بسطرمه
12-21-2014, 02:43 PM
مشاري الخلف - القبس
الانتحار في الكويت ظاهرة، الإحصائيات الرسمية تؤكد ذلك، مع العلم أن حالات الانتحار والشروع فيه حول العالم تتزايد، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، التي أكدت في إحصائية لها هذا العام انتحار أكثر من 800 ألف شخص على مستوى العالم سنويا.
أما الإحصائيات الكويتية الرسمية فتكشف أن حالات الانتحار والشروع فيه بلغت، خلال الشهور الستة من العام الحالي، 55 حالة لمواطنين ومقيمين من أعمار مختلفة، بينما انتحر 60 شخصاً في العام الماضي، و76 شخصاً في العام الذي قبله 2012، و73 في 2011، و70 في 2010، و63 في 2009. اللافت تنوع طرق وأشكال المقدمين على الانتحار في البلاد، بدءا من الشنق، وهي الطريقة الأكثر شيوعا حتى الآن، مرورا بالقفز من مكان عال، أو تناول جرعات كبيرة من الأدوية أو المواد السامة، وصولا إلى الحرق أو قطع الشرايين وغير ذلك.
القبس فتحت ملف الانتحار في البلاد، وتوجهت إلى مواقع حدوث حالاته، لسماع شهادة شهود تلك الوقائع، والأسباب التي ذكرها المنتحرون قبل إنهاء حياتهم بهذا الشكل المأساوي
صعوبة الاختبارات تودي بشاب كويتي
في منزل احد المواطنين في حولي، أقدم أحد أبنائه، على الانتحار في يونيو الماضي، بشنق نفسه حتى الموت في غرفته بالمنزل.
يحكي شقيق المنتحر: فوجئت في صبيحة أحد أيام يونيو الماضي، بصراخ عال يصدر من غرفة أخي، فتوجهنا أنا وأهلي الموجودين في المنزل مسرعين إلى الغرفة، وفتحنا الباب وكانت الصدمة، رأيت أخي البالغ 17 عاما شانقا نفسه بحبل، فحاولنا تخليصه لكننا لم نستطع إلا بعد فوات الأوان، فاتصلنا بعمليات الطوارئ، فوصل عمالها بعد دقائق معدودة، وتبين لهم بعد فحص أخي أنه قد فارق الحياة، فقاموا بإبلاغ إدارة الطب الشرعي ثم نقلت جثته إلى مثواها الأخير.
الاختبارات النهائية
وعن السبب الذي يظن انه قد أدى بأخيه إلى الانتحار، يجيب: أخي كان يعيش وسط ضغوط نفسية كبيرة، كونه كان تلميذا في المرحلة الثانوية بإحدى المدارس الحكومية، واقترب موعد الاختبارات النهائية للعام الدراسي، وكان خائفا جدا من الرسوب في بعض المواد، وكان يتحدث مرارا وتكرارا في أيامه الأخيرة عما حصل معه في اختبارات منتصف العام، عندما جاءت الأسئلة الواردة في اختبارات معظم المواد غير مباشرة، ومعقدة للغاية، ولم يستطع الإجابة عن كثير منها، وقد حاولنا حينها تهدئته والتخفيف عنه، ودعوته إلى التفاؤل، لكن يبدو أن محاولاتنا كانت فاشلة.
تراكمت عليه الديون.. فرمى بفسه من العمارة
في منطقة المهبولة، وتحديداً في أحدى العمارات الاستثمارية، التي أقدم فيها أحد المستأجرين من الجنسية الهندية في أكتوبر الماضي على الانتحار، طلبنا من الحارس توصيلنا إلى مكان شقة المنتحر، وبعد مماطلة وتردد منه، أخذنا إلى الشقة، التي وجدنا فيها مجموعة من الأشخاص من جنسيات عربية وآسيوية.
