب الله؟ نعم. هل وجدناه في العمل كما سمعناه في القول؟ نعم.. فلماذا يحاربونه باسم الاسلام هل يوجد اسلامان أو أكثر؟ والعراقيون يموجون ويتحيرون الى ان تثبتوا وثتبوا فألتفوا حوله وأصبح السيد محمد الصدر هو الامام الصدر وكفروا بكل دين إلاّ دين الأمام الصدر. فاجمع العالم إجماعاً منقولاً ومحصلاً باهدار دمه وتمزيق اشلاءه وحرق كفنه وكسر سيفه وتشريد ايتامه.
وعاد معاوية بكل قوته يصرخ }سحقاً سحقاً... دفناً دفنا{ لا تبقوا لآهل هذا البيت باقية أفتوا بان الجمعة فتنة والذي افتى بها من اصحاب الفتن أفتوا بأن كتبه كتب ضلال ولا تجوز قراءتها.
امنعوا صوره في المكتبات والشوارع...
كمموا الافواه التي تنادي عاش عاش.. عاش الصدر فهذا الصوت قد اخترق الآذان فارتجت الادمغة.
ولكن هيهات هيهات سيبقى اسم الامام الصدر اللعنة التي تطاردكم في دروسكم وفي بيوتكم وفي احلامكم وان يتامى العراق ونساءه وشيبته وشبابه وجباله وسهوله يلعنونكم ويبصقون في وجوهكم يا قتلة الصدر.
فلعن الله امة قتلتك ولعن الله أمة ظلمتك ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به.
والسلام عليك يا نائب الامام سلام من أسود قلبه من الحقد الى أن يأخذ ثارك مع امام حق بأذن الله ورحمة الله وبركاته.
الحوزة وشيعة العراق
لا يمكن لأحد ان ينكر دور أهل العراق في الاسلام، ونشره والدفاع عنه على طول تاريخ الاسلام، وهنا لابد أن الفت النظر الى مسألة ان أهل العراق يكادون أن يكونوا الامة الوحيدة التي دخلت الاسلام طوعاً وقامت سيوفهم بطرد الفرس من أرض العراق تحت راية الاسلام. ويمكن القول ان العراقيين هم قادة الحملات الاسلامية في الفترات الأولى للفتوحات الاسلاميةوكذلك فان الفكر الاسلامي الأصيل ظهر على ارض العراق سواء على الصعيد العقائدي او الفلسفي أو العلوم الطبيعية أو الانسانية عموماً، ويكفي في هذا المقام أن اقول ان ائمة أهل البيت(عليهم السلام) قد أتخذوا جميعهم ارض العراق كمنطلق وقاعدة لبث الاسلام ومذهب آل محمد(عليهم السلام) وذلك لما لأهل العراق من امتياز بالذكاء والثبات على المعتقد الصحيح، ومعروف ان اهل العراق في الأعم الأغلب من الشيعة الموالين لأهل البيت(عليهم السلام) ومع كل ما تعرّضوا له من اضطهاد، وقتل وتشريد إلاّ انهم ثبتوا على ولائهم حتى اعجزوا السلطات الحاكمة سواء في فترة الحكم الأموي أو العباسي أو العثماني الى هذا الوقت مما اضطر السلطات الى الوقوف بعجز تام امام صمود أهل العراق، وفشلت كل محاولات صرفهم عن المذهب الحق. ولا يمكن التغاضي عن دور أهل العراق في الثورات الاسلامية على طول الخط اذ لا تذكر ثورة اسلامية إلاّ وكان العراقيون قادتها أو اصحاب الدور الأهم فيها ـ وهذا مادعى الى شن الحملات الاعلامية ضدهم حتى لصقت بهم سمة اهل الشقاق والنفاق، وأهل الفتن وقد أجاد المعتزلي ابن أبي الحديد في الرد على هذه التهمة قائلاً ما مؤداه:
}إن السبب في خروج أهل العراق المستمر وتذمرهم من السلطات أو الاتجاهات العقائدية المختلفة هو أن أهل العراق إذا ما طرح عليهم فكر جديد أو فلسفة معيّنة فانهم يسألون لماذا وكيف، ويناقشون، ولا يسلّمون بكل ما يسمعون أو يلقى عليهم وهذا ما يفتقده الأعم الاغلب من المسلمين وهذا هو الذي دعى الى نشوب الثورات أو ما يسمّى بالفتن{
ويمكن ان نستشف من قول القائل انهم اهل شقاق. أي انهم يشقون عصا الطاعة.
ولكن أليست هي عصا الأنظمة الجائرة؟ وهل مرّت فترة على العراق لم يحكمه فيها غير الطغاة المستبدين إلاّ فترة الأمامين أمير المؤمنين والحسن(عليهم السلام) وهذا ادعى الى تسمية اهل العراق بأنهم ثوار الأمة الاسلامية وإذا كانت وصمة قتل الامام الحسين(ع) تلاحق اهل العراق الى الآن فلنا ان نقول قبل كل شيء اين هو المكان الذي كان بالامكان ان ينصر الامام الحسين غير العراق وكذلك نسأل مَن هم انصار الامام الحسين غير العراقيين كحبيب، وزهير، ونافع، وبرير، ومسلم بن عوسجة وباقي الأصحاب أليسوا من أهل العراق؟ أليس أن السجون الأموية كانت ممتلئة في ذلك الوقت بالالاف من الشيعة الذين أرادوا الوثوب مع الامام(ع)؟ ومن هم الذين ثاروا للطلب بثأر الامام سواء في حركة المختار أو التوابين؟ ومن هم أنصار زيد الشهيد؟ ومن هم أنصار ثورة محمد وأبراهيم؟ غير اهل العراق هذا مع التخاذل المتواصل من قبل باقي المسلمين واذا كان أهل العراق أهل نفاق فماذا يفعل الائمة الاثنا عشر في العراق وقد اتخذوه قاعدة ومدرسة سواء في الكوفة أو بغداد ولنا أن نقول ان اهل العراق ثبتوا على تشيعهم مع كل انواع الظلم بينما نجد بعض الامم الاخرى قد تبرأت من التشيع بمجرد ان شهر عليها السيف كما حدث في المغرب العربي، ومصر وغيرها من البلدان.
مع هذا وغيره نجد أن اهل العراق قد تفاعلوا بشكل كبير مع اهل البيت وأصبحت السمة المعروفة عنهم انهم اصحاب تشيّع أو رفض كما يحب متعصبوا العامة أو صنائع السلطات في كل وقت ان يسمّوهم بذلك، وقد ورث علماء الشيعة مدارس آل محمد(ص) في العراق سواء في الكوفة }النجف الأشرف{ أو بغداد أو الحلة وكذلك كان العراق وما يزال المرجعيّة العليا للشيعة وان حدث ما أدى الى تحوّل المرجعيّة الى قم فمما لا شك فيه ان ابرز مراجع التقليد، وعباقرة المذهب ما هم إلاّ تلامذة النجف الأشرف وقد تخرجوا من مدرسته وحوزته العملاقة، وإن اضطرتهم الاحداث الى الانتقال الى قم فهذا لا يعني انتسابهم الى غير حوزة النجف مع الأخذ بنظر الاعتبار المكانة المرموقة لحوزة قم، وفوق كل ذلك فان الحوزات وان تعددت فان الغاية واحدة والفخر يعود الى المسلمين كافة مادمنا أصحاب عقيدة واحدة.
على أية حال فان اهل العراق بقوا على تماس مع الحوزة، والمرجعيّة في النجف، ومن ينسى التفاف عشائر العراق حول المرجعيّة في ثورة العشرين بقيادة الحوزة، وفي انتفاضة شعبان المباركة، وحول المرجع الديني الأعلى الامام الصدر(رض) وكذلك فان بقاء الحوزة كان مرتهناً بالتفاف الجماهير حول المرجعيّة من خلال ممارسات، وشعائر اسلامية عديدة من أهمها اداء الحقوق الشرعيّة التي تعتبر عماد المذهب.
والآن يمكن طرح مدى تأثر وتأثير الحوزة في الشارع الاسلامي في العراق فالمتتبع يجد أن الحوزة والمرجعيّة مقدسة عند العراقيين ومع ذلك كان المجتمع يغط في جهل عميق فهل ان السبب يعود باللائمة على الجماهير أم لا؟ وقبل الخوض في هذه المسألة الحساسة علينا أن نأخد بالحسبان ان العصمة محصورة في الامام فحسب وأما باقي الخلق فمعرّضون للسهو، والنسيان، والخطأ، وحب الدنيا وألخ من اوساخ هذه الدنيا الحقيرة. وان النقد الموضوعي ينال الجميع بدون استثناء سواء كان موجهاً إلى كاسب أو مهندس أو مجتهد.
على هذا الاساس نجد ان الحوزة مرت خلال التاريخ المعاصر بمشاكل وبتيارات عديدة فمع وجود التيار التقليدي الذي يفضل الجمود والاستكانة يوجد بين مدة وأخرى تيار ثوري يؤثر في مجرى الاحداث ويغير ولو بنسبة ما من شكل المجتمع فمثلاً عندما قامت حركة المشروطة التي طالبت بالدستور في ايران ايّدها عدد من العلماء، وعلى رأسهم الشيخ الآخند والسيد محمد مهدي الصدر وعارضها آخرون كالسيد محمد كاظم اليزدي وفي الاحتلال الانكليزي للعراق ثار عدد من العلماء وفضل آخرون عدم التدخل وبعد ذلك في فترة الستينات التي شهدت تحركاً ثورياً ناهضاً للامة الاسلامية خصوصاً في النجف الاشرف اذ حدث انقلاب في توجه الحوزة في النجف الاشرف بسبب انتشار المد الالحادي وزاد كل من الطرفين من حدة توجهاته فبينما وجد شباب الحوزة وعلماءها الواعون في وجود السيد الشهيد باعثاً ومحرّكاً لنهضة اسلامية وولادة فكرة اقامة حكومة اسلامية، تطرف الجانب الآخر في توجهه بل أدى الأمر الى نشوب حالة عدائية بين الطرفين.
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 12:30 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 5
فبينما سعى السيد الشهيد ومن ناصره الى توعية الجماهير الاسلامية وغض الطرف عن اي اساءة أو جمود في الرأي أخذ الاتجاه الآخر في التطرف ومحاربة الحركة الفكرية الجديدة وقد قاموا بأساليب عديدة لتحجيم دور الفكر الجديد ولكن بدون جدوى فما دام الشباب هم العنصر الذي يغير من معالم التاريخ ومادام هؤلاء الشباب ملتفين حول الحركة الاسلامية الناهضة لم تجد محاولات فرض العزلة من قبل الجهة التقليدية وإن كان يجب علينا للامانة التاريخية ان نذكر ان السلطات الحاكمة الى هذا الوقت قد استعانت بصورة كبيرة بالفكر التقليدي ان صح تسميته فكراً وذلك للتأثر الذي يمكن ان يمارسه هذا التيار فعلى صعيد العشائر العراقية والتي كانت تمتلك الكثير من المؤهلات في ذلك الوقت مع أنها تسود فيها روح العشائرية، والأميّة، والجهل فقد التفت هذه العشائر حول المرجعيّة التقليدية وكانت تنتظر كلمة واحدة من المرجعية لتقلب النظام ولكن النتيجة كانت سالبة دائماً فقد حاول السيد الخميني(قدس) ان يثير هذا الامر عند المرجعيّة وعرض خدمته للحوزة وانه جندي من جنود المرجعيّة وان العشائر العراقية تنتظر كلمة واحدة منها: إلاّ ان الجواب كالمعتاد هو الرفض لاي تحرك وهذا ما حدث في مرجعيّة السيد الحكيم فمع كل ما يمتلك الحكيم من شعبية وحب من قبل المجتمع العراقي إلاّ انه فضّل سلوك المسلك التقليدي ونسمعه يصف العراقيين بأنهم اصحاب شهوات وانهم سوف يخذلوننا وغريب جداً أن يصدر هذا الكلام من السيد الحكيم فقد كان ميدانياً وعملياً يعرف هذه العشائر وقد قاتلت في ثورة العشرين بمرأى وبمسمع منه وانما سمي السيد الحكيم مجاهداً بفضل هذه العشائر ليس الاّ !!! و لهذا السبب تعرضت الحركة الاسلامية في العراق لضربة مؤلمة.
ومن جهة أخرى فان الشباب الناهض بقيادة السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) لم يكن يستطيع الحركة على صعيد المرجعيّة اذ أن تصدي الشهيد في ذلك الوقت معناه شن الحرب عليه من قبل الحوزة التقليدية وكما يعلم الجميع فانه اضطر الى كتابة رسالته العملية بخط يده ونشرها بين اصحابه فقط، الى سنة 1970م اي عندما توفي الحكيم ولكن استطاع الشهيد ان ينزل الى المجتمع المثقف فحسب من خلال الفكر الحديث ومواجهة التيارات الملحدة والمادية التي كانت سائدة في ذلك الوقت وكتابة مؤلفات تعتبر بمثابة طفرة في الفكر الاسلامي فلم يكن معروفاً في الحوزة ان تدخل في خضم الدراسة والفكر الاكاديميين او مناقشة النظريات الحديثة إلاّ بنطاق ضيق، وقد لاقت مؤلفات الشهيد اقبالاً كبيراً من قبل شباب الامة الواعين في الوقت الذي اكتفت فيه الحوزة بالافتاء فقط.. فمثلاً إكتفت الحوزة التقليدية لمواجهة الشيوعية بالفتوى المشهورة بأن الشيوعية كفر وإلحاد، والحق ان الشيوعية كانت مستحكمة في العراق وتلاقي اقبالاً جماهيرياً بسبب الضغط الاستعماري والاقطاعي فلم تجد ما يواجه هذا الظلم غير الفكر الشيوعي مع العلم ان الغالبية العظمى ممن انتسب الى الشيوعية من جهال الناس ولا يفهمون شيئاً عن الشيوعية إلاّ أنها تساوي بين الافراد وانه لا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالانتاج والمضحك المبكي ان اكثر الشيوعيين في العراق كان يصلّي الفرض ثم يذهب للاجتماع مع باقي الماركسيين واما الماركسيون في العراق فلا يفهمون شيئاً عن الاسلام إلاّ ما كان يوصله بعض الملالي من المحتالين الذين لا يستطيعون ان يوصلوا فكرة ما بصورة مستقيمة وهمهم الأوحد هو البكاء، وجمع الاموال لذلك نجد المثقف الماركسي يتفاجأ حينما يجد نظرية اسلامية متكاملة تجاه الكون ولكن عندما طرح السيد الشهيد فلسفتنا، واقتصادنا أثار عاصفة في المجتمع الاسلامي عموماً والعراقي خصوصاً ومع كل هذه الخدمات الجليلة للسيد الشهيد إلاّ أن المسلك التقليدي للحوزة كان يسمي هذه المؤلفات كلام جرائد مع العلم ان اكبر عبقري من هؤلاء لا يستطيع ان يؤلف بهذا المستوى فضلاً عما هو أفضل اما الاستهزاء بشخصيته فحدث ولا حرج إذ انه بات يشكل خطراً على المرجعية من حيث الخوف من التوجه الجماهيري الى تقليده والنفس الانسانية مجبولة على حب الذات مالم تتجه لله باخلاص فمثلاً صار التهديد لمن يحضر بحث السيد الشهيد موجوداً في اية لحظه بقطع الراتب الشهري الذي كان لا يسمن ولا يغني من جوع والتهديد بتشويه السمعة حاضر في أي وقت وعليه يتهدد المستقبل الحوزوي لمن ينضوي تحت لواء الشهيد الصدر وبعد وفاة السيد الحكيم تصدى السيد الشهيد بطبع رسالته العملية على شكل تعليقة على منهاج الصالحين فقامت الدنيا ولم تقعد حتى تم تهديده ويكفي مراجعة كتاب الشيخ النعماني لمعرفة مدى الضغط والنهج الذي واجهه الشهيد نتيجة طبعه لرسالته العملية مما اضطره الى الاعتراف بان مرجعيته هي في طول }مرجعية الخوئي{ مع ان علمية السيد الشهيد قد بلغت حداً ورقياً لا يملك الانسان أمامها إلاّ ان ينحني معترفاً بأعلميته وأحقيته بمرجعية المسلمين، ولكن الأمر بقى محصوراً داخل الحوزة، ولم يكن الشارع يعلم ما يدور في الحوزة إلاّ ما خرج بشكل منمق مع اعطاء اعذار واهية وبقى الشارع العراقي يعيش بمثالية لا وجود لها إلاّ في مخيلته البريئة اذ ان العلماء كلهم مقدسون ومعصومون وان روح الاخاء موجودة عند جميع العلماء وهذا لا أساس له إذ ان الطريق الذي يمشي فيه احدهم لا يمشي فيه الآخر إلاّ ما كان من السيد الشهيد اذ انه كان يحاول ان يصلح ما افسده الآخرون.
ولكن هذه النتيجة جاءت على حسابه، وعلى حساب الشعب العراقي المظلوم، ولا يمكن ان ننسى ان احد اولاد المراجع وقف امام مدير الامن العام فاضل البراك في ذلك الوقت واشار اليه بضرورة التخلص من محمد باقر الصدر( وهو احد اولاد الخوئي).
كما ذكر النعماني في كتابه مع انه تحاشى ذكر الاسماء وكانه يتحدث عن بيت العصمة خشية من وقوع الفتنة والنتيجة ابقاء الامة في غياهب الجهل واعطاء القداسة والعظمة للهيكل المنخور الذي مازال يسيطر على مقدرات الشيعة في كافة انحاء العالم وبناء القصور من عرق الفقراء الذين يقدمون الحقوق وا لهدايا لامبراطورية النجف ظناً منهم انهم يقدّمونها الى وصي من الأوصياء.
ان طبيعة المجتمع العراقي تقديس رجل الدين كائناً من يكون ولم تكشف الاوراق إلاّ في عهد المرجع المظلوم السيد الأمام الصدر كما سوف يتضح في مستقبل البحث.
ان هذه ا لهالة ادت الى تأخر المجتمع العراقي سواء على مستوى الفهم السياسي أو الديني فلو تفحصنا المدة التي تزعم الخوئي فيها المرجعية لوجدنا ان الشارع كان فارغاً تماماً من اي محتوى اسلامي فالتقية هي الدرع التي كان يتصحن به دعاتها. وإن الحجة التي يتذرعون بها هي الحفاظ على دماء الشيعة مع ان هذه الدماء في كل الاحوال لم تكن مصانة ابداً فهي تسفك على طول الخط سواء تمَّت مواجهة الظلم أو لا.
والملفت للنظر ان الحكم كان بالامكان ان يكون بيد الحوزة خصوصاً في عهد الحكيم حينما كانت الحكومة ضعيفة جداً في الستينات ويكفي اي مجموعة ان تقوم بانقلاب وتسيطر على الحكم فكيف بالحكيم الذي كان بامكانه ان يقود العالم الاسلامي بأسره في ذلك الوقت وعندما كانت عشائر العراق تنتظر كلمة واحدة منه! إلا أنها النظرة الضيقة والمحدودة داخل قوقعة التعالي واحتقار الامة حتى تمكن البعثيون من السيطرة على الحكم ومحاصرة الحوزة والقضاء على شبابها ومفكريها الواحد تلو الآخر والحوزة تتفرج.
وكل ذلك بعد ان خدعوا الحوزة واية خدعة والملاحظ ان الحوزة لم تكن تعتني بمشاكل الامة بصورة عملية واحياناً تندد مكتفية بالتنديد واحياناً أخرى تصمت وهذا هو الغالب وهذا ما حدث عند اعتقال السيد الشهيد اكثر من مرّة حتى تم اعدامه مع أخته والحوزة تغرق في صمت رهيب والشعب يقدم عشرات الالاف من الضحايا. كل هذا (وهم صامتون كصمت القبور) كما قال الأمام الصدر. ان فترة المرجعية للسيد الشهيد تمثل مأساة، ومظلومية الشعب العراقي فقد دخل الشعب العراقي الحرب ضد الشعب الايراني، وغالبية الشعب لا يفقه شيئاً ولا يعي ما يفعل اذ ان الحوزة لم تكرس مجهوداً عملياً لازاحة الجهل عن كاهل الامة، وقد يقول البعض أنه في عهد الحكيم تم انشاء مكتبات عديدة في كل انحاء العراق.
اقول هذا صحيح ولكن هذا لا يكفي إذ ما فائدة المكتبات اذا لم يكن هناك صوت يوجه، ويواجه. إن الامة ليست بحاجة الى كتاب بقدر ما تحتاج الى توجيه ورمز وان عامل الخوف كان مسيطراً على الجماهير الى ان جاء الأمام الصدر فازاله الى يوم القيامة.
وأطرح هنا سؤالاً ماذا تفعل الجماهير اذا كان المرجع يقول إني اخاف ومن اين تستمد الجماهير الشجاعة إذا كان القائد جباناً. وهذا يلقي بظلاله على محاولة المقارنة بين قم والنجف... فما هو الفرق بين الشعب العراقي والشعب الايراني؟ ان العراقيين كانوا دائماً اصحاب المبادرة في الحركات الثورية، والاسلامية ونجد ان الحركة الاسلامية حتى فى ايران كان لحوزة النجف الدور الريادي والقيادي والمؤثر فيها، فمثلاً في عهد السيد المجدد الشيرازي حدثت ازمة التنباك عندما اصدر المجدد فتواه المشهورة بتحريم التدخين مجبراً الشركات الانكليزية على الانسحاب، وبعد ذلك حركة المشروطة التي كان لعلماء النجف دور مهم فيها وحتى الثورة الاسلامية في ايران تمت بمساندة كبيرة من قبل السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) والشعب العراقي ككل الى ان انتصرت الثورة، فما هو الذي جعل ايران تنتصر والعراق يفشل ويضمحل دوره الاسلامي؟
يمكن ايعاز ذلك الى عدة اسباب منها:
1 ـ ان التفكك في القيادات الحوزوية في النجف كان على اشده والتناحر قائم بينهم والحرب مستمرة. وهذا وإن وجد في قم إلاّ انه ليس بالمستوى الذي في النجف إذ لم يكن في النجف سوى صوت واحد هو صوت السيد محمد باقر الصدر(قدس) وطلبته بينما في قم كان هناك الكثير ممن يؤيد ويساند الثورة من علماء قم البارزين، وحتى الذين عندهم خلاف مع القادة لم يتركوا شعبهم وقت الأزمة.
2 ـ تقديم علماء النجف واقصد الجهات المسيطرة على زعامة الحوزة لمصالحها الشخصية على المصلحة العامة.
3 ـ تبلور فكرة الولاية العامة وظهورها بشكلها العصري العملي بينما النجف غارقة في لجة الولاية الخاصة: إلاّ ما كان من السيد الشهيد ومدرسته التي كانت لا حول لها ولا قوة.
4 ـ طرح حوزة قم لمشاكل المجتمع بصورة مستمرة وعدم السماح لأي تجاوزات على الاسلام والتداخل مع الشارع بصورة شعبية ادى الى التقارب بين الشعب والحوزة.
بينما في النجف بقيت العمامة في برجها العاجي لا يكاد أحدهم يتكلّم كما يتكلّم العوام إلاّ من شذ عن القاعدة.
5 ـ خلو حوزة النجف من المنبر المرجعي واعني به ترقي المراجع على المنابر ومخاطبة الجماهير إذ ان الطابع المأخوذ في حوزة النجف هو الاستخفاف بمن يرتقي المنبر. وعلى اعتبار انه مستوى متدني في العلمية وكذلك عدم القدرة على التكلّم بصورة خالية من الاخطاء مما قد يؤدي الى الحط واهانة العالم بينما نجد العلماء في قم وعلى رأسهم السيد الخميني يخاطب الامة حتى وهو خارج ايران من خلال الكاسيت.
وقد يقول القائل ان في العراق خطباء مشهورين وقد كانوا على استمرارية في اقامة المجالس.
اقول... ان كل الخطباء إلاّ القلة القليلة، من الذين يحرصون على ارضاء الحوزة وعدم التدخل في الشؤون السياسية فان التدخل في السياسة معناه الارتباط بخط السيد الشهيد وهذا معناه التضاد مع الجهة الاخرى وعبور الخط الاحمر، والويل لمن يفعل ذلك.
6 ـ
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 12:32 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 6
6 ـ عدم نضوج الوعي الجماهيري كما هو عليه في مرحلة الأمام الصدر إذ أن المستوى الثقافي عموماً كان بمستوى جيد إلاّ ان اعطاء صبغة العصمة لكل رجل دين اوقع المجتمع في مشاكل عديدة وعدم تحديد القيادة المخلصة والناضجة والمتحضرة.. وهذا السببب راجع ايضاً الى تراجع مفكري الاسلام المجددين عن تبيين زيف العديد من الاتجاهات وان كانت هناك محاولة أو اثنتان ولكنها بقيت في اطار التقليدية في الطرح، واعطاء سمة الاحقية للغير في ابداء رأيه مع مصادرة رأي الاتجاه الواعي ولو بصورة غير مباشرة. وذلك من خلال إجازة تقليد العديد من المراجع الذين يقبعون في واد والامة في واد آخر.
ويكفي في هذا الاطار ان نشير الى ان مستوى الفهم عند الامة متدني في ابسط المفاهيم الاسلامية ناهيك عن الجهل بالاحكام الابتلائية الشخصية ودخول الكثير من المغالطات والخرافات واستقرارها الى حين انبعاث الثائر الاسلامي الاكبر الأمام الصدر(رض).
ومع كل ذلك فان تلك المفاهيم كان لها اثر كبير في مواجهة الامام الصدر فليس من السهل اجتثاث الجدور التاريخية لتلك المفاهيم في الحوزة فضلاً عن الشارع الاسلامي وهذا ما سوف نحاول استعراضه ان شاء الله في هذا الكتاب.
نشوء العبقرية
ولد السيد محمد الصدر بدعاء والديه عند بيت الله الحرام وذلك سنة 1361للهجرة الموافق 1943ميلادية وكان ينشأ بصورة غير معتادة كما هو الحال عند استاذه السيد الشهيد وأدخله والده الحجة السيد محمد صادق الصدر(قدس) الى مدارس منتدى النشر الابتدائية فالمتوسطة فالاعدادية وبعد ذلك دخل الى كلية الفقه الى ان تخرج حوالي سنة 1963 ـ 62م وقد رجع في التقليد حسب وصيّة والده الى الشيخ علم ا لهدى مرتضى آل ياسين(قدس) الذي هو عم والدة السيد الشهيد حيث ان والدته كريمة الشيخ محمد رضا آل ياسين(قدس) ولكن شهيدنا يقول انه بعد ذلك وعندما حضر بحث الخوئي وجد الفرق شاسعاً بينهما فرجع الى الخوئي في تلك الفترة ولكن عدل بعد ذلك الى السيد الشهيد وحسب الظاهر أن شهيدنا انما يشير الى مدى علمية كل من هؤلاء وترجيحه لاحد على الآخر اذ يبدو أنه كان مطمئناً باجتهاده منذ فترة بعيدة حتى انه قال ان زوجته رجعت اليه في التقليد بعد الزواج مباشرة وزواجه كان سنة 1963 ـ 62وعليه فهو حاصل على مرتبة الاجتهاد في فترة مبكرة ولكنه آثر السكوت على هذا الامر لاسباب عديدة منها انه لم يكن يفكر في يوم ان يكون مرجعاً للتقليد حسب قوله(رض). كذلك فهو قد يرى في الامر تنازعاً دنيوياً فعليه كتم هذا الامر ولم يعتنِ بنشره، والدليل على ذلك انه الى حد سنة 1970كان قد صدر الجزء الأول من موسوعته القيّمة حول الامام المهدي(ع) والموسوعة فيها من سعة الأفق وطول النفس وقوة الاستدلال ما قد تكون قرينة على اجتهاد صاحبها( وقد تأكد اجتهاد الامام الصدر قبل دخوله بحث السيد الشهيد وقد ذكرت عائلته انه ناقش استاذه في اول يوم لحضوره بحثه ).
وقد كتب خلال هذه الفترة ما قبل سن العشرين اشعة على اصول الدين، ونظرات اسلامية في اعلان حقوق الانسان، وفي هذا الأخير مناقشة لكبار فلاسفة الغرب في العصور الوسطى وما بعدها مثل جان جاك روسو وتوماس هوبز وجون لوك وبعد ذلك يقول انه وقع في يده كتاب للسيد صدر الدين الصدر(قدس) حول الامام المهدي(ع) فأراد أن يخرّج رواياته وشرح بعض مطالبه وادراج بعض الاجوبة على بعض الأسئلة التي يمكن ان تطرح، فرأى ان الامر يحتاج الى وقت وجهد كبير فترك كتاب عمه واتجه لتأليف الموسوعة وقد صدر منها أربعة اجزاء، والجزء الخامس والسادس مازالا مخطوطين الى ما بعد الاستشهاد وخلال هذه الفترة أيضاً كان شهيدنا لا يتدخل في أية مسألة صغيرة أو كبيرة بل يقول انه كان يرى ويسمع ويطبق بينه وبين الله وكان يشاهد معاناة أستاذه السيد الشهيد ويدرس ما يحدث ليشاء الله ان تخرج النتائج بعد ثلاثة عقود حيث تصديه المبارك للمرجعيّة وعندما صدر كتاب فلسفتنا للسيد الشهيد رد عليه عدد من كبار الماركسية فعزم على رد الاشكالات فتناو لها في الجزء الرابع من الموسوعة}اليوم الموعود{ وأتم كتاب فلسفتنا بادلة ومناقشات يجدر بنا ان نطالعها فلطالما تحدث الكثير عن عدم امكانية شهيدنا وهم لم يقرأوا له صفحة واحدة والحمد لله رب العالمين( وتجدر الأشارة الى أن الكثير من الذين قرأوا فلسفتنا Aواليوم الموعود@ قيموا مستوى
Aاليوم الموعود@ بأنه مرحلة أعلى من فلسفتنا وأستدلا لها أقوى بكثير.).
وفي اواسط السبعينات أي حوالي سنة 1977م طلب عدد من الفضلاء منه القاء البحث الخارج فعرض الأمر على استاذه السيد الشهيد فبارك هذا الامر فشرع ببحثه على كتاب المختصر للمحقق الحلي ولمدة أشهر بعد ذلك توقف بسبب الاوضاع السياسية والاعتقالات.
ويوجد عدد من طلبته في ذلك البحث مازالوا على قيد الحياة حال كتابة هذا الكتاب: ويقول شهيدنا انه طُلب منه هذا البحث على الرغم من وجود عدد محترم من طلبة السيد الشهيد. إلاّ انهم اختاروه دون سواه.
وهنا أسأل: هل ان هؤلاء الطلبة اختاروه اعتباطاً ام انهم يعلمون امكانيته؟.
والسوال الثاني: هل ان السيد الشهيد كان يجامل وهو المعروف بدقته العلمية؟ وعلى هذا فهو يضل الطلبة بأختيار استاذ غير كفؤ.
أقول: حاشا السيد الشهيد محمد باقر الصدر عن المجاملة في العلم ولو كان هناك من هو اهل للبحث لما تركه الطلبة الى سواه( أجتمع في ذلك الوقت عدد من طلبة السيد محمد باقر الصدر فتناقشوا فيما بينهم، حول الأعلم هل هو السيد محمود ا لهاشـمي أو السيد محمد الصدر فكان الجميع يقولون بأن الامام الصدر أعلم من ا لهاشـمي إلا واحداً منهم@ نقلا عن عبد الجبار الرفاعي).
وكان شهيدنا يمثل أستاذه في مناسبات عديدة سواء في النجف أو المحافظات اذ كان يلقي كلمة نيابة عنه أو غير ذلك.
وكان(رض) قد اعتقل عدة مرات مابين 1974 ـ 1991 وكانت مدة اعتقالاته حوالي شهرين لا أكثر ومن جملة هذه الاعتقالات ما تحدث به احد طلبة السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) قال كنت مع السيد محمد الصدر في مكان فسألته عن مسألة فما كاد يجيبني عليها حتى داهمنا رجال الأمن وألقوا القبض علينا وأخذونا الى مديرية الامن فوضعوني في وعاء كبير أظنه معداً }للمزبلة{ ووضعوا السيد محمد الصدر في آخر وهو مواجه لي وبعد برهة قليلة توجه إليّ السيد محمد الصدر وقال: يا سيد فلان جواب مسألتك هو كذا وكذا.
قال: فانفجرت ضاحكاً فتبسم السيد محمد الصدر قائلاً: ها تستدعي الضحك؟ نعم تستدعي الضحك.
ومع ذلك فان شهيدنا كان عازلاً نفسه اجتماعياً إلاّ بشكل بسيط لا يخلو من الرسمية وهذا كان أحد أهم أسباب تنامي شخصيته ليس من الناحية العلمية فقط بل من الناحية المعنوية والروحية حيث انه اعتكف على الدرس والعبادة الى درجة يروى ان السيد محمد صادق الصدر(قدس) اشتكى ذلك الى استاذه السيد الشهيد.
وقد تعرف خلال هذه الفترة بالحاج عبد الزهرة الكرعاوي، ولكن قبلها كان شهيدنا هو الذي قام بتبليغ الطلبة حرمة الانتماء الى حزب الدعوة بأمر من السيد الشهيد محمد باقر الصدر واتجه الاتجاه العرفاني وشهيدنا لم يكن مؤمناً بالخط والمنهج الذي اتخذه استاذه في أنشاء الحزب ومنهجه بصورة عامة كما سوف يتضح.
لذلك نجد ان رفاق الشهيد وغيرهم استغربوا من تصديه للمرجعيّة ليس لشك فيه بل لان محمد الصدر الذي يعرفونه، في الحقيقة لا يعرفونه، نعم هو عالم ولكن ليس قائداً، هذا معتقدهم الى حين الاستشهاد والبعض الآخر نظر بمنظار آخر سوف أتناوله بفصل مستقل.
تزوج شهيدنا ابنة عمه السيد محمد جعفر الصدر ما بين سنة 1963 ـ 62م وولد السيد مصطفى اكبر اولاده سنة 1964م في أواخر هذه السنة لذلك أرّخوه في ا لهوية سنة1965م.
ما بعد الصدر(قدس)
بعد استشهاد السيد محمد باقر الصدر(قدس) فرض على شهيدنا ما يشابه الاقامة الجبرية من جهتين:
الأولى من جهة النظام ولو انهم لم يقولوا ذلك بصراحة إلاّ ان مراقبة البيت مستمرة. وكان بالقرب من بيته محل وقد جعل منه ازلام النظام وكراً للمراقبة ليلاً ونهاراً فكان من النادر أن يصل اليهم احد وكان شهيدنا اذا خرج من منزله لا يسلّم عليه احد خوفاً من النظام لذلك بقي في منزله حوالي عشر سنوات لا يخرج إلاّ للتسوق أو استلام الراتب من مكتب الخوئي وكان الراتب لا يسد رمق العائلة لمدة وجيزة لذلك مرّت بهذه العائلة الكريمة أيام عسيرة ومع ذلك فان الامام الصدر لم يرضخ للحوزة ولم يرضخ للنظام كما فعل غيره ولا بكلمة واحدة، وقد اعلن في هذه الفترة تصديه للمرجعية لعدد من الناس، وهم الخواص لذلك كان السيد مهدي الصدر(رحمه الله) أول وكيل للامام الصدر(رض) وذلك سنة 1981م، وقد راجعه عدد من الفضلاء سنة 1982وقلّدوه وكان السبب في ذلك ان هؤلاء الفضلاء رأوا تصرفات مخالفة للشريعة وتخل بالعدالة في مكتب زعيم الحوزة لذلك التجاءوا الى الأمام الصدر وأعلنوا تقليدهم له ولكن كان تقليداً بدائياً اذا لم تكن توجد رسالة عملية لذلك قام بكتابة تعلقية على منهاج الصالحين وقد كتبها بيده السيد حسين الكظماوي (الصدر) في تلك الفترة ايام كان السيد حسين الكظماوي الصدر من المتحمسين للأمام الصدر(رض).
ومع ذلك فان الحقوق الشرعية لم تكن على مستوى بحيث يتاح له التوسع وكان السيد حسين الصدر في تلك الفترة العصيبة وكيلاً عن السيد محمد الصدر ويؤكّد على ضرورة الخروج للصلاة وكان يجلّه لدرجة انه حاول مراراً تقبيل يد شهيدنا، ولكن الافتراق حصل بسبب الخلاف بينهما حول طريقة التصدي للمرجعيّة فحسين الصدر كان يقترح على شهيدنا الابتداء التقليدي لطرح مرجعيته وهو القاء البحث الخارج وجمع دعاة وبعد ذلك يطرح نفسه مرجعاً للتقليد بينما كان شهيدنا يرى خلاف ذلك، وانسحب حسين الصدر بعد ذلك من دعوته للامام الصدر فكان مثلاً يوصل مبلغاً كبيراً من الحقوق الشرعية للسيد السبزواري ومبلغاً أقل منه للسيستاني ومبلغاً أقل من الاثنين للامام الصدر وبعد أن واجهه شهيدنا بمسألة الاجتهاد }وكان حسين الصدر وما يزال يدّعي الاجتهاد{ حصلت المقاطعة ذلك ان السيد الشهيد عنفه يوماً امام الملأ حول مدّعاه وأخيراً صرّح بأن حسين الصدر لا يصلح لتدريس اللمعة بصورة متكاملة.
نعود الى تلك الايام العصيبة كان شهيدنا يضطر أحياناً للمسير على قدميه من البيت الى الحضرة المطهرة وخلال هذه المدة كتب رسالته المختصرة الصراط القويم واعطاها للشيخ شريف آل كاشف الغطاء وذلك ليتوسط عند معارفه للموافقة على طبعها فعاد الشيخ شريف بعد مدة وقال: رفضوا طبعها بحجة ان فيها تشريع زواج المتعة، والثانية الشهادة الثالثة في }الاذان والاقامة{ بالولاية لأمير المؤمنين(ع)
المهم ان شهيدنا كان يشعر بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه لهداية الامة واخراجها من الظلام الذي كانت تعيش فيه ولما يراه من انحراف المؤسسة الحوزوية أذ كان اول المتضررين بسببها وكان يمكنه بسهولة تامة التعايش معهم وتكون حالته المادية والاعلامية جديدة، ولكن ذلك يحدث على حساب الاسلام، فقرر المثابرة والمواجهة معهم حتى آخر نفس ولم يختبىء في بيته كما يحاول البعض ان يصوّر حاله بل كان يداوم الحضور في مجالسهم ولكنه يناقش قدر الامكان ويرد ما يستطيع رده من مظالم، ويروي شهيدنا حادثة خطيرة في بابها يقول(رض):
دخلت يوماً على الخوئي وكان عنده كبار طلبته كالسيستاني، والشيخ الفياض والشيخ البروجردي والسيد عز الدين آل بحر العلوم والشيخ الغروي والخلخالي وغيرهم فلما رآني الخوئي قال:
بجانبي سيد محمد، فجلست بجانبه وبعد سؤال عن الصحة والأحوال جاء أحد الاشخاص ومعه قضية طلاق فقال الخوئي: نعم نجري الصيغة فرفع رأسه ونظر حوله ثم أطرق برأسه. عندها علمت انه سوف تقع مشكلة على رأسي فقلت:
بأذنك، وقمت فقال: اجلس سيد محمد. ثم اجرى صيغة الطلاق وقال تفضل سيد محمد عندها قمت وخرجت وفي اثناء الخروج نظرت الى الجالسين من طلبة الخوئي فاذا هم ينظرون الي بحقد واحتقار.
ودلالة ذلك دلالة مهمة وخطيرة فهذه الرواية تصرّح ان الخوئي لم ير في الجالسين واحداً منهم يصلح ان يكون شاهداً على طلاق بأستثناء شهيدنا.
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 12:34 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 7
وهذا اعتراف ضمني لشهيدنا من قبل اكبر عالم واقدمهم في النجف الاشرف}في نظر الحوزة التقليدية{ وقائد المسلك التقليدي.
وكذلك يقول: ذهبت يوماً الى الخوئي وذلك بعد ان اخذ السيستاني بالصلاة في مسجد الخضراء فجئت لادخل عليه فحاول محمد تقي الخوئي منعي فأصررت على الدخول عندها سلمت على الخوئي وجلست قلت بصوت يسمعه محمد تقي الخوئي: هل ترى ان السيد السيستاني هو الأعلم من بعدك؟ فقال بانفعال: أعلم؟ لا فقلت: هل أمرت السيستاني بالصلاة في مسجد الخضراء ليكون خلفكم هناك فقال بأنفعال أشد: انا؟ لا. فقمت لأخرج واذا بمحمد تقي ينظر اليّ نظرة حقد واحتقار.
لذلك فان المؤسسة الحاكمة في النجف أخذت بالاستعداد لمحمد الصدر. ويروي احد الاساتذة الافغان ان احدهم دفع مبلغ خمسة عشر مليون دينار في ذلك الوقت لقتل السيد محمد الصدر فأنجاه الله ولم يتم الأمر( والذي أراد قتله هو محمد تقي الخوئي لذلك كان الامام الصدر يقول: أراد أن يقتلني فقتله الله، أحترق والحمد لله. رواية مشهورة في النجف.).
وقد كان من ضمن الاشخاص الفضلاء، الذين وقفوا مع شهيدنا ايام المحنة الشيخ محمد اليعقوبي إذ التقى مع شهيدنا حوالي سنة 1985وتطورت العلاقة بينهما. وكان السيد محمد كلانتر من المساندين والمؤيّدين لشهيدنا وكان يحثه على التصدي بأستمرار، ولكن بالطريقة التقليدية وقد طلب منه ان يكتب تعليقة على }وسيلة النجاة{ فرفض(رض) وكان يرمي الى ما هو خارج نطاق المعهود ويرفض تقليد الآخرين وكان يؤكد على عربيته ولكن داخل اطار الاسلام هذه العربية التي سحقت تحت الاقدام حتى صارت ذيلاً تابعاً أبداً لذلك فهو عند حضوره لبعض الدروس في اللغة الفارسية كان يصرّ على التقرير بالعربية فلماذا لا يكون الدرس بالعربية! وهي لغة القرآن ولغة الفقه ولغة آل محمد(ص) المهم ان اللغة العربية هي المحور ومن تعلّمها كفته عما سواها ولم يكن شهيدنا متمسكاً بعروبته للا شيء بل هو ابن القرآن والاسلام ولكن رأى بأم عينيه الأساليب المعهوده لسحق العرب وامتهانهم وقد جاءه أحدهم فكلّمه بالفارسية وهو لا يعرفه فقال له شهيدنا: ألست عربياً؟
قال: نعم.
قال: فلماذا تتكلّم بالفارسية اذن. فصمت الآخر.
كان يؤكد على رفع عقدة الحقارة في النفس فلماذا يكون الآخرون افضل منّا؟ ولماذا لهم الامتيازات التي يرتفعون بها ليسحقونا؟ ان الاهلية بالعلم ولكن بشرط التقوى وعدم وجود طبقة أفضل من أخرى بأصل الخلقة ان صح التعبير ولكن الواقع كما كان يراه}(رض) اذ دخلت الى الاسلام الكثير من }الحمقات{ والخرافات التي ما انزل الله بها من سلطان كتقبيل اليد والمخاطبة بصيغة الجمع والتكبر على العوام والاحتفال بالنوروز، والحوزة كانت تعلم قبل غيرها ان هذه امور دخيلة وقد صرّح بذلك الشيخ المظفر(قدس) في الجزء الثاني من اصول الفقه في بحث السيرة ناسباً الكلام الى الشيخ الانصاري ولكن العلم بشيء في جهة والتطبيق بالجهة المخالفة ولم تعرف الحوزة مرجعاً قبل شهيدنا طبّق الاحكام والاخلاق الشرعية كما هي مطلوبة من قبل الشارع المقدس. فالزهد مجرّد اقاويل وكلمات مسطورة في الكتب وواقع الحال بعيد غاية البعد عن ذلك فرجال الدين يعيشون حالة الرفاهية والغنى وكل ذلك من أموال الشيعة والفقراء ويوجد والحمد لله من المستحقين لتلك الأموال ما لا يحصون ففي الوقت الذي تمتلك فيه جلّ الاسر العلمية من الاموال والاملاك والمزارع الشي الكثير نجد ان باقي الناس يعيشون أسوأ الاحوال مع ذلك فهم يكدحون ويأتون بالاموال لارضاء الحوزة ولا ينالون سوى التحقير من قبل الحواشي وهذا طبعاً لا يبرىء ساحة المتصدين إذ ان هؤلاء الحواشي موظفون ومنصّبون من قبلهم وعدم متابعة حا لهم وتصرفاتهم يجعلهم مسؤولين امام الله عن كل مظلمة تقع بسبب هؤلاء.
كان الامام الصدر يعقد مجلساً للتعزية في بيته في الحنانة وذلك في فترة مابين الحربين وكان يحضره عدد من الفضلاء الذين يشهدون له بالفضل والعلم والتقوى، ولكنهم انفضوا بعد ذلك لما رأوا ان الامام الصدر دخل في حرب مع الحوزة خشية على مصالحهم وكانت أكبر مشكلات محمد الصدر انه يعامل الناس على مستوى واحد ولا فضل لعربي على اعجمي إلا بالتقوى لذلك فان فضلاء الحوزة تركوه وحاربوه فمثلاً عندما يدخل عليه أحد الفضلاء فشأنه شأن الآخرين والفضلاء قد تعوّدوا أن يقوم لهم الجالسون وان يشيعهم صاحب المجلس الى باب الدار وأحياناً يقدّم الخادم الحذاء امامهم، وهداياهم تصل اليهم كلاً بحسبه، اما عند الأمام الصدر فهذا لم يكن، فكان يواجه الآخرين بما فيهم بلا مجاملة ولا يأبه بالنتائج وعندما قيل له ان الفضلاء يحاربونك قال: انهم يحفرون قبورهم بايديهم.
فأية حوزة هذه... ليس فيها تقبيل ايادي وليس فيها تفضلتم وتكرمتم وتشرّفتم.
انها حوزة علي بن ابي طالب(ع) وهي لا تنفع في هذه الأيام.
انها حوزة ومرجعية الأمام الصدر.
الانتفاضة الشعبانية
لا أريد في هذا الفصل التحدّث عن الانتفاضة وتوابعها بل الاقتصار على ما يتعلّق بجانبين الأول عن تأثيرها في الجماهير العراقية باختصار.
والجانب الثاني عن دور الأمام الصدر(رض).
اما الجانب الاول: فخلال عقد الثمانينات كاد اليأس يبلغ في الامة مبلغه وخصوصاً بعد انتهاء الحرب مع ايران فقد كان هناك امل بان يسقط النظام خلال الحرب وعندما قامت حرب الخليج الثانية تجدد الامل بالخلاص من هذا النظام ولكن لم يكن يخطر في البال عموماً ان يحدث حدث اسلامي مهم في العراق وبعد ذلك حدثت الانتفاضة التي اعادت الامل مرّة أخرى بتحقيق الحلم الاسلامي وكانت الانظار تتجه صوب قيادة المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق ورأت الامة في هذه القيادة المخلص بعد طول الانتظار وانتظرت الجماهير أي تحرك ولم يحدث شيء بل تركت الجماهير عزلاء امام النظام الدموي ومع كل ذلك بقيت الامة على احترامها لقيادة المجلس الأعلى حتى بروز حركة الامام الصدر التي استوعبت الامة بكافة طبقاتها ومستوياتها وبدأت كفة الحكيم في التراجع امام تنامي شهيدنا الى ان انتهت تقريباً شكلاً ومضموناً.
اما الجانب الثاني: وهو ما يتعلّق بشهيدنا(رض). فعندما انتفضت النجف وقاومت بمساعدة المحافظات المقاربة لها كالسماوة والديوانية اللتين كانتا المساعد الاكبر في صمود انتفاضة النجف الى ان دخل الجيش وكانت الفوضى حينها تعم المدينة ولم تكن هناك قيادة محددة على مستوى علمائي مؤهلة او متصدية للامة حتى تصدى الامام الصدر فاتجه الى منزل زعيم الحوزة في حينها المحقق الخوئي وحدّث كلام بينها فاشتد السيد الشهيد في الكلام أخيراً وقال:
اما ان تتصدى للأمر أو تدعنا نتصدى له، انت المرجع وعليك تولي هذه المسؤولية.
وبعد ان حصل اليأس عنده اعتزم خوض المعركة بنفسه وان كان البعض يحاول أن يقلّص او يحجم من دور الامام الصدر في هذه الانتفاضة ويقول: انه جيء به رغماً عنه( وصاحب هذه الكلمة Aالسيد عمار أبو رغيف@ أحد طلبة السيد محمد باقر الصدر والرجل ما أنفك يقلل من أهمية الامام الصدر ويقول أنه لم يثبت عنده أجتهاده، ويستهزيء بآراءه وكلماته وقال: أنه لم يقرأ كتب الامام الصدر، ولكن حتى لو قرأها ووجد أن السيد محمد الصدر أعلم من السيد محمد باقر الصدر فأنه لن يقر بذلك. وهكذا الكثير من القدح). وهذا غير صحيح فشهود عيان ومن داخل النجف ممن لهم دور في الانتفاضة. يحدّثوننا بأن الامام الصدر كان أول المبادرين الى اصدار فتوى أو بيان شديد اللهجة بالجهاد وبالاشتراك مع السيد السبزواري(قدس) ويحدّثني شاهد عيان ومن الثقات وفضلاء الحوزة انه شاهد الامام الصدر خارجاً من مسجد ا لهندي وحوله مجموعة من الشباب المسلّحين واتجه الى حضرة امير المؤمنين(ع) وارتقى على سطح ًالكيشوانيةً المقابلة لباب القبلة وتجمع الناس حوله ليستمعوا له فألقى خطبة شديدة في الجهاد حتى أ لهب الحماس عند الناس، وكان(رض) خلال تلك الايام يدوام على الحضور الى حضرة أمير المؤمنين(ع) للصلاة في الظهر والمغرب، وقد كان يوجه الناس للعمل الصحيح ومنه انه امر بأخراج الجرحى الى مكان آخر خارج الحرم بسبب الدماء التي كانت تنجس أرض المرقد المطهر واخراج الدبابات والآليات منه.
وحتى اشتهرت وانتشرت فتواه بالجهاد والصقت على الحيطان في ارجاء النجف. وكان الناس متفاعلين معه بشدة لكونه من آل الصدر إذ أن محور الانتفاضة هو اسم السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) وا لهتافات بأسمه في كل مكان(وقد حمله الناس على الاكتاف من النفق وحتى الحضرة المطهرة .
وهذا غير محبذ عند الحوزة كما هو واضح لذلك استبعدوا الأمام الصدر من اللجنة التي تشكلت لقيادة الانتفاضة وادارة شؤون المدينة. واستبعاد الأمام الصدر ليس وليد اليوم كما يعبّرون فقد وضحنا سابقاً مدى كراهة المسلك التقليدي لاهل هذا البيت وخصوصاً شهيدنا الذي يعتبر الوريث الوحيد في النجف الاشرف لابن عمه السيد الشهيد وعدم ذوبان شهيدنا في بوتقة هذا المسلك.
ورغم ابعاده عن هذه اللجنة فانه عملياً بقي المحور الذي ألتفت حوله الجماهير، وحينما قام الجيش بالقصف العشوائي على المدينة واقترب من اقتحامها جاءت مجموعة الى الامام الصدر وعرضوا عليه ان يخرجوه من النجف والتوجه الى خارج العراق ًالى ايرانً فأجابهم: (رض) أبعد هذه الشيبة أفارق أمير المؤمنين(ع) ورفض الخروج.
وبعد دخول الجيش الى المدينة المقدسة كان الامام الشهيد مع عائلته }عدا السيد مصطفى الصدر(وقد حمله الناس على الاكتاف من النفق وحتى الحضرة المطهرة ).
في جامعة النجف مع اكثر من خمسين نفساً كعائلة السيد كلانتر ويحضرني من اسماء الموجودين هناك في ذلك اليوم الشيخ علي خائفي والسيد عدنان العلوي والشيخ محمد الجواهري والشيخ حسن القسام والشيخ علي البهادلي مع نساء واطفال. وبقوا في سرداب الجامعة مدة ثلاثة أيام والجيش لا يعلم بوجودهم في السرداب الى أن اصرّ الامام الصدر على الخروج مهما كلّف الأمر... فعارضه جماعة من الموجودين وبعد ذلك ارسلوا احد خدم الجامعة إلى الجيش المحتل للجامعة وعاد ليخبرهم بالخروج فخرجوا.
ويحدّثني عدد من الحضور انهم عندما رأوا الامام الصدر ذهلوا منه وركّزوا عليه وأراد أحد الضباط أن يكشف عن وجه احدى العلويات فقال له شهيدنا منتهراً: سافل.
بعد ذلك اتجهوا بهم الى مديرية أمن النجف والتي كانت ما تزال بيد الثوار فأتخذهم الجيش درعاً بشرياً وكانت الاطلاقات النارية تمر بقربهم فخافوا فقال لهم الأمام الصدر: كونوا ورائي ولا تخافوا. بعد ذلك بقليل جاءت اليهم سيارة بسرعة مذهلة وهي من نوع ًجيبً مكشوفة وفيها السائق ومعه جندي على مدفع رشاش وعلى بعد مسافة منهم انقلبت السيارة وقتل من بها نتيجة الحادث، وعندما وصلوا الى المديرية والتي كانت محتلة بالكامل من قبل الجيش أطلقوا النساء والاطفال قبل وصو لهم وقيّدوا الأمام الصدر ومن معه وصدروا حكماً باعدامه، وبعد ان وضعوا غطاءً على عيني كل واحد منهم وتهيئوا لرميهم بالرصاص تراجعوا! من دون أن يعلم احد ما هو السبب في تراجعهم.
وبعد ذلك نقلوهم الى قرب ملعب النجف وهناك جاء ضابط كبير يتصفح الوجوه فوقف عند الأمام الصدر وقال له:
نطالب بدمك يا صدر... ها؟
فأجابه(رض): ما ذنبي ان خلقني الله من آل الصدر.
فقال الضابط ساخراً من لهجة الأمام الصدر حيث تكلّم بالفصحى: ما ذنبي ان خلقني الله من آل الصدر. بطريقة هازئة فأجابه شهيدنا:
ماتريدون؟ كلكم تريدون ان تكونوا صداماً. لعنة الله عليكم.
فجن جنون الضابط وسحب مسدسه ليطلق النار على شهيدنا فأرتمى السيد كلانتر على شهيدنا واحتضنه كأن لسان حاله يقول اقتلوني معه. وبعد ذلك ارادوا اعدام الأمام الصدر واوثقوه كما فعلوا في مديرية الامن ولكنهم تراجعوا كالمرّة السابقة.
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 12:36 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 8
وفي هذا اليوم قبل هذين الحادثتين انهالوا عليهم ضرباً با لهراوات البلاستيكية ما عدا السيد كلانتر(رحمه الله) وكان الأمام الصدر حينها واقفاً.. فبينما الآخرون يتدحرجون على الارض من ألم الضرب نجد ان شهيدنا اجتمع عليه حوالي خسمة من الجلاوزة وهم يضربونه بقسوة وهو(رض) واقف ثابت لا يتحرّك ولا يتفوه بكلمة تأوه واحدة حتى أرتوت الكلاب من الضرب، وبعد ذلك ارادوا نقلهم الى مكان آخر وعندما ركبوا عمد احدهم الى الأمام الصدر وضربه على رأسه فأطار عمامته من على رأسه فدفعه شهيدنا في صدره وتمشى بثبات ووضع عمامته على رأسه وذهل الحاضرون من قوة قلبه هذه القوة التي لم يكن أحد يعرفها عنه ليس لانها غير موجودة بل لانها غير ظاهرة.
المهم انهم نقلوهم بسيارة نوع }مرسيدس{ ثمانية عشر راكباً وسيارات أخرى معهم وبعد ان وصلوا الى بغداد واتجهوا بهم الى مجزرة الرضوانية المرعبة حيث شاهدوا في ساحة هذا المعتقل مشهداً مرعباً حيث العشرات بل المئات يعذّبون على جذوع الاشجار وعلى الارض والجثث تملأ المكان ثم اتجهوا بهم صوب أحد المعتقلات وبعد ذلك جروهم الى التحقيق الواحد تلو الآخر، وكان المحقق معهم حسب الراوي المجرم }صدام كامل{ وعندما وصلت النوبة الى الأمام الصدر تأخر في التحقيق حتى ظنّ الآخرون انه قد قتل وبعد ذلك الوقت عاد فسأله بعضهم عن التحقيق فقال: ذلك شأني.
ولكن بعد سنوات سئل عما قيل له في التحقيق فقال: قالوا لي كيف افتيت بالجهاد؟ فأجبت: أفتيت تحت تهديد السلاح. ثم علق قائلاً: نعم لقد افتيت بالجهاد تحت تهديد سلاح البعث الكافر فهو مسلّط علينا.
وخلال فترة الاعتقال التي استمرت ثلاثة عشر يوماً حدثت بعض المفارقات ففي احدى المرات ونتيجة لعدم وجود الماء الكافي تناقشوا حول التيمم فقال: اني أخالف المشهور في كيفية التيمم. إذ انه(رض) يرى ان تتشابك اصابع اليدين فعارضه عدد من الموجودين الذين هم من اتباع المسلك التقليدي ووصل الامر انهم هددوا الأمام الصدر انهم اذا خرجوا فأنهم سوف يفعلون ويفعلون.
وفي احدى المرّات قام عدد منهم بعمل اوراد وهذه الاوراد وحسب رأيهم سوف تعجل في اطلاق سراحهم وجعلوا لكل واحد ورداً فعرضوا الأمر على الأمام الصدر فقال: علمه بحالي يغني عن سؤالي. فأمر اولاده بالنوم وجعل عمامته تحت رأسه الشريف ونام.
وبعد مضي عشرة أيام على الاعتقال جاءوا الى المعتقل بعدد من الشخصيات الحوزويّة كالسيستاني والخلخالي وآخرين وبقوا في الاعتقال ثلاثة أيام بينما شهيدنا والباقون الذين اعتقلوا في الجامعة بقوا ثلاثة عشر يوماً كما ذكرت آنفاً.
وبعد اكتمال هذه المدة أخرجوهم واعطوا لجماعة الجامعة كتاب اطلاق سراح وآخر باستلام جامعة النجف، بينما أعطوا السيستاني ورفاقه كتاب اطلاق سراح واذن بدخول مدينة النجف ونقلوهم سوية في سيارة نوع ًريمً وعندما وصلوا الى جسر الكوفة أوقفتهم سيطرة للحرس الخاص، وكان في السيارة ضابط كبير في القصر أو الحرس الخاص وعندما صعد الى السيارة ضابط السيطرة رأى كتاب الجامعة والكتب الأخرى فقال: هؤلاء ويعني السيستاني ورفاقه يدخلون الى المدينة لوجود اذن بالدخول اما هؤلاء يعني الأمام الصدر وكلانتر وباقي أفراد الجامعة فلا يدخلون الى النجف لأنهم لا يملكون كتاباً بالدخول فحدثت مشادة كلامية بين الضابطين عندها قام السيستاني وقال: أنا عليّ بجماعتي ولا شأن لي بالآخرين! فوقف الجميع مذهولين حتى الضابطان عندها أذن ضابط السيطرة للجميع بالدخول، بعد ذلك باتوا في أحد الاماكن في نفس السيارة وأطلقوهم مجموعة بعد أخرى.
بعد ذلك كان الأمام الصدر يواظب على الخروج مرتدياً كامل زيه الحوزوي وكان الوحيد في النجف يمشي بعمامته في الشارع بينما كل معمم في النجف كان اما لا يخرج من بيته واما يضع غطاءً على رأسه بدل العمامة اذا اراد الخروج ومن ذلك الشيخ محمد اسحق الفياض والشيخ كاظمي من حاشية الخوئي وقد روى هذه الرواية الأمام الصدر بنفسه(رض) يقول: انه في احدى المرات ذهبت لأتسوّق فشاهدني احدهم فقال: إلى الآن لم نخلّص من العمائم.
وهكذا بقي الحال الى أن استقرت الاوضاع مرة أخرى
وخلاصة ما نستفيده من انتفاضة النجف وفق هذه الاحداث ان الحوزة لم تكن على مستوى المسؤولية بل ان حب الحياة كان هو الغالب... وعندما رأت الحوزة ان الجماهير التفت حول احد الد خصومها وهو شهيدنا اضطرت الى تشكيل لجنة وهذه اللجنة لم تكن أهلاً لهذه المسؤولية بل معروف عن الكثير منهم انهم ليسوا من اهل الجهاد أو التقوى بل ان حب الترأس هو الذي يدفعهم طمعاً في مستقبل زاهر وملك دنيوي رخيص وكانت الانتفاضة هي الحدث الاهم الذي ابرز طاقات شهيدنا وقوة قلبه وأهليته للقيادة ومع كل ذلك بقي الأمام الصدر عند الامة مجهولاً والسبب هو الاعلام القذر والتعتيم على دوره وشخصيته فمن النادر عند باقي الجماهير اذا ما استثنينا الذين عاصروا انتفاضة النجف ان نجد احداً يعلم بدور السيد الشهيد في الانتفاضة والى يومنا هذا.
بينما هناك عدد من تجار العمامة صعد نجمهم وصاروا هم القادة والعظماء وهكذا هو الحال منذ قرون فمن ذا يعرف دور الخالصي في ثورة العشرين وما بعدها ومن ذا يعرف دور السيد مهدي الحيدري أو دور الشيخ محمد الخالصي نجل الشيخ مهدي الخالصي في العراق وايران ما قبل الثورة فالشيخ الخالصي هو الذي قاد الجماهير ودخلوا الى المبنى الحكومي حيث كان الشاه موجوداً وداسوه بالأحذيه، ولكن من يعلم ذلك؟؟؟
ولكن ارادة السماء فوق الكل يريدون أن يطفئوا نور الله بافواههم ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون
التصدي
تصدى الامام الصدر للمرجعيّة في ذلك الجو المضطرب حيث انها المرة الأولى التي تعصف بالشيعة في العراق خصوصاً عاصفة الضياع حيث ان الامة كانت متحيرة ولا تعرف ما تفعل وذلك لاسباب اهمها عدم وجود الوعي الاسلامي الكافي.
وكذلك البعد الشاسع بين الحوزة والشعب كما قال شهيدنا إذ ان المرجعيّة كانت تعيش في برجها العاجي وسط العنعنات والتكبر الضخم الذي كان عليه أغلب السابقين كما قال(رض)
ومن الدواعي التي ادّت الى تصدي الأمام الصدر الشهيد للمرجعيّة هي انه قال في احدى المناسبات: كنا نتذاكر حال الحوزة في النجف انا والسيد كلانتر والسيد مهدي الخرسان فقالا: بعد سنوات لن يكون في حوزة النجف مجتهد واحد وكان هذا الامر أحد الاسباب التي دعت الى ان تصدى للمرجعيّة. المهم انه تم افتتاح الكثير من المكاتب في النجف الاشرف ومن اشهر من تصدى بعد وفاة المحقق الخوئي.
1ـ السبزواري، 2ـ السيستاني، 3ـ الامام الصدر، وبعد وفاة السبزواري والذي لم تستمر مرجعيته اكثر من عام واحد تصدىّ آخرون وهم بالاضافة الى شهيدنا والسيستاني كل من:
1ـ بشير الباكستاني.
2ـ علي الغروي.
2ـ محمد سعيد الحكيم.
4ـ حسين بحرالعلوم.
وقد كانت السمة المعروفة والتي كانت تطلق على شهيدنا انه مرجع الدولة الى درجة أن من كان يدخل الى مكتبه فانه لا يجد سوى عدد قليل من الزائرين وموظفي المكتب.. وقد كان الأمام الصدر يتواجد في اليوم مرتين ساعة قبل صلاة الظهر وساعة بعد صلاة المغرب وكان هذا في بداية تصديه، ولم يكن في الساحة من يعرف الامام الصدر حق معرفته سوى عدد قليل من الخواص وذلك لما قلناه سابقاً من اعتزال الامام الصدر وكذلك الاعلام المكثّف ضده من قبل العامة والخاصة.
واذكر خصوصاً المكاتب والشخصيات التي كانت مرتبطة بالمحقق الخوئي والجهات الاعلامية المرتبطة بالمؤسسات الخيرية التابعة للحوزة كمؤسسة الامامعلي(ع) في لندن التي تصدر مجلة النور إذ انها كانت تشن حملتها
ا لهوجاء ضد شهيدنا الى حين استشهاده(رض) ولهذا فقَد كانت الجماهير تبتعد عنه وعن مرجعيته.
والسؤال المطروح ماهي علاقة الشهيد بالدولة وكيف تسنّى له تحصيل الموافقة على طباعة مؤلفاته واستلامه المدارس وتوقيعه على الاقامات بالنسبة للاجانب؟ وقبول الطلبة في الحوزة؟ المشهور هو ان الدولة اشترطت على الامام الصدر عدم التدخل في السياسة وللحوزة ان تمارس حريتها بعد ذلك.
وقد عرضت في احد البحوث هذه الفكرة على الأمام الصدر فقال: هذا معناه ان الحكومة قد قالت لي ذلك وهذا ليس بصحيح بل ان أنا الذي ارتأيت ذلك حفاظاً على الحوزة، ويقول في مكان آخر: ان سبب اختيار الدولة لي من بين المتصدين هو: انني عراقي الجنسية والدولة لم تكن ترغب بوجود مرجع من جنسية اخرى والسبب هو ظنهم بأمكانية السيطرة على المجتهد مادام عراقياً خاضعاً لقوانينها وبذلك يسهل عليها ان تتناوله بأيديها متى شاءت.
وقد قامت الدولة ببث اشاعة ان الامام الصدر متعاون معها، وهذا ما فعلته الجهات الحوزوية أيضاً وذلك لكي تبعد الناس عنه فانه المرجع الوحيد الباقي من ورثة مدرسة السيد الشهيد(قدس)
وهنا يطرح سؤال: ما الذي اضطر الدولة الى ذلك؟ وما الذي تخطط له؟ يقع الجواب حسب تحليلي الشخصي في عدة نقاط أهمها:
1ـ تخفيف الضغط عن الشعب والحوزة بعد ماتبين للدولة ان العنف والضغط غير مجديين خصوصاً بعد اشتعال الانتفاضة الشعبانية المباركة.
2ـ اعتقاد الدولة انها حينما تمارس مخططاً جديداً وهو وجود مرجعيّة تعمل لصالحها وبث هذ الامر من خلال الاعلام المخابراتي مع تأييد اسلامي لها بهذا الخصوص يؤدي الى تشتيت الشيعة في العراق وعدم لمّ شـملهم تحت راية واحدة.
3 ـ زرع مرجعيات عميلة لها كالشيخ بشير الباكستاني المشهور بعمالته الصريحة كما سنذكر ذلك بالأدلة. وفائدة هذا الامر هو التمهيد للمستقبل بعد القضاء على أهم المرجعيات الموجودة لوصول المرجعيّة الى امثال هذا الشيخ بعد ان يكون قد ثبّت نفسه من خلال اعطاء رواتب مغرية وتوزيع كتب المناهج الحوزوية باسعار مخفضة.
4 ـ ايحاء فكرة ان مرجعية الشهيد مرجعيّة تعمل لصالحها... وبهذا تنفر الناس منه.. والضغط الظاهري على الآخرين كما حدث مع السيستاني الذي منع من الصلاة في مسجد الخضراء وذلك لان الدولة تعلم يقيناً بان الناس سوف تنفر من الذي تتبناه حسب الظاهر وسوف تلتف الجماهير حول المرجعية المظلومة!!! وهي تعلم يقيناً بان هذه المرجعيّة الاخيرة لا تشكل اي خطر عليها في الحاضر أو المستقبل مع اختلاق بعض الاحداث التي سوف نذكرها كمحاولة اغتياله واتهام الامام الصدر وأتباعه بهذه الحوادث.
وهنا أمر لابد من الاشارة اليه ان الدولة العراقية تسعى بكل صورة الى بقاء الحوزة في العراق وذلك لما له من اثر اعلامي وهي تضمن بذلك ان المرجعيّة لن تحرك ساكناً مادامت تحت اليد.
وسط هذه الاجواء بدأت المسيرة العملاقة لشهيدنا وهو يعي ما يفعل ويدرس ما يحدث بدقة عجيبة وبصبر وسرية عجز عنها الكثير من الكبار حينها والأمر الذي ركزّ عليه شهيدنا هو القبول المكثّف للشباب في الحوزة والسر في اختيار الشباب واضح وذلك لعلمه بأن الكثير من فضلاء الحوزة انما يتبعون اهواءهم اذ حيث ما ترسو سفينة الدولار فهم ينوخون وكذلك فهم من اتباع الحوزة الصامتة التي ترى بأن التقية هي الدرع الحصين سواء كانت هذه التقية مشرعة او لا وكأن رواية: Aإذا ظهرت الفتن فعلى العالم ان يظهر علمه@ لا تشملهم الى يوم ظهور الامام(ع).
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 12:39 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 9
وهكذا تزاحم الشباب على الحوزة والشهيد في ذلك الوقت في تكتم تام لا يبيح اسراره حتى لاولاده ولا يعلم أحد ما يخطط له وقد وضع للقبول في الحوزة إختباران لم يسبق وجودهما في الحوزة الأول اختبار في الثقافة العامة والثاني الاختبار الفقهي، واقل درجة يجب الحصول عليها هي درجة ستون بالمئة في كل منهما.
ويجب أن يدخل الطالب الى الحوزة بشرط وجود توثيقين من قبل وكلاء معتمدين عند الامام الصدر وكانوا قليلين جداً في ذلك الوقت وكانت لجنة الامتحان الثقافي مكونة من الشيخ الربيعي والشيخ الغريباوي، والشيخ الخفاجي والامتحان الفقهي عند الشيخ اليعقوبي.
