دشتى
04-10-2005, 11:42 AM
جمعيات نسائية تفتح ملف «أطفال بلا ورق» وتساند هند الحناوي
القاهرة - من ميادة الدمرداش
لم يغفر المجتمع المصري للفتاة هند الحناوي تحديها له حينما عمدت لإعلان علاقتها بالممثل الشاب أحمد الفيشاوي والمطالبة بحقوقها وابنتها على الملأ بعد فشل مساعي التسوية الهادئة بين أسرتي الشابين، فكان جزاؤها عن «المكاشفة» أن صارت الفتاة رمزا للتبجح ليس لخوضها علاقة غير رسمية مع الفيشاوي فقط وإنما لإصرارها على المواجهة والتحدي وإشراك شريكها الفيشاوي في المسؤولية التي تهرب منها مرارا.
وبالرغم من أن القاعدة الاجتماعية والشعبية العريضة في مصر تسخط وتدين هند الحناوي في موقفه ظهرت فئة ساندتها وأيدت موقفها في رفع الظلم عن نفسها وفضح الزيف والازدواجية ونيل حقوقها,,, هذا الموقف والمواقف المقابلة تفتح ملف «أطفال بلا ورق»,, وعلاقات مسكوت عنها,, وفي السطور التالية المزيد,,.
الحكاية,,, المأساة من البداية، والتي كشفت عن الكثير من عورات المجتمع العربي، وطبقا لأقوال هند الحناوي أنها حاولت قبل اللجوء للقضاء والحروب الإعلامية على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون أن تتوصل لحل هادئ مع زوجها عرفيا (الفيشاوي) بعد أن قام بتمزيق ورقة الزواج بينهما ولكن دون جدوى ما اضطرها إلى سلك سبل أخرى تضمن حقوقها وابنتها الرضيعة.
وأوضحت أنها بمسعاها هذا لا ترجو نيل حقها فقط بإثبات زواجها وبنوة ابنتها وإنما ترمي لتشجيع كل امرأة مصرية منعها الخوف أو الجهل والقهر من مقاضاة طرف آخر هو مسؤول مثلها تماما فيما آلت إليه الأمور من سوء, مؤكدة أنه بعد الحملة الإعلامية والقضية لابد ستشجع العشرات بل الآلاف ممن في نفس ظروفها لاتخاذ مواقف أكثر ايجابية.
مكافحة الازدواجية
وأشارت هند الحناوي إلى أن موقفها المعلن هذا يحمل في داخله مكافحة للنفاق والازدواجية التي يعيش فيها المجتمع العربي الذي يتعامل أفراده ظاهريا بشكل مغاير لما في سرائرهم منبهة لضرورة إلمام المرأة المصرية والعربية عموما بحقوقها الدستورية والدينية خاصة في ظل مجتمع محيط تسوده نظرة ذكورية تتحامل على النساء دائما بحجة العيب والحرام والخطأ، وتشير إلى أن هذا يحدث مقابل ترك الحبل على الغارب للذكر يفعل ما يشاء دون معقب أو معترض,, وعلى الرغم من أن أغلب أفعال هذا الرجل دائما ما تصب بخانة الخطأ بل الأكثر من ذلك في خانة الحرام البين.
رجولة وخبرة
وأكدت أنه في حين يعد الزواج العرفي للفتاة كارثة في نظر المجتمع، تعتبر غزوات الرجل النسائية غير الشرعية مظهرا للرجولة والخبرة الاجتماعية اللازمة، موضحة أنه آن الأوان للرجل المصري والعربي أن يتحمل مسؤولية أفعاله ولا يترك شريكته فقط تتحملها بمفردها لأن ذلك في صالح الاثنين معا وإلا عاش الرجل بعقدة ذنب تلازمه طوال حياته حتى وإذا حاول اخفاءها أو الظهور بمظهر غير المكترث.
وهند الحناوي (27 سنة) تعمل كمهندسة ديكور من عائلة معروفة ويعمل والدها كأستاذ جامعي وكذلك أمها,, اعترفت بزواجها العرفي من الممثل أحمد الفيشاوي في منتصف العام الماضي 2004 أمام القضاء المصري ومن ثم عبر وسائل الإعلام المختلفة، والقضية بين الشابين مرت بمنحنيات عدة حاولا خلالها كل اثبات صحة ادعائه,, هي بالزواج العرفي واثبات بنوة الجنين المنتظر - حينها - وهو بالتبرؤ من العلاقة في مجملها ونفي صلاته بالفتاة في غير حدود الصداقة البريئة,, ما أكسب النزاع سمة ضبابية غابت فيها الحقيقة حتى الآن خاصة بعد تغير موقف الفيشاوي أخيرا واعترافه في أحد برامج الهواء التليفزيونية المصرية بعلاقة الصداقة الحميمة مع الفتاة دون زواج من أي نوع.
ابنة تاهت!
حتى اللحظة والقضية ما زالت محل بحث القضاء المصري، فمنذ الشهرين تقريبا وضعت الحناوي ابنتها والتي بقدومها أصبح من المستحيل تخلي الأم عن القضية من ناحية,, ومن أخرى فإن واقعة الولادة شكلت في نظر القضاء دليلا قانونيا حاسما للفصل في القضية لصالح أحد الطرفين والذي يثبت تحليل الحمض النووي (DNA) صحة أقواله في مقابل بطلان ادعاءات الآخر.
والجديد في القضية أن الحناوي لا تخوض معركتها ضد آل الفيشاوي بمفردها وإنما يدعمها في ذلك أسرتها أو والداها بشكل أدق غير عابئين بما يراه المجمع في ابنتهم من كل صور الفساد.
فئة المؤيدين لهند الحناوي انقسموا على أنفسهم بين متعاطف معها باعتبارها «مستضعفة» في ورطة حقيقية تستدعي الشفقة فقط، أو مراقب يستشعر في موقف الفتاة بادرة انقلاب اجتماعي - بطيء نحو الشفافية والمواجهة واصلاح الأخطاء قبل تفاقمها والعدل النوعي - أو الجنسي.
كاريمان محمد (20 سنة- طالبة) أوضحت أنه بحكم دراستها لعلم الاجتماع واحتكاكها أثناء تنفيذ بعض أبحاثها ومسوحها الجامعية وزياراتها الميدانية الدراسية تأكدت من وجود نسبة كبيرة من جرائم الشرف تروح ضحيتها سنويا ما يقارب 6 في المئة من الفتيات اللائي لم يسبق لهن الزواج، مشيرة إلى أن الأسر غالبا ما تغض الطرف في حوادث الشرف عن فاعليها من الذكور أو النساء اللائي سبق لهن الزواج سواء كن مطلقات أو أرامل.
