المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواقف سيستانية



بووردة
04-12-2005, 06:59 PM
وفي احدى المناسبات أقامت الجامعة التي يديرها السيد كلانتر(رض) تعزية فحضر الامام الشهيد الى هذه المناسبة وكان من ضمن الجالسين السيد علي السيستاني، قام الجميع باستثناء السيستاني، وبعد برهة قام الامام الشهيد ليخرج واتجه نحو السيستاني الذي لم يتحرّك من مكانه فمد الامام الشهيد يده اليه يصافحه فمد السيستاني يده بتثاقل وهو جالس.
* * *
وفي يوم عندما كان ذاهباً للصلاة في الحضرة عند الغروب وعندما وصل الى(الكيشوانية) كان الاذان قد وصل الى قوله (حي على الصلاة) وفي هذه الاثناء خرج شاب من الحضرة فاوقفه(رض) وقال: حبيبي الى اين؟ ألا تسمع الاذان يقول حي على الصلاة فأعتذر الشاب ورجع لاداء الصلاة.
* * *
كان السدنة الموجودون في الحضرة العلوية يهربون من امامه لانه كان يوبخهم وخصوصاً بعد ان صرّح عن فسقهم وتجاوزاتهم في احدى خطب صلاة الجمعة وقد كانت هذه الخطبة بمثابة القنبلة في سماء النجف.
وقد حاول احد السدنة ان يتقرّب له وذلك بأن تناول مداس شهيدنا ليضعه امامه قال له(رض) يا هذا لا تلمس المداس اني اكرهك.
* * *
كان(رض) يقول: ان مرجعيتي شعبية وذلك في صدد الجواب على سؤال ان سماحة السيد يتكلّم ويتصرف بصورة تخالف المألوف عند العلماء.
* * *
حاول شهيدنا شراء بناية كلية الفقه في النجف الاشرف حيث عرضت بالمزاد وذلك لأعادة الحياة اليها ولكن المبلغ كان مرتفعاً فلم يستطع شراءها لقلة المال المتوفر لديه.
* * *
قال له احد المؤمنين سيدنا بالامكان ان اجلب لك علاجاً من الخارج لهذا المرض فقال: انه لا يعيقني عن عبادة أو كتابة وأنا احب ان القى الله على هذه الحال.
* * *
وسأله احدهم ان يدعو له لمرض كان به فقال(رض): هل ان المرض رحمة.. فأجاب: نعم قال: فاذا كان رحمة فكيف تسألني ان ادعو لك.
* * *
وعندما يأتي للحضرة العلوية كان يأتيه كثير من الناس ويقولون سيّدنا نسألك الدعاء فيجيب كيف تسألوني الدعاء وانتم قرب أمير المؤمنين(ع).
* * *
زار(رض) يوماً احدى المدارس وعندما خرج فقد مداسه فرفض ان يأخذ من الطلبة فسار حافياً الى سيارته ولكن الطلبة وجدوا مداسه فأتوه به.
* * *
وكان اذا جلس الى مائدة الطعام لا يأكل اكثر من نوع او نوعين وكان يترك الذّ الطعام ويأكل الاردأ. اذ كان يجلب من السوق لعياله ما يأكلون ويجلس معهم إلاّ انه كان يأكل اللبن والخبز مثلاً فقط جهاداً للنفس.
* * *
قال الشيخ حسين المحمداوي إمام جمعة العمارة سيدنا آل الحكيم يقولون ان كتاب ما وراء الفقه ليس من تأليف الصدر بل هو تأليف السيد محمد باقر الصدر.
فقال: حبيبي أنعم وأكرم بآل الحكيم.
* * *
وعن الشيخ قال في أحدى الجُمع في الكوفة وبعد انتهاء الصلاة عندما خرج الامام الصدر من المسجد أخذ احد الشباب يهتف بأسم الامام الصدر فأحاط به عدد من جلاوزة النظام وامسكوه فرآهم الامام الصدر فجاء اليهم ودفعهم عنه ومسكه من يده وقال:
حبيبي مليونين ما يخلصونك( ). ودفعه بين الحشود بعيداً عن أعين الأمن.