وكان(رض) يشترط التعمم وكان يقول: لا تلقوا بعمائمكم في النجف حين تذهبون الى محافظاتكم وذلك لاني اريد أن يرى الناس العمامة في الشارع لكي يحصل الاطمئنان عند الجماهير وتصبح ظاهرةً متنامية، إلاّ في حالات معيّنة كان يجيز للبعض القاء العمامة.
وقد كان يلقي بحثين في اليوم ايام الدوام الحوزوي من السبت الى الاربعاء صباحاً يلقي بحثه الفقهي وعصراً يلقي بحثه في الاصول وقد تطور الامر بعد ذلك فصار يعطي درساً في التفسير يومي الخميس والجمعة وهو ما طبع بعنوان }منه المنان في الدفاع عن القرآن{ وفي شهري محرّم وصفر يلقي دروساً في الثورة الحسينية وهو ما طبع بعنوان }اضواء على ثورة الحسين(ع) {و}شذرات من فلسفة تاريخ الحسين(ع) {وقد وضع منهجاً حوزوياً متطوراً ادخل فيه الحلقات في الاصول للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) إلاّ ان احداً لم يقبل بتدريسه خوفاً من السلطة، وقام بعد ذلك بافتتاح جامعة الصدر الدينية وهي دراسة شاملة بالاضافة الى دروس الحوزة ادخل الفيزياء والكيمياء والأدب الانگليزي والأدب الفارسي وعلم التشريح والرياضيات وكذلك تدريب الطلبة على استعمال ًالكمبيوترً وقد تم تدريس الحلقات بشكل قسري فيها.
وقد تناوب على ادارة الجامعة كل من السيد مقتدى الصدر والشيخ اليعقوبي وقد افتتح لها مدرستين الاولى المدرسة الباكستانية والثانية مدرسة الامام المهدي(ع) وهما متقاربتان وبعد ان استولى آل الحكيم على المدرسة الباكستانية بأمر من الطاغية تحوّل الطلبة منها الى مدرسة البغدادي، وقد ترك الامام الصدر الكثير من الخدمات في المدرسة الباكستانية قائلاً: دعوا هذه الامور فان آل الحكيم سوف يدخلون فيها طلبة وهم أيضاً أبنائنا. ومع ذلك بقي هناك عجز في بعض المواد الحوزويّة كتدريس مواد السطوح وخصوصاً الاصول اذ ان الشخصيات القادرة على ذلك كانت معتكفة على تدريس المقرّبين منها فقط، وقد حدثت حادثة بهذا الخصوص اذ في احدى المرات رفضالامام الصدر التوقيع على اقامة السيد هادي السيستاني وهو اخو السيد علي السيستاني فراجعه في ذلك المرحوم محمد كلانتر فقال له الامام الصدر: لماذا يعتكف هادي السيستاني على تدريس الايرانيين، والعراقيون لا يجدون احداً يدرسهم، اذا كانت هذه حوزة فسقة فليرحل الى اهله. فمازال به السيد كلانتر حتى قال له الامام الصدر: سوف اوقع على الاقامة، وسوف نرى ما يحدث، وسوف تحاسب أنت امام الله على ذلك.
عندها انفجر السيد كلانتر(رحمه الله) بالبكاء، وبالمناسبة فان الامام الصدر قضى مدة طويلة في الجامعة التي كان يديرها السيد كلانتر والسيد كلانتر يعرفه حق المعرفة وكان يدعو الى تقليده من بادئ الامر وقد وجه ابناءه لذلك قائلاً لهم ان الامام الصدر هو الأعلم ولكن بسبب الضغوط الحوزويّة اضطر السيد كلانتر الى السكوت مجدداً، ولكنه كان يغلق مسجد الجامعة ايام الجمع ويأمر اولاده بالذهاب الى صلاة الجمعة في مسجد الكوفة. وكان(رحمه الله) يقول للامام الصدر قبل ان يتصدى لا تركب في مقدمة السيارة قرب السائق بل اركب في المقعد الخلفي فانه لن يقلدك احد فيرفض الامام الصدر ذلك لانه يجد فيه مظهراً من المظاهر الدالة على التكبر وهكذا قضى ايامه على هذا المنوال، وكان السيد يتملك ايام تصديه للمرجعيّة سيارة نوع }مرسيدس{ 1974وبعد ذلك استبد لها لكثرة عطلها بسيارة أخرى }متسوبيشي{ وهي التي استشهد فيها.
اما تعامله مع الطلبة فقد كان اذناً صاغية لأي طالب علم ويساعده مادياً ومعنوياً بالمقدار المستطاع ولم يكن يطلب معرِّفاً لكي يساعد المحتاج حتى من غير طلبة العلم إلاّ ما ندر مع بعض العوام بينما كان الطلبة يذوقون الذل فيما لو احتاجوا الى مساعدة من مكتب السيستاني وغيره حيث يطلب منهم معرف وبعد ذلك يتشكل تحقيق.. ما تفعل بالاموال؟ الا يكفيك النصف؟ وهكذا وهذا فيما لو وافقوا على مساعدته.
وفي ايام توزيع الرواتب كان الجميع يحضر الى المكتب لاستلام الراتب لا فرق بذلك بين عربي وأعجمي بينما يقف العراقيون امام مكتب السيستاني وغيره بشكل طوابير لاستلام الراتب وباقي الجنسيات يأتيهم راتبهم الى البيت او المدرسة وكان راتب الامام الصدر هو ثلاثة آلاف ومائتان وخمسون ديناراً للمجرّد وستة آلاف ومأتان وخمسون للمتزوج بسبب قلة ذات اليد ولكنه كان لا يبخل بالمساعدة قدر الامكان سيما القروض التي كانت تمنح للطلبة بين الحين والآخر بينما في المكاتب الأخرى فأن المساعدات منوطة بالتقليد والتأييد فمقلدهم ومؤيدهم يقبض عشرة أضعاف ما يأخذه غيره، وقد حدثت في تلك المدة حوادث عجيبة من قبيل شراء التقليد اي يقول لك احدهم اعدل عن تقليد الامام الصدر ولك 500ألف أو مليون او اكثر حسب الشأن، ومعلوم أن نظام الطاغية أصدر أمراً بان التجنيد الالزامي يمكن دفع بدل عنه. بقيمة 750الف دينار في الوقت الذي كان فيه الكثير من الطلبة هاربين من جيش الطاغية لذلك يتم استغلال عدد من الطلبة بهذه المسألة وهي ان يعدل عن تقليد الامام الصدر فيقوم مكتب السيستاني ومحمد سعيد الحكيم بدفع البدل عن طريق بعض السماسرة كالشيخ حسن الكوفي والسيد محمد زبيبة وهذه الزمرة يقودها رضي المرعشي، وأخيراً تم عرض مبلغ يقدر بالملايين لشراء أحد أهل الخبرة من الطلبة الاكفاء عند الامام الصدر الشهيد مقابل العدول فرفض بشكل قطعي هذه المساومة وقد نوه عن هذا الامر الامام الصدر في احدى خطبه فأرجع اليها.
ومن الاحداث المهمة في سنة 1997م تحرّك اثنان من الشخصيات العلمية في النجف الاشرف وهما السيد عدنان البكاء والشيخ أحمد البهادلي لغرض رفع الخلافات وتوحيد المرجعية، وقد جاءا الى الامام الصدر بهذا الغرض وقالا نريد توحيد زعامة الحوزة ونحن نراك اهلاً لها فما تقول فقال: أذهبوا وقولوا ذلك للآخرين وأختاروا من تشاؤون انا معكم أول الداخلين وآخر الخارجين. فما لبثا ان عادا الى الامام الصدر لينقلا له ردود باقي العلماء فمنهم من يقول: واين انا إذاً. والآخر وهو السيد محمد سعيد الحكيم قال: ان محمد الصدر يهودي نجس. ففشل الامر.
وبمناسبة ذكر السيد محمد سعيد فانه كان من اشد الناس على الامام الصدر وكان يطلق عليه القاباً وسباباً فاحشاً فيقول مثلاً ًمجنون، مخبل، مطيرجي وهذا ليس بجديد على أهل هذا البيت اذ ينقل لي احد طلبة السيد الشهيد قائلاً في أحدى سنوات السبعينات دخلت على السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) فوجدته مغموماً فسألته فعلمت ان محمد علي الحكيم والد محمد سعيد الحكيم قد سب السيد الشهيد وقال عنه يهودي وهكذا فان هذا الشبل من ذلك الاسد. ولا يخفى ما فعله اهل هذا البيت مع الشيخ المظفر والسيد محمد كلانتر رحمهما الله بسبب ان هاذين العلمين قاما بتأسيس مراكز علمية غير خاضعة لسلطات آل الحكيم في تلك المدة وهي مدة مرجعية السيد الحكيم.
وقد ركّز شهيدنا بالخصوص في اختيار وقبول طلبة الحوزة على أهل جنوب العراق حيث كان يفسح المجال لهم للدراسة وكان يواجههم بحب أبوي معروف.
واسباب ذلك تعود الى أن المشهور في الحوزة التقليدية ان اهل الجنوب من المتخلفين اوكما يسميهم اكثر اهل النجف }المعدان{ أو كما يسميهم الملتفون حول السيستاني ومحمد سعيد الحكيم }العربنچية{ هذا مع العلم الأكيد مالاهل الجنوب من ادوار تاريخية مهمة في رفعة الاسلام والتجاوب معه على طول الخط وهكذا تعامل الامام الصدر مع الجميع بالتساوي ولكن كما قلت كان يعطي لجنوب العراق اهمية خاصة لذلك نرى ان الغالبية العظمى من ائمة الجمعة هم من أهل الجنوب فأهل الجنوب أهل الشجاعة والكرم والاخلاق العربية الاسلامية الفاضلة وليسوا }أهل القيمة والتمن{ كما يؤثر عن شهيدنا(رض) كل ما في الامر أن الشعب العراقي عموماً كان يحتاج الى قائد يعيش آلامه متاعبه ويوازيه في الشجاعة التي كانت تفور في داخل ضميره وهكذا كان الصدر وكان العراق.
لذلك لم يؤثر عن اهل النجف اي مساندة للأمام الصدر إلاّ ما ندر ومعلوم هو المستوى المتدني في الاخلاق الذي وصلت اليه هذه المدينة التي كان من المفروض ان تكون مدينة العلم والاخلاق والشجاعة ولكنها وللأسف لم تكن كذلك بل واجهت شهيدنا بالحرب منذ الايام الاولى وهذا ليس بجديد عليهم اذ ان الغالبية من أهل هذه المدينة المقدسة يميلون الى اهوائهم وملذاتهم وأحتقار رجل الدين والتجرأ عليه وكانوا لا يحترمون عالماً ولا يحترمون اي تشريع اسلامي وكان البعض من العلماء يجاملهم على حساب الحق ويغدق عليهم الاموال والمجاملات السطحية لكي يضمن ولاءهم ولكن أي ولاء. لذلك نجد اكثر اهل النجف يرجعون الى محمد سعيد الحكيم والسيستاني في التقليد وأي تقليد هو؟ إذ من النادر ان تجد بينهم مؤمناً ملتزماً لا يحلق لحيته مثلاً... أو لا يستمع الى غناء أو احتساء خمر وحدث ولا حرج من هذه المخالفات وغيرها ولا اعني بأهل النجف سوى هذه البقعة المحيطة بضريح أمير المؤمنين(ع) بينما الاحياء الفقيرة وباقي الاقضية من الناس البسطاء الذين سحقتهم الدنيا والسلطة الغاشـمة وهذه الاحياء الفقيرة مسكونة من أهل جنوب العراق الذين هربوا أو تركوا محافظاتهم اثناء الحربين.
لذلك بقيت النجف وحتى اليوم الآخير من حياة شهيدنا العملاق تناصب العداء لمرجعيته بل وللاسلام ككل. وهذا ما اتخذه محمد باقر الحكيم كمطعن أساسي على مرجعية الامام الصدر وأقول له هنيئاً لك هذه الزمرة التي سترد معها يوم القيامة بئس الورد المورود.
المهم انه وسط هذه المشاهد كان شهيدنا يقرأ ويدرس ما يحدث ويخطط للغد في صمت فكان يستخدم التقية في العديد من آراءه الى درجة عدم الاجابة على بعض الأسئلة والاستفتاءات ولكنه يضع عبارة تبعث على التفكر فمثلاً عندما يكون السؤال فيه رائحة سياسية يجيب قائلاً }هذا مخالف للتقية{ وفي احدى المرات سألته عن كرة القدم فكان الجواب }يجاب شفوياً{ وبعد المراجعة قال(رض): ان كرة القدم الآن شأن دولي وهي مرتبطة بالسياسة أكيداً والتدخل في تحريم بعض متعلقاتها كالدخول الى الملاعب واللعب في الأندية... الخ معناه التدخل في السياسة وهذا يعني التصادم معهم.
وفي احدى المرات قال لي(رض): حبيبي لا تظن بأني في تقية من العراق فحسب بل اني في تقية من الغرب وأنا في غرفتي هذه. المهم ان الامام الصدر كان يتكتم على الكثير من آراءه كقوله بولاية الفقيه وغيرها وكذلك كان لا يعطي سرّه لأحد فبالرغم من وجود الكثير من الشباب الثقات حوله إلاّ انه كان يوجه من دون ان يعطي ايضاحات كثيرة حول ماهية المخطط الذي يريده وكان يقول: أنا لا أعلم ما سوف أفعله في المستقبل بل أعمل لكل يوم بما اراه من المصلحة وما فيه رضا الله سبحانه وتعالى. وهكذا كان يربّي طلبته على أمرين السرية والاخلاص وبالخصوص الرضا بما يأتي من الله فكان يؤكد على ان لا تشتكوا مهما تنزل عليكم من مصائب وكان يجسّد ذلك عملياً فهو كما يعلم الجميع مصاب بمرض في بدنه ومنذ أمد لا يعلمه إلاّ الله ولكنه كان بالرغم من الآلام التي كان يعانيها فهو يفلسف الامر. بأن المرض لا يكون الاّ بذنب وهو كفارة لذلك الذنب كما يؤثر عنه(رض).
ففي احدى زياراته للسيستاني قال له هذا الأخير: سيدنا تشتكون المرض...
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 12:41 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 10
ففي احدى زياراته للسيستاني قال له هذا الأخير: سيدنا تشتكون المرض، فأجابه الشهيد: حبيبي أنا أرى الشكوى الى الله حرام.
وهذه هي القمة التي من الصعب ان نجدها بين كل المدّعين اما الاخلاص فقد سأله مرّة في احدى المقابلات الشيخ البهادلي قائلاً: سيدي لو سألت نفسك سؤالاً فما تسأل فقال له(رض): اقول لنفسي هل انت مخلص. ومن هذين الأمرين ترى مدى ما وصل اليه شهيدنا في العرفان الذي اصبح تجارة بيد الكثير من أصحاب الأهواء فبينما نجد الكثير يتظاهر بالخشوع ويسبّح ويهلل بشكل ظاهر ومسبحته بيده يقلّبها وخواتمه تبلغ العشرة أو الخمسة. ترى شهيد العظمة لا يتظاهر بأي مظهر من هذه المظاهر ويرى ان العبادة والاخلاص أمر خاص بين العبد وربه فاذا ظهر اصبح رياءً والعياذ بالله.
وبخصوص الدراسة الحوزويّة من حيث الدوام أو التعطيل فقد كان ديدن الحوزة وما يزال هو اعتبار التعطيل هو الاصل فالتعطيل يشمل شهر رمضان واسبوع العيد في ذي الحجة وشهر محرّم ويستمر الى العشرين من صفر اي الى اربعينية الامام الحسين(ع) والابتداء منذ الخامس عشر من شهر شعبان لعطلة رمضان وهذا غير الوفيات والولادات وعند شهري الحر الشديد السابع والثامن من السنة الميلادية ويوم السبت من كل اسبوع.
ان مدة الدرس اقل من ثلاثة أشهر في السنة وهذا هو المعروف عن المنهج الحوزوي ولكن الامام الصدر قرر تغيير هذه السيرة الحوزوية ـ ان صح التعبير فهو يعطل في شهر رمضان وخمسة عشر يوماً من شهر محرّم الحرام.
اما في الوفيات والولادات فانه كان يستمر في درسه مع اقامة تعزية في المكتب اذ كان يؤثر عنه ان الامام المتوفى أو المولود في هذا اليوم لا يرضى بالتعطيل بل هو يرضى بالدرس أكيداً.
وكان(رض) يؤكد على الدرس يقول: أدرسوا وجدّوا وأريد منكم جميعاً أن تكونوا مجتهدين. وعندما كان يدرّس الكفاية بعد صلاة المغرب حين وجد إن الساحة خالية وذلك كما ذكرت آنفاً ان العراقيين يبحثون عن استاذ في هذه المادة فلا يجدون فاضطر الى تدريسها المهم انه في هذا الدرس كان يؤكّد على المثابرة ويقول: لماذا ندرس الكفاية؟ لانها من اصعب الكتب الحوزوية واقول لكم ادرسوا اصعب الكتب حتى لا تكونوا حايط انصيص يعبر من فوقكم الجميع.
وكان يقول اريدكم جميعاً أن تكونوا مجتهدين فاذا تركتموها للآخرين داسوكم بقدم من حديدً وكان يؤكد على مسابقة الزمن وكان يريد منا ان نقوّم أنفسنا وان لا نستجدي من الآخرين المعارف والعلوم.
وكان ينظر للمستقبل وفق منظوره السابق للتاريخ. وذلك بحكم خبرته ومشاهداته للواقع. اذ ظلت الحوزة والى يوم الناس هذا محصورة السيطرة والتسلّط على فئة معيّنة اما العراقيون فهم اتباع على اية حال ولا يحق لاحد منهم ان يكون منافساً سواء كان عالماً بالفعل أو لا أذ يجب عليه الخضوع وتقبيل الايدي صباحاً ومساءاً ويسبح بحمد الفلانيين لا اكثر وهذا هو حال باقي الجنسيات كالافغان واللبنانيين وغيرهم. ولك ان تسأل احد الافغان اذا كانت لديك معه ثقة متبادلة ليحدّثك بمدى التعسف والجور الذي كان يلحق بهم. اذ يتحدث احدهم وهو من اساتذة الحوزة في النجف قائلاً: كنّا في أيام الخوئي عندما كنا نراجع من اجل تجديد الاقامة نذهب الى مدرسة القوام وهناك يتربع محمد تقي الخوئي الذي كنا نخاف منه اكثر من خوفنا من السلطة البعثية الكافرة وكان احدنا لا يتنفس الى ان يخرج وهو يحمل معه تجديد الاقامة السنوية.
وكانت الرواتب لا تكفي الى منتصف الشهر ولا احد يدري اين تذهب ملايين الدولارات وبأي جيب تستقر والى هذا اليوم واليك هذه الحادثه فبعد وفاة الخوئي قاموا باخراج مئات الآلاف من الاموال وقد أتلفتها الرطوبة إذ كانت مخزونة في السراديب التابعة لمكتب الخوئي وقد تلفت بالكامل. ولو قال قائل انها مخزونة لشؤون الحوزة أقول: اية شؤون هذه اذ لم يتم بناء مدرسة إلاّ ما ندر.. ولم يعرف عن تلك المدة انها من سنوات الانتاج الفكري الحوزوي حتى يقال بانها تصرف على المنشورات الحوزوية ومعلوم ان الشعب كان يعيش جهلاً كبيراً ولم تستطع الحوزة ان تقدم له اي شيء يذكر.
وقد لحق هذا الطغيان حتى العلماء الذين يشهد لهم بالفضل والعلم كالشيخ الغروي اذ ان الشيخ الشهيد كان مظلوماً ومضطهداً من قبل الادارة الحوزوية
بسبب قوله بأن الخوئي ليس هو الأعلم. والارجح انه كان يرى اعلمية الشيخ حسين الحلي(رحمه الله) وينقل عنه انه كان يقول: حضرت بحث الخوئي اربعين سنة لم أقل يوماً بأعلميته.
وبسبب هذه المواقف اعتدى عليه محمد تقي الخوئي بأن ضربه }بالمداس{ في بيت الشيرازي وهذه حادثة مشهورة في النجف وقد كان محمد تقي الخوئي لا يحترم ولا يبالي بأحد ويستخف بأكبر عالم.
وفي احدى المرات كما نقل لي احد ثقاتي ان الامام الصدر ذهب للشهادة على رؤية ا لهلال عند مكتب الخوئي ومعروف ان شهيدنا كان أبيض الشعر. في كل من رأسه ولحيته وحاجبيه لذلك تندر عليه محمد تقي الخوئي بقوله: لا يأتينا أحد حواجبه بيضاء فتقع شعرة على عينيه فيظنها هلالاً ومن الحوادث مع هذا الرجل: انه كان جالساً عند شهيدنا بعد تصديه للمرجعيّة فقام شهيدنا بتعميم احد الطلبة فقال محمد تقي الخوئي: سيدنا يجب عليك الاهتمام بتعميم اولاد المراجع.
فقال له شهيدنا: ان اولاد المراجع يتعممون ليحافظوا على اسم الاسرة اما هؤلاء فانهم يأتون الينا عن ايمان وعقيدة ورغبة في العلم فيجب ان نهتم بهم اكثر من اهتمامنا بأولاد المراجع.
ومن هذه الحوادث ان الشيخ محمد حسن الأنصاري وهو الساعد الايمن للسيد السيستاني وهو زوج احدى بنات السيد محمد كلانتر(قدس).. قد قال لشهيدنا في أول تصديه للمرجعية }الزم ظهر محمد تقي الخوئي تكون لك المرجعية بلا منازع{ فرفض شهيدنا رفضاً قاطعاً ان يتخذ المضلين عضداً وقد كان كما حدّثني احد الثقاة يلعن محمد تقي الخوئي ويقول: ان اولاد الخوئي شياطين. وهذا الطغيان والاستئثار مستمر الى يومنا هذا، وهو متمثل بالسيستاني واتباعه ومكاتبه المشبوهه ومن ورائهم عبد المجيد الخوئي ومن وراء الجميع مالا يعلمه إلاّ الله!!! وشراء الضمائر مستمر الى ان يأتي الله بامره وفي كل الحوزات من قبل هذه الثلة فمرجعية السيستاني ان صح تسميتها مرجعية ماهي إلاّ قلعة من الرمال واتحدى كل من يلتف حوله ان يثبت امكانية السيستاني من الناحية العلمية فعلى مستوى الأصول يعلم الجميع ان كتاب الرافد في علم الاصول للسيستاني هو في مستوى من الضحالة بشكل ملحوظ عند ذوي الاختصاص وقد نقده كل من قرأه وقد نصح الكثير بعدم نشره لأنه طامة كبرى واما كتبه الفقهية فلا تقل ضحالة عن ذلك، و لهذا السبب كان السيستاني يتهرب من اي مناقشة على مستوى هذين العلمين فمثلاً في درس البحث الخارج في الفقه وهو لا يلقي غيره يرفض السيستاني اي مناقشة واذا كان عند طلبته اي استفسار او اشكال فعليهم المطارحة مع ولديه محمد رضا ومحمد باقر وقد حاول العديد مناقشته فأفلت منها بصورة مخزية كالشيخ الغروي(قدس).. اذ يقول: حاولت عدة مرات ان اناقشه لأرى مستوى علمه فلم أفلح في ذلك.
ومنها ان السيد المروّج وهو افغاني طرح سؤالاً يختص بولاية الفقيه وكان السؤال حول الآية الشريفة يا أيّها الذين آمنوا اذا نُودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله فقال المروّج: من هو المنادي في هذه الآية فأشاح بوجهه عنه.
ودخل عليه شهيدنا العظيم في احدى المرات وقد سأله احد العوام عن مسألة فقال السيستاني: ولدي محمد، علي بالرسالة.. فقال شهيدنا: وما تفعل بالرسالة ألست من كتبها.
وجاء السيستاني زائراً لشهيدنا في مكتبه فلما استوى في مجلسه قال له شهيدنا: سيدنا نتباحث فقهياً. فأجاب: إنا لم أئت لغرض المباحثة.
بينما نرى الامام الصدر يتصدى لأي مسألة وأي مناقشة من الصغير والكبير ولا يترك امراً أو يؤجله بل هو حاضر الذهن حاضر الجواب قوي الاستدلال ومن ذلك الكثير الكثير. وساحة النجف تشهد له بذلك وقد دخل في مناقشات فقهية وأصولية مع كل المتصدين فافحمهم ومنهم الفياض وبحر العلوم والمرعشي وهو يدافع عن رأي السيستاني في مسألة قراءة القرآن أي المرعشي في نهار شهر رمضان وعلي السبزواري وهو يدافع عن رأي والده في مسألة افتتاح المطاعم في نهار شهر رمضان.. وهكذا لم يبق مجالاً إلاّ ولجه ومن ذلك انه قرأ مؤلفات المتصدين وقيَّمها من دون تحيز ومن هنا وعندما قرأ كتب محمد سعيد الحكيم قال ما معناه: استح فان هذه ليست أرائك.
وينقل انه قال فيه Aلو درّس اللمعة لكان خيراً له لذلك فهو لم يعترف بأجتهاد احد سوى ثلاثة علماء في النجف وقد اجاب في استفتاء وجه اليه عن المجتهدين فقال: الغروي، والفياض والبروجردي مجتهدون واما الباقون فالله أعلم بحا لهم. وقد سألوه عن كثرة المجتهدين في قم فقال: لو غربلتهم لما أخرجت اكثر من ثلاثة وهذا يعني ان عنده موازين للاجتهاد هي موازين استاذه ولا مجاملة فيها لأحد ومن ذلك قوله كنّت والحائري والهاشمي أعلم من الخوئي في زمانه والآن اسأل: وفق هذه الصلابة وعدم المجاملة ما هو عدد انصار ومؤيدي شهيدنا: الجواب: لا احد إلاّ من جعل الحق نصب عينيه وسحق نفسه الامارة بالسوء، لذلك نجد ان الاسماء اللامعة في كل المحافل العلمية قد شنت عليه الحرب فالنجف قد أتحدت ضده إلاّ ما كان من البروجردي والغروي والفياض وحسين بحر العلوم فانهم اتخذوا مسلك الصمت مع تقديم الاحترام والتقدير له.
واما في قم فقد كان مقرراً عند عدد معتد به منهم ان يجمعوا على كتابة فتوى بأن مرجعية محمد الصدر هي مرجعية عميلة. ولكن الشهادة قطعت الطريق عليهم والمهم ان شهيدنا خرج بعد كل هذا منتصراً على الجميع ولكن بعد ان دفع دمه الطاهر ثمناً لهذا الانتصار).
وبعد ان اصبح الشعب العراقي هو الضحية الاولى لهذه العنعنات والعنجهيات والانتهازية، والعملاء وهذه تسمية صريحة قا لها شهيدنا في احدى الاماكن حين قال احدهم: اللهم احفظ العلماء: فقال الشهيد الى من بقربه، العملاء. وهو يعني الفئة الساكتة المنتفعة والتي ليست من فئة العلماء لا من قرب او بعد.
المرجعيات الأخرى
في نص خطي موجود له(رض) قال فيه: إن الاستعمار يهدف الى هدم مرجعيتي كما فعل مع مرجعية السيد الشهيد(قدس) لانه رأى فيها خطراً على كيانه ووجوده ويدعم باقي المرجعيات من حيث يشعرون اولا يشعرون كما يحدث فعلاً. وهذا النص لشهيدنا له واقعية ملموسة فان الأيدي التي تخطط من وراء الكواليس تبث بين الجماهير سواء على المستوى المخابراتي والاشاعة أو على مستوى الاعلام وهذا واضح لا يحتاج الى مزيد من البيان وقد يأتي يوم نرى فيه ان هناك اسماء لامعة قد عمل الاستعمار على تنميتها وتضخيمها وأيصا لها الى مناصب خيالية و لهذا فان شهيدنا ركّز على هذا الامر وقد ذكر أحدى هذه الاسماء وهو الشيخ بشير الباكستاني حيث صرّح شهيدنا بعمالته في حادثة مشهورة اذكرها باختصار: جاء بشير الباكستاني الى شهيدنا بعد ان رفض الموافقة على توقيع اقامته فقال له: لماذا رفضت التوقيع على اقامتي. فقال(رض): من الخير لك وللحوزة ان تغادر النجف. فقال: ولماذا.
قال(رض) لا اذكر لك السبب المباشر وانما هو ما أقول لك ارحل هو خير لك. ويعقب شهيدنا انه يمتلك دليلاً واقعياً ضده إلاّ ان المصلحة تقتضي عدم ذكره فانه قد يؤدي الى مفسدة ولكنه يعطي بعض القرآئن على ذلك منها ان الباكستاني يمتلك من الاموال الشيء الكثير مع انه ليس عنده مقلّد واحد.
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 12:50 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 11
ويمتلك مزارع وأراضي في اماكن مختلفة من العراق مع الكثير من المواشي ويقوم بتوزيع مساعدات مالية او غذائية في محافظات عديدة في الجنوب والوسط. وهناك نقاط اخرى فالباكستاني يوزع راتباً جيداً وهو يصر على مواد قديمة في الدراسة لا تنفع الطلبة بل قد تؤدي الى تحجير ذهنية الطلبة مثلاً يقول: يجب ان تدرسوا في المنطق 1ـ ميزان المنطق. 2 ـ الحاشية لملا عبد الله.
3ـ شرح الشمسية للكاتبي وهذه المواد كلها قديمة لا تنفع طالب العلم أو قد تؤدي الى تأخيره عدة سنوات، والنتيجة عدم فهم العبارت والمقاصد الواردة فيها وقد وضع عدداً من المدرسين منهم طلبة اكفاء ولكن اغراهم بالمال وآخرين مشبوهين كالشيخ محمد السعودي الذي يعمل كأداري في مكتب الباكستاني وله اتصالات مشبوهة عديدة.
والباكستاني حينما يستقبل أي وفد لغرض التقديم في الدراسة للحوزة يقوم بأحباطه وتسقيط الحوزة في نظره قائلاً له: ما تفعل بالحوزة أذهب لبيع السكائر هو انفع وخير لك.
وقد اشترى عدة بنايات لجعلها مدارس منها:
1ـ دار الابرار، 2ـ دار المتقين، وهذه الاماكن بؤرة للقذارة والانحطاط وقد هرب منها كل مخدوع بها إلا مَن كان من الضالين المهم انه بعد رفض شهيدنا له يقول(رض): اتصل بي المحافظ}قائد العوادي{ فقال: سيّدنا لماذا رفضم توقيع اقامة شيخ بشير فأجبته أجوبة تناسب المقام.
فقال: ولكن القيادة قررت الابقاء عليه.
فقلت: هذا امر او اقتراح.
فأجاب: هو اقتراحً.
فقلت: اذن انا ارفض وانهيت الكلام.
وتم سحب الاقامات بعد ذلك من الشهيد وانيطت بالمحافظ نفسه.
الحصيلة ان الباكستاني بقي في النجف وهو في الوقت الحالي قد اشترى المنازل التي بقربه وقد قامت الدولة بوضع حماية قرب منزله.. فأمام داره التي تقابل الجبل وضع ًكرفانً بطول عشرة أمتار وعرض أربعة امتار وفيه مجموعة من رجال الامن وعندما تدخل داره تواجه الاستعلامات لكي يتم التفتيش وتوجد امام داره سيارتان واحدة نوع }كرونا{ والثانية من نوع سيارة اجرة والله العالم في الايام التالية ما سيكون دوره وقد كان كل علماء النجف يعلمون حق العلم ماهو الباكستاني ولكن لم يصرّح احد منهم بخصوصه إلا ما كان على مستوى الجلسات الخاصة.
ومع ذلك تعاون معه آل الحكيم بأمور لا أعلم ماهيتها وأظن ان التعاون كان في مجال معيّن وهو مواجهة العدو الاكبر}الامام الصدر{ وهذا ليس مختصاً بهاذين بل اشتمل على ثالث هو السيستاني وهناك حادثة مهمة تجدر الاشارة أليها وهي ان الباكستاني قام في احدى المناسبات بتوزيع مساعدة في حوزة النجف باسم الروحاني وقد سلّمها الى عدد من الفضلاء من اصحاب الخط أوا لحوزة التقليدية وبعد وفاة الروحاني قام بأقامة مجلس تعزية وقد دعا اليه كل العلماء في النجف وعندما دعا الامام الصدر رفض شهيدنا وأصر على عدم الحضور ولا أعلم هل ان السبب يختص بالروحاني أو لكون صاحب التعزية هو الباكستاني والثانية ارجح عندي، وقد اهدى في احد الايام مجموعة من الكتب الى الامام الصدر فرفض استلامها بشدة.
وفي بداية تصدي شهيدنا للمرجعيّة التف حوله عدد كبير من الفضلاء مثل السيد هاشم المخراقي والشيخ صادق الناصري والشيخ محسن الحسناوي وغيرهم إلاّ ان اسلوب شهيدنا في عدم المجاملة على حساب الحق والدخل المحدود أدى الى انصرافهم عنه فالمخراقي كان يدعي الاجتهاد وعندما واجهه شهيدنا بأحدى المسائل الاستدلالية تصاغر وقال انا لست مجتهداً.
وبعد ذلك لم يعد مرة أخرى الى مكتب الامام الصدر وهكذا الحال مع ابن عمه السيد حسين الصدر الذي دعا الى مرجعيته في بادىء الامر ولكن السيد الشهيد واجهه كما ذكرت آنفاً ففعل ما فعل جزاه الله ما يستحق وهكذا الآخرون ولكن في الاشهر الاخيرة من حياته الشريفة عاد اليه عدد منهم كالشيخ الحسناوي وعبد العالي المظفر وغيرهم.
وكذلك فعل آل البغدادي }السيد علي البغدادي وأخوته{ حيث وقفوا موقف العداء من الامام ولكنهم تراجعوا في الايام الأخيرة. ومن العلماء الذين وقفوا وقفة شريفة مع شهيدنا أحمد البغدادي الذي أشار الى اخوته وهو في الخارج بالالتفاف حول الامام الصدر والبغدادي معروف في النجف بزهده وتقواه ومواجهته للحوزة الصامتة كما هو ديدن جده المجاهد السيد البغدادي(قدس) وقد أصدر مؤلفات تظهر حقائق خطيرة عن واقعيّة مرجعية السيستاني واسلافه منها:
1ـ الطاغوت يحكم.
2ـ حق الامام وغيرها
تعامله مع الآخرين
ذكرت نبذة عن الاسلوب الذي كان يتصرف به مع الآخرين وهناك طرق أخرى كان يتميز بها(رض) فعلى المستوى الاداري لمكتبه كان يراقب بدقة تصرفات الموظفين في المكتب ولا يسمح لاحد بتجاوز حدود الشريعة المقدسة أو التصرف بخلاف الظاهر وفي حال صدور أي شكوى ضد أحد الموظفين كان يتحقق من الامر بنفسه ويتخذ القرار المناسب ولذلك فهو قد غيّر من ادارة المكتب عدة مرات ولم يكن يعيّن أحداً على اساس المجاملة او السمعة العائلية باستثناء ابني السيد كلانتر(قدس) وهما السيد سلطان كلانتر زوج ابنة الامام الصدر والسيد حسين كلانتر وهما معروفان بطيبتهما وأخلاصهما وتواضعهما وكانا مطيعين للامام الصدر الى حدود بعيدة.
واما الآخرون فهم من ابناء محافظات الجنوب والوسط ولا يرى فضلاً لأحد على الآخر وكان(رض) يجتمع بهم بين الفينة والأخرى ليراجع معهم السلبيات ويلقي عليهم محاضرة اخلاقية ويشدد على ضرورة التحمل والتعامل باخلاق وسعة الصدر مع الزائرين واما لقاءه بالناس فقد كان في بادىء مرجعيته يجلس مرتين في اليوم المرة الأولى حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحاً الى وقت صلاة الظهر والأخرى بعد صلاة المغرب ولكن عندما كثرت مشاغله وخصوصاً عندما انتشر تقليده بشكل واسع وأقيمت صلاة الجمعة وافتتح المحاكم الشرعية قلّص هذا الوقت. فصار يتواجد في الصباح فقط في الايام الاعتيادية وهي ايام دوام الحوزة واما ايام العطل فيجلس في نفس الوقت السابق وكان يخصص وقتاً للمقابلات الخاصة فيما لو كانت عند الآخرين أمور خاصة أو سرية وهذه الساعة هي التي تسبق صلاة المغرب في كل يوم وبعد صلاة الظهر.. وفي حال وجود مسألة مهمة فانه يأخذ الزائر معه الى بيته في }الحنانة{.
اما طريقة مقابلاته للجماهير كانت بأن يجلسوا حوله ويسأل الواحد تلو الاخر وكان اذا تقدم اليه احد يسأله فأنه يعطيه كل انتباهه وقد حاول البعض استراق السمع لما يسأله السائل فانتهره شهيدنا قائلاً: بئس ما سولت لك نفسك. والسائل يجلس دائماً عن يمينه واما عن شـماله يجلس احد المساعدين.. وفي احدى المرات جاءه حسين الصدر فجلس عن يمينه فقاله له: حبيبي من أين يأتيني الناس اذا جلست مكانهم فقام وتحوّل الى مكان آخر.
وكان في بادىء الأمر يجلس في ثاني غرفة على يسار الداخل بعد ذلك تحوّل الى اول غرفة على اليسار أيضاً وبعد ان اصبحت تضيق بالناس تحوّل الى غرفة المكتبة التي تواجه الداخل وعندما أصبحت لا تسع أيضاً تحوّل الى غرفة اكبر وهي التي تكون على يمين الداخل الى المكتب وكان(رض) لا يجلس في صدر المجلس ابداً بل يجلس في الزاوية دائماً.
وفي مجال المقارنة مع باقي المكاتب المشهورة فان الداخل يجب عليه ان يقبّل الايادي الممدودة بشكل آلي بحيث ان العالم لا يلتفت الى القادم وكأن اعطاء يده يكفي لرد التحيّة وهؤلاء نجدهم يجلسون في صدر المجلس وعن يمينه مساعد وعن شـماله مساعد والسائل عليه ان يجثو على ركبتيه امامه.
إلا ما كان من الشيخ الشهيد الميرزا علي الغروي(قدس) فقد كان بسيطاً جداً مع ما تشهد له الحوزات من القدرة العلمية الفذّة.
المهم انك بعد ان قدّمت القربان المطلوب فان عليك ان تشرب الشاي ولو كانت عندك مسألة فان عليك ان تراجع الحاشية الذين يتعاملون مع الجماهير كأنهم ارقاء وطبقة سافلة.
واما تصرفات وسلوك شهيدنا في الشارع فكانت بسيطة وطبيعية خالية من التظاهر وكان دائم النظر الى الارض إلاّ في حالات معيّنة وكان لا يمانع من الاجابة على أية مسالة حتى وهو يمشي وأحياناً يقف مع السائل في الشارع ليجيبه وقد كان(رض) يمارس فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بنفسه ومن ذلك انه كانت بعض النساء يظهر شعرها من غير ان تعلم فيعلمها او يرسل احداً لها.
وفي أحدى المرات وبالقرب من باب القبلة للحضرة العلوية المطهرة نزلت امرأة من سيارة وهي سافرة بالكامل وقد وضعت أصباغاً على وجهها وعندما مر من قربها بصق في وجهها وذهب فظلت تتكلّم بشكل غير لائق فعاد اليها وبصق في وجهها مرّة أخرى.
وفي احدى المرات وهو خارج من المكتب جاءت امرأة وقد كشفت عن شعرها وصدرها فصاح بها ملعونة ملعونة ملعونة الى مالا نهاية.
ومرّة جاءه ضابط كبير في الجيش العراقي وذلك في الصحن العلوي الشريف وقال له ما مضمونه ما حكم عملي مع الجيش العراقي فقال له(رض) ما معناه: أنت في جهنم.
فقال: سيدي ما أفعل.
فقال(رض): خلص نفسك.
وكان(رض) يرفض المسير وراءه أو من حوله إلا في الايام الأخيرة حينما كانت الجماهير تزدحم حوله الى درجة انه سقط على وجهه في احدى المرات وفي اخرى سقطت عباءته.
وجاءت بعض الاخبار بانه معرض للأغتيال في اية لحظة وان كان(رض) لا يبالي بخصوص هذه المسألة اذ كان يروى عنه انه كان يقول: إني انتظر طلقة الشهادة يومياً وفي احدى المرات نادى احدهم بأعلى صوته بالصلوات فقال(رض): اذا كانت هذه الصلوات لله فجزاك الله خيراً وان كانت لي فعليك لعنة الله.
وعندما سمح بهذا الامر في الاشهر الأخيرة وسمح للشعراء بالقاء قصائدهم مع ما فيها من المدح قال(رض) مامؤداه: انه قبيح ان يمدح الانسان في وجهه وأنا شخصياً اتأذى من ذلك ولكن عندما رأيت ان في ذلك نصرة للمذهب فاني تغاضيت عن ذلك مع مافيه من أذى ليّ.
وكان لا يسمح با لهتافات التي كانت الجماهير في العراق ترددها خصوصاً في مسجد الكوفة الأعظم وكان يقول: ان هذه الهتافات مستعجلة ولا حاجة اليها الآن.
ويمكن القول ان الاستعجال في هذه ا لهتافات انها لم تكن تحدث في وقتها المناسب وقد كان يحث عليها في اوقات أخرى حينما يريد ان يظهر مدى ماوصلت اليه الجماهير من استجابة وقوة بحيث كانت تلبّي كل ما تريده الحوزة الناطقة.
الامام الصدر في بيته
معظمنا تختلف اموره وأحواله واخلاقه وكلماته في خارج المنزل منها فيه. اذ ان الانسان يحاول ان يحافظ على توازنه ويدقق في كلماته ويظهر بمظهر لائق فيما اذا كان في الشارع أو الاماكن العامة أو عند استقباله الضيوف اما في البيوت فأحدنا ينقلب وضعه تماماً فيتكلّم بحرية زائدة على ما في الخارج ويأكل بطريقة تختلف ويتعامل مع اسرته بدون تحفظات وقد يكون احدنا مثلاً أعلى امام الناس ولكنه امام اسرته شر مثل. ولا استثني طبقة معيّنة من طبقات المجتمع إلاّ أولئك الذين تطابق ظاهرهم مع باطنهم فأصبحت الرؤى واحدة والتعامل واحد يرى ولده كما يرى ابن جاره وأي انسان آخر وينصح أسرته بما ينصح به الغرباء بلا فرق.
هذا في الانسان العادي والمفروض ان هذه الصفات مما يتحلى بها مرجع التقليد أو رجل الدين عموماً فهل نحن كذلك؟
لنستمع الى الشهيد السيد مصطفى الصدر وهو يجيب طلب احد الاخوة عن سلوك الامام الصدر في منزله وبين اسرته بعد ان حيّر العقول في سلوكه امام المجتمع فهل كان امامنا مختلفاً او هو هو كما هو في سلوكه الظاهر فأجاب الشهيد ابن الشهيد قائلاً:
بسمه تعالى
والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين. اما بعد.
فلقد أوكلت...
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 12:55 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 12
إليّ أيّها العزيز مهمة انا اقل من أن أبصر مداها أو أن أبلغ كنهها ومثواها.
ولعمري لهو الشرف وأي شرف ان اخطّ بقلمي هذا الكال اسطراً تنبيك عن من غضت الابصار دونه، وتضاءلت الافكار تحت هدي فنونه، واستعصى على النفوس الاقتراب منه رهبة واجلالاً أو خوفاً وفرقاً.
ورغم كل هذا فهو اشد الناس تواضعاً، واوسعهم صدراً، وارحمهم قلباً، اذا كلّمك اسمعك، وان كلمته سمعك واصغى لك حتى ظننت انك تكلّم نفسك، يلقاك باسماً ويودعك راحماً، فصرت أهوى ان اكلّمه أو أبدأه بحديث، وما أن أبدأ الحديث معه حتى اتضاءل امام خلقه الرفيع وعلمه المنيع.
كان وما يزال أباً حنوناً رحيماً، يتفقد افراد اسرته فرداً فرداً، يسأ لهم عما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم واضعاً في كلماته الموعظة الحسنة، والكلمة الطيّبة، يزورنا اذا ابتعدنا ويدعونا اذا سئمنا، يلاطف صغيرنا ويرعى كبيرنا، ويعاقب مخطأنا، هو معنا كما هو لغيرنا، يقبل علينا ما اقبلنا على الله يأمرنا بالطاعة ولزوم القناعة، والزهد في الدنيا والصبر على البلاء، والرضا بالقدر والقضاء، يسكّن روعنا، ويزيد صبرنا.
يناقشنا في امرنا كالصديق رغم رأيه السديد ونظره المرهف في الامور
لطالما يجالسنا في سويعات السمر رغم انه يكره السهر، فهو ينام باكراً ويستيقظ باكراً، يكثر من الكتابة والتأليف في الصباح الباكر، يتناول فطوره بيده الشريفه قبل طلوع الشمس وبعدها يتفرغ للكتابة والاجابة على ألاستفتاءات والتحضير لبحوث الفقه والاصول والتفسير، التي يلقيها على طلابه في بحوث الخارج. حتى اصبحت الكتابة واستقبال الضيف تستغرق جلّ يومه في البيت فلا نكاد نراه إلاّ في سويعات الطعام على المائدة فهو لا يأكل لوحده إلاّ نادراً ونحن بدورنا ننتظر هذه الفرصة الثمينة حتى نجالسه ونسمعه ونتحدث اليه.
يقدم لنا الطعام ان قصرت ايدينا عنه، ويسأل عمن غاب منّا.
كنا ومازلنا نسأل عن الصغيرة والكبيرة في دين او دنيا، نستأنس بطاعته ورضاه، ونأسف لسخطه ان جهلنا ما يريد، يعلم منا مالا نعلمه ولا نعلم منه شيء.
انه البحر المتلاطم والفيض المتعاظم ـ يعاتبنا اشد العتاب ان اخطاءنا فلا تأخذه في الله لومة لائم. ويلين لنا ان طلبنا منه الرضا.
اذا جلسنا نتحدث كان كأحدنا يحدّثنا بما نتحدث عن خبر أو صدر من شعر أو أدب في علم أو فن، يدير حديثه بما يقربنا الى الله ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر، يأمرنا بالتواضع والخضوع والسكينة والخشوع، ينهانا عن حب الدنيا ويحذرنا من التعلّق بحبال مودتها، يحضنا على الزهادة منها كما زهدها، يذكرنا بالموت ومخافة الفوت ويأمرنا بالصبر على البلاء وهو اصبر الناس على بلواه وما أكبر ما أبتلي وهو الصابر المحتسب القانع، فقد أبتلي بصحته وسقمه وسرّه وعلنه وفي أهله وأمته، ومازلت اسمع منه هذه الابيات المنسوبة الى أمير المؤمنين(ع):
كن في امورك معرضاً وكل الأمور الى القضا
فلربما أتسع المضـيق ولربما ضاق الفضـا
ولـرب أمـر محـزنٍ لك في عوارضه رضا
الله يفعـل مـا يشـا فلا تكـن متعـرّضـا
اسمعه يكررها علينا كلما ألَّم بنا كرب او اشتكينا له امراً يقلقنا جعلنا الله من مواليه ومن خدمه ومحبيه ومن شيعته ومريديه، واطال الله تعالى عمره الشريف ومتّع الامة تحت ظله المنيف انه نعم المولى ونعم النصير.
كتبت في النجف الاشرف،
30جمادى الاول 1417
مصطفى الصدر
مع الوكلاء
لا شك ان كل مرجعية انما تعتمد بالدرجة الأولى على نشر افكارها وتوجهاتها من خلال وكلائها وكذلك تثبيت هذه المرجعية من خلال الدعوة لها، وكان للوكلاء نمط تقليدي مشهور وكان اغلبهم انصاف الجهلة بحيث لم ينفعوا الشعب العراقي بشيء يذكر على الاطلاق هذا إلاّ اذا استثنينا وكلاء السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) الذين كانوا من فضلاء الحوزة ويمتاز غالبيتهم بثقافة لا بأس بها.
اما شهيدنا فبدأ مرجعيته بوكلاء تقليديين واكثرهم وكلاء سابقون للخوئي وهم يحملون آنذاك وكالات لباقي المتصدين ولم يستفد الامام الصدر من هؤلاء الوكلاء إلاّ بنسبة لا يعتد بها وعندما بدأت الحوزة تستقطب شباب العراق اتخذ الامام الصدر اسلوباً جديداً اذ انه قبل أي حديث اشترط في الوكالة داخل العراق ان لا تستمر اكثر من سنة واحدة وتأريخها الى مولد الرسول الأعظم(ص) في شهر ربيع فبدأ في سنة 1416 ـ 1415هـ بأدخال عناصر الشباب ضمن الوكلاء بالاضافة الى السابقين وبعد ذلك بسنة بدأ باخراج العديد من السابقين وسحب وكالاتهم ولم يجددها إلاّ لمن ثبت على نهج المرجعية الحقة فاصبح جميع السابقين اعداء له بشكل علني فكان ظنه فيهم في محلّه.
وكان للشباب الحوزوي الدور الريادي في تغيير المجتمع واحتكاكهم المتواصل ادى الى تهيأة الاجواء للدخول في المواجهة الكبرى التي ظهرت في أيام صلاة الجمعة المقدسة.
فاتصل معظم الوكلاء السابقين بأجهزة النظام واصبحوا موظفين في وزارة الاوقاف ووقفوا بحزم ضد وكلاء الامام الصدر الجدد فصاروا اليد الثانية للنظام التي سعت الى هدم هذه المرجعيّة الناهضة ولكن بدون جدوى.
كان ايّ وكيل لا يعطى الوكالة مالم يتم التحقق من اخلاقه ودينه وما قدّمه خلال العام الماضي وكان مسؤول الوكالات في سنة التغيير السيد جعفر الصدر فأشرف بنفسه على التحقق من الوكلاء.
كان المتعارف في الحوزة منذ زمن غير معلوم ان الوكيل اذا جاء بمبلغ في الحقوق فله النصف وكانت على نحو الجعالة على ما هو معروف ولكن شهيدنا قال: لا يعرف الشخص الذي بدأ بهذه السيرة.
وذم شهيدنا هذة السيرة ولعن مؤسسها، وقام بعد ذلك باعطاء الوكلاء نسبة الثلث.
وكان قد حرّم على الوكلاء أن يجمعوا غير وكالة مع وكالته وأعتبر الفاعل لذلك سارقاً اذ ان الأعلم أو من يقلده الوكيل واحد من المراجع واعطاء الحقوق الى غيره سرقة وغير مبرء للذمة كما هو واقع.
فأدى هذا الامر أيضاً الى انسحاب عدد من الوكلاء السابقين على ما ذكرت.
كان الاخلاص والتدين والحصيلة الجيدة من العلوم الاسلامية الاساس في اعطاء الوكالة ومع كل هذه كان الأهم في نظره الشجاعة وقوة القلب الذي جعله شرطاً اساسياً في امامة الجمعة أيضاً.
ولكنه اضطر احياناً من اجل المصلحة الابقاء على البعض ممن يفقد بعض هذه لمقومات ولكن على ان لا يكون الشرط المفقود هو الاخلاص وعدم الانحراف يميناً ويساراً لذلك لم يبق احداً من اتباع المسلك التقليدي.
وقد قام بمحاكمة بعض الوكلاء الذين تصرّفوا بشكل غير لائق وسرقوا اموالاً من ناحية الحقوق وعنفهم وحدث هذا على ما أعلم به مع اثنين احدهما في بغداد والآخر في ناحية تابعة لبغداد أيضاً.
اذ قام الاول بأخذ مبلغ من الحقوق ولم يوصله الى الامام الصدر بل تصرف به ففسقه في بادىء الامر ولكنه اعاد الاموال وأعلن التوبة.
والثاني قام بتزوير ختم الامام الصدر واعطاء وصولات مزورة وهو الشيخ عبد الامير الجابري ولكنه عاد أيضاً واعتذر وأعلن توبته والله العالم بالسرائر.
التدرج في المواجهة
كما ذكرت سابقاً ابتدأ شهيدنا بمفرده إلاّ بمن لا يعتد به في ذلك الوقت سواء على مستوى الجماهير أو الحوزة وعندما تصدى كان عليه ان يواجه اولاً وقبل الجميع الحوزة اذ ليس من السهولة التغاضي عن مثل هذا الخصم الشرس الذي تغلغلت جذوره في عمق التاريخ مئات السنين. وعليه ان يواجه الجماهير التي حملت عنه نتيجة الاعلام فكرة سيئةً، وعليه ان يواجه النظام
لذلك نسأل كيف تم استيعاب هذه الجبهات؟ مع وجود تضاد كبير بينها. فالجماهير عدوة للنظام، والحوزة عدوة للنظام، والحوزة تؤثّر في الجماهير إذ هي القائد الأول للجماهير. فاذا دخل في نزاع مع الحوزة خسر الجماهير وعُدّ من اعوان النظام، ولم يكن في وضع يساعده على الدخول في مواجهة مع النظام
ولا اقول بأني سأستوعب المنهج الذي اختطه شهيدنا كما هو إلاّ اني وبحكم مشاهداتي وتحليلي الشخصي للأحداث والتصريحات التي سمعتها بنفسي أو ممن لا يشك في صدقه سوف ادلي بدلوي وما كان مخالفاً للواقع فانا اتحمله ولا غير.
يقول شهيدنا انه لم يستطع ان يتحرّك إلا بعد ان اغمض الخوئي عينيه. وهو يشير بذلك الى السلطة التي كان يتمتع بها الجهاز الحوزوي و الامكانيات الاعلامية والمالية ومن خلال ما ذكرته سابقاً ان شهيدنا عندما بدأ بطرح اشكالاته على الحوزة كمسألة صلاة السيستاني في مسجد الخضراء وغيرها كان يهدف الى إسماع آذان الحوزة بأني موجود على الساحة ولم يطرح(رض) نفسه كمنافس بصورة مباشرة، وانما اراد ان يثبت اولاً انه مؤهل علمياً اكثر حتى من الخوئي فدخل في مناقشات علمية مع عدد ممن يحدث نفسه بالاجتهاد، أو مع من هو مجتهد فعلاً كما ذكرت آنفاً.
اضافة الى طرح اشكالات على السلوك القائم وأثارة مظلومية الاسلام ونهب الحقوق والاموال من قبل المتنفذين القائمين على شؤون الحوزة. هذا كله مع الحفاظ على الأسس الاسلامية والمبادىء التي كان يعتقدها او ما يسمى باللغة الحديثة }استراتيجية{ فهو يُظهر تذمره واستيائه من اشخاص معيّنين ويترك آخرين.
اما النوع الاول: فهم من الاشخاص الذين يبعد احتمال ارجاع احدهم الى جادة الحق، والتوبة على ما مضى كأولئك الذين دخلوا في مواجهة علنية مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر أوساهم بشكل او باخر في اجهاض حركته اما النوع الآخر وهم من الفضلاء الذين ليس لهم دور مهم على ساحة النجف وهناك اشخاص حاولوا التقرّب منه وهم مشبوهون فتركهم لمدة ثم طردهم بصورة علنيّة. وكأن السر في ذلك ان النوع الاول من اعداء السيد الشهيد كانوا يعتبرون انفسهم من ذوي السلطة المطلقة على الحوزة بل على الشيعة في العالم وأحياناً يصطدمون مع كثير من الجهات في حال تصادم المصالح اذكر على سبيل المثال محمد تقي الخوئي الذي كان متكبراً ويرى نفسه فوق الجميع فلم يجامله شهيدنا طرفة عين بل كان يذكره بكل مساؤوه.
والنوع الثاني: لم يكونوا يعادون أية فئة بل هم يجارون الجميع فرأى ان هولاء يمكن اصلاحهم وتقوية قلوبهم لنصرة الحق. وهناك فئة كانت مستضعفة ولكنها تعرف الحق واهله فناصرت شهيدنا حتى هذا اليوم نذكر منهم ـ السيد مير حسن أبوطبيخ ـ وهذا السيد الجليل من طلبة الشهيد محمد باقر الصدر وله موقف بطولي ذكره النعماني في محنته فراجع.
وقد وقف ابوطبيخ مع شهيدنا وكان يحدّث ببعض الحقائق الخطيرة منها ان هناك بعض المؤلفات سرقت من مؤلفيها أو أخدت قهراً ووضعت عليها اسماء لاشخاص متنفذين، ويذكر على سبيل المثال ان احد العلماء(رحمه الله) قد كتب كتاباً في تفسير القرآن فعرضه على احد الشخصيات المهمة لكي يبدي رأيه فيه فأخذه ذلك الشخص ووضع عليه اسمه، وآخر الّف كتاباً في علم الرجال فحدث له ما حدث للعالم السابق.
وشهيدنا كما ذكرت لم يدخل في تلك الفترة في مواجهة مع النظام لانه من غير المعقول ان يدخل هذه المواجهة وليس معه سوى ثلة مخلصة قليلة لا تتعدى اصابع الاطراف، لذلك بدأ شهيدنا بمسألة الاعلمية، وتحدى كل الموجودين على ساحة النجف وتصدى للمناظرة فلم يتجرأ احد إلاّ من جرب حظه فرده على اعقابه خاسراً.
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 12:56 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 13
ولما لم يكن احد من المتصدّين الكبار يوافق على المناقشة العلمية قال شهيدنا: أحضروا بحثي وقارنوا فحضرت مجموعة معتد بها في بادىء الامر وكان درسه في الاصول محط الانظار، وكان الطلبة الحاضرون عنده يحضرون عند غيره، لذلك قام باقي المتصدين بخطة لا بأس بها من حيث الذكاء، وهي عدم إلقاء بحث في الاصول نهائياً، لانهم لو القوادرساً في الاصول لصاروا محطاً للمقارنة مع درس شهيدنا وبما ان شهيدناقد احتك بأهم مدارس النجف في الاصول وهما مدرستا الشهيد الصدر والخوئي وهضم مطالبهما بصورة كاملة فان الدخول في مناقشة اصوليه معه خاسرة لا محالة إذ ان الموجودين وأذكر اهمهم: 1ـ السيستاني. 2ـ الغروي. 3ـ البروجردي. 4ـ الفياض. لم يدرسوا عند السيد الشهيد بل ان كلاً منهم يعتبر نفسه افهم وأعلم من استاذه الشهيد!!!
وأما درس السيد محمد سعيد الحكيم في الاصول فلم يكن درساً معتداً بهم اصلاً لذلك قاطعه معظم الفضلاء لمعدومية الاستفادة منه .
وقد ركّز شهيدنا على مجموعة من الفضلاء من طلبته واهتم بهم وتحدى بهم ساحة النجف العلمية، وأغلبهم من الناشئين في الدراسة الحوزويّة اي غير المخضرمين منذ بداية السبعينات حيث كانت النجف تحظى باهم علماء الفقه والاصول
ومع ذلك فقد برز هذا العدد اليسير واصبح من اكفأ طلبة واساتذة النجف وتدريسهم لمواد السطوح اصبح مشهوراً بحيث لو اردت ان تحضر درساً في الأصول أو الفقه لما اشير الى غير هؤلاء. وفي الجانب الآخر فان طلبة باقي العلماء لم يكونوا بالمستوى المطلوب او بمستوى أولئك فمثلاً محمد باقر السيستاني نجل علي السيستاني من أبرز طلبة ابيه ونال من الشهرة في النجف الشيء الكثير، ولكن كل ذلك من دون دليل وعندما تصدى لتدريس السطوح والفلسفة الاسلامية ترك درسه معظم طلبته ممن كانوا يحضرون عنده وكنت ضمن من حضر درس اللمعة وبداية الحكمة فتركته بعد مدة يسيرة. وهناك من الافاضل المشهورين كالسيد رضي المرعشي وهو من طلبة الخوئي وله شهرة واسعة في النجف فكان يدرّس كفاية الاصول فتركه معظم طلبته أيضاً، واما طلبة السيد محمد سعيد الحكيم فأبرزهم اولاده السيد محمد حسين الحكيم وعز الدين الحكيم وعلاء الدين الحكيم فهؤلاء المساكين كانوا على مستوى لا يحسدون عليه، وقد كتبت مرة بحثاً في البداء واعطيته الى عزّ الدين الحكيم وبعد المناقشة فيه تبين انه تورط في مالا قبل له به اذ ان مستواه لا يتعدى مستوى بعض العوام. اذا لم نقل ان في العوام من هو افهم من هؤلاء.
وهنا أطرح مسألة غاية في الاهمية: ما سبب هذه الشهرة التي يتمتع بها هؤلاء؟ وما هي الابواق التي تنفخ لصالحهم؟ وتذكرني قرائتي لاحد مؤلفات الدكتور زكي نجيب محمود.. قال دعاني وزير المعارف المصري في وقته وقال نريد منك الحضور الى مؤتمر لتمثل مصر فيه ولكن سوف تكون ثانوياً إلاّ وقت المناقشة لمواد المؤتمر الذي تحضره واما الشخصية الرئيسية التي سوف تكون نائباً عنها فهي فلان.
فقلت سيادة الوزير إن فلان شخص مشهور ومعروف عند كافة الطبقات ولم أعرف الى الآن السبب الحقيقي وراء شهرته فلم أعرف عنه انه مؤلف أو شاعر أو فيلسوف أو ممثل او مطرب فاطرق الوزير قليلاً وقال حقاً لا أعلم.
وانما اوردت هذا المقطع عن الدكتور زكي نجيب محمود لأطرح نفس سؤاله، ماهو السبب في شهرة اشخاص لم يعرف عنهم شيء يذكر؟ فاذا سألت عن السيد محمد الصدر قلت، هو اشهر من نار على علم فهو مؤلف كبير منذ بداية نشؤه حتى قال فيه السيد محمد باقر الصدر ماقال مع أنه لم يعرف عنه مجاملة في العلم لكائن من يكون وكذلك فان شهيدنا القى البحث الخارج بحضور استاذه وبارك له هذه الخطوة.
والآن أسأل وأنت معي... ماهو سبب شهرة رضي المرعشي مثلاً... أو محمد باقر السيستاني وفلان وفلان بل هناك ماهو اخطر من ذلك فهناك شخصية مشهورة وتحتل منصباً عند الشيعة يعتبر من أخطر المناصب وقد اختفى هذا الشخص مدة سنوات ثم بعد ذلك ظهر وكانت تلك المدة خلال الحرب العراقية الايرانية فأين كان هذا الرجل؟ وماذا كان يفعل؟ يبقى هذا السؤال بلا جواب الى الآن على الاقل.
وهنا تطرح مسألة مهمة وهي ان الشيعة تختار حسب الظاهر الأعلم من بين العلماء الموجودين، فهل ان هذا ما يحدث حقاً ولك ان تراجع تاريخ هذه المؤسسة لترى ان الكثير من العلماء الذين تعتمد آراءهم في الفقه والاصول الى الآن كانوا مركونين جانباً ويرتقي غيرهم ممن ليس بمستواهم بل من ليس له مستوى يذكر، ولا أريد هنا ان اطعن في الحوزة من حيث هي بل هناك عوامل سياسية أو قومية تدخلت في المسألة فهل ينكر احد ان الدولة الصفوية كان لها دور أساسي في تحديد مرجع التقليد؟ ولعل اكمال هذا المطلب يخرجنا عن صلب البحث ويدخلنا في مورد نحن في غنى عنه الآن على الاقل، بل قد يكون ورطة كبيرة تكون عاقبتها كسيدي الشهيد!!.
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 12:58 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 14
اما مع الجماهير كان شهيدنا صاحب اكبر رصيد جماهيري بعد هذه المرحلة اذا انه المرجع الوحيد الذي خصص اكبر وقت للجماهير فهو يلتقي بالناس قرابة خمس ساعات فهو قبل صلاة الظهر حوالي الساعة العاشرة صباحا اي قبل الصلاة بساعتين يجلس في مكتبه المتواضع لأستقبال الزوار، وبعد صلاة المغرب اكثر من ساعة، والمقابلات الخاصة قبل صلاة المغرب، وبعد ذهابه الى البيت يصطحب معه جماعة ممن لديهم قضايا خاصة، وفي بادىء الامر كان الزوار قليلين جداً بحيث يرى الداخل ان الموجودين في المكتب لا يتجاوزون العشرين وذلك غير موظفي المكتب، ولكن الأمر تطور لاسباب منها انه كان يقرّب الشباب الحوزوي اليه، ويشرح صدره لهم ويقضي حوائجهم قدر الامكان وكان يدخل في محاورات مع الموجودين وإذا كانت هناك مسألة عامة يقول شهيدنا للسائل: ـ ما هو رأيك في الامر وبهذا يجعل للسائل احتراماً لنفسه ورأيه وكان يتكلّم مع الآخرين من دون تكلّف وببساطة تامة ولا يستخدم العبارات المنمقة والمصطلحات المعقدة بل هو أحياناً يشرح الكثير من المسائل الابتلائية التي تظن الحوزة انها من الضروريات ولكنها لم تكلف نفسها عناء بيانها للناس، وهناك عامل اخطر واهم من كل ماذكرت، وهو ان شهيدنا كان يتكلّم حسب ما تريده الاخلاق الاسلامية، وهو مع الله اينما كان، ويؤكد على عامل الاخلاق، ولم يكن كسواه يقول مالا يفعل، بل هو قلباً وقالباً شيء واحد، فالمنهجية التي كان عليها الآخرون والتكلّف في الكلام، والتكبر على البسطاء والتملق للأغنياء شأن غيره. فمثلاً في أحد المكاتب جاء رجل من لبنان فرآه ابن ذلك العالم ودخل خلفه، واشار الى والده العالم المتصدي اشارة بيده ان هذا الرجل مهم فقم اليه فقام السيد العالم واحتضن الرجل، وهو لا يعرفه وبعد قليل أخرج الرجل حفنة من الدولارات ووضعها في يد هذا العالم.
وحادثة معاكسة تماماً حدثت مع شهيدنا وهي ان احد الاغنياء وعد أحد الوكلاء بأنه سوف يعطي للامام الصدر مبلغاً كبيراً نسبياً كل شهر ومضى شهران أو ثلاثة فبعث الى الامام الصدر من يخبره: سيدنا ابعث لي احداً حتى احاسبه وأعطيه المبلغ.
فاجابه السيد: قل له إن كان يريد بالمبلغ وجه الله فلا حاجة للحساب واذا كان يريد بها وجه محمد الصدر فقل له انه لا يريدها.
وهكذا رغم الحال المتعسرة التي اضطرته الى تخفيض رواتب الطلبة مرات عديدة، هذا المشهد وغيره بالمئات كانت الجماهير تسمع وترى وتزداد عدداً وحباً لهذا الرجل، الذي يمثل آل محمد(ص) بحق.
ومن ذلك حينما بلغه ان ابن عمه السيد حسين الصدر يدعو لتقليد السيستاني وانه لابد من ان يتعامل معه بصورة أخرى وذلك أن حسين الصدر كان يدعي الاجتهاد والى هذا الوقت فكان يدخل الى مكتب السيستاني فيقوم له الجميع قيام المتذللين، ويصفه السيستاني بأنه حبيب قلبي، ويوصلونه الى باب المكتب، ولم يسأله احد عن دعواه في الاجتهاد، مع ان الرجل بالاجماع غير مؤهل لما هو اقل بكثير من الاجتهاد، اما عند محمد الصدر فكان يدخل ويخرج كغيره، وقد سأله شهيدنا مرة عن احد كتبه التي كتب عليها آية الله السيد حسين الصدر فقال: سيدنا ان الجماعة يريدون ان يروني كبيراً، فقال شهيدنا ما معناه: ليس الكبير إلا البعير فخرج ذليلاً ومع كل ما فعله حسين الصدر ضد شهيدنا إلا أن الكاظمية بأهلها نبذته، إلاّ ثلة من اغنياء الكاظمية والتف الناس حول امام جمعة الكاظمية مساندين ومؤيدين لشهيدنا، حتى الذين كانوا مقربين من حسين الصدر.
وكان شهيدنا يهتم بأسئلة واستفتاءات الشباب فكان يجيب يومياً بعد صلاة الصبح على كمية كبيرة من الاستفتاءات بلغت الالاف بل يمكن القول بأن شهيدنا قد حطم الرقم القياسي في عدد الاستفتاءات التي اجاب عليها، فكانت هذه الاستفتاءات مرة حول مسائل شرعية، وأخرى فلسفية وأخرى اخلاقية وأخرى مشاكل عائلية، بل توجد من الامور ما هي خاصة جداً فتعرض عليه من قبل العوائل بيد ان صدر شهيدنا منفتحاً لها فكيف لا تحبه الجماهير وتتعلق به.
اما مع النظام فكان اكبر شخصية لا تتجرأ بالكلام معه، وكان يردهم بشجاعة غريبة لم تشهدها الناس والحوزة حتى اعتبرت احد المطاعن عليه، وذلك انهم يقولون كيف يواجه النظام بهذه الشجاعة مالم يكن متواطئاً معه؟! ومن تلك الاحداث طرده لمدير أمن النجف مرات عديدة وفي احداها دخل عليه فقال له: عندي قضية.
فأجابه شهيدنا: كن في الصف مع الناس فاذا بلغ اليك الوقت اجبتك فخرج مغضباً.
وفي يوم كان هناك }الاستفتاء العام للنظام{ وهو استفتاء شكلي كما هو معروف حول شخص رئيس النظام فكان التعطيل الرسمي فأغلق جميع العلماء مكاتبهم خشية من السلطة إلاّ مكتب شهيدنا اذ كان مفتوحاً لاستقبال الناس والسيد حاضر فيه.
وفي تلك الفترة كانت تصدر استفتاءات فيها مواجهة واضحة منها حرمة التعامل مع ازلام النظام وجواز الاستحواذ على اموال الدولة كما هو مسطور في الجزء الثالث من رسالته العملية }منهج الصالحين{ وتطورت المواجهة في صلاة الجمعة وهو ما سوف اذكره في ذلك الموضوع والمواجهة التي حدثت حينما افتى بوجوب المسير الى كربلاء المقدسة في شعبان... ووجوب زيارة أمير المؤمنين(ع) في مولد الرسول(ص) وقد حدثت مصادمة في هذه الزيارة بين عدد من الجماهير وازلام النظام... وعندما جاء الامام الصدر الى مكتبه في ذلك اليوم لم يستطع الوصول أليه رغم محاولة ذلك اكثر من مرة لازدحام الآلاف من الزوار في الشوارع المحيطة بمكتبه فقفل راجعاً الى بيته وذلك ان الجماهير كانت تهتف بالصلوات مما حدا بمحافظ النجف }قائد العوادي{ ومدير الامن العام }طاهر جليل حبوش{ الى الدخول الى شارع الرسول(ص) وشاهدتهم بنفسي في ذلك اليوم المهيب.
