المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المفكر فرانسيس فوكوياما : الفكر «الجهادي» يوظف الإسلام لأغراضه ويعادي الفكر الحداثي



المهدى
04-11-2005, 09:02 AM
قال المفكر الأميركي، الياباني الأصل، فرانسيس فوكوياما ان الكثيرين لم يفهموا ما أراد قوله قبل 16 عاما، عندما اصدر أطروحته الشهيرة حول نهاية التاريخ والانسان الأخير، مضيفا ان فكرته مرتبطة بالحداثة التي هي عبارة عن مسار متناسق، فما قاله عن نهاية التاريخ لا يعني فكرة جديدة.

وجاء كلام فوكوياما خلال محاضرة له بمدينة الدار البيضاء عن نظرية نهاية التاريخ بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود الثقافية بالمغرب. وأكد فوكوياما انه يتفق مع أستاذه القديم، صاموئيل هنتغتون، صاحب نظرية صراع الحضارات، في بعض الأمور التي جاء بها، خاصة تأكيده على الدور المهم للثقافة في بناء الحضارات، مبرزا أن ما يعيبه على هنتغتون، هو اخراجه لمجموعة من الأحداث من سياقها التاريخي، موضحا أن الصين التي تعرف حاليا تقدما صناعيا ملحوظا، تعاني من عدة مشاكل اجتماعية وتفككا في نظام الأسرة ونظامها الشمولي، أي أنها تعيش حاليا المشاكل نفسها التي عاشت على ايقاعها أوروبا منذ زمن بعيد، فالرهان بالنسبة الى الصين اليوم يكمن في كيفية انتقالها من التطور الاقتصادي الى التطور السياسي، مشيرا الى أن اليابان نجحت في مراقبة التكنولوجيا الجديدة وامتلاك وسائل الاعلام والاتصال وتحتل المرتبة الثانية في الاقتصاد العالمي، لكن المجتمع الياباني يختلف كثيرا عن نظيره الأميركي، لكونه ما زال مجتمعا محافظا.

وأضاف فوكوياما، أنه يتفق مع هنتغتون أيضا، في ان المجتمعات المتحضرة استطاعت التمييز بين الدين والسياسة رغم أنها تبقى تجربة غير محمية من الخلط حتى في أوروبا، مؤكدا أن العالم العربي بدوره يعيش لحظة كيفية التركيب بين الدين والسياسة وتحديد دور المرأة في المجتمع، وهو التحديث الذي يطرح اشكاليات صعبة.

واعتبر فوكوياما أن ظهور الفكر «الجهادي» في منطقة الشرق الأوسط يمثل ايديولوجية معادية للمشروع الحداثي، يصعب الجمع بينهما، مشككا في أن يكون الفكر «الجهادي» نابعا من الاسلام، مشيراً الى ان دولا اسلامية مثل ماليزيا وتركيا استطاعت قطع أشواط مهمة في عملية التحديث وانشاء مؤسسات ناجحة نسبيا، مؤكدا على أن الفكر الذي يمثله أسامة بن لادن، لا يعبر عن وجود قضية دينية، بل ايديولوجية سياسية توظف الدين من أجل تحقيق أغراضها، مضيفا أن الأنظمة السياسية التي سيطرت فيها هذه الأفكار مثل ايران وأفغانستان أثبتت ضعفها لكونها حركة لا تمتلك أداء سياسيا جيدا.

وأوضح فوكوياما أن من بين أكبر الأحداث التي فاجأته حصول شرخ بين الولايات المتحدة وفرنسا بسبب حرب العراق، لأنه عندما كتب نظرية نهاية التاريخ انطلق من اعتقاد بوجود مجموعة من الروابط ، مثل حلف شمال الأطلسي، بين أوروبا والولايات المتحدة اللتين تمثلان الحضارة الغربية، لكنه أشار بالمقابل الى أن ذلك لن يقود الى صدام حضاري بين أوروبا وأميركا، ففرنسا لن تعلن الحرب ضد الولايات المتحدة ولا العكس.

وفسر فوكوياما اندلاع الخلاف بين أوروبا والولايات المتحدة بعدم وجود أحزاب اشتراكية في أميركا تقريبا، وغياب أي امتداد للحزب الجمهوري في دول الاتحاد الأوروبي، حيث تبقى أحزاب الوسط الأوروبية والحزب الديمقراطي الأميركي الجسر الوحيد الذي يربط بينهما، مؤكدا أن هذا هو رأيه الآن بعد مرور 16 عاما على صدور نظرية نهاية التاريخ.

واعتذر فوكوياما للحاضرين عن عدم قدرته على التحدث بالفرنسية (لغة المثقفين المغاربة) لكنه مع ذلك دعاهم الى طرح الأسئلة بلغة موليير، وتابع الجميع المداخلة دون الاستعانة بالترجمة.
واعتبر المفكر المغربي عبد الله العروي، في مساهمة حول التاريخ والعقلانية، بعثها مكتوبة الى الندوة بعدما اعتذر عن الحضور، أن السؤال الذي سكنه (العروي) منذ أعوام طويلة يكمن في الاجابة عن كيفية بناء بلداننا بعد الاستعمار دون الاستمرار في الوضع الذي تركته الدول الاستعمارية أو العودة الى الماضي الذي قاد هذه البلدان الى الاستعمار.

فالنخب الوطنية العربية بعد الاستقلال حاولت أن تعطي لاستقلالها لونا مختلفا عن الحقبة السابقة وحتى الأنظمة التي تبنت النهج الاشتراكي حاولت أن تصبغ هذا التوجه بصبغة وطنية، معتبرا أن ما سيطر على فكره في تلك الفترة هو الانعتاق من التأثير الخارجي والبحث عن الخلق والابتكار والحفاظ على الاختلاف وإغناء التجربة الانسانية، موضحا أنه طرح مثل هذه الأسئلة فرض عليه التوجه لدراسة التاريخ، فاكتشف بين ثنايا الأسئلة اشكالية التحديث بمعنى الاستمرار والقطيعة. واعتبر العروي أن المصلح أو السياسي أو المؤرخ أسماء مختلفة للدلالة على الشيء نفسه، فالهم الأساسي الذي رافق بناء الدولة الوطنية كان نابعا من خطر تدمير هذه الدولة من طرف دولة وطنية أخرى (فرنسا أو اسبانيا أو بريطانيا)، موضحا أنه ضمن نظرية بناء الدولة الوطنية تقبع نظرية للتاريخ، فكل دولة ارادت الاستقلال كان عليها ايجاد مؤسساتها وبناء اقتصادها ولغتها وكل مستوى معين يمثل نموذجا خاصا بها.