تحدث أحدهم ويدعى حسن عن الحادثة، قائلاً: في مشهد غير مألوف لم أر مثله في عمري، فوجئت عند عودتي من عملي، بزميلي في السكن ويدعى وسيم، يقف في إحدى نوافذ العمارة، وكان من الواضح استعداده لرمي نفسه، فتجمع المستأجرون والمارة أسفل العمارة، وراحوا يتفاوضون معه لإقناعه بالعدول عن الانتحار، لكن المحاولات لم تنجح، إذ كان يرد: « خلاص.. خلاص»، شاهدناه بعدها يربط عنقه بحبل، ثم رمى نفسه سريعا، فشنقه الحبل وظل معلقا، اتصلنا بالعمليات وحضر رجال الطوارئ الطبية ترافقهم دوريات الشرطة، وتم إنزال وسيم من المسعفين، وتبين بعد فحصه أنه قد فارق الحياة، فنقلت جثته إلى إدارة الطب الشرعي، وسجلت قضية انتحار ووفاة.
وحول السبب الذي يظن أنه قاد وسيم إلى الانتحار، يقول حسن: كان يمر بضائقة مالية شديدة، وتراكمت عليه الديون، ولم يستطع تسيير أمور حياته في ظل راتبه البسيط، خصوصا مع غلاء المعيشة بالبلاد في الآونة الأخيرة، فيما أخبرني أن ذويه في الهند يطالبونه بإرسال 50 ديناراً شهرياً ليسيروا أمورهم، وكان توفير هذا المبلغ صعباً عليه.
سلبت نقوده.. فشنق نفسه في المزرعة
في إحدى مزارع العبدلي، التي أقدم فيها وافد عربي في سبتمبر الماضي على الانتحار شنقاً بغرفته، التقينا بأحد زملائه العاملين فيها، وسألناه عن حادثة الانتحار، وطلبنا رواية تفاصيلها وأسبابها، فقال: فوجئت وزملائي بالمزرعة قبل شهرين تقريبا، في الصباح الباكر بقيام زميلنا وهو سوداني يبلغ 29 عاماً، بشنق نفسه بحبل أحكم ربطه على رقبته داخل غرفة نومه في المزرعة، مضيفاً: جرى استدعاء رجال الأدلة الجنائية لرفع الجثة وإحالتها إلى إدارة الطب الشرعي، وأمر وكيل النائب العام حينها بتسجيلها قضية انتحار.
وعما قاده إلى الانتحار، يقول: كان حزينا جدا في الأيام الأخيرة لتعرضه لعملية سلب بالإكراه. وحكى أن ثلاثة أشخاص اعترضوا طريقه ليلا بين المزارع، وضربوه وسلبوا محفظة نقوده، وكان بها 50 ديناراً، وحاولت مع كثير من زملائي التخفيف عنه بلا فائدة، وكان يرد بأن المبلغ المسروق كان ينوي إرساله إلى ذويه صباح ذلك اليوم، وهو ربما ما وضعه في موقف صعب ومحرج.
ممرض انتحر في غرفة استراحة «الرازي»
شهد مستشفى الرازي، في سبتمبر الماضي، انتحار ممرض هندي في استراحة الممرضين العاملين بالعناية المركزة في المستشفى، في المكان الذي شهد الواقعة، وجدنا 5 ممرضين جالسين يتبادلون الأحاديث، عرفناهم بأنفسنا، وسألناهم عن حادثة انتحار زميلهم؟
حكى أحدهم قائلاً: خلال قدومي ومجموعة من الممرضين إلى مقر عملنا في المستشفى صباحاً، توجهنا إلى غرفة التمريض لتجهيز أنفسنا للعمل، فوجدنا زميلنا الممرض ويدعى بوني، ويبلغ من العمر 30 عاماً، ملقى على الأرض بلا حراك، فحاولنا إسعافه، وتبين أنه أقدم على الانتحار بشنق نفسه قبل ساعتين تقريباً، وقد فارق الحياة، فتم إبلاغ الجهات المختصة، ونقل الجثة إلى المشرحة، فسألناه مجدداً عن أسباب، الانتحار، فرد: تلقى صدمة قبل أيام معدودة من انتحاره، عبر اتصال دولي من ذويه بوفاة اثنين من أقربائه كانا عزيزين عليه جداً، إثر تعرضهما لحادث مروري.