وبعد ان تطورت الحالة وخرج السيد جعفر الصدر الى ايران أعلن الامام الصدر انه هو الذي أمر السيد جعفر بالذهاب الى ايران لافتتاح مكتب له هناك. جاءوا الى شارع الرسول(ص) ومعهم عدد من المعتقلين ليمثلوا مسرحية: هي انه بعد استشهاد الشيخ الغروي، ومقتل البروجوردي، ومحاولة قتل الشيخ سالم مسؤول الرواتب في مكتب السيستاني، ومحاولة قتل محمد رضا السيستاني اعلنوا أنهم اعتقلوا الجناة وكانت الخطة هي ان يعترف هؤلاء بالمسؤولية عن هذه الجرائم والصاقها بالسيد مصطفى الصدر(رض) بالاشتراك مع السيد جعفر الصدر وانهم حصلوا على الفتاوى بخصوص هذه العمليات من الامام الصدر وبعد تمثيل مسرحية حدوث الجرائم في شارع الرسول(ص) ووصول الامر الى الامام الصدر بادر الى التصريح بلقاء مسجل على شريط تسجيل ان ا لهدف من هذه المسرحية الصاق هذه الجرائم بمحمد الصدر، ولكن (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
فاضطر النظام حينها الى تغيير المسرحية وان الجناة فعلوا ذلك بدافع من انفسهم كما هو معروف، واحتدم الامر حينما افتى بالمسير الى كربلاء في الزيارة الشعبانية فجاءه مدير أمن النجف فأخبر ان رئيس النظام يلزمه بالتراجع فطرده شهيدنا، فجاء بعد ذلك محافظ النجف العوادي فطرده كذلك، وفي اثناء الليل جاء مدير الامن العام طاهر جليل حبوش التكريتي واقتحم بيت الامام الصدر، وأخبره بأنه سوف تحدث مذبحة للشيعة ان هو لم يتراجع عن فتواه، وان رأس النظام قد امر قوات الحرس بالنزول الى الشوارع، عندها وفي اليوم التالي اصدر شهيدنا خطاباً مختصراً علّق على لوحة الاعلانات في المكتب، بأنه نتيجة للمنع الشديد والمؤكّد لهذه السنة والسنوات القادمة فامتنعوا هذه السنة عن المسير الى كربلاء المقدسة تقية. وفي يومها كان احد ضباط الامن الكبار موجوداً في المكتب وقال هكذا اذن، فمزّق الورقة وخرج مغضباً من المكتب.
وقبل هذه الاحداث وفي ايام اقامة صلاة الجمعة امر شهيدنا ابن عمه السيد جعفر الصدر بالصلاة في مسجد الكوفة في ايام الاسبوع غير الجمعة، فتوجه السيد جعفر الصدر الى المسجد وكان يصلّي فيه السيد عبد الامير الحكيم، عندها تم الاتصال بأجهزة النظام الامنية فمنعوا السيد جعفر من اقامة الصلاة، ولا شك ان احتضان السيد جعفر من قبل شهيدنا احد أهم الضربات التي وجهها الى النظام، وهذا الفعل يدل بحد ذاته على ان شهيدنا يواصل مسيرة أستاذه الشهيد بل يمكن القول ان السيد محمد الصدر استفاد من اخطاء المرحلة السابقة ودخل في اطار جديد فمواجهة السيد الشهيد للنظام كانت صريحة وكان انصاره أغلبهم من الشباب والتف حوله عدد من علماء النجف وطلبته ويكفي ان نذكر منهم السيد كاظم الحائري والسيد محمود الشاهرودي والشيخ علي الكوراني والشيخ الآصفي والشيخ الايرواني والسيد محمد باقر الحكيم وهكذا العديد من الاسماء اللامعة، ولكن ما حدث ان التلاحم مع الجماهير لم يكن بالصورة المطلوبة وذلك ان حب الدنيا كان مسيطراً على الكثير، لذلك لم يوفق احد منهم الى حب الجماهير ويكفي ما ذكره النعماني في محنته ان السيد الشهيد بقى وحيداً في ايامه الأخيرة وخذله كل طلبته وفروا الواحد تلو الآخر وعندما شدد النظام من حصاره، قامت مجموعة من العوام بل ممن تعتبرهم الحوزة من حثالة الخلق، با لهجوم على الامن وقتلوا عدداً منهم يقول النعماني ان السيد الشهيد ندم على كل يوم قضاه في تربية طلبته وانه لو ابقاه الله على قيد الحياة لاحتضن اولئك الذين كما قلنا من السوقة.
قال(قدس): إنه لو قدر للسلطة ان ترفع الحجز عنّي من دون قيد او شرط وأعود الى حياتي ووضعي الطبيعي فسوف اعتمد في العمل على امثال }هؤلاء{ إن هؤلاء ضحّوا لله تعالى بدمائهم من اجل الاسلام والقيادة الاسلامية وسأبذل معظم الحقوق الشرعية على تربيتهم ان الاسلام اليوم بحاجة الى المضحين الفدائيين ان واحداً من هؤلاء يستطيع بعمل تضحوي ما ان يغير وضعاً قائماً كان يبدو من المستحيل تغييره، ولا يستعد ان يفعل بعض ذلك من بذلنا الكثير من اجله( ).
واضح هو التعبير الحزين للسيد الشهيد وندمه على ما قضاه من جهود من اجل الفضلاء الذين فروا من نصرته بينما نرى السيد محمد الصدر لا يعتني بالافاضل والحوزويين وأبناء الاسر العلمية كما كان يهتم بابناء الشعب لذلك جاء بهم وجعلهم من طلبة الحوزة ورباهم على خصال من اهمها:
1 ـ الاخلاص المطلق لله . 2ـ قوة القلب. 3ـ حفظ الشريعة.
فكان ما كان واصبح اولئك الذين تسميهم الحوزة ا لهمج الرعاع سيوفاً والسنة حداداً وقلوباً شداداً واصبح منهم الأساتذة والخطباء وائمة الجمعة وموظفوا المكتب في النجف، ومسؤولوا المكاتب في المحافظات، وقضاة شرعيون. لذلك انتقلت المواجهة مع النظام من النجف الى كافة المحافظات، ودخل الاسلام بحقيقته الى كل بيت، واصبح اسم الصدر مناراً وتقليده فخراً يعتزّ به صاحبه، واصبح تمثيل وتقليد غيره دلالة على الجبن والخذلان، والعجيب ولا عجب في قدرة الله ان كل ذلك حدث في وقت قياسي لا يمكن حسابه بالمنطق أو بحساب الاحتمالات فالمواجهة في الشارع وفي الدوائر الرسمية وفي السيارات بل حتى في قصر النظام حيث اعلن التوبة عدد من موظفي القصر بشكل خفي، اما ضباط الجيش فقد كان شهيدنا يلتقي بالعشرات منهم، وانقل هذه الاحداث فعندما طلب النظام مواليد تم تسريحها من الجيش للتدريب لمدة شهر واحد وكان من ضمن هؤلاء العشرات من طلبة الأمام الصدر، فكان معظم امراء المعسكرات يأمرون الجميع بالجلوس والاستماع الى محاضرة يلقيها الطلبة الموجودون ويجيبون بعد ذلك على الاستفتاءات وهكذا الى انتهاء الدوام عند الظهر والظريف في الامر ان الطلبة كانوا يحضرون الى هذه المعسكرات بالزي الحوزوي ولا يطلب منهم حلاقة اللحية إلا في حالات نادرة من قبل المتشددين من امراء الجيش في الولاء للنظام الكافر، ولذلك فقد جن جنون النظام والحوزة، فالحوزة صارت بحالة هستيرية واصبح التخبط وعدم الحكمة في الاقوال والافعال، فكان البعض كمحمد سعيد الحكيم يسب شهيدنا ويشتمه بشكل مخزي وتطور الامر الى ان عدداً من المكاتب اصبح يوزّع الاموال على الناس في بعض المحافظات، بشرط العدول عن تقليد محمد الصدر، واتخذ البعض الآخر طريقة الاعلام الكاذب، وذلك بأن قاموا بتوزيع وطبع نشرات تهاجم شهيدنا بشكل غير مستقيم ولو من ناحية الشكل فمرة تم اصدار نشرة بعنوان }دفاعاً عن بيضة الاسلام{ وفيها هجوم على شهيدنا بأنه يدعو الناس الى التقاعس، ومنشور آخر بعنوان }الاستكبار العالمي يعلب بورقة المرجعية{ وفيه اتهام الشهيد بالعمالة، وانه بيد ....
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-13-2005, 01:02 AM
كتاب السفير الخامس الحلقة 15
الاستكبار العالمي، وآخر بعنوان ان السيد محمد الصدر قاتل علماء الحوزة، وهكذا غيرها، وقد فقدت الحوزة التقليدية توازنها بشكل مضحك اذ تعاون الكثير منهم مع النظام للقضاء على حركة الامام الصدر وهذا ما حدث في محافظات عديدة وسوف أذكر الاسماء في فصل قادم ان شاء الله تعالى.
اما النظام الكافر فقد تخبط ايضاً فمرة يدعو الناس الى تجمعات قهرية ويتوعد من يحضر الى الصلاة بالاعتقال أو قطع }الحصّة الغذائية{ وقد حدثت مشادات كلامية بين الناس واعضاء الحزب ورفض الكثير هذا الأمر وكان آخرون يجيبون بسخرية واضحة.
ومرة يدعوهم في المدارس وأخرى في الشعب الحزبية وأخرى في الاماكن العامة، ويخبرون الناس بأن محمد الصدر عميل لاسرائيل، وعندما لم تفلح هذه المحاولة قام النظام باجبار الناس على كتابة تعهد بعدم حضور صلاة الجمعة.
وعندما فشلت هذه المحاولة ايضاً قام النظام بأعتقال الآلاف وتعذيبهم لمدة أيام واطلاق سراحهم، ليرى النتيجة فعاد الناس من المعتقلات الى مساجد اقامة صلاة الجمعة مباشرة، وينقل عن الكثير من اعضاء الحزب الكافر والاجهزة الامنية ان البعض منهم كان من اعضاء الشعب أو الفروع يجن جنونهم لردود افعال الناس، فمتى أصبحت الجماهير لاتخاف ولا تهاب الحزب، وكان أحدهم يقف ذاهلاً مما يرى من عدم استجابة الناس للتهديدات المتواصلة، وقام النظام بعد ذلك باعتقال عدد من ائمة الجمعة، والمنع من خروج المصلين الى الشوارع بعد ان اكتظت بهم المساجد، فحدثت مواجهات نتيجة لذلك، وفي كل الاحول كانت السلطات الغاشـمة تنسحب في الأخير بعد فشل محاولاتها كما سوف اذكر في فصل الجمعة.
وقبل هذه المرحلة عندما رأت السلطة ان الامام الصدر بدأ يصرّح واصبح يتقدم خلاف كل التوقعات بادرت الى منع طباعة كتبه فاضطر السيد الى طباعة الكتب في اماكن سرية ولكنها طباعة سيئة، وقد صادرت في احدى المرات حوالي خمسة آلاف نسخة من غلاف كتاب Aمنة المنان@.
كما شنت صحف النظام حملة اعلامية ضد شهيدنا محاولة تسقيط حركته جماهيرياً ومن ذلك ما كتبته احدى الصحف حول }التدخين في شهر رمضان{ اذا ان شهيدنا يعتبر التدخين غير مفطر ويجوّزه مع الضرورة فذكرت هذه الصحف ان علماء الاسلام يعتبرون التدخين مفطراً وان هذه الدعوى دخيلة على الاسلام والاهداف التي تبتغي من وراءها ادخال الشبهات على الاسلام.
ومن هذه الحملات ما قام به الدكتور احمد الكبيسي باشارة من النظام وهذا الرجل حاقد على مذهب آل محمد(عليهم السلام) كما هو معروف عنه في العراق فكان يقوم بتجميع طلبة المعاهد والكليات ويلقي محاضرات اسلامية الشكل ويشكك فيها بعقائد الامامية ويلقي الشبهات، بل هو كان يدعو الى عدم اهمية الحجاب بالنسبة للمرأه وكان يؤكد على مسألة التدخين في شهر رمضان ويهاجم بعض فتاوى السيد كصلاة الجمعة فتصدى له شباب الصدر من الطلبة الواعين، وناقشوه في كل مرّة يحاول الانتقاص من شهيدنا ومذهبنا، فكانت تحصل ضجة واعتراضات وتعلو الاصوات، فكان يضطر الى قطع محاضراته
وا لهرب وسط حماية امنية مشددة.
وبعد ان ألقى الامام الصدر خطبته رقم 16 الموافقة ليوم }6 من شهر ربيع الآخر{ 1419 التي ذكر فيها سدنة المراقد المشرفة وذكر مساوئهم وفي نفس اليوم عند صلاة المغرب حيث كان السيد يصلّي في الصحن الشريف، قامت قوات الحرس الخاص والطورىء والأمن والحزب العفلقي بتطويق الحرم العلوي وعندما رأى الناس ذلك توجهوا ليزيدوا من عدد المصلّين خلف الامام الصدر بشكل ملفت للنظر، وقبل مجىء السيد الى الحرم جاء محافظ النجف قائد العوادي ودخل الى الديوان الذي كان مسؤول السدنة }حيدر الكلدار{ وأعوانه يتجمعون فيه وطوقت حمايته المصلّين وكان هذا الديوان في مقابله مصلّى الامام الصدر ويقع بابه على مصلاه فجاء السيد وجلس في المصلّى وحدثني أحد خواص الامام الصدر وكان واقف بين الديوان والامام الصدر، قال: فقلت للامام الصدر: سيّدنا هؤلاء يريدون استفزاز المصلّين وقد يخرج المحافظ اثناء الصلاة فيكون مروره من امام سجادتك بل لابد ان يطأ بقدميه السجادة، فهل توافق على ان اقف واحول بينهم وبين هذا الفعل، فقال: بيك حيل تمنعهم}هل تستطيع منعهم{.
فقلت: ان شاء الله. وبعد ان دخل السيد في الصلاة خرج المحافظ ومدير امن النجف وجلاوزتهم يريدون المرور من امامه، فوقفت امامهم وقلت للمحافظ: الوضع متأزم والسيد يصلّي وقد تحدث مشكلة فأرجو ان لا تمر من هذا المكان.
فقال: نعم.
ورجعوا الى الديوان واكمل السيد صلاته وخرج، فمنع السدنة ادخال الفرش التي كان يصلّي عليها المصلّون فحملناها الى جامع الرأس، وفي اليوم التالي قطعوا الكهرباء عن مكتب الامام الصدر، وكادت تحدث مصادمة عند صلاة المغرب، وكان الشباب الذين يصلّون خلف السيد متوترين ومتأهبين لأية مصادمة، وعلت الأصوات بالصلوات.
وفي اليوم الثالث جاء مدير أمن النجف وقال: سيّدنا نحن نعتذر وهذا الامر ليس من عندنا بل تصرف شخصي من السدنة ولكن القيادة تعتبر اهانة السدنة اهانة للقيادة من حيث انها اهانة لوزارة الاوقاف فالواجب عليكم ان تعتذروا عن اهانة السدنة.
فقال السيد : سوف يصلكم الخبر.
وفي الجمعة التالية مباشرة قال السيد في خطبته رقم 17في 13 ربيع الآخر ـ 1419 أنا في الجمعة السابقة ذكرت فئتين أو طبقتين في المجتمع وانتقدتهم بشدة والانتقادات صحيحة لا أتنازل عنها }وما خفي عليك اكثر{ كما انني اتكلم هنا من زاوية قوة لانني لا أطمع بهم ولا بأحدهم ولا اخاف منهم.
وعن أحد خواص الامام الصدر: وفي الخطبة السادسة بتاريخ 25محرم 1419حين أفتى بوجوب الذهاب مشياً على الاقدام الى كربلاء عند حلول اربعينية الامام الحسين(ع) جاء اليه مدير أمن النجف قبل الجمعة السابعة بيوم }يوم الخميس{ فأخبرني(رض) قائلاً: جاءني مدير أمن النجف بصيغة تهديد وقال: السيد الرئيس يقول المشي ممنوع ومادام الصدر هو الذي افتى فعليه ان يمنع ويسحب فتواه ولا يحيل الأمر علينا ولا ينيط المسؤولية الى سواه واذا صار المشي فالعواقب وخيمة، ولكني سوف ارد عليهم بطريقتي الخاصة.
وفي اليوم التالي وفي خطبة الجمعة بتاريخ 2 صفر 1419 هـ قال(رض) ـ تعرضنا في الجمعة السابقة الى قضية السير راجلين الى كربلاء المقدسة وأنا حسب فهمي وعلمي ان المنع حصل وأنا قلت لكم انكم اذا منعتم فامتنعوا انتم ان شاء الله تكونون على مستوى المسؤولية الدينية تجاه الله وتجاه الحوزة
... الخ.
وبعد امره (رض) الجماهير بالسير راجلين الى كربلاء المقدسة في شهر شعبان 1419 حدثت مواجهات بينه وبين النظام من جهة وبين الجماهير والنظام من جهة أخرى وبعدها اصدر (رض) بياناً الى خارج العراق بواسطة أحد وكلائه ذكر فيه أهم الاحداث التي اعقبت أمره ونص البيان مايلي:
احداث شعبان الأخيرة في العراق
1 ـ في يوم الجمعة بتاريخ 23رجب أمر السيد الصدر المؤمنين بالتوجه الى كربلاء مشياً على الاقدام بمناسبة ولادة الامام المهدي(ع) بعد ان بيّن ان المنع انما كان من الدولة العراقية بخصوص زيارة الأربعين دون غيرها.
2 ـ اتصل محافظ النجف بالسيد الصدر بعد انتشار الامر بالزيارة الشعبانية وطلب من السيد التراجع عن هذا الامر في هذا الموسم وفي المواسم الأخرى، لكن السيد اجابه بوضوح: Aأنا أمرت وانتهى الأمر@.
3 ـ بعد فشل الاتصال الاول، اتصل مدير امن النجف بالسيد الصدر وأبلغه منع الدولة ورفضها لفتوى زيارة الامام الحسين(ع) وطالب بأن يتراجع السيد عن هذا الأمر، فكرر السيد الجواب السابق مؤكداً ان الامر انتشر ولا استطيع الرجوع.
4ـ زيارة (طاهر جليل حبوش) مدير الامن العامة وبشكل مفاجئ مدينة النجف الاشرف عقيب اجتماع القيادة العراقية، ليزور السيد برفقة العناصر المسلحة ليعلمه بامتعاض بتصميم القيادة العراقية على منع الزيارة الشعبانية وقال مهدداً (ان خرجت الناس الى الزيارة مشياً فسوف تذهب الرؤوس وتُراق الدماء وتتحمل أنت وحدك ماسوف يحصل).
5 ـ اصدر مكتب السيد الصدر في النجف نتيجة لسلسلة الضغوطات المتواصلة وحقناً للدماء بياناً جاء فيه: Aبُلّغنا من الجهات العليا في الدولة بالمنع الشديد والأكيد عن المشي الى كربلاء المقدسة في هذا الموسم وكل موسم ومن هنا وجب العمل بالتقية وترك المسير@.
6 ـ تجمع الآلاف من اهالي مدينة الثورة امام مسجد المحسن(ع) في نفس المدينة تهيئاً للانطلاق في مسيرة المشي الى كربلاء، ولم تتمكن السلطات من تفريق هذا التجمع رغم محاولاتها المتكررة، ولكن ما أن وصل بيان السيد الصدر وتُلي على المتجمعين حتى تفرّقوا، وتوجهوا الى زيارة النجف لمؤازرة السيد الصدر هناك وقد اثار هذا الموقف حفيظة بعض المسؤولين في النظام حيث قال:
(اننا لم نستطع بكل ما فعلنا تفريق هذا التجمع وتمكن محمد الصدر من ذلك من خلال ورقة صغيرة اذن خرج الامر من ايدينا واصبح محمد الصدر يفعل ما يشاء).
7 ـ اجتمع (لطيف نصيف جاسم) بشيوخ العشائر من مدينة الثورة وطلب منهم الامتناع عن التوجه الى كربلاء أو النجف أو حضور الجمعة هناك قائلاً لهم وبلغة التهديد:
(لقد أُعذر من أنذر)، فرّده بعض الشيوخ واعترض عليه آخرون وتجاهلت الناس هذا التهديد بما فيهم شيوخ العشائر وتوجهوا صوب النجف الاشرف.
8 ـ وصول اعداد متزايدة من الزوار الى النجف الاشرف ومن كل انحاء العراق وهم يرددون شعارات الوفاء والطاعة للسيد الصدر، رغم انتشار قوات الحرس الخاص وعناصر منافقي خلق على شكل مفارز ونقاط تفتيش في المناطق المحيطة بالنجف وكربلاء.
9 ـ تواجد مجموعات عسكرية مسلّحة وبشكل ملحوظ بالقرب من مكتب وبيت السيد الصدر في منطقة }الحنانة{.
10 ـ توجه السيد الصدر الى الضريح المقدس للامام علي(ع) ليلة 14شعبان (الخميس) لاقامة صلاتي المغرب والعشاء، وكانت الصلاة استثنائية من خلال الحضور الكبير الذي بلغ عدة آلاف وامتدت صفوف المأمومين الى الشوارع الملاصقة للحضرة المقدسة.
11 ـ اصطدام اجهزة النظام ببعض الشباب المؤمنين الذين كانوا يردوون الاهازيج الاسلامية التي تحيي السيد الصدر، وقد تم اعتقال العشرات منهم بعد أن استشهد وجرح البعض منهم.
12 ـ اجتماع ممثلي السلطة بائمة الجمع في بغداد وغيرها وابلاغهم بان يدعوا لصدام، رغم تحريم السيد الصدر الدعاء لغير المعصومين في الخطبة، وقد امتنع جميع ائمة الجمع عن قرار السلطة.
13 ـ ابلاغ ائمة الجمع بمنع انتشار المصلّين خارج المسجد وقد شجب السيد الصدر هذا المنع في خطبة 21شعبان المرقمة .35
14 ـ تصدي السلطة لتشويه السيد الصدر ووصفه بأنه خائن وعميل لاسرائيل وايران، لأنه يستغل منبر صلاة الجمعة لخدمة الاستعمار (بحسب تعبيرهم).
15 ـ ركّز السيد محمد الصدر في خطبتي صلاة الجمعة 21شعبان المرقمة بـ (35) على تحليل موقف النظام من منع الزيارة الشعبانية من خلال سرد نقاط هامة جداً وحساسة للغاية، بعد ان طلب السيد من الحاضرين ترديد اهازيج:
Aنعم نعم للاسلام، نعم نعم للمذهب@.
16 ـ اُقيمت صلاة الجمعة بتاريخ 28 شعبان رغم ظروف الضربة الجوية وتكررت نفس الاهازيج الاسلامية.
29 شعبان .1419
يتبع في الحلقة القادمة
بووردة
04-14-2005, 07:30 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 16
الجمعة وأئمة الجمعة
تعتبر حركة الجمعة اهم حركة في مسيرة مرجعيّة الأمام الصدر بل اهم حركة في تاريخ العراق بل في تاريخ الشيعة وذلك لعدة عوامل أو اسباب:
اولاً: لم يتجرأ عالم من علماء الشيعة على مرور التاريخ ان يفتي بوجوبها او يعتني بها ويرى اهميتها إلاّ بشكل غير معتد به كما قام به الشيخ الخالصي حيث صلّى الجمعة في اماكن عديدة ومنها الكوفة ولكن لم تكن على مستوى عموم العراق، وقد لاقى الشيخ الخالصي ألواناً من المعارضة بسبب آراءه، وكذلك فان اقامته للجمعة لم تكن من الشهرة والاستجابة من الجماهير على ما رأيناه في عهد شهيدنا، وإن كانت خطوة الخالصي خطوة جريئة في وقتها، ولكن مفعو لها انتهى بعد وقت بخلاف ماهي عليه في وقت شهيدنا وبعد شهادته واثرها الكبير في الجماهير وصداها الدولي.
ثانياً: تجمع الجماهير بأعداد خيالية حتى رأى البعض ان الأرقام التي كانت تحدد لعدد الحضور في عدد من الجمعات مبالغ فيها، ولكن بمراجعة بعض الصور الفوتغرافية وافلام الفيديو تشاهد الأعداد الغفيرة، بحيث ان صلاة الجمعة في مدينة الثورة كانت تصل في بعض الاحيان الى خمسمائة ألف مصلّي والصلاة المليونية التي اقامها شهيدنا بمناسبة الذكرى السنوية لاقامة الجمعة خير شاهد على ما أقول.
ثالثاً: ان معظم الحضور من الشباب ولم تكن نسبة الشيبة تتعدى نسبة اثنان بالمئة وهذا هو حال مقلّدي الأمام الصدر إذ ان حركته المباركة كانت تستقطب الشباب.
ولا حاجة لذكر دور الشباب في تغيير معالم المجتمع بل والتاريخ وهذا ما حدث في عراق آل محمد(عليهم السلام).
رابعاً: اختيار ائمة الجمعة من الشباب في الأعم الأغلب، وشباب الصدر قد كانوا على قدر المسؤولية بحق على الرغم من المستويات العلمية المتفاوتة، ولم تكن الجمع بحاجة في ذلك الوقت الى فضلاء الحوزة بقدر ما تحتاج الى الشباب الناشيء وذلك لما للشباب من الجرأة والتأثير في القواعد الجماهيرية التي هي أيضاً من الشباب.
خامساً: طابع الحماسة والثورية في معظم خطب الجمعة، وكذلك ما كان يبديه ائمة الجمعة من شجاعة كبيرة }لا توجد عند شيوخ الحوزة{ وقد حدثت احداث مهمة سوف اذكر منها ما تسعفني الذاكرة في ذكره في حينه.
وكان لقوة القلب هذه دور رئيسي في غرس الشجاعة في نفوس الشعب أو قل ابراز هذه الشجاعة اذ ان الشعب العراقي معروف بشجاعته عبر التاريخ ولكنه كان يحتاج الى من يمدّ له يدّ العون، وكذلك فأن الشعب شجاع مادام قائده شجاعاً. والعكس بالعكس طبعاً.
سادساً: تثقيف الجماهير بالثقافة الاسلامية التي كانت تغذيها خطب الجمعة، والتي كانت في وقت ما مركزية كما سوف اذكر، ومع مرور الزمن اصبح الشعب العراقي اثقف الشعوب الاسلامية، في العقائد والفقه والتاريخ وغير هذه العلوم، ولا ينافسه شعب في ذلك اطلاقاً في الوقت الحالي على الأقل.
سابعاً: ابراز النساء الى ساحة المنازلة بعد أن كنّ يقبعن في الجهل حيث اكدّ شهيدنا على ضرورة حضور النساء الى صلاة الجمعة فكانت الاعداد تتزايد باستمرار مما ادى الى تثقيف اهم طبقات المجتمع اذ في اكثر المناطق كان ائمة الجمع يلقون دروساً اما قبل أو بعد الصلاة وقد حضت النساء بحصة من هذه الدورس، وقد تنامت ظاهرة الحجاب بحيث ان المرأة السافرة كالنقطة السوداء في الثوب الأبيض، وهذه المخالفة لا توجد حالياً إلاّ في بعض الاماكن في بغداد وبشكل ليس بالكثير فحتى في اماكن عرفت بوجود اماكن مبتذلة ومسارح وصالات للعرض السينمائي، توجد نسبة اعلى من المحجبات بين النساء بحيث كما قلت ان المرأة السافرة صارت هي الملفتة للنظر وليس المحجبة كما هو في العقود السابقة ومقتصر ذلك على اماكن قليلة كما ذكرت كبعض المناطق في المنصور والكرادة.
ثامناً: كانت الجماهير بعد انتهاء كل صلاة جمعة تبقى في شوق عارم للجمعة الآتية وكانوا يحضرون الى المسجد الذي تقام به قبل وقت طويل لكي يستطيعوا ان يحصّلوا على مكان قريب من امام الجمعة قدر الامكان.
تاسعاً: ا لهتافات التي كان يرددها الحضور مع امام الجمعة والتي كانت تبعث الحماس والثورية مرّة، وأخرى الخشوع والتذلل لجبار السموات والارض، والمشاركة في الدعاء بصوت واحد أرهب النظام حتى صار يؤكد على منع ا لهتافات.
عاشراً: المطالبة من على المنابر بحقوق الشعب واطلاق سراح المعتقلين من المؤمنين، والتنديد بمنع بعض المدن من اقامة الصلاة.
احد عشر: حضور اعداد غفيرة من الاطفال من السن السادسة فما هو اكبر حتى انك تجد العشرات من الاطفال ممن يحفظ الكثير من الاحكام الشرعية وعلى مستوى بحيث انهم يقولون هذا حرام وهذا واجب في حال وجود مخالفة أو ما يستدعي الوجوب.
اثنى عشر: توحيد الصلاة في مرات عديدة مع أبناء السنة وهذا ما حدث في اكثر من محافظة وقد تفاعل أبناء السنة مع أخوانهم من الشيعة بشكل كبير ومؤثر، وفي اكثر من جمعة كان الخطيب السني يخطب والشيعي يصلي. ومن أهم الأماكن التي حدث فيها التوحد في مسجد Aابي حنيفة@ ومرقده في الأعظمية.
ويمكن ذكر نقاط وفوائد عديدة للجمعة لا مجال لحصرها في هذه العُجالة وفي هذا المختصر.
المهم انه في تاريخ 23جمادى الآخرة 1418هـ افتى سماحة الامام الشهيد بوجوب اقامة صلاة الجمعة وذلك بعد ان أشار الى كافة وكلاءه بنشر اهمية صلاة الجمعة بين الجماهير، وان ابناء العامة يقيمونها فلماذا لا نقيمها، وبعد ذلك راجعه بعض الطلبة فنفى بشدة انه ينوي اقامتها واقتصر على عدد من الخواص في بادىء الامر.
وبعد اقامة اول صلاة جمعة في العراق جاء مدير امن النجف الى مكتب الامام الصدر مستوضحاً عن الصلاة ودوافعها فبيّن له الامام الصدر انه لا دوافع وراءها وانها مجرّد فريضة معطّلة واننا نريد اقامتها كما يقيمها ابناء السنة.
وبعد ذلك اوعز(رض) الى وكلاءه وائمة الجمعة عدم نشر اهمية صلاة الجمعة وذلك بعد أول صلاة جمعة أقيمت بشكل يلفت نظر النظام حتى تثبت فلم يجد النظام مسوغاً لمنعها.
مشاهد من صلاة الجمعة
وفي أول جمعة كانت المشاهد التي كنت اراها واسمع تأثيرها مؤثرة جداً فمن النادر ان تجدّ بين الحشود التي تجمعت بعشرات الآلاف احداً إلاّ وهو باكي العين أو دامع من الفرح بهذا النصر الا لهي وكنت ارى ان الشوارع قد نظفت وفرشت، وهناك اعداد من الشباب تعلو أصواتهم بالصلوات وهناك عدد آخر يستقبل المصلّين بالصلوات، وكانت المنازل القريبة من المسجد قد وضعت الكثير من الأواني لمياه الشرب وآخرون قد مدّوا الأنابيب البلاستيكية الى خارج البيت لكي يتوضأ من يريد الوضوء.
وقد ازدحمت الشوارع بمختلف انواع السيارات التي كانت قد امتلئت بالشباب وهم ذاهبون الى صلاة الجمعة حتى سيارات الحمل الكبيرة اذ ان الحافلات المخصصة لنقل الركاب لم تكن تستطيع استيعاب الجماهير الغفيرة، وهناك اعداد كبيرة أيضاً ذهبت مشياً على الاقدام وقطعت كيلو مترات عديدة، وكان من بين هؤلاء العديد من الذين لا يستيطعون الخروج من مناز لهم بسبب طلب اجهزة النظام لهم لهروبهم من خدمة النظام في الجيش ولكنهم خرجوا لاقامة صلاة الجمعة.
ومع افتتاح المؤذن بايات من القرآن الكريم وخصوصاً سورة الجمعة علت الاصوات بالبكاء والدعاء، وعند الاذان كان ملاحظاً حشرجة صوت المؤذن لانه قد اختنق بعبرته، وكانت الجموع تنتظر لحظة فأخرى أن يعلو الخطيب المنبر بانتظار اول كلمة حق منذ شهادة أمير المؤمنين(ع) والى هذا اليوم، وما ان اعتلا الخطيب المنبر حتى عادت الجماهير الى بكاءها وتضرعها.
وكنت من بين الجموع لا أُصدّق ما تراه عيناي، هل حقاً أقيمت الجمعة؟.
هل حقاً علا صوت الشيعة بعد سكوت طويل؟.
وشرع الخطيب بخطبته بعد الحمد والثناء والقى كلمة للامام زين العابدين(ع) وبعد انتهاء الصلاة صافح المصلّون بعضهم بعضاً وتعانق آخرون والفرحة مشرقة من اعينهم وعلى شفاههم.
بعد اقامة اول جمعة استدعت اجهزة النظام ائمة الجمعة او بعضهم وكان الموقف حرجاً اذ ان هذا الحدث هو اول مواجهة بين النظام والجماهير وائمة الجمعة وكانت اجهزة النظام الامنية والحزبية في حالة استنفار ولكنهم لم يجرأوا على مضايقة أحد منهم لأنهم لا يعرفون الى الان ماهو الحدث الذي سوف يعقب الصلاة وبعد تفرق المصلّين عادوا الى ثكناتهم ينتظرون الاوامر وكان التحقيق مع ائمة الجمعة حول بعض الأسئلة الروتينية، وقد سألوهم عن الدعاء للنظام وراسه فلم يكن الجواب حاضراً عند ائمة الجمعة في تلك الحال، وكان الامام الصدر قد منع بشكل قطعي ذكر النظام.
وبعد ذلك أصدر السيد فتواه بتحريم الدعاء لغير المعصوم في صلاة الجمعة حتى لمحمد الصدر لكي لا يبقي للنظام عذراً.
الجمعة في بغداد
اقيمت صلاة الجمعة في بغداد في مناطق عديدة منها:
1ـ الثورة: وهي اكبرها واهمها. 2ـ الكاظمية. 3 ـ الأمين. 4ـ الشعلة
5ـ البياع. 6ـ المعامل. 7ـ الزعفرانية. 8ـ الشعب. 9ـ العبيدي.
10ـ المحمودية. 11ـ الراشدية. أقيمت فيها ولكن منعت من قبل النظام.
12ـ قرية الذهب الأبيض. وقد منعت في هذه المنطقة لانها تعتبر من المناطق الغنية حيث ان سكانها من اصحاب المواشي وكان لحسين الصدر فيها علاقات ومطامع فحال دون اقامة الصلاة فيها.
وكانت اهم المناطق التي اقيمت فيها الصلاة في العراق بعد صلاة الكوفة بأمامة الامام الصدر، هي صلاة مدينة الثورة حيث تسكن غالبية الشيعة في العراق، وقد كانت هذه المدينة ولسنوات طوال محور التركيز من قبل النظام بعد احداث السبعينات حيث كانت هذه المدينة السند القوي للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) ومنها خرجت انتفاضات وتظاهرات عديدة وقدمت من الشهداء ما لا يسمح المجال لذكرهم.
وفي الثمانينات شوهت صورة هذه المدينة بالمرة، وأصبح الطابع العام لها هو التفسخ والاتجاه نحو الملذات الشخصية، وأغلب المشاكل في بغداد كانت فيها، ولم يكن التوجه نحو الدين بنسبة معتدّ بها، وفي انتفاضة شهر شعبان خرجت جماهير الثورة بانتفاضة عارمة ولكنها اخمدت نتيجة وحشية النظام وخذلان الغير الذين وقفوا يتفرجون على معاناة الثورة كما تفرجوا على معاناة باقي ارجاء العراق.
وبعد ان سطع نجم الامام الصدر التف شباب الثورة حول مرجعيته الخالدة، وظهر هذا الولاء بشكل واضح في أول صلاة جمعة تقام فيها، فزحفت مئات الآلاف منهم لاجابة النداء المقدس وكانت الاعداد تتزايد رجالاً ونساء.
وكما قال السيد الشهيد محمد باقر الصدر Aالثورة تنطلق من الثورة@ فقد تحققت هذه المقولة بعد استشهاده بسبعة عشر عاماً، وثارت الثورة ليس بوجه النظام فحسب بل بوجه كل التوقعات الباطلة التي كانت تدور حول مستقبل هذه المدينة وبوجه الساكتين والذين حاولوا ان يجعلوا الثورة ذيلاً من الذيول، إذ ركزت الجهات الأخرى بشدة لاستيعاب هذه المدينة بواسطة عدد ممن يعملون لهم، وكانت الثورة فرس الرهان التي كانوا يعقدون الآمال عليها في المستقبل.
ولكن ما حدث هو ان الثورة تركت كل المغريات وسارت وراء مرجعها المظلوم لتسطر من جديد امجادها بدماء ابناءها.
احداث الثورة
لا يكفي في هذه العجالة ان استوعب احداث هذه المدينة خلال فترة زعامة الامام الصدر ولكني اذكر نزراً يسيراً منها مراعاة للاختصار ومن اهمها ما حدث سنة 1996وما عرف بأحداث اليماني.
كان في الثورة رجل دين معروف هو الشيخ عبد الزهرة البديري، قد درس المقدمات الحوزوية في سامراء وهو يصلّي في مسجد (سيدي شباب اهل الجنّة) الكائن في الثورة ـ الكيارة قطاع ـ 23 وابتدأ نشاطه الفعلي سنة 1992 ـ 91م وتجمع حوله المئات من الشباب من مختلف مناطق بغداد وبعد مدة ظهر له بعض الأنصار يدّعون بأن الشيخ هو اليماني الذي تبشر به الروايات والذي يسبق ظهور الامام(ع)، وكان قائد هذه الدعوة هو الشيخ المعروف بأبي مهيمن والذي أسمى نفسه(شعيب بن صالح)، وكان الشيخ البديري في بادىء الامر يلمّح لهذا الادعاء ولكن بطرق غير واضحة كأن يقول: انه رأى في المنام انه قائد بين يدي الامام(ع)، او انه يقتل الآخرين، ولم يفصح عن اصل الدعوى صراحة إلاّ بين عدد من خواصه، وعندما انتشرت هذه الدعوة تأثر بها عدد كبير من الناس.
وكان أبو مهيمن يوزّع المناصب في جيش الامام المزعوم، فهذا حامل الراية وذاك الساقي وهكذا.
وقد احتج البعض على هذه الحركة المشبوهة فهددوه بالقتل فأصبحت هذه الحركة قوة لا يستهان بها.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:32 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 17
بعد وفاة السيد السبزواري عرض عليه احد اتباعه بطبع رسالة عملية بأسمه، فقال: الساحة غير محتاجة اليّ الآن ولكن عندما تقل العلماء فسوف اطبع رسالتي. وكانوا يخاطبونه ـ بآية الله العظمى المرجع الديني الكبير عبد الزهرة البديري وكانت عند هذه الحركة أوامر بالاستعداد للصيحة في كل يوم 23من شهر رمضان فكانوا يجمعون الخبز اليابس وغيره من الأغذية.
قامت الحرب بينهم وبين عدد من الطلبة في الحوزة في مدينة الثورة فهاجمهم طلبة الحوزة من على المنابر فاهدروا دم احد الطلبة من مقلّدي الامام الصدر.
حاصره بعض الطلبة ممن له علاقة مسبقة معه حول إدعاء كونه اليماني فأنكر بشدة، فهدده بأن هذه الدعوى سوف تصل الى النجف وسوف تصدر فيك فتوى بتفسيقك وطلب منه أن يرتقي المنبر ويكذّب هذا الادعاء ويتبرأ منه.
ولما جاء الموعد ارتقى المنبر وتبرأ من كونه مجتهداً فحسب ولم يذكر دعوى اليماني.
كانت عندهم شعائر غريبة، وكان ابو مهيمن مساعد الشيخ مقدّساً يقبّلون يديه ورجليه ويجلسون بين يديه ساعات عديدة ولا يحق لاحد الاعتراض على اي امر مهما كان.
اعتقلهم النظام فحكم على البعض بالسجن وهرب آخرون وأما الشيخ البديري وأبو مهيمن فقد سلم النظام الى ذويهم اوراقاً فيها اخبار باعدامهم ولكن لم يسلّموا جثتيهما الى الآن.
وانتهت هذه الحركة بصورة تامة في الثورة.
من الحوادث المهمة حادثة مسجد الرشاد أو (الحسن المجتبى) الذي استولى عليه الوهابيون وقد سبقتها حادثة مشابهة وقعت في مدينة الكمالية ومسجدها مسجد الامام علي(ع).
وذلك ان احد الاشخاص من الشيعة بنى مسجداً اسماه مسجد الامام علي(ع) وبسبب الاهمال الذي كان هو الاصل في عقد الثمانينات فقد استحوذ عملاء الوهابية على المسجد وفي هذه السنة 1996عندما بدأت الوهابية بالتحرك في العراق اخذ خطيب هذه الحركة بمهاجمة الشيعة وعقائدهم وتكفيرهم من على منبر هذا المسجد.
فراجع عدد من طلبة الكمالية وشبابها مرجعهم الامام الصدر وذلك في الشهر السادس لنفس السنة فأمر باسترجاع المسجد والصلاة فيه ولو بالقوة فاتجه العشرات من شباب الكمالية والفضيلية وأعانهم عدد كبير من أهالي الثورة وأصبحت الصلاة في هذا المسجد يحضرها المئات، وحصلت مصادمات انتهت بأعتقال الشباب، ومنع الآخرين من الدخول الى المسجد وأعانهم الخطيب وثلته القذرة على ذلك، وقد سبقت هذه الحادثة ما وقع في الثورة بخصوص مسجد الحسن المجتبى(ع) بأيام قليلة.
مسجد الحسن المجتبى(ع)
هذا المسجد الذي سيطر عليه واحتله الوهابيون ومن قبلهم ابناء العامة قبل وقت طويل لا يقل عن عشرين عاماً. وغيّروا اسمه الى مسجد الرشاد وهو يقع في الثورة/ داخل.
وحينها لم يتحرك احد بخصوصه لا من الحوزة ولا من غيرها. وعندما بزغت شـمس الامام محمد الصدر في سماء العراق توجه اليه ثلة من شباب هذه المدينة فحدثوه بقصة هذا المسجد فأجاب(رض) لا للوهابية ولا لغيرهم مسجد، والصلاة في هذا المسجد من اكبر المستحبات وعندما وصل هذه الاستفتاء الى مدينة الثورة ضجت بأهلها وتوجهت المئات للصلاة فيه وذلك يوم 22/6/1996م فأصبح المسجد لا يسع المصلّين حتى مع ساحته.
ولم تكن الفتوى التي اصدرها الامام الصدر قد تجاوب معها مقلدوه فقط بل كافة مقلدي باقي المراجع ولكن حدث شق لهذا الصف وذلك بسبب المدعو (علي الفريجي)الذي قام بتزوير استفتاء على لسان السيد الخامنئي وتزوير ختمه وتوقيعه يقول فيه مامؤداه (التزموا البيوت فهذه فتنة حتى تنقضي وان علينا توحيد الصفوف بين السنة والشيعة).
فانسحب عدد وان كان قليلاً من المواجهة مع الوهابيين.
استمرت الصلاة في هذا المسجد لمدة ثلاثة ايام وكان الطلبة من مقلدي الامام الصدر يتناوبون امامة الجماعة فيه والحشود تزداد وهكذا الى يوم
26/6/1996حيث تم اعتقال حوالي مائة مصلّي بما فيهم خمسة شيوخ من طلبة الحوزة، ولكن بقي منهم في مديرية امن صدام ثلاثة شيوخ وأربعون من باقي المصلّين، وقد سلّطوا عليهم الوان العذاب التي تشتهر بها المنطقة عموماً وأخيراً القوا عليهم كتاباً موقعاً من صدام يأمر فيه بحجزهم لمدة سنة ولكن حجزهم في (أبي غريب) استمر لمدة سنتين وخمسة اشهر.
الجمعة في الثورة
المعروف عن شباب الثورة انهم يمتازون بشجاعة فائقة وعندما أقيمت صلاة الجمعة زادتهم بشجاعة، وقد كان ائمة الجمعة في هذه المدينة مستبسلين وصامدين امام النظام بشكل لم يسبق له مثيل.
وكانت نسبة التقليد للامام الصدر لا تقل عن خمس وتسعون بالمئة والغالبية من الشباب كباقي المناطق.
وقد حققت الجمعة انجازات كبيرة منها:
1 ـ كان عدد الحضور من النساء لا يقل عن خمس وعشرين ألف امرأة وكانت هذه النخبة من النساء رائدات العمل الاسلامي في الثورة من جانب التوعية واعطاء النموذج السليم للمرأة المسلمة.
2 ـ تحول تسجيلات سابقة للغناء الى تسجيلات اسلامية صرفة.
3 ـ اقامة الشعائر الاسلامية كمناسبات الوفيات، وخصوصاً في شهرم محرم، وكذلك في شهر رمضان وكانت هذه المجالس تعقد في الساحات وسط الاجراءات القمعية التي لم تستطع الحؤول دون اقامتها، وقد حدثت مصادمات كثيرة مع قوات الطوارىء والحزب العفلقي ولكن المجالس استمرت رغم انوفهم.
4 ـ كانت نسبة الحجاب في الثورة قبل صلاة الجمعة حوالي عشرون بالمئة وبعد الصلاة تصاعدت الى مالا يقل عن ثمان وتسعون بالمئة.
5 ـ كانت المدرسات والمعلّمات في المدارس الحكومية يلقين المحاضرات الاسلامية بصورة مكثّفة.
6 ـ اصبح من النادر ان يركب الفرد في سيارة فيستمع الى غناء بل تجد اصوات المسجل تصدع اما بالقرآن أو بالحسينيات.
واما السافرات فلم يكن احد من السائقين يسمح لهن بالركوب إلاّ من شذ وهم قلّة جداً.
وكانت خطب الجمع تتسم بطابع التحدي للنظام منذ الاسابيع الأولى ولم يترك ائمة الجمعة أمراً أو قضية أو مشكلة اجتماعية إلاّ وتناولوها بشكل جرىء وحدث في احدى الجُمع ان كانت سيطرات النظام تمنع الناس من التوافد الى (جامع المحسن) حيث تقام الصلاة وكان امام المسجد واقفاً وراء المنصّة يشاهد ما يجري فقال: ان هؤلاء الذين يمنعون الناس من الحضور الى الصلاة الأجدر بهم ان يبحثوا عن نساءهم في ملاهي الدعارة.
وامثال هذه الكثير الكثير وكان ائمة الجمعة في الثورة يعتقلون اسبوعياً قبل الجمعة بيوم ويطلقون قبل الصلاة بساعات بعد التهديد والوعيد الذي لم يغيّر من حا لهم شيئاً.
وكان يحضر الى صلاة الجمعة عدد من مسؤولي النظام لمراقبة الاوضاع منهم ضابط التوجيه السياسي ومدير امن بغداد ومدير امن صدام.
وبعد مرور سنة على اقامة صلاة الجمعة وتوجه أغلب اهل العراق الى الكوفة للأقتداء بالامام الصدر. قلّت نسبة الحضور في المناطق الاخرى نتيجة لذلك. فظن النظام ان هذه فرصة مناسبة لمنع صلاة الجمعة في الثورة فنزلت قوات الطوارئ بالشوارع المحيطة بجامع المحسن(ع) محاولة منع الناس من التوجه الى الصلاة فلم يتمكنوا من ذلك وبعد الصلاة ثار المصلّون بهتافات الامام الصدر المشهودة وهم غاضبون من هذه المحاولة فهدأ الموقف امام الجمعة.
الثورة بعد الشهادة
كان خبر الشهادة قد وصل الى الثورة في نفس الليلة ولكنه اقتصر على فئة معيّنة وفي الصباح كان الخبر الشائع بأن السيد قد جرح، وعند الساعة العاشرة اتجه الناس الى جامع المحسن(ع) فتجمعت اعداد هائلة داخل وخارج المسجد وأخذوا بالدعاء والتضرع الى الله بشفاءه وكان بينهم من يعرف بخبر الشهادة فبدأ بتسريب الخبر اليهم فهاجت الجماهير وخرجوا الى الشوارع وهم يهتفون عاش عاش عاش الصدر الاسلام يبقى منتصر وغيرها من هتافات الامام الصدر. وكانت بالقرب منهم مفارز تابعة للشرطة حاولوا ان يهدأوهم فهجموا عليهم وأحرقوا سياراتهم.
وكان بالقرب من المكان احد مرتزقة الحزب العفلقي معه مدفع رشاش فأخذ يطلق على الجماهير الثائرة فسقط عدد من الشهداء ولكن الناس تكاثروا عليه فقتلوه شر قتله تحت الاقدام.
فطوقت قوات الطوارئ والحرس الخاص وفدائيو صدام المنطقة وأخذوا يطلقون الرصاص على الجماهير الثائرة فسقط العشرات من الشهداء والجرحى، واستمر اطلاق النار بعد ذلك لمدة ثلاث ساعات في سائر انحاء المدينة وحضر الى المدينة كل من قصي نجل الطاغية وعزت ابراهيم الدوري.
واستمر الغضب الجماهيري يغلي وانقض شباب الصدر في تلك الليلة وما بعدها على ازلام النظام فقتلوا منهم المئات. ولاحقوهم في كل مكان فأقفلت الفرق والشعب الحزبية فهاجموهم في البيوت ومات عدد منهم خوفاً.
واستمرت اقامة صلاة الجمعة في الثورة في مسجد الحكمة ولكنها صلاة الغضب حيث ان الجماهير تهتف باسم الصدر قبل وبعد الصلاة وهكذا الى يوم الحادثة الدموية حيث اشيع بأن النظام عازم على منع اقامة الصلاة بصورة نهائية وذلك بعد اربعينية الامام الصدر فحمل الشباب ما يستطيعون من اسلحة وقنابل يدوية وكانت النساء قد خرجن الى الشوارع تحث الرجال على الانتقام لدم الامام الصدر بأهازيج عديدة. وقد خُبأت الأسلحة تحت العباءة أ و لفت في سجادة الصلاة. وكانت جماهير المصلّين من سائر انحاء بغداد قد توجهوا الى الثورة ليعلنوا استعدادهم للموت من اجل اقامة الصلاة وكان الموقع الذي يقع فيه المسجد (القطاع) قد طوق بالكامل من قبل قوات النظام وتجمع الشباب هناك قبل الصلاة بساعات وازلام النظام يهددون ولكنهم يرتعدون خوفاً، والشباب متحمسون ومتهيأون الى ان اقترب الاذان فزحفت الجماهير تجاه المسجد فشرع كلاب النظام باطلاق النار تحت الارجل فهجموا عليهم وأخرج الشباب الاسلحة وهم متفرقون بين الازقة واسقطوا العشرات من البعثيين والحرس الخاص، واستمرت المعركة قرابة ست ساعات وعزز النظام من قواته فحملوا قتلاهم واقتادوا الجرحى والمعتقلين الى المستشفى المعروف بـ (الكندي) والسجون، وما أن حل الظلام حتى انقض الصدريون على اوكار البعثيين وبيوتهم بكافة الاسلحة المتوفرة فقتلوا مجموعة كبيرة منهم.
وفي اليوم التالي بدأت الاعتقالات فشملت المئات من شباب بغداد والذين مازال معظمهم في سجون الطاغية واعتقل كذلك عدد من الطلبة وائمة الجمعة.
ولكن الثورة لم تهدأ الى هذه الساعة ومازالت دماء آل الصدر تغلي في عروق هذا الشعب ولن تبرد ابداً. وأيضاً خذلوا من قِبَل ما يسمى بالمعارضة الاسلامية واي خذلان حيث ان الشعب كان ينتظر ولكنه الانتظار الطويل الذي أستمر منذ انتفاضة شعبان ولكن بدون جدوى.
وقد كان المرجو على الاقل ان يمدوهم بالسلاح فقط فلم يروا شيئاً بل الادهى من ذلك ان العمليات الجهادية التي قام بها الصدريون نسبتها المعارضة لنفسها كما فعلت مثلاً منظمة العمل الأسلامية حينما ادعت بأن عمليات انتفاضة الكوت قام بها عدد من اعضاء هذه المنظمة وهكذا عمليات بغداد والثورة والكمالية والفضيلة وحي العامل والمعامل والشعب ادعاها ما يسمّى بالمجلس الأعلى أو (القراركاه) وغيرها كذباً وزوراً ولكن ا لهدف الذي اراده هؤلاء لم يتحقق وهو القضاء على الامام الصدر وقاعدته وثورته، والشعب اصبح يعي وعياً تاماً وعرف العدو حق المعرفة فالويل لمن عادى الصدر ويحدّث نفسه بأن تطأ قدمه ارض العراق.
الجمعة في محافظة العمارة
اُقيمت صلاة الجمعة في هذه المحافظة بعد ان افتى شهيدنا بوجوبها مباشرة وعيّن فيها اماماً للجمعة ـ الشيخ حسين المحمداوي وكانت الصلاة في مركز المحافظة في حيّ(المغربة) في ـ مسجد الامام الحسين(ع) كان عدد الحضور لا يقل عن ستين ألف مصلّي وقد اكتظت بهم الشوارع المحيطة بالمسجد وكان عدد النساء لا يقل عن ستمائة امرأة ومن كافة الأعمار والمستويات وكان الغالب على النساء ارتداء الخمار الذي انتشر في أغلب محافظات الجنوب والوسط.
وقد افتتح امام الجمعة دورات فقهيّة واخلاقية خاصة بالنساء وأول دورة كانت في كراس(فقه الدماء الثلاثة) المقتبس من الرسالة العملية للامام الصدر واقام امام الجمعة مسابقة في هذا الباب من ابواب الفقه وخصص جوائز مع شهادات تقديرية.
كما انه قد طلب من المصلّين ممن يمتلكون قدرات ثقافية بكتابة بحوث اسلامية عامة وشاملة في الاصول والفروع وقد شارك فيها عدد معتدّ به من الشباب كما قام بتوزيع الرسالة المختصرة (الصراط القويم) تأليف الامام الصدر على النساء.
كانت طبيعة خطب الجمعة ـ كما في غيرها من المحافظات الثورية والحماسة والتأكيد على عامل موحد هو عامل رفع حاجز الخوف والتنديد بالكثير من الممارسات الاجتماعية المنحرفة وطرح المشاكل الرئيسية بصورة واضحة وعندما استفحلت ظاهرة الحجاب في المحافظة بنسبة لا تقل عن ثمان وتسعون بالمئة وجه المجرم ـ عزيز صالح النومان توبيخاً لرئيسة اتحاد النساء في المحافظة وكان كلامه منصباً على الحجاب في الدوائر والمؤسسات والمدارس الحكومية وعلى النسبة الغالبة والمتزايدة في النساء اللواتي يحضرن الى صلاة الجمعة فقامت هذه المرأة بعقد الندوات والاجتماعات بالأمهات والطالبات وبذل كل ما تستطيع من أجل تثقيف النساء ثقافة بعثية معادية للاسلام ولكن لم تثمر محاولاتها شيئاً يذكر.
فعلم بهذه المؤامرة امام الجمعة فبادر في خطبته فقال: اذا كانت هذه المرأة من واجبها مهاجمة الحجاب فمن الاولى ان تهاجم السفور في شارع التربية (وهو شارع معروف في العمارة) واذا كانت تتحرج من اجتماع النساء بالرجال (تقصد في صلاة الجمعة في الساحة) فمن الاولى ان تتحرج من الأجتماع مع الرجال في منتزه السندباد (وهو متنـزه في العمارة) فاشجبوها بالصلاة على محمد وآل محمد.
وكان يوجد مستشفى خاص بالمصابين بالجذام وهم أحد عشر رجلاً وأمرأة فقام المحافظ بهدم المستشفى وبنى لهؤلاء المرضى غرفاً من الطين في مكان بعيد عن السكن فقام أمام الجمعة بزيارتهم وحمل معه مواداً غذائية وملابس وادوية وبعض الاطباء فرأوا ان حا لهم أسوأ حال صحياً ومعنوياً.
فبادر في الجمعة التالية وطالب بشدة بتحسين اوضاعهم وحمّل مسؤولية ما حل بهم على المسؤولين.
فحدثت ضجة في محافظة العمارة اذ هاجم الشيخ كلاً من مدير الصحة والبلدية والكهرباء وناشد مجتمع العمارة بمساعدة هؤلاء المساكين.
وفي اليوم التالي قام المحافظ بمحاولة لتحويل الانظار عنه بمعاقبة أولئك المسؤولين الذين ذكرهم الشيخ فقام بتعبيد الطريق المؤدّي الى مكانهم وايصال بعض الخدمات اليهم كما ان مصلّي الجمعة قاموا بزيارتهم مع حمل المساعدات الممكنة لهم.
عندما أمر شهيدنا بالمسير الى كربلاء المقدسة في شهر شعبان استجاب اهل العمارة لنداءه المقدس وزحفوا الى كربلاء وعندما حصل المنع توجهوا الى مكتب الامام الصدر وهتفوا هناك (ابحر بينه يا صدر الشيعة)، فقال الامام الصدر في حقهم: أسأل الله ان يعطيهم في الدارين بكل ما تقرّ به العين. كان امام الجمعة الشيخ المحمداوي يعتقل في كل اسبوع اكثر من مرة وكانوا يحققون ويدققون معه في كل كلمة يقو لها ويطلبون منه تفسير كلامه في انه هل يقصد النظام؟ اذ يرون أنه لا يعني غيرهم بكلماته، وطلبوا منه التقليل من لهجة الحماسة والشدة في خطبه فلم يستجب لهم.
افتتح مكتب للامام الصدر في العمارة باشراف الشيخ المحمداوي في شهر شعبان1419وكان عمل المكتب كالتالي:
1 ـ فتح دورات فقهيّة.
2 ـ بيع الكتب الاسلامية بسعر التكلفة.
3 ـ التصرف بمجهول المالك وفق المصلحة.
4 ـ استلام الحقوق الشرعية واعطاء وصولات بختم المكتب.
5 ـ الاعلان عن الفتاوى المهمة والمستحدثات للامام الصدر(رض).
وان يكون المكتب هو المركز الاسلامي الاول في المحافظة سواء لطلبة الحوزة أو الوكلاء أو العوام. اذ ان شهيدنا خوّل وأعطى للمكتب صلاحية عليا وكان هناك مشروع افتتاح محكمة شرعية على غرار محكمة النجف الاشرف ولكن الشهادة حالت دون هذا الأمر.
أغلق المكتب بعد حوالي اسبوعين من افتتاحه واعتقل الشيخ المحمداوي مدير المكتب وامام الجمعة وابلغوه ان المكتب يتعارض مع سياسة النظام.
اقيمت صلاة الجمعة في محافظة العمارة في كل من:
1ـ مركز المحافظة. 2ـ قضاء المجر الكبير. 3ـ قضاء كميت. 4ـ قضاء الميمونة. 5ـ قضاء علي الغربي. 6ـ قضاء علي الشرجي ولكنها في هذا القضاء اُقيمت لجمعة واحدة ثم مُنعت من قبل النظام.
وبعد الشهادة اعتقل امام الجمعة الشيخ المحمداوي وصلى مكانه السيد هادي الشوكي الذي لم يكن مرغوباً به في العمارة وكانت خطبته تقليدية وأمر المصلّين بعدم حمل السلاح وطالب با لهدوء وفي ثالث جمعة بعد الشهادة لم يصل الجمعة بل الظهرين.
فضربه المصلّون بترب الصلاة وهتفوا (كل العمارة تنادي مانريد سيد هادي) وكان أزلام النظام قد قطعوا الجسر ولم يسمحوا لهم بالعبور لاداء الصلاة فعبروا سباحة وتوجهوا الى المسجد.
واقيمت صلاة الجمعة ثلاثة أسابيع بعد الشهادة وقاموا بعد ذلك باغلاق المسجد الذي كانت تقام فيه الجمعة وحوّلوه الى مسجد آخر وفي الجمعة الرابعة توجه المصلّون الى المسجد لاقامة الصلاة فمنعوهم وحاصروهم على جسر(اليوغسلافي) وما حوله فهتفوا (مداس السيد يسوه العوجه وما بيهه) ففتحوا النار على الجماهير وكانت قوات النظام متكونة بالدرجة الرئيسية من منظمة (منافقي خلق) واعضاء الحزب العفلقي والأمن فاستشهد قرابة خمسة وثلاثين شاباً واعتقل عدد منهم وجرح آخرون فبادرت اجهزة النظام بعد ذلك بهدم حوالي خمسة عشر بيتاً فتم انهاء صلاة الجمعة في العمارة.
كان في العمارة ثلاثة محاور تعادي الامام الصدر وصلاة الجمعة.
المحور الاول: وكلاء الحوزة التقليدية ومن سار ورائهم من الملالي وعلى رأس هؤلاء الشيخ عبد الغفار الانصاري.
المحور الثاني: اصحاب التناقضات وهم فئة تحركهم اصابع خفية من النجف وكانوا يعقدون الجلسات في سائر انحاء المحافظة لزرع الشبهات ضد الامام الصدر وحركته واستنساخ منشورات تهاجم الامام الصدر وقد ألَّفوا كتاب (الصدر في الميزان) يشتمل على تناقضات مزعومة في الرسالة العملية للامام الصدر فردّ عليه الامام الصدر بكتاب (الافحام).
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:33 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 18
وكان على رأس هذه المجموعة الشيخ محمد مجبل الساعدي الذي فرَّ الى
هولندا.
المحور الثالث: النظام بشكل واضح كما ذكرت.
الجمعة في الناصرية
أُقيمت صلاة الجمعة في هذه المحافظة أيضاً منذ اول جمعة بعد افتاء شهيدنا بوجوبها وتناوب على امامة الجمعة فيها اكثر من امام جمعة وكان الحضور فيها فعالاً وقوياً وكبيراً اذ كانت عشرات الآلاف تحضر فيها وكانت تقام في مسجد الامام الجواد(ع) في مركز المحافظة وكانت الشوارع تقطع كالمعتاد وتغص بالمصلّين وقد نصبوا خياماً كبيرة لاستيعاب اعداد النساء اللواتي شاركن وببطولة فائقة.
وكانت خطب الجمعة في هذه المحافظة لا تقل عن غيرها شجاعة ووضوحاً وقد تناول ائمة الجمعة فيها العديد من المواضيع، وكان لصلاة الجمعة الكثير من المنجزات منها:
1 ـ مهاجمة النظام بشكل واضح لا يحتاج الى تأويل.
2 ـ شجب الافعال غير الاخلاقية ومن اهمها ما حدث في مستشفى ظهر فيه فساد اخلاقي فذكره امام الجمعة بصراحة.
3 ـ طرح مسألة اخذ الاموال غصباً من قبل اجهزة النظام من الناس.
4 ـ مهاجمة مهرجان بابل المشهور بمجونه وشتم امام الجمعة القائمين به والمشاركين فيه.
5 ـ مهاجمة اللجنة الاولمبية (التي يديرها عدي نجل الطاغية) والتي تعد مصدراً للفساد في العراق.
6 ـ تنامي ظاهرة الحجاب الى درجة أن الكثير من نساء الصابئة تحجبن نظراً لان السفور اصبح شذوذاً غير مقبول في مجتمع الناصرية خصوصاً والعراق عموماً.
7 ـ اسلام فئة من طائفة الصابئة وهذا من منجزات صلاة الجمعة في محافظة الناصرية الفيحاء.
8 ـ مهاجمة حانات الخمور.
9 ـ تحجيم التسجيلات الغنائية وذلك بضغط من امام الجمعة ومقلّدي الامام الصدر بعد ان حرّم كل اشكال التعامل مع هؤلاء وغيرهم.
10 ـ كانت الناصرية كباقي محافظات الجنوب تعاني من القطع المتواصل للكهرباء وعدم العدل في توزيع اوقات القطع فتحدث امام الجمعة بصراحة عن هذا الامر.
11 ـ بعد ان اصدر الامام الصدر(رض) السنينة العشائرية اكد عليها امام الجمعة واتصل بكبار رؤوساء العشائر في المحافظة وأخيراً ذهب بهم الى النجف والتقوا بالامام الصدر وأعلنوا ولاءهم له والتزامهم بأوامر السنينة العشائرية التي اصدرها وكذلك في باقي الأقضية.
12 ـ اقامت محافظة الناصرية ثلاثة احتفالات اسلامية وقد بذل امام الجمعة والطلبة الصدريون مجهوداً جباراً لكي تكون هذه الاحتفالات بمثابة الوجه الناصع والحقيقي لحوزة الأمام الصدر وكان اهم هذه الاحتفالات مناسبة مولد سيد الشهداء(ع)، وأُقيم الأحتفال يوم الجمعة وقد حضر فيه السيد مؤمل الصدر(رض) ممثلاً عن المرجع الأعلى والحوزة في النجف وقد حضر اغلب ائمة الجمعة في باقي الاقضية في محافظة الناصرية وحضر معهم عشرات الآلاف من شتى انحاء المحافظة اذ كانت تلك الجمعة مركزية في مكان واحد وهو مركز المحافظة.
وقد القيت في الاحتفال كلمات في المناسبة الشريفة اضافة الى خطبتي صلاة الجمعة المقدسة.
كما ان الشعراء قد القوا قصائد شعرية تمجّد الاسلام وتشيد بزعيم الحوزة الأعظم الامام الصدر وقد كانت هذه القصائد تحوي جرأة على مسّ النظام بشكل واضح.
وكان احد اهم مميزات هذا الاحتفال حضور ـ الشيخ عبد السلام امام جماعة مسجد(فالح باشا الكبير) وهو احد خطباء اخواننا من ابناء السنّة، وقد القى الشيخ عبد السلام كلمة هامة في توحيد الصفوف واشاد بصلاة الجمعة التي يقيمها الشيعة بعد مقاطعة طويلة.
وهذا الشيخ قد حضر الاحتفالات الثلاثة وصلّى خلف امام الجمعة المرات الثلاث وقد اعتقل الشيخ من قبل اجهزة النظام واعتدوا عليه في مديرية امن الناصرية وكان محور التحقيق معه عن السبب في حضور الصلاة مع الشيعة وعدم أخذه الموافقة من الجهات المختصة ولكنه اجاب: اسلامنا واحد وكتابنا واحد وقد دعوني الى الحضور في الاحتفالات فحضرت إذ لا خلاف بيننا.
وكانت نسبة التقليد في الناصرية على ثلاث درجات.
الغالبية العظمى وهم من الشباب الذين يقلدون الامام الصدر والباقي وهم القلّة موزّعة على أكثر من متصدي.
وقد كان اعضاء حزب البعث الكافر والأمن يستفزون الناس ويسيئون اليهم باكبر قدر يستطيعونه وقد أقام احدهم بحفلة غنائية وذلك رداً على (نشر استفتاء للأمام الصدر بحرمة الحفلات والمشاركة فيها أو الاستماع) فهاجمها مجموعة من الشباب بقنبلة يدوية فجرح فيها العديد منهم ونتيجة لهذه الحادثة ارتدع الكثير عن اقامة مثل هذه الحفلات إلاّ في الخفاء.
كانت المساجد والحسينيات تكتظ بالآلاف من الشباب ايام المناسبات في محرّم أو شهر رمضان للاستماع الى المحاضرات والمواعظ واصبحت ظاهرة التسيب اللاأخلاقي شاذة ونادرة اذ في السنوات العشرين السابقة كان الغالب على الشباب هو الانخراط وراء الموديلات والتسيب اما في }عقد الصدر(رض) { عقد التسعينات فان المظهر الطبيعي هو التدين، والشذوذ هو عدم التدين ومحافظة الناصرية بشبابها من السبّاقّات في هذا المجال وهذا حال العراق بكافة مناطقه وسطاً وجنوباً.
احداث ومواقف الناصرية
بعد ان شهدت الناصرية هذه التطورات والتوجه الجماهيري نحو الاسلام قامت اجهزة النظام باعتقال امام الجمعة قبل يوم الجمعة وكان الخبر قد انتشر في المحافظة وفي يوم الجمعة تجمع الناس عند المسجد التي تقام فيه الصلاة وعلت الأصوات بهتافات الامام الصدر
كلا كلا أمريكا × كلا كلا اسرائيل
كلا كلا للباطل × كلا كلا يا شيطان
نعم نعم للحوزة × نعم نعم للجمعة... وغيرها
وكانوا اثناء هذه ا لهتافات واقفين ووجوههم تجاه مديرية أمن الناصرية وعلا صوت أحد المصلّين قائلاً
(أرجموا قائد القوات المسلحة الشيطانية بالصلاة على محمد وآل محمد) فلبّته اصوات المصلّين وقد ارتجت المحافظة من هديره، وقد رفعوا ايديهم تجاه المديرية، بعد ذلك توجه المصلّون الى القبلة رافعين ايديهم بالدعاء وبصوت واحد قرأوا: ـ أمّن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء. وفي اثناء هذا الوقت اقبلت قوات الامن فأحاطت بالمصلّين وقد شهروا اسلحتهم، وفي وسط هذا التفاعل وتأزم الحدث قام احد الطلبة المعروفين ووقف امام منصّة خطيب الجمعة فقال: خلال ربع ساعة اذا لم يطلق سراح امام الجمعة فسوف أذهب الى مديرية الامن لأعرف الخبر، ـ وبعد انتهاء الربع ساعة قام وقال: انا سوف أذهب الى المديرية وأرى ما حدث اما انتم فتفرقوا. فجاءوا بسيارة ركب فيها عدد آخر من طلبة المحافظة فأحاطت الجماهير بسيارته فوقف ازلام النظام ليقطعوا الشارع على المصلّين، ولكن الزحف استمر فاطلقوا النار في ا لهواء وطالبوا بالرجوع فلم يتراجعوا وفي هذه الاثناء تجرأ احد ضباط الأمن وضرب احدى النساء فتقدم احد المصلّين فرفع صخرة بكلتا يديه وضرب بها مقدمة سيارة كان يجلس فيها احد ضباط الامن فهشّم الزجاجة الامامية وجرح الضابط في وجهه فرماه احد حراس هذا الضابط فأصابه في فخذه وأعتقلوه، ولما لم يرجع المصلّون قاموا باطلاق النار عليهم فسقط اربعة شهداء وأكثر من تسعة جرحى.
