صاحب اللواء
02-01-2015, 12:04 AM
بقلم: نارام سرجون
الفيلم لايبدأ من النهاية .. عفوا حزب الله .. لم نشبع من مائدة شبعا
https://scontent-a-ams.xx.fbcdn.net/hphotos-xpf1/v/t1.0-9/q87/s720x720/1610878_213889288781554_547277442475197970_n.jpg?o h=968a7ca6f18b536dd4b3625b8ad15e6c&oe=5560920E
أجمل مافي الرصاص الذي أطلقه مقاومو حزب الله في شبعا هو أنه استقر في قلوب الثوار العرب والعرب كما في قلوب الاسرائيليين .. فلقد تعبت آذاننا من احتفالات الثوار بصواريخ اسرائيل وتكبيراتهم لغاراتها واقامتهم مهرجانات السعادة والشماتة .. وكان رصاص شبعا وكورنيتها - الذي ذوّب الفولاذ كالشمع - الدواء الذي يشفي صداعنا .. فقد كان الثوار والعرب يتحولون في كل غارة اسرائيلية الى باعة متجولين يحملون مكبرات الصوت وينادون بشكل صاخب وتتداخل أصواتهم على بضاعة اسرائيل من ماركة نتنياهو .. الردئية ..التي تؤدب المغامرين المقاومين وتتحداهم ..
كان الدخول الى مواقع الثوار الاعلامية وفضائيات العرب أو الجلوس بينهم يسبب الصداع فهو يشبه الدخول الى شارع من الشوارع الشعبية الفقيرة التي يفترش بها الباعة والمهربون واللصوص الأرصفة ببسطاتهم ويقاطعون مسيرك بأصواتهم المتداخلة وصيحات عروضهم .. وقد يطرحون عليك بضائعهم وميزاتها ويتحدونك ان وجدت بضاعة رخيصة بمثل جودتها .. بضاعة اسئلة الثوار الرديئة على أرصفة الانترنت وأرصفة الفضاء كانت من مثل: لماذا لايرد حسن نصرالله وحليفه بشار الأسد؟؟ .. أين هي صواريخهما التي يتباهيان بها ؟؟ وأين هو محور المقاومة الذي لايجرؤ على اسرائيل لكنه لايبخل علينا بالبراميل المتفجرة؟؟ أم انكم جميعا من جماعة الرد المناسب في الوقت المناسب ؟؟ وووو ..وكلها أسئلة منتشية ومبللة بالشماتة القصوى ..
هذه أول مرة أحس أن للرصاص فائدة الدواء وهو يشفي الصداع .. فقد صمت الثوار كما صمت نتنياهو الذي تناول وجبة ضخمة من الاذلال وتكسير الرأس .. وصار الرصاص حجرا يلقم به قادة اسرائيل وباعة المعارضة الجوالون على ارصفة السياسة .. أرصفة السياسة هذه الأيام خلت من الباعة الجوالين .. والسؤال الذي يجب أن يكون في برنامج جائزة المليون الذي قدمه الاعلامي الرفيع جورج قرداحي هو (أين ذهب صلف نتنياهو.. ومتى سيرد؟) .. ومن لايعرف الجواب فيمكنه أن يستعين بصديق من محور المقاومة ليعطيه الجواب الصحيح .. ولكن حذار أن يسأل الجمهور "العربي" لأنه سكران بالثورات ومكتظ بالاسلاميين ولايعرف الفرق بين الربيع والكارثة والمؤامرة .. ولا الفرق بين الامام علي بن ابي طالب والحاخام عوفاديا يوسف .. وجمهور كهذا لايعتمد عليه ..والأفضل سؤال الكومبيوتر بدلا منه ..