لم يجد وظيفة.. فعلّق رقبته على الشجرة
في مدينة العزاب بأمغرة، حيث أقدم آسيوي، في مارس الماضي، على الانتحار شنقاً، التقينا وافداً مصرياً أخبرنا أنه فوجئ ومجموعة من أصدقائه خلال سيرهم في إحدى الساحات بالمنطقة بآسيوي معلّق رقبته في شجرة بحبل سميك بلا حراك، فاتصلنا فوراً بالشرطة، والتي حضرت مع رجال الطوارئ الطبية، وعاينوا الآسيوي فتبين أنه قد فارق الحياة.
تجولنا في المنطقة التي كان يسكنها المنتحر، بحثاً عن صديق أو زميل يحدثنا عن ظروفه وأحواله قبل الانتحار، وبالفعل وجدنا أحدهم ويدعى شاهيد الذي قال: كان يمر بحالة نفسية سيئة في الأيام الأخيرة، وكان يحكي أن أحلامه بتحسين ظروفه المعيشية تبخرت بعد أن اصطدمت بـ3 عوائق، وهي: قلة الوظائف، وضعف الرواتب، وغلاء المعيشية، وكان يبحث عن وظيفة براتب مناسب في أيامه الأخيرة، ولكن محاولاته باءت بالفشل، وربما كان ذلك سبب انتحاره.
تشاجر مع زوجته.. فرماها بالرصاص ثم انتحر
في الفروانية، أطلق مواطن النار على نفسه من مسدسه الخاص في منزله بعد أن أصاب زوجته الأربعينية بثلاث رصاصات على مسمع ومرأى من أبنائهما في أغسطس الماضي، أمام منزل المواطن وجدنا أحد أبنائه جالساً، عرفناه بأنفسنا وطلبنا منه سرد الحادثة بتفاصيلها وأسباب وقوعها، فقال إن والده البالغ من العمر 45 عاماً، دخل في سجال مع والدته، تحوّل إلى ثورة غضب هستيرية قام بعدها بتناول مسدسه الخاص وأطلق 4 رصاصات عليها بشكل مفاجئ، أصابتها الأولى برأسها والثانية في وجهها والثالثة في يدها، ومن الصدمة التي كانت تبدو حينها على عينيه بما فعل، قام فوراً بتوجيه مسدسه إلى رأسه وأطلق رصاصة على نفسه فسقط في الحال.
ويكمل: هرعنا مسرعين إلى والدتي فوجدناها ما زالت على قيد الحياة، فأسرعنا بها إلى مستشفى الفروانية، وأدخلت غرفة العمليات، وأبلغنا نقطة أمن مستشفى الفروانية بما حدث بالتفاصيل، فتوجهت دوريات الشرطة ومعها المباحث وفرقة من الأدلة الجنائية وسيارات الإسعاف إلى منزلنا، وعثر على والدي مضرجاً بدمائه وسط الصالة وكان بجانبه المسدس الذي استخدمه بجواره، فتم فحصه من قبل المسعفين، وتبين أنه فارق الحياة.
«الداخلية»: أساليب في التفاوض مع المقدمين على الانتحار
أكد مدير إدارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي مدير إدارة الإعلام الأمني بالإنابة في وزارة الداخلية العميد عادل الحشاش أن الوزارة تقوم بإعداد وتأهيل رجال وأجهزة الأمن المعنية وتدريبهم على أساليب التفاوض علمياً وتدريبياً والتعامل ميدانياً في إنقاذ حياة الكثير من محاولات الانتحار، مبيّناً أن للتفاوض وإدارة الحوار الدور الأساسي في ثني الأشخاص عن الانتحار، كما أن المناهج والمقررات الدراسية التي يتلقاها الطلبة الضباط وضباط الاختصاص وضباط الصف والأفراد تتضمن مقررات في علم النفس والاجتماع تعزز الدور الاجتماعي والإنساني لرجل الشرطة، كما تشارك وزارة الداخلية ضمن جهود أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني جهودها للحد من هذه الظاهرة.