* * *
ارسلت السلطة القارىء المعروف علاء الدين القيسي الى الامام الصدر وعندما دخل عليه قال سيدنا تعرف ان الدولة وضعها مربك هذه الايام ونريد منك تحريم صور الأئمة التي تباع في الاسواق فقال له: ليس هناك دليل على الحرمة.
فقال: ولكن سيدنا هذه الصور فيها ما فيها ونحن نحتاج الى التحريم.
فأنتهره شهيدنا وقال: من اين أاتي لك بالحرمة من جيب الصفحة( ).
ثم حان وقت الصلاة فقام وخرج. وحسب الظاهر ان الدولة ارادت جس نبض الامام الصدر والا فلا قيمة للصور ولا تأثير لها عند الدولة ولكن أرادت أن تثبت ان الصدر معها ولو بمثل هذه الفتوى فلم تفلح.
والمهم ان علاء الدين القيسي قد سجنه النظام بعد ذلك اذ اختلس الملايين من المبالغ التي خصصت للحج سنة 1419هـ.
* * *
جلس عنده احد ائمة الجمعة وقال باكياً: سيدنا اسال الله ان لا يحرمنا منك.
فقال(رض): اذا اراد الله ابقاء المذهب فسوف يبقيني واذا لم يرد فمحمد الصدر الى القير.
* * *
قال له عدد من الطلبة اذا حدث لك حادث فانا سوف نترك الدرس والحوزة فقال: هذا ليس صحيحاً بل اني عندها سوف اذهب الى ربي وأنتم تبقون لقيادة المجتمع.
* * *
وقد كان يأتي اليه الكثير من الناس ممن وقعوا به وسبوه فكان يجيبيهم: انتم بريئوا الذمة وانتم مثابون امام الله لانكم انما تسبّون سيد محمد الصدر لأنه حسب ظنكم عميل (موخوش آدمي) ولكن انصح الجميع بالتريث والتفحص عن حال اي انسان قبل الوقوع به.
* * *
ودخل عليه احدهم وقال بأعلى صوته: يا محمد الصدر ان تريد إلاّ ان تكون جباراً في الارض.. فلم يجبه(رض) وقام أليه أحد أئمة الجمعة وأخرجه من المكتب بهدوء.
* * *
وجاء احدهم وسبه سباً شديداً فنظر اليه مبتسماً ولم يقل شيئاً بل التفت الى مَن بجانبه ليرى حاجته.
* * *
وعندما حرّم القاء النقود في الاضرحة المطهرة شاهد احدهم وهو يهم بالقاء مبلغ في الشباك فمسكه من يده وقال: لا تفعل هذا حرام. فهمّ مرّة اخرى بالقاءها فقال: ان فعلت فلعنة الله عليك.
* * *
عن السيد الحائري قال قلت للامام الصدر يوماً: هل اكلت الكبّني فقال وما هو الكبّني فقلت: هي اكلة لبنانية يؤتى باللحم ويستخرج منه العصب ثم يدق ويجمع على شكل كريات ويعلّق في ا لهواء فتجففه الشمس فيؤكل فأجاب الامام الصدر: حبيبي أنا لا آكل اللحم المطبوخ فكيف بالني.
* * *
ذكر احد الطلبة: انه رأى الامام الصدر في المنام فقال له: سيّدنا لقد قلدتك فقال: الآن قد طهر جسدك. فحدّث بها الامام الصدر فقال(رض):وأنا أقول أنك الآن فعلاً قد طهرت.
* * *
ذكر احدهم عنده تقليد سماحته فقال(رض):حبيبي ان تقليدي صعب وان مقلديي لهم نور من الله.