ولم يصمت الثوار فقط بل كذلك صمت العرب صمتا لايفوقه صمت عندما تكلم الرصاص في شبعا حتى اعتقدت أن حناجرهم قد تحجرت وأن أصواتهم غرقت في البحر الميت وصارت ملحا .. والعرب لايصمتون الا في حالتين .. الاولى عندما ينصتون من خلف الأبواب على صوت اغتصاب فلسطين وصراخها وأنين ابنها المسجد الأقصى وهو يصلب في كنيسة القيامة .. والثانية عندما يرتفع صراخ اسرائيل من الألم وهي تبلع السيف ..فتصاب فرائصهم بالتقصف ..ويبولون في ثيابهم ..
ماحدث في شبعا يذكرني بمقولة شهيرة لشيمون بيريز .. ولكن دار الزمن دورته وشاءت الأقدار أن نقولها له اليوم .. ففي أثناء المفاوضات السورية الاسرائيلية في واي بلانتشن برعاية بيل كلينتون في التسعينات كان الاسرائيليون يصرون لتحقيق السلام على أن يتم انجاز خطوات السلام مع سورية قبل الانسحاب من الجولان .. بمعنى أن تبدأ خطوات التطبيع أولا ويحتفل السوريون والاسرائيليون بتبادل افتتاح السفارات والمكاتب التجارية ومهرجانات ومشاريع السلام التجارية المشتركة ثم بعد ذلك ينسحبون من الجولان ..كمكافأة على السلام الذي أبداه السوريون ..
لكن السوريين كانت لهم وجهة نظر صلبة لاتتزحزح وهي أن الانسحاب من الجولان هو بداية أي سلام .. وبعد الانسحاب منه كاملا يمكن البحث في ثمار السلام التي يريدها الاسرائيليون لأن سبب الحرب هو بقاء الاسرائيليين في الارض وليس غياب السفارات .. وانسحابهم هو أول خطوة جوهرية باتجاه السلام .. وعندها قال شيمون بيريز لمحطة سي ان ان مبتسما: يبدو أن السوريين يريدون رؤية الفيلم من نهايته السعيدة .. أما نحن فنريد رؤية الفيلم من البداية ..تطبيع ودفء ثم انسحاب ..
اليوم تصرح اسرائيل بأن المسؤول عن الحادث بشكل رئيسي هو ايران وتؤكد على استبعاد المسؤولية الفعلية لحزب الله وسورية عن عملية شبعا لأنهما المنفذان لأوامر ايرانية .. وهو تهرب فاضح من تحدي الطرفين المعنيين مباشرة بالتوتر على الحدود .. وهذا التهرب بعد كل الصلف الاسرائيلي هو أسوأ درجة من درجات (الرد في الوقت المناسب في الزمان المناسب) .. فاسرائيل تعني أن المسؤول عن الحادث هو ايران .. ايران البعيدة عن متناول اليد "للجيش الذي لايقهر" ..
وذلك اقتضى عدم الرد المناسب في أي زمان مناسب وأي مكان مناسب .. وسكوت اسرائيل على تحدي حزب الله ومن خلفه سورية ليس مجرد ادراك لحقيقة أن حزب الله لايحب المزاح على الحدود .. وليس لأن اسرائيل اكتشفت أن من تواجهه ليست عقولا ساذجة وليست متهورة ولامغامرة بل هي عقول استراتيجية .. تملك مع العقول الاستراتيجية أسلحة نوعية واستراتيجية بدليل اعترافات السيد حسن نصرالله بأن مخازنه مشبعة ومتخمة بكل اصناف الأسلحة النوعية .. ولذلك فان اسرائيل أوحت برسائل كثيرة أنها تريد الآن رسم خط في نهاية هذه المواجهة وتوقف تبادل الردود .. وانهاء الدرس بالتعادل.