الجان وراء انتحار خادمة فلبينية !
في منطقة حولي، انتحرت خادمة فلبينية، في إحدى العمارات الاستثمارية أكتوبر الماضي، برمي نفسها من إحدى الشقق العلوية، عندما وصلنا إلى العمارة توجهنا إلى حارسها، فأرشدنا إلى شقة بالدور الخامس، طرقنا بابها كثيراً، بعد محاولات متكررة فتحت إحدى السيدات، فأبلغناها بأننا نجري بحثاً عن حالات الانتحار العام الحالي، ونود معرفة الأسباب التي أدت بالخادمة إلى الانتحار.
تقول السيدة وهي عربية إن الخادمة، البالغة من العمر 30 عاماً، أنهت حياتها بطريقة غريبة ودراماتيكية، برمي نفسها من نافذة المطبخ في الشقة، لتسقط جثة هامدة مضرجة بالدماء، وأحيلت إلى الطب الشرعي وسجلت قضية انتحار، سألناها عن الأسباب، فأجابت: كانت تعاني من اضطرابات نفسية، وتعتقد أن الجان يطاردها ويريد النيل منها بشكل دائم، وقبل إقدامها على الانتحار، أصبحت تشكو من عدم قدرتها على النوم، ورغبتها في العودة إلى بلادها.
أستاذ علم نفس: للمقدم على الانتحار علامات
أكد أستاذ علم النفس د. علي العلي وجود علامات تظهر على كل شخص يرغب في الإقدام على الانتحار، منها الشكوى المستمرة من واقعه وظروفه وعدم استفادته من الحياة، مع حديثه عن حياة الآخرة، وقيامه بتوزيع ما لديه من أغراض ثمينة أو غالية على نفسه على المقربين منه، مشيراً إلى أن المنتحرين لدى إقدامهم على الانتحار لا يفكرون إلا في الخلاص مما يواجههم، سواء كانت مشاكل مالية أو أسرية أو نفسية، من دون تفكير بأن ذلك شيء مجرم قانوناً أو حرام شرعاً.
مواطنون يحذرون: ظاهرة تتفشى.. والجهات المعنية تتفرج
رصدت القبس آراء مجموعة من المواطنين والمقيمين في مرافق عامة ومجمعات تجارية بشأن الانتحار في الكويت، حيث أكدوا أن الانتحار تحول من مشكلة محدودة إلى ظاهرة منتشرة في البلاد، والدليل وقوع عشرات الحالات والشروع فيه سنوياً، مبدين استغرابهم الشديد من صمت الجهات الحكومية المعنية، وعدم وضعها حلولاً للتصدي للظاهرة. وأكدوا أن معظم حالات الانتحار تكون بين صفوف الوافدين، وتحديداً العمالة المنزلية، لتعرضهم لانتهاكات واعتداءات مع تأخر صرف الرواتب أو حتى عدم صرفها نهائياً بلا ذنب اقترفوه، ما يتطلب سن تشريعات تحفظ حقوقهم وكرامتهم، مشيرين إلى أن وقوع بعض حالات الانتحار لأسباب غريبة وأحياناً تافهة، كرسوب في اختبار وغير ذلك، يتطلب القيام بحملات توعية وتثقيف من قبل وزارات معنية بالأمر، منها الإعلام والتربية والأوقاف، وشرح خطورة الانتحار وتجريمه في القانون، مع حرمته في الإسلام.
حرام
هاتف القبس عدد من الدعاة والمشايخ، وأكدوا أن «الإسلام يحرم الانتحار تحت أي ظرف أو سبب، وهو إثم كبير على من يفعله، معتبرين أن من يقدم على الانتحار بأي طريقة، ومهما كانت، غير مؤمن بالله واليوم الآخر، وقد كان عليه الصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى».