* * *
كان(رض) عندما يدخل الى مسجد الكوفة لاقامة صلاة الجمعة يمشي الى احد زوايا المسجد ويلقي عصاه جانباً ثم يتوجه الى محراب أمير المؤمنين(ع) فينظر داخل المحراب بشكل غريب ثم ينحني فيأخذ تربتين وهو لا يزيل نظره عن داخل المحراب ثم يتقدم خطوات فيكون قريباً من المحراب ثم يتراجع القهقهري ونظره ثابت. الى نفس النقطة ويكرر عملية التقدم والتأخر لمرات عديدة. ولم يعرف الى الآن السر في ذلك.
* * *
عن احد ائمة الجمعة قال دخلت انا واحد الطلبة الى الحرم المطهر فقال له أحدنا سيّدنا كيف خرجت للصلاة في الحرم.
فقال(رض): احدى بناتنا رأت في الرؤيا كأني اصلّي في الحضرة وورائي الكثير من فرش المصلّين ولا يوجد احد فعلمت منذ تلك اللحظة بأنكم ستأتون وتصلّون خلفي.
* * *
اعتقل احد وكلاء الامام الصدر فأتهموه بأنه عميل لإيران وله علاقة مع محمد باقر الحكيم فأطلقوه بعد ذلك فراجع الامام الصدر وأخبره بهذه الاتهامات فقال له (رض) عجيب يتهمون الناس به وهو معهم
* * *
بعد اول صلاة جمعة أقيمت في العراق اجتمعت به مجموعة من موظفي المكتب فقالوا له:
سيدنا نحن نخاف عليك من الدولة. فروى لهم(رض) رواية عن الامام العسكري(ع) حول الرجل الذي اعطوه درة تخص زوجة أحد الظلمة فأنكسرت نصفين فخاف من السلطان فطمأنه الامام(ع) وحل مسألته فرجع الى الامام(ع) فقال له: ألا تعلم ان قلوب الظالمين بأيدينا.. ثم قال(رض) لا زالت بأيدينا، لازالت بأيدينا، لازالت بأيدينا.
* * *
وعن احد الثقات: سيدنا تذكرون في كتابكم ملامح واوصاف الامام(عج) أفلا يعد هذا الامر مساعدة للغرب في كشف شخصيته(ع) اليس في هذا نوع من الاثم فأجاب(رض) حبيبي انا سابقاً كنت أقول أو (عندي) هذا الرأي اما الآن فأنا قد تأكدت بان الامام الحجة يستطيع ان يغيّر شكله وملامح وجهه وقال: حتى لو عرفوا شكله فأن الله يحفظه.
* * *
جاء محمد رضا السيستاني الى الامام الشهيد وطرح عليه مسألة وهي اذا كان في رحم امرأة واحدة اكثر من نطفة فهل نستطيع ان نلحقه بأبيه عن طريق الاساليب الحديثة من خلال الجينات الوراثية فأجابه السيد: كلا بل تتمسك بدليل القرعة. ثم قام وخرج فقال(رض): محمد رضا السيستاني منطيق وقد كان محمد تقي الخوئي منطيقاً كذلك.
فقال أحد الطلبة الجالسين: سيدنا ان أخاه محمد باقر السيستاني يفهم اكثر منه فأجابه(رض): أنا لم أقل يفهم ولكن قلت منطيقاً.
* * *
وقد جاء بعد هذه الحادثة كل من علي السيستاني ورضيّ المرعشي ومحمد رضا السيستاني وقد وافق ذلك في رمضان 1417هـ فقال(رض) موجهاً كلامه الى السيستاني: ما تقول في ثلاثة مياه في رحم امرأة واحدة فأجاب السيستاني نعمل بالقرعة. فقال(رض) احسنت ولكن ولدك يقول ان هناك اجهزة حديثة يمكن ان تشخص من خلالها والد ذلك الجنين.
ثم قال(رض) البعض يتهمني بأني اريد ان احجم من قراءة القرآن وذلك بسبب فتواي بالاحتياط الوجوبي فاجاب السيستاني: ولكني ارى الاحتياط استحبابي فقال(رض) كلا بل هو وجوبي. عندها تصدى المرعشي للدفاع عن رأي السيستاني فرده الامام الصدر وأفحمه في الجواب فظل المرعشي فاغراً فاه وقد اشتهرت هذه الحادثة في النجف.
الامام الصدر والتيجاني
لا يخفى الدور المهم الذي لعبه التيجاني السماوي في نشر مذهب آل محمد وقد رفعت مؤلفاته من معنويات الكثير من اتباع هذا المذهب وزيادة الثقافة الدينية وادخال ادلة جديدة على احقيّة الشيعة.
ولكن يبدو ان التيجاني قد بدأ يدخل نفسه في موارد هو ليس بمستواها وأعني التدخل في بعض الموارد الشرعية التي تحتاج الى اجتهاد ومن المقطوع به ان التيجاني ليس مجتهداً لذلك ورّط نفسه في هذه المشكلة وقد رفعت قضية بخصوصه الى شهيدنا الذي كان يقول بحقه: أننا لو عملنا للتيجاني تمثالاً من ذهب لكان قليلاً في حقه.
والقضية التي رفعت بخصوص الشهادة الثالثة لولاية أمير المؤمنين(ع) حيث اعتبرها التيجاني بدعة ما انزل الله بها من سلطان فكان مايلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الأعلى السيد الصدر (دام ظله العالي).
في هذه الفترة نزل الى الاسواق المؤلف الأخير (كل الحلول عند آل الرسول) للدكتور التيجاني وقد تعرض المؤلف الى الشهادة الثالثة وأنكرها باعتبارها من الزوائد على المذهب الذي يجب تنقيته من هكذا أمور فما رأي سماحتكم بذلك.
بسمه تعالى: ملحض الحال فيها انها ليست جزءاً من الاذان جزماً ولم تكن موجودة في ردح طويل من عصر المعصومين: وان من قصد الجزئية للاذان أو الاقامة أو لغيرها فهو كاذب على الله ورسوله وهو من التشريع المحرم كما انه ليس عليها الآن آية ولا رواية بعينها تدلنا على استحبابها.
كل مافي الامر انها مع عدم نيّة الجزئية لا تكون حراماً جزماً. وان كان التيجاني يرى حرمتها فهو خاطىء، باعتبار انها بمنزلة الكلام المستقل عن الاذان في داخل الاذان، وغير قاطع للموالاة فيه. اذن فهي على اسوء تقدير من المباحات ويكون القائل بحرمتها محتاجاً الى دليل وهو مفقود.
ولكننا مع ذلك يمكن أن نستدل على استحبابها بعدة وجوه: اهمها ما اشار اليه الشيخ الصدوق(راجع وسائل الشيعة) من وجود روايات مفقودة فعلاً تأمر بذلك، وهو وان كان قد انتقدها وأتهمها بالوضع والكذب إلاّ انها تثبت صغروياً بشهادته وتثبت كبروياً بضم اخبار (من بلغ) اليها فيثبت الاستحباب فان قلنا بان المستحب جزء امكن قصد الجزئية الاستحبابية ويبقى قصد الجزئية اللزومية حراماً.
هذا اضافة الى ادلة اخرى: منها: ما ورد بمضمون (عن النبي(ص) انكم كلما ذكرتموني فاذكروا علياً ونحن قد ذكرنا رسول الله(ص) في الاذان أكيداً اذن يستحب لنا ذكر علي(ع) أيضاً بعد ضم الاخبار (من بلغ).
ومنها استحباب ذكر الامام واحترامه والصلاة عليه في المناسبات ولا شك ان الاذان من المناسبات العرفية والمتشرعية لذلك
ومنها نصرة المذهب حيث اصبح الجمع بين الصلاتين والشهادة الثالثة، من شعاراته ومن مختصاته. فيكون في الالتزام بها نصرة له بكل تأكيد ونصرته مستحبة بل واجبة أكيداً بكل وقت.
واذا كان فيها نصرة المذهب اذن فلا توجد اية مصلحة في الردع عنها وان الحق مع العلماء في الابقاء عليها والامر بها لأنه ثبت عندهم ان الامر بها صادر عن الله سبحانه وتعالى، فهم يأمرون بما أمر به الله سبحانه. ومن الصحيح ان اذان بلال لم تكن فيه الشهادة الثالثة إلاّ انه لم يكن فيه أيضاً (الصلاة خير من النوم) وقد كان فيه، (حيّ على خير العمل) فان قبل العامة بتطبيق اذانهم على آذان بلال قبلنا نحن ذلك أيضاً.
مضافاً الى انه ينبغي الالتفات الى ان اخفاء العلماء ليس جريمة ولا مخل بعدالتهم بل الواحد منهم ابصر بالأمر وأعلم بالمصالح فقد تقتضي المصلحة القول وقد تقتضي المصلحة الاخفاء والسكوت حول اي شيء من الامور.
ويكونون معذورين في ذلك حسب تشخيصهم للمصلحة والمفسدة الدينية والمذهبية والاجتماعية.
ويكفي ان تلتفت الى ان عدداً من الافكار تعتبر من اسرار آل محمد: يحرّم افشاؤها ممن يعلم بها او ببعضها ومما نسب الى الامام السجاد(ع) قوله:
يارب جوهر علم لو ابوح بـه لقيل لي انت ممن يعبد الوثنا
ولأستحل رجال مسلمون دمي يرون اقبح ما يأتونه حسناً
وانا كنت اقول الى عهد قريب باننا لو عملنا للتيجاني تمثالاً من ذهب لكان قليلاً في حقه ولكنني استطيع الآن ان اسحب هذه المبالغة من كلامي. غفر الله لنا وله. إلاّ ان خدمته للدين والمذهب من كثير من الجهات الأخرى محرزة وجليلة جزاه الله خير جزاء المحسنين.
* * *
وقد ورد سؤالان يرتبطان بنفس القضية أو ردهما زيادة بالفائدة:
نرجو من سماحتكم الردّ على من يقول بان الشهادة الثالثة بدعة لانه ادخال ما ليس في الدين في الدين وذلك لانها لم تكن موجودة في عصر النبي والأئمة والاذان كما يعلم توقيفي.
بسمه تعالى: هذا سؤال عاطل أكيداً بعد الذي قلناه من الادلة على مشروعية الشهادة الثالثة يعني انها من الدين وليست خارجة عنه فلا تكون بدعة ولا ينحصر وجودها في عصر النبي لتكون من الدين فان اغلب السنّة الشريفة ورادة عن الصادقين(عليهما السلام) وليست عن النبي(ص).
ونأمل ان يرد سماحتكم على القائل بأنه لو كان فيها خير لاحق للمذهب (كما يدعي علماء المذهب) لورد عن الأئمة وهم العالمون بحقائق الأمور. او قالوا انها ستكون من رموز التشيع وشعاراً للمذهب الحق فاذكروها عندما يكون المذهب بحاجة الى ذلك.
بسمه تعالى: هذا أيضاً سؤال عاطل بعد الذي قلناه من انها واردة عن الأئمة: كل مافي الامر انها تالفة خلال ما تلف من الكتب وربما كانت مخالفة للتقية ومحرجة بالنسبة الى علمائنا السابقين(قدس سرهم) كالشيخ الصدوق والطوسي والمفيد وحذفوها من كتب الحديث وطعنوا في صحتها وقلنا انه يكفينا منها مسألة التسامح في ادلة السنن.
وقد كان الائمة: أيضا في تقية مكثفة هم وأصحابهم ولم يكن في مصلحة التشيع في ذلك الحين اعلان امثال هذه الامور حتى ضعفت الخلافة العباسية وسيطر البويهيون على المجتمع المسلم.