وأكدت أنه لولا تأكد الأسر المرتكبة لتلك الجرائم من افلاتها من العقاب القانوني ما ارتكبتها، لذا فإنه لو فعلت كل فتاة غرر بها كما فعلت الحناوي,, أي أن تقوم بالتوجه للسلطات الأمنية والقضائية لنيل حقوقها واثبات الحالة حتى وإن لم تكن زواجا عرفيا ومجرد علاقة عابرة غير رسمية، فإنه من ناحية سوف يتردد أهل الفتاة في الانتقام منها لعلمهم بأنهم أول من تحوم حولهم الشبهات.
ومن ناحية أخرى تلزم شريكها في العلاقة بالاعتراف بمسؤولية تجاهها وتحمل عواقب تصرفاته ومن ثم تصحيح الوضع الخاطيء موضحة أن كل شاب يجد نفسه غير آهل لتحمل مسؤولية خوض علاقة شريفة سيتردد ألف مرة قبل الانغماس في أخرى غير صحيحة ومعلنة حتى لايتعرض للمساءلة ما يسد باب الخلل من البداية ويمنع وقوع علاقات شائكة.
ظواهر غريبة
وأشارت كاريمان إلى أن نسب الزواج العرفي مرتفعة في المجتمعات العربية عموما وإن اختلفت شرائح وفئات وأعمار المقبلين عليه من مجتمع لآخر, مؤكدة أن البلدان العربية الفقيرة أو متوسطة الدخل تشهد أوساط الشباب فيها أكثر من غيرها ظاهرة الزواج العرفي بينما في المجتمعات الغنية فإنها تنتشر أكثر بين الكهول والعجائز من الرجال في مقابل الشابات من النساء واللائي يكن غالبا من جنسيات أخرى غير جنسية الزوج.
وأوضحت أن الضجة والسخط الحاليين ضد «آل الحناوي» في المجتمع لهما باعثان، الأول هو مخالفة هند أو بمعنى أصح قلبها للنظام الاجتماعي المتعارف عليه رأسا على عقب ما هدد الشعور بالأمان الزائف الذي يعيش في كنفه البعض المكتفي بالقشور البراقة والغير مستعد لرؤية فساد ما تحت القشرة,, والثاني هو الثورة عليها - الحناوي - انتصارا لـ «عذرية» الفتاة وإلا ما التفسير لغض الطرف عن محاسبة أحمد الفيشاوي كشريك لها في فعلتها أو عن مهاجمة بعض «مشهورات الفن» ممن أدلين في أكثر من برنامج تليفزيوني بزواجهن العرفي مرارا، بالرغم من أن فعل الجهر أو التبجح - كما يرى البعض - متوفر في الحالتين.
يأس فتاة
محمد عبد الحافظ (أستاذ لغة عربية) رجّح أن سبب رفع قضية الحناوي أمام المحاكم وتصعيد المشكلة إلى وسائل الإعلام ليس دافعه التبجح والمباهاة بالفاحشة وإنما سببه يأس الفتاة من الفيشاوي وانسداد كل سبل الحل الهادئ في وجهها الأمر الذي دفعها إما بدافع العناد أو الانتقام إلى فضح علاقتهما.
موضحا أنه من الممكن أيضا أن تكون هند الحناوي في موقفها الشرس هذا قد غلبت مشاعر الأمومة على الانتقام وأرادت أن تنزع من الأب - إذا ما أثبتت التحاليل أبوته - اعترافا بالابنة التي لم ترتكب أي ذنب يستحق أن تدفع ثمنه الباهظ المتمثل في الجهل بنسبها أو الحرمان من عاطفة الأب، وحنق أهل الأم عليها واعتبارها ثمرة دنسة.
وأكد أن موقف أسرة الحناوي المساند لها يحسب لهم لا عليهم,, فتصحيح الخطأ لا يكون بخطأ أفدح منه من قبيل التبرؤ من الابنة هند أو طردها فلو تخلى الأب عنها فإنها ستكون ووليدتها فريسة لمتلازمة من المخاطر منها الفقر والانحراف الأخلاقي والاجتماعي ساعتها بدلا من أن تكون الحناوي خاطئة لمرة واحدة سيصبح تاريخ خطأها زاخرا بالكبوات مبينا أن قرارها وأسرتها مقاضاة الفيشاوي على الملأ ليس بالسهل وخاصة أن الوالد الحناوي ذو منصب شائك وأستاذ بالجامعة وأقل القليل يشوه سمعته ويعكر حياته المهنية والاجتماعية لذا لا يصح اتهامه بما يقلل من قدره ويمتهن رجولته وغيرته على شرفه وأهل بيته.
وذكر أن حل المقاضاة هو أقرب الحلول للصواب وأقلها خسائر حقيقية وإن بدا لغير نافذي البصيرة قرارا معيبا وخسائره كبيرة.
وأعرب عبدالحافظ عن أمله في أن تظهر الحقيقة أيا كانت سواء بزواج الإثنين فعلا أو عدم زواجهما او ادعاء الحناوي من الأساس وبراءة الفيشاوي,, لأن ذلك - في نظره - سيعطي مصداقية كبيرة فيما بعد لهذا النوع من القضايا ويشجع آخرين على اللجوء لها إذا ما تعقدت ظروفهم وما كان من بد سوى القضاء.
تعقيدات الزواج
أما أحمد شوقي (موظف بأحد الفنادق) فأوضح أن تعقيدات مناسبة الزواج في مصر خاصة لدى فئة المشاهير وأبنائهم هي ما أفرزت قضية الحناوي والفيشاوي ولو كان الزواج ميسرا في أي وقت وعمر وظروف لكل شاب وفتاة ما اضطرا للزواج العرفي، متسائلا: هل كان رد الفعل الاجتماعي على موقف الحناوي هو ذاته الحالي لو تزوجت أحمد رسميا لمدة لا تتعدى بضعة أسابيع ثم طالبته بحقوقها وحقوق ابنتها في المحاكم؟
ويجيب على نفسه، طبعا «لا»، موضحا أن الإثنين واجها حتما رفض الأهل بالزواج أو تأكدا قبل عرض «اقتراح» الزواج من الرفض ففضلا الطريق الأسهل والأسرع عن الدخول في مفاوضات واشتباكات عقيمة.