الانتحار في الكويت ظاهرة، الإحصائيات الرسمية تؤكد ذلك، مع العلم أن حالات الانتحار والشروع فيه حول العالم تتزايد، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، التي أكدت في إحصائية لها هذا العام انتحار أكثر من 800 ألف شخص على مستوى العالم سنويا.
أما الإحصائيات الكويتية الرسمية فتكشف أن حالات الانتحار والشروع فيه بلغت، خلال الشهور الستة من العام الحالي، 55 حالة لمواطنين ومقيمين من أعمار مختلفة، بينما انتحر 60 شخصاً في العام الماضي، و76 شخصاً في العام الذي قبله 2012، و73 في 2011، و70 في 2010، و63 في 2009. اللافت تنوع طرق وأشكال المقدمين على الانتحار في البلاد، بدءا من الشنق، وهي الطريقة الأكثر شيوعا حتى الآن، مرورا بالقفز من مكان عال، أو تناول جرعات كبيرة من الأدوية أو المواد السامة، وصولا إلى الحرق أو قطع الشرايين وغير ذلك.
القبس فتحت ملف الانتحار في البلاد، وتوجهت إلى مواقع حدوث حالاته، لسماع شهادة شهود تلك الوقائع، والأسباب التي ذكرها المنتحرون قبل إنهاء حياتهم بهذا الشكل المأساوي
صعوبة الاختبارات تودي بشاب كويتي
في منزل احد المواطنين في حولي، أقدم أحد أبنائه، على الانتحار في يونيو الماضي، بشنق نفسه حتى الموت في غرفته بالمنزل.
يحكي شقيق المنتحر: فوجئت في صبيحة أحد أيام يونيو الماضي، بصراخ عال يصدر من غرفة أخي، فتوجهنا أنا وأهلي الموجودين في المنزل مسرعين إلى الغرفة، وفتحنا الباب وكانت الصدمة، رأيت أخي البالغ 17 عاما شانقا نفسه بحبل، فحاولنا تخليصه لكننا لم نستطع إلا بعد فوات الأوان، فاتصلنا بعمليات الطوارئ، فوصل عمالها بعد دقائق معدودة، وتبين لهم بعد فحص أخي أنه قد فارق الحياة، فقاموا بإبلاغ إدارة الطب الشرعي ثم نقلت جثته إلى مثواها الأخير.
الاختبارات النهائية
وعن السبب الذي يظن انه قد أدى بأخيه إلى الانتحار، يجيب: أخي كان يعيش وسط ضغوط نفسية كبيرة، كونه كان تلميذا في المرحلة الثانوية بإحدى المدارس الحكومية، واقترب موعد الاختبارات النهائية للعام الدراسي، وكان خائفا جدا من الرسوب في بعض المواد، وكان يتحدث مرارا وتكرارا في أيامه الأخيرة عما حصل معه في اختبارات منتصف العام، عندما جاءت الأسئلة الواردة في اختبارات معظم المواد غير مباشرة، ومعقدة للغاية، ولم يستطع الإجابة عن كثير منها، وقد حاولنا حينها تهدئته والتخفيف عنه، ودعوته إلى التفاؤل، لكن يبدو أن محاولاتنا كانت فاشلة.
تراكمت عليه الديون.. فرمى بفسه من العمارة
في منطقة المهبولة، وتحديداً في أحدى العمارات الاستثمارية، التي أقدم فيها أحد المستأجرين من الجنسية الهندية في أكتوبر الماضي على الانتحار، طلبنا من الحارس توصيلنا إلى مكان شقة المنتحر، وبعد مماطلة وتردد منه، أخذنا إلى الشقة، التي وجدنا فيها مجموعة من الأشخاص من جنسيات عربية وآسيوية.