ولكن هل انتهى الدرس؟؟ بالعودة الى تصريح شيمون بيريز عن بداية الفيلم ونهايته فانه من سوء الطالع لاسرائيل انها تتحدث الآن عن رغبة برؤية نهاية الفيلم .. وتريد أن ترى الفيلم من مشهد النهاية التي تسميها "عملية شبعا" .. ولكن الحقيقة اننا كمحور للمقاومة مصرون على أن نعرض الفيلم من البداية نزولا عند رغبة شيمون بيريز الذي يحب الأفلام من بداياتها وليس من نهاياتها .. وفيلم "عملية شبعا" ليس الا المشهد الأول .. واسم هذا المشهد صريح لالبس فيه (بيان المقاومة الاسلامية رقم 1) .. واسم الفيلم بالكامل هو (تحرير الجولان) ..
وآخر مشهد فيه سيكون مثل آخر مشهد من فيلم (تحرير جنوب لبنان) الذي رآه بيريز ونتنياهو من بدايته الى نهايته الاسرائيلية الكئيبة الذليلة .. ففي النهاية منظر لاينسى .. انسحاب مستعجل ومتوتر وتدافع نحو داخل فلسطين المحتلة .. ورمي للعملاء من الشاحنات .. ووفي آخر لقطة يظهر أنطوان لحد يعمل في مطعم وبار في تل أبيب بعد أن كان خاكم جنوب لبنان .. وقريبا قد ينضم اليه ابو محمد الجولاني وثواره عند اتمام المشهد الاخير في الجولان ..
اسرائيل بلغت بها السذاجة أنها بعد فشل مشروع تقسيم سورية والسلام المتفق عليه مع المعارضين والاخوان المسلمين أدركت أن هدوء سورية سيعني تحريك الجولان .. ففتحت جبهة الجولان وزنرت نفسها بجبهة النصرة لابتزازنا ليكون ثمن بقائها في الجولان الانسحاب من التحالف مع المعارضة السورية .. ولكنها لم تتنبه الى أنها علقت مع من يبدع في عمليات المقاومة وله باع طويل بها .. وهي تريد بأي ثمن أن تعود الامور الى سابق عهدها ..
هدوء وجولان للسياح .. ومزارع .. ومناطق تزلج .. وقبعات زرق .. ومستشارو نتنياهو يسربون مهددين أنهم قد يردون قبل خطاب نصرالله اذا لم يقبل محور المقاومة بالعرض .. ولكنهم أجبن من أن يجرؤوا ..
وهذا الحلم صار مستحيلا .. فالأسد أعلن الجولان منطقة مقاومة ولاعودة عن هذا القرار .. والجولان مشروع تحرير لامشروع مفاوضات بعد اليوم .. ووجود خبراء المقاومة الشعبية من حزب الله دليل على نضوج المشروع .. وهذا كابوس لا كابوس بعده لاسرائيل ..
ومن يذيب الصلف الاسرائيلي عن التصريحات التي تعبر عن الغضب من وجود زوار المقاومة في الجولان وأنها لن تسمح بتجاوز الخطوط الحمر ولابوجود غير المرغوب بوجودهم والمغضوب عليهم فانه يرى أن مسؤوليها يطرحون في ثنايا كلامهم اقتراحات خفية مفادها أنهم قد يوقفون التعاون مع جبهة النصرة والمسلحين السوريين والمنطقة العازلة اذا تعهد السوريون بايقاف مشروع المقاومة في الجولان واعادوه الى ملفات المفاوضات .. واعادوا نمور حزب الله الى (أقفاص) جنوب لبنان وأقفاص المماحكات السياسية حيث الاحراج من المقاومة وسلاحها .. وحيث ينصرف السيد حسن نصرالله لمجادلة سمير جعجع وسعدو الحريري وأحمد الأسير ..وغيرهم .. بدل أن يشتغل بجنود اسرائيل في لبنان .. والجدال مع هؤلاء يشبه اشغال النمور بصرخات القرود وضجيجها وصخبها ..
ولكن عندنا أخبار سيئة جدا لرواد سينما الواقع من الاسرائيليين الذين لأول مرة نكتشف أنهم يفضلون رؤية الأفلام من النهاية لا من البداية .. وهي أن الفيلم بدأ مشاهده الأولى بمشاهد عنيفة وفولاذ منصهر في قوافل طويلة .. في شبعا ..
