مطيع
12-29-2014, 06:17 AM
http://www.al-akhbar.com/sites/default/files/imagecache/250img/p10_20141229_pic1.jpg
سامر سعد
القوات الفرنسية شاركت في اقتحام الحرم المكي عام 1979
ذكرني كتاب «في سر كبرى العائلات السعودية» للجزائري عكلي بيلابيود الصادر عن دار «la boite a pandore» الفرنسية، بما كان كتبه اسعد ابو خليل في 14 اذار 2009، إذ رسم ابو خليل سيناريو متخيلاً عما سيحصل في حال نضب النفط العربي. وتساءل إن كان سيكتب احد الصحافيين من مدّاحي السعودية عن مساوئ أمرائها. النفط لم ينضب، لكن موظف الشرطة السابق بات متقاعداً وقرر البوح بما رآه وصدمه خلال سنوات عمله مع بعض «العائلات السعودية الكبرى» في الثمانينيات، ولا سيما مع أحد انسباء الملك فهد. يتحدث من الداخل عن ممارسات أثرياء المملكة سواء في فرنسا حيث كان يرافقهم أو في المملكة.
آثر الصمت سنوات بعد توقفه عن العمل مع السعوديين إلى أن سمع مأساة الفتاة الجزائرية ـ الفرنسية سارة. فابنة الأربعة عشر ربيعاً تعرضت للاغتصاب وقتلت في مكة بينما كانت برفقة اهلها لأداء العمرة. اغتصبتها «عصابة» في ارض مقدسة ورميت من شرفة الفندق حيث كانت تقيم مع عائلتها، «وكما في مرة تقع جريمة في الاماكن المقدسة يجد امراء المؤمنين مخرجاً عبر ايجاد كبش محرقة من الاجانب».
مأساة دفعت بيلابيود إلى نبش الذاكرة في كتاب أشبه بسيرة حياة تستند إلى حوادث ومشاهدات منذ أن جمعته الصدفة عام 1977، في احدى ضواحي باريس، بامرأة لبنانية متزوجة من يوناني يدعى ماتياس، يعمل مع سعودي اسمه محمود. لم يكن الأخير من أمراء آل سعود لكنه من أنسباء الملك فهد، متزوج من شقيقة الزوجة الثالثة للملك. ماتياس عرض على عكلي مرافقته لاستقبال وفد رفيع المستوى من الداخلية السعودية.
تكرر الأمر بعد اسبوع، وكسب عكلي سريعاً ثقة محمود الذي عرض عليه العمل معه. وفي اليوم نفسه ـ يتذكر عكلي ـ طلب منه عبد الكريم، وهو من كوادر الداخلية السعودية، استئجار شقة في باريس لايواء عشيقته.
«امرأة رائعة الجمال»، وفي اليوم التالي كانت عيناها مدمّتان لأن السعودي ضربها. قصص المجون والعنف ضد النساء كثيرة في سجّل السعوديين في فرنسا، فذات يوم استقبل عكلي رجلي أعمال ارسلهما محمود وشغلا شقة كبيرة في باريس مليئة بالنساء ليلاً نهاراً. لا تمرّ ليلة من دون غناء ورقص. «عبّر الجيران عن انزعاجهم من الضجة وطالبوا مرات عدة بوقف تحويل المنزل الى ديسكوتيك، إلا أن السعوديين لم يكترثوا (...) كما اتصلوا بالشرطة مرات عدة لكنها لم تأخذ شكاويهم بعين الاعتبار».
يتمحور الكتاب حول ما يعتبره المؤلف «نفاقاً» لدى السعودين الذين رافقهم وشهد على مجونهم وتعاطيهم المخدرات أحياناً، ويستغرب كيف أن أحداً ممن استقبلهم واهتم بهم في باريس «لم يكرس وقتاً للصلاة»، فهم «لا يكترثون للقرآن والله».
ويتحدث عن النظرة «الفوقية» لدى من عرفهم من السعوديين نحو العرب الآخرين. ويتذكر انه عندما طلب من نائب رئيس شركة الطيران السعودية توظيف طيار جزائري يعمل في الشركة الجزائرية كان الجواب: «مستحيل توظيف اي شخص قادم من بلد شيوعي».
وينقل عن احدى موظفات الشركة وهي فييتنامية الأصل بأن فريق العمل يتضمن كل الجنسيات باستثناء السوري والليبي والجزائري. فالدول الثلاث كانت تعتبر شيوعية آنذاك.
شهادة المؤلف لا تقتصر على ممارسات السعوديين في فرنسا، إذ يروي مشاهداته خلال اقامته في السعودية، من قمع الشرطة الدينية «المطاوعة» وتجاوزاتها إلى المشروبات الروحية التي يتعاطاها مشغلوه السعوديون خلال شهر رمضان. ويتذكر كيف عرض عليه احد مضيفيه أن يرافقه للصلاة وهو مخمور بشكل كامل وطلب من عكلي مساعدته لإيجاد وجهة القبلة.
ويتوقف المؤلف عند مشهد قطع الرؤوس في ساحة مدينة جدة الرئيسية، إذ كانت المرة الأولى التي يشهد فيها تنفيذ حكم قطع الرأس بالسيف بحق امرأة متهمة بالخيانة الزوجية.
ويركز عكلي في كتابه على «استعباد المرأة» داخل السعودية وينقل تساؤلات فتاة سعودية اسمها نبيلة: «لماذا تواجه المرأة المتهمة بالزنى الموت في هذا البلد؟ لماذا هذا الظلم؟ ولماذا لا تطبق القوانين الاسلامية الا على النساء وليس على الرجال؟
يورد عكلي معلومات جديدة تتعلق بحادثة اقتحام الحرم المكي عام 1979، عندما سيطر مئات من المقاتلين بزعامة جهيمان العتيبي على الحرم المكي واخذوا المصلين رهائن وعجز الحرس الوطني عن طردهم. أزمة صدمت العالم الاسلامي انذاك وكادت تودي إلى حرب أهلية وتهدد حكم آل سعود ما دفعهم إلى طلب معونة من فرنسا التي ارسلت وحدة من قوات التدخل الخاصة بقيادة الضابط بول باريل. يتحدث عكلي عن لقاء جمعه بالضابط الفرنسي وينقل عنه ان السعوديين رفضوا أن يكتب كل تفاصيل العملية في كتابه «مهمات خاصة جداً»، وبعكس الرواية الرسمية السعودية عن الحادث ينقل عكلي عن باريل أن الفرنسيين شاركوا في اقتحام الحرم، بعد أن منحهم السعوديون شيكاً على بياض لإتمام المهمة بتحرير الحرم من مئات المسلحين. وينسب له:
«السلطات السعودية كانت مرتبكة ازاء حجم التهديد (...) اضطررنا للتدخل داخل الحرم المكي وعلى اطرافه ولم يكن لدينا الوقت ولا ردة الفعل التلقائية لاحترام التقاليد الاسلامية التي تفترض نزع الاحذية قبل الدخول».
* إعلامي عربي ــــ باريس
العدد ٢٤٨١ الاثنين ٢٩ كانون الأول ٢٠١٤
سامر سعد
القوات الفرنسية شاركت في اقتحام الحرم المكي عام 1979
ذكرني كتاب «في سر كبرى العائلات السعودية» للجزائري عكلي بيلابيود الصادر عن دار «la boite a pandore» الفرنسية، بما كان كتبه اسعد ابو خليل في 14 اذار 2009، إذ رسم ابو خليل سيناريو متخيلاً عما سيحصل في حال نضب النفط العربي. وتساءل إن كان سيكتب احد الصحافيين من مدّاحي السعودية عن مساوئ أمرائها. النفط لم ينضب، لكن موظف الشرطة السابق بات متقاعداً وقرر البوح بما رآه وصدمه خلال سنوات عمله مع بعض «العائلات السعودية الكبرى» في الثمانينيات، ولا سيما مع أحد انسباء الملك فهد. يتحدث من الداخل عن ممارسات أثرياء المملكة سواء في فرنسا حيث كان يرافقهم أو في المملكة.
آثر الصمت سنوات بعد توقفه عن العمل مع السعوديين إلى أن سمع مأساة الفتاة الجزائرية ـ الفرنسية سارة. فابنة الأربعة عشر ربيعاً تعرضت للاغتصاب وقتلت في مكة بينما كانت برفقة اهلها لأداء العمرة. اغتصبتها «عصابة» في ارض مقدسة ورميت من شرفة الفندق حيث كانت تقيم مع عائلتها، «وكما في مرة تقع جريمة في الاماكن المقدسة يجد امراء المؤمنين مخرجاً عبر ايجاد كبش محرقة من الاجانب».
مأساة دفعت بيلابيود إلى نبش الذاكرة في كتاب أشبه بسيرة حياة تستند إلى حوادث ومشاهدات منذ أن جمعته الصدفة عام 1977، في احدى ضواحي باريس، بامرأة لبنانية متزوجة من يوناني يدعى ماتياس، يعمل مع سعودي اسمه محمود. لم يكن الأخير من أمراء آل سعود لكنه من أنسباء الملك فهد، متزوج من شقيقة الزوجة الثالثة للملك. ماتياس عرض على عكلي مرافقته لاستقبال وفد رفيع المستوى من الداخلية السعودية.
تكرر الأمر بعد اسبوع، وكسب عكلي سريعاً ثقة محمود الذي عرض عليه العمل معه. وفي اليوم نفسه ـ يتذكر عكلي ـ طلب منه عبد الكريم، وهو من كوادر الداخلية السعودية، استئجار شقة في باريس لايواء عشيقته.
«امرأة رائعة الجمال»، وفي اليوم التالي كانت عيناها مدمّتان لأن السعودي ضربها. قصص المجون والعنف ضد النساء كثيرة في سجّل السعوديين في فرنسا، فذات يوم استقبل عكلي رجلي أعمال ارسلهما محمود وشغلا شقة كبيرة في باريس مليئة بالنساء ليلاً نهاراً. لا تمرّ ليلة من دون غناء ورقص. «عبّر الجيران عن انزعاجهم من الضجة وطالبوا مرات عدة بوقف تحويل المنزل الى ديسكوتيك، إلا أن السعوديين لم يكترثوا (...) كما اتصلوا بالشرطة مرات عدة لكنها لم تأخذ شكاويهم بعين الاعتبار».
يتمحور الكتاب حول ما يعتبره المؤلف «نفاقاً» لدى السعودين الذين رافقهم وشهد على مجونهم وتعاطيهم المخدرات أحياناً، ويستغرب كيف أن أحداً ممن استقبلهم واهتم بهم في باريس «لم يكرس وقتاً للصلاة»، فهم «لا يكترثون للقرآن والله».
ويتحدث عن النظرة «الفوقية» لدى من عرفهم من السعوديين نحو العرب الآخرين. ويتذكر انه عندما طلب من نائب رئيس شركة الطيران السعودية توظيف طيار جزائري يعمل في الشركة الجزائرية كان الجواب: «مستحيل توظيف اي شخص قادم من بلد شيوعي».
وينقل عن احدى موظفات الشركة وهي فييتنامية الأصل بأن فريق العمل يتضمن كل الجنسيات باستثناء السوري والليبي والجزائري. فالدول الثلاث كانت تعتبر شيوعية آنذاك.
شهادة المؤلف لا تقتصر على ممارسات السعوديين في فرنسا، إذ يروي مشاهداته خلال اقامته في السعودية، من قمع الشرطة الدينية «المطاوعة» وتجاوزاتها إلى المشروبات الروحية التي يتعاطاها مشغلوه السعوديون خلال شهر رمضان. ويتذكر كيف عرض عليه احد مضيفيه أن يرافقه للصلاة وهو مخمور بشكل كامل وطلب من عكلي مساعدته لإيجاد وجهة القبلة.
ويتوقف المؤلف عند مشهد قطع الرؤوس في ساحة مدينة جدة الرئيسية، إذ كانت المرة الأولى التي يشهد فيها تنفيذ حكم قطع الرأس بالسيف بحق امرأة متهمة بالخيانة الزوجية.
ويركز عكلي في كتابه على «استعباد المرأة» داخل السعودية وينقل تساؤلات فتاة سعودية اسمها نبيلة: «لماذا تواجه المرأة المتهمة بالزنى الموت في هذا البلد؟ لماذا هذا الظلم؟ ولماذا لا تطبق القوانين الاسلامية الا على النساء وليس على الرجال؟
يورد عكلي معلومات جديدة تتعلق بحادثة اقتحام الحرم المكي عام 1979، عندما سيطر مئات من المقاتلين بزعامة جهيمان العتيبي على الحرم المكي واخذوا المصلين رهائن وعجز الحرس الوطني عن طردهم. أزمة صدمت العالم الاسلامي انذاك وكادت تودي إلى حرب أهلية وتهدد حكم آل سعود ما دفعهم إلى طلب معونة من فرنسا التي ارسلت وحدة من قوات التدخل الخاصة بقيادة الضابط بول باريل. يتحدث عكلي عن لقاء جمعه بالضابط الفرنسي وينقل عنه ان السعوديين رفضوا أن يكتب كل تفاصيل العملية في كتابه «مهمات خاصة جداً»، وبعكس الرواية الرسمية السعودية عن الحادث ينقل عكلي عن باريل أن الفرنسيين شاركوا في اقتحام الحرم، بعد أن منحهم السعوديون شيكاً على بياض لإتمام المهمة بتحرير الحرم من مئات المسلحين. وينسب له:
«السلطات السعودية كانت مرتبكة ازاء حجم التهديد (...) اضطررنا للتدخل داخل الحرم المكي وعلى اطرافه ولم يكن لدينا الوقت ولا ردة الفعل التلقائية لاحترام التقاليد الاسلامية التي تفترض نزع الاحذية قبل الدخول».
* إعلامي عربي ــــ باريس
العدد ٢٤٨١ الاثنين ٢٩ كانون الأول ٢٠١٤