تحدث أحدهم ويدعى حسن عن الحادثة، قائلاً: في مشهد غير مألوف لم أر مثله في عمري، فوجئت عند عودتي من عملي، بزميلي في السكن ويدعى وسيم، يقف في إحدى نوافذ العمارة، وكان من الواضح استعداده لرمي نفسه، فتجمع المستأجرون والمارة أسفل العمارة، وراحوا يتفاوضون معه لإقناعه بالعدول عن الانتحار، لكن المحاولات لم تنجح، إذ كان يرد: « خلاص.. خلاص»، شاهدناه بعدها يربط عنقه بحبل، ثم رمى نفسه سريعا، فشنقه الحبل وظل معلقا، اتصلنا بالعمليات وحضر رجال الطوارئ الطبية ترافقهم دوريات الشرطة، وتم إنزال وسيم من المسعفين، وتبين بعد فحصه أنه قد فارق الحياة، فنقلت جثته إلى إدارة الطب الشرعي، وسجلت قضية انتحار ووفاة.
وحول السبب الذي يظن أنه قاد وسيم إلى الانتحار، يقول حسن: كان يمر بضائقة مالية شديدة، وتراكمت عليه الديون، ولم يستطع تسيير أمور حياته في ظل راتبه البسيط، خصوصا مع غلاء المعيشة بالبلاد في الآونة الأخيرة، فيما أخبرني أن ذويه في الهند يطالبونه بإرسال 50 ديناراً شهرياً ليسيروا أمورهم، وكان توفير هذا المبلغ صعباً عليه.
سلبت نقوده.. فشنق نفسه في المزرعة
في إحدى مزارع العبدلي، التي أقدم فيها وافد عربي في سبتمبر الماضي على الانتحار شنقاً بغرفته، التقينا بأحد زملائه العاملين فيها، وسألناه عن حادثة الانتحار، وطلبنا رواية تفاصيلها وأسبابها، فقال: فوجئت وزملائي بالمزرعة قبل شهرين تقريبا، في الصباح الباكر بقيام زميلنا وهو سوداني يبلغ 29 عاماً، بشنق نفسه بحبل أحكم ربطه على رقبته داخل غرفة نومه في المزرعة، مضيفاً: جرى استدعاء رجال الأدلة الجنائية لرفع الجثة وإحالتها إلى إدارة الطب الشرعي، وأمر وكيل النائب العام حينها بتسجيلها قضية انتحار.
وعما قاده إلى الانتحار، يقول: كان حزينا جدا في الأيام الأخيرة لتعرضه لعملية سلب بالإكراه. وحكى أن ثلاثة أشخاص اعترضوا طريقه ليلا بين المزارع، وضربوه وسلبوا محفظة نقوده، وكان بها 50 ديناراً، وحاولت مع كثير من زملائي التخفيف عنه بلا فائدة، وكان يرد بأن المبلغ المسروق كان ينوي إرساله إلى ذويه صباح ذلك اليوم، وهو ربما ما وضعه في موقف صعب ومحرج.
ممرض انتحر في غرفة استراحة «الرازي»
شهد مستشفى الرازي، في سبتمبر الماضي، انتحار ممرض هندي في استراحة الممرضين العاملين بالعناية المركزة في المستشفى، في المكان الذي شهد الواقعة، وجدنا 5 ممرضين جالسين يتبادلون الأحاديث، عرفناهم بأنفسنا، وسألناهم عن حادثة انتحار زميلهم؟
حكى أحدهم قائلاً: خلال قدومي ومجموعة من الممرضين إلى مقر عملنا في المستشفى صباحاً، توجهنا إلى غرفة التمريض لتجهيز أنفسنا للعمل، فوجدنا زميلنا الممرض ويدعى بوني، ويبلغ من العمر 30 عاماً، ملقى على الأرض بلا حراك، فحاولنا إسعافه، وتبين أنه أقدم على الانتحار بشنق نفسه قبل ساعتين تقريباً، وقد فارق الحياة، فتم إبلاغ الجهات المختصة، ونقل الجثة إلى المشرحة، فسألناه مجدداً عن أسباب، الانتحار، فرد: تلقى صدمة قبل أيام معدودة من انتحاره، عبر اتصال دولي من ذويه بوفاة اثنين من أقربائه كانا عزيزين عليه جداً، إثر تعرضهما لحادث مروري.
لم يجد وظيفة.. فعلّق رقبته على الشجرة
في مدينة العزاب بأمغرة، حيث أقدم آسيوي، في مارس الماضي، على الانتحار شنقاً، التقينا وافداً مصرياً أخبرنا أنه فوجئ ومجموعة من أصدقائه خلال سيرهم في إحدى الساحات بالمنطقة بآسيوي معلّق رقبته في شجرة بحبل سميك بلا حراك، فاتصلنا فوراً بالشرطة، والتي حضرت مع رجال الطوارئ الطبية، وعاينوا الآسيوي فتبين أنه قد فارق الحياة.
تجولنا في المنطقة التي كان يسكنها المنتحر، بحثاً عن صديق أو زميل يحدثنا عن ظروفه وأحواله قبل الانتحار، وبالفعل وجدنا أحدهم ويدعى شاهيد الذي قال: كان يمر بحالة نفسية سيئة في الأيام الأخيرة، وكان يحكي أن أحلامه بتحسين ظروفه المعيشية تبخرت بعد أن اصطدمت بـ3 عوائق، وهي: قلة الوظائف، وضعف الرواتب، وغلاء المعيشية، وكان يبحث عن وظيفة براتب مناسب في أيامه الأخيرة، ولكن محاولاته باءت بالفشل، وربما كان ذلك سبب انتحاره.
تشاجر مع زوجته.. فرماها بالرصاص ثم انتحر
في الفروانية، أطلق مواطن النار على نفسه من مسدسه الخاص في منزله بعد أن أصاب زوجته الأربعينية بثلاث رصاصات على مسمع ومرأى من أبنائهما في أغسطس الماضي، أمام منزل المواطن وجدنا أحد أبنائه جالساً، عرفناه بأنفسنا وطلبنا منه سرد الحادثة بتفاصيلها وأسباب وقوعها، فقال إن والده البالغ من العمر 45 عاماً، دخل في سجال مع والدته، تحوّل إلى ثورة غضب هستيرية قام بعدها بتناول مسدسه الخاص وأطلق 4 رصاصات عليها بشكل مفاجئ، أصابتها الأولى برأسها والثانية في وجهها والثالثة في يدها، ومن الصدمة التي كانت تبدو حينها على عينيه بما فعل، قام فوراً بتوجيه مسدسه إلى رأسه وأطلق رصاصة على نفسه فسقط في الحال.
ويكمل: هرعنا مسرعين إلى والدتي فوجدناها ما زالت على قيد الحياة، فأسرعنا بها إلى مستشفى الفروانية، وأدخلت غرفة العمليات، وأبلغنا نقطة أمن مستشفى الفروانية بما حدث بالتفاصيل، فتوجهت دوريات الشرطة ومعها المباحث وفرقة من الأدلة الجنائية وسيارات الإسعاف إلى منزلنا، وعثر على والدي مضرجاً بدمائه وسط الصالة وكان بجانبه المسدس الذي استخدمه بجواره، فتم فحصه من قبل المسعفين، وتبين أنه فارق الحياة.
«الداخلية»: أساليب في التفاوض مع المقدمين على الانتحار
أكد مدير إدارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي مدير إدارة الإعلام الأمني بالإنابة في وزارة الداخلية العميد عادل الحشاش أن الوزارة تقوم بإعداد وتأهيل رجال وأجهزة الأمن المعنية وتدريبهم على أساليب التفاوض علمياً وتدريبياً والتعامل ميدانياً في إنقاذ حياة الكثير من محاولات الانتحار، مبيّناً أن للتفاوض وإدارة الحوار الدور الأساسي في ثني الأشخاص عن الانتحار، كما أن المناهج والمقررات الدراسية التي يتلقاها الطلبة الضباط وضباط الاختصاص وضباط الصف والأفراد تتضمن مقررات في علم النفس والاجتماع تعزز الدور الاجتماعي والإنساني لرجل الشرطة، كما تشارك وزارة الداخلية ضمن جهود أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني جهودها للحد من هذه الظاهرة.