محمد الصدر

الامام الصدر مع فضل الله
توجد عوامل مشتركة بين شهيدنا والسيد فضل الله فكلاهما تعرّض لهجوم شرس من قبل الحوزة ومن كافة الاطراف وكان ا لهجوم على السيد فضل الله قد أخذ طابع التفريط الذي جاء من ناحية عدم مناقشته بصورة علمية فيما اذا كان الغير غير مقتنع بآراءه وأفكاره كما كان شهيدنا غير مقتنع بجملة منها ولكنه(رض) قد ناقشها بصورة موضوعية واما الآخرون فاكتفوا في معظم الأحوال بالتفسيق والتضليل إلاّ ما كان من محاولة السيد جعفر مرتضى العاملي في المناقشة التي أخذت طابع المبالغة في ا لهجوم والتضخيم وعدم السير في المناقشة بصورة نزيهة.
وقد افتى الكثير من العلماء بضلال السيد فضل الله كالشيخ جواد التبريزي والشيخ الوحيد الخراساني والشيخ ا لهمداني وغيرهم.. اما شهيدنا فقد كان مقرراً في حوزة قم بالاتفاق مع حوزة النجف ان يصدر بحقه بيان(تحفظ) تعتبر فيه مرجعية الامام الصدر مرجعية عميلة لولا ان الشهادة قد قطعت الطريق عليهم وكذلك الزخم الجماهيري الذي كانت تتحلى به مرجعية شهيدنا وقد كان هناك بيان ادرج فيه اسم الامام الصدر ضمن‏العلماء الذين فسّقوا السيد فضل الله ولكن شهيدنا انبرى ليكذّب هذا المدعى بعد ان رفعت اليه اسئلة بخصوص فضل الله ومن ضمنها اسئلة موجهة الى العلماء في النجف ومن ضمنهم الامام الصدر وقد افتوا فيها بضلال فضل الله وكانت هذه الاجوبة قد وردت من قبل جهات مستفيدة مغرضة على لسان العلماء في النجف الاشرف فأجاب شهيدنا:
في حدود قناعتي فأن كل هؤلاء العلماء بريئون من هذه الاقاويل وأنا قريب منهم في النجف وقد رفضوا الجواب على مثل هذه الأسئلة.
واما أنا فلا اقصد شخص السيد فضل الله وانما من يتبنى آراءه التي تمت مناقشتها في (المسائل البيروتية) فأن كان جناب السيد بريئاً منها كما نتمناه اذن يبقى كلامي هذا بدون تطبيق.
ومن المؤكّد أيضاً ان ا لهجوم المستمر على فضل الله لم يكن خالصاً لوجه الله وإلاّ فلماذا خرجت هذه الآراء ا لهجومية في اوقات متأخرة عن وقت صدورها منه وكان الأجدر ان يجاب عليها في وقتها ولكن في الأمر علّة وهي علّة مشتركة مع الامام الصدر(رض) وهي انه في السابق لم يكن ينافس احداً على مرجعية او غيرها وعندما تصدّى بصورة رسمية انبرت الاقلام والافواه العنصرية ضده.
كما فعل مع الامام الصدر وكما فُعل قبل عقدين من الزمن مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) فالويل كل الويل لمن كان من غير الفلانيين ويتصدى لزعامة بل عليه ان يبقى ذيلاً من الذيول والسلام.
اجاب سيدنا على جملة من الآراء التي نسبت الى السيد فضل الله بكراس سمّي (المسائل البيروتية) فراسله احدا اصدقاءه من لبنان أو سوريا مستوضحاً عن هذه الاجوبة وا لهدف منها فأجاب شهيدنا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه سيّدنا الأعظم نبي الاسلام وآله الميامين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين.
أخي في الله جناب السيد الأجل العلامة الأعز رعاه الله برعايته وبعد التحية والسلام فأني قد تسلّمت الكتاب الذي أرسلتموه بيد جناب الأخ الاجل رعاه الله. وأنا شاكر جداً لجهودكم وفضلكم زاد الله شرفكم، واما بالنسبة الى جناب العلامة السيد محمد حسين فضل الله فاني أود أن أُبين بعض النقاط فيمايلي لرفع الاشتباه عسى الله أن يجعل فيه الخير.
اولاً: اني وان لم اجتمع به منذ أكثر من ثلاثين سنة تقريباً إلاّ ان المسموعات عن لبنان متواترة وانا اعتبره شخصاً فاضلاً متفقها واعياً مضافاً الى كونه متصدّياً لقضاء حاجات الآلاف من المحتاجين ومواجهاً للكيان اليهودي الظالم. إلاّ ان هذا لا يعني عدم المناقشة في بعض وجهات النظر التي نقلت عنه. فأن الحق لابد ان يثبت وكانت ومازالت حرية المناقشة مكفولة لدى الجميع.
ثانياً: انني قليل الاطلاع على كتبه إلاّ أن آراءه التي هي محل الاشكال دينيّاً نقلت بالاستفاضة عنه وأهمها كتاب السيد ياسين ومطبوعات عن خطاباته وهي وان كانت محتملة التزوير إلاّ ان تنصله منها من المحتمل ان يكون ظاهرياً لا واقعياً بعد ان رأى المفسدة التي حصلت حولها وهي آراء يرتبط جملة منها بالفقه ومنها بأصول الدين ومنها بالتاريخ الاسلامي وغير ذلك.
ثالثاً: ان ما يسمى بالمسائل البيروتية انا كتبتها ووقعتها وقد شرح لي الزائر اللبناني الحال عن ذلك. وقال: تكتب في ذلك شيئاً. قلت: نعم، قال: فتفند آراءه واحداً واحداً، قلت: كلا، قال: فتفنّذ الرأي مستقلاً عن النسبة اليه، قلت: نعم.
وكذلك صدور هذه المسائل لا يرتبط منها بجناب فضل الله إلاّ السؤال الأول فقط. فان كان لا يتبنّى كل الآراء وكانت مزوّرة عليه إذن فهي تبقى بدون مصداق بما فيها السؤال الأخير.
رابعاً: انني قلت في تلك المسائل: انني قرأت كتابه في المسائل الفقهيّة واعتبرته كتاب ضلال (وهذا لا يحتمل ان يكون مزوّراً عنه) لأنه يحتوي على كثير من الفتاوى المخالفة للمشهور، وليس مقصودي ما هو ظاهر العبارة وليس عيباً على المجتهد أن يخالف المشهور وكل العلماء خالفوا المشهور في بعض فتاواهم إلاّ ان المراد أمران احدهما: ان المؤلّف خالف المشهور في كثير من فتاواه وليس بنسبة قليلة كما هو الحال في غيره.
ثانيهما: ان الكتاب يحتوي على بعض الفتاوى التي اعتبرتها مخالفة لضرورة الفقه. مثل: الحكم بطهارة كل البشر. والحكم بجواز تقليد الميت ابتداءاً. والحكم بجواز تقليد غير الأعلم فاننا اذا ضممنا هذين الحكمين الأخيرين لزم جواز تقليد اي واحد من أجيال علماءنا السابقين وهو خلاف ضرورة الفقه قطعاً.
خامساً: انه على ما يبدو متصدٍ للتقليد في حين لا دليل على اجتهاده والمهم انه لا دليل على اعلميته بل هو باليقين ليس بأعلم ويوجد في العراق وايران العديد ممن هو أعلم منه وأنا أجد انه يشترط في التقليد والولاية العامة: الاعلميّة.. ولا يجوز تقليد غيرالأعلم مع الالتفات الى انه يصعب في جوٍ مثل لبنان تشخيص هذه الجهات خارج عواصم العلم النجف وقم.