وتقدمت الجموع حتى وصلوا الى الساحة المواجهة لمديرية الأمن فحاصرتهم قوات فوج طوارىء الأمن، وقوات فوج طوارىء المحافظة، وأعضاء الحزب العفلقي، وأنهالوا عليهم ضرباً ورمياً فجرح عدد من الشباب.
وكانت السيارة التي تقل الطلبة قد توجهت الى المديرية فاعتقلوهم ورحلوهم الى مديرية الأمن العامة في بغداد، وفي اليوم التالي جاء بعض اهل الناصرية وأبلغوا الامام الصدر بالحادث فقال: عفارم عفارم عفارم أهل الناصرية( )، وأمر اهل الناصرية با لهدوء حتى يأتيهم أمره فطالب(رض) بعد ذلك بمطالبه المشهورة باطلاق سراح المعتقلين.
* * *
من الاحداث المهمّة في الناصرية انه قد بُني مسجد كبير في ناحية الغراف وكان المسجد حديثاً في بناءه ويتسع لأكثر من خمسة آلاف مصلّي وكان بالقرب من هذا المسجد مسجد آخر يصلّي فيه الوهابيون فطمع الوهابيون بالاستيلاء على هذا المسجد بمساعدة اجهزة الامن فكان ائمة الجمعة من كافة ارجاء المحافظة يأتون الى هذا المسجد لالقاء المحاضرات الاسلامية في ايام الاسبوع عدا يوم الجمعة فتحرك الوهابيون وبدأوا بأول خطوة وهي اعطاء أموال الى ضباط الأمن في هذه الناحية فأمر الامن المؤذن بأن لا يذكر الشهادة الثالثة بالولاية لامير المؤمنين(ع) وفي ذلك اليوم كان احد ائمة الجمعة موجوداً في المسجد وعندما أذن المؤذن ووصل الى الشهادة الثالثة خفف صوته بحيث لا يُسمع في خارج المسجد فاستغرب أمام الجمعة فأعلموه بضغط الأمن فأمر المؤذن بالتنحّي وأذن بنفسه وشدد في ذكر الشهادة الثالثة.
وبعد ذلك كان الوهابيون يأتون مجموعة بعد مجموعة ويقيمون الصلاة جماعة منفصلين عن الجماعة في المسجد وذلك تمهيداً للاستحواذ عليه فأرسل امام جمعة (الغراف) تهديداً عبر مكبرات الصوت انه اذا دخل الى المسجد وهابي واحد فسوف يحشد محافظة الناصرية جميعاً فيه فارتدع الوهابيون وقد اعتقل امام الجمعة هذا بعد أن طرد أحد مخبري الأمن من المسجد لمدة سبعة أيام.
وكان احد ائمة الجمعة في الناصرية قد استدعي من قبل مديرية الأمن في منطقته وقال له مدير الأمن: شيخنا هذه ورقة اكتب فيها اسمك ومواليدك وسكنك مع صورة لك. فأخذ امام الجمعة الورقة وجمعها بيده ورمى بها بوجهه وقال: لم تبعثني وزارة الاوقاف بل بعثني محمد الصدر فاذا اردت معلومات فاذهب الى محمد الصدر.
فأعتقلوه وبقي في السجن قرابة اسبوعين.
صلاة الجمعة في كربلاء المقدسة
كانت حركة شهيدنا ضعيفة نسبيّاً في كربلاء المقدسة وذلك لعدة عوامل او اسباب من أهمها:
1 ـ كثرة الحركات والاتجاهات الدينية التي عصفت بهذة المدينة والتي مازالت بقية منها متغلغلة فيها كالبابية والبهائية والشيخيّة والكشفية ... وغيرها.
2 ـ تواجد جنسيات مختلفة فيها ومنذ عصور قديمة بحيث اثّرت في كربلاء ثقافياً واجتماعياً بحيث تجد ان مركز المحافظة في الغالب يتكلّمون باللغة الفارسيّة في الاسواق بصورة طبيعية وكان هؤلاء حاملي لواء الحرب ضد شهيدنا كما سوف ترى.
3 ـ تركيز النظام على هذه المدينة المقدسة وتشويه معالمها الدينية والاخلاقية.
4 ـ قلّة سكان هذه المدينة بالقياس الى باقي المحافظات مما ادى الى شكل من اشكال التكتل والتعصب وخصوصاً للمراجع غير العرب وهذا يؤثّر بشكل واضح على حركة الامام الصدر.
ولكن اهم هذه العوامل ما ذكرته في النقطة الثانية حيث ان الاجانب الذين قطنوا كربلاء كانوا ينظرون الى انفسهم على انهم شعب الله المختار والباقي همج رعاع وهذه النظرة موجودة في مدن أخرى مثل النجف والكاظمية حيث ان اهل الجنوب يعتبرون من الطبقة المتدنية في نظر هؤلاء وهم (المعدان) كما هو المشهور فأصبح الحكيم والخوئي والشيرازي مرجعاً لهؤلاء ومحمد الصدر مرجعاً لاهل الجنوب حسب تصورات هؤلاء.
كما ان المرجعيات الأخرى ساهمت بشكل فعال في الحد من حركة شهيدنا في بادىء الامر بواسطة وكلائها هناك كما سوف اذكر.
كانت نسبة مقلدي الامام الصدر خمس وتسعون بالمئة من الشباب و خمس بالمئة من كبار السن وكما قلت فان قلّة مؤمنة من الكربلائيين ناصروا شهيدنا واما الكثير منهم من اطراف كربلاء وهم بالأصل من جنوب العراق إلاّ انهم سكنوا كربلاء بسبب ظروف الحربين وكان الكربلائيون الاصليون (كما يسمونهم) من العرب ولم تكن فيهم اصول اخرى فلا عجب ان يناصروا شهيدنا وكانوا ينظرون الى أخوانهم من باقي المحافظات بمنظار اسلامي يفتقده الغير أكيداً وكان هؤلاء الكربلائيون يعقدون الجلسات والمناظرات والحلقات العلمية لنصرة الامام الصدر، وكان للنسوة دور لا ينسى حيث واكبن صلاة الجمعة وواظبن عليها وشجعن الأخوة والابناء على الحضور.
* * *
اقيمت صلاة الجمعة في جامع المتقين(في حي الحر) وكان المفترض أن تقام في جامع المخيّم حسب ما أعلن في وقت سابق ولكنها نقلت الى الأول في وقت متأخر مما حصل ارباك بالنسبة للمصلّين فكان عدد الحضور قليلاً بسبب تشتتهم بين المسجدين ولسبب مجهول لم يحضر امام الجمعة وهذا في أول صلاة جمعة فتقدم احد الطلبة فخطب الخطبتين وقام آخر فصلّى بالناس وفي الجمعة التالية عُيّن السيد مصطفى الصدر اماماً للجمعة في كربلاء وبقي حوالي ثلاثة اشهر وقد اقام الصلاة في مسجد ابي ذر الغفاري (في العباسية) وبعده صلّى الشيخ علي النعماني في شوال 1418وبعده الشيخ كاظم العبادي الى يوم الشهادة حيث كانت صلاة الشيخين في مسجد المخيّم. وكان الحضور الى الصلاة في معظمهم من الشباب وكان أغلبهم من ا لهاربين من الجيش ومطاردين من قبل اجهزة النظام ولم تكن جمعة كربلاء اقل انجازات من غيرها من المحافظات إلاّ أنها وقفت موقفاً مشهوداً سوف يُخلد في التاريخ وذلك في حادثة مقتل الشيخ الغروي(قدس).
في الليلة التي جرت فيها حادثة اغتيال الشيخ الغروي كان الخبر قد بدأ يتسرّب من المستشفى الذي وضعوا جثمان الشيخ فيه وقد حاولت اجهزة النظام التعتيم على الحادثة ولكنها تحسباً لحدوث هيجان جماهيري في كربلاء المقدسة وضعت سيطرات في الطرق المؤدية الى المستشفى وفي صباح يوم الجمعة تحقق صدق الخبر عند الناس وعند امام الجمعة فأرتقى المنبر وألقى خطبة تأريخية أبّن فيها الشيخ الشهيد وذكر في خطبته مقاطع خطيرة من اهمها (انهم قتلوا الغروي اليوم وغداً يقتلون الامام الصدر وبعدها انا وأنتم) فضج المصلّون بالبكاء وا لهب في ضمائرهم الصدرية الحماس وبعد ان انتهت الصلاة أمر امام الجمعة كافة المصلّين بالتوجه الى المستشفى لانتزاع جثمان الشيخ وتشييعه فأتجهت الجماهير الغاضبة الى المستشفى وهم يهتفون، فتعرضت لهم السيطرات وحاولوا التمويه على الجماهير فلم يفلحوا فأتجهت الجماهير بعد ذلك الى ضريح سيد الشهداء(ع) وعلت ا لهتافات المنددة بالنظام المجرم فهاجمتهم كلاب النظام باطلاق الرصاص فأصيب عدد منهم بجروح واعتقل حوالي مائة وخمسون مصلّي وأعتقل امام الجمعة فوراً ولكن النظام اضطر الى اطلاق سراحه بعد ان اصبحت كربلاء تغلي غضباً.
ومما تجب الاشارة اليه انه لم يشارك في هذه التظاهرة احد سوى مقلدي الامام الصدر واما غيرهم فقد خبأوا رؤوسهم وعلى رأسهم وكلاء الحوزة التقليدية الساكتة ولا عجب ان يصدق عليها انها ساكتة فعلاً.
الحوادث المهمة في مدينة الحسين(ع)
عندما طالب الامام الصدر بأطلاق سراح المعتقلين من ائمة الجمعة وطلبة الحوزة والمؤمنين وأمر ائمة الجمعة بالمطالبة وذلك في الجمعة السوداء التي شهدت استشهاد ًاسد العراقً وقف امام جمعة كربلاء متوسطاً جماهير المصلّين وكان المسجد مطوّقاً بطوق عسكري متكون من (منافقي خلق وفدائيي المجرم عدي والحزب والامن وطوارىء الامن) وكذلك فقد اعطيت أوامر لكتيبة مدفعية بتوجيه مدفعيتها تجاه كربلاء وبالذات المسجد الذي تقام فيه الجمعة وبأنتظار الأوامر وموقعها في طريق المسيب والرزازة فقال امام الجمعة بعد الحمد والثناء والصلاة على النبي وآله عليهم الصلاة والسلام ـ باسم الاسلام وأسم المسلمين جميعاً واسم الحوزة المجاهدة الناطقة وباسم الامام الصدر وباسم جميع كربلاء نطالب باطلاق سراح جميع المعتقلين من ائمة الجمعة والمؤمنين وكما قال الامام الصدر انه لا داعي لاعتقا لهم وفي اطلاق سراحهم الخير الكثير لهداية الأمة ثم قال رددوا معي ثلاثاً: نريد نريد نريد ـ فوراً فوراً فوراً ـ يالله يالله يالله. واهتزت كربلاء المقدسة لهدير الجماهير وظلت تكرر ا لهتاف مرات عديدة.
وبعد استشهاد الامام الصدر ومنع صلاة الجمعة اصبح مقلدوا الامام الصدر يمرون امام مسجد المخيّم وهم يفتخرون بانهم من على ارض هذا المسجد عبّروا ذات يوم عن تنديدهم بالنظام الكافر بعد طول سبات.
وبعد الشهادة فرضت اجهزة النظام على امام الجمعة وغيره من طلبة الامام الصدر الاقامة الجبرية وبعدها بقليل اعتقلوهم لمدة شهرين فتدخلت العشائر واطلق سراحهم بعد ان اجبر امام الجمعة على توقيع تعهد بالأعدام في حال صلّى في أي مكان أو القى أي كلمة أو خطبة وعظية.
فتصدى السيد بحر العلوم للأمر وأمر احد طلبته بالصلاة في كربلاء فأساء هذا الأخير التصرف مما ادى الى حدوث بلبلة في كربلاء ودعا الناس الى تقليد بحر العلوم وكانت اعداد المصلّين قد بلغت الآلاف ولكن الناس لم تستمع الى نداء هذا الشيخ وبقيت وفية لمرجعها الاعظم(رض) ومنعت الصلاة بعد ذلك بصورة رسمية.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:34 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 19
مكتب الأمام الصدر في كربلاء
لم يبدأ المكتب في كربلاء بصورته الرسمية بل بدأ على شكل مكتبة لبيع الكتب في مسجد(أبي ذر الغفاري) وكان المسؤول عنه احد الطلبة ومعه بعض المساعدين وذلك بالتنسيق مع امام الجمعة ومكتب الامام الشهيد في النجف الاشرف.
وبعد مرور وقت مناسب اعلن انه افتتح مكتب الامام الصدر بصورة علنية وعلقت لافتة على الباب (مكتب سماحة ولي امر المسلمين في كربلاء) وكان المكتب يحتوي على ثلاثة أقسام:
الاول: قسم المكتبة وتحتوي على الكتب واشرطة التسجيل الخاصة بخطبه(قدس) واللقاءات.
القسم الثاني: خاص بالاستفتاءات وفق فتاوى الامام(رض).
القسم الثالث: استلام الحقوق الشرعية وتسليم الوصولات بالمبالغ الواصلة.
وبعد ان انتقلت صلاة الجمعة الى مسجد المخيّم نُقل المكتب اليه ايضاً، وكان المكتب يتصدى لهجمات وكلاء الحوزة الساكتة ورفع الشبهات التي الصقوها بشهيدنا، وقد حدثت مناظرات ومناقشات مع باقي الاطراف في هذا المكتب اثبت فيه المشرفون على المكتب وطلبة الصدر جدارة في الرد والأفحام وكانت نشاطات المكتب كثيرة ومهمة منها اجتماعية وعلمية وانسانية وتطوير الوعي الجماهيري. كما قام المكتب بالاتصال بعدد من الاطباء والصيادلة وبعض اصحاب الاعمال الحرّة وذلك لمساعدة الفقراء الذين لا يستطيعون دفع اجور الأطباء أو الادوية أو بعض الحاجيات الضرورية المنزلية.
كما قام المكتب بجمع اموال على شكل تبرعات من المصلّين لمساعدة الشباب الذين لايملكون ما يتزوجون به.
وقد بادر المكتب الى اقامة دورات دراسية داخل المسجد وتدريس العلوم الحوزوية، وكان الترتيب بحسب المستوى الدراسي الاكاديمي.
وقد قام المكتب بمسابقات يشترك فيها الجميع وهي عبارة عن اسئلة تخص القضايا الدينية والثقافية العامة. وكانت الجائزة مجموعة من مؤلفات الامام الصدر مع شريطي تسجيل لخطب الامام الصدر.
حاولت اجهزة النظام غلق المكتب لمرات عديدة فلم تفلح واتخذت اساليبها القذرة مراراً وتكراراً وفي احدى المرات دخل المكتب امين سر الحزب البعثي في الوسط المدعو(أبو نيزك) فأخذ يتصفح المكتب فأخذ كتاب(ولاية الفقيه) وهو بحث مستل من كتاب ماوراء الفقه.
فقال: ماذا تعني كلمة ولاية الفقيه. وكان مسؤول المكتب موجوداً فأجابه: انها مسألة خلافية بين الفقهاء فنظر أليه وخرج.
أعداء الصدر في كربلاء
كغيرها من مناطق العالم الاسلامي الشيعي، كان في كربلاء أوكار عديدة لضرب حركة المستضعفين بقيادة الامام الصدر وكان قادتهم متصلين ومنتمين الى الحوزة الساكتة ووكلائها وعلى رأسهم:
1 ـ الشيخ علي أبو حسان: وهو وكيل السيستاني وأمام للجماعة في حسينية بلد في كربلاء، وكان يتبنى التقية المكثفة وانه احد طلبة السيد محمد باقر الصدر(قدس) حسب دعواه، وهذا من المفارقات ان يكون تلميذاً للصدر ووكيلاً للحوزة التي قتلت الصدر(وهذا من العجائب التي رأيتها في أكثر من حوزة فأن طلبة السيد محمد باقر الصدر يتهمون الحوزة الأخرى بدم السيد الشهيد وهم الآن أتباع مطيعون لهذه الحوزة وهذا هو (المضحك المبكي) وكان له دور مهم في الدعاية الاعلامية ضد شهيدنا.
2 ـ الشيخ زهير: وكان هذا الشاب شديد العداء لشهيدنا ويسبه سباً مقذعاً وغير مؤدب أقله ان محمد الصدر عميل وغير عادل وانه ينفذ مخططاً للنظام.
3 ـ الشيخ علي أيوب: وهو من أهالي البصرة ويسكن كربلاء وكان ذيلاً مشهوراً لحسن الكوفي كما سوف اتعرض له في احداث مدرسة اليزدي الكبرى.
4 ـ السيد أحمد الصافي: وهو من اساتذة الحوزة وقد خذل هو وأتباعه شهيدنا في كربلاء وكان يدعو الى الحوزة الساكتة ومن ضمنها بشير الباكستاني.
5 ـ الشيخ عبد المهدي: وهو احد طلبة النجف وامام جماعة في مسجد البلوش في شارع الامام علي(ع) في كربلاء وكان هذا الشيخ يعقد المجالس للطعن في مرجعية الامام الصدر(رض) وكان قد تصدر لائحة المعترضين على شهيدنا في حادثة المدارس في النجف وملخص هذه الحادثة: ان شهيدنا قد أمر بأن كل من يمتلك بيتاً في النجف ويسكن في المدارس فعليه اخلاء غرفته لغرض اسكان احد الطلبة الجدد ومن لا يسكن في النجف فعليه تقديم تزكية الى المكتب لابقاءه في الغرفة فكان هذا الشيخ من المعترضين على هذا الأمر وأعلن الاضراب عن الدرس لأكثر من اسبوع احتجاجاً على قرار السيد وقد علّق شهيدنا قائلاً:
(فليضربوا ضد الدولة لماذا ضدي)
وقد تشكلت في كربلاء لجنة لأشخاص مرتبطين بمكتب السيستاني وهم من العوام وكانت مهمتهم توزيع الاموال التي تصل اليهم من المكتب وكانت الاموال توزع على المقرّبين والذين يقدمون عملاً جيداً لصالحهم أو ضد الامام الصدر وأصبحت هذه الثلّة تمتلك العقارات والمزارع والسيارات بشكل ملفت للنظر وصرفوا الاموال على ملذاتهم الشخصية حتى ان احدهم تمتع بنساء لفترات معيّنة بمبلغ وصل الى ثمانية ملايين دينار عراقي وكانت هذه اللجنة تقوم من باب الظاهر بزيارة العوائل الفقيرة وهنا أذكر رواية مؤكدة انهم زاروا احدى العوائل الفقيرة وكانت ابنتهم تحتاج الى عملية جراحية بصورة مستعجلة وعندما دخلوا الى منز لهم رأوا صورة الامام الصدر معلّقة على الجدار فاعتذروا بانهم لا يستطيعون توفير المبلغ المطلوب واعطوهم مبلغاً يكفي ليوم واحد للطعام لا غير.
وكان رئيس هذه اللجنة هو المدعو: (أكرم ابو مصطفى).
المهم ان حركة الامام الصدر استقطبت الشباب الفقراء المستضعفين اما العوائل الغنية والأسر العلمية في كربلاء فهم قد استصحبوا الحالة السابقة واعانوا الظلمة ضد سيد العراق(رض)
الجمعة في البصرة
أقيمت الصلاة في هذه المحافظة في أول أفتاء الامام الصدر بالوجوب في كل من: 1ـ الحيانية 2ـ الجمهورية وبعد ذلك توسعت وشـملت المناطق التالية .
التنومة لجمعة واحدة فقط وبعد ذلك أقفلت لتنظيم الأماكن الاخرى. فأقيمت في: (محلة أبو الحسن) في البصرة القديمة وفي الأبلة وفي القبلة.
واستمرت أخيراً الى يوم الاستشهاد وفي كل من:
1ـ العشار 2ـ الأبلة 3ـ الحيانية 4ـ القرنه 5ـ الدير 6ـ المدينة
7ـ أبوالخصيب.
شن وكلاء ومقلدوا الحوزة الساكتة حملة ضد هذه الصلاة في البصرة وقد ذكرتهم في فصل (أسماء ومواقف) في نهاية هذا الكتاب.
ولم تقل أنجازات البصرة من غيرها بل قد تعد من الاوائل فيما حققته من أنجازات كالأعداد ا لهائلة التي كانت تحضر الى مساجد الصلاة وغيرها مما ذكرته في المحافظات السابقة.
وكانت خطب الجمعة تكتسب جرأة عالية ومنها:
1 ـ المطالبة بتغيير المنهج الدراسي الاكاديمي وإدخال مناهج أسلامية.
2 ـ المطالبة بتغيير الدستور المؤقت في العراق الى دستور أسلامي دائم.
3 ـ مطالبة نساء موظفي الدولة بالالتزام بالحجاب الاسلامي.
4 ـ إنتقاد التقارير التي كان يرفعها المنافقون ضد أبناء الشعب.
5 ـ مطالبة أعضاء الحزب العفلقي بأن يكونوا كالحر بن يزيد الرياحي قبل فوات الأوان.
أهم الأحداث في البصرة
أمر الامام الصدر(رض) أئمة الجمعة بوجوب أرتداء السواد وأغلاق المحلات في يوم شهادة أمير المؤمنين(ع)، ولكن أمرهم بكتمان الأمر الى يوم قريب من الجمعة حتى لا تتخذ الدولة أجراءات مضادة.
وفي يوم الجمعة طلب أمام الجمعة في أحدى جمع البصرة. أن يتوجه المصلون يوم السبت الى مسجد أمير المؤمنين(ع) (الخطوة).
وفي يوم السبت عند الساعة العاشرة صباحاً، وكانت السماء ممطرة، ومع ذلك توجه المصلون بحشود عظيمه الى هذا المسجد وكان الزائرون رجالاً ونساءً. وأمتلأت الشوارع بهم وعلت الاصوات بالصلوات، وعند المسجد بدأت أصوات البكاء وأشتد اللطم.
وفي هذا الوقت طوق المكان من قبل قوات الطوارئ، وكان العقيد ضاري مسؤول الشعبة السياسية في أمن البصرة يقود قوات الطوارئ وغيرها. وبدأ أزلام النظام بمحاولة منع الشباب، ولكنهم أصروا على أداء الزيارة كاملة في هذا المسجد. فأعتقلوا حوالي تسعة من الزائرين، ولكن لم تتأثر الحشود بذلك، وعندها تجمع أئمة الجمعة، وألتف حو لهم الزوار وسط ا لهتافات، فأتفق المشايخ على أن يبعثوا برسالة الى العقيد بأنهم لن يتحركوا من مكانهم ما لم يتم أطلاق سراح المعتقلين، فذهب أحد أئمة الجمعة الى العقيد وقال له هذا الأخير: فرقوا هذا التجمع فقال الشيخ وهو المالكي: نعم ولكن بشرط اطلاق سراح المعتقلين. فوافق العقيد فقال له الشيخ: أمسك شاربك ففعل هذا الأخير. فقال الشيخ: أذا لم يطلق سراحهم الى صلاة المغرب فسوف نفعل شيئاً في البصرة. ففرقهم أئمة الجمعة وبالفعل تم أطلاق سراح المعتقلين بعد وقت قصير.
* * *
وفي العيد الذي أعقب شهر رمضان الذي جرت فيه الحادثة السابقة وهو العيد الأخير للأمام الصدر(رض) 1419هـ
توجهت جماهير البصرة الى مكتب الامام الصدر في البصرة ًالتحسينيةً وكانت أعداد الجماهير بعشرات الآلاف، وكانت على شكل تظاهرات والجماهير تحمل لافتات عهد وبيعة للامام الصدر، وكانت ا لهتافات فيها تحدياً واضحاً للنظام، وقد علت أصوات صريحةً تطالب بالثأر لدم السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس). وكانت الجماهير قد توجهت أيضاً الى أربعة أماكن 1 ـجامع الفقير 2 ـ جامع الجمهورية الكبير 3 ـ حسينية الغدير بالأضافة الى المكتب.
فحدثت حالة أستنفار في البصرة، فدخل مدير أمن البصرة القديمة الى المكتب فطلب مقابلة الشيخ السيلاوي وسط الحشود. فمنعه ملا عادل التميمي مسؤول الحقوق الشرعية في مكتب الامام الصدر من الدخول لمقابلة الشيخ. وبعد مضي وقت سمحوا له بمقابلة الشيخ، فطلب منه بصيغة توسل أن يقلل من هذه الجموع فامتنع فقال له: أذن فليدخلوا الى المسجد، ويهتفون ويسكت من في الخارج فأني في ورطة أمام مدير أمن البصرة. فوافق الشيخ بعد ذلك، ولكن الجماهير رفضت تلبية هذا الطلب وبقيت تهتف متحدية النظام وهم يرفعون لافتات العهد التي قد كتبت بالدماء فخرج أليهم أمام الجمعة وهدأهم بنفسه.
* * *
أعتقل أحد أئمة الجمعة يوم الخميس صباحاً بتهمة محاولة أغتيال الشيخ محمد رضا الخفاجي(راجع فصل اسماء ومواقف. )
الذي تطاول على الامام الصدر فأطلقوا عليه النار وكاد يقتل. المهم أنهم اعتقلوا أحد أئمة الجمعة لتكون هذه التهمة ذريعة لمنع وإغلاق جمعته.
فتحرك الشيوخ الثلاثة السيلاوي والجيزاني والمالكي لغرض إطلاق سراحه. وعند مديرية أمن البصرة القديمة ـ تجمعت حشود من شباب البصرة امتلأت المساجد بالشباب بعد أن لم يحضر الشيوخ الى مساجدهم فأصروا على إطلاق سراح الشيخ المعتقل. وخرج الصدريون من المساجد وتجمعوا أمام مديرية الأمن. فعلت الأصوات: أذا لم يطلق سراح الشيخ عند الساعة الثانية عشر فسوف يحدث ما لا يحمد عقباه.
فجاء الأمر بعد منتصف الليل من وزير داخلية النظام بإطلاق سراحه فوراً.
انتفاضة البصرة
في يوم الأربعاء 17 / 3 / 1999 م ـ 29 / ذي القعدة / 1419 في الساعة الحادية عشر ليلاً خرجت البصرة بانتفاضة جماهيرية شـملت:
1 ـ الحيانية 2 ـ خمسة ميل 3 ـ الجمهورية 4 ـ القبلة 5 ـ الامن الداخلي 6 ـ أبو الخصيب 7 ـ الكرمة 8 ـ القرنة.
وكانت أهم المراكز التي هاجمها الثوار الصدريون، الشعب والفرق الحزبية ودوائر الأمن والوحدات العسكرية.
أستمرت الأنتفاضة وسيطرة الثوار الى الساعة العاشرة من صباح يوم الخميس.
وكان السلاح قليلاً جداً بحيث أن كل مجموعة لا تمتلك أكثر من بندقيتين أو ثلاث وباقي أفراد المجموعة عزل وأنما يذهبون معهم أذ لعلهم يحصلون على سلاح ممن يمكن قتله من أزلام النظام.
وقد قتل المئات من أزلام النظام وبقيت جثثهم تملأ الشوارع، وكان سبب أنسحاب الثوار وعدم أستمرار المقاومة هو عدم توفر السلاح والعتاد الكافي. وكانوا قبل ذلك قد أتفقوا مع بعض قادة فيلق بدر ولكن لم يصل منهم احد ولم يمدوا الثوار بالسلاح أو العتاد الذي يكفي لأستمرار الانتفاضة.
وفي الصباح تم تطويق المدن الثائرة بالمدرعات وقوات الطوارئ والفدائيين.
وحدثت عمليات أستشهادية كثيرة بعد دخول الجيش.
وبدأ النظام حملة أعتقالات شـملت مقلدي الامام الصدر فقط.
ومن كان منهم غير مشارك في الانتفاضة فأن أجهزة الأمن تأخذ منه تعهداً بأن لا يصلي الجمعة وأن لا يقتني كتبه ولا يسمع خطب الامام الشهيد.
وقاموا بتهديم العشرات من منازل الصدريين مع نهب الأموال والآثاث.
وأعتقلوا العشرات من العوائل نساءً وأطفالاً وشيوخاً والى حال كتابة هذه الكلمات، وهذه العوائل أسر الثوار.
حوادث في الانتفاضة
قام مفوض شرطة من مقلدي الامام الشهيد بأحتلال ـ مديرية شرطة مدينة المدنالتي كان موظفاً فيها . وألقاء باقي الشرطة في السجن وأطلاق سراح المعتقلين كافة.
* * *
وقامت مجموعة من الشرطة من مقلدي الامام الشهيد ، ومعهم مجموعة من الثوار الآخرين بنصب سيطرة في بداية شارع الأمن الداخلي، فقتلوا عدداً كبيراً من ضباط الأمن وأعضاء كبار في الحزب العفلقي.
* * *
كان أحد المنتسبين للفدائيين ومن مقلدي الامام الصدر قد خرج مع الثوار فأصيب وأعتقلوه، وبعد مدة أخبروا أهله بأنهم سوف يطلقون سراحه، وذلك في شارع التربية أمام الناس، فتجمع الناس هناك وجاء أهله. فأخرجه الجلاوزة وهو يهتف بأسم الامام الحسين(ع) وبأسم الصدر، فقطعوا رأسه بالسيف أمام أهله وأمام المجتمع.
* * *
اعتقل الثوار قائم مقام ابو الخصيب وقتلوه، بعد أن نصبوا له كميناً على الطريق.
* * *
كان أحد مقلدي الأمام الشهيد سائق عربة يجرها حصان قام بعملية أستشهادية، وذلك بعد الانتفاضة، أذ جاء بعربته ووقف أمام فرقة الحزب فيالحيانية، وأخذ يصيح بأعلى صوته، يالثارات الصدر، فتجمعوا عليه فألقى عليهم قنبلتين يدويتين، فقتل منهم مجموعة، واستشهد بعد ذلك.
* * *
وفي شارع السيد في الحيانية توجد سيطرة للبعثيين، فهاجمهم أثنان من شباب الصدر فقتلوا مجموعة من البعثيين واستشهدا بعد ذلك. وهذه الحادثة بعد الانتفاضة.
* * *
عندما هاجم الثوار الصدريون فرقة ًأبو الخصيبً.سقط من البعثيين عدد من القتلى والجرحى وبقي عدد منهم يقاوم، فأنسحب الثوار الى مكان غير بعيد عن الفرقة فأتصل البعثيون بالمستشفى لغرض نقل الجرحى، فأرسلت المستشفى سيارة إسعاف، فنصب الثوار كميناً لها وأستولوا عليها، وبعد أن ركب فيها عدد من الثوار توجهوا بها الى الفرقة، فظن البعثيون أن فيها ممرضين، وما أن توسطت السيارة في الفرقه، حتى نزل منها الثوار وأجهزوا على المتبقين منهم.
* * *
وحسب المعلومات الأكيدة والموثقة فأن الأنتفاضة قادها بعض أئمة الجمعة في البصرة، وهم:
الشيخ عدنان السيلاوي أمام جمعة القرنة ومسؤول مكتب الامام الصدر في البصرة.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:35 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 20
مقتل الشيخين
مقتل البروجردي
في يوم الثلاثاء الموافق 23ذي الحجة 1419هـ بعد الغروب بنحو نصف ساعة قتل الشيخ مرتضى البروجردي،
وتفصيل الحادثة كما رواها لي اكثر من واحد من الطلبة الثقاة كالاتي: قال لي أحدهم كنت اسير وراء الشيخ البروجردي بحوالي خمسة امتار وكان معه مجموعة من حاشيته وبعض الطلبة. فجاء شاب طويل نسبياً يلبس ثوباً عربياً أبيض مائل الى الازرق الفاتح وكان شعره طويلاً ولحيته حليقة وكان خلفي فأسرع في مشيته حتى اخترق مجموعة رجال الدين الذين يحيطون بالشيخ البروجردي فسلم عليهم ومضى الى ان تقدم عن الشيخ قرابة مترين وذلك مقابلاً لمسجد مدرسة اليزدي الكبرى فاستدار وشهر مسدساً كان في جيبه الأيمن فاطلق اطلاقات عديدة استقرّت واحدة في رأس الشيخ والآخريات في صدره وبطنه فسقط الشيخ قرب باب المدرسة ففر القاتل هارباً الى داخل الحويش وكان من حول الشيخ قد هربوا لحظة اطلاق الرصاصة الأولى.
فخرج عدد من طلبة مدرسة اليزدي وأرداوا حمل الشيخ ولكنه تلفظ انفاسه الأخيرة بين ايديهم.
وكان البروجردي قد تعرّض من قبل ذلك لمحاولتين.
الأولى: قرب منزله الذي يقع قريباً من مدرسة اليزدي الكبرى وذلك انه كان يخرج لأداء صلاة الفجر في الحرم الشريف فكمن له عدد من الاشخاص فلما خرج من منزله خرجوا له وضربوه حتى اسقطوه ارضاً وأطلقت رصاصة وحسب الظاهر انها اصابت احدهم اذ وجدت دماء في مكان الحادث وكان اول من عرف بالحادث هو الشيخ الغروي وذلك انه كان عائداً من الحرم بعد صلاة الفجر فمر بالشارع الذي يقطن فيه الشيخ البروجردي فوجد عمامة الشيخ ملقاة على الاض فاخذها وذهب الى منزل البروجردي.
وبعد ذلك انتقل الشيخ الى منزل ولده الشيخ مهدي وهو يقع في حي العمارة وفي احد الايام القوا عليه قنبلة يدوية اصابته بجروح في فخذه.
ان لمقتل الشيخ البروجردي ابعاداً خفية الى الآن على الاقل وإلاّ فان الشيخ من طلبة الخوئي ومن اتباع المدرسة التقليدية شكلاً ومضموناً ولم يكن يشغل حيزاً يذكر في ساحة العراق أو غيرها بل لم يعرف له مقلّد واحد حسب علمي في النجف أو غيرها ولم يكن الشيخ ممن يخوضون في الأمور السياسية أو الاجتماعية وقد كان في بادىء امره يحسب على مرجعية السيستاني ومعلوم ان محمد رضا نجل السيستاني متزوج من ابنة البروجردي.
وكانت الرواتب الشهرية البسيطة التي يوزعها البروجردي على الطلبة تأتي من عند السيستاني ولكن في السنة التي سبقت مقتله كان من يسأله عن التقليد يشير الى نفسه.
فحدثت مشكلة بينه وبين مكتب السيستاني وقد جاء محمد رضا السيستاني الى مكتب البروجردي وحدثت مشاجرة وعلت الاصوات ولم أعرف الى الآن اسباب هذه المشاجرة والله العالم.
ومما يلفت النظر أيضاً ان مقتل الشيخ حدث بعد اربعة ايام من اول صلاة صلّاها الامام الصدر في مسجد الكوفة بتاريخ 19ذي الحجة 1419هـ.
ومما يدل على ان الحادث كان مدبّراً انني شاهدت بنفسي وجود الكثير من رجال الامن وسياراتهم بعد الحادثة بوقت قليل وكذلك فان المسرحية التي ظهرت من على شاشة التلفزيون وظهر فيها محمد الكربلائي وجماعته على ماذكرت مما يخالف ما حدث فعلاً حسب الشهود الموجودين وقت الحادثة.
واحتمل ان مقتل الشيخ البروجردي كان يهدف الى امر وهو ارسال رسالة دموية الى السيد محمد الصدر في ان النظام جاد تجاهه.
ومما يؤكد ان قتل الشيخ تهديد واضح للامام الصدر ان الحادثة وقعت بعد الصلاة الأولى للامام الصدر في مسجد الكوفة.
واما اختيار الشيخ البروجردي فلأنه يمثل احد المجتهدين الذين يقرّ الامام الصدر باجتهاده وعلميته البارزة والامام الصدر كما هو معروف عنه لا يقر إلاّ باجتهاد ثلاثة من علماء النجف وهم بالاضافة الى البرجرودي كل من الشيخ الغروي والشيخ الفياض.
وكذلك فهو على الرغم من اجتهاده وعلميته البارزة فانه غير مشهور على مستوى التقليد ولم يعرف عنه مقلّد واحد كما ذكرت فتوجيه ضربة اليه هو بمثابة التدرج الى ماهو اهم على الساحة كما سوف ترى بأنهم انتقلوا الى الشيخ الغروي الذي يتملك قاعدة بسيطة في العراق ولكنها على أية حال افضل من شعبية البروجردي.
وكان الشيخ البروجردي قد افتى بالاحتياط الوجوبي بحضور صلاة الجمعة مما شكل في وقته دعماً لصلاة الجمعة وخروجاً عن خط السيستاني الذي جاهد بكل ما يمتلك من اعلام واموال للقضاء على هذه الفريضة المقدسة.
مقتل الغروي
بعد شهرين من اغتيال الشيخ البروجردي وصل الدور الى عالم من اكبر علماء النجف وهو الشيخ الغروي وذلك بحادثة دموية بشعة.
وذلك ان الشيخ(قدس) كان يزور كربلاء في كل ليلة جمعة ويعود بعد صلاة العشاء وفي هذا اليوم كان بانتظاره الجلاوزة حيث تم قطع الطريق بعد مرور سيارته وبعد ان تمت تصفيته باطلاق العشرات من الاطلاقات النارية على وجهه وكل جسده تم فتح الطريق.
ونقل جثمانه الى كربلاء وكان اليوم التالي هو الجمعة فحدثت تظاهرة بعد صلاة الجمعة في كربلاء وعندما أتى الخبر الى الامام الصدر تأذى بسببه كثيراً الى درجة انه لم يستطع اكمال خطبته لألم شديد في رأسه.
والشيخ الغروي كان كالشيخ البروجردي ليس من اصحاب السياسة ولم ينقل عنه تصريح واحد مخالف للمسلك التقليدي إلاّ انه يختلف عن البروجردي بأمور:
1 ـ انه كان يقول حضرت بحث الخوئي اربعين سنة لم اقل يوماً بأعلميته وهذا فيه ما فيه.
2 ـ حصول اكثر من مصادمة مع محمد تقي الخوئي بسبب موقفه منهم الى درجة انه أعتدى عليه بالضرب في احدى المرات.
3 ـ مؤيداً لمرجعية السيد السبزواري مع انه كان يرى انه أعلم من الخوئي والسبزواري ومعلوم أن السبزواري مخالف تماماً للمسلك التقليدي بنسبة مهمة.
4 ـ كانت له نسبة من التقليد وشهرة في داخل العراق وخارجه بخلاف الشيخ البروجردي.
5 ـ كان الشيخ الغروي مستقلاً يرى انه احق من غيره بالمرجعية بينما الشيخ البروجردي كان تابعاً للخوئي ثم للسيستاني وان كان قد انفصل في السنة الأخيرة من حياته.
تحليل:
كان من المفترض ان تقوم الحكومة العراقية بتوجيه الاتهام المباشر الى السيد جعفر الصدر وذلك بعد خروجه الى ايران والى السيد مصطفى الصدر وذلك من خلال توجيه بعض الاشخاص وعرضهم في الاعلام على انهم عصابة اخذت الاوامر بقتل الشيخين من هذين السيدين والفتوى من الامام الصدر وعندما وصل الأمر الى الامام الصدر احبط هذه المحاولة من خلال شريط تسجيل بيّن فيه ان هذه المؤامرة قد كشفت وانه مقصود بها.
والظاهر ان النظام كان يهيء الارضية المناسبة لاغتيال الامام الصدر بأغتيال الشيخين وذلك كما ذكرت فان قتل البروجردي الذي لا يمتلك قاعدة تمهيد لاغتيال الشيخ الغروي الذي يمتلك قاعدة وان كانت ضعيفة وقليلة.
وقتلهما معاً تمهيد لاغتيال الامام الصدر القائد المطلق في العراق.
ففي حال عدم حدوث اي رد فعل من الحوزة او من خارجها واعني الجماهير فان الأذهان تكون مهيأة لاستبقال نبأ أغتيال الامام الصدر ولن يكون مفاجأة وكان هذا ما حدث فبالاضافة الى تأكيد الامام الصدر نفسه امام عدد من خواصه انه بالتأكيد سوف يقتل فان الاحداث كانت تسير بشكل سريع والمواجهة تحتدم يوماً فيوم وكان الشارع يتوقع أحد امرين اما ان يقضي الامام الصدر على النظام أو يقوم النظام بقتل الامام الصدر.
ولكن حساب النظام لم يكن في محله فما حدث بعد اغتيال الامام الصدر من انتفاضات وتمسك شديد بخطه لم يجد له النظام اي علاج الى هذا الوقت.
واما على صعيد الحوزة في النجف فلم تصدر أي بادرة باستثناء غلق المكاتب لثلاثة أيام أو أكثر وفتحها بعد ذلك بقليل إلاّ ما كان من الامام الصدر الذي قال ما قال في خطبته بعد مقتل الشيخ الغروي.
وقام مقلدوا الامام الصدر وائمة الجمعة في العراق كافة بأقامة مجالس التعزية والفاتحة لمدة ثلاثة ايام متتالية وقد حصل المنع في بعض المحافظات على اقامة مجالس التعزية هذه.
ويبدو ان الوقت الذي اختير لاغتيال الشيخ الغروي كان مقصوداً اذ في قمة مباريات كأس العالم لكرة القدم سنة 1998م حيث أغلب سكان العالم مشغولون بمتابعة المباريات ونسيان أي حدث بسهولة مهما كان مهماً وقد جاءت الحادثة قبل مباراة ايران مع امريكا بثلاثة ايام فبعد الحادثة تليت بيانات استنكار عديدة ولكن في يوم الاحد عندما فازت ايران على امريكا خرجت الجماهير الاسلامية فرحة بهذا الانتصار!!
اما دم الغروي فقد ذهب بين اقدام اللاعبين في ملاعب فرنسا.
فتنة السالكين
كما علمنا مما سبق فان شهيدنا قد تتلمذ بالعرفان أو سلك على يد الحاج عبد الزهرة الكرعاوي(قدس) وكان طابع العرفان والاخلاق هو السائد على مجمل سيرة شهيدنا ولما تصدى للمرجعيّة وقيادة المسلمين كان له في بداية تصديه بعض من المريدين كما يعبرون اي طلبة سلكوا على يديه ولا يخفى ان الكثير من كبار العرفاء قد شطحوا ولو نسبياً وبعضهم قد انحرف كلياً كما حدث مع الحلاج. المهم ان بعضاً من هؤلاء الطلبة لم يطق ماعند شهيدنا من العرفان ومما لا يعلمه إلاّ الله، فأطلق كلمته المشهورة مخاطباً الامام الصدر(تزول الجبال ولا يزول اعتقادي في انك المهدي المنتظر) فناقشه شهيدنا في المسألة وقال له: هل يوجد احتمال ولو ضئيل بأني لست المهدي(ع)، فاذا وجد هذا الاحتمال الضئيل بطل استدلالك.
وقد تم نشر هذه المقولة بلسان الشهيد الصدر عبر شريط تسجيل وذلك حسب الظاهر بعد ان لم يجد شهيدنا بداً من النشر وبعد ان توسعت رقعة هذا الادعاء وكان هناك عدد آخر من السالكين المنحرفين يعتقدون بهذا الاعتقاد ونشروا بين الناس هذه الفكرة فاضطر شهيدنا في احدى خطبه التي سبقت الشهادة بأسابيع الى اعلان هذا الادعاء والبراءة ممن يدّعيه وكان صاحب هذه المقولة هو الشيخ منتظر الخفاجي من أهالي مدينة قلعة سكر التابعة لمحافظة الناصرية.
ونشر البعض الآخر ادعاءً جديداً وهو ان الامام الصدر هو النفس الزكية التي تقتل بين الركن والمقام وكان صاحب هذ الادعاء هو ـ السيد سعد النوري ومن رافقه فنشروا هذا الامر الآخير في محافظة البصرة على وجه الخصوص وقد انتشر الامر في هذه المحافظة وكان هذا السيد يقف امام صورة الامام الصدر ويقول: متى تقتل ونرتاح بخروج الامام(ع).
وكانوا قد اشاعوا بين الناس ان الامام الصدر سوف يصلّي الجمعة في مسجد الكوفة (وذلك قبل تصدي السيد الشهيد للصلاة في مسجد الكوفة) وانه اذا صلّى فانه لن يستمر أكثر من اربع وأربعين جمعة ثم يقتل بعد ذلك فيظهر الامام(ع) وعلى العموم فهذه المعلومة الآخيرة على خطورتها لم يعلم الى الآن مصدرها ولكن المتيقن ان السالكين المنحرفين قد اشاعوها وكون السيد سوف يصلّي في مسجد الكوفة فهذه ليست من انباء الغيب بل كان هناك همس وحديث حول نية السيد بالصلاة في الكوفة.
واما العدد المنحصر بأربع وأربعين فحتى على فرض وجود نصّ (وهو مالم اعثر عليه أو اسمع به) فان نشر هذا الامر بين الناس يلزم منه ان يتعجل الناس بقتله. ومتى ما قتل فلن يستنكر احد.
لانه متى ما قتل فسوف يظهر الامام(ع) فشاء الله أن يكذبهم ويكونوا اعواناً للكافرين في نشر هذه القضية التي استفحلت في الاسابيع الأخيرة لمقتله(قدس).
وحتى على فرض صحة ادعاءهم في ان الامام الصدر هو النفس الزكية أو غيرها فان مجرّد براءة الامام الصدر من هذه الدعاوى ومن مدعيها واصرار هؤلاء عليها يكفي في حد ذاته ان يعدوا من اعداءه ومخالفيه اذ عصوه بعد ان بلّغهم بكذب هذه الدعاوى.
لذلك قال شهيدنا:
ان نشر هذا الادعاء هو مشروع ـ لقتلي ونشره هو دعم لقتلي ـ وجمع عدداً من القائلين بذلك واقسم بالقرآن العظيم انه ليس النفس الزكية التي تسبق ظهور الامام(ع) بخمسة عشر يوماً وحسب الظاهر ان كلام الامام الصدر لم ينفع معهم فقال لخواصه من اهل البصرة: اقضوا على هذه الفتنة ولو ادى ذلك الى سفك الدماء فانتشارها بين الناس هو اعطاء ذريعة للنظام البعثي لقتلي.
وكان السالكون يقولون ان الامام الصدر يخالفنا في الظاهر وفي كلامه ولكنه يوافقنا في الباطن فأعلن الامام الصدر عن فسق السالكين وأوجب عليهم اعلان التوبة فمنهم من تاب ورجع ومنهم من اصر واستكبر عن اعلان التوبة، وكان شهيدنا قد منعهم من ايصال افكار السلوك الى الناس ولكنهم كانوا لا يطيعون في الغالب والظاهر ان هناك ايدي خفية تتلاعب بهؤلاء اذ ان بعضهم انحرف انحرافاً خطيراً وارتكبوا المحرّمات والكبائر بفلسفة عجيبة ويدعون ان ذلك يقربهم من الله.
وقد امر الامام الصدر بطرد عدد منهم من المدارس كما في مدرسة البغدادي والآخند واللبنانية وغيرها، والسالكون يعتقدون بالتناسخ كما طالعت بنفسي محاضرات لمنتظر الخفاجي وهناك عدد منهم في الديوانية ادعوا حلول ارواح بعض المعصومين او العظماء من اولاد الائمة(عليهم السلام) والاصحاب(رحمهم الله).
ومما يلفت النظر ان هؤلاء هم الوحيدون ممن لم يواجه النظام في ذلك الوقت بل انهم مقبولون عند السلطة، ولم يذكر احد ان واحداً منهم قد اعتقلته السلطات في يوم حتى بعد استشهاد الامام الصدر وبعضهم كان مقبولاً وتصرّ الجهات الحكومية على تواجده في بعض المدن وتصديه لصلاة الجماعة وبعضهم كان يطلب منه اقامة صلاة الجمعة مكان الامام الذي ينصبه الامام الصدر كما حدث في الديوانية مع السالك المعروف ـ السيد فرقد القزويني الذي انحرف ولم يتب على يد شهيدنا وكان اماماً للجمعة فعزله شهيدنا ونصّب مكانه اماماً آخر ولكنه عاند بشدة واستعان بالسلطة فلم يفلح الى يومنا هذا. ولكن هذا لا يعني ان السالكين جميعاً من المنحرفين بل يوجد فيهم الذين استقاموا ولم ينجرفوا مع التيار المشبوه بل ان شهيدنا قد اعدّ نخبة من الطلبة الورعين والذين لا يعلم بهم إلاّ الله والقلّة القليلة من خواصه.
ومن طبيعة السلوك هو الخفاء وعدم الافصاح عنه وكما رأينا فأن اولئك المنحرفين بالاضافة الى انحرافهم فأنهم صاروا ذوي شهرة وهم يتبجحون بأنهم من العرفاء.
وقد استفاد النظام من هذه الحركة على عدة محاور:
المحور الاول: تشويه الاسلام والاحكام الشرعية حتى ان هؤلاء يرون ان الصلاة والصيام وباقي الواجبات ليست الزامية وينطلقون من تفسيرهم الخاص لقوله تعالى واعبد ربك حتى يأتيك اليقين فاذا وصل الانسان الى مرحلة اليقين فلا حاجة الى العبادة اذ ان اليقين هو الغاية من العبادة والعبادة ماهي إلاّ مقدمة للوصول الى اليقين فاذا حصلت النتيجة أو الغاية فالمقدمات تصبح غير ضرورية أو منتفية.
وهم قد ارتكبوا المحرّمات بشكل كبير كشرب الخمر واللواط والزنا والغناء ومشاهدة الأفلام الخليعة وكان بعضهم(والعياذ بالله) يبصق على شباك أمير المؤمنين(ع) وذلك حسب منظور منحرف كما ذكرت وهو ان الانسان حينما يرتكب المحرّم يحصل عنده ندم وهذا الندم عبارة عن الاحساس بالاثم عندها يكون قريباً من الله، وكذلك فان تمكين الآخرين من انفسهم كاللواط فان ذلك اذلال للنفس التي جبلت وبالفطرة على كراهة هذه العملية واذا حصل الاذلال فهو قمع للنفس الامارة، وعندهم ايضاً تبادل الزوجات وذلك ان الزوجة تعتبر ملكية خاصة لفرد من بين البشر والسلوك يقتضي عدم امتلاك شيء في هذه الدنيا فعندها يمكّن الآخر من زوجته فهو يقضي على حب الدنيا والتملك في نفسه الامارة.
ومن هنا استغلت السلطات هذه الفئة المنحرفة الضالة لتشويه الاسلام ولضرب حركة الامام الصدر إلاّ أن...
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:37 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 21
ومن هنا استغلت السلطات هذه الفئة المنحرفة الضالة لتشويه الاسلام ولضرب حركة الامام الصدر إلاّ أن ذلك لم ينتج سوى المزيد من السخط على النظام وهذه الفئة، وايضاً المزيد من الالتفاف حول السيد وقد استجابت الجماهير لأمر الشهيد الصدر بمحاربة هؤلاء وعز لهم.
والمحور الآخر: ان النظام استفاد من بعض هؤلاء المنحرفين الذين طردوا من الحوزة لغرض الصاق بعض التهم بالامام الصدر وذلك ما حدث في محاولة الصاق تهمة قتل البروجردي والغروي(قدس) فان من ضمن المتهمين المدعو الشيخ محمد الكربلائي وهو من الطلبة الساكنين في مدرسة اللبنانية وقد ضبطت في غرفته قناني خمر وبعض الاشياء المحرمة فطرد من المدرسة والحوزة وقد القت السلطة القبض عليه والظاهر ان الحدث كلّه مجرّد مسرحية وظهر على شاشات التلفزيون وهو يتحدث عن عملياته التي قام بها وحسب وجودنا في الحوزة في ذلك الوقت ومشاهداتنا للاحداث وما نقله الثقات فان ما رووه عن الحوادث مخالف للواقع والكذب واضح (بأستثناء ما ذكره حول معاملة المكاتب الأخرى للطلبة فأن ما ذكره صحيح ).
وهنا اذكر خطبة الامام الصدر بخصوصهم وهناك التفاته مهمة ذكرها شهيدنا وهي (انهم لن يتوبوا) اي انهم حتى لو قالوا انا تائبون فهذا فقط حسب الظاهر وفي الواقع انهم يجارون الحدث لا أكثر.
وفي الجمعة رقم 16 بتاريخ 6 جمادى الآخرة 1419 الخطبة الثانية قال(رض): في هذه الخطبة اودّ ان اذكر واتعرض الى ما يسمّى بالسلوكيين الذين اصبح امرهم مشهوراً وعلناً لكي احذر المجتمع منهم واحذر المؤمنين منهم وأحذر المسلمين منهم.
هل تعلم نواياهم؟ هل تعلم اهدافهم؟ هل تعلم عقائدهم؟ هل تعلم دينهم؟ لكي تركن اليهم وتأخذ بقولهم.
مجرّد انك تجده ظاهر الوثاقة والصلاح ويتكلّم معك بعدة مفاهيم ملفتة للنظر ومعجبة لك، حينئذ تركن اليه وتصدقه ولكن هذا اولها وأنت لا تعلم آخرها.. انا اقول ان أولها بديع وآخرها شنيع هل تعلم انه يريد مصلحتك أو لعله يقصد اخراجك عن ايمانك وعن اسلامك وان يجعلك لقمة لجهنم وبئس المصير انا اقول أتبعوا حوزتكم وأتبعوا علماءكم وأتبعوا القرآن واتبعوا كلام المعصومين(عليهم السلام) (لم يغشّكم واحد من هؤلاء) اما واحد مبشوه يتكلّم بأمور اخرى لا تفهمها ولا تعلم نتائجها فهذا ما ينبغي الحذر منه والبعد عنه وكل ذلك اي كلام الكتاب الكريم والسنة الشريفة بعيد كل البعد عن كلام هؤلاء الشذاذ المبطلين السائرين في غير طريق الله سبحانه وتعالى.
لو كان الله تعالى يريد للمجتمع ذلك لبيّنه في كتابه الكريم ولو اراده النبي(ص) أو المعصومون(عليهم السلام) لقالوه للناس ولربّوا الناس عليه وسلّكوا الناس عليه كما يعبّر هؤلاء.. اذا كان التسليك واسعاً كما يدّعي هؤلاء فلماذا لم يسلّك المعصومون اصحابهم ولماذا لم يأمروهم بتسليك الآخرين.. خذوا بقول المعصومين وقول علماءكم وقول ثقاتكم وأهل الحل والعقد فيكم فأحذروا هؤلاء وابتعدوا عنهم فانهم يخرجونكم عن دينكم ويبذورن فيكم بذور العقائد الفاسدة ويصوّرون لكم الباطل بصورة الحق ويبعدونكم عن رضا الله سبحانه وتعالى وعن الجنّة، واذا كانوا يعتقدون برأيي كما يزعمون ويأخذون بقولي كما يدّعون وأنا المفروض (اذا لم تسيطر عليّ نفسي الامارة بالسوء) أنا لا اريد لأي فرد إلاّ الصلاح والفلاح فليغيّروا حالهم وليبدّلوا حالتهم ومقالهم فانهم عصوني (واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلاّ خساراً) هم عصوني في كثير من الامور المهمة واساءوا فهمي في عدد آخر منها واضافوا من عند انفسهم عدداً آخر منها وكل ذلك انا منه برىء في الدنيا والآخرة.
وأسفاً على سوء العاقبة على هذه المجموعة التي كنا نتوقع منهم الخير والصلاح فانقلب الى الشر والفساد والضلال، وسوف يقولون لكم وقد قالوا فعلاً لكم ان السيد محمد الصدر لا يقصد ما يقول وانما يريد حفظ الظاهر وانما يعمل بالتقية وان لنا اتصالاً باطنياً به واننا نفهم مقاصده الواقعية وانه عميق بحيث لا تستطيعون ان تفهموا كلامه وكل ذلك استطيع ان اسميها حيل شرعية وهي كذب محض وانا منهم برىء وأنا منهم بعيد واصبحوا كلما انهاهم وأردعهم فانهم يزدادون عتواً ونفوراً فأنا أخاطب المجتمع المؤمن ذوي العقول الصافية والنفوس البرئية ان يقاطعوا هؤلاء ويتبرأوا منهم ويبتعدوا عنهم بعد السليم من الاجرب... ومالم يتب هؤلاء (ولن يفعلوا) لانهم غير مستحقين للتوبة.
صحيح ان الزهد مستحب وحب الدنيا رأس كل خطيئة ورين القلب ودغله مذموم إلاّ ان هذه هي تعاليم ديننا الحينف ولا دخل له بالتفاصيل والعقائد الفاسدة التي ذكرها هؤلاء.
هم زهدوا في الدنيا وابتعدوا عنها؟ صحيح هم زهاد؟ لا ليسوا بزهاد دنيويون صرف وانما يريدون بأعمالهم هذه وأقوالهم هذه الشهرة والسيطرة والمال وتكوين تكتلات وقلاقل في المجتمع وأنا من كل ذلك برىء أعاذنا الله من كل مكروه وأما هذا الذي يحتج به البعض عليّ من انك قلت في الجزء الثاني من فقه الاخلاق هذه العبارة القديمة التي هي موجودة في بعض كتب ابناء العامة (من لا شيخ له فشيخه الشيطان) فكأنه اذن لابد أن يكون للفرد شيخ مثل هؤلاء لكي يربيه ويدربه ويسلكه كأن هذه الرواية تشير الى هذه المجموعة بالذات أسفاً على العقول القاصرة والتأويلات الفاسدة.
اولاً: انها ليست رواية أصلاً وانما هي من موضوعات بعض الصوفية.
ثانياً: انني اذكر كثيراً من الاشياء والمفاهيم بصفتها اطروحة لا بصفتها امراً جزمياً وهذه الفكرة منها.
ثالثاً: انها على تقدير وجودها كرواية فهي رواية ضعيفة جداً ومرسلة ولا حجية فيها... ولو كنا في الفقه والتفسير لرفضناها بالكلية.
رابعاً: انه من الواضح اننا ان صدّقناها فانما يراد بالشيخ حينما يقال (من لا شيخ له فشيخه الشيطان) أي من لا مربي له فمربيه الشيطان... ليس المربي هو المربي الذي يدعو اليه هؤلاء وانما كل شخص يهديه ويوجهه ويعلّمه الخير والصلاح.
طبعاً اذا واحد لا يوجد من يعلمه الخير والصلاح فشيخه الشيطان لأنه تتسلط عليه النفس الامارة بالسوء والشيطان ويذهب الى حيث لا رجعة.
لكن من قال ان الشيخ هو الشيخ الباطني؟ كلا بل هو الشيخ الظاهري الذي يدلك على طاعة الله وعلى ولاية أميرالمؤمنين وأهل البيت(عليهما السلام) ولا موجب ان نفهم من الشيخ هو الشيخ في علم السلوك وعلم الباطن أو على الطريقة الصوفية... كلا ثم كلا... وأريد الآن ان أذكر لكم جانباً من عقائدهم الفاسدة بأختصار.
اولاً: انهم تاركون لتعاليم الشريعة كالصلاة والصيام وغيرها تأويلاً للآية (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) وقد جاءهم اليقين بزعمهم.
ثانياً: انهم يرون انفسهم اعظم من النبي والقرآن اذن فلا موجب لطاعة النبي(ص) وطاعة القرآن.
ثالثاً: انهم ينكرون يوم القيامة والثواب والعقاب والنار وانما الثواب و العقاب في نظرهم نفسي وباطني وليس كما يقول الدين الاسلامي الحنيف من ان هناك حشراً ونشراً وقيامة وثواباً وعقاباً وجنّة وجهنم. كل ذلك خطأ اي في نظرهم الفاسد.
رابعاً: انهم يأمرون الناس بالتخلي عن عقولهم وعزل تفكيرهم والطاعة العمياء لهم، اي لهم بصفتهم شيوخ سلوك وطريقة. مع ان النتيجة الصريحة والاولية لذلك (اي للتخلي عن العقل) هو الكفر والالحاد لأن العقل هو الدليل او الدال الرئيسي على وجود الله سبحانه فاذا زال العقل او زال الاعتماد عليه انسد باب الاستدلال بالخالق فيصبح الفرد في لحظة من حيث يعلم أولا يعلم ملحداً... الله خلق العقل وخاطبه [ بك أُعبد وبك أُثيب وبك أعاقب ] فاذا رفضناه كنا من الخاسرين بطبيعة الحال وكذلك في الرواية ان العقل نبي من الباطن والانبياء انبياء من الخارج يعني كل واحد، الله جعل له نبياً في باطنه عليه اتباعه فاذا ابعدونا وفرغونا من عقولنا معناه قتل النبي الذي (بعثه الله لنا) وعلينا ان نطيعهم صرفاً على شهواتهم وانحرافاتهم.
خامساً: انهم يؤمنون بالحلول وان روح علي(ع) حلّت بفلان وروح سلمان حلّت بفلان وروح أبي ذر حلّت بفلان وروح الزهراء حلّت بفلانة وهكذا يقسّمون الوظائف بينهم وهذا من المضحكات المبكيات والذي ترفضه الشريعة بصراحة وتوجد هناك اخبار عن قضية الشلمغاني والحلاج وغير ذلك.
الائمة شنّوا حرباً شعواء ضد هذه المقولات وامثالها وهم يعدّون انفسهم ويظنون انهم أعلى من النبي اذاً فهم أعلى من علي وسلمان وكل البشر فما معنى لتلبسيهم؟ إلاّ لمجرّد الدعاية لأنفسهم وجلب قلوب البسطاء اليهم وإنا لله وانا اليه راجعون.
بسم الله الرحمن الرحيم
تبّت يدا ابي لهبٍ وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى ناراً ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبلٌ من مسدّ.
حسن الكوفي
هناك العشرات من اعداء الشهيد الصدر في حوزة النجف ومنهم من كان يظهر العداء ومنهم من كان يدفع للآخرين لينحرفوا عنه وفئة أخرى ساكنة ساكتة لا تؤيد اية جهة وفئة أخيرة تتخبط يميناً ويساراً ومن هؤلاء الشيخ حسن الكوفي أو حسن الجراح وهو شاب في حوالي الأربعين من العمر والكوفي من اساتذة مواد السطوح ومستواه عادي وهو خطيب وقارئ منبر حسيني وكثيراً ما كان يقرأ في المواسم في محافظة البصرة وعنده في هذه المحافظة مجموعة من الاصدقاء أو الاتباع مثل الشيخ محمد فلك المالكي (وكيل السيستاني) في البصرة وقرأ في الشطرة في السنوات الأخيرة مرة واحدة مع حادثة سوف أذكرها.
كان حسن الكوفي قد حضر بحث الامام الصدر لمدة وجيزة ثم انقطع وذلك ان كل من لديه مصالح عند مكتب السيستاني كان يقاطع اولاً بحث الامام الصدر اساساً وإلاّ تعرضت مصالحه للتلف ويحضر بحث السيستاني كالمعتاد والبروجردي والغروي والفياض.
وكان مقلّداً للسيستاني حسب الظاهر ولكنه كان يميل الى ولاية الفقيه وكان يدعي ان السيستاني يقول بولاية الفقيه خلافاً للضرورة في وراثة الحوزة التقليدية وكان يهاجم الشيخ علي الغروي بشدة ويعتبره لا يفهم شيئاً وذلك انه ادعى انه ناقشه حول ولاية الفقيه وان الغروي نفاها وكان الكوفي من سماسرة الحوزة التي تعادي الامام الصدر اذ كان يوزّع اموالاً طائلة على اتباعه المراهقين وكان زعيم العصابة التي تلتف حول عدد من مقلّدي الامام الصدر لثنيهم عن تقليده.
وقبل تسارع الاحداث كان الكوفي يحضر الى مسجد الكوفة للصلاة خلف الامام الصدر(رض) ولكنه انقطع بعد مدّة ويظهر انه قد جاءت اليه اشارة او ان الامر مجرّد لعبة فهو يحضر مدّعياً عدم التعصب وبعد ذلك تبين له ان هذه الصلاة لا تهدف إلاّ الى هدم الاسلام وكان وبحضوري يقول ان تقليد الامام الصدر أصلح ومرّة يقول انفع ومرة يقول أعلم ومرّة يقول هو متساوي مع السيستاني في الأعلمية.
وكان بذيء اللسان جداً بالخصوص كما ذكرت مع الشيخ الغروي وأخيراً تجرأ وسب الامام الصدر سبّاً فاحشاً وحدثت مشاجرة مع احد طلبة مدرسة اليزدي حيث كانت غرفة الكوفي وسبب تطور الاحداث كالتالي:
امر الامام الصدر بأخلاء المدارس ممن يمتلك بيتاً في النجف والسبب هو ان الاعداد المتزايدة التي كانت تقدم الى النجف لم تكن تجد مكاناً لها في المدارس مما اضطر عدداً منهم الى المبيت في بعض المساجد أو المقابر التابعة للاسر العلمية كمقبرة آل كاشف الغطاء ومقبرة القزويني وغيرهما وكان الامر عادلاً وطبيعياً فلا موجب لاشغال غرف الكثير من المدارس بطلبة وشخصيات علمية وهم يمتلكون بيوتاً قرب هذه المدارس وكانوا لا يشغلون هذه الغرف إلاّ لأوقات من النهار قليلة لا تتجاوز الساعتين لذلك شكّل الامام الصدر لجنة من موظفي المكتب لمتابعة الأمر وقد عاند عدد من الطلبة ورفضوا اخلاء الغرف مما اضطر اللجنة الى الكلام معهم والبعض كان قد اقفل غرفته وذهب الى بيته فحصلت اللجنة على امر بكسر الاقفال فشمل الامر عدداً من الفضلاء مثل رضي المرعشي الذي استاء من هذا التصرّف وعده تجاوزاً لا يغتفر.
وكان من ضمن هؤلاء حسن الكوفي حيث أنه يشغل غرفة في مدرسة اليزدي ومعه احد الطلبة من محافظة البصرة فساءه هذا الامر فحدثت المشاجرة مع أحد الطلبة فسب الامام الصدر كما ذكرت.
فرفعت هذه القضية الى الامام الصدر باستفتاء وذكروا له تجاوزه فكان جوابه(رض) وانقله بالمعنى (ان هذا الرجل مجهول الاتجاه ولا نعلم لأي جهة
يعمل وكلامه وعمله لا يخدم إلاّ الاعداء وأظنه قال إلاّ اسرائيل) فجاءوا بالاستفتاء وعلّقوه في لوحة الاعلانات في مدرسة اليزدي الكبرى وقرر الطلبة منع حسن الكوفي من دخول المدرسة فقام بعض الطلبة بأبلاغ حسن الكوفي بهذا الاستفتاء وقرار الطلبة فكان يومها يمشي كالميت من شدة الخوف وكذلك الخوف من انتشار الاستفتاء فذهب بتوسط بعض الطلبة الى مكتب الامام الصدر وعندما جلس حاول اظهار شيء من الشجاعة فقال:
سيّدنا سوف نؤخرك وأنت الآن جائع.
فأجابه الامام الصدر(رض): أنا جائع الى رحمة الله.
فتحدّث بالامر ومعه احد طلبة اليزدي وأخيراً قال له شهيدنا: انما مثلي ومثلك مثل خباز وقف الناس بصف امام فرنه لشراء الخبز وجاء أحد من الشارع ووقف قرب الباب وتجاوز الصف فناوشه رغيف خبز تكرماً على اية حال اذهب والغرفة لك بالاشتراك مع احد طلبة المحافظات والاستفتاء سوف لن ينشر.
ثم قام وخرج وعاد الى المدرسة، ولكنه بعد فترة وجيزة تعدى مرّة أخرى على الامام الصدر مع زمرته من مدرسة اليزدي وكان فيها عدد من اصحابه وتجاوز اكثر من المرة السابقة فراجعوا الامام الصدر بهذا الخصوص فتكلّم فيه وذكره في احدى اللقاءات المسجلة المنتشرة وقال فيه كلمته المشهورة (انه يحفر قبره بيده) وقرر طلبة اليزدي من مقلّدي الامام الصدر عدم السماح له بدخول المدرسة (فلم تطأ قدماه بعد ذلك بابها حتى قتله النظام بحادثة مشهورة) المهم انه بقي على تجاوزاته وبعث بأخوته أو أحدهم مع بعض سفلة الكوفة وهدّدوا بعض مقلّدي الامام الصدر من الطلبة.
وفي تلك السنة في شهر رمضان كان يريد الذهاب الى البصرة لإقامة مجالس تعزية هناك فكان يأخذ مبالغ عالية ويقول (انا لا أُقيم المجالس قربة لله وإلاّ فسوف اموت جوعاً) ولكن اهل البصرة توعدوه ان هو جاء الى البصرة فذهب الى قضاء الشطرة في محافظة الناصرية لمجلس اقامه حسين بن خيون آل عبيد شيخ عشيرة (عبودة) ولكن بعد وقت قليل جاءه عدد من أهالي الشطرة وهددوه ان هو بقي في الشطرة ان يبعثوا برأسه الى الامام الصدر قبل حلول العيد فهرب في الليل وعاد الى النجف فقام الكوفي بنشر شريط تسجيل يتحدّث فيه ضد الامام الصدر وكان يسخر من السيد ويقدح فيه فأدى ذلك الى سخط الناس عليه وبعد استشهاد الامام الصدر أخذته السلطات واستغلّت هذا الشريط المسجل واتهمته باغتيال الامام الصدر مع عدد من الاشخاص وتم اعدامه.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:38 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 22
وكان قد ظهر من على شاشات التلفزيون وهو يعترف بقتل الامام الصدر وآثار التعذيب ظاهرة عليه وكان من ضمن الذين ظهروا مع الكوفي المدعو السيد احمد الاردبيلي وهذا الرجل قد ظهر على الساحة فجأة حوالي سنة 1997وقد ادعى بأنه كان معتقلاً منذ عشر سنين وانه يؤيد السيد في مرجعيته وعندما راجع عدد من الطلبة مكتب الامام الصدر حول شخصية هذا الرجل تبيّن ان الامام الصدر يرى ان هذا الرجل مشبوه ولا يثق به ولا يعتني بدعواه والتأييد له.