ولذلك فانه يسعدنا أن نعلن أن الفيلم مثير جدا .. ومشوق جدا .. وسيقال لنتنياهو اقتباسا عن فضائية من فضائيات العرب التافهة (مش ح تقدر تغمض عينيك) حقيقة .. فهي أفضل عبارة تقال لنتنياهو وتستحق تلك الفضائية براءة اختراع للعبارة التي سنهديها لنتنياهو القبضاي .. سبع الفلا ..
واذا كانت عملية شبعا مائدة سريعة دعانا اليها حزب الله فاننا نعلن أننا لم نشبع .. وسننتظر سيد المقاومة ليدعونا بشكل مستمر .. انه كريم .. ونحن نستحق كرمه .. وسنقول دون تردد:
عفوا محور المقاومة .. عفوا حزب الله .. هانحن ننهض ولم نشبع بعد .. من مائدة شبعا .. فهل من مزيد ؟؟!! ..
-----------------------------------------------------------------------------
ملاحظة: اسمحوا لي أن اتوجه بأحر التعازي الى المعارضين السوريين الذين لاشك أن عملية شبعا قد أصابتهم بالخيبة والألم وعقدت ألسنتهم .. وأخص بالذكر البائع المتجول كمال اللبواني الذي يبيع الجولان على الارصفة السياسية .. وليس لدي شك أنه ارسل باسم الائتلاف السوري المعارض رسالة تعزية وتضامن الى الحكومة والشعب الاسرائيلي وأبدى اسفه الشديد على اذلال اسرائيل وجيشها ..ولاشك ان نتياهو قد تلقى عشرات الرسائل والبرقيات العربية من ممالك النفط ومن الجامعة العربية ومن الخليفة العثماني اردوغان بهذه المناسبة المؤلمة .. ومن ديوان الخليفة ابي بكر البغدادي الذي نحر بعض المسلمين كالقرابين ترحما على شهداء أهل الكتاب ..
الفيلم لايبدأ من النهاية .. عفوا حزب الله .. لم نشبع من مائدة شبعا
https://scontent-a-ams.xx.fbcdn.net/hphotos-xpf1/v/t1.0-9/q87/s720x720/1610878_213889288781554_547277442475197970_n.jpg?o h=968a7ca6f18b536dd4b3625b8ad15e6c&oe=5560920E
أجمل مافي الرصاص الذي أطلقه مقاومو حزب الله في شبعا هو أنه استقر في قلوب الثوار العرب والعرب كما في قلوب الاسرائيليين .. فلقد تعبت آذاننا من احتفالات الثوار بصواريخ اسرائيل وتكبيراتهم لغاراتها واقامتهم مهرجانات السعادة والشماتة .. وكان رصاص شبعا وكورنيتها - الذي ذوّب الفولاذ كالشمع - الدواء الذي يشفي صداعنا .. فقد كان الثوار والعرب يتحولون في كل غارة اسرائيلية الى باعة متجولين يحملون مكبرات الصوت وينادون بشكل صاخب وتتداخل أصواتهم على بضاعة اسرائيل من ماركة نتنياهو .. الردئية ..التي تؤدب المغامرين المقاومين وتتحداهم ..
كان الدخول الى مواقع الثوار الاعلامية وفضائيات العرب أو الجلوس بينهم يسبب الصداع فهو يشبه الدخول الى شارع من الشوارع الشعبية الفقيرة التي يفترش بها الباعة والمهربون واللصوص الأرصفة ببسطاتهم ويقاطعون مسيرك بأصواتهم المتداخلة وصيحات عروضهم .. وقد يطرحون عليك بضائعهم وميزاتها ويتحدونك ان وجدت بضاعة رخيصة بمثل جودتها .. بضاعة اسئلة الثوار الرديئة على أرصفة الانترنت وأرصفة الفضاء كانت من مثل: لماذا لايرد حسن نصرالله وحليفه بشار الأسد؟؟ .. أين هي صواريخهما التي يتباهيان بها ؟؟ وأين هو محور المقاومة الذي لايجرؤ على اسرائيل لكنه لايبخل علينا بالبراميل المتفجرة؟؟ أم انكم جميعا من جماعة الرد المناسب في الوقت المناسب ؟؟ وووو ..وكلها أسئلة منتشية ومبللة بالشماتة القصوى ..