وأوضح شوقي ضرورة تعامل الشباب مع الزواج باعتباره «تجربة» إما تفشل أو تنجح وليس باعتباره علاقة أبدية يدخلها فلا يخرج منها إلا بالموت أو بالطلاق بعد سنوات استنزاف طويلة، مفرقا بين طرحه السابق للزواج باعتباره تجربة قابلة للفشل وبين ما يعرف بزواج المتعة, وأكد أن على الأهل والمجتمع عدم التضييق على الشباب وتركهم يتخذون قرارهم بالزواج وفق الرؤية الخاصة للشريكين بلا أي قوالب سابقة للنواحي المالية والاجتماعية والأمنية والنفسية للزواج مما يشجع على الحد من العلاقات غير الشرعية والزواج العرفي.
تأييد نسائي
أيضا هناك العديد من الشخصيات العامة أبدت هي الأخرى تأييدها للحناوي منهم مخرجة الأفلام التسجيلية والناشطة بمجال حقوق المرأة عطيات الأبنودي والتي أوضحت أن المجتمع المصري يمتلئ بحالات عديدة كحالة الحناوي ولكنها جميعا غير معروفة أو محصاة لبعدها عن دائرة الضوء,,, مشيرة إلى أن الجهل بها أو التعتيم عليها لا يعني عدم وجودها أو انتشارها داخليا بل وزيادة أعدادها عاما بعد آخر, وأكدت وجود آلاف الأمهات الوحيدات «غير المتزوجات» يربين أطفالهن بمفردهن وتعانين معهن الاتهام الدائم بعدم الشرعية الأمر الذي أفضى لنبذهن جميعا ومن ثم انعزالهن تدريجيا او حرمانهن من الحقوق الإنسانية والتي هي من حق أي مواطن,.
وأشارت الابنودي إلى أنها وبالتعاون مع عدد من قيادات الحركة النسائية في مصر ونتيجة واقعة الحناوي - الفيشاوي تنفذ برنامجا ثنائىا لتوعية المجتمع بمشاكل الأمهات الوحيدات وما لقينه من ظلم، ولتوعيتهن أنفسهن حول حقوقهن الدستورية وسبل تنمية مهارتهن المهنية والاجتماعية، وأفضل الطرق التربوية للتعامل مع أطفالهن بما يحقق السلامة النفسية للجميع.
وذكرت أنه في دول المغرب العربي هناك عناية واسعة بهذه الفئة من الأمهات بالرغم من انتماء هذه البلدان للثقافة العربية ذاتها التي تعتبرهن خارجات عن العرف والتقاليد ويستحققن الموت بدلا من الحياة موضحة وجود جمعيات خاصة في دولة المغرب توظف الأمهات الوحيدات.
أما في الجزائر فهناك تشريع داخلي يضمن لهن معاشا شهريا لتربية الأبناء غير الشرعيين وتنشئتهم تنشئة سليمة لا يتحملون فيها ذنب غيرهم.
مؤكدة أن المجتمع يعاني ازدواجية لا يجهد نفسه حتى في مداراتها أو تكييفها لتصبح أكثر اقناعا فهو في الوقت نفسه الذي يحرم فيه الإجهاض ويلعن مرتكباته لا يتقبل أبناء العلاقات غير الشرعية فيرفض موتهم المادي ليقتلهم كل يوم قتلا معنويا باحتقارهم ونبذهم ورفض التفاعل معهم.
وأوضحت أنه لو لم تفز هند الحناوي بقضيتها لأية أسباب فيكفي أنها أوجدت صدمة في المجتمع - تعتقد - أنه ستعقبها نقلات عميقة في المناخ الاجتماعي الداخلي، مشيرة إلى أن حركة التاريخ كشفت أن استجابات المجتمع المصري للعلاج بالصدمات أسرع وأقوى من تركه لأسلوب «التطور الطبيعي» والذي يستغرق الكثير من الوقت مما يوجد بالواقع الوطني خسائر متراكمة لا قبل للمجتمع لها.
حقوق مشروعة
الإذاعي المصري أحمد مهران أكد أن كل فتاة تتعرض للضرر أيا كان نوعه فمن حقها السعي بكافة الطرق لرفع الغبن عن نفسها فدفاعها في هذه الحالة حق مشروع خاصة إذا كانت بسبل مشروعة كاللجوء للقضاء, مشيرا إلى أن اعتراف «الحناوي» بفعلها وإعلان ذلك على الملأ وإن كان يصب في قالب «الجهر بالخطأ» لأن زواجها العرفي كما تدعي من الفيشاوي خرج عن الشروط التي حددها الفقهاء لصحة ذلك الزواج, إلا أنه (الاعتراف) مفيد للغاية لأنه يمنع تفاقم الكوارث والأزمات، فالإسراع لطلب النجدة يعجل بالعلاج القليل الخسارة والنافذ الحلول أحيانا.
وأوضح فهد أن مداراة الخطأ والسكوت عليه يجر سلسلة من الأزمات المتلاحقة مبينا أن المجتمع العربي في حالة ماسة لتأهيله بما يسمح بقبول «الجهر بالخطأ» حتى يتحرك وفق آليات سليمة لتدارك النتائج السلبية، بدلا من أن تستفزه خطوة المصارحة فيعظم من تلك السلبيات بدلا عن علاجها.
وأوضح أنه لابد أن يقف الآباء من أبنائهم موقف رحيم متفهم فليس الرد الأمثل على خطئهم الجفاء أو الرفض أو حتى التأنيب بل الإصلاح والتقويم.
ونبه إلى ضرورة انتباه كل فتاة لنفسها حتى لا تتورط في علاقات ضارة مؤكدا أن الزواج الذي تحميه الدولة والتي تنال منه المرأة كل حقوقها هو الزواج الشرعي الذي بموجبه تستطيع الاحتجاج في مواجهة الجميع، وفرق بين نوعين من الزواج العرفي الأول شرعي معروف في بعض البيئات القبلية تلجأ له الفتاة بعلم أسرتها لأنها لا تمتلك شهادة ميلاد تمكنها من انعقاد العقد الموثق أو لأن الفتاة أقل من السن المحددة للزواج، وذلك - حسب مهران - هو زواج ديني مشروع لأن فيه إشهارا، أما النوع الآخر فهو باطل لأنه لا يستند لشروط الزواج الشرعي حيث يتم سرا وينقصه الإشهار.
وحقوق قانونية
أما المحامي المصري والناشط الحقوقي نجيب جبرائيل فله وجهة نظر مغايرة لسابقه مؤكدا أن القانون المصري يكفل لطرفي الزواج العرفي كل الحقوق المترتبة على الزواج الرسمي بموجب القانون رقم «1» لسة «2000» والذي رتب لطرفي العلاقة في هذه الحالة الحق في العدة واثبات نسب الأبناء، وللزوجة النفقة العادية ونفقة المتعة, وأكد أن اثبات واقعة الزواج العرفي طبقا لهذا القانون لا تستلزم دلائل من نوع خاص أو دلائل كتابية على الأخص، موضحا أنه لكون واقعة الزواج واقعة مادية فإنه يجوز اثباتها لكافة سبل الاثبات كالشهود أو الكتابة أو القرائن القانونية.
وأشاد جبرائيل بجرأة الفتاة واصرارها على تحدي خوفها ورضوخها للمجتمع وسعيها لنيل حقوقها القانونية التي كفلها لها التشريع المصري, مشيرا إلى أن وقائع الزواج العرفي وأيضا العلاقات غير الشرعية موجودة في كل المجتمعات العربية والمصرية وأن المجتمع أحيانا بجهله وتزمته هو ما يدفع بعض الإناث لخوض مثل هذه العلاقات, ذاكرا أن منظمته تتبنى حاليا مشروعا لإعادة تأهيل الفتيات المنحرفات، ذلك المشروع الذي كشف وجود أعداد كبيرة من السيدات دفعها الجهل المجتمعي والإصرار على عدم المكاشفة والتعتيم للانحراف تماما كتلك الزوجة الشابة التي أرغمها أهلها على الاستمرار في زواجها برجل مريض طيلة عشر سنوات غير مستجيبين لطلبها في التطليق أو التفريق ومضيقين عليها كل سبل اللجوء إلى القضاء,, أو الحلول الواضحة النظيفة فاختارت طريق الانحراف الملتوي.
وأكد أن رأيه المناصر للحناوي لا ينطوي على تشجيع للفساد أو الدخول في علاقات غير رسمية أو موثقة أو حتى تأييد شخصي لهذه الفتاة التي وجد في موقفها مسلكا اجتماعيا يستحق التشجيع لأنه يخرج المجتمع من موجة دفن الرؤوس في الرمال وادعاء عكس الحقيقة.
سلوكيات سلبية
عضو المجلس القومي للمرأة ونقيب المهن الرياضية الدكتور مسعد عويس أكد أن الموقف المعلن في هذه القضية سيحد مستقبلا من السلوكيات السلبية التي يتخذها بعض الرجال والفتيات تجاه النساء المصريات كما أنه سيغير تدريجيا من طبيعة المنظومة الاجتماعية بين الفريقين والتي تقوم على ضعف طرف مقابل استقواء آخر عليه سيردعه بالتأكيد خشية التعرض للنقد الاجتماعي أو المساءلة القانونية، موضحا أن الرجولة الحقيقية هي في مواجهة مسؤولية الأفعال الشخصية، والبعد عن خداع الآخرين أو التغرير بهم، والحفاظ على كرامة الغير قبل النفس.
وعول الدكتور عويس على القيادات الاجتماعية في بث مفاهيم اجتماعية جديدة تخص العلاقة بين الجنسين قوامها العدل والمساواة ومراعاة الضمير وشجاعة المواجهة، عبر برامج واستراتيجيات وطنية قصيرة ومتوسطة المدى بالاعتماد على وسائل الإعلام المختلفة والمؤسسات الدينية والتربوية والترفيهية.
وطالب الآباء بمنح الأبناء الفرصة لتحقيق رؤيتهم - الأبناء - العاطفية الخاصة بهم بمعزل عن الاقتراحات والتصورات الأبوية الجاهزة في هذا الصدد كما طالب المجتمع أيضا بمساعدة الشباب الصغير السن من المقبلين على الزواج عن طريق بعض المعونات المالية التي يقدمها رجال الأعمال أو الجمعيات غير الحكومية بما يضمن الحد الأدنى من التكفل بمتطلبات العروسين.
تحية لهند
أستاذ علم الاجتماع بالجامعات المصرية الدكتورة سامية خضر أوضحت أنه بالرغم مما يبديه القطاع الأعرض من الشعب المصري من عدم موافقة أو رضا على مسلك الحناوي إلا أنه وفي شبه اتفاق جماعي ضمني غير معلن يقدر المجتمع تلك الفتاة التي استطاعت فعل ما عجزوا هم عنه أو ما تمنوا فعله وحال الخوف أو الاعتياد الاجتماعين بينهم وبينه قائلة: لا أقصد تفاصيل حادثتها المتعلقة بالزواج ومقاضاة الفيشاوي وإنما معاني ودوافع ما وراء الأحداث، أي القدرة على المواجهة، عدم الاكتراث لقيود اجتماعية بالية، سعيها لدفع الظلم عن نفسها، وكلها معانٍ عامة وشاملة ويتمنى الجميع امتلاكها في العديد من المواقف على اختلاف نوعها في الأسرة وفي العمل وفي العلاقات المهنية والاجتماعية بل والعاطفية أيضا.
واستطردت: جزء من الهجوم الاجتماعي على الحناوي هو غيرة لا واعية من أناس استسلموا ورضخوا للظروف وأرعبهم أن هناك غيرهم أثبتوا استخفافهم بما أرعبهم كثيرا.
وأوضحت أن هناك أكثر من 12 ألف قضية اثبات نسب مرفوعة أمام المحاكم المصرية وأغلبها لأطفال نتجوا عن زيجات عرفية, مؤكدة أن هذا الرقم المرتفع يهدد في الصميم مستقبل جيل من المصريين الذين يمثلهم هؤلاء الأطفال مجهولو النسب, وأضافت: إلا أن الأجيال السابقة واللاحقة عليه أي عموم الشعب المصري باختصار ليس في مأمن من الهزات والمشاكل الاجتماعية لأن العضو الفاسد في الجسد الاجتماعي يصل بعدواه لكافة الأعضاء ما لم نسارع بالعلاج.
وأكدت الدكتورة سامية خضر: أن تحويل هؤلاء الأبناء من عنصر دمار لعنصر بناء ليس بالسهل ويحتاج لمنظمة علاجية متكاملة تتكامل فيها الحلول الاجتماعية والنفسية والمالية والتعليمية موضحة أنه ونظرا للموقف الصعب للأم التي يلفظها أهلها بعد فعلتها ويرفض شريكها الاعتراف بها ما يضطرها للعمل بأحط المهن مقابل جزاء مالي بسيط لا يفي باحتياجاتها الضرورية وأبنائها الأمر الذي يعرض هؤلاء الأبناء لدمار نفسي, وأشارت إلى أن أطفال الشوارع أغلبهم من هؤلاء الأطفال مجهولي النسب الذين لا يرضون بحياة الأم الصعبة فيفروا للشارع بحثا عن فرص أحسن أو أن الأم تتخلص منهم بإيداعهم الملاجئ ودور الرعاية للأحداث فيضيقوا بالمعاملة القاسية فيها فيحاولون الهرب أيضا.
القاهرة - من ميادة الدمرداش
لم يغفر المجتمع المصري للفتاة هند الحناوي تحديها له حينما عمدت لإعلان علاقتها بالممثل الشاب أحمد الفيشاوي والمطالبة بحقوقها وابنتها على الملأ بعد فشل مساعي التسوية الهادئة بين أسرتي الشابين، فكان جزاؤها عن «المكاشفة» أن صارت الفتاة رمزا للتبجح ليس لخوضها علاقة غير رسمية مع الفيشاوي فقط وإنما لإصرارها على المواجهة والتحدي وإشراك شريكها الفيشاوي في المسؤولية التي تهرب منها مرارا.
وبالرغم من أن القاعدة الاجتماعية والشعبية العريضة في مصر تسخط وتدين هند الحناوي في موقفه ظهرت فئة ساندتها وأيدت موقفها في رفع الظلم عن نفسها وفضح الزيف والازدواجية ونيل حقوقها,,, هذا الموقف والمواقف المقابلة تفتح ملف «أطفال بلا ورق»,, وعلاقات مسكوت عنها,, وفي السطور التالية المزيد,,.
الحكاية,,, المأساة من البداية، والتي كشفت عن الكثير من عورات المجتمع العربي، وطبقا لأقوال هند الحناوي أنها حاولت قبل اللجوء للقضاء والحروب الإعلامية على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون أن تتوصل لحل هادئ مع زوجها عرفيا (الفيشاوي) بعد أن قام بتمزيق ورقة الزواج بينهما ولكن دون جدوى ما اضطرها إلى سلك سبل أخرى تضمن حقوقها وابنتها الرضيعة.
وأوضحت أنها بمسعاها هذا لا ترجو نيل حقها فقط بإثبات زواجها وبنوة ابنتها وإنما ترمي لتشجيع كل امرأة مصرية منعها الخوف أو الجهل والقهر من مقاضاة طرف آخر هو مسؤول مثلها تماما فيما آلت إليه الأمور من سوء, مؤكدة أنه بعد الحملة الإعلامية والقضية لابد ستشجع العشرات بل الآلاف ممن في نفس ظروفها لاتخاذ مواقف أكثر ايجابية.
مكافحة الازدواجية
وأشارت هند الحناوي إلى أن موقفها المعلن هذا يحمل في داخله مكافحة للنفاق والازدواجية التي يعيش فيها المجتمع العربي الذي يتعامل أفراده ظاهريا بشكل مغاير لما في سرائرهم منبهة لضرورة إلمام المرأة المصرية والعربية عموما بحقوقها الدستورية والدينية خاصة في ظل مجتمع محيط تسوده نظرة ذكورية تتحامل على النساء دائما بحجة العيب والحرام والخطأ، وتشير إلى أن هذا يحدث مقابل ترك الحبل على الغارب للذكر يفعل ما يشاء دون معقب أو معترض,, وعلى الرغم من أن أغلب أفعال هذا الرجل دائما ما تصب بخانة الخطأ بل الأكثر من ذلك في خانة الحرام البين.
رجولة وخبرة
وأكدت أنه في حين يعد الزواج العرفي للفتاة كارثة في نظر المجتمع، تعتبر غزوات الرجل النسائية غير الشرعية مظهرا للرجولة والخبرة الاجتماعية اللازمة، موضحة أنه آن الأوان للرجل المصري والعربي أن يتحمل مسؤولية أفعاله ولا يترك شريكته فقط تتحملها بمفردها لأن ذلك في صالح الاثنين معا وإلا عاش الرجل بعقدة ذنب تلازمه طوال حياته حتى وإذا حاول اخفاءها أو الظهور بمظهر غير المكترث.
وهند الحناوي (27 سنة) تعمل كمهندسة ديكور من عائلة معروفة ويعمل والدها كأستاذ جامعي وكذلك أمها,, اعترفت بزواجها العرفي من الممثل أحمد الفيشاوي في منتصف العام الماضي 2004 أمام القضاء المصري ومن ثم عبر وسائل الإعلام المختلفة، والقضية بين الشابين مرت بمنحنيات عدة حاولا خلالها كل اثبات صحة ادعائه,, هي بالزواج العرفي واثبات بنوة الجنين المنتظر - حينها - وهو بالتبرؤ من العلاقة في مجملها ونفي صلاته بالفتاة في غير حدود الصداقة البريئة,, ما أكسب النزاع سمة ضبابية غابت فيها الحقيقة حتى الآن خاصة بعد تغير موقف الفيشاوي أخيرا واعترافه في أحد برامج الهواء التليفزيونية المصرية بعلاقة الصداقة الحميمة مع الفتاة دون زواج من أي نوع.
ابنة تاهت!
حتى اللحظة والقضية ما زالت محل بحث القضاء المصري، فمنذ الشهرين تقريبا وضعت الحناوي ابنتها والتي بقدومها أصبح من المستحيل تخلي الأم عن القضية من ناحية,, ومن أخرى فإن واقعة الولادة شكلت في نظر القضاء دليلا قانونيا حاسما للفصل في القضية لصالح أحد الطرفين والذي يثبت تحليل الحمض النووي (DNA) صحة أقواله في مقابل بطلان ادعاءات الآخر.
والجديد في القضية أن الحناوي لا تخوض معركتها ضد آل الفيشاوي بمفردها وإنما يدعمها في ذلك أسرتها أو والداها بشكل أدق غير عابئين بما يراه المجمع في ابنتهم من كل صور الفساد.
فئة المؤيدين لهند الحناوي انقسموا على أنفسهم بين متعاطف معها باعتبارها «مستضعفة» في ورطة حقيقية تستدعي الشفقة فقط، أو مراقب يستشعر في موقف الفتاة بادرة انقلاب اجتماعي - بطيء نحو الشفافية والمواجهة واصلاح الأخطاء قبل تفاقمها والعدل النوعي - أو الجنسي.
كاريمان محمد (20 سنة- طالبة) أوضحت أنه بحكم دراستها لعلم الاجتماع واحتكاكها أثناء تنفيذ بعض أبحاثها ومسوحها الجامعية وزياراتها الميدانية الدراسية تأكدت من وجود نسبة كبيرة من جرائم الشرف تروح ضحيتها سنويا ما يقارب 6 في المئة من الفتيات اللائي لم يسبق لهن الزواج، مشيرة إلى أن الأسر غالبا ما تغض الطرف في حوادث الشرف عن فاعليها من الذكور أو النساء اللائي سبق لهن الزواج سواء كن مطلقات أو أرامل.
وأكدت أنه لولا تأكد الأسر المرتكبة لتلك الجرائم من افلاتها من العقاب القانوني ما ارتكبتها، لذا فإنه لو فعلت كل فتاة غرر بها كما فعلت الحناوي,, أي أن تقوم بالتوجه للسلطات الأمنية والقضائية لنيل حقوقها واثبات الحالة حتى وإن لم تكن زواجا عرفيا ومجرد علاقة عابرة غير رسمية، فإنه من ناحية سوف يتردد أهل الفتاة في الانتقام منها لعلمهم بأنهم أول من تحوم حولهم الشبهات.
ومن ناحية أخرى تلزم شريكها في العلاقة بالاعتراف بمسؤولية تجاهها وتحمل عواقب تصرفاته ومن ثم تصحيح الوضع الخاطيء موضحة أن كل شاب يجد نفسه غير آهل لتحمل مسؤولية خوض علاقة شريفة سيتردد ألف مرة قبل الانغماس في أخرى غير صحيحة ومعلنة حتى لايتعرض للمساءلة ما يسد باب الخلل من البداية ويمنع وقوع علاقات شائكة.
ظواهر غريبة
وأشارت كاريمان إلى أن نسب الزواج العرفي مرتفعة في المجتمعات العربية عموما وإن اختلفت شرائح وفئات وأعمار المقبلين عليه من مجتمع لآخر, مؤكدة أن البلدان العربية الفقيرة أو متوسطة الدخل تشهد أوساط الشباب فيها أكثر من غيرها ظاهرة الزواج العرفي بينما في المجتمعات الغنية فإنها تنتشر أكثر بين الكهول والعجائز من الرجال في مقابل الشابات من النساء واللائي يكن غالبا من جنسيات أخرى غير جنسية الزوج.
وأوضحت أن الضجة والسخط الحاليين ضد «آل الحناوي» في المجتمع لهما باعثان، الأول هو مخالفة هند أو بمعنى أصح قلبها للنظام الاجتماعي المتعارف عليه رأسا على عقب ما هدد الشعور بالأمان الزائف الذي يعيش في كنفه البعض المكتفي بالقشور البراقة والغير مستعد لرؤية فساد ما تحت القشرة,, والثاني هو الثورة عليها - الحناوي - انتصارا لـ «عذرية» الفتاة وإلا ما التفسير لغض الطرف عن محاسبة أحمد الفيشاوي كشريك لها في فعلتها أو عن مهاجمة بعض «مشهورات الفن» ممن أدلين في أكثر من برنامج تليفزيوني بزواجهن العرفي مرارا، بالرغم من أن فعل الجهر أو التبجح - كما يرى البعض - متوفر في الحالتين.
يأس فتاة
محمد عبد الحافظ (أستاذ لغة عربية) رجّح أن سبب رفع قضية الحناوي أمام المحاكم وتصعيد المشكلة إلى وسائل الإعلام ليس دافعه التبجح والمباهاة بالفاحشة وإنما سببه يأس الفتاة من الفيشاوي وانسداد كل سبل الحل الهادئ في وجهها الأمر الذي دفعها إما بدافع العناد أو الانتقام إلى فضح علاقتهما.
موضحا أنه من الممكن أيضا أن تكون هند الحناوي في موقفها الشرس هذا قد غلبت مشاعر الأمومة على الانتقام وأرادت أن تنزع من الأب - إذا ما أثبتت التحاليل أبوته - اعترافا بالابنة التي لم ترتكب أي ذنب يستحق أن تدفع ثمنه الباهظ المتمثل في الجهل بنسبها أو الحرمان من عاطفة الأب، وحنق أهل الأم عليها واعتبارها ثمرة دنسة.
وأكد أن موقف أسرة الحناوي المساند لها يحسب لهم لا عليهم,, فتصحيح الخطأ لا يكون بخطأ أفدح منه من قبيل التبرؤ من الابنة هند أو طردها فلو تخلى الأب عنها فإنها ستكون ووليدتها فريسة لمتلازمة من المخاطر منها الفقر والانحراف الأخلاقي والاجتماعي ساعتها بدلا من أن تكون الحناوي خاطئة لمرة واحدة سيصبح تاريخ خطأها زاخرا بالكبوات مبينا أن قرارها وأسرتها مقاضاة الفيشاوي على الملأ ليس بالسهل وخاصة أن الوالد الحناوي ذو منصب شائك وأستاذ بالجامعة وأقل القليل يشوه سمعته ويعكر حياته المهنية والاجتماعية لذا لا يصح اتهامه بما يقلل من قدره ويمتهن رجولته وغيرته على شرفه وأهل بيته.
وذكر أن حل المقاضاة هو أقرب الحلول للصواب وأقلها خسائر حقيقية وإن بدا لغير نافذي البصيرة قرارا معيبا وخسائره كبيرة.
وأعرب عبدالحافظ عن أمله في أن تظهر الحقيقة أيا كانت سواء بزواج الإثنين فعلا أو عدم زواجهما او ادعاء الحناوي من الأساس وبراءة الفيشاوي,, لأن ذلك - في نظره - سيعطي مصداقية كبيرة فيما بعد لهذا النوع من القضايا ويشجع آخرين على اللجوء لها إذا ما تعقدت ظروفهم وما كان من بد سوى القضاء.
تعقيدات الزواج
أما أحمد شوقي (موظف بأحد الفنادق) فأوضح أن تعقيدات مناسبة الزواج في مصر خاصة لدى فئة المشاهير وأبنائهم هي ما أفرزت قضية الحناوي والفيشاوي ولو كان الزواج ميسرا في أي وقت وعمر وظروف لكل شاب وفتاة ما اضطرا للزواج العرفي، متسائلا: هل كان رد الفعل الاجتماعي على موقف الحناوي هو ذاته الحالي لو تزوجت أحمد رسميا لمدة لا تتعدى بضعة أسابيع ثم طالبته بحقوقها وحقوق ابنتها في المحاكم؟
ويجيب على نفسه، طبعا «لا»، موضحا أن الإثنين واجها حتما رفض الأهل بالزواج أو تأكدا قبل عرض «اقتراح» الزواج من الرفض ففضلا الطريق الأسهل والأسرع عن الدخول في مفاوضات واشتباكات عقيمة.
وأوضح شوقي ضرورة تعامل الشباب مع الزواج باعتباره «تجربة» إما تفشل أو تنجح وليس باعتباره علاقة أبدية يدخلها فلا يخرج منها إلا بالموت أو بالطلاق بعد سنوات استنزاف طويلة، مفرقا بين طرحه السابق للزواج باعتباره تجربة قابلة للفشل وبين ما يعرف بزواج المتعة, وأكد أن على الأهل والمجتمع عدم التضييق على الشباب وتركهم يتخذون قرارهم بالزواج وفق الرؤية الخاصة للشريكين بلا أي قوالب سابقة للنواحي المالية والاجتماعية والأمنية والنفسية للزواج مما يشجع على الحد من العلاقات غير الشرعية والزواج العرفي.
تأييد نسائي
أيضا هناك العديد من الشخصيات العامة أبدت هي الأخرى تأييدها للحناوي منهم مخرجة الأفلام التسجيلية والناشطة بمجال حقوق المرأة عطيات الأبنودي والتي أوضحت أن المجتمع المصري يمتلئ بحالات عديدة كحالة الحناوي ولكنها جميعا غير معروفة أو محصاة لبعدها عن دائرة الضوء,,, مشيرة إلى أن الجهل بها أو التعتيم عليها لا يعني عدم وجودها أو انتشارها داخليا بل وزيادة أعدادها عاما بعد آخر, وأكدت وجود آلاف الأمهات الوحيدات «غير المتزوجات» يربين أطفالهن بمفردهن وتعانين معهن الاتهام الدائم بعدم الشرعية الأمر الذي أفضى لنبذهن جميعا ومن ثم انعزالهن تدريجيا او حرمانهن من الحقوق الإنسانية والتي هي من حق أي مواطن,.
وأشارت الابنودي إلى أنها وبالتعاون مع عدد من قيادات الحركة النسائية في مصر ونتيجة واقعة الحناوي - الفيشاوي تنفذ برنامجا ثنائىا لتوعية المجتمع بمشاكل الأمهات الوحيدات وما لقينه من ظلم، ولتوعيتهن أنفسهن حول حقوقهن الدستورية وسبل تنمية مهارتهن المهنية والاجتماعية، وأفضل الطرق التربوية للتعامل مع أطفالهن بما يحقق السلامة النفسية للجميع.
وذكرت أنه في دول المغرب العربي هناك عناية واسعة بهذه الفئة من الأمهات بالرغم من انتماء هذه البلدان للثقافة العربية ذاتها التي تعتبرهن خارجات عن العرف والتقاليد ويستحققن الموت بدلا من الحياة موضحة وجود جمعيات خاصة في دولة المغرب توظف الأمهات الوحيدات.
أما في الجزائر فهناك تشريع داخلي يضمن لهن معاشا شهريا لتربية الأبناء غير الشرعيين وتنشئتهم تنشئة سليمة لا يتحملون فيها ذنب غيرهم.
مؤكدة أن المجتمع يعاني ازدواجية لا يجهد نفسه حتى في مداراتها أو تكييفها لتصبح أكثر اقناعا فهو في الوقت نفسه الذي يحرم فيه الإجهاض ويلعن مرتكباته لا يتقبل أبناء العلاقات غير الشرعية فيرفض موتهم المادي ليقتلهم كل يوم قتلا معنويا باحتقارهم ونبذهم ورفض التفاعل معهم.
وأوضحت أنه لو لم تفز هند الحناوي بقضيتها لأية أسباب فيكفي أنها أوجدت صدمة في المجتمع - تعتقد - أنه ستعقبها نقلات عميقة في المناخ الاجتماعي الداخلي، مشيرة إلى أن حركة التاريخ كشفت أن استجابات المجتمع المصري للعلاج بالصدمات أسرع وأقوى من تركه لأسلوب «التطور الطبيعي» والذي يستغرق الكثير من الوقت مما يوجد بالواقع الوطني خسائر متراكمة لا قبل للمجتمع لها.
حقوق مشروعة
الإذاعي المصري أحمد مهران أكد أن كل فتاة تتعرض للضرر أيا كان نوعه فمن حقها السعي بكافة الطرق لرفع الغبن عن نفسها فدفاعها في هذه الحالة حق مشروع خاصة إذا كانت بسبل مشروعة كاللجوء للقضاء, مشيرا إلى أن اعتراف «الحناوي» بفعلها وإعلان ذلك على الملأ وإن كان يصب في قالب «الجهر بالخطأ» لأن زواجها العرفي كما تدعي من الفيشاوي خرج عن الشروط التي حددها الفقهاء لصحة ذلك الزواج, إلا أنه (الاعتراف) مفيد للغاية لأنه يمنع تفاقم الكوارث والأزمات، فالإسراع لطلب النجدة يعجل بالعلاج القليل الخسارة والنافذ الحلول أحيانا.
وأوضح فهد أن مداراة الخطأ والسكوت عليه يجر سلسلة من الأزمات المتلاحقة مبينا أن المجتمع العربي في حالة ماسة لتأهيله بما يسمح بقبول «الجهر بالخطأ» حتى يتحرك وفق آليات سليمة لتدارك النتائج السلبية، بدلا من أن تستفزه خطوة المصارحة فيعظم من تلك السلبيات بدلا عن علاجها.
وأوضح أنه لابد أن يقف الآباء من أبنائهم موقف رحيم متفهم فليس الرد الأمثل على خطئهم الجفاء أو الرفض أو حتى التأنيب بل الإصلاح والتقويم.
ونبه إلى ضرورة انتباه كل فتاة لنفسها حتى لا تتورط في علاقات ضارة مؤكدا أن الزواج الذي تحميه الدولة والتي تنال منه المرأة كل حقوقها هو الزواج الشرعي الذي بموجبه تستطيع الاحتجاج في مواجهة الجميع، وفرق بين نوعين من الزواج العرفي الأول شرعي معروف في بعض البيئات القبلية تلجأ له الفتاة بعلم أسرتها لأنها لا تمتلك شهادة ميلاد تمكنها من انعقاد العقد الموثق أو لأن الفتاة أقل من السن المحددة للزواج، وذلك - حسب مهران - هو زواج ديني مشروع لأن فيه إشهارا، أما النوع الآخر فهو باطل لأنه لا يستند لشروط الزواج الشرعي حيث يتم سرا وينقصه الإشهار.
وحقوق قانونية
أما المحامي المصري والناشط الحقوقي نجيب جبرائيل فله وجهة نظر مغايرة لسابقه مؤكدا أن القانون المصري يكفل لطرفي الزواج العرفي كل الحقوق المترتبة على الزواج الرسمي بموجب القانون رقم «1» لسة «2000» والذي رتب لطرفي العلاقة في هذه الحالة الحق في العدة واثبات نسب الأبناء، وللزوجة النفقة العادية ونفقة المتعة, وأكد أن اثبات واقعة الزواج العرفي طبقا لهذا القانون لا تستلزم دلائل من نوع خاص أو دلائل كتابية على الأخص، موضحا أنه لكون واقعة الزواج واقعة مادية فإنه يجوز اثباتها لكافة سبل الاثبات كالشهود أو الكتابة أو القرائن القانونية.
وأشاد جبرائيل بجرأة الفتاة واصرارها على تحدي خوفها ورضوخها للمجتمع وسعيها لنيل حقوقها القانونية التي كفلها لها التشريع المصري, مشيرا إلى أن وقائع الزواج العرفي وأيضا العلاقات غير الشرعية موجودة في كل المجتمعات العربية والمصرية وأن المجتمع أحيانا بجهله وتزمته هو ما يدفع بعض الإناث لخوض مثل هذه العلاقات, ذاكرا أن منظمته تتبنى حاليا مشروعا لإعادة تأهيل الفتيات المنحرفات، ذلك المشروع الذي كشف وجود أعداد كبيرة من السيدات دفعها الجهل المجتمعي والإصرار على عدم المكاشفة والتعتيم للانحراف تماما كتلك الزوجة الشابة التي أرغمها أهلها على الاستمرار في زواجها برجل مريض طيلة عشر سنوات غير مستجيبين لطلبها في التطليق أو التفريق ومضيقين عليها كل سبل اللجوء إلى القضاء,, أو الحلول الواضحة النظيفة فاختارت طريق الانحراف الملتوي.
وأكد أن رأيه المناصر للحناوي لا ينطوي على تشجيع للفساد أو الدخول في علاقات غير رسمية أو موثقة أو حتى تأييد شخصي لهذه الفتاة التي وجد في موقفها مسلكا اجتماعيا يستحق التشجيع لأنه يخرج المجتمع من موجة دفن الرؤوس في الرمال وادعاء عكس الحقيقة.
سلوكيات سلبية
عضو المجلس القومي للمرأة ونقيب المهن الرياضية الدكتور مسعد عويس أكد أن الموقف المعلن في هذه القضية سيحد مستقبلا من السلوكيات السلبية التي يتخذها بعض الرجال والفتيات تجاه النساء المصريات كما أنه سيغير تدريجيا من طبيعة المنظومة الاجتماعية بين الفريقين والتي تقوم على ضعف طرف مقابل استقواء آخر عليه سيردعه بالتأكيد خشية التعرض للنقد الاجتماعي أو المساءلة القانونية، موضحا أن الرجولة الحقيقية هي في مواجهة مسؤولية الأفعال الشخصية، والبعد عن خداع الآخرين أو التغرير بهم، والحفاظ على كرامة الغير قبل النفس.
وعول الدكتور عويس على القيادات الاجتماعية في بث مفاهيم اجتماعية جديدة تخص العلاقة بين الجنسين قوامها العدل والمساواة ومراعاة الضمير وشجاعة المواجهة، عبر برامج واستراتيجيات وطنية قصيرة ومتوسطة المدى بالاعتماد على وسائل الإعلام المختلفة والمؤسسات الدينية والتربوية والترفيهية.
وطالب الآباء بمنح الأبناء الفرصة لتحقيق رؤيتهم - الأبناء - العاطفية الخاصة بهم بمعزل عن الاقتراحات والتصورات الأبوية الجاهزة في هذا الصدد كما طالب المجتمع أيضا بمساعدة الشباب الصغير السن من المقبلين على الزواج عن طريق بعض المعونات المالية التي يقدمها رجال الأعمال أو الجمعيات غير الحكومية بما يضمن الحد الأدنى من التكفل بمتطلبات العروسين.
تحية لهند
أستاذ علم الاجتماع بالجامعات المصرية الدكتورة سامية خضر أوضحت أنه بالرغم مما يبديه القطاع الأعرض من الشعب المصري من عدم موافقة أو رضا على مسلك الحناوي إلا أنه وفي شبه اتفاق جماعي ضمني غير معلن يقدر المجتمع تلك الفتاة التي استطاعت فعل ما عجزوا هم عنه أو ما تمنوا فعله وحال الخوف أو الاعتياد الاجتماعين بينهم وبينه قائلة: لا أقصد تفاصيل حادثتها المتعلقة بالزواج ومقاضاة الفيشاوي وإنما معاني ودوافع ما وراء الأحداث، أي القدرة على المواجهة، عدم الاكتراث لقيود اجتماعية بالية، سعيها لدفع الظلم عن نفسها، وكلها معانٍ عامة وشاملة ويتمنى الجميع امتلاكها في العديد من المواقف على اختلاف نوعها في الأسرة وفي العمل وفي العلاقات المهنية والاجتماعية بل والعاطفية أيضا.
واستطردت: جزء من الهجوم الاجتماعي على الحناوي هو غيرة لا واعية من أناس استسلموا ورضخوا للظروف وأرعبهم أن هناك غيرهم أثبتوا استخفافهم بما أرعبهم كثيرا.
وأوضحت أن هناك أكثر من 12 ألف قضية اثبات نسب مرفوعة أمام المحاكم المصرية وأغلبها لأطفال نتجوا عن زيجات عرفية, مؤكدة أن هذا الرقم المرتفع يهدد في الصميم مستقبل جيل من المصريين الذين يمثلهم هؤلاء الأطفال مجهولو النسب, وأضافت: إلا أن الأجيال السابقة واللاحقة عليه أي عموم الشعب المصري باختصار ليس في مأمن من الهزات والمشاكل الاجتماعية لأن العضو الفاسد في الجسد الاجتماعي يصل بعدواه لكافة الأعضاء ما لم نسارع بالعلاج.
وأكدت الدكتورة سامية خضر: أن تحويل هؤلاء الأبناء من عنصر دمار لعنصر بناء ليس بالسهل ويحتاج لمنظمة علاجية متكاملة تتكامل فيها الحلول الاجتماعية والنفسية والمالية والتعليمية موضحة أنه ونظرا للموقف الصعب للأم التي يلفظها أهلها بعد فعلتها ويرفض شريكها الاعتراف بها ما يضطرها للعمل بأحط المهن مقابل جزاء مالي بسيط لا يفي باحتياجاتها الضرورية وأبنائها الأمر الذي يعرض هؤلاء الأبناء لدمار نفسي, وأشارت إلى أن أطفال الشوارع أغلبهم من هؤلاء الأطفال مجهولي النسب الذين لا يرضون بحياة الأم الصعبة فيفروا للشارع بحثا عن فرص أحسن أو أن الأم تتخلص منهم بإيداعهم الملاجئ ودور الرعاية للأحداث فيضيقوا بالمعاملة القاسية فيها فيحاولون الهرب أيضا.