وقد رحل الى كربلاء فحدثت معه حادثة غامضة حول قضية اخلاقية. استطاع الاردبيلي التغرير ببعض الحمقى ودعاهم للعمل معه ولكن الى الآن لم يُعرف كنه العمل الذي أراده منهم.
النتيجة انه ظهر على شاشة التلفزيون وأعلن انه احد المشاركين في عملية اغتيال الامام الصدر والمؤكد ان الكوفي لا علاقة له بحادثة القتل بصورة مباشرة وانما هو احد الحمقى الذين استغلهم النظام بصورة أو بأخرى ولو من حيث لا يعلم لغرض ارتكاب الجريمة العظمى بحق الامام الصدر(رض).
ولكن الكوفي ومن وراءه يتحمّلون دماء آل الصدر والعراقيين الذين سقطوا تحت رصاص النظام وكذلك محاولة اجهاض النهضة الاسلامية المباركة التي قامت في العراق لان ا لهدف الرئيسي لسادة الكوفي هو القضاء على الصدر لانه ضمير الاسلام الحي الذي اسقط العروش الخاوية والمافيا المتسلطة على رقاب الشيعة.
ثعلب الصحراء
اشتدت المواجهة بين النظام وبين قوات التحالف في الفترة التي سبقت شهر رمضان1419هـ وهذا ما كان ظاهراً امام العالم وعندما بدأت العمليات الجوية تصاعد الاعلام الدولي بأن الولايات المتحدة عازمة على اسقاط النظام وعند حلول شهر رمضان اعلن (بيل كلينتون) رئيس الولايات المتحدة انه: احتراماً لشهر رمضان سوف يوقف العمليات أو يخفف منها وهكذا استمر القصف المتقطع للايام التالية وهنا يطرح سؤال وهو هل ان قرب حلول شهر رمضان كان غائباً عن ذهنية التخطيط الأمريكي والساسة الامريكيين؟
بالتأكيد ان الامر ليس كذلك بل هناك اسباب وراء ذلك:
الاول: عدم تشديد الضربات العسكرية بحيث يفقد النظام السيطرة ويكون بالامكان حدوث انقلاب أو ثورة شعبية.
الثاني: عدم اعطاء فرصة للمجاهدين من ابناء الداخل الذين يرتبطون بالمعارضة الخارجية للقيام بأعمال كبيرة لاسقاط النظام وان كانت هذه النقطة محل للمناقشة اذ لم يقم اي طرف من اطراف المعارضة الاسلامية وغيرها بأي عمل عسكري ضد النظام مما يؤكد وجود تواطيء أو تهديد كما سوف نرى.
الثالث: ان الولايات المتحدة تريد أن تعزف على وتر شهر رمضان واحترام شعائر الامم الاسلامية وغيرها لابعاد الرأي العام عموماً والاسلامي خصوصاً عما يحدث في هذا البلد.
وقد ذكر الامام الصدر في احدى خطبه خلال مدة القصف اشارات مهمة لم اجد الى الآن من استطاع ان يعطي التفسير المناسب لتصريحاته(رض) فقد أعلن ان هذا القصف يستهدف الحوزة العلمية لا غير.
وان هذا القصف عقوبة ا لهية بسبب المنع الذي حصل لزيارة سيد الشهداء(ع) في الخامس عشر من شعبان من نفس السنة.
وأعلن ان الظالم سيفي انتقم به وانتقم منه: اي ان الولايات المتحدة ظالمة انتقم بها من الظلمة وأنتقم منها.
وخلاصة ما يهمنا هنا ان الامام الشهيد قد أعلن ان ا لهدف من القصف هو حوزة النجف ولم يتضح الامر بجلاء إلاّ بعد استشهاده وذلك ان القصف الجوي هو ايحاء امريكي الى العالم بأنه ضد النظام مع انهما يخططان لجريمة قريبة اذ قبل استشهاده سافر نائب رئيس وزراء النظام طارق عزيز الى تركيا وعاد قبل الجريمة بأربعة أيام وقد تواتر النقل عن الامام الشهيد انه كان يقول: اذا عاد هذا اليهودي(طارق عزيز) من تركيا فأنه يعود بأذن لقتلي.
ومما يزيد من قوة هذا الاحتمال ان هذه الزيارة كانت مفاجأة ولم يكشف عن مضمونها إلاّ ما ذكره الأعلام من قضايا روتينية وإلاّ فهل من قبيل المصادفة ان تحدث هذه الجريمة بعد هذه الزيارة مباشرة؟
والاحتمال الاقرب هو ان النظام بعث بطارق عزيز ليوضح للامريكيين المتواجدين في تركيا أو تكون الوساطة تركية (بأن الامر قد استفحل في العراق وان حركة الامام الصدر قد وصلت الى حد يوشك على الانفجار وانه قادم على عملية اغتيال الامام الصدر وان عواقب هذا الامر قد تعود با لهلاك على هذا النظام وحدوث انتفاضة جماهيرية لا يمكن السيطرة عليها).
لذلك فان النظام أراد ضمان امور من الامريكيين ليقوم بالمهمة وهي:
1 ـ اعطاء اشارة الى الجهات الاسلامية بعدم التحرك بأي رد فعل تجاه العراق وهذا ما يمكن به تفسير الصواريخ التي اطلقها الامريكيون في ثعلب الصحراء وسقطت على المناطق الحدودية لايران وهذا بحد ذاته رسالة مقصودة بأن الولايات المتحدة لن تتهاون في الرد على اي تحرك وقد حصل المطلب تماماً كما اراده الامريكيون.
2 ـ مراقبة الاوضاع داخل العراق في حال فقدان السيطرة من قبل النظام وهذا ما اطلقته وسائل الاعلام الغربية اذ اعلنت بأن الولايات المتحدة وبريطانيا تراقبان الاوضاع عن قرب وهذا ما حدث في اليوم التالي للجريمة وقد تضاعف عمل الاقمار الصناعية في سماء العراق بشكل ملحوظ، وقد كان من المقرر ان تحدث انتفاضة اثناء القصف الامريكي في عملية ثعلب الصحراء وكان المجاهدون في الاهوار والداخل قد اتصلوا ببعض ائمة الجمعة وأخبروهم بقرب حدوث انتفاضة وانهم يحتاجون مساعدة فقام هؤلاء الائمة بالاتصال بالامام الصدر وكان الجواب كالاتي:
عليكم بالصبر والوقوف على التل، وذلك لأن جميع الأطراف تريد القضاء علينا.
وكان ما حلله شهيدنا هو ما حدث فعلاً اذ ان القيادات التي تقود المجاهدين قد امرت بأيقاف كل الاعمال العسكرية ضد النظام في تلك المرحلة مع العلم ان النظام قد فقد سيطرته تماماً على كافة المحافظات وعادت الى الاذهان الاوضاع التي سادت اثناء اندلاع حرب الخليج الثانية.
النتيجة ان هذه العملية كانت تهدف مرجعية الامام الصدر(رض) والتمهيد لاغتياله وقد تعاون مع الامريكيين والبريطانيين جهات اسلامية حسب الظاهر وبشكل أو بآخر.
وكان حدس شهيدنا في محلّه لذلك قام بأرسال أحد الطلبة بنداء استغاثة سوف اتعرض له في فصل مستقل وقد اثيرت في تلك الايام الكثير من التخمينات حول مستقبل العراق فكان رأي شهيدنا حيث قال(رض): ان الجنوب سوف يقتطع من العراق وهذا الاحتمال بنسبة خمس وتسعين بالمائة ولكن ليحكمكم كل رجل إلا السيد محمد باقر الحكيم فان الرجل عميل.
وقد ساعدت الجهات الاسلامية في القضاء على حركة شهيدنا وذلك بالتعتيم الاعلامي الذي نوهت عنه اكثر من مرّة.. لذلك قال(رض) اذا لم ادعم اعلامياً فهذا معناه اعطاء الضوء الاخضر لصدام بقتلي!!!
ومعلوم من خلال مراجعة خطب الامام الصدر ان المواجهة في شهر رمضان هذا قد وصلت الى مستوى اصبح السكوت عنه فيه دلالة واضحة على ان هذه الحركة مصدر خطر على الغرب والمنتفعين من طلاب الكراسي.
نداء الاستغاثة
بعد ان تأزم الامر مع النظام وهُدد الامام الصدر بالقتل وأعتقل عدد من ائمة الجمعة والمضايقة المستمرة للصلاة بعث الامام لصدر بأحد ثقاته الى خارج العراق ليقوم بألقاء الحجة الاخيرة على الامة الاسلامية في العالم وكان(رض) يقول (اذا لم يدعموني اعلامياً فهذا معناه اعطاء الضوء الأخضر لصدام بقتلي) وهذا ما حدث اذ بعد ان تم تبليغ كل الجهات الاسلامية بالكارثة القادمة سكت الجميع منتظراً الحدث ويتحمل كل من وصله هذا النداء ولم يتحرك بمقدار ما يستطيع دماء الشهداء من آل الصدر واتباعهم من ابناء هذا الشعب المظلوم وسيكون حسابه عسيراً امام الله وامام التاريخ.
وكانت العلامة بين الامام الصدر وبين مبعوثه هي هتاف (نريد نريد نريد ـ فوراً فوراً فوراً ـ يا الله يا الله يا الله) فأذا سمع بهذا ا لهتاف وهو في الخارج بلغ ما يستطيع ابلاغه من حركة او حزب أو منظمة او دولة او اشخاص مهمين بأن الامام الصدر في خطر وان العراق والاسلام في خطر.
ولا يمكن ان يخطر في ذهن احد ان الامام الصدر كان خائفاً من الموت بل هو الذي اثبت انه الوريث الشرعي الوحيد في العصر الحديث لشجاعة أمير المؤمنين(ع) وولده المعصومين(عليهم السلام).
ولكنه اراد ان يلقي الحجة الاخيرة كما ذكرت كما القاها على الحوزة والغجر في خطبته الأخيرة ولكن الفارق بين هؤلاء ان عدداً من الغجر استجابوا له وتابوا عن سلوكهم المنحرف بينما الباقون اصرّوا واستكبروا والغريب انني قد سمعت بأذني أحدى وكالات الانباء الاسلامية وهي تقول بان الامام الصدر كان قد بعث بنداء استغاثة الى الشيعة في العالم.
ولكنها اوردت النبأ بعد الشهادة بيوم أو يومين وهذا يعني بأن النداء قد قرع اسماعهم فالويل لمن سمعه أو قرأه ولم ينصر هذا الثائر العظيم. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون وكان مضمون النداء أن الأمام الصدر سوف يقتل إن لم تقم الجهات الاسلامية بدعمه أعلامياً. فوصل النداء الى كل الاطراف ولم يستجب أحد. وقد صدر بيان من طلبة النجف في تلك الفترة وكان البيان بأسم جمع من علماء الحوزة العلمية وهو مكوّن من قسمين القسم الأول:
بسم الله الرحمن الرحيم
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره الكافرون صدق الله العلي العظيم
أيّها المؤمنون في كل مكان...
ان ابناء شعبنا المظلوم في عراق المقدسات، وعلى راسهم الامام السيد محمد الصدردام ظله يقفون الآن في وجه الطغاة على الرغم من المصائب العظيمة التي يعانون منها، ولاجل ذلك فان الواجب الشرعي والوطني يفرض علينا التلاحم والتكاتف من اجل رد كيد الكائدين ومكر الماكرين واليكم حوادث الاسابيع الاخيرة حول صلاة الجمعة في عدد من المدن.
1 ـ توجه عدد من افواج الجيش ورجال الامن وعلى رأسهم المدعو محمد حمزة الزبيدي عضو القيادة القطرية ورئيس تنظيم الفرات الاوسط توجه الى مسجد الكوفة والذي تقام فيه صلاة الجمعة من قبل الامام السيد محمد الصدر ـ دام ظله ـ وحاولوا منعه من اقامة الصلاة وشهروا اسلحتهم بوجه آلاف الناس وابى الامام الصدر إلاّ ان تقام الصلاة وامر الناس بالثبات وعدم مغادرة المسجد وفعلاً اصرّ الناس على البقاء رغم التهديد والتخويف، وارتقى الامام الصدر المنبر والمسجد يضج با لهتافات والتدافع بين قوات الجيش والناس وخطب الناس وشجعهم على مواصلة الصلاة في الاسابيع القادمة وفي كل مدن العراق، واتم صلاته بهم بعزيمة تحكي عزيمة جده ابي الاحرار الامام الحسين(ع) فسقط مافي ايدي الطغاة وفشل امرهم وغادر المدعو محمد حمزة الزبيدي المكان خائباً خاسراً.
2 ـ اعتقال (العلامة الشيخ أوس الخفاجي) امام جمعة الناصرية في منتصف شهر رمضان، وظل المصلّون ينتظرون وصوله للصلاة، وبعد ان وصل لهم الخبر قام القاضي الجعفري لمدينة الناصرية (العلامة الشيخ اسعد الناصري) يهتف بالناس احتجاجاً على اعتقال (العلامة الشيخ الخفاجي) والاف المصلّين يهتفون معه ثم صلّوا الظهر وتوجهوا الى مديرية امن الناصرية والتي تبعد عن مركز المدينة بما يقارب ستة كيلو مترات رجالاً ونساء با لهتافات
وا لهوسات، فاحاط بهم رجال الامن والحزب على جانبي الطريق وبدأوا باطلاق العيارات النارية الى الأعلى، ولم يبال الناس بذلك بل زاد حماسهم واصرارهم للوصول الى دائرة الامن، وعندها تغير اتجاه الرمي الى الاسفل بالقرب من اقدام الناس، ومع ذلك لم يكترثوا بذلك بل اخذت النساء تنادي وجهوا بنادقكم الى صدورنا ياظلمة، حتى وصلوا امام مديرية الامن واخذوا يهتفون فقامت السلطات بالرمي فوق رؤوسهم (بالدوشكات الاحادية) ولم يتفرق الناس حتى صلى الجميع امام مديرية الامن صلاة العصر.
وقد اعتقل(العلامة الشيخ الناصري) القاضي الجعفري، فضج الناس من جديد فقامت السلطات برمي المصلّين بالقنابل المسيلة للدموع فتفرق الناس.
كما اعتقلت السلطات جميع اعضاء مكتب الامام الصدر ـ دام ظله ـ في الناصرية وعلى رأسهم مدير المكتب (العلامة السيد عقيل الموسوي) و(العلامة الشيخ احمد شـمخي)، كما اعتقلت مجاميع من المصلّين وانقطعت الصلاة في مدينة الناصرية.
3 ـ وفي جمعة الكوت حاولت السلطات منع امامها(العلامة السيد كاظم الصافي) من اقامة الجمعة لانه رفض الدعاء للنظام في خطبة الجمعة، ولكن آلاف المؤمنين تصدّوا لرجال الامن وأصروا على اقامة الصلاة با لهتافات المنددة بذلك وفعلاً اقيمت الصلاة.
4 ـ وفي جمعة (البياع ـ بغداد) مُنع (العلامة الشيخ مؤيد الخزرجي) من الصلاة لعدم دعاءه للنظام.
5 ـ وفي جمعة (حي أور ـ بغداد) منعت السلطات المصلّين من اقامة الصلاة واغلقت المسجد واحاطته بالمدرعات وحصلت اشتباكات كبيرة، وكان ضحيتها تسعة شهداء.
6 ـ اعتقال (العلامة الشيخ عدنان الشحماني) احد خطباء الجمعة وقاضي في احدى المحاكم الجعفرية مع مجموعة من طلبة العلوم الدينية بطريقة وحشية.
7 ـ وفي مدينة العمارة قامت السلطات بغلق مكتب سماحة الامام الصدر ـ دام ظله وقد اعتقل( العلامة الشيخ حسين المحمداوي والعلامة القاضي الشيخ نديم الساعدي) وباقي اعضاء المكتب وقد قامت العشائر والوجهاء بموقف مشرّف بالضغط على السلطات المعينة والاصرار على ذلك حتى تم الافراج عن (العلامة الشيخ حسين المحمداوي).
8 ـ وفي مدينة (الشعب ـ بغداد) منعت السلطات الصلاة وسيطرت على المسجد واعطته للوهابيين فثار غضب الناس وتحدوا السلطات واعادوا الصلاة فيه، واشتد الصراع حول التولي على المسجد الى ان وصل الامر الى مرافعة قضائية وبحمد الله ربحت الشيعة القضية، ولكن مديرية الاوقاف وضعت يدها عليه وعينت اماماً من قبلها، مما اثار غضب الناس من جديد وكان امام الجمعة المعيّن هو (العلامة الشيخ علي الكعبي) وتجمع الناس للصلاة ومنعت السلطات اقامتها إلاّ بالامام المعيّن من قبلها فقام (العلامة الشيخ علي الكعبي) معلناً امام الناس بأن هذا الشيخ موظف من قبل الدولة ولا تصح الصلاة خلفه فثار الناس واشتبكوا مع السلطات، واستشهد في تلك الواقعة عشرة شهداء ووقع عدد كبير من الجرحى، واعتقلوا مجاميع من المصلّين، فأمر سماحة الامام السيد محمد الصدر ـ دام ظله ـ بايقاف الصلاة هناك الى وقت آخر.
9 ـ في شهر شعبان امر سماحة الامام السيد محمد الصدر ـ دام ظله ـ (العلامة السيد علي الشوكي) باقامة الجمعة في حسينة (مدينة الشعب بغداد) فمنعته السلطات وغلقت ابواب الحسينية، فصلّى بالناس في الشارع لعدة اسابيع.
10 ـ وفي باقي المدن تقوم السلطات بقطع الطرق المؤدية الى صلوات الجمعة بتوزيع رجالاتها في الشوارع المؤدية الى المساجد، مع قطع الكهرباء، ولكن المصلّين يجلبون معهم المولدات الكهربائية ومكبرات الصوت المتنقلة ويقيمون صلاة الجمعة على الرغم من كل ذلك.
فنصر الله المؤمنين وحفظ سيدنا الامام الصدر ـ دام ظله ـ من كل سوء
(وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين)
جمع من علماء الحوزة العلمية
10 شوال 1419هـ
القسم الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
والذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا على المنكر صدق الله العلي العظيم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أيّها المؤمنون الكرام.
ان العالم الاسلامي يمر اليوم باحلك الظروف واشد الصعاب وذلك بتكالب دول الاستكبار العالمي عليه من جميع الجهات ولم يدخروا جهداً في سبيل اطفاء نور الله في ارضه ويأبى الله إلاّ ان يتم نوره ولو كره الكافرون، وما يحصل في ارض العراق الحبيب هو صورة واضحة المعالم الدنيئة عليه لاذلال هذا الشعب الحي واشغاله عن قضاياه المصيرية وذلك بالتجويع تارة وبتسليط الطغاة عليه تارة أخرى، وقد تصدى احد اعلام الاسلام (المرجع الديني الكبير الامام السيد محمد الصدر) ـ دام ظله ـ لمواجهة هذه المؤامرة وردّها على اعقابها وقد التف حوله شعبنا المظلوم رجالاً ونساءاً من كافة الطبقات، فسعى بهم هذا السيد الجليل الى الصدارة في الدفاع عن هذه الامة والذود عنها واعادة تاريخها المجيد بعد ان جثم الطغاة على صدرها لسنين طوال، وكان من عظيم انجاز سيدنا المعظم ان اوجد صلاة الجمعة في كل المدن والقرى والارياف من جنوب العراق الى شـماله، وقد عانى هو وخطباء الجُمع ما عانوا من المضايقة والتشديد وانتهاك الحرمة، بل واعتقال عدد كبير من ائمة الجمعة، وعلى الرغم من هذه الصعاب ابى السيد ـ حفظه الله ـ إلاّ أن تدوم صلاة الجمعة ولو كلّفه ذلك حياته الشريفة وفعلاً أستمد هذا العمل الرباني بمشيئة الله وحوله وقوته، وبعزم واصرار من قبل ملايين المؤمنين ممن نذروا انفسهم للحق والدين، وفي نفس الوقت انشأ الامام الصدر ـ دام ظله ـ المحكمة الشرعية الجعفرية في كافة المدن العراقية ورشّح لهذه المحكمة عدداً من الفضلاء كقضاة شرعيين في جميع المدن حتى يكون الاحتكام الى الشرع المقدس لا الى الطغاة وكانت معركة المحكمة الجعفرية في العراق على اشدها وقد دفعت الحوزة الشريفة الثمن باهضاً من اجل استمرارها والمحافظة عليها وفعلاً شاء الله جلّ اسمه ان يستمر هذا المشروع الرباني بعد ان ساور النفوس الشك في ذلك.
وفي الختام ندعوا المولى العزيز ان يحفظ سيّدنا الامام الصدر من كل كيد وسوء وان ينصر شعبنا المظلوم ويفرّج عنه هذه الغمة انه سميع مجيب.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
وهذان البيانان لا يخلوان من أخطاء وأشتباه في بعض المعلومات الواردة فيهما، إلا أنهما صدرا في وقت حرج وكانا يكفيان في دعم الامام الصدر فيما لو تجاوبت معهما الجهات المختلفة.
ولكن ذلك لم يحصل.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:39 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 23
ليلة الدم
قام النظام قبل حوالي ثلاثة أشهر من يوم الجريمة بتبديل أمين العاصمة في بغداد، وقد يكون هذا الأمر ليس بذي أهمية أبتداءً، ولكن حسب معلومات أكيدة تم تأكيدها أكثر بعد الاستشهاد أن هذا الرجل مهندس من أهالي تكريت، وقد قام بحملة ضد الباعة المتجولين، ونظف شوارع العاصمة منهم حسب تعبيرهم، وقام بأزالة الاكشاك المرخصة وغير المرخصة، وأعتنى بالحدائق والجزر الوسطية، وقد رأيت بنفسي في مدينة بغداد الجديدة حي المشتل أن الجزر الوسطية قد شكلوا فيها أشكال هندسية جميلة، ولكنها كانت على هيئة نجمة سداسيه كنجمة إسرائيل ـ فلفت الأمر نظري إذ مالذي يدعو النظام الى حملة ضد الناس، وهم في وضع الحصار الذي أنهكهم فلا يوجد عاقل يفعل مثل هذا الأمر، ولكني بعد ذلك، وحسب مصادر مطلعة علمت أن أزالة العربات والاكشاك من الأماكن المزدحمة جاء خشية من حدوث حرب شوارع فتستغل هذه العربات والاكشاك كسواتر أو تسد بها الشوارع.
وفي نفس الوقت تقريباً تأكدت من أحد العاملين في التصنيع العسكري، أن النظام أمر أحد المصانع الرئيسية في التصنيع، أن تهيء في اسرع وقت مائة وخمسين ألف تابوت. فشعرت حينها بوجود خطر أكيد على حياة الامام الصدر فأوصلت الخبر أليه عن طريق أحد الثقات.
وبعد ذلك أخذت الأحداث تتسارع، وتتأزم بشكل ملحوظ، فبالأضافة الى حدوث العديد من المصادمات بين أئمة ومصلي الجمعة من جهة وبين أجهزة النظام من جهة أخرى كما حدث في الناصرية، وكذلك في النعمانية، وقلعة سكر، والحي، والبصرة، وغيرها.
فقد تصاعد الموقف في الحوزة بشكل غريب فقد أعترت المتصدين وأتباعهم في المدارس حالة هستيرية غريبة، وقد وصل الأمر الى التضارب بالأحذيه في أحدى المدارس، وكانت تصريحات مكاتب السيستاني ومحمد سعيد الحكيم وغيرهما تشتد ضد الأمام الصدر وضد صلاة الجمعة.
وبعد مطالبة الامام الصدر بأطلاق سراح المعتقلين في الاسبوعين الأخيرين، شاع في كافة الأوساط أن رأس النظام قد أتصل بالأمام الشهيد، وأمره بسحب كلامه علانية، وأن يعلن في الجمعة الأخيرة عن إلغاء صلاة الجمعة، فرفض، وفي الجمعة الأخيرة الموافقة 3من شهر ذي القعدة 1419هـ والموافقة 19 / 2 / 1999م تم ايعاز الأوامر بتنفيذ الجريمة بعد الساعة التاسعة ليلاً.
والجدير بالذكر أن خطة الأغتيال كانت من تخطيط أحد ضباط مديرية الأمن العام وهو المدعو (حجي عزيز)، وهو مسؤول الشعبة الخامسة في المديرية وهي خاصة بشؤون الحوزة.
وفي صباح هذا اليوم كان المصور يرافق السيد بشكل لم يسبق حدوثه، فقد رافقه في صلاة الجمعة، وبعد ذلك الى المنزل، ثم الى ضريح امير المؤمنين(ع) حيث تم تصوير صلاة المغرب وبعد ذلك الى المكتب وعند خروج الأمام الصدر من المكتب وهو يريد الذهاب الى البيت، حيث وجود الكمين يروى أن المصور أراد أن يركب معه فمنعه وقال: الى هنا يكفي.
وكان الامام الصدر عندما أنتهى من صلاة الجمعة في هذا اليوم وخرج من المسجد، عندما وصل الى سلم الباب سقط على وجهه، فألتفت بشكل غريب وهو يبتسم وينظر في الفراغ تجاه المحراب.
بعد أن خرج(رض) من المكتب حوالي التاسعة ليلاً، ونزل من الدرجات التي تقابل باب القبلة فتحوا له باب السيارة فوقف يناجي امير المؤمنين(ع)، وكان قبل ذلك لا يفعل هذا بل يسلم على الأمام من فوق الدرجات ولا يطيل ثم ألتفت الى الطلبة وأبتسم على خلاف المعتاد(رض) وهزَّ رأسه وأطال الوقوف وكان نادراً ما يفعل ذلك.
ثم إلتفت قبل صعوده بأتجاه شارع الصادق(ع) وأخذ ينظر في الفراغ ثم ألتفت الى جهة صافي صفا وفعل مثل الاول، وكان السيد مصطفى قد صعد ونزل مرتين. وكان السائق السيد مؤمل.
ثم سارت سيارتهم بأتجاه ساحة (ثورة العشرين).
وقد تحدث أحد الطلبة أنه مر في سيارة ومعه بعض الركاب في نفس الشارع الذي حدثت فيه الجريمة، ولكن من الجهة المعاكسة فأستوقفتهم سيارة (أولدزموبيل) ونزل منها مسلحون فنظروا في داخل السيارة، ثم سمحوا لهم بالمرور، وبعد مسافة أستوقفتهم سيارة أخرى قد اعترضت الطريق، ومن نفس الموديل ففعلوا مثل الاول. فيكون الشارع الذي يرتقبون مرور سيارة السيد فيه قد طوق تماماً.
وهذا الشارع يقع بالقرب من دائرة البريد، وبقرب البريد تقع بناية الأوقاف، وبالقرب من هذه الأخيرة تقع (جامعة الصدر الدينية) الفرع الثاني (مدرسة البغدادي سابقاً).
وبعد أن تجاوزت سيارة الامام الصدر ساحة ثورة العشرين، ودخلت في هذا الشارع كان الكمين مستحكماً إذ أن الشارع كان مظلماً طيلة أيام السنة لعدم وجود مصابيح فيه، ويوجد في هذا الشارع بناية قديمة تخص دائرة الجوازات قد أستغلت لتكون غرفة العمليات، وأخفاء مجموعة من المسلحين للطواريء.
وعندما وصلت السيارة الى الكمين الأول خرج من الظلام أحد القناصين ووجه سلاحه الى السيد مؤمل (السائق) فأستدار بكل سرعة السيارة، ولكن الأطلاقة كانت أسرع فأصابت جبهة السيد مؤمل فأرتطمت السيارة بشجرة على الرصيف.
فأسرعت مجموعة الكمين الى السيارة، وأمطرتها بالرصاص، وكان السيد مصطفى جالساً خلف أبيه وعندما أُطلق الرصاص أرتمى عليه ليحميه من الرصاص، فقطعت أصابع كفه اليمنى وجزء من باقي الكف، وأصيب بأطلاقتين تحت الأضلاع. أما أصابات الامام الصدر فكانت واحدة في كتفه، وأخرى في فخذه، والقاتلة قد أخترقت جبهته، وخرجت من خلف رأسه ًويروى أن هذه الأطلاقة الأخيرة كانت في المستشفى.اي أن الامام الصدر كان حياً الى وقت نقله الى المستشفى، وكذلك كان السيد مصطفى أذ عندما دخل عليه الشيخ محمد النعماني شاهده حياً ولكن للحظات ثم فارق الحياة.
وكان في مكان الجريمة بالأضافة الى السيارتين سيارة مظللة وحسب أغلب المصادر أن قصي نجل الطاغية كان موجوداً فيها يراقب العملية بنفسه، وكذلك سيارة إسعاف، وحسب مصادر موثقة فأن أسماء الذين شاركوا في العملية قد تم كشفها، وهم من مدراء الأمن ومن كافة أنحاء العراق، ومنهم ًالمقدم سعد الذي كان مدير أمن صدام ثم انتقل الى مديرية أمن الناصرية وبعد مقتل مقدم فلاح مدير أمن صدام أعيد الى الثورة.
وكذلك مقدم ًطالب الفياضً الذي كان مدير أمن قضاء الحي، وقد نقل الى النجف قبل الحادث بحوالي شهر ونصف بمنصب معاون مدير النجف السياسي.
وكان من ضمن الموجودين نقيب طبيب وغيرهم.
وبعد مدة وجيزه تجمع عدد كبير من الطلبة أذ أن الخبر قد شاع بسرعة، وبما أن اليوم كان يوم المحافظة فقد كان أنتشار قوات الطوارىء في المحافظة أمراً معتاداً سنوياً، لذلك تم أختيار هذا اليوم لتكون ا لهدية التي تقدمها المحافظة في هذا اليوم هو رأس الامام الصدر.
ولم يسمحوا لأحد بالدخول إلا الشيخ النعماني كما أسلفت، وبعد منتصف الليل طلب الطلبة أن يدفنوا الأمام الصدر وولديه فرفضوا إلا أن يحضر أحد العلماء ليسلموهم، فذهب عدد من الطلبة الى السيد محمد كلانتر فأعتذر بأنه مريض لا يستطيع الخروج، فتوجهوا الى منزل السيد علي البغدادي فتعلل بأنه لا يستطيع أن يترك المنزل في هذا الوقت لأنه يخاف على أطفاله. فتوجهوا الى منزل السيد حسين بحر العلوم فأعتذر بأنه مريض ـ فذهبوا أخيراً الى مكتب ومنزل السيستاني فخرج الخادم وقال إن السيد نائم، فقالوا أيقظه وقل له إن السيد محمد الصدر قد قتل. فدخل ثم خرج، وقال إن السيد نائم ولا أستطيع إيقاظه، فألحوا عليه فدخل فمكث قليلاً وخرج قائلاً. إن السيد نائم فيأسوا.
ورجعوا الى المستشفى وفي حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل سلموا الشهداء الى الطلبة الموجودين فأتجهوا الى مغتسل ًبئر عليويً ليغسلوهم.
وقد وصف أحد اللذين كانوا في المغتسل أن السيدين مصطفى ومؤمل كان وضع أبدانهم كباقي الموتى أما الأمام الصدر فكان بدنه طرياً لم يتشنج وكان كالنائم(رض).
وكان مدير أمن النجف معهم في المغتسل فقال هازئاً: لماذا تغسلونه أليس شهيداً؟!.
وكانت المقبرة حينها قد أكتظت برجال أمن النظام.
وقد صلى على أجساد الشهداء الشيخ محمد اليعقوبي وتولى الدفن بعض أئمة الجمعة أحدهم الشيخ الشهيد علي الكعبي، وقد فقد ختمه الشريف وكذلك (العصا) التي كان يتوكأ عليها.
وهناك تفاصيل أخرى سوف تذكر في الوقت المناسب أذا بقيت الحياة وإذا لم تبق فهناك من سوف يكمل بأذن الله.
ما بعد الشهادة
كان يوم السبت الذي تلا جمعة الشهادة يوماً مظلماً ممطراً كليلته السابقة ويبدو ان نبأ الشهادة قد وصل الى بعض الاماكن في نفس الليلة ومع تأكد الخبر نهار السبت كان العراق في حالة اضطراب والأحساس بالضياع يعم الاجواء والرغبة في الانتقام كانت الهاجس الاول في الاذهان وهذا ما حصل ففي صباح يوم السبت احتشدت مجاميع من شباب بغداد في مسجد المحسن(ع) في مدينة (الصدر) الثورة وعندما تأكد الخبر عندهم خرجوا من المسجد وحصلت مصادمة مع جلاوزة النظام سقط على اثرها عدد من الشهداء وقتل كذلك عدد من المجرمين.
وكانت المحافظات جنوباً ووسطاً في حالة انتظار اللحظة المؤاتية للقيام بأنتفاضة جماهيرية وقد كان هذا الشعور موجوداً كذلك عند الجيش بضباطه وجنوده حسب معلوماتي الأكيدة.
وقد اوعز رأس النظام في اليوم التالي بنزع اسلحة ضباط الأمن الذين ينتمون الى اسر شيعية. وحدث خلال الاسبوع الاول بعد الشهادة عدة عمليات غير منظّمة وكل العمليات قام بها شباب غير منضمين الى أية جهة أو حزب أو حركة كما ادعى الكثير من المعارضة مسؤوليتهم عن تلك العمليات وانما كان يجتمع الثلاثة والاربعة ويحاولون الحصول على مبالغ بسيطة اما بتجميعها من عدة اطراف او ببيع سلعة من سلع البيت.
وذلك لشراء قطع من السلاح أو بأستخدام أموال الحقوق الشرعية لهذا الغرض وهذا ماحدث في كل المحافظات إلاّ اذا استثنينا انتفاضة البصرة التي كانت شبه منظّمة.
وحسب المعلومات الموثّقة فان اجهزة النظام منعت اقامة الفاتحة في النجف في أول يوم ولكنها عادت فسمحت بذلك في اليوم التالي وقد صدرت من المكتب وصيّة قيل انها وصية الامام الصدر(رض) وكان مضمونها: (عليكم بالهدوء والحفاظ على صلاة الجمعة والمذهب) وقد انتشرت بسرعة في كافة المحافظات وبعد ذلك تأكد لدينا انها لم تكن وصية للسيد(رض) بل مجموعة توصيات جمعت من كلماته وخطبه ولم تظهر الى الآن وصية خاصة منه(رض) وقد اقيمت صلاة الجمعة في معظم المناطق في الجمعة التالية وكانت الحالة السائدة هي انتظار المطلوب وقد كانت كلمات الخطباء مليئة بالشجاعة والايصاء بالصبر والحفاظ على المذهب بل وصل الأمر في بعض الاماكن بأتهام النظام بالجريمة بشكل مباشر وقال بعضهم ان دم الشهيد لن يضيع وقد كان جلاوزة النظام كمدراء الامن في المحافظات وامناء سر الحزب العفلقي يتخضعون للناس ولا يجيبون على بعض الكلمات التي تحتوي على طابع التهديد الواضح وكان اعضاء الحزب والأمن متخفين ولم يستطع احد منهم أن يبيت ليلة في منزله وحدثت حالات موت فجائي عند الكثير منهم بسبب الخوف وأغلقت الشعب والفرق الحزبية وصاروا يجتمعون في اماكن مجهولة.
وقد قتل العشرات منهم وبشكل علني في المدن ومع ذلك كان راس النظام في حالة خوف مستمر ولم يستطع حماية أحد من جلاوزته بل كان هدفه حماية نفسه فحسب، المهم ان ابناء الشعب العراقي كانوا متأهبين للانتفاضة وحسب معلوماتي الأكيدة فان العديد من قادة المعارضة داخل العراق قد اتفقوا مع الكثير من ابناء المحافظات حول مساعدتهم في الانتفاضة ولكن حدث ان بعض المناطق حينما ثارت وهاجمت مقرّات النظام تم خذلانهم بشكل تام وبعد ذلك اكتشفنا ان الامر كان مقصوداً وحسب الظاهر ان ا لهدف كان هو انه في حالة انتصار الشعب فان هؤلاء يأتون ليستلموا الامور بشكل مريح وفي حالة الفشل فانهم يتخلصون بذلك من عدو خطر وهو خط السيد محمد الصدر وقد اتضح ذلك بشكل علني في عدد من المحافظات بعد ذلك اذ قد احبطوا محاولات عديدة في الجنوب كانت على وشك الثورة وقد امتصّوا غضب الجماهير بالوعود الكاذبة وبعد ذلك اعلنوا عدم استعدادهم للدخول في هذا الامر بذرائع واهية من اهمها ان الولايات المتحدة الامريكية سوف تقوم بمهاجمة المعارضة والقضاء على المد الاسلامي ولو انهم طرحوا هذه الذريعة في بادىء الامر لسارت الامور بشكل آخر.. ولكن يريد الله سبحانه ان يبصر هذا الشعب بأن هؤلاء مجرّد طلاب مناصب وكانوا يقولون ويرددون بأن لنا سابق خبرة مع الشعب وانه سوف يخذلنا كما فعل سابقاً ولم يثبتوا الى الآن هذه الاسبقية فالانتفاضة الشعبانية قامت بالجماهير ولم يساعدهم احد إلاّ في بعض الاماكن التي اشعل المجاهدون فيها الانتفاضة وانسحبوا بعد ذلك وحسب الوعود التي ابدوها فأنهم قد اتفقوا مع الجماهير فقد ثارت عدة مدن ولكنها تركت عزلاء تواجه النظام الكافر فأين كانت المعارضة عن الكوت والبصرة وبعض مناطق الناصرية والسماوة وبغداد وهذا لا يعني ان افراد المجاهدين كلّهم كذلك بل كانت هناك فئات عديدة وهي الغالبية مستعدة للموت والشهادة ولكن القادة في الخارج اتخذوا سياسية المماطلة والسبب كما ذكرته آنفاً فان حركة الشهيد كانت خطراً على مستقبلهم السياسي وهي بالفعل كذلك اذ لا مكان بعد اليوم في العراق لعبيد الدنيا الانهزاميين فكانوا يسعون جاهدين للقضاء على هذه الحركة ووأدها حتى بعد الشهادة والتشكيك ما زال مستمراً حتى ساعة كتابة هذه الكلمات.
واستمر الحال على هذا المنوال وحالة الاضطراب على ماهي عليه الى ان حدثت انتفاضة مسجد الحكمة في الثورة اذ توجه آلالاف من الشباب الى هذا المسجد وقد كان الوضيع قصي نجل الطاغية متواجداً هناك حسب معلوماتي المؤكدة وحصلت المصادمة وسقط العديد من جلاوزة النظام اذ ان الكثير من الشباب كانوا مستعدين وقد اخفوا اسلحتهم كالبنادق والقنابل اليدوية وشهروها عندما استفزوهم وحدثت حالة استنفار قصوى في بغداد والمحافظات وفي هذه الليلة تمت مهاجمة الفرق الحزبية وبيوت العفالقة وقتل العديد منهم وقوات النظام مختفية من على الساحة وفي صباح اليوم التالي اعتقل المئات في بغداد وقبل حادثة مسجد الحكمة كانت مناسبة اربعينية الشهيد الصدر حيث توجهت الجماهير الى قبره الشريف وجددوا الولاء وهناك علت الاصوات بشكل صريح ضد النظام وكانت الوفود قد اقبلت من كافة المحافظات وفي الجنوب والوسط واحاطت بمرقده الطاهر رجالاً ونساء واما موقف الحوزة فقد كان لا يقل خزياً عما كان عليه في السابق فبالرغم من تصدي السيد حسين بحر العلوم للامر والتفاف الجماهير حوله وقد اصدر في باديء الامر فتاوى جريئة منها ضرورة المحافظة على صلاة الجمعة وحثه على زيارة الشهيد الصدر في اربعينيّته إلاّ انه عاد فتراجع عندما هدده احد المكاتب بقو لهم: اننا لم نعترف بمن هو اكبر منك فهل نعترف بك وكان هذا المكتب يساعد بحر العلوم بمبلغ شهري يوزعه على شكل رواتب للطلبة فهددوه بقطع المبلغ فتراجع بحر العلوم عن مواقفه السابقة وعاد الى سابق عهده(والمكتب الذي هدده هو مكتب السيستاني على لسان محمد رضا السيستاني وقال له إننا لم نعترف بمن هو أكبر منك فهل نعترف بك .
ولكنه صرّح بتصريحات مهمة تدل على مظلومية الشهيد الصدر(رض) وعلى جبن الآخرين منها: قيل له سيدنا إن الناس يسبونكم في الشوارع.
فقال: لهم الحق يريدون رجلاً كالصدر ولا نمتلك واحداً مثله.
وقد قام النظام خلال هذه الفترة بأغلاق مسجد الكوفة وملئه بمواد البناء وقد كانت هناك معلومات تؤكد ان النظام عنده خطة لتعمير مسجد الكوفة في حياة الامام الصدر وعندما تعرض للامر في خطبته المشهورة وان الامر مجرّد فكرة خبيثة ا لهدف منها منع صلاة الجمعة تراجع النظام وحسب معلومات مؤكدة ايضاً فان السيد علي السيستاني كان قد تبرّع بمبلغ طائل للدولة لغرض تعمير المسجد وا لهدف واضح.
ولكن عندما كشف السيد ا لصدر هذه المؤامرة تأجلت الى ما بعد الشهادة واستلم النظام المبلغ وبقي المسجد على حاله الى هذا اليوم.
اما مكاتب العلماء في النجف فقد اغلقت ولكن ليس حداداً أو احتجاجاً بل خوفاً من ردود فعل الجماهير نتيجة وقوف هذه المكاتب ضد الامام الصدر في حياته مع العلم ان العديد من هؤلاء لم يحضروا حتى للتعزية التي اُقيمت في مسجد (صافي صفا) وكان رد الفعل الجماهيري صريحاً تجاه هؤلاء فالسب والتنكيل بهم على قدم وساق وخصوصاً الثلاثي الذي وقف علانية ضد شهيدنا والمكوّن من (السيستاني ومحمد سعيد الحكيم والباكستاني) وقد جاءت مجاميع عديدة الى مكاتب هؤلاء وخصوصاً السيستاني وهاجموه بالكلام مرّة والشعر أخرى ومن اشهرها عندما وقفت مجموعة من شباب مدينة الثورة امام باب المكتب المغلق ونادوا بأعلى اصواتهم (اطلع اطلع ياسيستاني هذا فندق لو براني)... الخ(هذا وقد تزوج أحد ابناء آل الحكيم في اليوم السابع لشهادة الأمام الصدر.
شهداء على طريق الصدر
السيدان الشهيدان
للشهيد الصدر اربعة اولاد وقد استشهد معه اثنان منهم وهما السيد مصطفى الصدر والسيد مؤمّل وقد كان هاذان السيدان من اشد الناس اخلاصاً لوالدهما وطاعة ولم اعرف شخصياً من هو أقوى قلباً واشجع من السيد مصطفى الصدر بعد والده(رض) وله مواقف كثيرة بهذا الشأن كما سوف اذكر:
مصطفى الصدر
ولد السيد مصطفى الصدر سنة 1964م تزوج احدى بنات السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) وله أطفال منها اضطر الى الدخول في الجيش بعد ان رفض محمد تقي الخوئي تأجيله ( هذا وقد تزوج أحد ابناء آل الحكيم في اليوم السابع لشهادة الأمام الصدر.
وعاش الحياة الطبيعية التي يعيشها المستضعفون ورأى ما يراه طبيعي الناس على عكس غيره من ابناء العلماء ممن تربوا على الترف والميوعة.
كان السيد مصطفى موظفاً في المكتب ولم يعطه الامام الصدر صلاحيات مطلقة بل بقي الاشراف العام بيد الامام الصدر(رض)
كان السيد مصطفى يمثّل الامام الصدر في مناسبات عديدة في بعض المحافظات وقد ذهب مرّة الى البصرة لافتتاح حسينية (الغدير) في مدينة العشار وارسل الامام الصدر معه اثنين من موظفي المكتب وذلك بتاريخ 28ذي الحجة 1418هـ واثناء زيارته للبصرة تفقد مناطق صلاة الجمعة ثم ذهب الى زيارة مسجد امير المؤمنين(ع) ثم ذهب بعد ذلك الى العشار حيث افتتح الحسينية وكان هناك حفل افتتاح فصلّى السيد مصطفى صلاة المغرب ثم قدم امام الجماعة في الحسينية الشيخ(عبد الستار البهادلي) لصلاة العشاء وبعد الصلاة القى كلمة افتتاح هذه الحسينية وبعده تكلّم الشيخ (علي النعماني) وبعد انتهاء الحفل كانت الجموع قد اكتظت بها الشوارع فعندما اراد الخروج من الحسينية تجمع الناس حوله وخرج بصعوبة بالغة الى درجة انه لم يتمكن من رفع حذائه أو لبسه فخرج حافياً وصعد السيارة فلما ركب السيارة ارادت الجماهير حمل السيارة على الأيدي.
وقد قام النظام بهدم هذه الحسينية لان الجماهير كانت تزورها وتتجمع عندها وذلك بعد الشهادة.
وكان السيد مصطفى يصلّي في حضرة سيد الشهداء(ع) صلاة المغرب في ليلة الجمعة. وعندما وجبت صلاة الجمعة أمره والده(رض) بالصلاة اماماً للجمعة في كربلاء فبقي اماماً للجمعة حوالي أربعة اشهر.
كان يجلس في المكتب ويتصدّى للاجابة عن الاستفتاءات الشفوية وكان يناقش طلبة البحث الخارج بحذاقة.
وكما ذكرت فانه كان يمتلك من قوة القلب مالا يضاهيه فيها احد وتذكر له حوادث كثيرة تشهد بذلك منها:
عندما خرج السيد جعفر الى ايران حدثت ضجة في العراق فأتصل مدير أمن النجف بمكتب الامام الصدر وكلّمه السيد مصطفى: وطلب منه القدوم الى مديرية امن النجف.
فقال له: اذا اردت شيئاً فعليك انت المجيء وليس أنا.
فجاء مدير الأمن ودار الحوار التالي:
مدير الامن: سيد جعفر منذ اسبوعين غير موجود فأين ذهب؟
السيد(رحمه الله): ذهب الى ايران.
مدير الامن: ومن ارسله الى ايران؟
السيد(رحمه الله): السيد أرسله ـ ويقصد الامام الصدر(رض).
مدير الامن: خرج بطريقة رسمية أم لا؟
السيد(رحمه الله): بصورة غير رسمية ولكن شرعية.
مديرة الامن: كيف ومن أي طريق؟
السيد(رحمه الله): خرج بطريق أو بآخر.
مدير الامن: لماذا لم يخرج بطريقة قانونية؟
السيد(رحمه الله): كنتم ستمنعونه أكيداً.
مدير الامن: وما هي اسباب خروجه؟
السيد(رحمه الله): عدة اسباب منها مضايقة الدولة له ومنعه من صلاة الجماعة في مسجد الكوفة، ومنعه من الصلاة في أحد مساجد الكوفة، وانتم تصادمتم معه فتضايق من ذلك فرأى الامام الصدر ان الاولى خروجه.
مدير الامن: الا يسبب هذا خلاف بين الدولة وبين السيد؟
السيد(رحمه الله): فليكن ما يكون.
مدير الامن: من المفروض ان يكون عندنا علم مسبق لان السيد جعفر ليس شخصاً عادياً.
السيد(رحمه الله): اننا اذا أردنا التحرك لاي أمر فليس من الوارد أن نخبركم.
وبعد هذه الحادثة سأله احد الثقاة قائلاً: لماذا لم يذهبوا الى الامام الصدر يسألوه عن سيد جعفر؟
فاجاب السيد(رحمه الله): انهم يعلمون ان السيد سوف يطردهم وهم على أية حال يخافون منه ومن جوابه.
وبعد محاولة اغتيال السيد مؤمل جاء خبر أكيد ان هناك محاولة لاغتيال السيد مصطفى ومؤمل وذلك بعد الزيارة الشعبانية سنة1419هـ فجاءه أحد الوكلاء المعتمدين فأخبره بذلك فقال السيد مصطفى: فليكن.
وفي تلك الاوضاع المضطربة كان السيد مصطفى يوم الجمعة الذي وافق 14من شهر شعبان 1419هـ يتجول بين المصلّين خارج مسجد الكوفة حيث ان الشوارع قد امتلأت بالمصلّين فشاهد حدوث قيام لعدد من المصلّين الذين كانوا جالسين في احد الشوارع فجاء اليهم فسأل عن السبب فقيل له ان سيارة الطوارئ تريد المرور وكان عدد من الضباط يأمرون الناس بالتنحي عن الطريق فأمرهم السيد مصطفى بالجلوس فوراً وبغضب فجلسوا جميعاً وبعد برهة قال الآن قوموا( أراد(رض) أن يثبت طاعة الناس للحوزة وليس للنظام.
فقاموا ومرت سيارات الطوارئ، وفي اليوم التالي حيث ان مدينة النجف الاشرف كانت تضج بالزائرين كان(رحمه الله) جالساً على ما قلت في المكتب وكان الباب مغلقاً فجاء الخادم وقال: ان في الباب رجلاً يقول انه معاون مدير امن النجف ويريد مقابلتك فقال: فليدخل فدخل وهو المقدّم (سعد راضي) وبيده اوارق فسلم سلاماً حاراً على الجميع والتملق واضح على اسلوبه ثم جلس وقال: سيّدنا رأيت ما حدث في صلاة الجمعة.
السيد(رحمه الله): وماذا حدث؟ انتم لا تعرفون كيف تتصرفون بشكل جيد فمجرد ان سمعتم امريكا تقول ان هذا الرجل (الامام الصدر) يريد ان يقوم بثورة ذهلتم.
المعاون: سيدّنا الامر ليس بأيدينا وانما هي اوامر تأتي من الأعلى.
وعاد الضابط قائلاً سيدنا أرأيت ما حدث في صلاة الجمعة امس وهذه الجموع التي لم نشهد لها مثيل وفقدان السيطرة.
فقال(رحمه الله): بسبب تصرفكم وعدم مراعاة الناس الم تر ما حدث معي.
المعاون: سيدنا نحن اين وأنتم اين.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:41 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 24
ثم دار الحديث حول الزيارة الشعبانية فكان السيد يكرر بلا مبالاة: وماذا حدث؟ مالذي اطار صوابكم؟ وهل جننتم.
ثم قال الضابط: سيدنا سمعنا من مصادرنا الموثّقة ان هناك وفوداً سوف تقدم الى هنا لمبايعة الامام الصدر ويقومون بتظاهرة وهتافات تأييد للامام الصدر وقد بلغت من قبل القيادة بمتابعة هذا الامر والتقصي منه.
فقال(رحمه الله): أنت تقول هذه مصادرنا ونحن لا نعلم شيئاً عنها وحتى لو حدث حقاً ما قلت فنحن سوف نستقبل الناس ونحييهم ثم يذهبون الى بيوتهم فماذا سيحصل؟
فقال: سيّدنا هذا لو حدث فهو تظاهرة.
قال: قلت لك ان هذا الامر لا أصل له ولكن لو حدث فنحن نعرف كيف نتصرف ثم قام الضابط وخرج.
تعرض السيد مصطفى لهجوم كبير كأبيه بل ماهو اشد وذلك ان هناك من كان يشكك في الامام الصدر ولكنه كان يقطع بعدم نزاهة السيد مصطفى بل كان هناك ممن يعتبر من ضمن المؤيدين لمرجعية الامام الصدر إلاّ انه لم يتورع عن اولاده وعلى رأسهم هذا السيد المظلوم.
لم اعثر على شخص واحد طيلة ست سنوات قد تضرر بسببه إلاّ ان هناك امراً دعى هؤلاء الى عداءه وهو قوة قلبه وعدم مجاملته على حساب الحق ومرجعية ابيه(رض) ويكفي شاهد ما كان يكنّه الامام الصدر من احترام لابنه على الرغم من شدته ومحاسبته كل انسان مخطئ فقد كان من النادر أن يسمع الامام الصدر يسميه باسمه بل يكنيه بأبي احمد وقد روى احد الثقات قال ذهبت الى بيت الامام الصدر فلما جلست همّ (رض) بالقيام لاداء حق الضيافة فدخل السيد مصطفى وهو يحمل قدحين من الشاي فقال له الامام الصدر وقد رفع كلتا يديه مقابل وجهه الشريف عفواً سيدنا زاحمناكم... متفضلين.
وروى احد وكلاء الامام الصدر (رض) قال: كنت جالساً في مكتب الامام الصدر بجانب السيد مصطفى والسيد جعفر الصدر فجاء رجل اعرفه يبيع الشاي فقال للسيد مصطفى: السيد عصبي ويجب عليه ان يغير اخلاقه وإلاّ فسوف يخسرني.
فأجابه السيد مصطفى عذراً ان الامام الصدر لن يتأثر بخسارتك.
فقال الرجل: انت لا تساوي امامي جناح بعوضة فضحك السيد مصطفى.
مؤمل الصدر
اما السيد مؤمل الصدر(رحمه الله) من مواليد 1971م متزوج من احدى بنات السيد الشهيد محمد باقر الصدر وله منها أطفال.
مثّل الامام الصدر في بعض المناسبات مثل احتفال الناصرية بمناسبة مولد الامام الحسين(ع) وكان المرافق الدائم للامام الصدر وهو الذي يباشر بقضاء حوائجه ويقود سيارته باستمرار إلاّ في حالات نادرة وكانت مهمته الرئيسية بالاضافة الى ما سبق توزيع الرواتب على الطلبة وكان مجدّاً في عمله مثابراً لم أره هازلاً قط. وكانت هناك معلومات مؤكّدة عن محاولة لاغتياله وقد وصلت عن طريق بعض المتنفذين الذين لهم علاقة ببعض ضباط قصر الطاغية. وكان السيد مؤمّل قبل ذلك يدرس الدروس الحوزوية ولكن من دون عمامة فقام الامام الصدر بتعميمه وكان الغرض من ذلك انه في حال حصول الحادث فأنه يصبح قضية حوزوية وليس غير ذلك، وكان السيد مؤمّل في تلك الايام رابط الجأش مسلّماً لامر والده ولا يحتج طرفة عين عليه ولم يفكر احد منهم في تهريبه، وكان غرض النظام من قتل السيد مؤمّل توجيه ضربة للامام الصدر(رض) بعد ان وصلت صلاة الجمعة الى حدود لم يكن يتصوّرها القاصي والداني.
وفي الجمعة التالية قال الامام الصدر بعد الدعاء (ولدي… ولدي) وهي رسالة واضحة للجماهير اولاً وللنظام ثانياً بأن الامر قد كشف، فحدثت اعتقالات ونقل بعض الضباط الذين كانوا على علم بالأمر وتم الغاء العملية.
تولى السيد مؤمّل مسؤولية الاشراف على ائمة الجُمع في العراق فكان على مستوى هذه المهمة فقد كان يؤكد على عدم الخضوع لاجهزة النظام وعلى فعل المناسب او ما يراه امام الجمعة من المصلحة مما فيه عزّ للمذهب وفي يوم الشهادة كان(رحمه الله) هو السائق وبجانبه يجلس والده ووالد العراق والسيد مصطفى خلفهما في الساعة الأخيرة فصعدت روحاهما الطاهرتان مع ابيهما الى عليين ودفنا بجانبه كما كانا في الحياة بجانبه ولم يفارقاه فسلام الله عليهما اذ كانا نعم الولدان الباران المؤمنان الصابران.
الشهيد الشيخ محمد النعماني
هو محمد ناجي ياسر الشحماني المياحي ولد في مدينة النعمانية عام 1971م نشأ وسط أُسرة معروفة بمحافظتها ومن عشيرة معروفة بشجاعتها في محافظة الكوت.
بعد التحاقه بالنجف الاشرف في الحوزة ابتدأ العمل في مكتب السيد الشهيد الصدر سنة1416هـ وكان أول عمل له هو الاشراف على استلام الاستفتاءات حول المسائل الشرعية وغيرها، وكانت قبل ذلك تسلّم الى الامام الصدر مباشرة ونظراً لكثرتها اصبحت مهمة مستقلة وكان خير من يتحمّل هذه المسؤولية والتي تعد من المهام الحساسة نظراً لاطلاع صاحب هذه المسؤولية على الكثير من الخفايا والاسرار الشخصية والاجتماعية والسياسية فكان(رحمه الله) أهلاً لهذه المسؤولية.
كان وجهاً محبوباً من قبل الجميع في حوزة النجف وذا صدر رحب والابتسامة لا تفارق ثغره وفي احلك الظروف، وكان يحسن الظن بالجميع إلاّ اعداء الامام الصدر(رض).
توسعت مهامه في مكتب السيد وخارجه فكان يستنسخ الاستفتاءات المهمة الضرورية ويوزّعها على الوكلاء.
وكانت هناك العديد من الأوامر الخاصة من قبل السيد تصل عن طريقه وكان يتولى طباعة الكراسات والمنشورات التي لا يمكن طباعتها بصورة توافق عليها الدولة ومنها كراس ـ دفاع عن المرجعية ـ وحوار حول المرجعية وغيرهما.
ومن كلمات الأمام الشهيد بحقه: حبيبي انت تقضي تسعون بالمئة من وقتك في سبيلي.
تزوج العلوية كريمة السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) الصغرى في 18ذي الحجة1417هـ وكان الامام الصدر مشرفاً على زواجه وذهب بنفسه الشريفة الى البيت الذي استأجره الشيخ النعماني لكي يتم به الزواج.
اذ ان شهيدنا كان مهتماً برعاية اسرة استاذه وأخيه(قدس سرهما) الى ابعد الحدود. وكان شهيدنا قد قال كلمة للنعماني في الزواج: اما ان تكون اسعد الناس حظاً أو أسوأهم حظاً فأن اردت بهذا الزواج الآخرة فأنت اسعد الناس وان أردت به الدنيا نلتها ولكنك تكون اسوأ الناس.
كان كثيراً ما يسافر الى المحافظات لقضاء امور تتعلق بالمرجعية وكان خير ممثل عن الامام الصدر وله ارتباطات وثيقة وعلاقات واسعة في كافة انحاء جنوب العراق ووسطه وبالأخص في بغداد.
تعرض لمضايقات من قبل حبيب الخطيب اذ ان الشيخ النعماني مع رفيقيه النعمانيين كانوا قد سحبوا البساط من تحت اقدام هذا المجرم في مدينة النعمانية والتف شباب المدينة حو لهم فاتهمهم بالعمالة لايران فاضطروا الى المكوث فترة طويلة والاختفاء في النجف الاشرف.
ورافقته مرة الى مدينة الحي حيث توفي احد اقاربه فوجدت عشيرته تكن له حباً واحتراماً كبيرين وكان تأثيره واضحاً عليهم.
في رجب 1418هـ سافر بأمر من الامام الصدر الى الأمارات لغرض افتتاح مكتب وطباعة المؤلفات فمر برحلته هذه بالأردن وبقي فيها حوالي شهرين وكان خلال هذه الفترة الوجيزة يعمل ليلاً ونهاراً ويدعو لمرجعية شهيدنا وبشكل دؤوب في الاردن وبعد ان تم سفره الى الامارات واستقر نسبياً في امارة الفجيرة ومنها الى امارة دبي فقدم للسلطات طلب اقامة في هذا البلد ولكن الطلب رفض فحاول مرات عديدة ولكنه لم يستطع وبعد ذلك اكتشف ان هناك ايدي خفية وراء عدم السماح له بالاقامة اذ ان وكلاء الحوزة التقليدية كانوا قد رفعوا تقارير الى ما يسمى (بالاوقاف الجعفرية) وكان مضمون هذه التقارير ان هذا الشخص غريب ويعمل لصالح اجهزة المخابرات العراقية بل ثبت عنده ضلوع جماعة ممن يدعون التحرر الفكري في هذه القضية وقد اجتمعوا على مسألة واحدة وهي خطورة محمد الصدر عليهم جميعاً.
فقامت دائرة الاوقاف برفع الأمر الى (ادارة ا لهجرة) فقطعت الطريق على الشيخ(رحمه الله)
ومع ذلك فانه استمر على دعوته للامام الصدر ولم يثنه ما فعله الآخرون عن الاستمرار في الدعوة للامام الصدر. وكانت مؤلفات شهيدنا تصل عن طريق البواخر مهربة من البصرة الى الامارات.
التقى هناك بالسيد كمال الحيدري الذي كان يحمل الكثير من الاشكالات ضد شهيدنا من قبيل ان الدولة لماذا هي ساكتة الى الآن على محمد الصدر ولم تقتله وهناك بطبيعة الحال ادعاءه للولاية وتوجد على محمد الصدر اشكالات وشبهات كثيرة... الخ.
مكث في الامارات اكثر من ثلاثة اشهر ثم سافر الى لبنان فالتقى بالسيد محمد الغروي الذي يعتبر من دعاة السيستاني في لبنان واكثر الناس تهجماً على شهيدنا وكان اول كلام تفوه به: محمد الصدر عميل للدولة العراقية.
ولم يقتنع بأي كلام من قبل الشيخ وأصرّ على رأيه حتى بعدما استشهد الامام الصدر والى كتابة هذه السطور.
وحسب تقييم الشيخ النعماني(رحمه الله): فان الغروي قد تسلّم مبلغاً محترماً يستحق من أجله سحق محمد الصدر.
وكان الشيخ محمد مهدي شـمس الدين(رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان) لا يقل موقفه خزياً عن موقف الغروي ويروج الأباطيل ضد شهيدنا في لبنان.
كان الشيخ مقيماً في لبنان من خلال أحد العراقيين المخلصين للامام الصدر وهو علي الصبيح، الذي كان قائماً على خدمته طيلة تواجده في لبنان الى يوم السفر (يجدر الذكر (بأن) زوج رباب الصدر كان قد أستقبل الشيخ النعماني في باديء الأمر ولكنه كان حاقداً على الامام الشهيد لذلك طرد النعماني بعد يومين مما حدا به الى المبيت في أحدى الحسينيات الى حين لقاءه بعلي الصبيح..
بقي في لبنان حوالي شهر واحد. وعاد بعدها الى الوطن ماراً بالاردن بطبيعة الحال وعاد مرّة اخرى الى عمله ودعوته للامام الصدر الى يوم الاستشهاد فكان يتحرّق ولا يستقر له حال وقد جاءه احد ثقاتي في مجلس التعزية الذي أقيم في مسجد(صافي صفا) قال له: ماذا فعلتم؟ قال: وماذا تريد أن نفعل؟ قال الشيخ: هل ذهب دم السيد هدراً.
بعد الاحداث والاعمال الانتقاميّة التي قامت في انحاء العراق من قبل الجماهير الصدرية الثائرة ضد النظام اعتقل الشيخ النعماني وأجبر على القاء خطبتي صلاة الجمعة في مركز محافظة الكوت وذلك بعد اعتقال امام الجمعة هناك واتهامه بالمسؤولية عن الاحداث فأعلن الشيخ في الخطبة عدم مسؤولية الحوزة عن تلك الاعمال الانتقامية فعادوا به الى النجف واطلقوا سراحه فاختفى عن الانظار مدة من الزمن وكان في هذا الوقت يهيأ نفسه للخروج من العراق فكان الوسيط المدعو (أبو علاء) وكان من ضمن التنظيمات التابعة (لفيلق بدر) وهو من اهالي محافظة الكوت مكلّفاً بتهيأة طريق ا لهروب.
فاتصل هذا الرجل بمديرية الامن العامة وأبلغهم مادار بينه وبين الطرف الذي كلّفه الشيخ بهذه المهمة فأرسلوا معه اثنين من ضباط الامن الاول: هو المقدم عزيز النعيمي والثاني: الرائد علي.. وهما من منتسبي مديرية الامن العامة وقد اشرفا على التحقيق مع الشيخ بعد ذلك.
وكان هاذان قد التقيا بالشيخ في النجف بعد ذلك بصفتهما ادلاء للعبور الى شمال العراق.
في اليوم الاول من محرم 1420هـ صباحاً استقلوا سيارة كان فيها، السائق المقدم عزيز النعيمي وبجانبه الرائد علي وفي المقعد الخلفي كان يجلس الشيخ النعماني وزوجته العلوية وفي الطريق الى كركوك كانت هناك العديد من السيطرات إلاّ انها لم تتعرض لهم وفق اتفاق مسبق بينهم وفي اثناء الطريق كان الضابطان قد هيئا جهاز تسجيل وابتدأت المحاورة منذ الخروج من النجف فأدلى الشيخ خلال هذه المحاورة بتصريحات خطيرة وكانا قد اتخذا اسلوب الانفعال والتأثر لشهادة الامام الصدر وكان محور الحديث حول امور تكفي لاعدام الشيخ من دون حاجة الى تحقيق.
وعندما وصلوا الى كركوك توجهوا الى مديرية امن كركوك مباشرة فقاموا بتقييده وبات ليلته تلك في هذه المديرية وفي اليوم الثاني نقلوه الى مديرية الامن العامة في بغداد وبرفقته العلوية وحبسوه في زنزانة انفرادية تحمل رقم 3ـ والعلوية في الزنزانة المجاورة له رقم 2ـ وكان المحجران يشتملان على اجهزة تنصت وبقي على هذا الوضع خمسة عشر يوماً ولم يتعرضوا لهما بأي أذى لان التصريحات المسجلة لم تترك شيئاً للامن لكي يحققوا فيه باستثناء ما قاموا به من تعليق الشيخ مرتين في السقف ولكن من دون ضرب وبعد اكمال خمسة عشر يوماً سلّموا العلوية الى حسين الكظماوي (الصدر) فبقي اشهراً على هذه الحال وكان قد طلب من احد ضباط الأمن ان يأتيه بمصحف فكان يقرأ القرآن ويكثر من الصلاة وكان كثير البكاء وعندما سُئل عن سبب بكاءه قال: تذكرت كلمة قا لها الامام الصدر: هناك اشخاص خُلقوا من اجلي ومن ضمنهم جناب الشيخ... وأشار ألي.
وفي الشهر العاشر من عام 1999 تم اعدامه بالكرسي الكهربائي وسلموه الى عائلته وكان برفقتهم ضباط امن فأخذوه الى النجف الاشرف وبعد ان تمت زيارة امير المؤمنين عليه الصلاة والسلام كان هناك عدد كبير من الطلبة موجودين عنده وعند المقبرة أرادت اسرة الشيخ دفنه قرب الامام الصدر وولديه ولكن ضباط الامن رفضوا ذلك فدفن في مقبرة عائلته.
أول شهيد من ائمة الجمعة
في مدينة المعامل التي تعد من المناطق البائسة في بغداد حيث الخدمات سيئة للغاية فلا مياه للشرب متوفرة ولا الكهرباء منتظمة وكانت اغلب العوائل مهددة في اية ساعة بتهديم البيت والطرد الى الشوارع.
وكان سكان هذه المدينة من الطبقة الفقيرة وغالبيتها العظمى من الشيعة المستضعفين من جنوب العراق وكانت طرق هذه المدينة وعرة ولم تقم الدولة بتعبيد الطرق، هذا فضلاً عن الجهاز الحزبي البعثي الشرس فيها الذي كان يعد أنفاس الناس.
وقد اقيمت الجمعة في الاسابيع الأولى وكان امام الجمعة الشيخ الشهيد حسين السويعدي مواليد1971م من مدينة الثورة البطلة وكان السويعدي من شباب الحوزة المساندين بشدة لمرجعية الامام الصدر وكان يعد من الطلبة الكفوئين والمتدينين وكان ذا اخلاق عالية جداً يشهد بذلك المؤالف والمخالف.
ومن الحوادث التي تذكر انه كان يلقي درساً على مجموعة من الشباب في منطقة الفضيلية وفي احد الايام توفيت طفلته فقام وذهب الى درسه وترك اهله ليقوموا بتجهيز الطفلة ودفنها. وهذا مما يدل على تقواه والتزامه وبعد إقامته للجمعة بمدة أقل من شهرين اعتقل بسبب قيامه مع مجموعة من المؤمنين بقتل عدد من البعثيين وكانوا قد أخذوا الفتوى بذلك من الامام الصدر وفي المرافعة الاخيرة كان السيد مصطفى الصدر قد استدعي لكون الاتهام موجهاً الى الشيخ السويعدي بتهمة قتل البعثيين بفتوى واجازة من الامام الصدر فلما سأل القاضي هل أن الامام الصدر هو الذي افتى لكم بقتل البعثيين؟
قال الشهيد السعيد: كلا.
فحكم عليه بالأعدام فقام السيد مصطفى وسلّم عليه... وكان السويعدي حين القاء الحكم عليه مبتسماً وقد تأثر الامام الصدر بشهادته بشكل واضح وقد كفن في ثوب اهداه اليه شهيدنا الأعظم فكان السويعدي رائد ركب الشهداء(شهداء الجمعة) الذي لن ينقطع الى يوم الظهور المقدس.