الجان وراء انتحار خادمة فلبينية !
في منطقة حولي، انتحرت خادمة فلبينية، في إحدى العمارات الاستثمارية أكتوبر الماضي، برمي نفسها من إحدى الشقق العلوية، عندما وصلنا إلى العمارة توجهنا إلى حارسها، فأرشدنا إلى شقة بالدور الخامس، طرقنا بابها كثيراً، بعد محاولات متكررة فتحت إحدى السيدات، فأبلغناها بأننا نجري بحثاً عن حالات الانتحار العام الحالي، ونود معرفة الأسباب التي أدت بالخادمة إلى الانتحار.
تقول السيدة وهي عربية إن الخادمة، البالغة من العمر 30 عاماً، أنهت حياتها بطريقة غريبة ودراماتيكية، برمي نفسها من نافذة المطبخ في الشقة، لتسقط جثة هامدة مضرجة بالدماء، وأحيلت إلى الطب الشرعي وسجلت قضية انتحار، سألناها عن الأسباب، فأجابت: كانت تعاني من اضطرابات نفسية، وتعتقد أن الجان يطاردها ويريد النيل منها بشكل دائم، وقبل إقدامها على الانتحار، أصبحت تشكو من عدم قدرتها على النوم، ورغبتها في العودة إلى بلادها.
أستاذ علم نفس: للمقدم على الانتحار علامات
أكد أستاذ علم النفس د. علي العلي وجود علامات تظهر على كل شخص يرغب في الإقدام على الانتحار، منها الشكوى المستمرة من واقعه وظروفه وعدم استفادته من الحياة، مع حديثه عن حياة الآخرة، وقيامه بتوزيع ما لديه من أغراض ثمينة أو غالية على نفسه على المقربين منه، مشيراً إلى أن المنتحرين لدى إقدامهم على الانتحار لا يفكرون إلا في الخلاص مما يواجههم، سواء كانت مشاكل مالية أو أسرية أو نفسية، من دون تفكير بأن ذلك شيء مجرم قانوناً أو حرام شرعاً.
مواطنون يحذرون: ظاهرة تتفشى.. والجهات المعنية تتفرج
رصدت القبس آراء مجموعة من المواطنين والمقيمين في مرافق عامة ومجمعات تجارية بشأن الانتحار في الكويت، حيث أكدوا أن الانتحار تحول من مشكلة محدودة إلى ظاهرة منتشرة في البلاد، والدليل وقوع عشرات الحالات والشروع فيه سنوياً، مبدين استغرابهم الشديد من صمت الجهات الحكومية المعنية، وعدم وضعها حلولاً للتصدي للظاهرة. وأكدوا أن معظم حالات الانتحار تكون بين صفوف الوافدين، وتحديداً العمالة المنزلية، لتعرضهم لانتهاكات واعتداءات مع تأخر صرف الرواتب أو حتى عدم صرفها نهائياً بلا ذنب اقترفوه، ما يتطلب سن تشريعات تحفظ حقوقهم وكرامتهم، مشيرين إلى أن وقوع بعض حالات الانتحار لأسباب غريبة وأحياناً تافهة، كرسوب في اختبار وغير ذلك، يتطلب القيام بحملات توعية وتثقيف من قبل وزارات معنية بالأمر، منها الإعلام والتربية والأوقاف، وشرح خطورة الانتحار وتجريمه في القانون، مع حرمته في الإسلام.
حرام
هاتف القبس عدد من الدعاة والمشايخ، وأكدوا أن «الإسلام يحرم الانتحار تحت أي ظرف أو سبب، وهو إثم كبير على من يفعله، معتبرين أن من يقدم على الانتحار بأي طريقة، ومهما كانت، غير مؤمن بالله واليوم الآخر، وقد كان عليه الصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى».