مجاهدون
04-11-2005, 09:42 AM
خير الله خير الله
كاتب لبناني
لا يمكن تجاهل التضحيات التي قدمها «حزب الله» في المواجهة مع اسرائيل في جنوب لبنان، وهي تضحيات توجت في مايو ـ ايار 2000 بانسحاب غير مشروط للمحتل من الاراضي اللبنانية تنفيذاً للقرار 425 الصادر عن مجلس الامن في العام 1978.
ولكن ما لا يمكن تجاهله في الوقت ذاته ان «حزب الله» اتبع منذ التحرير سياسة اقل ما يمكن ان توصف به انها مستغربة استهدفت تكريس بقاء لبنان ساحة للتجاذبات الاقليمية وذلك بإصراره على الاحتفاظ بسلاحه بحجة تحرير مزارع شبعا. وأدخل بذلك لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي.
لا حاجة الى تكرار ان مزارع شبعا احتلتها اسرائيل في العام 1967 وكانت وقتذاك تحت سيطرة سورية وينطبق عليها القرار 242، اي ما ينطبق على هضبة الجولان المحتلة.
كشفت مرحلة ما بعد تحرير الجنوب مدى ارتباط «حزب الله» بأجندة لا علاقة لها بلبنان. انها اجندة سورية احياناً، وايرانية في احيان اخرى، وسورية ـ ايرانية في احيان كثيرة. والا ما التفسير لرفض إرسال الجيش الى جنوب لبنان ليكون على خط وقف النار مع اسرائيل، وهو الخط الذي تؤكد الامم المتحدة انه يتفق مع ما نص عليه القرار 425؟
في النهاية ماذا يريد «حزب الله»؟ هذا السؤال طرح نفسه مجددا بإلحاح منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير ـ شباط الماضي ونزول الاكثرية الساحقة للشعب اللبناني الى الشارع للمطالبة بتنفيذ اتفاق الطائف، مع ما يعنيه ذلك من انسحاب للجيش السوري، وهذا الانسحاب كان يفترض ان تتم المرحلة الاولى منه في العام 1991. كذلك طالب اللبنانيون باستقالة قادة الاجهزة الامنية من منطلق المسؤولية المعنوية التي يتحملونها مع الاجهزة السورية عن اغتيال الحريري.
انحصر هم «حزب الله» منذ الزلزال الكبير الذي نجم عن اغتيال رئيس الوزراء السابق في إظهار ان الشعب اللبناني منقسم على نفسه، وان هناك شرخاً داخل المجتمع اللبناني. وتبين عندئذ ان الحزب ليس سوى احتياط استراتيجي لسورية، فأدخل نفسه في الزواريب الضيقة للسياسة اللبنانية وتفاصيلها الصغيرة بعدما كان يرفع في الماضي شعار التحرير ومواجهة العدو الاسرائيلي، مؤكداً انه فوق الانقسامات الداخلية وانه غير معني بها.
ما يمكن قوله ان «حزب الله» يقف حالياً، شاء ام ابى، في مواجهة مع الشعب اللبناني، وان كل الاحترام والتقدير اللذين حظي بهما في الماضي لا يمكن ان يغطيا مواقفه الحالية. وبكلام اوضح، يريد «حزب الله» ان يبعث برسالة الى العالم فحواها ان لبنان من دون القوات السورية واجهزة المخابرات التي توجهها مقبل على حروب داخلية وان الاكثرية الساحقة للمسيحيين والسنة والدروز في واد ومعظم الشيعة في واد آخر، علما بأن كل من شارك في التحركات الشعبية التي تلت اغتيال رفيق الحريري، يدرك ان لبنان بكل طوائفه ومذاهبه ومناطقه نزل الى الشارع مطالباً بالحقيقة. ولم يكن المواطنون الشيعة من خارج «حزب الله» أقل حماسة من الآخرين في دعم مطالب المعارضة اللبنانية التي باتت تمثل القوى الحية للمجتمع اللبناني.
يستطيع «حزب الله» قبل فوات الاوان ان يسحب نفسه من المأزق الذي اوصل نفسه والبلد اليه. فان يعرف المرء كيف يخسر في السياسة اهم بكثير من ان يعرف كيف يربح. عندئذ تظل الخسارة محدودة وتتحول ربحاً لمن يعرف كيف يخسر. واذا كان من نصيحة توجه الى «حزب الله» فهي انه لا يزال قادراً على تحويل نفسه حزباً سياسياً يستطيع في اي لحظة ان يقف خلف الجيش اللبناني ويدعمه بعدما يتحول هذا الجيش الى مهمته الاساسية المتمثلة بحماية حدود لبنان.
قد تكون المشكلة في ان «حزب الله» ليس سيد قراره وانه ليس في استطاعته عمل ذلك لأنه ربط نفسه باستراتيجية لا علاقة لها بمصلحة لبنان واللبنانيين بمقدار ما انها مرتبطة بما تريده سورية وايران. ولعل اكثر ما يثبت هذه النظرية الخطاب السياسي للحزب الذي يهاجم اميركا في لبنان ويهادنها في العراق.. ما دامت لعبة الانتخابات التي تدعمها اميركا في العراق ستقود الى تكريس السيطرة الشيعية على البرلمان الجديد والبلد بما يخدم مصالح ايران اولا.
آن الاوان تسمية الامور باسمائها، وربما آن الاوان ايضاً للاعتراف بأن «حزب الله» لا يستطيع للاسف القيام بنقلة نوعية تتمثل في التحول الى حزب سياسي ليصير مثل بقية الاحزاب اللبنانية.
المحزن وسط ذلك كله، ان ليس «حزب الله» وحده الذي سيخسر في لبنان في حال تمسكه بموقفه الحالي الرافض للتحول الى العمل السياسي بعد إلقاء سلاحه. الخاسر لبنان، البلد الذي ليست فيه اكثرية، بل مجموعة اقليات تربح معاً او تخسر معاً.
ماذا يريد «حزب الله»؟ يبدو ان الشعارات الكبيرة التي يحملها تخفي واقعاً اليماً يمكن اختصاره بأنه ليس قادراً على الخروج عن سيطرة الذين يمسكون به حتى لو كان هذا الخروج سيؤدي الى ربح اكيد لجمهوره المؤلف من شبان وشابات طيبين يطمحون مثلهم مثل غيرهم من اللبنانيين الى حياة كريمة في اجواء من الحرية والديموقراطية.. يطمحون الى ذلك، مثلهم مثل أي شاب ايراني وسوري.
كاتب لبناني
لا يمكن تجاهل التضحيات التي قدمها «حزب الله» في المواجهة مع اسرائيل في جنوب لبنان، وهي تضحيات توجت في مايو ـ ايار 2000 بانسحاب غير مشروط للمحتل من الاراضي اللبنانية تنفيذاً للقرار 425 الصادر عن مجلس الامن في العام 1978.
ولكن ما لا يمكن تجاهله في الوقت ذاته ان «حزب الله» اتبع منذ التحرير سياسة اقل ما يمكن ان توصف به انها مستغربة استهدفت تكريس بقاء لبنان ساحة للتجاذبات الاقليمية وذلك بإصراره على الاحتفاظ بسلاحه بحجة تحرير مزارع شبعا. وأدخل بذلك لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي.
لا حاجة الى تكرار ان مزارع شبعا احتلتها اسرائيل في العام 1967 وكانت وقتذاك تحت سيطرة سورية وينطبق عليها القرار 242، اي ما ينطبق على هضبة الجولان المحتلة.
كشفت مرحلة ما بعد تحرير الجنوب مدى ارتباط «حزب الله» بأجندة لا علاقة لها بلبنان. انها اجندة سورية احياناً، وايرانية في احيان اخرى، وسورية ـ ايرانية في احيان كثيرة. والا ما التفسير لرفض إرسال الجيش الى جنوب لبنان ليكون على خط وقف النار مع اسرائيل، وهو الخط الذي تؤكد الامم المتحدة انه يتفق مع ما نص عليه القرار 425؟
في النهاية ماذا يريد «حزب الله»؟ هذا السؤال طرح نفسه مجددا بإلحاح منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير ـ شباط الماضي ونزول الاكثرية الساحقة للشعب اللبناني الى الشارع للمطالبة بتنفيذ اتفاق الطائف، مع ما يعنيه ذلك من انسحاب للجيش السوري، وهذا الانسحاب كان يفترض ان تتم المرحلة الاولى منه في العام 1991. كذلك طالب اللبنانيون باستقالة قادة الاجهزة الامنية من منطلق المسؤولية المعنوية التي يتحملونها مع الاجهزة السورية عن اغتيال الحريري.
انحصر هم «حزب الله» منذ الزلزال الكبير الذي نجم عن اغتيال رئيس الوزراء السابق في إظهار ان الشعب اللبناني منقسم على نفسه، وان هناك شرخاً داخل المجتمع اللبناني. وتبين عندئذ ان الحزب ليس سوى احتياط استراتيجي لسورية، فأدخل نفسه في الزواريب الضيقة للسياسة اللبنانية وتفاصيلها الصغيرة بعدما كان يرفع في الماضي شعار التحرير ومواجهة العدو الاسرائيلي، مؤكداً انه فوق الانقسامات الداخلية وانه غير معني بها.
ما يمكن قوله ان «حزب الله» يقف حالياً، شاء ام ابى، في مواجهة مع الشعب اللبناني، وان كل الاحترام والتقدير اللذين حظي بهما في الماضي لا يمكن ان يغطيا مواقفه الحالية. وبكلام اوضح، يريد «حزب الله» ان يبعث برسالة الى العالم فحواها ان لبنان من دون القوات السورية واجهزة المخابرات التي توجهها مقبل على حروب داخلية وان الاكثرية الساحقة للمسيحيين والسنة والدروز في واد ومعظم الشيعة في واد آخر، علما بأن كل من شارك في التحركات الشعبية التي تلت اغتيال رفيق الحريري، يدرك ان لبنان بكل طوائفه ومذاهبه ومناطقه نزل الى الشارع مطالباً بالحقيقة. ولم يكن المواطنون الشيعة من خارج «حزب الله» أقل حماسة من الآخرين في دعم مطالب المعارضة اللبنانية التي باتت تمثل القوى الحية للمجتمع اللبناني.
يستطيع «حزب الله» قبل فوات الاوان ان يسحب نفسه من المأزق الذي اوصل نفسه والبلد اليه. فان يعرف المرء كيف يخسر في السياسة اهم بكثير من ان يعرف كيف يربح. عندئذ تظل الخسارة محدودة وتتحول ربحاً لمن يعرف كيف يخسر. واذا كان من نصيحة توجه الى «حزب الله» فهي انه لا يزال قادراً على تحويل نفسه حزباً سياسياً يستطيع في اي لحظة ان يقف خلف الجيش اللبناني ويدعمه بعدما يتحول هذا الجيش الى مهمته الاساسية المتمثلة بحماية حدود لبنان.
قد تكون المشكلة في ان «حزب الله» ليس سيد قراره وانه ليس في استطاعته عمل ذلك لأنه ربط نفسه باستراتيجية لا علاقة لها بمصلحة لبنان واللبنانيين بمقدار ما انها مرتبطة بما تريده سورية وايران. ولعل اكثر ما يثبت هذه النظرية الخطاب السياسي للحزب الذي يهاجم اميركا في لبنان ويهادنها في العراق.. ما دامت لعبة الانتخابات التي تدعمها اميركا في العراق ستقود الى تكريس السيطرة الشيعية على البرلمان الجديد والبلد بما يخدم مصالح ايران اولا.
آن الاوان تسمية الامور باسمائها، وربما آن الاوان ايضاً للاعتراف بأن «حزب الله» لا يستطيع للاسف القيام بنقلة نوعية تتمثل في التحول الى حزب سياسي ليصير مثل بقية الاحزاب اللبنانية.
المحزن وسط ذلك كله، ان ليس «حزب الله» وحده الذي سيخسر في لبنان في حال تمسكه بموقفه الحالي الرافض للتحول الى العمل السياسي بعد إلقاء سلاحه. الخاسر لبنان، البلد الذي ليست فيه اكثرية، بل مجموعة اقليات تربح معاً او تخسر معاً.
ماذا يريد «حزب الله»؟ يبدو ان الشعارات الكبيرة التي يحملها تخفي واقعاً اليماً يمكن اختصاره بأنه ليس قادراً على الخروج عن سيطرة الذين يمسكون به حتى لو كان هذا الخروج سيؤدي الى ربح اكيد لجمهوره المؤلف من شبان وشابات طيبين يطمحون مثلهم مثل غيرهم من اللبنانيين الى حياة كريمة في اجواء من الحرية والديموقراطية.. يطمحون الى ذلك، مثلهم مثل أي شاب ايراني وسوري.