كرامات الامام الصدر
اعطى الله لخاصة اوليائه من الكرامات ما يجعل اصحاب الايمان يزدادون ايماناً بعظمة وأهمية هؤلاء وكذلك فان هذه الكرامات تثقل الحمل على اولئك المعاندين الذين لا يتبعون الحق ويلهثون وراء شهواتهم وانما جعل الله عز وجل المعجزة أو الكرامة عزاً لصاحبها ولأتباعه وحجة على من سواهم وأنا اقطع بأن للامام الصدر شأناً لا يعلمه إلاّ الله ولا شك ان المستقبل سوف يظهر لنا الكثير من مختصات واهمية هذا العملاق وسأذكر نزراً يسيراً مما اسعفني به المولى جل وعلا من عظمة وجلالة قدر الامام الصدر المظلوم، وهذه الكرامات التي سأذكرها مثبتة وموثّقة وأكثرها مشهور في العراق وبين طلبة الحوزة والمقرّبين من شهيدنا (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
حديث الولادة:
شهيدنا كما قلت كان خارقاً للعادة في كل شيء حتى في ولادته وقصة ولادته معروفة مشهورة اذ بقي الأبوان لسنوات طوال يتأملان ان يرزقا بولد الى ان منّ الله عليهما بزيارة بيته الحرام فدعيا هناك فما ان عادا حتى رزقهما الله بخير مولود على وجه الارض بعد الامام المهدي(ع)
وكان عمل والدة السيد هاشم المخراقي توليد النساء وخصوصاً نساء العلماء فأشرفت على ولادة سيدنا فتروي، انه عندما رأى النور في اللحظات الأولى كان مغلّفاً بكيس طبيعي(وهذا معناه انه لم يتلوّث بدم) وبعد ان شقت الكيس اخذته ووضعته على ظهره فانقلب على وجهه فعادت فأرجعته على ظهره فقلب نفسه وتكرر الامر مرات ومعلوم ان الطفل في مثل هذا العمر عاجز عن ان ينقلب على احد جانبيه فضلاً عن وجهه أو ظهره. ولا شك ان شهيدنا أبى إلاّ ان يكون ساجداً لربه لحظة خروجه الى هذه الدنيا وهذه الرواية رويت من أكثر من مصدر من عائلته وغيرها.
* * *
كان شهيدنا اذا خرج من حرم أمير المؤمنين(ع) بعد اداء الصلاة فيه يقف ويستدير تجاه الضريح المطهر ويضع يده على صدره وينحني قليلاً مسلّماً على أمير المؤمنين(ع) وكان احد الطلبة يراقبه في احدى المرّات، فلاحظ ان السيد ابتسم اثناء سلامه على جده فسأله بعد ذلك عن سبب ابتسامته الملفتة للنظر فأجابه(رض) اذا قلت لك تصدّقني؟
قال: نعم سيدنا ان شاء الله.
فقال(رض): رأيت الملائكة تهبط لخدمة أمير المؤمنين(ع) فأحتقرت نفسي... لماذا لا أخدم أمير المؤمنين(ع)؟
* * *
وعن احد الطلبة الثقات قال كنت جالساً عند الامام الصدر في بيته في (الحنانة) واثناء الحديث دخل رجل يرتدي الزي العربي(الكوفية والعقال) وجلس، بعد ذلك شرع هذا الرجل بالتحدث عن تفاصيل خروج السيد جعفر الى ايران (ولم اكن اعلم بذلك) فقلت في نفسي.. لقد اوقعت نفسي في ورطة فياليتني لم احضر هذا اليوم اذ قد يظهر الخبر من غيري فيظن السيد بأني قد افشيت الامر فالتفت اليّ(رض) وقال: هذا رزق ساقه الله اليك.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:42 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 25
أرسل احد وكلاءه بمهمة خارج العراق وقال له سوف تذهب ولن اراك بعد الآن وسوف تتأذى كثيراً ولكن اصبر فسكت قليلاً ثم قال: اذن لن اراك بعد الآن. وسافر وكيله الى خارج العراق فاستشهد الامام الصدر(رض) بعد ذلك بمدة، واما هذا الوكيل فقد لقى من البلاء مالقي.
* * *
وعن احد الاخوة الثقات انه جاء زائراً لامير المؤمنين(ع) فزار ودعا للامام الصدر بطول العمر وبعد ذلك خرج وتوجه الى مكتبه(رض) فوجد في مكتبه ازدحاماً شديداً منعه من الدخول فوقف امام المكتب في الخارج حيث توجد مكتبة عامة لبيع الكتب وبعد برهة خرج الامام الصدر ويحيط به الناس من كل جانب فألتفت الي وقال: أسألك الدعاء لا تنساني في الدعاء.
* * *
يوجد عدد من الروايات في كتب الحديث أو كتب الادعية ان من كانت له حاجة من أمام العصر(عجل الله مخرجه الشريف) يريد قضاءها فليكتب حاجته على ورقة ويلقيها في الصحراء أو الأرض الخالية او في النهر فعمل بهذه الرواية عدد من الطلبة في النجف ووضعوا الاوراق في قناني وكان فيها أسئلة خاصة بالامام(ع) والقوا هذه القناني في الفرات وبعد ذلك بمدة من الزمن كانوا متواجدين في مكتب الامام الصدر فطلب منهم الشيخ محمد النعماني الحضور عنده وكان مسؤول الاستفتاءات فاعطاهم مجموعة استفتاءات فقالوا ولكننا لم نقدّم استفتاءات الى الامام الصدر!!
فقال: لا أدري هذه اسماءكم عليها، فأخذوها ووجودها نفس الاوراق التي القوها في الفرات وعليها خاتم الامام الصدر وتوقيعه فأمر الامام الصدر بعدم نشر هذه الحادثة بين الناس وبقيت سراً من الاسرار الكثيرة التي لم تعرف الى الآن.
* * *
كان اثنان من محافظة البصرة احدهما صديق لبشير الباكستاني وهو بائع للسمك في مدينة (العشار) والآخر صديقه، سافر الاثنان لزيارة امير المؤمنين(ع) في النجف الاشرف وبعد الزيارة توجها الى منزل بشير الباكستاني وباتا ليلتهما هناك وكان الثلاثة قد قضوا الليل بالحديث عن الأمام الصدر والسخرية منه وفي الصباح توجه الاثنان الى البصرة بسيارتهما وكانا يتحدثان كذلك عن السيد وثلبه والطعن فيه.. وعندما توسطوا الطريق بين الناصرية والبصرة حدث اصطدام مع احدى السيارات فتحطمت سيارتهما ونقلا الى المستشفى فكان احدهما مقطوع اللسان والآخر تهشمت اسنانه وفمه فزارهما عدد من الطلبة والوكلاء فأخبراهم بهذه الرواية وانهما قد اعلنا التوبة واعتذرا من الامام الصدر(رض).
* * *
يوجد في مكتب الامام الصدر موظف وهو احد الشيوخ المشهور بتدينه وطيبته يقول انه خرج يوماً الى مكتب الامام الصدر وعندما وصل من جهة شارع الصادق(ع) رأى الامام الصدر بهيئة رجل لابساً (كوفية وعقال) فبقي مبهوراً مستغرباً فحدّث الامام الصدر بهذه الحادثة فأجابه(رض) ألا تعلم ان روح المؤمن تتجوّل.
* * *
وعن احد الطلبة المعروفين والمجاهدين قال: رأيت ليلة في المنام كأني أُقبّل قدم الامام الصدر فلما كان اليوم التالي ذهبت الى مكتبه(رض) فرويت له هذه الرؤيا فقال: خير ان شاء الله وبعد دقائق نظرت الى قدمه ففكرت في أن أُقبّلها فلما حدثت نفسي بذلك نظر اليّ بحدة وقال بغضب: اياك ان تفعلها فبكى الشيخ.
* * *
كان المقرر بعد اعتقال امام جمعة الناصرية ان يبعث الامام الصدر مجموعة من الطلبة اليها لغرض اقامة الصلاة فحدثه احد ائمة الجمعة المعروفين بهذا الخصوص فقال: استخير فأخذ مسبحته وقبض قبضة ثم قال: ليست جيدة يظهر انها غداً سوف تمطر وبالفعل في يوم الجمعة مطرت من الصباح الى المساء وفي الناصرية فقط .
* * *
بعد الخطبة السادسة عشر التي ذكر فيها السدنة قام حيدر الكليدار مسؤول السدنة في حرم أمير المؤمنين(ع) بقطع التيار الكهربائي عن مكتب الامام الصدر وتحامل عليه ومنع ادخال الفراش بعد اقامة الصلاة في الحرم بعد المغرب فما ان انتهت الصلاة حتى جاءوا الى الكليدار ليخبروه بأن منزله احترق ومن دون معرفة السبب.
* * *
كان من ضمن طلبة جامعة النجف الدينية احد الطلبة قد اشتهر بكونه من اصحاب الباطن يقول كنت جالساً عند الامام الصدر فدخل رجل فأنكشف لي وجهه الحقيقي وكان مخزياً فقلت في نفسي ساعدك الله ياسيدنا.
فألتفت الي(رض) وقال وساعدك شيخنا.
* * *
عن احد المجاهدين الثقات قال: دخلت الى مكتب الامام الصدر في بداية تصديه للمرجعية ومعي احد الاصدقاء فسبقني صديقي في الدخول فلم يعره السيد اهتماماً وأشار اليّ بأن ضرب الفراش الذي بجانبه ثلاث مرات وفي كل مرّة يقول هنا فجلست بقربه.
وما ان انقضت الايام حتى تشبثت بشكل غريب بتقليده وحبه وأصبح صديقي من الحاقدين عليه ويسبه بشكل مقزز.
* * *
جاء اليه يوماً أحد الاشخاص وفي نيته ا لهروب الى ايران عبر الحدود فقال سيدنا خذلي استخارة فقال: اصبر وبعد قليل كرر عليه الطلب فقال(رض) اصبر وفي الثالثة قال له: هل تريد ان اقول لك انهم سوف يمسكون بك عند الحدود.. فبقي الرجل باهتاً لا يحير كلاماً.
* * *
جاء احد الطلبة يوماً برجل مسيحي يريد ان يعلن اسلامه فأخذه الى مكتب احد المتصدين فأعلن اسلامه هناك ثم جاء به الى مكتب الامام الصدر وقال له في الطريق لا تقل للامام الصدر بأنك قد اعلنت اسلامك عند فلان فلما دخلا قال المسيحي للامام الصدر: سيّدنا انا مسيحي وجئت لأعلن اسلامي بين يديك فقال(رض): كيف تسلم وأنا أرى نور الاسلام بين عينيك.
* * *
عن أحد الخواص قال تعرفت على الامام الصدر سنة 1988م وذلك انني من سكنة النجف وكان لي صديق متدين فجاءني الى البيت وكان مطارداً من قبل الامن فقال لي كلمة واحدة: اليوم يصلّي في حضرة أمير المؤمنين(ع) عالم من آل الصدر فلا تفوتنك الصلاة خلفه.
ثم ذهب وكنت اعرف غالبية علماء النجف ولم أكن اعرف الامام الصدر فجلست في مكان خارج الحرم فرأيت عدداً من المعممين يدخلون الواحد بعد الآخر الى ان جاء سيد عليه المهابة فقمت بشكل لا ارادي فسلّمت عليه وحاولت تقبيل يده فلم يسمح لي بذلك وكنت لا اعرف ان هذا الرجل هو الامام الصدر فدخل الى الحرم المطهر فدخلت خلفه وبعد ان زار جلس في مكان كان يجلس فيه ويصلي السيد محمد تقي الخلخالي(وكان هذا المكان يصلّي فيه الشيخ محمد رضا آل ياسين(قدس) وبعده الشيخ علم ا لهدى مرتضى آل ياسين(قدس) وبعده السيد محمد صادق الصدر(قدس) وبعد فرض العزلة على الأمام الصدر استغل المكان وصلّى فيه آخرون الى هذا اليوم المبارك) وذلك قبل صلاة الظهر وجلس خلفه السيد مقتدى الصدر وعمره اربعة عشر سنة والسيد مرتضى الصدر وعمره عشرون سنة وجلست بجانب السيد مقتدى الصدر وبعد فترة قصيرة التفت اليّ الامام الصدر ودقق الي النظر ثم عاد الى وضعه وحك يده اليسرى ثم التفت اليّ ودقق النظر ثم عاد الى حاله الأولى وحك يده اليمنى وفي المرّة الثالثة نظر اليّ مبتسماً وهزّ راسه ثم قام وصلى الفرضين وبعد اربعة ايام انضم الينا السيد الشهيد مؤمل محمد محمد صادق الصدر(قدس سرهم) ولم يكن معمماً وفي اليوم الخامس انقطع السيد مقتدى الصدر لسبب اجهله وانضم الينا اثنان من العوام أحدهم رجل كبير في السن فقال لي: أنت السيد يريد خاطرك وهو قد كتب عن الامام الحجة(ع) فأريد منك ان تطلبها منه لكي أقرأها.
فقلت: ان شاء الله فذهبت الى السيد وقلت له ما قال لي الرجل فقال: لا ولكنها سوف يأتي يوم تطبع فيه الموسوعة وتنشر.
وبعد انتهاء الصلاة خرجت الى مطعم كنا نمتلكه في الحويش تحت فندق الكرار مقابل باب القبلة وجلست على كرسي في داخل المطعم فرأيت في الخارج الامام الصدر مع ولده السيد مرتضى قد جاءا باتجاه المطعم وعندما رأيت انه قادم اليّ نهضت لتصوري أنه يريد الدخول الى المطعم فلما رأني قمت اليه غيّر من طريقه وابتعد بحيث لم اره فجلست في مكاني واذا به فوق راسي فعلمت انه بعد ما رآني اريد القيام له اتجه الى مكان بقربنا وجاء ملاصقاً للحائط حتى لا اراه وأقوم له.
فقلت له هنا هنا سيدنا اجلس في مكاني، فرآني مرتبكاً فقال مهلاً لا ترتبك فقلت سيّدنا لو شرفت عندنا في البيت لكان افضل فقال: لا، هنا افضل، وبعد ذلك رأيت والدي وهو يبكي فقال سيّدنا انت اليوم ضيفنا فقال له جزاك الله خيراً. وشاهدني وانا اعمل وأرش الملح على اللحم وكان الملح يتناثر على الارض فانتهرني وقال: لا تفعل هكذا فالملح من افضل نعم الله.
وبعد ذلك وضع يده على راسي وقال لوالدي: هذا ليس بولدك انه من اولادنا المخلصين أو المطيعين (الشك من الراوي) وبعد ذلك خرج وتوجه الى منزله.
وفي أحد الايام جاءني رجل الى المطعم وعرض عليّ مسألة شرعية فقلت له لنتوجه الى السيد محمد تقي خلخالي... وذلك قبل تواجد الامام الصدر في الحرم فأجابنا السيد خلخالي على المسألة.
وبعد سنة من هذا التاريخ سألت الامام الصدر عن نفس المسألة فقال لي بحدة: حبيبي لديك الجواب قبل عام فتعجبت من اين عرف ولكن انقضى العجب بعد نهضته الشريفة.
وفي أحد الايام بعد صلاة العشاء وذلك قبل الانتفاضة بثلاثة ايام وكان الوضع في العراق مضطرباً اردت الالتحاق الى الجيش فقلت له سيدنا اريد استخارة. وكنت قد اضمرت في نفسي ان الاستخارة اذا كانت جيدة فسوف التحق وإلاّ فلن التحق... فقال لي: تريد الاستخارة بالقرآن أو بالسبحة، فقلت: بالسبحة سيدنا. فأخذ قبضة بالسبحة فقرب وجهه الشريف من وجهي وقال: لا تروح. فغيرت من نيتي في ان تغيب يومين ثم التحق فقلت سيدنا اريد استخارة مرى أخرى فقال من دون ان يمس مسبحته ـ لا تروح لا تروح فنويت أن اتغيب ثلاثة ايام وطلبت استخارة أخرى فقال مباشرة ـ لا تروح لا تروح لا تروح وبعد ثلاثة أيام تفجرت الانتفاضة الشعبانية وبعدها علمت ان وحدتي العسكرية قد دمرت تماماً في الانتفاضة في شـمال العراق.
* * *
كان احد الطلبة الذي اصبح قاضياً في محكمة النجف الحوزوية معادياً للامام الصدر ولكنه تاب عن هذ الأمر فاراد اعلان التوبة امام الامام الصدر ولم يعلم به احد فدخل الى مكتبه (رض) وما ان رآه الامام الصدر حتى قال: جاء الشيخ فلان تائباً.
* * *
وعن احد الثقات من طلبة النجف قال: كنت واقفاً مع عدد من الطلبة خارج مسجد الرأس بأنتظار خروج الامام الصدر منه حيث كان يلقي احد الدروس وكان هناك جمع من مقلّديه ينتظرونه فخرج (رض) ولم يسلّم على احد... فقلت في نفسي لماذا لم يسلّم على الناس سوف يقولون ويتقولون ونحتار في الرد عليهم... فلما صار قريباً منّي التفت الي وقال: السلام عليكم.
* * *
قام احد وكلاء الامام الصدر بأعداد وليمة ودعاه اليها مع عدد من موظفي المكتب وبعض العوام الذين جاءوا مع الوكيل وبعد أن انتهوا من الأكل قاموا ليغتسلوا وقام الامام الصدر ومشى قليلاً ثم التفت والغضب ظاهر في وجهه وهو ينظر بحدّة الى احد العوام الحضور وبعد ذلك لم يتجرأ احد ان يسأل السيد عن السبب فسألوا ذلك الرجل عن حاله فقال: لما قام الامام الصدر قلت في نفسي لماذا لم يقرأ السيد سورة الفاتحة وهو امر معتاد بعد كل وجبة طعام، فألتفت اليّ حينها ونظر إليّ بتلك النظرة.
* * *
وعن احد الطلبة الثقات قال: دخلت حرم أمير المؤمنين(ع) فوجدت الامام الصدر جالساً وذلك قبل صلاة المغرب فقلت له: سيّدنا أسالكم الدعاء فمسكني من يدي وقال: لخير الدنيا أو لخير الآخرة.
فقلت: فيه شيء من خير الدنيا وشيء من خير الآخرة.
فقال: واذا قلت لك ان بلاء الدنيا هو خير الآخرة.
فلم أعرف ما اقول فقال(رض) اذن نسأل الله سبحانه ان يزيد علينا بلاء الدنيا لننتفع في الآخرة فما اتت عليّ مدة حتى أعتقلت لحادثة مسجد الرشاد في الثورة وبقيت في السجن اكثر من سنتين.
* * *
اعتقلت اجهزة الامن احد موظفي المكتب وحوّلوه الى مديرية الامن العامة فى بغداد فآذوه وأهانوه كثيراً، وبعد ثلاثة ايام حدثت ضجة وارتباك في المديرية يقول فأخرجوني وأخذوني الى معاون مدير الأمن فأعتذر منّي وقال ان الأمر كان خطأ ثم اطلقوني.
وبعد ذلك ذهبت الى النجف وما ان رآني الامام الصدر حتى مدّ يده الى صدري ودفعني الى احد الغرف وقال ابتداءاً: ألا تعلم ان قلوب الظالمين بأيدينا نقلبها كيف نشاء.
متفرقات
هذه مجموعة من الاحداث والتصريحات التي استدرك بها ما قد يكون فات في محلّه ولعلّي اضعها في محلّها المناسب إن بقيّت الحياة بعد طباعة هذا الكتاب في طبعة أخرى.
يروي لي أحد الوكلاء قال كنّا جالسين يوماً عند الامام الصدر سنة 1993م في الغرفة الصغيرة التي كان يستقبل بها الزائرين فجلس رجل مقابل الامام الصدر وقال له: سيّدنا: عرف لي الشرك تعريفاً يفهمه العالم والجاهل.
فقبض(رض) على لحيته وأطرق قليلاً ثم قال: كل ما تقع عليه عيناك فهو من الشرك حتى محمد الصدر.
فقال الرجل: سيّدنا انا اردت تعريفاً يعرفه العالم والجاهل وهذا التعريف حتى العالم لا يعرفه.
فقال(رض): اسمع، كل شي يتعلّق به قلبك غير الله فهو شرك حتى لو كان محمد الصدر.
قال الراوي: ثم خرجت أنا والشيخ محسن الحسناوي والشيخ ماجد الكرعاوي وتوجهنا الى مكتب بشير الباكستاني فقال له الحسناوي ما تقول في ان الشرك هو كذا وكذا وروى له ما سمع من الامام الصدر من دون ان يذكر اسم السيد: فقال بشير: ماهذا الكلام ان هذا ليس بصحيح، فجادله الحسناوي وعلت اصواتهما فخرجنا فقال الحسناوي ان الباكستاني لا يفهم شيئاً.
* * *
عندما صدر استفتاء بعدم ثبوت وجود ذرية للعباس بن أمير المؤمنين(عليهم السلام) وان المرقد الذي يزوره الكثير من الناس في المحاويل هو مرقد (علي بن الحسين) المنتسب الى سيّدنا العباس(ع) حدثت ردود افعال كثيرة ومتفاوتة ومختلفة وكان ا لهدف الملاحظ من الاعلام المكثّف لزيارة هذا المرقد الموهوم هو صرف الناس عن زيارة سيد الشهداء(ع) ليلة الجمعة اذ ان الكثير من الناس يتوجهون الى هذا المرقد في ليلة الجمعة وعندما صدر استفتاء من الامام الصدر بهذا الخصوص قلّ الزوار فذهبت يوماً مع الشيخ محمد كاظم الناصري والشيخ هادي من أهالي الحمزة في الديوانية الى مكتب السيستاني فعرض المسألة على السيستاني وقال: سيدنا ما تقولون في علي بن الحسين وهل هو ثابت النسب فرفع السيستاني يده وقال: أنا لم احقق في المسألة ولو حققت لتوصلت الى الحقيقة ولكن راجع كتاب المراقد.
وبعد هذا الجواب تناقشنا في المسألة وذلك ان كتاب المراقد ليس كتاباً متخصصاً في الأنساب بل هو مجرّد كتاب جمعي ا لهدف منه الاحاطة بالمراقد الموجودة في العالم الاسلامي.
والجهة الأخرى التي اشكلنا فيها على السيستاني هي ان السيستاني مادام لم يحقق فكيف يحيل الى الغير مما هو ليس محلاً للكلام، وحسب الظاهر ان استفتاء الامام الصدر قد وصل اليهم والمهم في ذلك الوقت هو تكذيب محمد الصدر لا أكثر.
* * *
أراد احد الطلبة مبلغاً من المال لاجراء عملية جراحية فطلب من السيد استخارة فكانت حسنة فقال: سيّدنا احتاج مبلغ لاجراء عملية جراحية.
فقال له بغضب: أهذه تستوجب استخارة؟! وصرف له المبلغ.
* * *
جيء له بشريط تسجيل فيه كلمة لمحمد باقر الحكيم يقول ما مضمونه: لم نشهد في تاريخ التشيع ان احد المراجع يمنع المسير الى كربلاء ولكن النظام استطاع عن طريق عملاءه في الحوزة ان يمنع الزيارة الى الحسين(ع).
فقال(رض) عجيب عجيب إلاّ يوجد ورع؟ إلاّ يعطوني مجال؟ لماذا هذا الاستعجال؟ ثم التفت الى هذا الطالب وقال: حبيبي هذا عميل.
* * *
جاءه رجل وطلب مساعدة فصرف له مبلغ ثلاثة آلاف دينار فعاد اليه وقال سيدنا اريد مساعدة وهو يغمزه بيده فكرر ذلك فضحك السيد وقال: ابتلي رسول الله(ص) بمثل هذا الرجل فقال لعلي(ع) يا علي قم واقطع لسانه من اين آتي بعلي لكي يقطع لسانك. ثم صرف له مبلغاً آخر. وكان(رض) يعني بقطع لسانه بالعطاء ليس الاّ.
* * *
كان هناك تنظيم سري باسم(ثار الله) ينسب نفسه للامام الصدر فسئل عن ذلك فقال: نعم اعطيتهم اذناً ولكني لست قائداً لهم واذا صرّحوا باسمي فلن آذن لهم مرّة أخرى.
* * *
دخل عليه احد الطلبة الذين نجحوا في اختبار القبول في الحوزة وكان شاباً في مقتبل العمر وبيده عمامته ينتظر من الامام الصدر ان يعممه تبركاً. وكان بقرب شهيدنا قد جلس احد خطباء بغداد المشهورين فقال هذا الخطيب للشاب: هل ترى ان الحوزة سوف تفلح بك؟ فسمعه شهيدنا فأعتدل في جلسته وقال: نعم تفلح به. فهل افلحت بك قبل ذلك.
* * *
وكان(رض) يؤكّد على بناء النفس وتقويمها وقد قال في يوم ما:
يقول الناس نعوذ بالله من الفتن، وهذا ليس صحيحاً بل قولوا نعوذ بالله من سوء الفتن ماظهر منها وما بطن، فالانسان في كلامه فتنة، ومأكله فتنة، وكلّه فتنة واستلام الحقوق فتنة، وأنا اضمن لكم اذا ربيتم انفسكم فأنكم خلال خمس سنوات سوف تصبحون من فضلاء الحوزة.
* * *
وقال له احدهم سيدي رقبتي أمامك وفداء لك... فقال: كلا ولكن للدين.
* * *
عرض عليه ان يأتوه بدرع واقي من الرصاص فرفض رفضاً قاطعاً وقال: وانه لن يصيبني إلاّ ما كتب الله لي وان الذي حفظني كل هذا العمر قادر على ان يحفظني الى اي مدى شاء.
* * *
وكان لا يتختّم إلاّ في مرّة واحدة كان الغرض منها حسب الظاهر انه يرى في التختم استحباباً شرعياً وبعد ذلك لم اشاهده الى يوم استشهاده يتختم وكذلك لا يحمل مسبحته امام احد مطلقاً إلاّ لغرض الاستخارة وكان يعقب بعد الصلاة بأصابع يديه.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:43 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 26
وفي احدى المناسبات أقامت الجامعة التي يديرها السيد كلانتر(رض) تعزية فحضر الامام الشهيد الى هذه المناسبة وكان من ضمن الجالسين السيد علي السيستاني، قام الجميع باستثناء السيستاني، وبعد برهة قام الامام الشهيد ليخرج واتجه نحو السيستاني الذي لم يتحرّك من مكانه فمد الامام الشهيد يده اليه يصافحه فمد السيستاني يده بتثاقل وهو جالس.
* * *
وفي يوم عندما كان ذاهباً للصلاة في الحضرة عند الغروب وعندما وصل الى(الكيشوانية) كان الاذان قد وصل الى قوله (حي على الصلاة) وفي هذه الاثناء خرج شاب من الحضرة فاوقفه(رض) وقال: حبيبي الى اين؟ ألا تسمع الاذان يقول حي على الصلاة فأعتذر الشاب ورجع لاداء الصلاة.
* * *
كان السدنة الموجودون في الحضرة العلوية يهربون من امامه لانه كان يوبخهم وخصوصاً بعد ان صرّح عن فسقهم وتجاوزاتهم في احدى خطب صلاة الجمعة وقد كانت هذه الخطبة بمثابة القنبلة في سماء النجف.
وقد حاول احد السدنة ان يتقرّب له وذلك بأن تناول مداس شهيدنا ليضعه امامه قال له(رض) يا هذا لا تلمس المداس اني اكرهك.
* * *
كان(رض) يقول: ان مرجعيتي شعبية وذلك في صدد الجواب على سؤال ان سماحة السيد يتكلّم ويتصرف بصورة تخالف المألوف عند العلماء.
* * *
حاول شهيدنا شراء بناية كلية الفقه في النجف الاشرف حيث عرضت بالمزاد وذلك لأعادة الحياة اليها ولكن المبلغ كان مرتفعاً فلم يستطع شراءها لقلة المال المتوفر لديه.
* * *
قال له احد المؤمنين سيدنا بالامكان ان اجلب لك علاجاً من الخارج لهذا المرض فقال: انه لا يعيقني عن عبادة أو كتابة وأنا احب ان القى الله على هذه الحال.
* * *
وسأله احدهم ان يدعو له لمرض كان به فقال(رض): هل ان المرض رحمة.. فأجاب: نعم قال: فاذا كان رحمة فكيف تسألني ان ادعو لك.
* * *
وعندما يأتي للحضرة العلوية كان يأتيه كثير من الناس ويقولون سيّدنا نسألك الدعاء فيجيب كيف تسألوني الدعاء وانتم قرب أمير المؤمنين(ع).
* * *
زار(رض) يوماً احدى المدارس وعندما خرج فقد مداسه فرفض ان يأخذ من الطلبة فسار حافياً الى سيارته ولكن الطلبة وجدوا مداسه فأتوه به.
* * *
وكان اذا جلس الى مائدة الطعام لا يأكل اكثر من نوع او نوعين وكان يترك الذّ الطعام ويأكل الاردأ. اذ كان يجلب من السوق لعياله ما يأكلون ويجلس معهم إلاّ انه كان يأكل اللبن والخبز مثلاً فقط جهاداً للنفس.
* * *
قال الشيخ حسين المحمداوي إمام جمعة العمارة سيدنا آل الحكيم يقولون ان كتاب ما وراء الفقه ليس من تأليف الصدر بل هو تأليف السيد محمد باقر الصدر.
فقال: حبيبي أنعم وأكرم بآل الحكيم.
* * *
وعن الشيخ قال في أحدى الجُمع في الكوفة وبعد انتهاء الصلاة عندما خرج الامام الصدر من المسجد أخذ احد الشباب يهتف بأسم الامام الصدر فأحاط به عدد من جلاوزة النظام وامسكوه فرآهم الامام الصدر فجاء اليهم ودفعهم عنه ومسكه من يده وقال:
حبيبي مليونين ما يخلصونك( ). ودفعه بين الحشود بعيداً عن أعين الأمن.
* * *
ارسلت السلطة القارىء المعروف علاء الدين القيسي الى الامام الصدر وعندما دخل عليه قال سيدنا تعرف ان الدولة وضعها مربك هذه الايام ونريد منك تحريم صور الأئمة التي تباع في الاسواق فقال له: ليس هناك دليل على الحرمة.
فقال: ولكن سيدنا هذه الصور فيها ما فيها ونحن نحتاج الى التحريم.
فأنتهره شهيدنا وقال: من اين أاتي لك بالحرمة من جيب الصفحة( ).
ثم حان وقت الصلاة فقام وخرج. وحسب الظاهر ان الدولة ارادت جس نبض الامام الصدر والا فلا قيمة للصور ولا تأثير لها عند الدولة ولكن أرادت أن تثبت ان الصدر معها ولو بمثل هذه الفتوى فلم تفلح.
والمهم ان علاء الدين القيسي قد سجنه النظام بعد ذلك اذ اختلس الملايين من المبالغ التي خصصت للحج سنة 1419هـ.
* * *
جلس عنده احد ائمة الجمعة وقال باكياً: سيدنا اسال الله ان لا يحرمنا منك.
فقال(رض): اذا اراد الله ابقاء المذهب فسوف يبقيني واذا لم يرد فمحمد الصدر الى القير.
* * *
قال له عدد من الطلبة اذا حدث لك حادث فانا سوف نترك الدرس والحوزة فقال: هذا ليس صحيحاً بل اني عندها سوف اذهب الى ربي وأنتم تبقون لقيادة المجتمع.
* * *
وقد كان يأتي اليه الكثير من الناس ممن وقعوا به وسبوه فكان يجيبيهم: انتم بريئوا الذمة وانتم مثابون امام الله لانكم انما تسبّون سيد محمد الصدر لأنه حسب ظنكم عميل (موخوش آدمي) ولكن انصح الجميع بالتريث والتفحص عن حال اي انسان قبل الوقوع به.
* * *
ودخل عليه احدهم وقال بأعلى صوته: يا محمد الصدر ان تريد إلاّ ان تكون جباراً في الارض.. فلم يجبه(رض) وقام أليه أحد أئمة الجمعة وأخرجه من المكتب بهدوء.
* * *
وجاء احدهم وسبه سباً شديداً فنظر اليه مبتسماً ولم يقل شيئاً بل التفت الى مَن بجانبه ليرى حاجته.
* * *
وعندما حرّم القاء النقود في الاضرحة المطهرة شاهد احدهم وهو يهم بالقاء مبلغ في الشباك فمسكه من يده وقال: لا تفعل هذا حرام. فهمّ مرّة اخرى بالقاءها فقال: ان فعلت فلعنة الله عليك.
* * *
عن السيد الحائري قال قلت للامام الصدر يوماً: هل اكلت الكبّني فقال وما هو الكبّني فقلت: هي اكلة لبنانية يؤتى باللحم ويستخرج منه العصب ثم يدق ويجمع على شكل كريات ويعلّق في ا لهواء فتجففه الشمس فيؤكل فأجاب الامام الصدر: حبيبي أنا لا آكل اللحم المطبوخ فكيف بالني.
* * *
ذكر احد الطلبة: انه رأى الامام الصدر في المنام فقال له: سيّدنا لقد قلدتك فقال: الآن قد طهر جسدك. فحدّث بها الامام الصدر فقال(رض):وأنا أقول أنك الآن فعلاً قد طهرت.
* * *
ذكر احدهم عنده تقليد سماحته فقال(رض):حبيبي ان تقليدي صعب وان مقلديي لهم نور من الله.
* * *
كان(رض) عندما يدخل الى مسجد الكوفة لاقامة صلاة الجمعة يمشي الى احد زوايا المسجد ويلقي عصاه جانباً ثم يتوجه الى محراب أمير المؤمنين(ع) فينظر داخل المحراب بشكل غريب ثم ينحني فيأخذ تربتين وهو لا يزيل نظره عن داخل المحراب ثم يتقدم خطوات فيكون قريباً من المحراب ثم يتراجع القهقهري ونظره ثابت. الى نفس النقطة ويكرر عملية التقدم والتأخر لمرات عديدة. ولم يعرف الى الآن السر في ذلك.
* * *
عن احد ائمة الجمعة قال دخلت انا واحد الطلبة الى الحرم المطهر فقال له أحدنا سيّدنا كيف خرجت للصلاة في الحرم.
فقال(رض): احدى بناتنا رأت في الرؤيا كأني اصلّي في الحضرة وورائي الكثير من فرش المصلّين ولا يوجد احد فعلمت منذ تلك اللحظة بأنكم ستأتون وتصلّون خلفي.
* * *
اعتقل احد وكلاء الامام الصدر فأتهموه بأنه عميل لإيران وله علاقة مع محمد باقر الحكيم فأطلقوه بعد ذلك فراجع الامام الصدر وأخبره بهذه الاتهامات فقال له (رض) عجيب يتهمون الناس به وهو معهم
* * *
بعد اول صلاة جمعة أقيمت في العراق اجتمعت به مجموعة من موظفي المكتب فقالوا له:
سيدنا نحن نخاف عليك من الدولة. فروى لهم(رض) رواية عن الامام العسكري(ع) حول الرجل الذي اعطوه درة تخص زوجة أحد الظلمة فأنكسرت نصفين فخاف من السلطان فطمأنه الامام(ع) وحل مسألته فرجع الى الامام(ع) فقال له: ألا تعلم ان قلوب الظالمين بأيدينا.. ثم قال(رض) لا زالت بأيدينا، لازالت بأيدينا، لازالت بأيدينا.
* * *
وعن احد الثقات: سيدنا تذكرون في كتابكم ملامح واوصاف الامام(عج) أفلا يعد هذا الامر مساعدة للغرب في كشف شخصيته(ع) اليس في هذا نوع من الاثم فأجاب(رض) حبيبي انا سابقاً كنت أقول أو (عندي) هذا الرأي اما الآن فأنا قد تأكدت بان الامام الحجة يستطيع ان يغيّر شكله وملامح وجهه وقال: حتى لو عرفوا شكله فأن الله يحفظه.
* * *
جاء محمد رضا السيستاني الى الامام الشهيد وطرح عليه مسألة وهي اذا كان في رحم امرأة واحدة اكثر من نطفة فهل نستطيع ان نلحقه بأبيه عن طريق الاساليب الحديثة من خلال الجينات الوراثية فأجابه السيد: كلا بل تتمسك بدليل القرعة. ثم قام وخرج فقال(رض): محمد رضا السيستاني منطيق وقد كان محمد تقي الخوئي منطيقاً كذلك.
فقال أحد الطلبة الجالسين: سيدنا ان أخاه محمد باقر السيستاني يفهم اكثر منه فأجابه(رض): أنا لم أقل يفهم ولكن قلت منطيقاً.
* * *
وقد جاء بعد هذه الحادثة كل من علي السيستاني ورضيّ المرعشي ومحمد رضا السيستاني وقد وافق ذلك في رمضان 1417هـ فقال(رض) موجهاً كلامه الى السيستاني: ما تقول في ثلاثة مياه في رحم امرأة واحدة فأجاب السيستاني نعمل بالقرعة. فقال(رض) احسنت ولكن ولدك يقول ان هناك اجهزة حديثة يمكن ان تشخص من خلالها والد ذلك الجنين.
ثم قال(رض) البعض يتهمني بأني اريد ان احجم من قراءة القرآن وذلك بسبب فتواي بالاحتياط الوجوبي فاجاب السيستاني: ولكني ارى الاحتياط استحبابي فقال(رض) كلا بل هو وجوبي. عندها تصدى المرعشي للدفاع عن رأي السيستاني فرده الامام الصدر وأفحمه في الجواب فظل المرعشي فاغراً فاه وقد اشتهرت هذه الحادثة في النجف.
الامام الصدر والتيجاني
لا يخفى الدور المهم الذي لعبه التيجاني السماوي في نشر مذهب آل محمد وقد رفعت مؤلفاته من معنويات الكثير من اتباع هذا المذهب وزيادة الثقافة الدينية وادخال ادلة جديدة على احقيّة الشيعة.
ولكن يبدو ان التيجاني قد بدأ يدخل نفسه في موارد هو ليس بمستواها وأعني التدخل في بعض الموارد الشرعية التي تحتاج الى اجتهاد ومن المقطوع به ان التيجاني ليس مجتهداً لذلك ورّط نفسه في هذه المشكلة وقد رفعت قضية بخصوصه الى شهيدنا الذي كان يقول بحقه: أننا لو عملنا للتيجاني تمثالاً من ذهب لكان قليلاً في حقه.
والقضية التي رفعت بخصوص الشهادة الثالثة لولاية أمير المؤمنين(ع) حيث اعتبرها التيجاني بدعة ما انزل الله بها من سلطان فكان مايلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الأعلى السيد الصدر (دام ظله العالي).
في هذه الفترة نزل الى الاسواق المؤلف الأخير (كل الحلول عند آل الرسول) للدكتور التيجاني وقد تعرض المؤلف الى الشهادة الثالثة وأنكرها باعتبارها من الزوائد على المذهب الذي يجب تنقيته من هكذا أمور فما رأي سماحتكم بذلك.
بسمه تعالى: ملحض الحال فيها انها ليست جزءاً من الاذان جزماً ولم تكن موجودة في ردح طويل من عصر المعصومين: وان من قصد الجزئية للاذان أو الاقامة أو لغيرها فهو كاذب على الله ورسوله وهو من التشريع المحرم كما انه ليس عليها الآن آية ولا رواية بعينها تدلنا على استحبابها.
كل مافي الامر انها مع عدم نيّة الجزئية لا تكون حراماً جزماً. وان كان التيجاني يرى حرمتها فهو خاطىء، باعتبار انها بمنزلة الكلام المستقل عن الاذان في داخل الاذان، وغير قاطع للموالاة فيه. اذن فهي على اسوء تقدير من المباحات ويكون القائل بحرمتها محتاجاً الى دليل وهو مفقود.
ولكننا مع ذلك يمكن أن نستدل على استحبابها بعدة وجوه: اهمها ما اشار اليه الشيخ الصدوق(راجع وسائل الشيعة) من وجود روايات مفقودة فعلاً تأمر بذلك، وهو وان كان قد انتقدها وأتهمها بالوضع والكذب إلاّ انها تثبت صغروياً بشهادته وتثبت كبروياً بضم اخبار (من بلغ) اليها فيثبت الاستحباب فان قلنا بان المستحب جزء امكن قصد الجزئية الاستحبابية ويبقى قصد الجزئية اللزومية حراماً.
هذا اضافة الى ادلة اخرى: منها: ما ورد بمضمون (عن النبي(ص) انكم كلما ذكرتموني فاذكروا علياً ونحن قد ذكرنا رسول الله(ص) في الاذان أكيداً اذن يستحب لنا ذكر علي(ع) أيضاً بعد ضم الاخبار (من بلغ).
ومنها استحباب ذكر الامام واحترامه والصلاة عليه في المناسبات ولا شك ان الاذان من المناسبات العرفية والمتشرعية لذلك
ومنها نصرة المذهب حيث اصبح الجمع بين الصلاتين والشهادة الثالثة، من شعاراته ومن مختصاته. فيكون في الالتزام بها نصرة له بكل تأكيد ونصرته مستحبة بل واجبة أكيداً بكل وقت.
واذا كان فيها نصرة المذهب اذن فلا توجد اية مصلحة في الردع عنها وان الحق مع العلماء في الابقاء عليها والامر بها لأنه ثبت عندهم ان الامر بها صادر عن الله سبحانه وتعالى، فهم يأمرون بما أمر به الله سبحانه. ومن الصحيح ان اذان بلال لم تكن فيه الشهادة الثالثة إلاّ انه لم يكن فيه أيضاً (الصلاة خير من النوم) وقد كان فيه، (حيّ على خير العمل) فان قبل العامة بتطبيق اذانهم على آذان بلال قبلنا نحن ذلك أيضاً.
مضافاً الى انه ينبغي الالتفات الى ان اخفاء العلماء ليس جريمة ولا مخل بعدالتهم بل الواحد منهم ابصر بالأمر وأعلم بالمصالح فقد تقتضي المصلحة القول وقد تقتضي المصلحة الاخفاء والسكوت حول اي شيء من الامور.
ويكونون معذورين في ذلك حسب تشخيصهم للمصلحة والمفسدة الدينية والمذهبية والاجتماعية.
ويكفي ان تلتفت الى ان عدداً من الافكار تعتبر من اسرار آل محمد: يحرّم افشاؤها ممن يعلم بها او ببعضها ومما نسب الى الامام السجاد(ع) قوله:
يارب جوهر علم لو ابوح بـه لقيل لي انت ممن يعبد الوثنا
ولأستحل رجال مسلمون دمي يرون اقبح ما يأتونه حسناً
وانا كنت اقول الى عهد قريب باننا لو عملنا للتيجاني تمثالاً من ذهب لكان قليلاً في حقه ولكنني استطيع الآن ان اسحب هذه المبالغة من كلامي. غفر الله لنا وله. إلاّ ان خدمته للدين والمذهب من كثير من الجهات الأخرى محرزة وجليلة جزاه الله خير جزاء المحسنين.
* * *
وقد ورد سؤالان يرتبطان بنفس القضية أو ردهما زيادة بالفائدة:
نرجو من سماحتكم الردّ على من يقول بان الشهادة الثالثة بدعة لانه ادخال ما ليس في الدين في الدين وذلك لانها لم تكن موجودة في عصر النبي والأئمة والاذان كما يعلم توقيفي.
بسمه تعالى: هذا سؤال عاطل أكيداً بعد الذي قلناه من الادلة على مشروعية الشهادة الثالثة يعني انها من الدين وليست خارجة عنه فلا تكون بدعة ولا ينحصر وجودها في عصر النبي لتكون من الدين فان اغلب السنّة الشريفة ورادة عن الصادقين(عليهما السلام) وليست عن النبي(ص).
ونأمل ان يرد سماحتكم على القائل بأنه لو كان فيها خير لاحق للمذهب (كما يدعي علماء المذهب) لورد عن الأئمة وهم العالمون بحقائق الأمور. او قالوا انها ستكون من رموز التشيع وشعاراً للمذهب الحق فاذكروها عندما يكون المذهب بحاجة الى ذلك.
بسمه تعالى: هذا أيضاً سؤال عاطل بعد الذي قلناه من انها واردة عن الأئمة: كل مافي الامر انها تالفة خلال ما تلف من الكتب وربما كانت مخالفة للتقية ومحرجة بالنسبة الى علمائنا السابقين(قدس سرهم) كالشيخ الصدوق والطوسي والمفيد وحذفوها من كتب الحديث وطعنوا في صحتها وقلنا انه يكفينا منها مسألة التسامح في ادلة السنن.
وقد كان الائمة: أيضا في تقية مكثفة هم وأصحابهم ولم يكن في مصلحة التشيع في ذلك الحين اعلان امثال هذه الامور حتى ضعفت الخلافة العباسية وسيطر البويهيون على المجتمع المسلم.
محمد الصدر
الامام الصدر مع فضل الله
توجد عوامل مشتركة بين شهيدنا والسيد فضل الله فكلاهما تعرّض لهجوم شرس من قبل الحوزة ومن كافة الاطراف وكان ا لهجوم على السيد فضل الله قد أخذ طابع التفريط الذي جاء من ناحية عدم مناقشته بصورة علمية فيما اذا كان الغير غير مقتنع بآراءه وأفكاره كما كان شهيدنا غير مقتنع بجملة منها ولكنه(رض) قد ناقشها بصورة موضوعية واما الآخرون فاكتفوا في معظم الأحوال بالتفسيق والتضليل إلاّ ما كان من محاولة السيد جعفر مرتضى العاملي في المناقشة التي أخذت طابع المبالغة في ا لهجوم والتضخيم وعدم السير في المناقشة بصورة نزيهة.
وقد افتى الكثير من العلماء بضلال السيد فضل الله كالشيخ جواد التبريزي والشيخ الوحيد الخراساني والشيخ ا لهمداني وغيرهم.. اما شهيدنا فقد كان مقرراً في حوزة قم بالاتفاق مع حوزة النجف ان يصدر بحقه بيان(تحفظ) تعتبر فيه مرجعية الامام الصدر مرجعية عميلة لولا ان الشهادة قد قطعت الطريق عليهم وكذلك الزخم الجماهيري الذي كانت تتحلى به مرجعية شهيدنا وقد كان هناك بيان ادرج فيه اسم الامام الصدر ضمنالعلماء الذين فسّقوا السيد فضل الله ولكن شهيدنا انبرى ليكذّب هذا المدعى بعد ان رفعت اليه اسئلة بخصوص فضل الله ومن ضمنها اسئلة موجهة الى العلماء في النجف ومن ضمنهم الامام الصدر وقد افتوا فيها بضلال فضل الله وكانت هذه الاجوبة قد وردت من قبل جهات مستفيدة مغرضة على لسان العلماء في النجف الاشرف فأجاب شهيدنا:
في حدود قناعتي فأن كل هؤلاء العلماء بريئون من هذه الاقاويل وأنا قريب منهم في النجف وقد رفضوا الجواب على مثل هذه الأسئلة.
واما أنا فلا اقصد شخص السيد فضل الله وانما من يتبنى آراءه التي تمت مناقشتها في (المسائل البيروتية) فأن كان جناب السيد بريئاً منها كما نتمناه اذن يبقى كلامي هذا بدون تطبيق.
ومن المؤكّد أيضاً ان ا لهجوم المستمر على فضل الله لم يكن خالصاً لوجه الله وإلاّ فلماذا خرجت هذه الآراء ا لهجومية في اوقات متأخرة عن وقت صدورها منه وكان الأجدر ان يجاب عليها في وقتها ولكن في الأمر علّة وهي علّة مشتركة مع الامام الصدر(رض) وهي انه في السابق لم يكن ينافس احداً على مرجعية او غيرها وعندما تصدّى بصورة رسمية انبرت الاقلام والافواه العنصرية ضده.
كما فعل مع الامام الصدر وكما فُعل قبل عقدين من الزمن مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) فالويل كل الويل لمن كان من غير الفلانيين ويتصدى لزعامة بل عليه ان يبقى ذيلاً من الذيول والسلام.
اجاب سيدنا على جملة من الآراء التي نسبت الى السيد فضل الله بكراس سمّي (المسائل البيروتية) فراسله احدا اصدقاءه من لبنان أو سوريا مستوضحاً عن هذه الاجوبة وا لهدف منها فأجاب شهيدنا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه سيّدنا الأعظم نبي الاسلام وآله الميامين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين.
أخي في الله جناب السيد الأجل العلامة الأعز رعاه الله برعايته وبعد التحية والسلام فأني قد تسلّمت الكتاب الذي أرسلتموه بيد جناب الأخ الاجل رعاه الله. وأنا شاكر جداً لجهودكم وفضلكم زاد الله شرفكم، واما بالنسبة الى جناب العلامة السيد محمد حسين فضل الله فاني أود أن أُبين بعض النقاط فيمايلي لرفع الاشتباه عسى الله أن يجعل فيه الخير.
اولاً: اني وان لم اجتمع به منذ أكثر من ثلاثين سنة تقريباً إلاّ ان المسموعات عن لبنان متواترة وانا اعتبره شخصاً فاضلاً متفقها واعياً مضافاً الى كونه متصدّياً لقضاء حاجات الآلاف من المحتاجين ومواجهاً للكيان اليهودي الظالم. إلاّ ان هذا لا يعني عدم المناقشة في بعض وجهات النظر التي نقلت عنه. فأن الحق لابد ان يثبت وكانت ومازالت حرية المناقشة مكفولة لدى الجميع.
ثانياً: انني قليل الاطلاع على كتبه إلاّ أن آراءه التي هي محل الاشكال دينيّاً نقلت بالاستفاضة عنه وأهمها كتاب السيد ياسين ومطبوعات عن خطاباته وهي وان كانت محتملة التزوير إلاّ ان تنصله منها من المحتمل ان يكون ظاهرياً لا واقعياً بعد ان رأى المفسدة التي حصلت حولها وهي آراء يرتبط جملة منها بالفقه ومنها بأصول الدين ومنها بالتاريخ الاسلامي وغير ذلك.
ثالثاً: ان ما يسمى بالمسائل البيروتية انا كتبتها ووقعتها وقد شرح لي الزائر اللبناني الحال عن ذلك. وقال: تكتب في ذلك شيئاً. قلت: نعم، قال: فتفند آراءه واحداً واحداً، قلت: كلا، قال: فتفنّذ الرأي مستقلاً عن النسبة اليه، قلت: نعم.
وكذلك صدور هذه المسائل لا يرتبط منها بجناب فضل الله إلاّ السؤال الأول فقط. فان كان لا يتبنّى كل الآراء وكانت مزوّرة عليه إذن فهي تبقى بدون مصداق بما فيها السؤال الأخير.
رابعاً: انني قلت في تلك المسائل: انني قرأت كتابه في المسائل الفقهيّة واعتبرته كتاب ضلال (وهذا لا يحتمل ان يكون مزوّراً عنه) لأنه يحتوي على كثير من الفتاوى المخالفة للمشهور، وليس مقصودي ما هو ظاهر العبارة وليس عيباً على المجتهد أن يخالف المشهور وكل العلماء خالفوا المشهور في بعض فتاواهم إلاّ ان المراد أمران احدهما: ان المؤلّف خالف المشهور في كثير من فتاواه وليس بنسبة قليلة كما هو الحال في غيره.
ثانيهما: ان الكتاب يحتوي على بعض الفتاوى التي اعتبرتها مخالفة لضرورة الفقه. مثل: الحكم بطهارة كل البشر. والحكم بجواز تقليد الميت ابتداءاً. والحكم بجواز تقليد غير الأعلم فاننا اذا ضممنا هذين الحكمين الأخيرين لزم جواز تقليد اي واحد من أجيال علماءنا السابقين وهو خلاف ضرورة الفقه قطعاً.
خامساً: انه على ما يبدو متصدٍ للتقليد في حين لا دليل على اجتهاده والمهم انه لا دليل على اعلميته بل هو باليقين ليس بأعلم ويوجد في العراق وايران العديد ممن هو أعلم منه وأنا أجد انه يشترط في التقليد والولاية العامة: الاعلميّة.. ولا يجوز تقليد غيرالأعلم مع الالتفات الى انه يصعب في جوٍ مثل لبنان تشخيص هذه الجهات خارج عواصم العلم النجف وقم.
سادساً: في حدود فهمي فان هدفه انه يريد تبسيط الشريعة وافتاءهم بأسهل فتوى ممكنة تسهيلاً عليهم ولأجل ان لا يشعروا في تصرفاتهم بمزيد من الذنوب التي لا مناص منها. وهذا اتجاه معقول وطيب. إلاّ انه ليس بالأختيار مالم يساعد عليه الدليل مضافاً على نقطة اهم هي انا من الناحية النظرية نجد ان الافضل تصعيد المجتمع الى مستوى الدين وليس تنزيل الدين الى مستوى المجتمع.. وما يريده ـ حسب فهمي ـ هو الثاني، وهو خاطىء.
سابعاً: ان هناك من الافكار مهما كانت قيمتها الدليلية. فانها فعلاً قد شاركت في بناء الدين واليقين في نفوس الملايين خلال الاجيال وكانت ومازالت مصباح نور يستضى به الشيعة. فليس من المصلحة ان نقوم بأطفائه بمعنى شجب وتكذيب هذه الافكار، بل ينبغي ان نسكت عنها حفظاً للمصلح العامة مالم يكن لدينا البديل الصالح لها ولن يكون؟!
مثل حرق باب الدار للزهراء (عليها السلام) وحرق الخيام لنساء الحسين(ع) وغير ذلك كثير. فالذي فعلته في تلك المسائل هو اني دافعت عن صلاحية تلك الافكار علينا وبغض النظر عن دليليتها. لان وجودها ضروري لحفظ دين الناس من ناحية، وعدم تنصلنا من تأريخنا وجهاد قادتنا من ناحية أخرى لا لشيء سوى اننا نريد ان نسير بالاتجاه المادي الدنيوي الذي خطته لنا اوربا الاستعمارية.
اذن فلماذا نحارب اسرائيل وغير اسرائيل من شرار الناس إذا كنا نحارب ايضاً هذه الافكار.
ثامناً: انه في هذه الايام الاخيرة جائني من يسأل حول هذه الامور أيضاً ومن جملتها جواز مهاجمة السيد فضل الله. فقلت له: انني أعلم انه يقوم بقضاء حاجة المحتاجين فاذا هاجمناه واسقطناه اذن فقد حرمنا المحتاجين من لقمة عيشهم. ولماذا نستنكر منه كل كيانه. وانما نأسف فقط لما قد يكون قد صدر منه من أفكار قابلة للمناقشة بوضوح. والافكار انما تتلاقح دائماً ولا حاجة الى التعقيب الزائد والتطرف في القول.
فانه من هنا يخرج قرن الشيطان، والمثل يقول أنا وأبن عمي ضد عدوي ونحن في حاجة للتكاتف ضد العدو المشترك وأنا اعتقد ان العدو المشترك هو كل القوى في العالم بمختلف اصنافها، الامر الذي يزيدنا حاجة الى التكاتف والاتفاق حتى لو كان واحد منّا أو اكثر له شيء من نقاط الضعف والمصاعب. ولنا احسن مثال في الحوزة الشريفة، فانها لا تخلو في داخلها من اغتشاش ومصاعب إلاّ ان الجميع يحاول ان يبدوا بل أن يكونوا يداً واحدة ضد العدو المشترك الكائد للأسلام والتشيع وان نبدوا كجبهة متراصّة متكاتفة في رضاء الله ونصرة المعصومين:. وليت شعري انّا اذا لم نكن كذلك فعلينا أن نكون كذلك. وإلاّ فقد برأت الذمة منا وأصبحنا انصاراً لأعدائنا.
دعوا كل واحد من القادة يربي الجيل بالشكل الذي يحلو له. بدلاً من التصدي للحرب الباردة. مالم نجد في أي واحد ميلاً للعدو وابتعاداً حقيقياً عن الدين حاشاهم جميعاً عن ذلك. ولا ينبغي ان نكون كما قال المثل: أجتمعوا على باطلهم واختلفنا في حقنا.
واذا كان هدفنا واسعاً وكبيراً. فلنسأل انفسنا: اننا اذا كنا اعداء ومتحاربين ونحن في هذا المجال الضيق، فكيف سنكون اذا اتسع لنا المجال اكثر وأكثر.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 07:45 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 27
استعيذوا بالله من نزغات الشيطان واتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلاّ وانتم مسلمون. واحذروا الدس ماظهر منه وما بطن وكونوا واعين لدينكم وطالبين لرضا ربكم يحسن حالكم في الدارين.. ويريكم الله سبحانه كل ما تقرّ به العين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على عباده الذين اصطفى. الله خير أمّا يشركون.
23صفر الخير 1418هـ
كتبه بيده الجانية
محمد الصدر
احداث مدرسة اليزدي
تعتبر هذه المدرسة من أقدم المدارس في النجف الاشرف وقد سكن ودرس فيها العشرات من فطاحل علماء الامامية والفضلاء والمؤلّفين وغيرهم.
وكانت هذه المدرسة أحد الاوكار الرئيسية لضرب مرجعية الامام الصدر اذ تم فيها انشاء مركز ينطلق منه اعداء الصدر كتوزيع الأموال للخواص وشراء الذمم ونشر الشائعات وكان قادة العمل فيها هم:
1ـ السيد محمد زبيبه الموسوي. 2ـ الشيخ حسن الكوفي. 3ـ الشيخ طارق محمد، ويعتبر مكتب السيستاني ومكتب سعيد الحكيم المموّل الرئيسي لهم.
وكان العمل يبتدأ باعطاء مواعظ ودروس اخلاقية يقوم بها الشيخ طارق محمد الذي كانت له كلمة مشهورة (ان هناك علماء يستحقون ان يشنقوا بعمائمهم ومحمد الصدر يستحق ان يشنق بعمامته) وكان هذا الرجل على الرغم من جهله وضحالة مستواه العلمي إلاّ انه كان يتقمص شخصية الروحاني والعارف وبعد ان يتم ذوبان الطلبة في شخصية هذا الشيخ يقوم بتوزيع مساعدات كبيرة بالاشتراك مع الاثنين السابقين فأذا ما تم هذا الامر دعوا الطلبة الذين استجابوا لهم للصلاة في مسجد الانصاري(الترك) خلف السيد رضي المرعشي(الزعيم الروحي عندهم) فيبارك مسعاهم ويمسح على رؤوس المهتدين الى تقليد السيستاني!!!
وبعد ان يتأكدوا من ولاء الشخص يعطونه مبلغاً كبيراً لاستيجار منزل وشراء الاثاث والتزويج وكانت لهم ثلة يعتبرون من ذيو لهم المشهورين وهم:
1 ـ الشيخ علي أيوب البصري.
2 ـ الشيخ منذر من أهل الناصرية.
3 ـ اخوه الشيخ غزوان.
4 ـ الشيخ مؤيد من أهل الناصرية(الجبايش).
5 ـ الشيخ عبد الحسين التركماني.
6 ـ السيد محمد عبد الحسين غنتاب(واسط).
7 ـ الشيخ احمد العوادي. كان مقلّداً للسيد الصدر فتم شراءه بمبلغ كبير.
8 ـ الشيخ الطرفي كالسابق.
9 ـ سيد أياد المبرقع كسابقيه.
10 ـ الشيخ حسين العبودي (من اهل الشطرة).
11 ـ فاضل الساعدي. وغيرهم كانوا يعتبرون الأدوات الفعالة في مناطقهم وقد تكالب هؤلاء علينا بعد استشهاد الامام الصدر(رض) وحاولوا بشتى الطرق ان يستولوا على المدرسة وقد ساعدهم آخرون كالسيد منعم ابو طبيخ الموسوي.
وحدثت مشادات كلامية وتجاوزات كثيرة. وكانت هذه المجموعة قد استعملت كافة طرق التورية في بادىء الامر حتى استطاعت ان تثبت نفسها في المدارس ويظهر ان التوجيهات كانت تختلف باختلاف الظروف فبعد ان اصبحت مرجعية الامام الصدر مستوعبة كافة انحاء الجنوب والوسط بدأ عمل هذه المجموعة بأخذ طابع المواجهة والتصريحات. وقد ساندوا بشكل فعال الشيخ حسن الكوفي وأعانوه في حركته ضد شهيدنا.
تعتيم ودس
لاحظنا ان الاعلام الا سلامي قد اتجه بخصوص الامام الصدر اتجاهين:
الاتجاه الاول: اتخذ اسلوب التعتيم سواء على مرجعيته أو على منجزاته.
ومن الأمثلة عليه ما كتبه (عبد الجبار شرارة) شرحاً على ـ بحث حول المهدي (ع) ـ للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس).
حيث ان شرارة حذف من آخر الكتيب ما كتبه السيد الشهيد في مدح شهيدنا وموسوعته ولا يمكن التماس عذر اذ أن هذا الكتاب صدر في وقت يعد حرجاً بالنسبة لمرجعيّة شهيدنا والتعتيم عليه واضح لا لبس فيه.
اما الاتجاه الثاني: فمن أمثلته: المنشورات التابعة لمؤسسات الخوئي في العالم حيث كرّست هذه المؤسسات منشوراتها كالمجلات والكتب لتثبيت عمالة الامام الصدر واذكر كنموذج ما كتب عن مقتل محمد تقي الخوئي وهو كتاب صادر عن (مؤسسة الخوئي الخيريّة) في جمادى الآخرة 1415هـ تشرين الاول 1994م فقد ذكر في هذا الكتاب صفحة 66 كلمة للدكتور ليث كبة.. جاء فيها:
الكلمة التالية تحت عنوات(الحادث المدبّر).
استمرت المضايقات وأزدادت في الأشهر الاخيرة بعد ان استمرّت المؤسسة في نشاطها من جهة واستمرت السلطة في حملتها ضد العلماء والحوزة من جهة أخرى فتولت السلطة مؤخراً ادارة كل اوقاف المسلمين الشيعة خلافاً لتاريخ وتقليد ألف سنة واستملكت مدارسهم وحاولت مجدداً فرض مرجع ديني لهم.
وفي الصفحة 74 من نفس الكتاب من كلمة للسيد (محمد بحر العلوم) مخاطباً رأس النظام (لنقو لها صريحة دون لبس أو غموض انّا نرفض كل انواع التطبيع معك، بل ان الجهة التي تتقدم لك بغية التطبيع معك ليس لها محل معنا).
وهكذا الكلام كما ذكرت سنة 1994م ولكن هل غيّر بحر العلوم من رأيه؟ لا أظن ذلك فقد استمعت اليه وهو يلقي كلمة عبر احدى أذاعات المعارضة فتحدث عن الشهداء }وهذا بعد شهادة الامام الصدر(رض) {فلم يذكر ان هناك من ضمن الشهداء من اسمه محمد الصدر!!!
وفي الصفحة 86 ما نسب الى المقرر الخاص لحقوق الانسان:
ويقال ايضاً انه تكرر تدخل الحكومة في عملية اختيار الزعيم الروحي للطائفة الشيعية (المرجع) بقيامها حسبما تفيد التقارير، بتأييد مرشحها والقضاء على فرص اكبر المراجع الباقين، آية الله العظمى علي السيستاني.
ولست ادري هل ان هذا كلام المقرر الخاص أو مؤسسة الخوئي ومن هو الذي رفع التقارير الى هذا المقرر؟!! وذكر صاحب (مرجعية الميدان) ص 65 (أعتبر السيد مجيد الخوئي في تصريح الى ـ الحياة ـ أن أغتيال البروجردي تم في أطار تصفية المنافسين المحتملين لمرشح السلطة مرجعاً دينياً أعلى وقال إن مرشح السلطة هو السيد محمد الصدر الذي رأى الخوئي أنه متعاون مع السلطة التي تستغل أسم عائلة الصدر لفرضه مرجعاً مع أنه غير مؤهل لذلك).
وهناك اتجاه آخر اتخذ اسلوباً معيّناً يختلف عن هذين ففي العدد الخاص مجلة(قضايا اسلاميّة) التي يرأس تحريرها الشيخ مهدي العطار وعبد الجبار الرفاعي. نٌشرت وثيقة تقدح في شهيدنا وهذه الوثيقة يمتلكها الشيخ علي الكوراني وارسلها الى هذه المجلة لنشرها.
ولا يخفى ان الشيخ العطار وعبد الجبار الرفاعي كان لهما موقف أيجابي تجاه شهيدنا في حياته وبعد شهادته ومن هنا رأيت أن استفسر بنفسي عن الغرض من نشر هذه الوثيقة التي صدرت عام 1996م وقد وصلت النجف فسببت اشكالات عديدة وعندما طرحت المسألة على الرفاعي قال: بأنه لم يكن يعلم بالكلام الموجود فيها، ولم يكن يعلم ان كلمة(السيد محمد) تعني شهيدنا وكذلك لم يكن يعلم بأن محمد حسن آل ياسين هو خال شهيدنا.
المهم انها كانت ورقة خاسرة حاولت بعض الجهات ان تجربها عسى ان تلحق ا لهزيمة بشهيدنا وأظن ان العطار والرفاعي قد تورطا فيها بشكل او باخر والله العالم بالجهات التي دفعت بهما لذلك!!!
ومما يلفت النظر ايضاً كتاب السيد حسين بركة الشاميى (المرجعيّة الدينيّة من الذات الى المؤسسة) اذ ان السيد الشامي لم يترك شاردة ولا واردة إلاّ وحاول ادراجها في كتابه الذي صدر عام 1419هـ – 1999م ولكنه لم يتعرّض او يشير باشارة ولو صغيرة الى حركة مرجعيّة الامام الصدر وفي الوقت الذي تصاعدت الازمة مع النظام وهو نفس الوقت الذي صدر فيه الكتاب وقد ذكر في الصفحة (472) وفجأة صدر بيان يحمل اسماء عدد من مراجع النجف الاشرف يتهجم على آراء السيد فضل الله والبيان في حقيقته كان ورقة مزوّرة افتراها هؤلاء المتصيدون في الماء العكر.
وقد انكشفت المؤامرة عندما اصدر سماحة السيد السيستاني حفظه الله، بياناً يكذّب فيه ما نسب اليه، وذكر في ا لهامش (راجع الملحق الوثائقي في نهاية الكتاب).
وقد راجعت الملحق الوثائقي فلم اجد البيان المذكور. ولكنه ليس هذا بيت القصيد بل ان شهيدنا كان أول من سارع الى تكذيب البيان كما ذكرت فهل ان البيان لم يصل الى يد الشامي ام ان هناك من يخاف من اغضابه فيما لو ذكر شهيدنا، واللطيف ان السيد الشامي يعتبر نفسه من تلامذة شهيدنا، فما عدا مما بدا عرفتني في الحجاز وأنكرتني في العراق!!
اسماء ومواقف
في هذا الفصل سوف أذكر اهم الاسماء والشخصيات التي وقفت ضد حركة شهيدنا ولا ريب ان ما سأذكره موثّق ومعايش من قبل ابناء الأمة في العراق والذين عانوا ما عانوا بسبب هؤلاء الانتفاعيين والذين باعوا ذممهم مقابل (ثمن بخس... دراهم معدودة) وسوف اذكر لكل شخص مواقفه باختصار.
1ـ محمد تقي الخوئي:
ولا يخفى لما لهذا الرجل من دور مهم في حوزة النجف ومدى تأثيره في اتخاذ قرارات الحوزة فالخوئي كان في سنواته الأخيرة قد شاخ ولم يستطع اتخاذ قرار فترك الأمر لاولاده ليعبثوا في قيادة الشيعة والتصرّف بالأموال حسب اهواءهم.
وكان هذا الرجل قد اتخذ اماكن مشهورة للهو في داخل العراق وخارجه ومنها حسب معلوماتي مزرعة بين النجف وكربلاء اتخذها مع اخوانه وأصدقاءه لقضاء الليالي الحمراء.
وكانت جميع الحوزة تهابه وتخاف من لسانه وسطوته وكان بأمكانه ان يسب ويلعن أي مجتهد فضلاً عن سائر الطلبة وقد واجه شهيدنا منذ بداية التصدي وقد ساهمت مجلة النور التي تصدر عن مؤسسات اولاد الخوئي دوراً مهماً في تسقيط شهيدنا ودعم السيستاني بعد وفاة الخوئي مباشرةً.
ولا ننسى المساومة القذرة التي قام بها هذا الرجل فبعد وفاة ابيه اتصل بالسيد محمد الروحاني في ايران وعرض عليه امر المرجعية وانه سوف يدعمه وينشر البينات الشرعية التي كانت في جيبه يضعها حيث يشاء مقابل الموافقة على بقاء المؤسسات الخيرية في العالم بأيديهم وان تكون واردات هذه المؤسسات والحقوق الشرعية مناصفة فرفض الروحاني هذا العرض وعرضوا الامر بعد ذلك على كل من السيد الكلبايكاني والشيخ الآراكي فرفضا فعرض الامر على السيد محمد السبزواري ليتوسط عند والده وذلك عن طريق اتصال من تركيا او من طريق آخر فلم يجبه السيد محمد السبزواري بل احاله على والده في النجف وهذه المقايضه كانت في الفترة التي قضاها محمد السبزواري قبل مقتله في ايران... فاتجه محمد تقي الخوئي الى النجف وعرض الأمر على السيد عبد الأعلى السبزواري فطرده شر طردة... وقد توثقنا من الخبر من السيد علي السبزواري نجل السيد عبد الأعلى السبزواري وعرضها على الشيخ الفياض فرفض أيضاً.
وبعد ذلك عرض الأمر على السيستاني فوافق هذا الأخير على المساومة فأعلن محمد تقي الخوئي مرجعية السيستاني ونشر البينات الشرعية التي تقول بأعلمية السيستاني وقد تم التوثق من كذب هذه البينات واتضح الامر في النجف فأنك اذا راجعت اسماء البينات تجد مثلاً:
أ ـ السيد علي البهشتي: وقد سألناه فتبرأ الى الله من هذا القول.
ب ـ مرتضى البروجردي: وقد سألناه فقال كيف يقول بأعلمية غيره من يقول بأعلمية نفسه.
جـ ـ الشيخ محمد اسحق الفياض: وقد تبرأ من هذا القول وأول دليل على كذب محمد تقي الخوئي ان الفياض قد تصدى للمرجعية في الوقت الحالي.
د ـ السيد محمد حسين فضل الله ـ وقد كذّب هذا المدعى علانية وذكر في كتاب ـ المرجعية وحركة الواقع صراحة: انني لا أرى اعلمية السيستاني ـ وهكذا باقي الاسماء فهي بين مكذّب للمدعى وبين من هو خارج العراق منذ ثلاثين أو عشرين سنه، وبعد ذلك أخذ في نشر الاكاذيب ضد السيد السبزواري اذ اذاع في مختلف البلدان الاسلامية ان السبزواري قد فقد عقله وهذا ما تراه واضحاً في فتوى السيستاني: اذ ان اغلب العراقيين قد قلّدوا السبزواري بعد وفاة الخوئي ولما توفي السبزواري أعلن السيستاني ان تقليد السبزواري باطل وعليهم الرجوع اما الى الخوئي!!! أو الرجوع اليه.