هذه أول مرة أحس أن للرصاص فائدة الدواء وهو يشفي الصداع .. فقد صمت الثوار كما صمت نتنياهو الذي تناول وجبة ضخمة من الاذلال وتكسير الرأس .. وصار الرصاص حجرا يلقم به قادة اسرائيل وباعة المعارضة الجوالون على ارصفة السياسة .. أرصفة السياسة هذه الأيام خلت من الباعة الجوالين .. والسؤال الذي يجب أن يكون في برنامج جائزة المليون الذي قدمه الاعلامي الرفيع جورج قرداحي هو (أين ذهب صلف نتنياهو.. ومتى سيرد؟) .. ومن لايعرف الجواب فيمكنه أن يستعين بصديق من محور المقاومة ليعطيه الجواب الصحيح .. ولكن حذار أن يسأل الجمهور "العربي" لأنه سكران بالثورات ومكتظ بالاسلاميين ولايعرف الفرق بين الربيع والكارثة والمؤامرة .. ولا الفرق بين الامام علي بن ابي طالب والحاخام عوفاديا يوسف .. وجمهور كهذا لايعتمد عليه ..والأفضل سؤال الكومبيوتر بدلا منه ..
ولم يصمت الثوار فقط بل كذلك صمت العرب صمتا لايفوقه صمت عندما تكلم الرصاص في شبعا حتى اعتقدت أن حناجرهم قد تحجرت وأن أصواتهم غرقت في البحر الميت وصارت ملحا .. والعرب لايصمتون الا في حالتين .. الاولى عندما ينصتون من خلف الأبواب على صوت اغتصاب فلسطين وصراخها وأنين ابنها المسجد الأقصى وهو يصلب في كنيسة القيامة .. والثانية عندما يرتفع صراخ اسرائيل من الألم وهي تبلع السيف ..فتصاب فرائصهم بالتقصف ..ويبولون في ثيابهم ..
ماحدث في شبعا يذكرني بمقولة شهيرة لشيمون بيريز .. ولكن دار الزمن دورته وشاءت الأقدار أن نقولها له اليوم .. ففي أثناء المفاوضات السورية الاسرائيلية في واي بلانتشن برعاية بيل كلينتون في التسعينات كان الاسرائيليون يصرون لتحقيق السلام على أن يتم انجاز خطوات السلام مع سورية قبل الانسحاب من الجولان .. بمعنى أن تبدأ خطوات التطبيع أولا ويحتفل السوريون والاسرائيليون بتبادل افتتاح السفارات والمكاتب التجارية ومهرجانات ومشاريع السلام التجارية المشتركة ثم بعد ذلك ينسحبون من الجولان ..كمكافأة على السلام الذي أبداه السوريون ..
لكن السوريين كانت لهم وجهة نظر صلبة لاتتزحزح وهي أن الانسحاب من الجولان هو بداية أي سلام .. وبعد الانسحاب منه كاملا يمكن البحث في ثمار السلام التي يريدها الاسرائيليون لأن سبب الحرب هو بقاء الاسرائيليين في الارض وليس غياب السفارات .. وانسحابهم هو أول خطوة جوهرية باتجاه السلام .. وعندها قال شيمون بيريز لمحطة سي ان ان مبتسما: يبدو أن السوريين يريدون رؤية الفيلم من نهايته السعيدة .. أما نحن فنريد رؤية الفيلم من البداية ..تطبيع ودفء ثم انسحاب ..
اليوم تصرح اسرائيل بأن المسؤول عن الحادث بشكل رئيسي هو ايران وتؤكد على استبعاد المسؤولية الفعلية لحزب الله وسورية عن عملية شبعا لأنهما المنفذان لأوامر ايرانية .. وهو تهرب فاضح من تحدي الطرفين المعنيين مباشرة بالتوتر على الحدود .. وهذا التهرب بعد كل الصلف الاسرائيلي هو أسوأ درجة من درجات (الرد في الوقت المناسب في الزمان المناسب) .. فاسرائيل تعني أن المسؤول عن الحادث هو ايران .. ايران البعيدة عن متناول اليد "للجيش الذي لايقهر" ..
وذلك اقتضى عدم الرد المناسب في أي زمان مناسب وأي مكان مناسب .. وسكوت اسرائيل على تحدي حزب الله ومن خلفه سورية ليس مجرد ادراك لحقيقة أن حزب الله لايحب المزاح على الحدود .. وليس لأن اسرائيل اكتشفت أن من تواجهه ليست عقولا ساذجة وليست متهورة ولامغامرة بل هي عقول استراتيجية .. تملك مع العقول الاستراتيجية أسلحة نوعية واستراتيجية بدليل اعترافات السيد حسن نصرالله بأن مخازنه مشبعة ومتخمة بكل اصناف الأسلحة النوعية .. ولذلك فان اسرائيل أوحت برسائل كثيرة أنها تريد الآن رسم خط في نهاية هذه المواجهة وتوقف تبادل الردود .. وانهاء الدرس بالتعادل.
ولكن هل انتهى الدرس؟؟ بالعودة الى تصريح شيمون بيريز عن بداية الفيلم ونهايته فانه من سوء الطالع لاسرائيل انها تتحدث الآن عن رغبة برؤية نهاية الفيلم .. وتريد أن ترى الفيلم من مشهد النهاية التي تسميها "عملية شبعا" .. ولكن الحقيقة اننا كمحور للمقاومة مصرون على أن نعرض الفيلم من البداية نزولا عند رغبة شيمون بيريز الذي يحب الأفلام من بداياتها وليس من نهاياتها .. وفيلم "عملية شبعا" ليس الا المشهد الأول .. واسم هذا المشهد صريح لالبس فيه (بيان المقاومة الاسلامية رقم 1) .. واسم الفيلم بالكامل هو (تحرير الجولان) ..
وآخر مشهد فيه سيكون مثل آخر مشهد من فيلم (تحرير جنوب لبنان) الذي رآه بيريز ونتنياهو من بدايته الى نهايته الاسرائيلية الكئيبة الذليلة .. ففي النهاية منظر لاينسى .. انسحاب مستعجل ومتوتر وتدافع نحو داخل فلسطين المحتلة .. ورمي للعملاء من الشاحنات .. ووفي آخر لقطة يظهر أنطوان لحد يعمل في مطعم وبار في تل أبيب بعد أن كان خاكم جنوب لبنان .. وقريبا قد ينضم اليه ابو محمد الجولاني وثواره عند اتمام المشهد الاخير في الجولان ..
اسرائيل بلغت بها السذاجة أنها بعد فشل مشروع تقسيم سورية والسلام المتفق عليه مع المعارضين والاخوان المسلمين أدركت أن هدوء سورية سيعني تحريك الجولان .. ففتحت جبهة الجولان وزنرت نفسها بجبهة النصرة لابتزازنا ليكون ثمن بقائها في الجولان الانسحاب من التحالف مع المعارضة السورية .. ولكنها لم تتنبه الى أنها علقت مع من يبدع في عمليات المقاومة وله باع طويل بها .. وهي تريد بأي ثمن أن تعود الامور الى سابق عهدها ..
هدوء وجولان للسياح .. ومزارع .. ومناطق تزلج .. وقبعات زرق .. ومستشارو نتنياهو يسربون مهددين أنهم قد يردون قبل خطاب نصرالله اذا لم يقبل محور المقاومة بالعرض .. ولكنهم أجبن من أن يجرؤوا ..
وهذا الحلم صار مستحيلا .. فالأسد أعلن الجولان منطقة مقاومة ولاعودة عن هذا القرار .. والجولان مشروع تحرير لامشروع مفاوضات بعد اليوم .. ووجود خبراء المقاومة الشعبية من حزب الله دليل على نضوج المشروع .. وهذا كابوس لا كابوس بعده لاسرائيل ..
ومن يذيب الصلف الاسرائيلي عن التصريحات التي تعبر عن الغضب من وجود زوار المقاومة في الجولان وأنها لن تسمح بتجاوز الخطوط الحمر ولابوجود غير المرغوب بوجودهم والمغضوب عليهم فانه يرى أن مسؤوليها يطرحون في ثنايا كلامهم اقتراحات خفية مفادها أنهم قد يوقفون التعاون مع جبهة النصرة والمسلحين السوريين والمنطقة العازلة اذا تعهد السوريون بايقاف مشروع المقاومة في الجولان واعادوه الى ملفات المفاوضات .. واعادوا نمور حزب الله الى (أقفاص) جنوب لبنان وأقفاص المماحكات السياسية حيث الاحراج من المقاومة وسلاحها .. وحيث ينصرف السيد حسن نصرالله لمجادلة سمير جعجع وسعدو الحريري وأحمد الأسير ..وغيرهم .. بدل أن يشتغل بجنود اسرائيل في لبنان .. والجدال مع هؤلاء يشبه اشغال النمور بصرخات القرود وضجيجها وصخبها ..
ولكن عندنا أخبار سيئة جدا لرواد سينما الواقع من الاسرائيليين الذين لأول مرة نكتشف أنهم يفضلون رؤية الأفلام من النهاية لا من البداية .. وهي أن الفيلم بدأ مشاهده الأولى بمشاهد عنيفة وفولاذ منصهر في قوافل طويلة .. في شبعا ..
ولذلك فانه يسعدنا أن نعلن أن الفيلم مثير جدا .. ومشوق جدا .. وسيقال لنتنياهو اقتباسا عن فضائية من فضائيات العرب التافهة (مش ح تقدر تغمض عينيك) حقيقة .. فهي أفضل عبارة تقال لنتنياهو وتستحق تلك الفضائية براءة اختراع للعبارة التي سنهديها لنتنياهو القبضاي .. سبع الفلا ..
واذا كانت عملية شبعا مائدة سريعة دعانا اليها حزب الله فاننا نعلن أننا لم نشبع .. وسننتظر سيد المقاومة ليدعونا بشكل مستمر .. انه كريم .. ونحن نستحق كرمه .. وسنقول دون تردد:
عفوا محور المقاومة .. عفوا حزب الله .. هانحن ننهض ولم نشبع بعد .. من مائدة شبعا .. فهل من مزيد ؟؟!! ..
-----------------------------------------------------------------------------
ملاحظة: اسمحوا لي أن اتوجه بأحر التعازي الى المعارضين السوريين الذين لاشك أن عملية شبعا قد أصابتهم بالخيبة والألم وعقدت ألسنتهم .. وأخص بالذكر البائع المتجول كمال اللبواني الذي يبيع الجولان على الارصفة السياسية .. وليس لدي شك أنه ارسل باسم الائتلاف السوري المعارض رسالة تعزية وتضامن الى الحكومة والشعب الاسرائيلي وأبدى اسفه الشديد على اذلال اسرائيل وجيشها ..ولاشك ان نتياهو قد تلقى عشرات الرسائل والبرقيات العربية من ممالك النفط ومن الجامعة العربية ومن الخليفة العثماني اردوغان بهذه المناسبة المؤلمة .. ومن ديوان الخليفة ابي بكر البغدادي الذي نحر بعض المسلمين كالقرابين ترحما على شهداء أهل الكتاب ..