سادساً: في حدود فهمي فان هدفه انه يريد تبسيط الشريعة وافتاءهم بأسهل فتوى ممكنة تسهيلاً عليهم ولأجل ان لا يشعروا في تصرفاتهم بمزيد من الذنوب التي لا مناص منها. وهذا اتجاه معقول وطيب. إلاّ انه ليس بالأختيار مالم يساعد عليه الدليل مضافاً على نقطة اهم هي انا من الناحية النظرية نجد ان الافضل تصعيد المجتمع الى مستوى الدين وليس تنزيل الدين الى مستوى المجتمع.. وما يريده ـ حسب فهمي ـ هو الثاني، وهو خاطىء.
سابعاً: ان هناك من الافكار مهما كانت قيمتها الدليلية. فانها فعلاً قد شاركت في بناء الدين واليقين في نفوس الملايين خلال الاجيال وكانت ومازالت مصباح نور يستضى به الشيعة. فليس من المصلحة ان نقوم بأطفائه بمعنى شجب وتكذيب هذه الافكار، بل ينبغي ان نسكت عنها حفظاً للمصلح العامة مالم يكن لدينا البديل الصالح لها ولن يكون؟!
مثل حرق باب الدار للزهراء (عليها السلام) وحرق الخيام لنساء الحسين(ع) وغير ذلك كثير. فالذي فعلته في تلك المسائل هو اني دافعت عن صلاحية تلك الافكار علينا وبغض النظر عن دليليتها. لان وجودها ضروري لحفظ دين الناس من ناحية، وعدم تنصلنا من تأريخنا وجهاد قادتنا من ناحية أخرى لا لشيء سوى اننا نريد ان نسير بالاتجاه المادي الدنيوي الذي خطته لنا اوربا الاستعمارية.
اذن فلماذا نحارب اسرائيل وغير اسرائيل من شرار الناس إذا كنا نحارب ايضاً هذه الافكار.
ثامناً: انه في هذه الايام الاخيرة جائني من يسأل حول هذه الامور أيضاً ومن جملتها جواز مهاجمة السيد فضل الله. فقلت له: انني أعلم انه يقوم بقضاء حاجة المحتاجين فاذا هاجمناه واسقطناه اذن فقد حرمنا المحتاجين من لقمة عيشهم. ولماذا نستنكر منه كل كيانه. وانما نأسف فقط لما قد يكون قد صدر منه من أفكار قابلة للمناقشة بوضوح. والافكار انما تتلاقح دائماً ولا حاجة الى التعقيب الزائد والتطرف في القول.
فانه من هنا يخرج قرن الشيطان، والمثل يقول أنا وأبن عمي ضد عدوي ونحن في حاجة للتكاتف ضد العدو المشترك وأنا اعتقد ان العدو المشترك هو كل القوى في العالم بمختلف اصنافها، الامر الذي يزيدنا حاجة الى التكاتف والاتفاق حتى لو كان واحد منّا أو اكثر له شيء من نقاط الضعف والمصاعب. ولنا احسن مثال في الحوزة الشريفة، فانها لا تخلو في داخلها من اغتشاش ومصاعب إلاّ ان الجميع يحاول ان يبدوا بل أن يكونوا يداً واحدة ضد العدو المشترك الكائد للأسلام والتشيع وان نبدوا كجبهة متراصّة متكاتفة في رضاء الله ونصرة المعصومين:. وليت شعري انّا اذا لم نكن كذلك فعلينا أن نكون كذلك. وإلاّ فقد برأت الذمة منا وأصبحنا انصاراً لأعدائنا.
دعوا كل واحد من القادة يربي الجيل بالشكل الذي يحلو له. بدلاً من التصدي للحرب الباردة. مالم نجد في أي واحد ميلاً للعدو وابتعاداً حقيقياً عن الدين حاشاهم جميعاً عن ذلك. ولا ينبغي ان نكون كما قال المثل: أجتمعوا على باطلهم واختلفنا في حقنا.
واذا كان هدفنا واسعاً وكبيراً. فلنسأل انفسنا: اننا اذا كنا اعداء ومتحاربين ونحن في هذا المجال الضيق، فكيف سنكون اذا اتسع لنا المجال اكثر وأكثر.
يتبع في الحلقة القادمة...