2ـ علي السيستاني:
من عائلة معروفة فجده السيد علي السيستاني أحد تلامذة السيد اسماعيل الصدر(قدس) واما سلسلة نسبه فهناك كلام فيها والله العالم. وهو احد طلبة الخوئي مكث سنوات في عقد الثمانينات في الخليج ولم يعرف الى الآن عن ماهية عمله خلال هذه المدة. ولم يكن معروفاً او منافساً لطبقة تلامذة الخوئي الأولى كالشيخ الفياض والبروجردي والغروي.
أوعز اليه محمد تقي الخوئي بالصلاة في مسجد الخضراء بعد عدم قدرة الخوئي على الاستمرار في الصلاة لمرضه وشيخوخته ولقد علمنا ان الامام الصدر ذهب الى الخوئي وسأله عن هذا الامر فنفى الخوئي مسؤوليته وعلمه بصلاته في هذ المسجد.
تصدى للمرجعية بعد وفاة الخوئي ودُعم اعلامياً من قبل مؤسسات الخوئي في العالم ولكنه لم يستطع ان يستوعب مقلّداً واحداً طيلة وجود السيد السبزواري الذي بقي حياً كمرجع أعلى لمدة سنة واحدة لا أكثر.
لم يشهد احد بمستواه العلمي وكتابه الرافد في علم الأصول كان محطا للسخرية من قبل فضلاء الحوزة ولم يتصدّ لبحث الأصول نهائياً خلال مدة تصديه الى حال كتابة هذه السطور.
كان يتحاشى اي مناقشة وقد حاول شهيدنا اكثر من مرّة استدراجه للمناقشة فكان يفلت منها بشكل ملفت للنظر. وكان الشيخ الغروي قد حاول كذلك ولم ينجح، ودخل السيد المروّج في مناقشة معه فأهانه، وكان بعد القاء بحثه في الفقه صباحاً يقوم فينسحب ولا يقبل اي مناقشة من قبل الطلبة بل يترك الامر لولديه محمد رضا ومحمد باقر.
حارب الامام الصدر حرباً لا هوادة فيها وكان قائد الجمع في العالم ضد شهيدنا، وقد شكّل مع محمد سعيد الحكيم وبشير الباكستاني الثلاثي المعروف لتسقيط شهيدنا، ولم يعرف عنه موقف شريف أو استنكاري واحد تجاه أي حدث في العالم الاسلامي، وكان قد رفع اليه استفتاء يقول لو ان الولي الفقيه مبسوط اليد افتى بالجهاد فما هو الحكم فرفض الاجابة فأجاب ولده محمد رضا قائلاً: لا قيمة لهذه الفتوى.
وقد رفع اليه استفتاء حول البوسنة وا لهرسك وهل يجوز الجهاد معهم فرفض الاجابة.
له دور خطير في سحق حركة الشهيد الصدر وكان يبذل الأموال الطائلة لشراء الذمم فكان فضلاء الحوزة إلاّ ما ندر يصرّحون في المجالس الخاصة انهم لو ايّدوا الصدر وهو حق لماتوا جوعاً، ولم يعرف عن احد من الافغان انه يقلد السيستاني بل كانوا متعاطفين الى أبعد الحدود مع الامام الصدر(رض) وكانوا يحضرون صلاة الجمعة بأستمرار فكان مكتب السيستاني يحتقرهم دائماً.
يجلس السيستاني يومياً لاستقبال الزوار حوالي ساعة قبل صلاة الظهر ولم يكن يسمح لأحد بسؤاله إلاّ قليلاً فعليك ان تسأل الذي على اليمين وهو محمد حسن الانصاري والذي على الشمال وهو هادي الأسدي، والسيستاني واضع يده على ركبته فعليك ان تقبّلها وتنصرف لا غير، واعضاء مكتبه هم بالاضافة الى الانصاري والاسدي كل من محمد رضا السيستاني ولده والذي كان له دور في تسقيط شهيدنا وهو معروف بلسانه الوسخ حيث لا يمتلك ابسط الاخلاق العرفية فضلاً عن الاسلامية وكان يسب شهيدنا، اما من حيث سلطته فهو كمحمد تقي الخوئي في عنجهيته وهجومه على العلماء وبالأخص شهيدنا ومن قبله السبزواري حيث وقف بشدة ضد العالم الرباني الجليل ويقول ان تقليده باطل.
محمد طاهر الكربلائي (ابو جعفر) وهو احياناً يشرف على توزيع الرواتب على الطلبة وهو لا يقل عداءً عن الآخرين لشهيدنا واحتقاراً للطلبة.
الشيخ علي اليعقوبي: وهو معروف في النجف بلسانه البذيء تجاه الطلبة وقد حدثت مشاكل عديدة بسببه وشكاه الطلبة عدة مرات الى مكتب السيستاني فلم يتغيّر شيء.
السيد حليم الافغاني: وكان مسؤولاً عن استلام الحقوق وقد راجع شهيدنا مرّة حول تجديد الاقامة فقال له(رض) هذه آخر سنة لك في مناصرة الظالم.
وهناك آخرون غيرهم.
وكان الخدم الذين يعملون في مكتبه يعاملون الطلبة العراقيين بأحتقار.
وحدث ان قاموا بطرد العديد منهم والاعتداء عليهم اكثر من مرّة وفي احداها سلّموا احدهم الى ضابط الأمن الذي كان يحرس السيستاني.
كان هذا المكتب يوزّع الرواتب على الجميع وهم في البيوت والمدارس باستثناء الطلبة العراقيين حيث يقفون صفاً وفي الشارع بشكل مذل.
وحدث ان قطعوا رواتب العديد من الطلبة لاسباب منها: اذا علموا ان احد الطلبة قد اعتقله النظام فانهم يبادرون الى قطع راتبه واذا راجع احد بخصوص عائلة هذا الطالب فانهم يطردونه.
وعرض مكتب السيستاني مبلغ 000/300دينار ومصلاة صناعة كاشان مع مصحف وكتاب مفاتيح الجنان على احد ائمة الجمعة على أن يترك الجمعة وتقليد الصدر فرفض فعرضت على آخر فأخذها وذهب الى الامام الصدر متأثراً فقال له(رض) خذ الاموال اليك والحاجيات الأخرى باجازة منّي... حبيبي غيرهم مثلهم( ).!!!
جاءه احد الاشخاص وهو معروف اجتماعياً وذلك بعد استشهاد الامام الصدر قال له: سيدنا ان مقلدي السيد الصدر حملوا ارواحهم على اكفهم فعليك بالتصدي لأمورهم وقيادتهم فالتفت السيستاني الى ولده محمد رضا وقال: ولدي محمد اشعر التعب وأريد ان انام.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 08:05 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 28
3 ـ محمد سعيد الحكيم:
بن محمد علي الحكيم الذي كان من بذيئي اللسان ضد السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) والى هذا الوقت، واما محمد سعيد الحكيم فهو ذو الباع الطويل والمرتبة العليا في الطعن بمرجعيّة الامام الصدر بل قد اخترع من السباب مالم تشهده الحوزة العملية في تأريخها الطويل ضد شهيدنا كان أول خروجه من السجن قد ظهر من على شاشة التلفزيون العراقي وأعلن البراءة من محمد باقر الحكيم واشار الى ان باقر الحكيم شاذ من أسرة آل الحكيم.
وظهر محمد سعيد مرّة أخرى بعد اصابة عدي نجل رأس النظام وهو يعوده ومعه حسين الصدر.
في بداية مرجعية شهيدنا أرسل محمد سعيد بعضاً من كتبه اليه فلما قرأها قال له: هذه ليست آراؤك.
وكان يقول في حقّه: (لو تعرض لدرس اللمعة لكان خيراً له) حرّم شهيدنا على الطلبة استلام رواتب من عدد من المتصدين وهم:
1 ـ بشير الباكستاني.
2 ـ حسين بحر العلوم.
3 ـ محمد سعيد الحكيم.
بسبب قطعه بعدم اجتهادهم فالتزم بهذا التحريم مقلّدوه من الطلبة.
كان آل الحكيم على تنازع فيما بينهم حول (المدرسة الباكستانية) وقصّة هذة المدرسة ان احد تجار الباكستان قد بنى هذه المدرسة فنصّب الحكيم متولياً وقد كتب في وصيته ان تولية المدرسة تكون لأولادي الأصلح فالأصلح فان لم يكن احد منهم في الحياة أو كانوا في خارج العراق فأن التولية تكون لأحد اولاد بنتي.
فتنازع في هذه المدرسة محمد سعيد الحكيم وجواد كاظم الحكيم فرفعوا امرهم الى محاكم النظام فحكمت لمحمد سعيد فأراد افتتاحها وأدخال طلبة من مقلديه فيها فوقف شهيدنا بوجه هذه المحاولة وافتتحها وعمّرها وجعلها جامعة الصدر الدينية ولنا حول هذه المسألة ايضاحات:
أولاً: السيد محسن الحكيم كان يقول بالولاية الخاصة وبمقتضى فتواه ان المتولي ينعزل بموت المجتهد الذي نصّبه فكيف يجوّز لنفسه ان ينصّب متولّياً ويعيّنه بعد موته بالوصيّة.
ثانياً: ان المدرسة بُنيت للطلبة وهذا يعني انها تحت تصرّف الحوزة ولو ان كل مرجع بنى مدرسة وجعلها للحوزة وكانت تحت تصرّف ورثته فأن المرجع القادم يجد نفسه زعيماً للحوزة مع وقف التنفيذ. ومع ذلك فأن كانت من ماله الخاص فلا كلام ولكنه من مال متبرّع أو من أموال الحوزة فمن اين جاءت أحقية آل الحكيم بهذه المدرسة.
ثالثاً: ان السيد الشهيد محمد الصدر كان يقول انهم لو افتتحوها لجيّشوا فيها الجيوش ضدي. وهذا ما حدث في المدرسة المهدية التي استولى عليها آل كاشف الغطاء.
رابعاً: ان آل الحكيم التجأوا الى الظالم للاستيلاء عليها بتوسط من السيد حسين الصدر وحصلوا على أمر من الطاغية بذلك. بينما الامام الصدر عرض عليهم منذ البداية مايلي:
ان يأتيه أي واحد من آل الحكيم عندها سوف يعطيها له أو اذا أرادوا منه ان يذهب اليهم أو يبعث لهم بسيد مصطفى فرفضوا كل هذه الحلول وفضّلوا التحاكم الى صدام.
وهنا اشكال اطرحه على محمد سعيد وهو ان كل علماء الطائفة يقولون بعدم جواز الترافع الى الحاكم غير الجامع للشرائط والمال المأخوذ بحكمه حرام وان كان الآخذ محقاً إلاّ اذا انحصر استنقاذ الحق المعلوم به وهذه المسألة يقول بها محمد سعيد في رسالته وأعلن الامام الصدر منذ البداية انه مستعد لاعطاء المدرسة لآل الحكيم اذا جاءه احد منهم فمحمد سعيد قد خالف المشهور بل خالف نفس فتواه وآثر التحاكم الى الظالم على ان يبعث بأحد من أهل بيته الى الامام الصدر وما عشت آراك الدهر عجباً( ).
كان لمحمد سعيد الحكيم قصب السبق في محاربة الجمعة وكان يجيب على أسئلة بخصوصها بأجوبة مشهورة أهونها: نعوذ بالله من مضلات الفتن.
وكان يقول: ائمة الجمعة أولاد زنا.
وجاء اليه بعض طلبة جامعة الصدر الدينية فقالوا له: ما تقول في صلاة الجمعة، فقال صلاة الجمعة فتنة والذي أمر بها صاحب فتن(يامدس يا اولاد المدس) وقام بوجوههم فخرجوا وكانوا يحملون معهم ألة تسجيل فسجّلوا هذا الحوار ا لهادىء!!!
ودخل عليه احد الطلبة فقال له سيدنا ما تقول فيمن يقول: أنا أعلم فقال (حتى المطي) يقول أنا أعلم. فسكت الطالب برهة ثم قال: سيدنا حسب فهمي الذي يقول انا أعلم نوعان لفظي وغير لفظي اما اللفظي الذي يقول بلسانه أنا أعلم وأما غير اللفظي فهو الذي يطبع رسالته العملية ويوجب تقليد الأعلم وعلى كلامك كلاهما(مطايا) وأنت طبعت رسالتك العملية وتوجب تقليد الأعلم فأنت أيضاً (مطي)( ) ثم قام وخرج.
فذهب هذا الطالب الى الامام الصدر(رض) وعرض هذه الحادثة فأستغرب الامام الصدر من جواب الحكيم الفاحش ولكن كل إناء بالذي فيه ينضح.
كان محمد سعيد يصلّي في مسجد ا لهندي وبعد الصلاة يجلس في مصلاه للرد على الأسئلة فسأله أحد الطلبة عن مسألة تخص الوضوء في مقطوع اليد وكانت المسألة دقيقة فقال له: تريد ان تختبرني؟
قال: سيّدنا انما هي مسألة أريد جوابها فقال بغضب: أذهب الى حرم أمير المؤمنين(ع) لترى أناس لا يعرفون كيف يتوضأون بدلاً من ان تختبر العلماء، أذهب.
وفي نفس المكان سأله احد الطلبة عن مشكلة حدثت في ناحية الغراف التابعة لمحافظة الناصرية وهي انه توجد قطعة ارض ليتامى قاصرين فبني عليها مسجد بأموال يتامى اموات لا وريث لهم حسب الظاهر.
فقال له: هذه المسألة دقيقة فراجعني غداً.
فجاءه في اليوم التالي فقال له: لم أجد الجواب واحتاج الى مراجعة فتعال غداً. فذهب هذا الطالب وكان يدرس الكفاية فراجع الكتب الفقهيّة فوجد في المسألة أحتمالين فراجع الحكيم في اليوم التالي فقال له الحكيم لم اجد جواباً الى الآن.
فقال له: سيّدنا انا وجدت في المسألة احتمالين الاول هو كذا وكذا فقال له الحكيم: نعم نعم هذا راجح وأنا أجيز لكم الصلاة فيه وفق هذا الأحتمال.
فقال له: سيّدنا الاحتمال الثاني كذا وكذا فقال له: وهذا أيضاً راجح ولكن الاول ارجح.. فذهب هذا الطالب الى الامام الصدر باكياً وقال له سيدنا ما نفعل بعدك فسأله شهيدنا عن الخبر فأخبره بالتفصيل فأجابه الامام على مسألته وقال: اذهبوا الى الآخرين لتجدوا أن محمد الصدر لم يكن كاذباً في دعواه حيث قال: ان هؤلاء ليسوا مجتهدين.
وبعد استشهاد الامام الصدر(رض) جاء اثنان من طلبة جامعة الصدر الدينية الى محمد سعيد الحكيم فقالا له:
سيّدنا هذه الجامعة جامعتكم ونريد منكم ان تعتنوا بها:
فقال أية جامعة؟ اية جامعة دينية؟ انما هي الجامعة ا لهمجية.
4 ـ بشير الباكستاني:
هذا الشيخ يعد من أغرب رجال الدين في النجف وهو منبوذ من قبل الجميع حتى الذين يرتزقون من موائده المشبوهة.
افتتح مكتباً بعد وفاة الخوئي في النجف حي(الجبل) وعيّن لمكتبه رجلاً يدعى (محمد السعودي) وهو مجهول الماضي أيضاً وسمحت له الدولة باستنساخ الكتب الحوزوية على اختلاف انواعها فكان يستقطب الطلبة باسعاره الزهيدة لهذه الكتب وأوعز الى بعض الفضلاء في الحوزة بتدريس منهج يعد من أصعب وأطول المناهج الحوزوية وكان السبب في اتباع هؤلاء الفضلاء له الاموال الكثيرة التي كان يغدقها عليهم.
وكان على الطالب الذي يلتزم بمنهجه ان يمكث في المقدمات مالا يقل عن خمس سنين وأما السطوح (فالله العالم) بعد أي تاريخ يستطيع الطالب ان يتمها هذا فيما لو أستطاع هضم تلك المطالب القديمة جداً فهو على سبيل المثال قرر في المنطق:
1 ـ ميزان المنطق.
2 ـ حاشية ملا عبدالله.
3 ـ شرح الشمسيّة. وهكذا باقي المناهج.
كان يحث الشباب القادمين لأجل الدراسة في النجف على ترك النجف وعدم الالتجاء الى الدرس فاذا لم يفلح في ذلك الزمه بالمناهج سالفة الذكر.
اشتهرت عنه قضايا لا أخلاقية كثيرة وكان يرافقه اينما ذهب ضابط أمن لحراسته خصوصاً بعد محاولة قتله التي لم يعرف مصدرها الى الآن.
اتهمه شهيدنا بالعمالة لجهات لم يذكرها شهيدنا خوفاً من مفسدة لا يعلمها إلاّ هو(رض).
افتى الباكستاني بحرمة اقامة صلاة الجمعة. وان كانت النجف بعلماءها قد اطبقت على عدم اجتهاده. ليست له نسبة تقليد تذكر في العراق. رفض الامام الصدر امضاء اقامته فسحبت الدولة امضاء الاقامات من الامام الصدر لهذا السبب وأُنيطت بالمحافظ (قائد العوادي) كانت للباكستاني علاقة مع السيد محمد الروحاني وكان يوزّع مساعدات باسم الروحاني في النجف.
واقام عند وفاة الروحاني تعزية حضرتها كافة الشخصيات العلمية في النجف إلاّ شهيدنا الذي رفض الحضور بشكل قطعي.
افتتح الباكستاني مدرستين في النجف الاولى دار المتقين والثانية دار الابرار فكانتا داري الفساد حيث أمرهما اشهر من ان يذكر فاجازته الدولة لذلك.
حدثت مشكلة مشهورة مع الشيخ معين الكوفي فطلق زوجة الأخير على ما يدعي بالولاية، فطارده معين الكوفي في كل مكان حتى عثر عليه فلطمه على وجهه، وكان الباكستاني يهرب من أي شارع أو مكان يوجد فيه معين الكوفي وهذا الأخير لا يقل شذوذاً عن الباكستاني اذ تم طرده من قبل طلبة مدرسة السيد اليزدي الكبرى لتصرفاته اللاأخلاقية.
كان للباكستاني بعض الوكلاء في الجنوب وكانوا يوزّعون الاموال والمواد الغذائية وهؤلاء لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة وهم منبوذون اينما ذهبوا من قبل الشعب العراقي الأبي.
امواله تصل من مصادر مجهولة الى الآن وهي كثيرة جداً ولمساعده (محمد السعودي) يد في الخليج بشكل أو بآخر فهو يعد أحد الطرق التي تصل عن طريقها الأموال.
يوزّع الباكستاني رسالته العملية مجاناً وهي بعدة لغات بالعربية والفارسية والاردية واسمها(الدين القيّم) وهي متكدسة عنده لاتجد طريقاً الى الناس ويوزّع صورّه مجاناً وقد كتب عليها(مجدد الحوزة العلميّة).
يتواجد في ليلة الجمعة في كربلاء المقدسة لجذب الزوار البسطاء الذين لا يعرفون حقيقته وهذا كان في بادىء الأمر وكان يطلق عبارات واضحة التملق مثل (اهلاً بابناء الزهراء مرحباً بجند المنتظر) وهكذا مما أصبح تجارة كاسدة في عراق الصدر.
نصب النظام امام داره ما يشابه (دائرة أمن) واشترى البيوت التي تحيط بداره.
فشل تماماً حوزوياً وجماهيرياً وخصوصاً بعد استشهاد الامام الصدر(رض).
5 ـ محمد حسن الانصاري:
الساعد الايمن للسيستاني في مكتبه وثقته الى درجة انه يمد يده الى جيب السيستاني فيخرج ختمه ويختم على ما يشاء.
متزوّج من احدى بنات السيد كلانتر(رحمه الله) كان في بادىء أمره ينصح شهيدنا بالاعتماد على (محمد تقي الخوئي) فتكون المرجعيّة في جيبه فرفض شهيدنا رفضاً قاطعاً.
كان محمد حسن المخطط الرئيسي ضد شهيدنا في محافظة العمارة حيث ان والده عبد الغفار الأنصاري الوكيل المطلق في هذه المحافظة ولكنهما باءا بالفشل كأمثا لهم في العراق وخارجه وهو من الدعاة الأوائل ضد مرجعية السيد السبزواري وكان قد قال لي شخصياً بعد وفاة السبزواري يجب العدول من السبزواري الى الخوئي وهذا طعن واضح في السبزواري(قدس) وذلك انهم كانوا يقدحون بعقله(قدس) كما ذكرت سابقاً.
6 ـ محمد مهدي شمس الدين:
رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان وحامل لواء جيش العداء لشهيدنا في لبنان، شّن حملة أعلامية ضد شهيدنا في حياته ولا يعرف موقفه الحقيقي بعد الشهادة.
7 ـ السيد محمد الغروي:
وكيل السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) في لبنان، واعدى اعداء الامام الصدر في حياته وبعد شهادته وقد ذكرت موقفه عند لقاءه الشيخ الشهيد محمد النعماني وبعد الشهادة اكتفي بذكر ما كتبه في كتابه (مع علماء النجف الاشرف)( ) حيث قال:
ولد السيد محمد بن السيد محمد صادق الصدر عام 1362في النجف الأشرف وهو الوحيد لوالديه ونشأ في الحوزة ودرس على يد السيد الخوئي والامام الخميني والسيد الشهيد الصدر وبلغ مستوى رفيعاً في العلم والفقه.
وبعد استشهاد المرجع الكبير السيد محمد باقر الصدر، دب الخوف في نفسه واستغل من قبل السلطة الظالمة في العراق فكان ساكتاً على ظلم البعثيين ويجاريهم في بعض الأحيان اذا لم يجد ـ حسب تصوره ـ حرمة شرعية في ذلك.
ونتيجة لهذا الضعف النفسي سمحت له الحكومة الدموية في العراق بالتصدي للمرجعيّة من اقامة صلاة الجمعة في مسجد الكوفة وتعيين وكلاء في مدن العراق لتوجيه الناس الى تقليده وادارة الحوزة النجفيّة.
وبعد ان ذكر الغروي جملة من مؤلفات شهيدنا قال في ا لهامش:
نعينا باستشهاده مع ولديه السيد مصطفى والسيد مومّل غيلة على يد زمرة صدام مساء الجمعة 2/11/1419هـ والموافق 19/2/1999م والظاهر انه اغاض النظام.
انتهى كلام السيد الغروي الذي يعبّر عن حقد وحسد يشاركه فيه الكثير من رفاق الأمس اذ كان الصدر وكان العراق بينما هؤلاء تراجعوا حتى اصبحوا ذيولاً لأعداء السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) وشروه بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودة( ).
8 ـ السيد علي البعاج:
رجل دين معروف في العراق وهو امام جماعة مسجد جامعة النجف الدينية وله تأثير كبير في محافظتي الديوانية والحلّة.
حرّم الامام الصدر الصلاة خلفه وعندما سُئل عن السبب قال: سبحان الله، هو عندما كان الخوئي حيّاً أتاني البعاج وقال لي: سيّدنا يجب عليك طرح مرجعيتك، لأن اموال الحقوق الشرعية يلعب بها محمد تقي الخوئي وعائلته، وعندما طرحت مرجعيتي لم يريني وجهه، بل صار يدعو الى تقليد السيستاني، وهو يعلم ان السيستاني صنم جاء به محمد تقي الخوئي.
وقد كان في الجامعة مجموعة من الطلبة يقودها الشيخ فاضل العمشاني قد اصدرت منشوراً ضد شهيدنا بعنوان(دفاع عن بيضة الاسلام).
وكانت هذه المجموعة ممن يساند البعاج ومن هؤلاء الشيخ مهند الشيباني والشيخ ظاهر والشيخ عمار الاسدي والشيخ مكي والشيخ عمار الخفاجي... وعندما علم السيد كلانتر بهذا المنشور استدعى عمار الخفاجي الذي كان يشرف على توزيعه ولكن البعاج قلب الأمر وكان السيد كلانتر سريع التأثر به ومعروف عن كلانتر البساطة وطيبة القلب.
عندها بدأ البعاج بالتحريض ضد الطلبة الذين يقلّدون الامام الصدر(رض) فتم طرد عدد من هؤلاء الطلبة المؤيّدين للأمام الصدر لأنهم لا يصلّون خلف البعاج، فأشتكى الطلبة عند الامام الصدر فقال: عجيب ان كلانتر يعرف الحقيقة لماذا يتصرّف هذا التصرف؟ ويعرف البعاج ويعرف حقيقته.
فأضطر السيد الى ايواءهم في مدارس الحوزة.
وبقي عدد من الطلبة المقلّدين للامام الصدر الذين لا يمكن الاستغناء عنهم عندها اصدر كلانتر امراً بجواز الصلاة في غرف الجامعة لهولاء الطلبة وبعد ذلك عمل البعاج على قبول طلبة مؤيدين له في الجامعة حتى كادت الجامعة تصبح من اتباعه بشكل تام.
ولكن البعاج الذي له تأثير في الديوانية كما ذكرت فشل في هذه المحافظة خصوصاً بعد اقامة صلاة الجمعة وتوجه الجماهير أليها.
وكانت جامعة كلانتر تضم فئة تعمل ضد شهيدنا كنشر المنشورات ضده والاكاذيب وتثبيط الناس عن صلاة الجمعة وعلى رأس هؤلاء عقيل الرحيماوي وكاظم الناجي وعباس الفتلاوي.
9 ـ الشيخ عبد اللطيف البغدادي:
هو الخطيب المشهور وأحد وكلاء الحوزة التقليدية وآخرها السيستاني وله مؤلفات نقلية وله مجالس في أيام المناسبات يقيمها في بغداد في أماكن متعددة من العاصمة وكان يتردد كثيراً على مكتب الامام الصدر(رض) وكان يرحب به غاية الترحيب وكان كثيراً ما يأتي بكتبه الجديدة ليرى رأي شهيد فيها.
ولكن الأمور تغيرت بمجرد اقامة صلاة الجمعة فقد ارتقى الشيخ المنبر ايام شهر رمضان 1418هـ وألقى محاضرات يثبت فيها حرمة اقامة صلاة الجمعة وشن حرباً ضد الامام الصدر الى يوم الشهادة.
10 ـ السيد عقيل الخطيب:
أحد وكلاء الامام الصدر في بداية تصديه للمرجعيّة والداعي اليه بشدة، ولكنه كان محباً للمال فكان قد حصل على وكالات متعددة من باقي المتصدين وعندما حرّم الامام الصدر تعدد الوكالات انسحب من سيّدنا، وأخذ يدعو لتقليد السيستاني وهاجم صلاة الجمعة حتى انه كان يقيم الظهرين يوم الجمعة في جامع ـ العباس(ع) في بغداد الجديدة وقد كتب منشوراً يتهم فيه الامام الصدر بأنه هو المسؤول عن اغتيال البروجردي وان الامام الصدر تحت أمرته فرقة من قوات الطوارىء... الخ مما لا حاجة الى الاطالة فيه وهو صديق حميم لحسين الكظماوي (الصدر) وتوسط له ليحصل على بطاقة انتماء الى وزارة الاوقاف فكان ما أراد.
11 ـ الشيخ عبد الرزاق الواعظ:
أحد (الملالي) المعروفين في بغداد ويصلّي في حسينية الرسول(ص) في بغداد الجديدة وأحد وكلاء الخوئي ومن بعده السيستاني كان يقيم صلاة الجمعة في عقد الثمانينات بأمر من وزارة الاوقاف وبأذن من الخوئي ولما تصدّى الامام الصدر جاء للحصول على وكالة فأختبروه فكان مستواه ضحلاً فخرج من المكتب عازماً على العداء للامام الصدر وعندما أقام شهيدنا الجمعة قطع الواعظ الجمعة واصبح يصلّي الظهرين.
12 ـ الشيخ جميل القريشي:
أحد قدماء رجال الدين في بغداد يسكن في مدينة الكمالية، ويصلّي في جامع العلوي في مدينة العبيدي في بغداد، وهو احد وكلاء السيستاني، وكان في وقت من وكلاء الامام الصدر لكنه سحب وكالته منه عندما كان السيد جعفر مسؤولاً عن الوكالات بسبب وجود وكالات متعددة، وكذلك كذبه في قوله انه يدعو للامام الصدر.
أقيمت الجمعة في مسجده رغماً عنه وقد حدثت مصادمة مع الأمن بسببه في مدينة العبيدي، وكان قبل ذلك يقيم الظهرين وقت اقامة صلاة الجمعة وكان بعد ذلك يجلس في بيته وقت اقامة صلاة الجمعة من قبل امام الجمعة المنصّب من قبل الامام الصدر(رض).
13 ـ الشيخ علي البهادلي:
صاحب كتاب ـ فلسفة الشهادة ـ وهو امام مسجد في مدينة البياع وكان يدعو في بادىء أمره لتقليد السيد محمد علي الحمامي فلما توفي دعا الى السيد حسين بحر العلوم.
له مواقف سيئة جداً مع الامام الصدر، وكان يشنّع على شهيدنا في كل مناسبة، وكان يقيم الظهرين وقت اقامة صلاة الجمعة عناداً لها.
14 ـ الشيخ حسين القسام:
وكان رجلاً جباناً، ويخاف السلطة الى درجة أن أي ذكر فيه للسلطة كان يخفي رأسه، أقيمت الجمعة في مدينة الحي وهو وكيل للسيستاني فيها فعارضها بشكل خفي، وكان يشير على اصحابه بعدم الحضور الى الصلاة وكان قد ذهب الى الامام الصدر بعد ذلك للحصول على وكالة فرفض الامام الصدر ذلك.
كان يقيم الجماعة أحياناً في جامع الحي الكبير، ولمرضه كان يتخلف أحياناً كثيرة.
لا يمتلك أي مستوى علمي حتى على مستوى المقدمات.
والده الشيخ عبد الأمير القسام(رحمه الله) من وكلاء السيد محسن الحكيم والخوئي، وكان محبوباً عند أهالي الحي، وقد حاولت السلطات القاء القبض عليه في زمان خلا فمنعه أهل الحي، ووقفوا معه موقفاً بطولياً لا ينسى.
أخوه الشيخ حسن القسام نجل الشيخ عبد الأمير القسام، وهو من تلامذة الامام الصدر في جامعة النجف وهاجر الى ايران بعد الانتفاضة. وهو من دعاة الامام الصدر، تعرض لأذى كثير من قبل آل الحكيم في قم ويسكن حال كتابة هذه السطور فيها.
15 ـ الشيخ ربيع:
أحد وكلاء الحوزة التقليدية في مدينة (قلعة سكر) التابعة لمحافظة الناصرية، وقد عارض صلاة الجمعة في المدينة ووقف ضدهاً، وكان يقيم الظهر وقت اقامة صلاة الجمعة.
16 ـ السيد صالح الحيدري:
احد وكلاء الحوزة التقليدية، يقيم الجماعة في مسجد الخلاني في منتصف بغداد، وعندما أمر الامام الصدر أحد وكلاءه بأقامة الجمعة في هذا المسجد قام الحيدري بأبلاغ السلطات وكادت تحدث مجزرة.
وكان رجال الامن يقفون لحمايته في تلك الفترة.
17 ـ السيد هاشم المخراقي:
احد رجال الدين في النجف الاشرف، ويدعي الاجتهاد، وكان في باديء أمره متواجداً في مكتب الامام الصدر، وعندما علم الامام الصدر بأدعاءه للأجتهاد عرض عليه مسألة استدلالية: فقال: سيّدنا ولكني لست مجتهداً فهرب من لقاء السيد بعد ذلك.
وكان يشنّع عليه. وكان يتواجد في الحرم العلوي، ويقيم الجماعة وقت الظهرين ولكنه امتنع بعد ذلك، وكان يستقبل الزوار على انه آية الله العظمى هاشم الشيرازي، وكان يترصّد اي اجنبي في الحرم ليحاول الحصول على أي مبلغ ممكن، وقد حدثت مشاجرة مع السدنة بسبب ذلك.
كان يوزّع على الزوار بطاقة مكتوب عليها بالعربية والانكليزية (مكتب آية الله العظمى السيد هاشم المخراقي) وأعطى يوماً تزكية لأحد الطلبة فلم يوافق الامام الصدر على قبول الطالب فرجع الى المخراقي فأخبره فقال: حتى ترون انه مرجع للدولة.!!!
وقد حدثت مع الزوار الايرانيين حادثة مشهورة أذكرها بأختصار، دخل وفد من الزوار الايرانيين الى حرم أمير المؤمنين(ع) فكلّمهم وكان يجيد الفارسيّة، وكانوا قد ذهبوا الى الامام الصدر قبل ذلك واعطوه مبلغاً من جهة الخمس، فقال لهم المخراقي: انكم لا تعرفون هذا الرجل انه عميل للدولة.
وبعد ذلك في مدينة كربلاء التقوا بأحد رجال الدين من معارفهم فحدّثوه بكلام المخراقي وقالوا اردنا العودة الى الامام الصدر لنستعيد المبلغ فمنعتنا هيبته فأفهمهم الرجل بالحقيقة.
كان المخراقي يتهم محمد تقي الخوئي بأنه قد دس السم الى السيد عبد الأعلى السبزواري.
18 ـ السيد محمد حسين النوري:
رجل دين في مدينة العزيزية التابعة لمحافظة الكوت، كان أول أمره يحاول التقرب من الامام الصدر(رض) ولكنه ما برح أن انخرط في الخط المعادي لشهيدنا، وكان يردد لا يجوز تقليد الأجرب يعرض بمرض بسيدنا المفدّى(رض).
19 ـ الشيخ عبد الأمير الجابري:
رجل دين في النجف، كان أول أمره وكيلاً للامام الصدر(رض) ولكنه زوّر ختم شهيدنا على وصولات للحقوق الشرعية وبعد ذلك اكتشف الأمر، فأفتى الامام الصدر بفسقه، وبعد مدة عاد الى شهيدنا تائباً، ولكن شهيدنا لم يكن يثق به، أدعى الاجتهاد بعد شهادة الامام الصدر وتصدّى للمرجعيّة في الوقت الحالي في النجف وهو ليس أهلاً أن يكون استاذاً لمواد السطوح فضلاً عن البحث الخارج.
20 ـ آل البغدادي:
وهم السيد احمد البغدادي والسيد علي البغدادي وأخوتهم، وهم عائلة معروفة من احفاد السيد المجاهد الحسني البغدادي، وقد كانوا معادين للخوئي في زمانه وكانوا يجاهرون بعدائهم للحوزة التقليدية كانوا في بادىء الامر من المعادين لخط شهيدنا ولكن تصريحاتهم كانت خفية نوعاً ما، ولكن في الأيام الأخيرة تركوا نظرتهم لشهيدنا ولم يدركوا مدة كافية معه، وكان السبب في
تحو لهم رسالة بعثها السيد أحمد البغدادي بعد خروجه الى ايران وسوريا وكان مضمونها انه بحث بين علماء الاسلام فلم يجد احرص على الاسلام من الامام الصدر فأوصى بأتباعه ونصرته، فمازالوا بعد الشهادة يشيدون بحركة الامام الصدر ويعضّون أصابع الندم على مخالفته للسيد علي البغدادي موقف مخزي ذكرته في ليلة الدم أذ رفض وخاف أن يستلم الشهداء من آل الصدر من المستشفى.
21 ـ الشيخ محسن الحسناوي:
وهو أيضاً من رجال الدين المعروفين في النجف، واستاذ في مواد السطوح.
كان مع شهيدنا منذ بداية تصديه للمرجعيّة، ولكنه انحرف عنه ورافق بشير الباكستاني سنوات عديدة، فأطلع على حقيقة الباكستاني فتركه وعاد لنصرة شهيدنا في الاشهر الأخيرة.
22 ـ الشيخ صادق الناصري:
وهو أيضاً من رجال الدين المعروفين في النجف،واستاذ في مواد السطوح، وقد كان كسابقه الحسناوي، ولكنه انحرف عن شهيدنا ولم يعد اليه.
23 ـ الشيخ فاضل العمشاني:
من طلبة جامعة النجف، وقد أُعدم على يد النظام بعد اكتشاف صلته ببعض الحركات الاسلامية. كان له موقف سيء مع شهيدنا وكان مع اصحابه ممن يروجون ضده الأكاذيب وقد نشروا منشورات كثيرة تقدح بالامام الصدر منها:
1 ـ دفاع عن بيضة الاسلام.
2 ـ الا ستكبار العالمي يلعب بورقة المرجعيّة، وغيرها وكان لهم نشاط في مدينة الثورة إلاّ ان حركة شهيدنا جمّدت عملهم.
يتبع انشاء الله في الحلقة القادمة
بووردة
04-14-2005, 08:07 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 29
24 ـ السيد رضي المرعشي:
من الشخصيات العلمية المعروفة في النجف ومن طلبة الخوئي المشهورين إلاّ انه اثبت ضحالة مستواه لانسحاب أغلب الطلبة الذين كانوا يدرسون عنده كتاب(كفاية الاصول) له موقف مخزي مع شهيدنا وكان يتّهمه بالعمالة للنظام صراحة وقد ذهبت اليه مع خمسة من طلبة النجف وهم: 1 ـ الشيخ البغدادي.
2 ـ الشيخ المالكي. 3 ـ الشيخ الناصري. 4 ـ الشيخ السعدي. 5 ـ السيد النوري. وناقشناه حول مسألة الأعلمية والتقليد فكان يتخبط في جوابه حتى الزم نفسه أخيراً بعدم القول بأعلمية السيستاني بل شاركه مع الميرزا علي فلسفي في المستوى مع الكثير من التناقضات، وكان يموّل الحركة الاعلامية ضد شهيدنا عن طريق الاموال التي جعلها له السيستاني من خلال رصيد مفتوح فكان يشتري ذمم البعض ممن ضعفوا امام هذه الاموال.
25 ـ آل الغريفي:
وعلى رأسهم السيد علاء الغريفي الذي ادّعى الاجتهاد إلاّ ان شهيدنا نفى ذلك بشدّة كانت لهم علاقات في بغداد فاستغلوها ضد شهيدنا وكان علاء الغريفي يقول لبعض زائريه: أنشروا بين الناس أن الدولة أغلقت كل المكاتب إلا مكتب محمد الصدر.
26 ـ الشيخ مهدي الآصفي:
في الوقت الذي كان العراق يمرّ بمحنة وفي أوج المواجهة مع النظام وذلك بعد احداث محافظة الناصرية، كان الآصفي وعبر جهاز الراديو يصرّح في محاضراته ان هناك ولاية غير شرعية تدّعي ما تدّعي الخ مما يدل بشكل واضح انه يهاجم الامام الصدر(رض).
27 ـ آل الحمامي:
المتمثّلون بالسيد محمد علي الحمامي وأخيه السيد محسن الحمامي وأولادهما، وهم من اعداء الامام الصدر منذ بداية التصدّي وكلمة الامام الصدر مشهورة بخصوص عدم ثبوت اجتهادهما.
بل قال ان محسن الحمامي شخصيّة مجهولة أو مشبوهة.
28 ـ آل كاشف الغطاء:
بالأخص منهم أولاد الشيخ علي آل كاشف الغطاء صاحب الموقف المشهور في مؤتمر بغداد، حيث كان الاكبر من أولاده محمد رضا متعاون مع النظام، وصديقاً خاصاً لعلي حسن المجيّد، وقد كان يتواجد في بغداد في أماكن مشبوهة ويتملك أراضي ومزارع كثيرة.
استحوذ على مدرسة المهدية التي تقع خلف مسجد الطوسي وجاء محمد رضا الى مكتب الامام الصدر وقال للسيد مصطفى الصدر:
المدرسة اعطانيها السيد الرئيس ولا يمكن لأي شخص ان يأخذها منّي.
فأجابه السيد مصطفى: استهدي بالرحمان.
وبالفعل جاءوا في اليوم التالي بمجموعة مسلّحة من رجال الأمن وسيطروا على المدرسة وقد ساعدهم في ذلك بشير الباكستاني وأعطاهم أموالاً على ان توضع صورّه في كل غرفة من غرف المدرسة.
و لهذه العائلة سمعة أخلاقية سيئة جداً في النجف، وكان منهم من يعمل مع الأمن وكان يتواجد في الحرم المطهر ليتصيّد الطلبة المطلوبين للنظام وهذا ما حدث معي بالذات.
29 ـ السيد حسين العلاك:
أحد قدماء الحوزة التقليدية في مدينة الثورة، ومن وكلاء السيستاني المعتمدين في بغداد، ولم يعرف عنه موقف مشرّف تجاه حركة شهيدنا وصلاة الجمعة.
30 ـ الشيخ رعد الخالدي:
من رجال الدين البارزين في محافظة الحلّة، ومن وكلاء السيستاني المعتمدين هناك، وقد شارك في الحملة الاعلاميّة ضد صلاة الجمعة، وكان أحد الأركان الرئيسيّة في التقليل من مشاركة هذه المحافظة في تلك الصلاة المباركة.
31 ـ السيد علي المدني:
نجل السيد عبد الكريم المدني العالم المعروف في محافظة ديالى، حيث كان علي المدني من أعوان النظام المعروفين، وكانت له سيطرة مطلقة على هذه المحافظة، وكانت له اليد الطولى في منع صلاة الجمعة في مركز المحافظة، إلاّ ان سيّدنا اصرّ على اقامة الصلاة في هذه المحافظة فأقيمت في الخالص وخرنابات وغيرهما، مع التضييق المستمر من قبل هذا الرجل.
وقد ذهب الى ديالى أحد الطلبة للصلاة في أحد المساجد والوعظ فبعث اليه وقال له:
اذا اردت البقاء في ديالى فعليك ان تنسى شيئاً اسمه النجف، وان تراجعني في كل شيء فاذا رفضت فالأفضل لك ان ترحل فوراً.
32 ـ عبد الغفار الأنصاري:
من اقدم رجال الدين في محافظة العمارة في حي السراي امام جماعة مسجد الأنصاري، وكيل سابق للسيد محسن الحكيم ومن بعده الخوئي ومن بعده الوكيل المعتمد للسيستاني، أصبح الرجل الوحيد المسيطر في العمارة بعد اغتيال الشيخ علي العبادي، الذي يعدّ من الشخصيات الجهادية المهمّة وقد تم اغتياله بالسم في نهاية عقد السبعينات، وتولّى شؤون مسجد النجارين بعد وفاة الشيخ علي أبنه الشيخ أحمد العبادي (الذي كان بينه وبين عبد الغفار الأنصاري جفوة بسبب التفاف الناس وخصوصاً الشباب حول الشيخ أحمد وكان سبب التفاف الناس حوله ونفرتهم من عبد الغفار الأنصاري كون الأخير اوقافياً أي موظّفاً في وزارة الاوقاف).
وعندما انتفض الشعب في شعبان كان الشيخ أحمد قائداً للجماهير في العمارة بينما كان الأنصاري جالساً في بيته، ولم يصرّح بكلمة واحد، وبعد دخول الجيش وخروج الشيخ أحمد الى ايران ووفاته فيها انفرد الانصاري بالعمارة فأصبح له التصرف المطلق فيها نفوساً وأموالاً. ومارس الصلاة على طبيعة المسلك التقليدي ولم يتدخل في أي شأن عدا الاستخارة وصلاة الجماعة وقبض الاموال. ولم يوصل اي وصل مختوم من قبل النجف بالأموال التي قبضها.
وكان يحضر مناسبات الدولة كالاحتفالات وهو طوع بنان الأجهزة الحزبية والامنية، وبقي على هذه الحال الى ظهور الامام الصدر فدخل في مرحلة جديدة اذ شهر سيفه ضد الامام الصدر وضد صلاة الجمعة وكان يقول:
من صلاّها من العلماء من قبل وانها لا تجزي عن صلاة الظهر. وكان يقيم الظهرين في مسجده في الوقت الذي تقام فيه الجمعة، وكان بالقرب من مسجده حسينيّة قديمة فارغة ومهملة فصلّى فيها الشيخ حسين المحمداوي، فأتجه الشباب اليها، وفرغ مسجد الانصاري من المصلّين وذلك لان الغالبية العظمى من أهل العمارة يقلّدون الامام الصدر، فتحرّك اصحاب الجباه السود من اصحاب الانصاري، وأتصلوا بالاوقاف فجاء الامر بمنع الشيخ المحمداوي من الصلاة وتم غلق الحسينيّة.
والجدير بالذكر ان عبد الغفار كان له وجود محترم عند السيستاني، وذلك لان ولده محمد حسن الانصاري الساعد الايمن للسيستاني كما لا يخفى.
كان في العمارة تاجر سلاح دولي عميل للمخابرات العراقية اسمه(عبد الرزاق مسلّم) وكان يمتلك حانات لبيع الخمور، وملاهي، وصالة عرض سينمائي، فقامت المخابرات العراقية بتصفيته سنة 1998م لأنه كان يحمل اسراراً ومطلوباً من قبل لجان التفتيش التابعة للامم المتحدة، وبعد مقتله قسّمت امواله على الورثة، فقاموا بجمع مبلغ كبير لغرض تعمير احد المساجد من الاموال المورّثة (ولم يقوموا بتنظيف هذه الأموال التي مصادرها محرّمة قطعاً) وأعطوا الاموال لعبد الغفار الانصاري الذي قام بهدم المسجد، وبناءه بهذه الاموال في الوقت الذي كان المسجد لا يستوجب اعادة بناء، وكان الوضع الاقتصادي مزرياً جداً بسبب الحصار كما هو معلوم.
وعندما رفع استفتاء الى الامام الصدر حول جواز الصلاة في هذا المسجد أجاب(رض): (أنه لا يجوز الصلاة فيه إلاّ بعد تحليل الأموال أمام الحاكم الشرعي).
فأمر عبد الغفار الأنصاري بكتابة مايلي: (تم تشييد هذا المسجد على نفقة الحاج عبد الرزاق مسلّم) على الحجر فوق الباب الخارجي للمسجد، وبعد استشهاد الامام الصدر(رض) لم يتغيّر حاله بمقدار أنملة ولم يقم بأي مجلس تعزية، وكان يومه طبيعياً وأقام الصلاة ولم يتحدّث عن الشهادة أصلاً.
بل ذهب لحضور فاتحة والدة (عزيز صالح النومان) المجرم المعروف، والمسؤول الحزبي في الكوت والعمارة، وقراءة سورة الفاتحة وتعزية المجرم عزيز النومان.
كان مشتركاً مع احد الاثرياء المدعو ـ حاج ستار الفيتر وكان سبب غناه الأموال التي تصل اليه من جهة الحقوق الشرعية من حيث اعطاه السيستاني وكالة مع العلم انه من الجهلة وحالق اللحيّة.
ومن الحوادث انه جاءه احد الاشخاص وقال له هناك عائلة فقيرة جداً فقال: لا أظن انه يوجد فقير في العمارة.!!
فقال: هلم معي بسيارتك فذهب ومعه ولده فرأوا حال العائلة بأسوأ حال فعرفهم ولده فقال له: ان ولدهم يصلّي الجمعة فتركوهم وأنصرفوا ولم يعطوهم شيئاً.
كان اي انسان من العمارة يحتاج الى مساعدة عند مكتب السيستاني لابد له ان يأتي بتوثيق من عبد الغفار وإلاّ فلا شيء.
33 ـ السيد هاشم الدنيناوي:
أحد وكلاء الامام الصدر(رض) في باديء الأمر، ومن اول الدعاة لمرجعيته، وهو أمام مسجد النجارين في منطقة (السرية)، وكان رجلاً دنيوياً وبدرت منه العديد من المخالفات ورفع امره الى الامام الصدر فهاجم أولاد الامام الصدر وأغلظ بالسب لهم. فسحبت منه الوكالة فانقلب عن الامام الصدر وهاجمه بشدة وأنزل صورة الامام الصدر من مسجده وعلّق صورة السيد الحمامي وأخذ يدعو له.
وبعد اقامة صلاة الجمعة شن عليها حملة اعلامية فاشلة الى حال استشهاد الامام الصدر(رض) وهو الآن منبوذ في العمارة من قبل الجماهير.
34 ـ محمد فلك المالكي:
وهو احد وكلاء السيستاني في مدينة البصرة / الزبير، ودعاته النشطين وكان من الد اعداء الامام الصدر وكذلك كان يتحامل على السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) ويقول انه ألقى نفسه في التهلكة ولم يعمل بالتقية.
وكان يعارض صلاة الجمعة، وهو الذي منع اقامتها في الزبير، وقوله مشهور عندما اراد الشيخ احمد المالكي الصلاة في الزبير قال محمد فلك: اذا اقاموا الجمعة في الزبير فسوف اجعل الأمن والوهابيين يسفكون دماءهم في الشوارع.
وحسب معلومات مؤكّدة فقد سلّمه الوهابيون مبلغاً كبيراً لقاء عدم السماح بأقامة الجمعة من قبل وكلاء الامام الصدر.
وكانت علاقته جيدة مع رجال الامن، ويقيم لهم الولائم، بالاضافة الى كون المحافظ صديقه، وكان ارتباطه المباشر بحسن الكوفي وعلاقته حميمة اذ كان يزوره في مدرسة اليزدي بأستمرار.
وقد ذُكر محمد فلك عند الامام الصدر فقال عنه بأنه: يخدم امريكا واسرائيل من حيث يعلم.
وحينما شاعت علاقته بالوهابيين، واستلامه مبالغ طائلة منهم لغرض منع صلاة الجمعة ساءت سمعته في البصرة، فأخذ عدداً من اهالي الزبير، وأدخلهم على السيستاني فقال لهم: هنيئاً لكم بمحمد فلك فانه ملاك يمشي على الارض، محمد فلك ولدي الواصل اليه واصل الينا.
35 ـ ياسر الركابي:
وهو من مقلّدي السيد حسين بحر العلوم، ووكيله المطلق، وكان يأتي الى البصرة، ويطعن بالامام الصدر ويقول هو مع الدولة، وكان يحارب صلاة الجمعة في البصرة، ويقول هي حرام وباطلة.
36 ـ علي عبد الحكيم الصافي:
وهو اكبر الشخصيات الدينية والاجتماعية في البصرة، ووكيل سابق للخوئي، وحالياً للسيستاني، وكان من المضادين لحركة الامام الصدر، ويصلّي الظهر يوم الجمعة في الوقت الذي تقام فيه صلاة الجمعة بأمامة الشيخ صالح الجيزاني وعلى مسافة قريبة، وتصل اليه أموال طائلة، وكان يشغلها لدعم مكانته والدعوة للسيستاني، وقد حدثت حادثة اشتهرت في البصرة، وهي ان امرأة وابنتها جاءتا اليه لغرض صرف راتب لكونهما من غير معيل، وكان الأب لهذه الاسرة قد استشهد على يد النظام: فخلا بالبنت وعرض عليها ان يساعدها ولكن بشرط ان يتمتع بها، فخرجت هاربة من دون عباءة.
ويتملك علي عبد الحكيم العديد من البيوت الفارهة مقابل ميناء المعقل.
37 ـ محمد رضا الخفاجي:
وهو خطيب مشهور، وقد سافر في الثمانينات الى لبنان في حين كان السفر ممنوعاً، وكان من المحاربين لحركة الامام الصدر، ومن المقرّبين لمحمد سعيد الحكيم، وفي شهر رمضان 1418هـ في محافظة البصرة في حي الجمهورية حسينية الامام المجتبى قام بألقاء محاضرات و مجالس تعزية.
وكان سبب قدومه الى البصرة، انه بعد اقامة صلاة الجمعة في البصرة، وحدوث توجه جماهيري لصلاة الجمعة وتقليد الامام الصدر(رض)، اجتمعت مجموعة من الشخصيات المعادية للامام الصدر، وهم علي عبد الحكيم ومحمد فلك وعبد الكريم البطاط ونوري دكسن وشيخ رشاد المظفر.
وتدارسوا الوضع المتأزم بالنسبة لهم ولسحب البساط من تحت اقدامهم، فقرروا استغلال شهر رمضان واستدعاء أحد الخطباء خلال هذا الشهر لاقامة مجالس والتنويه فيها عن بطلان صلاة الجمعة وتشويه حركة الامام الصدر.
وعندما ذهبوا الى النجف التقوا بمحمد سعيد الحكيم ومحمد رضا السيستاني نجل علي السيستاني فأقترحا ان يأخذوا معهم الشيخ محمد رضا الخفاجي.
وعندما شرع في مجالسه في اول يوم من شهر رمضان، ذكر في محاضرته أن صلاة الجمعة بدعة والذي افتى بها صاحب بدع وغيرها من هذا النمط، وفي اليوم التالي أي الليلة الثالثة قرر مقلّدوا الامام الصدر عدم السماح له بالتمادي حتى لو ادّى الأمر الى سفك الدماء، فحاول الشيخ صالح الجيزاني اصلاح الأمر وتحدّث مع الخفاجي ان الامر وصل الى مرحلة خطرة عندها، قال الخفاجي بأعلى صوته: اخوان مداس السيد الصدر على رأسي، وسوف أحضر صلاة الجمعة في الجمعة التالية وكل انسان يغلط والله يغفر ألا تغفرون؟ وبعد ذلك ارتقى المنبر واعتذر عن كلامه السابق، وبكى خوفاً، وتم الاتصال بالنجف فبارك السيد الصدر هذا العمل، فلم يحضر الخفاجي أي مجلس بعد هذه الليلة وتعهد بعدم دخول البصرة أبداً.
وفي اليوم الثالث ترقى المنبر الشيخ محمد فلك المالكي وقال: انا بريء من كل واحد يطعن في الامام الصدر وكذلك فعل السيد علي عبد الحكيم وكما هو واضح طابع الخوف على هذه التصريحات.
وفي السنة التالية اي شهر رمضان لعام 1419هـ جاءوا به بعد ان تعهد بعدم التطاول على الامام الصدر أو صلاة الجمعة، فأقام مجلسه في مدينة التنومة في احدى الحسينيات، وفي اليوم الثاني ذكر في مجلسه، ان هناك البعض ممن يعتبرون التدخين غير مفطر للصوم، وهذه الفكرة اصلها وهابيّة فقاطعه احد مقلّدي الامام الصدر وقال له: يبدو انك لم تتأدب من العام الماضي، ألم نقل لك ان لا تتعرض للامام الصدر.
فنهض اثنان وثلاثة وحدثت ضجّة فأنتهى المجلس، وخرج شباب الصدر راكضين الى بيوتهم ليأتوا بعصيَّ لتأديبه وكاد الخفاجي أن يسفك دمه، فأخرجوه راكضاً من الحسينية بعد ان سقطت عمامته وهرب من الحسينية، وفي اليوم التالي عاد الى نفس الحسينية متحدياً، وبعد خروجه تم اطلاق النار عليه من قبل اثنين وهما على دراجة وكاد ان يقتل.
وفي اليوم التالي عاد ومعه حماية من الشرطة والامن ومقلّدي السيستاني، فأكمل باقي الشهر في جامع الملاك في العشار الذي يصلّي فيه الشيخ رشاد المظفر، وبعد ذلك فهمنا ان الخفاجي قد دفعت له الشخصيات السابقة علي عبد الحكيم ومحمد فلك والآخرون مبلغاً مقداره مليون دينار.
38 ـ الشيخ رشاد المظفر:
وهو رجل متعمم، ولكنه لم يصل الى الحوزة، ومستواه كباقي الملالي الذين مهمتهم الضحك على الناس من اجل الاموال. وهو أعمى العينين، وكان في بادىء الأمر وكيلاً للامام الصدر ولكن السيد جعفر الصدر (وكان مسؤولاً عن الوكالات) رفض تجديد الوكالة ذلك ان الامام الصدر يرفض اعطاء الوكالة في حال كون الشخص يمتلك اكثر من وكالة لأكثر من مرجع.
وكان السبب في ارتداده عن الامام الصدر اضافة الى سحب الوكالة ان مقلّدي الامام الصدر اعطوه مبالغ من الحقوق فأخذ الاموال وشرطوا عليه توصيلها الى الامام الصدر، فجاء الى مكتب الامام الصدر ورمى بالمبلغ امام السيد فأخذ الاموال ورمى بها اليه وقال له، أعمى الله بصيرتك كما أعمى بصرك فكان بعد ذلك المنطلق لكل عمل ضد الامام الصدر في البصرة.
39 ـ الشيخ يونس المظفر:
وهو وكيل سابق للخوئي في مدينة القرنة، وبعد ذلك وكيل للسيستاني، وبعده لبشير الباكستاني، وكانت تصل اليه اموال طائلة من الباكستاني، وكان يوزّع هذه الاموال بشرط تقليد الباكستاني، ويتبرع للمساجد باسم الباكستاني أيضاً، وكان ولده تاجراً معروفاً من تجار الخمور، والمسؤول الأول عن توزيعها في القرنة وكالمعتاد كان من الذين يشنعون على الامام الصدر، ويهاجم صلاة الجمعة، وكانت له علاقات واسعة ووطيدة مع رجال الامن، ومن المنظمين في تنظيمات حزب البعث، وكانت التقارير ترفع ضد وكلاء الامام الصدر من قبله، وقد جاء بعد ذلك الى مكتب الامام الصدر، وطلب منه ان يقيم الجمعة بنفسه نظراً لتوجه الجماهير الى صلاة الجمعة وفرغ مسجده من المصلّين، وهو مسجد القرنة المركزي فأحاله الامام الصدر الى امام جمعة القرنة الشيخ عدنان السيلاوي، فحصل رفض عام من اهالي القرنة لمعرفتهم بفسقه.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 08:13 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 30
ـ السيد احمد نور الدين شبّر:
وهو المشهور بسيد نور شبر ووالده السيد عباس شبر أحد رجال الدين في البصرة وتولى مهمة القضاء الشرعي في أحدى محاكم الدولة وذلك في فترة ما قبل تولي البعثيين السلطة.
وسيد نور وكيل السيستاني، غير معمم وليس متفقهاً، ولم يدرس في الحوزة، وكان موظّفاً في احدى الدوائر الرسميّة، والقي القبض عليه في بداية الثمانينات بتهمة الرشوة وسجن على اثرها مدة.
امام جماعة مسجد آل شبر في محلة أبي الحسن في البصرة القديمة.
تحامل على مرجعيّة الامام الصدر منذ أول يوم تصدى فيه السيد للمرجعيّة ويتهم السيد بالعمالة وكان من المعتمدين عند السيستاني ويمتلك بيوتاً كثيرة وفارهة في حي الجزائر وحدث ان اشترى سيد نور عدة خلايا نحل في سنة 1995م وفي اشد حالات الحصار على الشعب العراقي بقيمة 000/1000 دينار.
وكان يحضر النساء داخل المسجد في غرفة في الطابق العلوي ويدّعي انه يحل مشاكلهن والله العالم
هاجم صلاة الجمعة منذ بداية تأسيسها، لان مسجد الفقير الذي كان الشيخ المالكي يقيم الجمعة فيه قريب من مسجده، فكانت جموع المصلّين خارج المسجد تجتاز باب مسجده، فجن جنونه، فكان يؤخر الاذان الى منتصف خطبة الشيخ المالكي ويطيل في الاذان لغرض التشويش على الخطبة.
41 ـ حبيب الخطيب:
احد رجال الدين في محافظة الكوت / مدينة النعمانية، القدماء وهو السند المعوّل عليه من قبل النظام في المحافظة وكان صديقاً حميماً لروكان عبد الغفار أبن عم الطاغية وحسين الصدر.
كان يمثل الدولة في عدة مناسبات، ويحضر احتفالاتهم التي تشتمل على الغناء والرقص كما هو مشهور، وقد ظهر اكثر من مرّة من على شاشة التلفزيون خلال هذه الحفلات.
احد وكلاء السيستاني في الكوت، والشخصيّة الأولى فيها هاجم الامام الصدر بكل قوته وطارد مقلّديه مع أجهزة النظام، وقد كتب تقريراً مفاده ان هؤلاء المقلّدين وعلى رأسهم الشيخ الشهيد محمد النعماني والشيخ علي النعماني والشيخ نذير النعماني عملاء لايران، ومنظمون في احد الاحزاب الاسلامية، فتمت مهاجمة مناز لهم وأختفى الشيوخ لفترة في النجف بعد ملاحقة من قبل أجهزة النظام، وحاصر صلاة الجمعة بشدة مما اضطر الامام الصدر الى ابدال ائمة الجمعة عدة مرات في مدينة النعمانية نظراً للضغوط التي كانت تمارس عليهم، والقاء القبض عليهم اكثر من مرة من قبل مديرية امن الكوت.
42 ـ الشيخ جواد الغراوي:
احد أهم وكلاء الخوئي والسيستاني في مركز محافظة الكوت، منزله في حي الزهراء، ومسجده في مركز المدينة، وله دور كبير في محاربة صلاة الجمعة ومرجعيّة الامام الصدر، وقد استعان باجهزة النظام من اجل الاستيلاء على مسجد العزة القديمة بعد ان اراد احد وكلاء الامام الصدر الصلاة فيه، وحدثت مصادمة مع الحزبيين في هذا المسجد الذي اغلق بعد ذلك ووضعوا نقطة حراسة فيه، وقد كان الغراوي صاحب الدور الريادي في هذه القضية من خلال بذل الاموال والولائم العديدة الى رجال الامن والحزب، فتم ما أراد.
43 ـ السيد عبد الكريم البطاط:
أحد وكلاء السيستاني وبشير الباكستاني وامام جماعة مسجد الامام موسى الكاظم(ع) في حي الحسين(ع) في الحيانية، وله تاريخ مشهور اذ اعتقل في السبعينات اكثر من مرة لكونه وكيلاً للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس)، وتذكر له حادثة مشهورة: بعد استشهاد السيد محمد باقر الصدر تعاون مع النظام بشكل سافر، وفي منتصف الثمانينات أرسل مع بعثة وزارة الاوقاف الى الحج، فجاءوا بخبر وفاته في الحجاز، ولكنه كان متفقاً مع المخابرات العراقية حول خطة لكشف التنظيمات السرية للاحزاب الاسلامية، وقيل لأغتيال السيد الخميني فسافر بشكل أو بآخر الى ايران بحجة انه معارض للنظام، وعندما وصل الى ايران اجتمع مع اقطاب المعارضة وحصل على بعض المعلومات، وقد قابل السيد الخميني ويظهر ان مهمته باءت بالفشل اثناء الحصول على معلومات تخص المعارضة العراقية في ايران، فسافر بعد ذلك الى سوريا واجتمع مع بعض اطراف المعارضة هناك، ثم سافر الى المغرب والتقى السفير العراقي آنذاك، فأصدر النظام عفواً شكلياً لمدة 24ساعة لغرض ادخال البطاط الى العراق، وتم ذلك لكي يستمر في عمله كرجل دين في داخل العراق بصورة سليمة، واستقبله في المطار المجرم علي حسن المجيّد.
وبعد تصدي الامام الصدر للمرجعيّة كان من مناوئيه، وهاجم صلاة الجمعة مع ولده عماد البطاط وهو معمم في النجف.
وكان هذا الأخير يهاجم السيد الخميني في مجالسه الخاصة والعامة.
وكان (لعنه الله) يطعن في نسب السيد الخميني، وكان عبد الكريم البطاط يهدد شباب البصرة بالاعتقال في حال الاستمرار بنصرة الامام الصدر(رض).
وعندما يأس منهم، صار يرفع التقارير الى الجهات الامنيّة باسماء العشرات من الشباب بتهمة انهم منضمون الى احزاب محظورة.
اصيب بمرض في القلب، فأعطاه السيستاني مبلغاً كبيراً لكي يعالج في الخارج فسافر للعلاج، وحسب المعلومات من أحد المقرّبين له قال ان السيستاني قال له هذا المبلغ لك بشرط ان تصرّح بأن الأعلميّة في النجف الاشرف للسيد السيستاني، وعندما عاد الى البصرة صرّح بهذا التصريح ولكن بدون فائدة والحمد لله.
44 ـ محمد حسن عليوي الخضري ًأبو عفاف الناصريً:
كان وكيلاً للسيد الصدر وكذلك للسيستاني والغروي وبحر العلوم وسعيد الحكيم وكان في باديء أمره معلماً في أحدى المدارس الأبتدائيه ودرس في كلية الفقه لمدة سنتين وترك الدراسة.
كان امام جماعة مسجد (أهل البيت) وله تأثير كبير على شباب المحافظة في الناصرية وكان قد أوعز الى كافة المساجد والحسينيات بعدم السماح لأي شخص بالصلاة أماماً الا بأذن منه وكان يسمى (مرجع الناصرية).
وحدثت حادثة في منتصف التسعينات اذ أخذ أموالاً من أحد مقلدي الامام الصدر بعنوان أن يوصلها الى الامام الصدر فأخذها أبو عفاف وأعطى قسماً منها للامام الصدر وآخر للسيستاني وآخر للغروي وآخر لبحر العلوم.
وفرق الباقي على محتاجين حسب ادعاءه فرفع الامر الى الامام الصدر وكان موجوداً في المكتب بعد أن استدعاه الامام الصدر فحدث كلام شديد وتهجم على الامام الصدر بكلام لا يليق.
فسحبت منه الوكالة فعاد الى الناصرية فأعلن أن الاعلمية محصورة بين السيستاني والغروي وكان اليوم يوم جمعة فأعلن ذلك بين صلاتي الظهرين فأنسحب من المسجد المئات من مقلدي الامام الصدر.
وبعد أقامة صلاة الجمعة أصدر كراساً تعليقاً على بحث للسيد هبة الدين الشهرستاني وذكر فيه حرمة أقامة صلاة الجمعة ودعم هذا الكتاب من مكتب السيستاني بمليون دينار عراقي وألقى محاضرةً في يوم الجمعه قال فيها: أن صلاة الجمعة محرمة بأفتاء ثلاثة عشر مرجعاً في النجف منهم نعمة الله الجزائري وعلي البهشتي.
فراجع أهل الناصرية هذين السيدين فكذبا هذا الادعاء.
قام بعد ذلك بنصب لافتة كبيرة داخل المسجد كتب عليها: صلاة الجمعة فتنة فتنة فتنة وكل من قال بوجوبها كاذب كاذب كاذب.
وبقيت هذه اللافتة ثلاثة أيام فأنز لها بعد أن كان مقلدوا الامام الصدر قد هددوه.
فرفع أستفتاء الى الامام الصدر ذكروا فيه كل هذه الامور فكان(رض) يجيب: هذا رأيه غفر الله لي وله.
فكرروا الاستفتاء مرتين فكان يجيب بنفس الجواب ولكن أبا عفاف لم يرتدع وكان يزداد عتواً فرفع بشأنه أستفتاء أخير فأجاب(رض) فيه: هذا رجل كنا نُحسن الظن فيه ثم أنكشف على أنه شيطان جساس فلذا نهيب بالأخوة المؤمنين أن يحذروا منه ومن كان على شاكلته.
فأدعى أبو عفاف بعدها بأنهُ أعلم من الامام الصدر فأجاب(رض) حينها: بأن الرجل حتى لم يكمل كلية الفقه فكيف يكون مجتهداً فضلاً عن كونه أعلم.
وأبو عفاف كما هو معروفٌ عنه لم يدرس في الحوزة وحتى لو درس فلمدة لا يحتمل فيه الأجتهاد أصلاً.
وأدعى بعد ذلك أن الأمام الصدر يريد تحريف القرآن فجاء أحدهم فذكر ذلك له فقال(رض): أبو عفاف تربية محمد تقي الخوئي فألى الجحيم هو ومحمد تقي الخوئي.
بعد أستشهاد الامام الصدر بقي أبو عفاف على عدائه وغيه.
45 ـ السيد مجيد جاسم الطالبي الموسوي:
رجل دين من اهل الناصرية وامام جماعة مسجد أبي الفضل العباس (ع) ومسجد الامام الجواد (ع) وكان وكيلاً للامام الصدر وكذلك يحمل ست وكالات اخرى.
وكان يوزع نسخ من رسالة الامام الصدر.
فحدثت مشكلة بخصوص صلاة الجمعة فدخل في قلبه شيءٌ.
وذلك أن أمام الجمعة نقل صلاة الجمعة من مسجد الجواد(ع) الذي يصلي فيه السيد مجيد الى مسجد الامام فأستعظم ذلك.
وبنا في بيته قبة ومنارتين فقال له الامام الصدر(رض): هل تريد أن نعمل لك زيارة السلام عليك يا صاحب القبة البيضاء.
فأعلن أنهُ قلد السيستاني وتولى توزيع كراس أبي عفاف عن حرمة أقامة صلاة الجمعة عرض عليه الامام الصدر قبل هذه الحادثة أن يقيم صلاة الجمعة في البطحاء فقال أنا لست خطيباً فقال له(رض): أكتبها مثلي في ورقة فقال سيدنا فيها الكثير من الوهابيين.
وبعد ذلك سألهُ أحدهم عن السبب فقال سوف يقتلني الوهابيون فأرسل اليه الامام الصدر وقال له: وكالتك متوقفة على أقامة الجمعة في البطحاء. فرفض
46 ـ الشيخ عامر الخطيب:
أحد طلبة جامعة النجف الدينية وأحد وكلاء الامام الصدر سابقاً في الناصرية وكان من دعاة صلاة الجمعة بشدة بعد أقامتها ذهب الى الامام الصدر وطلب منه اقامة صلاة الجمعة بأمامته فرفض الامام الصدر وذلك لأمور أخلاقية لا يقتضي المقام ذكرها.
فبدأ حملتهُ بتسقيط شهيدنا وأعلن أن الأعلمية للسيستاني فحصل على مبلغ مليون ونصف دينار عراقي من مكتب السيستاني.
أستقر في مسجد الرسول الأعظم (ص) في حي أريدو وبعد استشهاد الامام الصدر جاء الى الناصرية بأستفتاء فحواه أقامة صلاة الجمعة بأمر من السيستاني وبحر العلوم وأعلن ذلك في مسجده وتبين بعد ذلك كذبهُ وتزويرهُ لهذا الاستفتاء.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
الملاحق
كتبت الرد على (محمد الغروي) في وقت سابق على أنهاء الكتاب، وقد كان من المقرر نشره في ذلك الوقت إلاّ أنني تريثت بالأمر لطلب أحد الأخوة، وذلك من منطلق أن لا نجعل منهجنا هو الرد والدفاع بوجه كل هجوم. ولكن بدا لي أن أنشره ضمن الكتاب لأنه على أية حال يشكل جزءاً مهماً منه، وذلك أن الغروي أتهم الامام الشهيد بالتعاون مع السلطة، ولو كان هذا الكلام مقتصراً على حياته(رض) لكان ما ذكرته في متن الكتاب كفاية إلا أن الرجل كما لاحظنا مستمر على رأيه على الرغم من أعترافه من أن الامام الشهيد قد أغاظ النظام، وأنه أستشهد، فها هو يعترف له بالشهادة ولست أدري إن كان العملاء يستشهدون؟!!
وأما بالنسبة لـ (دفاع عن المرجعية) فقد كتبته قبل حوالي أربع سنين، وكانت أول محاولة للرد على ا لهجوم المستمر ضد شهيدنا، ولم أكن أتصور أن يأخذ هذا الحيز من الأهمية. فقد كتبته في الحقيقة رداً على بعض المنشورات التي كانت تطبع في مدينة الثورة مثل (دفاعاً عن بيضة الاسلام) و (الاستكبار العالمي يلعب بورقة المرجعية) وقد كتبته في حينها لطلب بعض الأخوة في بغداد، ولكن بعد أن أكملته أرتأيت أن أعرضه على الامام الصدر وبعد أن اعاده أليَّ أكَّد (رض) على طباعته، فطبعت منه آلاف النسخ ولاقى أقبالاً واسعاً وكان له أثر كبير في العراق، وقد كانت أول محاولة حوزوية للدفاع عن مرجعية الامام الصدر (رض).
وبعد ذلك وفي نفس العام كتبت (حوار حول المرجعية) وعرضته على الامام الشهيد، فنال أشد الاعجاب منه، فطبع وكان المشرف على طباعة الدفاع والحوار هو الشيخ الشهيد محمد النعماني (رحمه الله).
وبعد أن أقيمت صلاة الجمعة المقدسة في العراق كتبت القسم الثاني من حوار حول المرجعية، وقد كان هذا القسم أكثر وضوحاً في مهاجمة النظام والحوزة التقليدية كما سوف تقرأ: وقد كتبت في ذلك الحين بحوثاً عديدة، وكان أغلبها لا يوافق عليها الامام الشهيد بسبب مخالفتها للتقية بصورة ملفتة للنظر، وكان مما كتبت في ذلك الوقت هو المرجعية الصالحة وقد وافق على طباعته الامام الشهيد، فقام بهذه المهمة سماحة العلامة الشيخ علي النعماني القاضي في محكمة النجف الشرعية، ولكن الشهادة داهمتنا، وقد قام عدد من الأخوة بطباعته على هيئة كراس في العراق، مع أضافات من عندهم.
وكانت الاسباب في نشر هذه الكراسات مع هذا الكتاب:
1 ـ أنها تشكل مرحلة تأريخية مهمة من حركة الامام الشهيد.
2 ـ فيها من الحقائق والأدلة ما يسد الطريق على من كان يدعي تواطيء الامام الصدر مع النظام.
3 ـ فيها تصريحات واضحة أن حركة وحياة الامام الصدر(رض) في خطر وأنه متعرض للقتل وهذا ما تجده في الدفاع والحوار القسم الثاني جلياً.
4 ـ أنها صدرت من مكتب الامام الصدر وبموافقته وبمباركته وهذا يكفي في أن نعيد طباعتها.
5 ـ أنني كتبتها في ذلك الوقت الحرج من دون ذكر الاسم، بل كانت تنسب الى مجموعة من الطلبة بل إن الدفاع نسب الى كاتب في لبنان.
بسم الله الرحمن الرحيم
(الصدر والأذناب)
كذبت ثمود بطغواها أذ أنبعث أشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها
أستشهد الأمام الصدر ولم تنته المسرحية بل بدأت فصول جديدة وأدوار جديدة وأن كان الممثلون أنفسهم بأستثناء ان الجمهور استفاق ولم يعد يصفق لكل داخل وخارج. الان وبعد ان أرتاحوا (أو هكذا يظنون) من الأمام الصدر وحركته التي أقضت مضاجع الكفار والمنافقين ابتداءً من واشنطن ومروراً بلندن فتل أبيب الى بيروت وهكذا ما حول الكرة الارضية، دخلت اللعبة في فصل جديد وهذا الفصل أصعب وأخطر من سابقه فالتحرك الآن ينشط بتسقيط الأمام الصدر وحركته والقضاء على نهجه وفكره.
أولاً: هناك تعتيم اعلامي في كل الاوساط الاسلامية وغيرها على شخصية الأمام الصدر.
ثانياً: هناك دس يمارسه الكثير من المتضررين من حركة الأمام الصدر كالطعن في عدد من تصريحاته كما فعل أحدهم في الحج سنة ( 1420هـ) في مكة المكرمة.
ثالثاً: ابراز الشخصيات التي وقفت في وجه الأمام الصدر وفي وجه تطلعات الجماهير العراقية على أنها من الشخصيات المحترمة والمقدسة كما سيأتي.
ولو أردت ان أعدد لما انتهيت ألا بعد صفحات ولكن الاختصار المفيد هو المطلوب فها هو أحد أعداء الأمام الصدر يجرب حظه العاثر في منازلة خاسرة مع الأمام الصدر وهذه المرة من لبنان السيد محمد الغروي وهذا الرجل أحد طلبة السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) وهو كما يقال الوكيل المطلق للسيد الشهيد في لبنان وقد وقف الغروي في وجه الأمام الصدر منذ بداية تصديه المبارك للمرجعية وصار يشاغب عليه من لبنان ولكن صوته لم يتعد أكثر من باب مكتبه أو غرفة نومه والغريب هنا ان الغروي يشترك مع رفاق الدرب في خصلة واحدة وهي العداء لمحمد الصدر ولابد ان في الأمر سراً فلماذا يتحامل رفاق محمد الصدر عليه ولماذا ينتقصون منه والاغرب من هذا أنهم في ما بينهم كذلك فلا يوجد ثلاثة منهم على رأي واحد او بينهم مودة والاغرب من كل ذلك أن تعلن مدرسة السيد الشهيد(قدس) أفلاسها الا من الأمام الصدر.
وهذا حسب الواقع ليس غريباً ففي الوقت الذي لاذ فيه بالفرار كل طلبة السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) وتركوه وحيداً كان محمد الصدر مع والده السيد محمد صادق الصدر(قدس) مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) ينتظرون الموت ساعة بعد اخرى ولم يتركاه وعائلته الى يوم استشهاد الأمام الصدر.
والان نعود الى مولانا الغروي فهو كما قلت تحامل على شهيدنا في حياته وها هو اليوم يعود بحلة جديدة وبأسلوب جديد فقد ألَّف (وهو مؤلف كبير جدا جداً!!) كتاباً أسماه (مع علماء النجف الاشرف) وذكر في الجزء الثاني صفحة (445) ما نصه:
محمد الصدر:
ولد السيد محمد بن السيد محمد صادق الصدر عام 1362في النجف الاشرف وهو الوحيد لوالديه ونشأ في الحوزة ودرس على السيد الخوئي والامام الخميني والسيد الشهيد الصدر وبلغ مستوى رفيعاً في العلم والفقه.
وبعد أستشهاد المرجع الكبير السيد محمد باقر الصدر دبَّ الخوف في نفسه وأستغل من قبل السلطة الظالمة في العراق فكان ساكتاً على ظلم البعثيين ويجاريهم في بعض الاحيان اذا لم يجد (حسب تصوره) حرمة شرعية في ذلك... ونتيجة لهذا الضعف النفسي سمحت له الحكومة الدموية في العراق بالتصدي للمرجعية من أقامة صلاة الجمعة في مسجد الكوفة وتعيين وكلاء في المدن العراقية لتوجيه الناس الى تقليده وأدارة الحوزة النجفية.
له تأريخ الغيبة الصغرى، تأريخ الغيبة الكبرى، أشعة من عقائد الاسلام، نظرات أسلامية في اعلان حقوق الانسان، اليوم الموعود، القانون الاسلامي وجوده صعوباته منهجه، ما وراء الفقه عشرة اجزاء، فقه الاخلاق، فقه القضاء، حديث حول الكذب، بحث حول الرجعة، كلمة في البداء، منهج الصالحين، مناسك الحج، كتاب الصلاة، كتاب الصوم، اضواء على ثورة الحسين، منة المنان في الدفاع عن القرآن، منهج الاصول، التنجيم والسحر، مسائل في حرمة الغناء، ثم قال في ا لهامش نُعينا باستشهاده مع ولديه السيد مصطفى والسيد مؤمل غيلةً على يد زمرة صدام مساء الجمعه 1419/11/3هـ الموافق 1999/2/19م والظاهر أنه أغاض النظام. انتهى كلام حجة الاسلام ومعجزة الانام الغروي
ا لهمام.
ولي تعليقةٌ على كلامه بأختصار لان الرجل وكتابه في الحقيقة لا يستحقان طول نظر ولكنني تحملت وتنزلت لأرد عليه أعلاءً لكلمة الحق وتحذيراً لمن تسول له نفسه مثل ذلك والا:
لوكل كلب عوى ألقمته حجراً لصار مثقال الحجارة ديناراً
ذكر هذا الرجل ان الامام الصدر(قدس) ولد سنة 1362هـ وهذا ليس بصحيح فقد ولد ًرضوان الله تعالى عليهً سنة 1361هـ وهذه ليست مثلبة على الغروي ولكن تصحيح لمعلومة حتى يستفيد منها في الطبعة اللاحقة إن لم يزهق ملك الموت عمره بأذن الله. وذكر ان الامام الصدر درس على أساتذة عدد منهم ثلاثة ونسي ان الامام الصدر حضر بحث السيد محسن الحكيم لمدة شهرين ثم أنقطع والسبب كما يقول(رض): حضرت بحث الحكيم فلم أستفد كلمة واحدة من بحثه فأنقطعت، وقال الغروي (بعد استشهاد المرجع الكبير السيد محمد باقر الصدر دب الخوف في نفسه) اي في نفس الأمام الصدر أقول: هذا الدبيب الذي دب في نفس الأمام الصدر(رض) كما يدعي الغروي كيف عرفهُ؟ هل ان جناب الغروي رأى ذلك الخوف بأم عينيه أو أستشعرهُ بقواه العرفانية الخارقة أو أي شكل من اشكال ما وراء الطبيعة فأذا قال أنهُ رآه فقد كذب لان الخوف لا يٌرى وان قال بل هناك ما يدل عليه قلت كيف علمت ولم تكن موجوداً حينما قتل النظام السيد الشهيد(قدس) فأن قلت اخبرني الثقة فقد كذب عليك الثقة وذلك أن الأمام الصدر كان محجوراً عليه مع والده في بيته وان قلت انك وبحكم علاقتك الوطيدة من خلال العرفان فقد كذبت لانك لست من أهل العرفان ولا أظنك توفق في يوم لذلك. ولكني أخبرك من الذي دبَّ في نفسه الخوف فهناك أسماء ذكرتها في كتابك إختبأت في جحرها من دون أي سبب وذلك ان معظم تلك الاسماء ممن عادى السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) فلا موجب لقلقها إلا انها مع ذلك ارتعدت عندما رأت السيف مشهوراً وقولك عن السيد الشهيد ًالمرجع الكبيرً فمَنْ من الأسماء التي قد مجدتها يعترف بمرجعية السيد الشهيد محمد باقر الصدر هل هو ذلك الرجل الذي قيل له ارفع صوتك وتعال لنرفع الحصار عن بيت السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) حتى لا يقتلهُ النظام فرفض؟ كما حدثنا النعماني في محنته أم هو ذلك الذي قال لفاضل البراك مدير الأمن العام أقتلوا محمد باقر الصدر قبل أن يكون خمينياً ثانياً ألم تقرأ يا غروي في المحنة أن الوحيد الذي ساند السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) هو السيد عبد الاعلى السبزواري(قدس) بالاضافه الى الأمام الصدر ووالده ولكني أقول لك من الذي اعترف بمرجعية السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) أو لهم الأمام الصدر وبعد ذلك الشعب العراقي المظلوم الذي ظلمه النظام وانت يا غروي ومن يمولك من لندن أو غيرها. واقول لك الى الآن توجد كلاب كثيرة تطعن وتقدح بمرجعيته بل وباجتهاد السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) وما أنت والصدر ايها الذنب انما الصدر اعوانه أهل العراق واهله أهل العراق وبعد ذلك فلا شيء فانت ورفاقك أول من دفن محمد باقر الصدر وخذلتموه وتركتموه وحيداً يواجه القتل مع أخته الشهيدة الفاضلة وأسألك يا غروي ماذا قدمت للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) وها أنت تمجد قتلته اليس آل الحكيم كانوا ينعتونه باليهودي اليس أول من قاتله آل الخوئي واول من أشار الى النظام بقتله، وما أخفاه النعماني اعظم، ثم قال الغروي: (واستغل من قبل السلطة الظالة في العراق فكان ساكتاً على ظلم البعثيين ويجاريهم في بعض الاحيان اذ لم يجد ـ حسب تصوره ـ حرمة شرعية لذلك).
أما قوله (وأستغل) فليعدد لنا الغروي المواقع التي عناها فأن كان الأمام الصدر ساكتاً طيلة الثمانينات فهو معذور قطعاً فذلك أنه سئل لماذا لم تفعل هذه الافاعيل في زمن الثمانينات قال: لقد كنت وحيداً ولا أجد مناصراً واحداً وفي حينها لم أكن أملك ما أتقوت به مع عيالي.
وأسئل الغروي ماذا فعلت الاسماء التي أشدت بذكرها في كتابك خلال تلك المدة وما قبلها وما بعدها والى الآن وبصراحة قلت (كان محمد الصدر ساكتاً على ظلم البعثيين) فأقول أن الأمام الصدر لم يكن له وجود في حوزة النجف فماذا فعل الخوئي في تلك الفترة وكان زعيماً للعالم الاسلامي ألم يكن ساكتاً. ماذا فعل السيستاني ألم يكن ساكتاً ماذا فعل الشيخ على الغروي الم يكن ساكتاً ماذا فعل السيد على البهشتي ألم يكن ساكتاً.
مع أن هؤلاء لم يعتقلوا ولم يعذبوا كما فعل بالأمام الصدر فأن قلت أن هؤلاء الاعلام كانوا في حال تقية أقول:
قبحك الله فهل تجوز التقية لهؤلاء وهم غير مقيدين ولا تجوزها للسيد محمد الصدر الذي كان النظام ضده والحوزة ضده ففي الوقت الذي كانت العديد من الأسر العلمية تعيش حالة البذخ كان الأمام الصدر واسرته واسرة السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) تكابد ضنك العيش حتى أنهم كانوا لا يشبعون بطونهم من الخبز ولو تنزلنا عن كل ذلك قل لي من الذي تصدى لأمر المجتمع ابان الأنتفاضة الشعبانية المباركة. ألم تقبع الحوزة في سراديبها خشية الموت وكان الأمام الصدر مع السيد السبزواري يصولان ويجولان ألم يذهب الأمام الصدر الى زعيم الحوزة وقال له: أما أن تتصدى او تتركنا نتصدى. ومع ذلك لم يفد النصح ومن الذي أصدر بياناً شديد اللهجة بالجهاد ضد البعثيين اليس الأمام الصدر وحده لا شريك له فاين كان السيستاني والغروي والبهشتي وما هو دورهم؟ أما قول الغروي (ويجاريهم في بعض الاحيان) فليحدد لنا الغروي موضعاً وشاهداً واحداً على ذلك وعندنا اليقين على خلاف ما افترى فهل المجاراة افتاء الأمام الصدر بجواز الاستحواذ على أموال الدولة او حرمته التعامل مع البعثيين بأي شكل من أشكال المعاملة او حرمته السلام على المنافقين واعوان الظالم او حرمة الدخول الى ملاعب الدولة مقابل أموال او حرمة القاء النذور والاموال في الأضرحة المطهرة والتي كانت تذهب لجيب النظام او وجوب التوبة على موظفي الدولة من الوزراء فما دون او كلمتة الصارخة بتفسيق السدنة الكلاب او حرمة الدعاء للنظام في خطبة الجمعة حتى لو أدى الى القتل او حرمة التعامل مع المحلات التي تضع صوراً للمطربين والمطربات والمحلات التي تعلو منها أصوات الغناء او حرمة التعامل مع الحلاق الذي يحلق اللحية للآخرين او حرمة السكوت على سائق السيارة الذي تعلو من مذياعه الاغاني او حرمة التعامل مع منظمة منافقي خلق الأرهابية. او ذكره للسيد الخميني والسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) في كل حين وذكره لآراءهم في مؤلفاته ان كان الغروي قد قرأ هذه المؤلفات كما وراء الفقه. او طرده لموظفي الدولة ابتداءً من مدير أمن النجف الى محافظ النجف فصاعداً او طرده جلاوزة أمن النظام من مسجد الكوفة في صلاة الجمعة وهكذا المئات من التصريحات المعادية للكفر. والآن أقول للغروي ما هي المجاراة:
1ـ ظهورالخوئي وولده محمد تقي من على شاشات التلفزيون بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة وإشادتهما بالنظام والتنديد بالانتفاضة والثوار.
يتبع في الحلقة القادمة...
بووردة
04-14-2005, 08:15 PM
كتاب السفير الخامس الحلقة 31
2 ـ ظهور محمد سعيد الحكيم من على شاشات التلفزيون وقال أن محمد باقر الحكيم كان شاذاً في اسرة آل الحكيم وانا بريءٌ منه، وزيارته للطاغية ابن الطاغية عدي الملعون في المستشفى مع بعض شخصيات النجف وبغداد مثل حسين الصدر وباقر شريف القريشي وأحمد البهادلي وعدنان البكاء وظهوره في التلفزيون وهو يقبل جبهة عدي الملعون.
3 ـ مساندة النظام عبر البيانات التي أصدرها كل من:
أ ـ علي السيستاني ب ـ حسين بحر العلوم ج ـ محمد سعيد الحكيم
دـ بشير الباكستاني وغيرهم وهكذا ما لو عددت لأحتجت الى مئات الصفحات فأن قلت ان هذه التصرفات تقيه قلنا نعم لا شك ولكن لماذا نمنع ذلك من الامام الصدر مع أنه لم يصدر منه ما صدر من الآخرين.
وذكر الغروي مؤلفات السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) فاخطأ في موارد ونسي أو تناسى عدداً من أهم ما كتبه شهيدنا المقدس فلم يذكر كل من:
1ـ تقريرات الأمام الصدر لبحث السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) في الاصول والفقه، 2ـ تقريراته لبحث الخوئي في الاصول والفقه، 3 ـ تقريراته لبحث السيد الخميني في المكاسب، 4 ـ تأريخ ما بعد الظهور الجزء الثالث من الموسوعة، 5ـ شذرات من فلسفة تأريخ الامام الحسين(ع)، 6ـ الاسرة في الأسلام، 7ـ فقه الموضوعات الحديثة، 7ـ فقه الطب، 9ـ فقه العشائر،10ـ رفع الشبهات عن الانبياء واخطأ حينما ذكر فقه القضاء مع أنه فقه الفضاء نتنازل بأن ذلك خطأ مطبعياً ثم ذكر التنجيم والسحر وهو بحث مستل من ما وراء الفقه قام بها بعض الطلبة.
وقال الغروي (ونتيجة لهذا الضعف سمحت له الحكومة الدموية في العراق بالتصدي للمرجعية من إقامة صلاة الجمعة في مسجد الكوفة وتعيين وكلاء في المدن العراقية لتوجيه الناس الى تقليده وادارة الحوزة النجفية) اما قوله (سمحت له الحكومة بالتصدي) أقول:
لم يكن الأمام الصدر هو الوحيد المسموح له بالتصدي للمرجعية بل لقد تصدى عدد من علماء النجف وهم 1 ـ علي السيستاني 2 ـ الشيخ علي الغروي 3 ـ محمد سعيد الحكيم 4 ـ الشيخ بشير الباكستاني 5 ـ حسين بحر العلوم
6 ـ البروجردي 7 ـ السيد هاشم المخراقي 8 ـ السيد علاء الدين الغريفي
9 ـ الشيخ محمد اسحاق الفياض (بعد استشهاد الامام الصدر) 10 ـ السيد علي البغدادي (بعد استشهاد الامام الصدر) ولا أدري في هذا الوقت كم هو عدد الذين تصدوا غير هؤلاء فان قال الغروي أن المرجع الرسمي الذي تعترف به الدولة هو الامام الصدر. أقول نعم ومن قبله كان المرجع الذي تعترف به الدولة هو أبو القاسم الخوئي ومن قبله السيد محسن الحكيم وهذا ليس دلالة على عمالتهما كما أظن الغروي نفسه يعترف بذلك. اما أدارة الحوزة فشأن الأمام الصدر كشأن الخوئي والحكيم من قبله بفارق واحد وهو أن هناك العديد من المدارس استولت عليها الدولة ولم تكن للامام الصدر ولاية عليها منها المدرسة المهدية قرب جامع ومرقد الشيخ الطوسي حيث إستولى عليها أولاد علي آل كاشف الغطاء بامر من النظام وكذلك المدرسة الباكستانية التي أستولى عليها محمد سعيد الحكيم بتوسط حسين الصدر عند رأس النظام وبتوقيع عز الدين بن محمد سعيد الحكيم كما هو مشهور وكذلك مدارس بشير الباكستاني التي سمحت له الدولة بأدارتها وأسكان الطلبة بها. وكذلك فأن الدولة سمحت لبشير الباكستاني بطبع الكتب وبيعها على الطلبة وهذا ما لم تسمح به للامام الصدر(رض) حيث صدر المنع على كل مؤلفاته فكانت كتبه تطبع بالكمبيوتر سراً ويكتب عليها طبع بيروت أما أقامة الاجانب من الطلبة فقد كانت بيد الامام الصدر(رض) كما كانت من قبل بيد الخوئي وولده محمد تقي ولكن بفارق. وهو أن الدولة سحبت منه هذا الامر بعد حادثة الباكستاني وصارت الاجازة او السماح بالاقامة بيد محافظ النجف المجرم العوادي في ذلك الوقت.
(أما قول الغروي بأن الدولة سمحت له بأقامة الجمعة).
أقول: نحن شهدنا الجمعة وكنا مع الأمام الصدر(رض) في ذلك الوقت وقد وضع الامام الصدر روحه الشريفة على كفيه متوقعاً القتل بسببها في أية لحظة وهذا ما حدث وأذا كانت الدولة قد سمحت بذلك فلماذا منعت العديد من الاماكن من أقامة هذه الصلاة وأعتقال كل أئمة الجمعة ومنهم من كان يطلق سراحه نتيجة ضغط الجماهير حتى حدثت مصادمات وأستشهد العديد من الناس ومنهم من هو قيد الاعتقال كالشيخ آوس الخفاجي أمام جمعة الناصرية في حياة الامام الصدر والى الآن كما تم اعتقال الشيخ عبد الستار البهادلي أمام جمعة العشار في محافظة البصرة في حياة الامام الصدر وبعد استشهاد الامام الصدر وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات كما تم اعتقال الشيخ علي الكعبي أمام جمعة الثورة والشيخ مؤيد الخزرجي أمام جمعة البياع ومنهم من استشهد على حياة السيد بأصدار حكم الاعدام عليه كالشيخ حسين السويعدي أمام جمعة المعامل في بغداد والسيد كاظم الصافي إمام جمعة الكوت صدر بحقه حكم الاعدام بعد استشهاد الامام الصدر ويبدو أن الغروي قد أصم الله أذنيه فلم يسمع بالانتفاضة الجماهيرية التي اعقبت شهادة قائد الامة ويبدو أنه لم يسمع بأعدام الشيخ محمد النعماني زوج بنت الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) وأحد أخلص أعوان الامام الصدر(رض) أما قوله (سمحت له الدولة بتعيين وكلاء في المدن العراقية).
أقول من هو من المراجع أو المدعين للمرجعية لا يوجد عنده وكلاء في كافة مدن العراق ابتداءً من السيستاني فالغروي فمحمد سعيد الحكيم أنتهاءً ببشير الباكستاني ولكن الفرق هو أن وكلاء الأمام الصدر أخذوا الشجاعة والاقدام من سيدهم وتصدوا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليسوا كالاخرين الذين كانوا ولا زالوا يعيشون البذخ والترف وعدم التدخل في شؤون المجتمع.
وهذا شأن وكلاء الخوئي ومحسن الحكيم وغيرهم ألا أن وكلاء الأمام الصدر أنسوا من كان قبلهم وأتعبوا من يأتي بعدهم الا أذا مشى على نهج قائدهم المجاهد(رض).
اما قوله (لتوجيه الناس الى تقليده):
أقول: صاحب الدار اعرف بما فيها فلا أظن الغروي وهو يتمتع في منتجعات لبنان أعلم من الناس في العراق بالحال فهم أعرف بمصلحتهم وأعرف بالقائد المخلص الذي يلبي طموحاتهم والمسألة التي أذهلت الغروي ورفاقه هي الشجاعة الفائقة التي أبداها شهيد العظمة مع أهل العراق الكرام حتى يوم الشهادة أذ أن الغروي حسب الظاهر ينطلق من المثل الذي يقول (كلب حي خير من أسد ميت) فالغروي ومن لف لفه يفضل أن يكون كلباً ما دام في الحياة ولكن الامام الصدر والعراقيين الاشراف يفضلون أن يكونوا أسوداً ولو بالممات على طريق سيد الشهداء(ع).
ولكنك يا غروي يصدق عليك وعلى رفاقك قول الشاعر:
أذا خلي الجبـان بـأرضٍ ذكر الطعن وحده والنـزالا
وهنا لابد ان أنوه الى أن كل من عادى الأمام الصدر أو حركته المباركة قد أبتلاه الله بشر بلاء وأنا له من الخزي في هذه الدنيا ما جعله عبره لمن أعتبر.
وأقول أخيراً: اللهم أن كان الأمام الصدر ولياً من أوليائك وكان على الحق دون غيره فأرنا في هذا الفاسق ما تقربه عيوننا كما عودتنا.
قال المتنبي:
الاسدُ أسدٌ وأن كلت مخالبها والكلب كلبٌ وان طوقته ذهبـا
والحرحرٌ وأن جار الزمان بـه والعبد عبدٌ وأن علت به الرتبـا
وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا
4ربيع الاول 1421
الشيخ
عباس الزيدي المياحي
دفاع عن المرجعية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وآله الطاهرين.
لم يشهد التأريخ طول فتراته هجمة شرسة ضد الاسلام كما يحدث في العصر الحديث فلو تتبعنا الاحداث التي مضت ومنذ وقت قريب نسبياً لوجدنا ان دول الاستعمار الحديث قد جندت كل الطاقات المستطاعة وأدخرت ملايين الدولارات من اجل القضاء او الحد من المد الاسلامي الذي يجتاح العالم بأسره.
ومشكلتنا كمجتمع إسلامي اننا غير يقظين تجاه ما يدور في اروقة وكواليس السياسة الغربية فأن هذه الانظمة الغربية قد غيرت من طريقة الاستعمار القديمة والتي كانت تستخدمها فقد ابتكرت (والابتكار شأنها) أساليب متطورة وذكية فهي لم تعد تحتل دولاً معينة عسكرياً إلا عند الضرورة القصوى بل ان الاساليب الحديثة هي أشد مكراً وخبثاً من الاحتلال العسكري فالملاحظ انه في بداية هذا القرن وبالاخص بعد الحرب العالمية الثانية بدأت موجة الفكر الحديث التي تتحدد في توجيه الدول التي استعمرتها توجيهاً فكرياً وتقنينياً وذلك بأدخال الافكار والانظمة الغربية الى تلك الدول ولكن يبقى ا لهدف الرئيسي هو أبقاء تلك الدول المستضعفة تحت سيطرة الغرب الكافر من أجل نهب خيرات وثروات تلك الدول.
وعلى أية حال فقد هيمنت على العالم فكرتان رئيسيتان وهما الاتجاه الفلسفي الماركسي والرأسمالية ولا توجد فكرة او اتجاه او إستراتيجية إلا وتصب في بودقة احد هذين الاتجاهين وقد لاقى هذان الاتجاهان رواجاً كبيراً في مجتمعنا الاسلامي ويمكن إستقراء أسباب عديدة لهذا الانسياق ورائهما فمنها على سبيل المثال لا الحصر.
أولاً: الجهل الذي كان يعاني منه المجتمع الاسلامي سوى افراد معدودين يرتقون الى مستوى فكري دقيق.
ثانياً: عدم السير وراء العلماء والمفكرين الاسلامين.
وثالثاً: وهو السبب الاهم عدم تصدي العلماء بصورة مفصلة وجدية للافكار الغربية.
فقد كان الذي يريد ان يستفتي حول مسألة الشيوعية مثلاً كان يجاب بأنها كفر وإلحاد لا أكثر. واعتقد ان هذا الجواب ليس كافياً بالنظر الى التفصيل الذي كان يبديه منظروا الشيوعية او الماركسية اضافة الى الامال الكبيرة (كما توهموا) التي كانوا يحاولون إحيائها في قلوب الطبقة العاملة والفقراء عموماً. وهكذا الى ان أنبرت ثلة من خيرة علماء الامة الاسلامية للتصدي لأفكار وطموحات الغرب الكافر. فقد نهضت هذه المجموعة الخيرة وبقيادة احد اكابر مفكري العصر واعظم مراجع الدين بوجه الفكر الالحادي او المادي بكل اشكاله وقدمت الاطروحات القيمة وبشكل مفصل وبصورة حديثة، ومن هذا الانتاج الفكري نذكر مثلاً الكتابين ا لهامين الاول في الفلسفة الغربية والرد عليها والثاني في الاقتصاد وقد اثبت في هذين المؤلفين فشل الاطروحات الغربية وان لا بديل سوى الاسلام، وهكذا التفت الجماهير حول هذه القيادة وبصورة مذهلة ولكن امتدت الايدي لتسرق الأمل والسبب عدم اليقظة فلم يكن المجتمع الاسلامي كما ذكرنا متحسساً لما يحاك ضده وهكذا رجعت الامة الى نومتها المرعبة الطويلة. والان وبعد ان تغيرت ملامح وجه العالم وبعد التطور في تفكير الامة فما هو الواجب وما هي الاسس التي تعتمد عليها حتى تصمد؟ إننا جميعاً نحمل افكاراً معينة وكثيرة ولكننا مجمعون على ان الاسلام هو المنقذ الوحيد للإنسانية جمعاء وايضاً كما هو بديهي لابد ان توجد قيادة تتوحد تحتها كل فئات الامة والقيادة الاسلامية كما هو معلوم تتمثل بالمرجعية الدينية والمرجع الديني عند الشيعة هو الممثل الاول للاسلام بعد الامام سلام الله عليه ويتم الرجوع اليه في الامور كافة صغيرها وكبيرها وعلى كل المستويات اجتماعياً واقتصادياً... والخ وله القول الفصل في حسم الامور وتعتبر طريقة اختيار المرجع من اعقد الامور إذ يتم الاختيار بشروط دقيقة وعديدة ولا يجوز تخلف شرط واحد كما هو معروف وأهم شروط المجتهد ان يكون عادلاً لان هذا الشرط لا يدخل فقط في مسألة الامانة في الاستنباط ولكن يتعدى ايضاً الى خطورة القيادة العامة للمجتهد فاننا سوف نسلم كل امورنا الى هذا المجتهد وبالتالي فأن مصير الأمة سوف يتعلق بهذا المجتهد والشرط الثاني غاية في الاهمية هو الاعلمية ولا أعتقد ان مسألة تقليد الاعلم تحتاج الى عناء كبير واستدلال عميق فأن كافة المجتمعات ترجع في اي امر الى المتخصصين وايضاً الى اعلم هؤلاء المتخصصين وعليه فأن تسليم مقاليد المرجعية يجب ان يكون بيد المرجع الاعلم الاعلى ونحن يجب ان لا ننسى ان تحديد المرجع لن يكون سهلاً وايضاً فأننا نضع في الحسبان ما ذكرناه سابقاً ان الايدي العميلة سوف تحاول بشكل وآخر التعمية على المرجع الحقيقي والاحق بتسلم الامور وقد استخدموا كافة الطرق ومن أهمها التعتيم الاعلامي على شخصية المرجع او الطعن بشخصيته قدر الامكان وبث الشائعات لصرف الانظار عنه.
بعد هذه المقدمة ندخل في صلب الموضوع:
فبعد رحيل الخوئي أصبحت المرجعية تواجه إنعطافة خطيرة فقد تصدى للأمر اكثر من مجتهد والكل يدعي انه الاعلم والمسألة لحد الآن طبيعية نوعاً ما ولكن ما حدث إن الامر خرج عن المعايير الشرعية وصار الاعتماد على امكانية المجتهد الاقتصادية لتمويل حملته الاعلامية وايضاً كرست الكثير من الوسائل الاعلامية حملة مزدوجة فمن جهة الدعوة الى مرجع معين ومن جهة اخرى الطعن بمرجعية آخر وقد يتسائل المرء هل بالامكان التعمية على شخصية المرجع الحقيقي وهل بأمكان الاعلام ان يساهم في هذا الأمر.
نحن لو تتبعنا الوسائل الاعلامية ومنذ امد بعيد لوجدنا هذا الدور الخطير للاعلام فمنذ عهد الرسالة تكرست الجهود للطعن بشخصية امير المؤمنين(ع) وقد نجحت في بادىء الامر حتى ان الكثير من الامة الاسلامية في ذلك الوقت لا يعلم اساساً من هو علي ابن ابي طالب(ع) وهكذا توالت الاتهامات الى شخصيات اولاده وشيعته والى اليوم والمشكلة ان الامة لا تحرك ساكناً لترى مدى صدق او كذب هذه الادعاءات وفي هذا الوقت وهذه الاجواء المضطربة نواجه هجمة شرسة ومتعددة الاطراف ضد شخصية إسلامية كبيرة واعني سماحة المرجع الديني الامام الصدر (دام ظله) فمن هو (محمد الصدر) وما هي حقيقته وماذا يريد الآخرون منه. ولا أعتقد ان هذا الاسم خفي على المؤمنين ولكن ما هي مسألة تصديه للمرجعية ولماذا دارت حوله الشبهات والكلمات، ان المسألة تحتاج الى دقة وصدق مع الله سبحانه وتعالى.
وكما هو معروف يوجد في العالم الاسلامي الكثير من مراجع الدين ًأدام الله ظلا لهمً وبالاخص في مدرستين عريقتين مدرسة النجف الاشرف ومدرسة قم ولم تخرج المرجعية في الوقت الحالي من هاتين المدرستين وقد تصدى للمرجعية في الوقت الحالي من هاتين المدرستين العشرات من المراجع وسط معركة مذهلة تبعث على الاسى والحزن ومن وسط هذه المعركة إنبرى رجل معروف بسابقته العلمية والتحقيقية والسياسية ليتصدى للزعامة في النجف الاشرف وقد واجه تصديه ردود أفعال كثيرة ومختلفة ولكن اغلبها تدور حول مسألة الاهلية وعدمها ففي ذلك الوقت كان مؤيدوا هذا المرجع معدودين على اصابع اليد الواحدة ولم يكونوا على مقدرة لبعث الإطمئنان بمرجعيته. اما في الخارج فقد انصب اهتمام اغلب الصحف والمجلات الاسلامية وغيرها حول عدالة الامام الصدر وعدم اهليته لقيادة الحوزة وقد استطعنا حصر المناقشة والاتهامات بثلاث مسائل.
1 ـ ان السيد محمد الصدر لا يوجد له مؤيدون داخل الحوزة العلمية وليس له شعبية بين المقلدين.
2 ـ الطعن بعدالته واتهامه بالعمالة والتواطىء.
3 ـ عدم اهليته من ناحية علمية للزعامة.
ونحن لكي نستكشف الحقيقة يجب علينا التحلي بالموضوعية ونبذ العاطفة والميولات الشخصية والمصلحة المادية ويجب ان يكون الحوار ضمن إطار الشرع الحنيف والعقل لكي نرضي الله سبحانه وتعالى قبل أي أحد.
مناقشة
أما بخصوص مسألة التأييد والشعبية وهذا ما ذكرته ًمجلة النورً التي تصدر في الخارج فنقول:
هذا بديهي وذلك لان الامام الصدر كان محتجزاً في بيته لأكثر من عقد من الزمن ولكننا نسأل الرجل صاحب هذه المقولة (عبد المجيد الخوئي).
ما هو دخل التأييد والشعبية في مسألة الاعلمية وزعامة الحوزة فهل نحن دولة غربيه لكي تكون المسألة انتخابات ام هي عشائرية (لله ابوك ما أفهمك) وكأن هذا الرجل المشار اليه على جهلً تام بالقواعد الشرعية لتنصيب المرجع فلا دخل لهذين الامرين لا من قريب ولا من بعيد في اعلمية شخص ما او كفائته بل نستطيع من هذا القول أن نفهم ان المسألة مسألة تكتلات وميول ونفهم كذلك ان عملية تنصيب المرجع لا تكون وفق المعايير الشرعية وعدم اتباع القواعد الصحيحة لتنصيب المرجع فأن الاهم بعد العدالة الاعلمية سواء كان هناك شعبية وتأييد ام لا وعلى هذا وغيره فلا اهمية الآن لهذا القول فقد أصبح التأييد والشعبية بصورة كبيرة لسماحة الامام الصدر وتعداهما الى الخارج والمسألة مسألة وقت ليس الا وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.
أما بخصوص المسألة الثانية التي دارت حول العدالة والتواطىء فمع شديد الاسف فقد ارتكب الكثير من الناس جريمة الاعتداء على شخصية الامام الصدر من دون سبب وجيه أو أساس اسلامي فماذا يا ترى اكتشف هؤلاء حتى يشنوا هذا ا لهجوم هل هو عدم التدخل المباشر بالسياسة أم ان هناك ما خفي.
الكل يعلم ان الحوزة في النجف أخذت بالانهيار بصورة مخيفة وقد سيطر عليها الجمود ولم يعرف لها أي تحرك طيلة عقد الثمانينات الى ان مَنَّ الله علينا بالامام الصدر فأعادها الى قمتها معرضاً نفسه لأخطر إختبار في الوقت الذي تراجع الجميع عن هذا الامر بدون إستثناء فأين كانوا؟؟!! أم انهم أحسوا بالندم لفوات الفرصة ليس الأمر كذلك بل المسألة تدخل ضمن القدرة والضعف وتدخل ضمن ترجيح مصلحة الاسلام على كل المصالح الاخرى والان عادت النجف الى القمة فهي تعج بالطلبة وبالجماهير وبمختلف الطبقات وهذا مما لم يشهد التاريخ له مثيل وقد عرف الجميع ان الفضل هو للامام الصدر ولا يوجد إنسان صحبه الا وهو يعرف مدى نزاهة الامام الصدر وعد الته وعلى اي حال فقد ذكر الامام الصدر ما معناه.
(قلت لنفسي أتتحملين السب والشتم والغيبة من أجل الحفاظ على كيان الحوزة فقالت نعم)ولا يهم الامام الصدر حسود لغا أو حقود تحامى.
ومن جهة أخرى لم تصرح أي جهة بأنها تمتلك معلومات مؤكدة حول الاتهامات بل هم يكتفون بتحليلات شخصية ولكنهم سرعان ما يتراجعون عما ذكروه في بادىء كلامهم ـ وهذا دليل على العقلية الفذة لهؤلاء!! ونزاهتهم.
واليك ما ذكرت احدى المجلات في لبنان فقالت ما معناه:
(ان الامام السيد يسير وفق ما يريده الاستكبار العالمي من حيث يشعر او لا يشعر).
وعادت تتراجع في مكان آخر من نفس المقالة (أما المسألة عمالة السيد الصدر فهذا مما لم يثبت ولن يثبت إن شاء الله).
أولاً نقول رحم الله السيد (أبا احمد) (وهو السيد الخميني ولم أذكر أسمه صريحاً بسبب الوضع الحرج الذي كنا نمر فيه في العراق). لو كان يعلم ان كلمة الاستكبار سوف تستخدم لهذه الاغراض القذرة لما أطلقها ونحن نسأل هذه المجلة ما هي الخدمة الجبارة التي قدمها الامام الصدر للاستكبار؟ هل ان هذه الخدمة هي اعادة الحوزة او هي اعادة اسم السيد أبي جعفر الى الوجود أم هي نشر الوعي الاسلامي وادخاله في كل بيت هل هي الشجاعة التي غرسها في قلوب مقلديه وهل هي النبوغ الذي عاد الى الوسط العلمي. لست ادري اننا ننتظر منهم ان يعتذروا وسوف يفعلون وهم نادمين.
وهكذا يجب ان يعلم الجميع ان الامام الصدر ما كان ولن يكون سائراً في طريق غير الحق بل ان الذين يسعون هتكاً بسمعته هم الذين يقدمون خدمة للغرب وللاسف فقد اصبحوا اداة غبية بيد الشائعات وتراهم يتشدقون بأنهم العباقرة والمحللون ولكن فليراجعوا انفسهم. وأما قو لهم بانه لم تثبت ولن تثبت عمالة الامام الصدر فلنا ان نسأل ان كان الامر كذلك فمن اجل ماذا هذا التشنيع إذاً ما دام لم يثبت شيء. ولماذا هيأتم جيوشكم الفكرية واقلامكم ضده ولماذا طعنتم بعدالته واخيراً وهو الأهم ان الاصل هو حمل المؤمن على الصحة في كل افعاله ما لم يتبين العكس وهذا فيما لو شككنا طبعاً فعجباً من هؤلاء يدعون انهم اصحاب عقيدة ودين ومبادىء بينما ينتهكون الحرمة تلو الحرمة وقد قلبوا القاعدة اسفلها اعلاها فقد حملوا افعال الامام الصدر على المحمل السيء لماذا؟ لا أدري وهذا دلالة على الايمان!!
ام يا ترى ممنوع عليه ان يتصدى للمرجعية هل ادعى امراً لا يستحقه؟ اننا مازلنا مقتصرين على تقاليد جوفاء وبالية وهذا التهجم ليس بجديد فمن قبل ثارت هذه الثائرة ضد ابن عمه واستاذه الذي كان الاعلم بشهادة الجميع، ولكن جعلوا معيشته مرة المذاق سلوهم ما فعلوه في ذلك الوقت مع ذلك الانسان المقدس والمرجع الابوي الرباني حتى ان بعضهم نعته باليهودي هذا من جهة ومن جهة اخرى نتسائل لماذا يكون لكم الحق بالعمل بالتقية ولا يكون ذلك للامام الصدر اهذا من العدالة؟
يتبع في الحلقة القادمة...
اليست مبالغة أن نصف شخصا ما بأنه سفير خامس للإمام الحجة
اليست مبالغة ؟؟
بووردة
04-14-2005, 08:26 PM
الاخ جون نرجو التعليق بعد الحلقة الاخيرة
كتاب السفير الخامس الحلقة الاخيرة
أم انكم تريدون شيئاً تتحدثون به لتكونوا انتم المدعي والحكم. سلوا انفسكم اولاً ماذا قدمتم للشعب كم فرقة إنقسمتم على انفسكم وما هو دوركم انه لا شيء بالقياس لما قام به الامام الصدر.
ولماذا لا تتحدثون عن الشخصيات المشبوهة والتي عمالتها بينة هل لأن الامام الصدر لا يمتلك الان اليد الطولى للرد عليكم او تراكم تخشون هؤلاء العملاء لوجود مكاتب لهم في كل مكان على اي حال سوف نلتقي ونتخاصم وسوف نرى لمن الفلج وكلمتي الاخيرة لهؤلاء ان المجتمع بدأ ينساق للأسلام وتعاليمه وهذا كله بفضل الله سبحانه وتعالى والامام الصدر الذي تجاوب ويشكل كبير مع شعبه وصار اهلاً للمستضعفين فكفوا اسألكم بمن تعبدون.
ولو تتبعنا اهم القضايا التي تخص المجتمع الاسلامي وعلى كافة الاصعدة لوجدنا فراغاً كبيراً استمر لعقود طويلة فلا يوجد عند المكلفين احكام عملية تنسجم مع واقعها وهي موجودة وكثيرة الا انها لم تصل للمكلف بسبب البعد الشاسع بين المرجعية والجماهير ولكنها الان نزلت الى الشارع بكل ثقلها إذ إستطاع الامام الصدر ان يملأ الفراغ وتم الالتقاء الكبير بين المرجعية الربانية بين المقلدين وقد كان ذلك بفضل العقل الكبير المخطط وقد دخل الاسلام الى بيت كل مسلم من جديد وتصدى لمشاكل المسلمين كافة حتى لو ادى الامر الى تهديد وجوده كمرجع او حياته وهو المرجع الوحيد في النجف الاشرف الذي تكون آراؤه قابلة للتطبيق وبدون نقاش وقد انقادت غالبية الشعب له نظراً لتجاوبه معها وإعطاء جواب لكل مسألة وبعبقرية فريدة إذ يستحوذ الامام الصدر على قلب وعقل المكلف بصورة سحرية ولم يقابله شخص الا وخرج منبهراً بشخصيته الفذة اما تواضعه فحدث ولا حرج.
فلا يوجد عنده فرق بين الصغير والكبير وبين طلبة العلم والعوام ولا يوجد مرجح لأحد على آخر الا بمقدار العلم والتقوى اما مسألة الترجيح على اساس القومية فهذا مما اشارت اليه المجلة في مقالتها الآنفة ًوانه لا يستطيع الاعجمي ان يأخذ حريته بالدرس بل هو محروم من ابسط الحقوقً!!! فيا سبحان الله من اين جاء هذا فليأتوا بحادثة واحدة مثلاً فيها دلالة على التمييز بين العراقي مثلاً والافغاني واليك هذا المثال فأن اول شخصية محترمة في براني الامام الصدر هو السيد نصير الدين الكاظمي وهو افغاني الجنسية وله وجود معروف ومتواصل عند الامام الصدر وكذلك باقي الاخوان فأن الجميع يكن للامام الصدر الاحترام الفائق ولو سألت احدهم لأخبرك بما لا يقبل الشك ان الامام الصدر يساوي في التعامل والحقوق بين الجميع ولو سألت عن مقدار الراتب للعراقي لوجدته نفس الراتب للافغاني ولو سألتهم عن الدرس فلن تجد امتيازاً لاحد الا بمقدار العلم وهذا مشهور في مرجعية الامام الصدر بل ان العكس هو الصحيح فاننا نجد بعض الاخوة من الجنسيات الاخرى مع الاسف معتكفين على تدريس اقرانهم من جنسيتهم فقط ويوجد فارق كبير في معاملة العراقي على غيره فأن الطلبة من العراقيين يعاملون معاملة الفساق واغلب الطلبة العراقيين في نظرهم عملاء وجواسيس وهذا واضح حتى في الراتب الشهري او المساعدات، فما يقبضه العراقي هو قطرة من بحر غيره ويتعاملون معهم بالتقية ولولاها لما رأى احد وجوههم. وبينما تجد الرفاه عند هؤلاء الاخوة ترى الطلبة العراقيين كالمتسولين من الفقر والعوز.
اما سيدنا الصدر (دام ظله) فأن مساعداته لا تنقطع عن المحتاجين ولا يبخل على احد بالرغم من قلة ما يصل اليه من الحقوق وحتى لو اعتذر لاحد عن المساعدة (وهذا نادر جدا) فانه يعتذر بأجمل عبارة بينما تحتاج عند الآخرين الى تزكية وكذلك استجواب يصل الى حد الاذلال فأذا كانوا وهم طلبة يحتاجون الى تزكية فمن يزكي باقي العوام.
اما مسألة عمالة الطلبة وجاسوسيتهم فأن الايام سوف تثبت فيما لو حدث شيء ما في وقت من الاوقات بأن الطلبة العراقيين سوف يقفون وحدهم للدفاع عن العلماء ويتناسون الاساءات ونكاد ننسى ما حدث منذ وقت ليس بالبعيد فأين كان الجميع من الدفاع عن المرجعية ومن وقف مدافعاً حتى نال الشهادة. واما بالنسبة لمن يطعنون بعدالة الامام الصدر ويوجهون اليه الاتهامات فهم بحاجة الى اثبات عدالتهم فالاغلب منهم تثار حوله التساؤلات ولا حاجة لذكر اسماء فمثلاً في بغداد توجد شخصية دينية معروفة وقد كان في بادىء الامر يشير الى مرجعية الامام الصدر ولكن وبعد وقت ليس بالبعيد تراه يتبدل رأيه ويقدح بعدالة الامام الصدر وقد أثار هذا الامر الاستغراب ولكن عندما تفحص عن المسألة يتبين لك بأن السيد المذكور قد إدعى الاجتهاد وقد كُتبت على مؤلفاته الكبيرة!! كلمتي ًآية اللهً التي تدل على اجتهاد صاحبها وهذا السيد كما هو معروف لم يحضر البحث الخارج عند احد العلماء بل هو لم يصل الى النجف الا لعمل( وهذا الشخص هو السيد حسين الكظماوي (الصدر).
. وكذلك لم يأت بدليل على اجتهاده فعندما جابهه الامام الصدر تلكأ واضطرب فوجه له الامام الصدر الكلام الحق لكي يكف عن هذا الادعاء الا ان صاحبنا بدلاً من ان يستغفر ويتوب صار يشن ا لهجوم المتواصل على مرجعية الامام الصدر وأصبح من دعاة احد مراجع النجف الآخرين وعند ذلك المرجع لم يوجه له احد تساؤلاً واحداً من إدعاءه بل هناك الاحترام والتقدير وهذا خلاف الحق كما هو واضح. واما البعض الآخر فأنه يجيبك بأنه عنده شبهة موضوعية (وهو رضي المرعشي).
والاشارة طبعاً الى مسألة العدالة والعجب العجاب فأن هذا البعض معروف بعلميته فهل ان الشبهة وحدها تكفي للطعن بمرجع وبدون دليل ولو سألناه من اين أتت هذه الشبهة وما هو اساسها فلا جواب. وهؤلاء لو سألتهم بأمور حساسة ومتعلقة بأمور هامة للمجتمع يرفضون الاجابة بل ان بعضهم قد يطرد السائل شر طردة خوفاً او عملاً بالتقية كما يزعمون والاعجب من هذا فأنك لو سألتهم عن الامام الصدر فأنهم يكشرون عن انيابهم ضده ويكيلون له الكلمات المؤذية ولنا ان نسأل اذا كان الامام الصدر كما يدعون فكيف استطعتم ان تقدحوا به علناً من دون تقية وليأتوا لنا بشاهد واحد او بشخص واحد تأذى بسبب الامام الصدر فهل ان الامام الصدر استخدم معهم القوة (مع فرض وجودها)؟ وهل اجبر شخصاً واحداً على شيء لصالحه؟ فليجيبوا والا فليسكتوا ولنا مثال آخر فأن باقي المراجع تأتيهم الحقوق بما لا يعد ولا يحصى فهل اخذ الامام الصدر منهم شيئاً من هذه الحقوق وهل اجبر احداً على الاعتراف بمرجعيته ان علينا ان نكون مؤمنين قولاً وفعلاً ان علينا تطبيق القواعد الشرعية لا ان نهذر ضد من يخالف مصالحنا ان تقوى الله سبحانه وتعالى هي العمدة في تقييم الانسان فأتقوا الله.
اما وجود الامام الصدر كمرجع فقد غير كما ذكرنا الكثير من اتجاه المجتمع فهو لا ينفك يقدم الاطروحات الجريئة والجديدة بكافة الموضوعات ولا ننسى المواجهة المهمة فأن اجابات الامام الصدر على المسائل الحساسة والخطيرة جعلت الجماهير تلجأ اليه حتى من غير مقلديه وذلك بسبب عدم حصو لهم على اجابة من مراجعهم ولعلمهم بأن الامام الصدر لا يتردد في الخوض في كل الامور ومهما كانت النتيجة وكذلك تجد الكثير ممن لم يرغبوا به يلجئون اليه ليحسم النـزاع حتى بعض العشائر وكذلك فأن الامام الصدر يتواضع لأقل مجهود فلو كتب احد الطلبة او احد العوام بحثاً او كتاباً فأن الامام الصدر يباشر بقرائته ويجيب ويعلق عليه مما جعل الكثير من الشباب المثقف يطمح الى تقديم اي مجهود وقد ادى هذا الامر الى إثارة المعنوية عندهم وجعلهم يتقدمون في المجالات كافة فأصبحوا يؤلفون ويكتبون في كثير من المواضيع ويجدون عنده (دام ظله) التشجيع والتقدير لأي مجهود يقدمونه وقد اعاد الى الاذهان المرجعية التي افتقدها المسلمون لاكثر من عقد من الزمن فقد احيا في النفوس تلك المرجعية وجدد ذكرها عندهم مما جعلهم يعودون الى تلك المناهل ويرتوون من ذلك المعين، وكذا عادت تلك المرجعية ولله الحمد وبكل امكانياتها العلمية وباقي جوانبها.
ومادمنا نتحدث عن العدالة والورع نستذكر كيف ان الامام الصدر يرفض مسير الطلبة وراءه سواء كان ذاهباً الى الحضرة المطهرة لأداء الصلاة او عند خروجه وكذلك عند ذهابه الى الدرس او عودته منه ويرفض ان يتلقاه الناس بالصلوات فهو يجسد لنا بذلك مثال التواضع والاخلاق وتهذيب النفس وهو اهل لذلك.
ومن وصاياه ان لا يشتكي احد من اي امر ويقول لا تشتكوا الى احد سوى الله وهو يعاني كما هو معروف من داء في بدنه ولكنه يرفض المعالجة رغم الآلام وهو يرفض التصريح بها لاحد إلا ان معرفتها ممكنة من خلال مشاهدة الآثار التي تظهر عليه ولا أريد ان أطيل الكلام بهذا الامر فأن سماحته يرفض التكلم حول معاناته ويرفض التدخل فيما بينه وبين الله.
ومما تعلمناه من بعد نظره انه يرفض لمقلديه ولغيرهم إرتداء الملابس التي تشتمل على ماركات وكتابات غريبة وقد رأيت بنفسي حادثة بهذا الخصوص فقد جاء احدهم ومعه أطفال وهم يرتدون ملابساً عليها عبارات باللغة الانكليزية فوجه له سماحته كلاماً يدل على عدم رضاه على هذا الفعل وقال ما معناه (لماذا تقلدون الغرب وهم يحتقرونكم فكروا وحللوا ولا تكونوا بلا عقول).
وكما هو معروف وواضح فأن المسألة لا تختص بالملابس فحسب بل ترى الامام الصدر في غير موضع من مؤلفه القيّم (ما وراء الفقه) يعتبر كل معلومة تأتي من الغرب هي محل لأثارة الشكوك وعدم إبتناء اي امر عليها والتوقف امام اي جديد يصدر عنهم والتنقيب عن مدى صحة هذا الامر مع الامكان والا فأن القاعدة عدم نزاهة ما يصدر عنهم.
الأعلمية
وننتهي الآن الى مسألة الأعلمية والتي أتخذت كأداة أخرى للهجوم على مرجعية الامام الصدر ويأتي سؤال عارض: لماذا أنصب الاهتمام في هذه المسألة على الامام الصدر ولم يتناولوا غيره من المتصدين وهم بالعشرات في النجف الاشرف وقم المقدسة؟
وعلى أية حال نتماشى معهم بهذا الخصوص لنرى مدى قوة الحجج الموجودة عند الطرفين.
علينا أولاً ان نعرف الادلة التي نتمكن من خلا لها تشخيص الاعلم وبالتأكيد يجب ان لا يكون الترجيح جزافاً ومن دون قواعد شرعية أو عقلية ويجب أخذ الحذر في التقييم وابعاد التعصبات والميول والمصالح.
وأهم ما تثبت به الاعلمية كما ذكر الفقهاء:
1 ـ العلم الوجداني أو الاطمئنان الحاصل من المناشىء العقلائية كالأختبار ونحوه وإنما يتحقق الاختبار فيما إذا كان المقلد قادراً على تشخيص ذلك.
2 ـ شهادة عدلين بها ويعتبر في شهادة العدلين أن يكونا من أهل الخبرة وان لا يعارضها مثلها بالخلاف ولا يبعد ثبوتها بشهادة من يثق به من اهل الخبرة وان كان واحداً. (المسائل المنتخبة).
هذا ما ذكره الفقهاء ونتناول الان هذين الشرطين وكما قلنا بدقة وأمانة لكي نصل الى نتيجة مرضية لله سبحانه وتعالى قبل كل أحد.
أما بخصوص الاطمئنان فهو يجب ان يحصل عند من له أهلية بذلك اي الخبرة الكافية ولنا ان نسأل اهل الخبرة هؤلاء هل كلفوا انفسهم مهمة البحث ام ماذا يا ترى فعلوا؟ وقبل الخوض في الامر احب ان انبه ان هذين الشرطين متداخلان فأن من يحصل له الاطمئنان يجب ان يكون من اهل الخبرة كما ذكرنا وبالتالي سوف يكون هو المخبر للمقلدين عن أعلمية شخص ما فيما لو توفرت فماذا حدث في النجف الاشرف او خارج النجف؟
كما هو معروف فأن الجمعيات والمؤسسات التابعة للحوزة العلمية في الخارج كانت بيد أحد اولاد المراجع السابقين ومن البديهي ان تنتقل هذه المؤسسات (كما هو مفروض) الى إدارة المرجع الجديد ولكن هذا لم يحدث بالصورة الصحيحة فقد عرض إبن المرجع على المتصدين للمرجعية بعد وفاة ابيه شرطاً وهو أن تبقى هذه المؤسسات بيد هذا الابن مقابل الدعم الداخلي والخارجي لمرجعيته وقد عُرضت كما قيل المسألة على السيد السبزواري (قدس) فرفض هذه المساومة ثم عرضت كما قيل على السيد الگلبيگاني (قدس) فرفض كذلك لان المسألة دخلت في إطار المساومة وكأن هذه المؤسسات دخلت في حيز الارث الشخصي وليس المرجعية بما هي ثم عُرضت على أحد المراجع الموجودين في النجف الاشرف فوافق. وعليه اصبح التأييد المنقطع النظير لهذا المرجع، ومعلوم كذلك ان هذه المؤسسات تمتلك وسائل اعلامية كثيرة و لها تأثير كبير على الشيعة في العالم وبذلك فقد تبنت الدعم الاعلامي الذي نجح نجاحاً كبيراً فمثلاً (مجلة النور) التي تصدرها هذه المؤسسات قامت بالدعم لهذا المرجع ونشر الادلة على مرجعيته ولكنها لو تكتف بذلك بل وجهت الاتهام المباشر للامام الصدر بكونه مخرب الحوزة وقد نشرت ضمن الادلة على مرجعية السيد الآخر( علي السيستاني).
أسماء لخمسين شخصية. إسلامية معروفة من داخل النجف وخارجها وعند التمحيص قسمناها الى ثلاثة اقسام:
القسم الاول: من المجتهدين داخل النجف.
القسم الثاني: من المجتهدين ولكن من خارج النجف وهم من قم ولبنان.
القسم الثالث: من الذين لهم حظ من العلم ولم يبلغوا رتبة الاجتهاد.
اما بالنسبة الى القسم الاول المجتهدين في النجف كالفياض والبروجردي فقد تم سؤال هذين العلمين عن الاعلمية فرفضا الاجابة وعندما قيل لهم إن أسمائكم من ضمن الاسماء التي تدعوا الى احد المراجع تبرءا أمام الله سبحانه وتعالى من هذا الادعاء والشيخ البروجردي يرى اعلمية نفسه فكيف يشير الى غيره؟
واما القسم الثاني واعني الشخصيات الدينية خارج النجف مثل السيد فضل الله والشيخ شـمس الدين في لبنان ففي احسن الاحوال وعلى صدق إفتراض تأييدهم فأن هذين العلمين قد تركا النجف منذ اكثر من عشرين سنة فكيف يعلمون ببقاء أعلمية شخص ما مع هذه المدة الطويلة ومن جهة اخرى فأن هذا الوقت كاف لأي طالب في البحث الخارج كي ينال الاجتهاد خلال هذه الفترة فيما لو جَدَّ وإجتهد فهل من العدل ان يقحموا انفسهم في هذا الامر الذي غاب عنهم وكذلك يكون القول للموجودين في قم وقد ذكر السيد فضل الله في (دنيا الشباب) انه الى الان لم تثبت أعلمية أحد عنده، صدر الكتاب سنة 1995.
وأما القسم الثالث ممن له حظ من العلم ويشير الى احد المراجع حسب اعتقاده فنحن لو راجعنا الشرطين لوجدنا إن قو لهم حجة ابتداءاً فأنك لو سألت عالماً خبيراً بعلمية (زيد) وهو على معرفة تامة به فله ان يخبرك بعلميته لا بأعلميته والفرق واضح فمثلاً لو كان عندنا مع (زيد) مجتهد آخر هو (عمرو) فمؤيدوا (زيد) لهم ان يقولوا (زيد) عالم وليس لهم ان يقولوا (زيد) أعلم الا اذا إطلعوا على علم (عمرو) ونحن نسأل هؤلاء وقد سألناهم:
هل حضرتم بحث الامام الصدر؟ فأجابوا.. كلا.
هل أطلعتم على مؤلفاته؟ فأجابوا.. كلا.
هل دخلتم معه في مناقشة علمية؟ فأجابوا.. كلا.
فهل ناقشتم طلبته الذين يدعون بأنه الأعلم فأجابوا.. كلا.
إذن فمن اين علمتم ان غيره هو الأعلم.!!
بعد ان لاحظنا أهم جوانب التأييد للاطراف الاخرى (وما خفي أعظم) نعود الى مؤيدي الامام الصدر ونطرح عليهم نفس الاسئلة السابقة وبالمناسبة فأن الامام الصدر يشترط في أهل الخبرة ان يكونوا ممن حضر عدة بحوث حتى يستطيع الجزم بالاعلمية. وجميع الذين يحضرون البحوث المهمة في النجف وصلوا الى نتيجة وهي أعلمية الامام الصدر وقد تم سؤا لهم من هو الأعلم برأيكم فأجابوا الأعلم هو الامام الصدر.
هل حضرتم بحثه وباقي البحوث؟ فأجابوا نعم.
هل أطلعتم على مؤلفاته ومؤفات غيره؟ فأجابوا نعم.
هل استمعتم الى مناقشاته ومناقشات غيره؟ فأجابوا.. نعم.
والآن أظن ان الفرق واضح بين الطرفين اما بخصوص مؤيدي الامام الصدر فأن هؤلاء من الشخصيات المحترمة والنزيهة ولا يوجد من يذمهم او يخدش في عدالتهم.
وننتهي الآن الى مسألة اخرى وهي القدرات العلمية للامام الصدر وكما هو معروف فأن الامام الصدر تتلمذ على يد أكابر فقهاء الطائفة كالسيد ابي جعفر والخوئي والسيد الحكيم وقد حضر كذلك البحث الخارج للسيد ابي احمد(قدس) في المكاسب ولا يوجدعلى الساحة من المراجع في النجف الاشرف ممن حضر كل هذه البحوث. وقد لازم ملازمة طويلة استاذه الكبير ونهل من مناهله وقد كان(قدس) يشير الى الامام الصدر بالقدرة العلمية الفائقة وهو بعد لم يبلغ الثلاثين من العمر وقد قال(قدس) في مقدمة الموسوعة التي اسماها (بحث حول المهدي) انه يسأل الله سبحانه وتعالى ان يرى في الامام الصدر علماً من اعلام هذه الامة.
ولا أعتقد إنه(قدس) كان لا يستطيع التمييز بين الامكانيات ولا أعتقد انه من الشخصيات الاعتيادية فأن دعائه هذا نابع من قناعته ومعرفته بالامام الصدر وعلى أية حال فالكل يعلم بأن مدرسة السيد ابي جعفر الفقهية والاصولية من اعاظم المدارس في تاريخ الامامية ولا يوجد لها منافس في وقتنا الحالي. وقد برزت في المسائل العقلية بصورة اعجازية حتى تجاوزت التقاليد المعروفة وتصدت للفلسفات الغربية والمشبوهة واثبتت نجاحها الكبير وقد فاقت باقي المدارس في النجف وغيرها كما هو متسالم. وبعد هذا الموجز نعلم بأن طلبة هذه المدرسة وتلامذة هذا المرجع المتفوقين فيها هم اعرف وأعلم من غيرهم في باقي المدارس ومن البديهي اذا علمنا إنهم فهموا مطالب ذلك المرجع ان يكونوا اعلم من غيرهم لأنهم هضموا الافكار الجديدة والمتقدمة فقهياً واصولياً والباب مفتوح أمام الجميع لأثبات صحة هذا المدعى او عدمه فأن المناقشة على المستويين الاصولي والفقهي مفتوحة وقد تصدى لها الامام الصدر بكل جرأة وقناعة تامة وقد قال (دام ظله) بخصوص المناظرة والمناقشة العلمية: إنهم اذا جاءوا الى المناظرة فأنا معهم واعتبروني اول الداخلين وأخر الخارجين وفي اي مكان يريدون. الا ان احداً لم يواجه الا ما يحصل اتفاقاً وهذا القليل الذي حدث اثبت فيه الامام الصدر تفوقه بصورة واضحة وهو يعلن بصورة متواصلة انه يستقبل اي مناظرة وفي كافة المجالات المعروفة ومن اي طبقة كانت ومن كلماته المشهورة (دام ظله) لكل سؤال جواب وهذا يدل على الطاقة الجبارة التي يمتلكها وبالأمكان ان نعود الى طلبة المدرسة الاصولية التي تحدثنا عنها ونسأ لهم عن كل هذه الامور لنرى اصدقنا او توهمنا.
ومع الاسف فنحن في النجف نسير وفق مقاييس اكل الدهر عليها وشرب فيما زلنا نتبع الاسماء اللامعة ونحن لا نعرف سبباً لبريقها ولمعانها سوى الادعاءات فعندما تعرض على احدهم المناقشة العلمية يقول انه من غير المتعارف عند الطائفة الدخول في مناظرة وإن كل مجتهد له رأيه وقناعته ولا يستطيع احد صرفه عنها.
ومسألة ان العالم يفقد هيبته في المناظرة وهذا خلاف سيرة الائمة(عليهم السلام) ولكن المسألة خلاف ما ذكرت مجلة الوسط اللبنانية في احد اعدادها اذ إنها إدعت انها قابلت الامام الصدر وقال لهم ما معناه (انه بالامكان تشكيل لجنة لتحديد الاعلمية وفق المقاييس) وعلقت هذه المجلة قائلة انه من المستحيل ان تشكل هذه اللجنة ومن يا ترى سوف يكون اعضاءها. وعلى فرض صحة هذا اللقاء فليس من المستحيل ان تشكل مثل هذه اللجنة فانه يوجد في النجف الكثير من العلماء ومن اهل الخبرة الذين لو تجردوا عن اهوائهم لأصبحوا خير من يبت في هذه المسألة. ومسألة اخرى أن نعرض مواضيع عديدة لكل منهم ونطلب أستدلا لهم فيها من الناحيتين الاصولية والفقهية وبذلك نستطيع التمييز وجميع من اطلع على المؤلف المهم لسماحة الامام الصدر (ما وراء الفقه) بأجزاءه العشرة يرى بوضوح عدة نقاط:
1 ـ المنهجية الجديدة بطرح كل الاحتمالات الواردة حول المسألة المطروحة ومناقشتها من كل الجهات.
2 ـ الحداثة في طرح الاستنتاجات وادخال علم الرياضيات في المسألة التي تحتاج الى حسابات دقيقة.
3 ـ المناقشة في المسائل التي لها ربط بالفقه كعلم الفلك واللغة والنحو وغيرها وإعطاء رأيه المسند بالادلة المحكمة ولسائل ان يسأل ما هو هدفكم من هذه المسألة الا يسبب ذلك التفرقة بين المؤمنين؟.
اقول لست من أثار التفرقة فان هذه ا لهفوات التي صدرت عن هؤلاء لو كانت في نطاق ضيق ومحصور لما تطرقت اليها فأن ما حدث للسيد ابي جعفر(قدس) إنحصر داخل الحوزة ولم نشر الا الى موضع الحاجة وأما الامور التي أثاروها فقد انتشرت بين كافة الفئات وتعدت الى وسائل الاعلام فكان لابد من التصدي لازالة الظلم الذي حدث ضد شخصية الامام الصدر.
وكلمتي الاخيرة اننا كنا بحاجة الى شربة ماء بعد ان كدنا نهلك من شدة العطش فوجدنا الامام الصدر المعين الذي لا ينضب فلماذا بثوا سمومهم لكي يحرمونا من هذا المعين
وقد كنا بلا مأوى نعاني البرد شتاءً والحر صيفاً فمنَّ الله سبحانه وتعالى علينا ببيت يحمينا فلماذا قامت المعاول لتهدمه؟
وقد كنا يتامى بلا أب الى ان شـملنا بأبوته وحنانه فلماذا يريدون قتله؟
إتركونا وشأننا ولا شأن لنا بكم فأن كنا على الحق وهو الحق فنحن السعداء وان كنا متوهمين فلم يصدر منا ومن الامام الصدر ما يخالف الشرع فنحن الفائزون ان شاء الله ولا نأبه بما يقال او يحاك وكفانا سعياً وراء الالقاب والاسماء التي لم تقدم شيئاً ولن تقدم فنحن اعرف بما يدور حولنا ونحن اعرف بمن يلبي احتياجات المجتمع وقد صرنا نساهم بتغير المجتمع تحت قيادته ولم نمس احداً ولم نؤذِ أحداً بل ان الشعب هو المستفيد.
(والله اعلم حيث يجعل رسالته)
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة
والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين ابي القاسم
محمد وآله الطيبين الطاهرين
1417
عباس الزيدي
اليست مبالغة أن نصف شخصا ما بأنه سفير خامس للإمام الحجة
اليست مبالغة ؟؟
لازال هذا السؤال مطروحا ؟؟
علي مسلم
09-08-2010, 06:16 AM
اللهم العن الضالمين
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir